وقال (عليه السلام): النَّاسُ أَعْدَاءُ مَا جَهِلُوا.                
وقال (عليه السلام): مَنْ كَرُمَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ هَانَتْ عَلَيْهِ شَهْوَتُهُ.                
وقال (عليه السلام) : مَنْ عَظَّمَ صِغَارَ الْمَصَائِبِ ابْتَلاَهُ اللهُ بِكِبَارِهَا .                
وقال (عليه السلام): عَلامةُ الاِْيمَانِ أَنْ تُؤثِرَ الصِّدْقَ حَيْثُ يَضُرُّكَ عَلَى الْكَذِبِ حَيْثُ يَنْفَعُكَ،أَنْ يَكُونَ فِي حَديِثِكَ فَضْلٌ عَنْ عِلْمِكَ، وَأَنْ تَتَّقِيَ اللهَ فِي حَدِيثِ غَيْرِكَ.                
وقال (عليه السلام): إِذَا وَصَلَتْ إِليْكُمْ أَطْرَافُ النِّعَمِ فَلاَ تُنْفِرُوا أَقْصَاهَا بِقِلَّةِ الشُّكْرِ .                
وقال (عليه السلام): رُبَّ مَفْتُون بِحُسْنِ الْقَوْلِ فِيهِ.                
وقال (عليه السلام): مَا أَخَذَ اللهُ عَلَى أَهْلِ الْجَهْلِ أَنْ يَتَعَلَّمُوا حَتَّى أَخَذَ عَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يُعَلِّمُوا.                

Search form

إرسال الی صدیق
نظريّة السمع بين العلم الحديث ونهج البلاغة

بقلم: الدكتور أحمد سليمان[١]

بسم الله الرحمن الرحيم

"اعجبوا لهذا الإنسان، ينظر بشحم، ويتكلم بلحم، ويسمع بعظم، ويتنفس من خرم". صاحب هذه الكلمة هو علي بن ابي طالب، انسان تحير البشر فيه منذ ولادته قبل أربعة عشر قرناً إلى هذا الوقت.

علي ابن ابي طالب كما قال فيه أبو العيناء: رأيتني فيما أتعاطى في وصف فضلك كالمخبر عن ضوء النهار الباهر، والقمر الزاهر، الذي لا يخفى على الناظر، فأيقنت أني حيث انتهى بي القول منسوب إلى العجز، مقصر عن الغاية، فانصرفت عن الثناء عليك إلى الدعاء لك ووكلت الأخبار عنك إلى علم الناس بك.

أو كما قال ابن أبي الحديد: وما أقول في رجل أقر له أعداؤه وخصومه بالفضل، ولم يمكنهم جحد مناقبه، ولا كتمام فضائله، فقد علمت أنه استولى بنو أمية على سلطان الإسلام في شرق الأرض وغربها، واجتهدوا بكل حيلة في اطفاء نوره، والتحريض عليه، ووضع المعايب والمثالب له، ولعنوه على جميع المنابر، وتوعدوا مادحيه، بل حبسوهم وقتلوهم، ومنعوا من رواية حديث يتضمن له فضيلة، أو يرفع له ذكراً، حتى حظروا أن يسمى أحد باسمه، فما زاده ذلك إلا رفعة وسمواً، وكان كالمسك كلما ستر انتشر عرفه، وكلما كتم تضوّع نشره، وكالشمس لا تستر بالراح، وكضوء النهار إن حجبت عنه عين واحدة، أدركته عيون كثيرة.

لنحاول دراسة هذه الوظائف الأربع التي تحدث عنها امامنا ولنر ماذا قال الطب في بداية العصر الإسلامي وماذا يقول الطب الحديث.

١ ـ النظر أو الإبصار: فقد اختلف فيه فقيل انه بخروج شعاع من العين يتصل بالمرئي. وقيل ان القوة المبصرة التي في العين تلاقي بذاتها المرئيات فتبصرها. وقال قوم: بل يتكيف الهواء بالشعاع البصريّ من غير خروج، فيصير الهواء باعتبار تكيّفه بالشعاع به آلة العين في الإدراك. وقال المحقّقون من الحكماء: إن الإدراك البصري هو بانطباع أشباح المرئيات في الرطوبة الجلدية من العين عند توسط الهواء الشفاف المضيء، كما تنطبع الصورة في المرآة. قالوا: ولو كانت المرآة ذات قوة مبصرة لأدركت الصور المنطبعة فيها؛ وعلى جميع الأقوال فلا بد من إثبات القوة المبصرة في الرطوبة الجلدية. هذا ما قاله ابن سينا والأطباء القدماء. فما رأي العلم الحديث بذلك.

أما العلم الحديث فقد حدد النظر والذي عضوه العين كما يلي: عدسة العين تسمح بانعكاس الشعاع الضوئي على الشبكة حيث تتكون الصورة. الشبكة هي المنطقة الحساسة على الضوء. وهي مكونة من ثلاث طبقات خلايا عصبية. الأخيرة الأبعد هي الحساسة على الضوء. وهي مؤلفة من نوعين من الخلايا. هذه الخلايا تحتوي على ملوّن دهني حساس على النور، عندما يصل شعاع الشبكة ومن هناك إلى عصب النظر ومن عصب النظر إلى الدماغ، والدماغ يترجم الصورة.

٢ ـ الصوت حسب ابن سينا فاعله العضل الموجود عند الحنجرة بتقدير الفتح ويدفع الهواء المخرج وقرعه وآلته الحنجرة والجسم الشبيه بلسان المزمار؛ وهي الآلة الأولى الحقيقية، وسائر الآلات بواعث ومعينات. وباعث مادته الحجاب، وعضل الصدر ومؤدي مادته الرئة، ومادته الهواء الذي يموج عند الحنجرة.

أما العلم الحديث فيقول أن الصوت يدخل من البلعوم صوب اللهاة ليصل إلى الحنجرة. الحنجرة تبقى مفتوحة بواسطة حلقات غضروفية. في داخل الحنجرة هناك لحميتان بشكل حرف V، تسميان الأوتار الصوتية. الأوتار الصوتية ترتج تحت تأثير الهواء لتعطي الصوت. مميزات هذه اللحميات أنها هي التي تحدد نبرة الصوت، ونوعيته وشكله وعمقه.

٣ ـ أما السمع فكان متفقاً عليه في ذلك الوقت أنه ليس بعظم وشارح نهج البلاغة حاول أن يجد نوعاً من التخلص ولم يفلح لتبرير علاقة العظم الموجود في الأذن بالسمع.

السمع هو كما كانوا يظنون القوة المودعة في العصب المفروش في الصماغ كالغشاء. فإذا حمل الهواء الصوت، دخل في ثقب الأذن المنتهي إلى الصماخ بعد تعويجات فيه، جعلت لتجري مجرى اليراعة المصوتة، أفضى ذلك الصوت إلى ذلك العصب الحامل للقوة السامعة. حصل الإدراك. إذاً ليس هناك أية علّة للعظم في السمع كما كانوا يظنون.

أما العلم الحديث فحدد السمع كما يلي: الأذن مؤلفة من ثلاثة أجزاء: الأذن الخارجية الوسطى، والداخلية.

ـ الأذن الخارجية تتألف من الصوان الذي يوجه الأصوات نحو داخل الأذن، ثم المجرى السمعي الذي ينتهي عند الطلبة.

ـ الأذن الوسطى، هي عبارة عن علبة مملوءة بالهواء، تتصل خارجياً بغشاء الطلبة ومع مؤخر الفم بقناة أوستاش Trompe deustache. من الداخل فتحة صغيرة تفصل الأذن الوسطى عن الداخلية. بين هذه الفتحة والطلبة هناك سلسلة عظيمات: السندان والمطرقة والفرس. المطرقة مثبتة على الطلبة والفرس على الفتحة الكروية. هذه العظيمات تنقل ذبذبات الصوت من الطلبة إلى الفتحة الكروية ودور هذه العظيمات هو دور ميكروفون مضخم للصوت الذي يعطي السمع.

ـ والأذن الداخلية هي معقدة جداً ومؤلفة من ثلاثة أجزاء: القنوات، الغرفة، والحلزون. العظيمات تنقل الصوت إلى السائل الموجود داخل الحلزون حيث هناك خلايا عصبية تتهيج وتعطي إشارة عصبية تذهب عن طريق العصب السمعي إلى الدماغ. الدماغ يحلل الصوت ويستنتجه.

٤ ـ في القديم كانوا يتصورون أنّ التنفس يتم بحركتين ووقفتين بينهما، وهو عمل إرادي يمكن تغييره بالإرادة عن مجراه الطبيعي.

الاستنشاق يكون بانبساط الرئة تبعاً لحركة أجرام يطيف بها حين يعسر الأمر فيها، وإخراجه يكون لانقباض الرئة تبعاً لحركة أجرام يطيف بها.

حركة النفس المعتدل تتم بحركة الحجاب، وان احتيج إلى زيادة قوة شارك الحجاب في هذه المعونة عضل الصدر.

أما العلم الحديث فأقر أن التنفس يجري في خلايا الرئتين، والتي تبلغ مساحتها أكثر من تسعين متراً مربعاً. مهمة هذه الخلايا، الخرم، هي أن تبقى مرطبة لكي يستطيع الأوكسجين أن يذوب خلال جدار الخلايا، ويلتحم مع محتويات الكريات الحمراء، ليعطي الدم النقي الذي ينتقل إلى الأوردة الرئوية، ثم يذهب إلى القلب. القلب يغذي جميع أعضاء الجسم. وفي الأنسجة يتحرر الأوكسجين من الدم، ويسمح بالأكسدة، هذه الأكسدة oxidation تعطي حرارة ضرورية للحياة.

إذاً التنفس أو عملية دخول الأوكسجين وخروج ثاني غاز الكربون، تتم بواسطة الخلايا الرئوية والخلية الرئوية ما هي إلا عبارة عن خرم يجتازه الأوكسجين من جهة والأوكسيد الفحمي يمر من جهة ثانية. وهكذا يتم التنفس لدى الإنسان.

كم أنت عظيم أيها الإمام وكم هي كانت معرفتك بعيدة وغير محدودة، وكم كان عصرك ناكراً لك.. كم كانوا جاهلين لك... منذ أربعة عشرة قرناً حدّدت بدون أي خطأ كيفية النظر والكلام والسمع والتنفس... احتاروا في فهم كلمتك... كم كانوا بائسين... كم كان محقاً ذاك العالم الألماني حيث قال قبل بضعة سنوات: الإمام علي ظهر في أرض جرداء إلى أناس لم يستحقوه... كم كانوا.. سخفاء...

لو كان فرد واحد فقط عنده قليلٌ من الفطنة ليسأله عندما قال في خطبته المشهورة: سلوني قبل أن تفقدوني... سلوني فأنا بطرق السماء أعلم مني بالأرض... لو أن شخصاً واحداً سأله عن عالم الكواكب والسماء لكم كانت كبيرة انجازاتنا واختراعاتنا، وكم كان هائلاً تطورنا... كم كانوا سخفاء عندما قام أحدهم وسأله كم عدد شعرات رأسي.

--------------------------------------------------------
[١] . طبيب أخصائي بأمراض القلب والرئتين من جامعات فرنسا، رئيس قسم سابق لأمراض القلب في فرنسا، وعضو في الجمعية الفرنسية لأطباء القلب.
****************************