وقال (عليه السلام): الغِنَى والْفَقْرُ بَعْدَ الْعَرْضِ عَلَى اللهِ.                
وقال (عليه السلام): مَنْ كَرُمَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ هَانَتْ عَلَيْهِ شَهْوَتُهُ.                
وقال (عليه السلام): مَنْهُومَانِ لاَ يَشْبَعَانِ: طَالِبُ عِلْم، وَطَالِبُ دُنْيَا.                
وقال (عليه السلام): إِذَا قَدَرْتَ عَلَى عَدُوِّكَ فَاجْعَلِ الْعَفْوَ عَنْهُ شُكْراً لِلْقُدْرَةِ عَلَيْهِ .                
وقال (عليه السلام): الدُّنْيَا خُلِقَتْ لِغَيْرِهَا، ولَمْ تُخْلَقْ لِنَفْسِهَا.                
وقال (عليه السلام) : مَنِ اتَّجَرَ بِغَيْرِ فِقْه ارْتَطَمَ فِي الرِّبَا .                
وقال (عليه السلام): عَلامةُ الاِْيمَانِ أَنْ تُؤثِرَ الصِّدْقَ حَيْثُ يَضُرُّكَ عَلَى الْكَذِبِ حَيْثُ يَنْفَعُكَ،أَنْ يَكُونَ فِي حَديِثِكَ فَضْلٌ عَنْ عِلْمِكَ، وَأَنْ تَتَّقِيَ اللهَ فِي حَدِيثِ غَيْرِكَ.                

Search form

إرسال الی صدیق
أثر نهج البلاغة على الأدب العربي – الثالث

محمد هادي الأميني (رحمه الله)

وقال آخر:

ما اعتاض باذل وجهه بسؤاله *** عوضا ولو نال الغني بسؤال

وإذا النوال إلى السؤال قرنته *** رحج السؤال وخف كل نوال

وقوله عليه السلام: يا أهل الديار الموحشة.... أما الدور فقد سكنت، وأما الازواج فقد نكحت، وأما الأموال فقد قسمت.

خاطب الامام "ع" في ظهر الكوفة أصحاب القبور، وأعلمهم أن دياركم سكنها غيركم، ونساؤكم تزوجت، وأموالكم التي جمعتموها قسمت بعدكم، فأخذه الشاعر وقال:

لا تأمنن أنثى حياتك واعلمن ***** إن النساء ومالهن مقسم

اليوم عندك دلها وحديثها ***** وغدا لغيرك كفها والمعصم

كالبيت يصبح خاليا من أهله ***** ويحل بعدك فيه من لا تعلم

وقال عليه السلام: ما أضمر أحد شيئاً إلا ظهر في فلتات لسانه وصفحات وجهه-.

فكل ما يضمره الإنسان من خير وشر ويجهد في إخفائه وستره فلابد له من الظهور رغم التستر والإخفاء، وكان يقال: العين والوجه واللسان أصحاب اخبار على القلب. وقالوا أيضاً: القلوب كالمرايا المتقابلة إذا ارتسمت في إحداهن صوره ظهرت في الأخرى.

قال في هذا المعنى الشاعر:

تخبرني العينان ما القلب كاتم ***** وما جن بالبغضاء والنظر الشزر

وقال آخر:

وفي عينيك ترجمة أراها ***** تدل على الضغائن والحقود

واخلاق عهدت اللين فيها ***** غدت وكأنها زبر الحديد

وقد عاهدتني بخلاف هذا ***** وقال الله: أوفوا بالعهود

وقال عليه السلام: العفاف زينة الفقر والشكر زينة الغنى-.

الفقير من لا يستعفف من السؤال ويبيع ماء وجهه لأدنى شيء واحتياج، وللامام "ع" كلمات ذهبية أخرى غير ما ذكرناه في هذا المعنى وأودعه الشاعر في قوله:

إذا كان باب الذل من جانب الغنى ***** سموت إلى العلياء من جانب الفقر

صبرت وكان الصبر منى سجية ***** وحسبك أن الله أثنى على الصبر

وأنشد بعضهم:

أقسم بالله لمص النوى ***** وشر بماء القلب المالحة

احسن بالانسان من ذله ***** ومن سؤال الاوجه الكالحة

فاستغن بالله تكن ذا غنى ***** مغبطا بالصفقة الرابحة

وقوله عليه السلام في خطبة الاشباح: وارانا من ملكوت قدرته وعجائب ما نطقت به آثار حكمته وظهرت في البدائع التي أحدثها آثار صنعته وأعلام حكمته، فصار كل ما خلق حجة ودليلا عليه، وجعل شمسها آية مبصره لنهارها وقمرها آية ممحوة من ليلها-.

وفي الخطبة هذه كلمات رصينة، وعبارات بليغة تدل على ان الله واحد لا شريك له، فرد لا مثل له، صمد لا ند له، وما من حركه وسكون الا وله في ذلك حكمة دالة على وحدانيته، فأخذ هذا المعنى أبوالعتاهية فقال:

فيا عجبا كيف يعصي الإله ***** أم كيف يجحده الجاحد

وفي كل شيء له آيه ***** تدل على انه الواحد

والله في كل تحريكه ***** وتسكينه في الورى شاهد

وقوله عليه السلام: جانبوا الكذب فإنه مجانب للايمان، الصادق على شرف منجاة وكرامة، والكاذب على شفا مهواة ومهانة-.

يذكر الامام "ع" عواقب الصدق والكذب، ونتائجهما وما تجره على الإنسان من النجاة والسعادة ان هو صدق، ومن الآفة والسقم ان كذب، قال، ابن أبي السمح المتوفي ١٤٠ وقد اخذ المعنى هذا:

لا تغتر الكذب القبيح فإنه ***** للمرء معيبة وباب لئام

واصدق بقولك حين تنطق انه ***** للصدق فضل فوق كل كلام

واذا صدقت على الرجال خصمتهم ***** والصدق مقطعة على الظلام

واذا رماك غشوم قوم فارمه ***** بالد مشتغر المدى غشام

لا تعرضن على العدو وسيله ***** واحذر عدوك عند كل مقام

أي لا تقاربه ولا تصانعه، ولا يكن بينك وبينه الا صدق العداوة.

وقوله عليه السلام: عباد الله ان تقوى الله حمت أولياء الله محارمه، وألزمت قلوبهم مخافته، حتى أسهرت لياليهم، وأظمأت هواجرهم فأخذوا الراحة بالنصب والري بالظمأ-.

ان الحفاظ على الصلاة وإقامتها من صفات المؤمنين وامتيازاتهم الروحية، وكانت عليهم كتابا موقوتا سيما اذا لم تكن محصورة في الاوقات الخمس وانما كانت في كل آناء الليل واطراف النهار وما احلاها عند ما تنام العيون، وتهدأ الاصوات، وترقد الانفس فالامام- ع- يدعوالانسانية إلى منزلة الاخلاص والعبودية، والخلوة بالحبيب... واخيرا خشية الله سبحانه ومراقبته في السر والعلن، لان الخشية اصل الطاعات وقول الامام "ع": اسهرت لياليهم، وأظمأت هو اجرهم مأخوذ من قول العرب: نهاره صائم، وليله قائم، نقلوا الفعل إلى الظرف وهومن باب الاتساع الذي يجرون فيه الظرف مجرى المفعول به، ونظم الكثيرون هذا المعنى ومنهم عبدالله بن المبارك بن واضح الحنظلي المفسر والمؤرخ والاديب والنحوي والمتوفي ١٨١ فقال:

اذا ما الليل اظلم كابدوه ***** فيسفر عنهم وهم ركوع

اطار الخوف نومهم فقاموا ***** واهل الامن في الدنيا هجوع

وقوله عليه السلام: من نصب نفسه للناس اماما فليبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره، وليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه، ومعلم نفسه ومؤدبها أحق بالاجلال من معلم الناس ومؤدبهم.

الفروع تابعة للاصول فاذا كان الاصل معوجا استحال ان يكون الفرع مستقيما، فمن نصب نفسه للناس إماما ولم يكن قد علم نفسه ما انتصب ليعلمه الناس كان مثل من نصب نفسه ليعلم الناس الخط والسياقة وهولا يحسنهما وهذا نوع من السفة بل هوالسفة كله، ثم قال "ع" وينبغي ان يكون تأديبه لهم بفعله وسيرته قبل تأديبه لهم بلسانه، وذلك لان الفعل أدل على حال الإنسان من القول، ومن علم نفسه محاسن الاخلاق فهو اعظم قدرا ممن تعاطى تعليم الناس ذلك وهوغير عامل بشيء منه، فأما من علم نفسه وعلم الناس فهو افضل وأجلّ ممن اقتصر على تعليم نفسه فقط، وقد نظم هذا المعنى الشاعر فقال:

يا أيها الرجل المعلم غيره ***** هلا لنفسك كان ذا التعليم

تصف الدواء لذي السقام وذي الضنى ***** كيما يصح به وأنت سقيم

ونراك تصلح بالرشاد عقولنا ***** ابدا وانت من الرشاد عديم

فهناك يقبل ما تقول ويهتدى ***** بالقول منك وينفع التعليم

لا تنه عن خلق وتأتي مثله ***** عار عليك اذا فعلت عظيم

وقال آخر:

اذا عبت أمراً فلا تأته ***** فذواللب مجتنب ما يعيب

وقوله عليه السلام في خطبه: ومن توكل عليه كفاه، ومن سأله أعطاه، ومن أقرضه قضاه، ومن شكره جزاه-.

الاتكال على الله وتفويض الامور إليه سبحانه، من عوامل السعادة والنجاح فقد قال تعالى: (ومن يتوكل على الله فهوحسبه) وقال النبي "ص": لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، وفي القرآن والاحاديث آيات وأخبار وافره تحث الإنسان على الاتكال والتوكل عليه سبحانه، فالعاقل كله تفويض الأمور إليه، والاتكال عليه، قال شهاب الدين محمد بن أحمد الابشيهي المتوفي ٨٥٠:

توكل على الرحمن في الامر كله ***** فما خاب حقا من عليه توكل

وكن واثقا بالله واصبر لحكمه ***** تفز بالذي ترجوه منه تفضلا

وقال عليه السلام: اللسان سبع إن خلي عنه عقر.

ذهب الحكماء ان النطق اشرف ما خص به الانسان، لانه صورته المعقولة التي باين بها سائر الحيوانات، ولذلك قيل: الإنسان لولا اللسان الا بهيمة مهملة اوصورة ممثلة، والصمت من حيث هو صمت مذموم لانه من صفات الجمادات فضلا عن الحيوانات وكلام الامام "ع" في مدح الصمت محمول على من يسيء الكلام فتقع منه جنايات وخيانات في امور الدين والدنيا كما ان السبع ان خلي عنه احدث من الفتك والسفك والقتل ما لا حد له ولا حصر، وقال بعضهم: مثل اللسان مثل السبع ان لم توثقه عدا عليك ولحقك شره.

وقد اخذ هذا المعنى الشاعر فقال:

احفظ لسانك ايها الإنسان ***** لا يلدغنك انه ثعبان

كم في المقابر من قتيل لسانه ***** كانت تهاب لقاءه الشجعان

وقال آخر:

احفظ لسانك لا تقول فتبتلي ***** ان البلاء موكل بالمنطق

وقال آخر ايضاً:

يموت الفتى من عثرة بلسانه ***** وليس يموت المرء من عثرة الرجل

وقال ابوالفتح على بن محمد البستي المتوفي حدود ٤٠٠:

تكلم وسدد ما استطعت فإنما ***** فصمتك عن غير السداد سداد

فان لم تجد قولا سديدا تقوله ***** كلامك حي والسكوت جماد

وقال عليه السلام: فاعل الخير خير منه، وفاعل الشر شر منه-.

الخير والشر عاملان في الانسان، وهما دائما في صراع واحتدام يريد كل واحد منهما التغلب على الآخر واجتذاب الفرد نحوه، فإذا كانت القيم الانسانية في الفرد قويمة ومتينة تغلب عامل الخير على عامل الشر واما اذا كانت ضعيفة وموجبات المعاصي والسوء متغلغلة فيه انتصر عامل الشر على الخير، ولذلك اصبح فاعل الخير خيرا منه، وفاعل الشر شرا منه، وهنا لابن أبي الحديد المعتزلي توجيه آخر نصه: فان قلت كيف يكون فاعل الخير خيرا من الخير، وفاعل الشر شرا من الشر مع أن فاعل الخير انما كان ممدوحا لأجل الخير وفاعل الشر انما كان مذموما لأجل الشر فاذا كان الخير والشر هما سببا المدح والذم وهما الاصل في ذلك فكيف يكون فاعلا هما خيرا وشرا منهما؟ قلت: لأن الخير والشر ليسا عباره عن ذات حية قادرة وإنما هما فعلان اوفعل وعدم فعل أوعدمان، فلو قطع النظر عن الذات الحية القادرة التي يصدر ان عنها لما انتفع أحد بها ولا استضر، فالنفع والضرر انما حصلا من الحي الموصوف بهما لا منهما على انفراد هما فلذلك كان فاعل الخير خيرا منه، وفاعل الشر شرا من الشر.

ونظم الشاعر ابن أبي الحديد هذه الجملة فقال:

خير البضائع للانسان مكرمة ***** تنمى وتزكوا اذا بارت بضائعه

فالخير خير وخير منه فاعله ***** والشر شر وشر منه صانعه

وقال عليه السلام: اذا قدرت على عدوك فاجعل العفو عنه شكرا للقدره عليه.

برنامج أخلاقي يدعوإلى الحلم والصفح والعفو وبه يتمكن كل فردان يسود ويجعل المجتمع يكن له بالغ التجبيل والتكريم، وكان يقال: أحسن أفعال القادر العفو وأقبحها الانتقام، وسأل معاوية يوما خالد بن المعمر السدوسي على ماذا أحببت عليا "ع" قال: على ثلاث: لحلمه إذا غضب، وصدقه إذا قال، ووفائه اذا وعد.

وقد اخذ هذا المعنى ابن أبي الحديد فقال:

ان الاماني اكساب الجهول فلا ***** تقنع بها واركب الاهوال والخطرا

واجعل من العقل جهلا واطرح نظرا ***** في الموبقات ولا تستشعر الحذرا

وإن قدرت على الاعداء منتصرا ***** فاشكر بعفوك عن أعدائك الظفرا

وقال عليه السلام: القناعة مال لا ينفد-.

منهج اقتصادي بديع، فإذا ما كان العبد في حياته قانعاً لم يفتقر إلى لئام الناس وقد قال الحكماء:

قاوم الفقر بالقناعة، وقاهر الغنى بالتعفف، وطاول عناء الحسد بحسن الصنع، وغالب الموت بالذكر الجميل، وقال الشاعر:

وما الناس الا واجد غير قانع ***** بأرزاقه أوطالب غير واجد

وقال آخر:

ان القناعة من يحلل بساحتها ***** لم يلق في ظلها هما يورقه

وقد كتب علي "ع" رسالة في هذا الصدد قال فيها "دع الاسراف مقتصدا واذكر في اليوم غدا وامسك من المال بقدر ضرورتك وقدم الفضل ليوم حاجتك أترجو ان يعطيك الله اجر المتواضعين وأنت عنده من المتكبرين؟ اوتطمع وأنت متمرغ في نعيم تمنعه الضعيف والأرملة ان يوجب لك ثواب المتصدقين؟ وانما المرء مجزي بما اسلف وقادم على ما قدم. والسلام".

وقوله عليه السلام: المرأة ضلع عوجاء ان داريتها استمتعت بها وان رمت تقويمها كسرتها-.

للامام "ع" في المرأة كلمات وافرة وتشبيهات مختلفة وأمثال شتى، ومنها ما ذكرناه وقد أخذ الشاعر هذا المعنى وقال:

هي الضلع العوجاء لست تقيمها ***** إلا أن تقويم الضلوع انكسارها

اتجمع ضعفا واقتدارا على الفتى ***** أليس عجيبا ضعفها واقتدارها

يتبع  ...

****************************