وقال (عليه السلام): يَهْلِكُ فِيَّ رَجُلاَنِ: مُحِبٌّ مُفْرِطٌ، وَبَاهِتٌ مُفْتَر.                
وقال (عليه السلام) : هَلَكَ فِي رَجُلاَنِ: مُحِبٌّ غَال ، وَمُبْغِضٌ قَال .                
وقال (عليه السلام): أَشَدُّ الذُّنُوبِ مَا اسْتَخَفَّ بِهِ صَاحِبُهُ.                
وقال (عليه السلام): النَّاسُ أَعْدَاءُ مَا جَهِلُوا.                
وقال (عليه السلام): ما أَنْقَضَ النَّوْمَ لِعَزَائِمِ الْيَوْمِ.                
وقال (عليه السلام): قَلِيلٌ مَدُومٌ عَلَيْهِ خَيْرٌ مِنْ كَثِير مَمْلُول مِنْهُ.                
وقال (عليه السلام) : مَنْ كَرُمَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ هَانَتْ عَلَيْهِ شَهْوَتُهُ .                

Search form

إرسال الی صدیق
عَبَقَة من نهج البلاغة

الباحث: فارس حسّـون كريم

الباحثة: شذى جبّار عمران

(رئاسة جامعة واسط - قسم الدراسات العليا)

المقدّمة

بسم اللّه الرحمن الرحيم

الحمد للّه الّذي أنطق الإنسان، فأفصح بعجيب البلاغة وسحر البيان، وصلاته وسلامه على نبيّه محمّدٍ المجتنى من شجرة الإيمان، وعلى آله الأبرار ومَن اتّبعهم بإحسانٍ.

وبعد:

فإنّ كلام العرب كلّما حسُن نظمه، وتحلّى بفنون الفصاحة، ووجوه البلاغة، كان وقْعه أرسخ في الجنان، وتلقّاه السامع واتّخذه سبيلاً ينير له حلك الظلام، خصوصاً إن كان يجمع بين المعنى العميق الشامل لأنواع المعلومات ودقائق المفاهيم.

وخير ما اندرج في هذا الإطار هو ما جاء في نهج البلاغة من كلام أمير المؤمنين (عليه السلام)، سواء كان في خطبه وحكمه ومواعظه، أو في رسائله الفصيحة حتّى صار أمير الفصاحة والبلاغة كما كان أمير الشجاعة والعلم والعبادة.

وتأسيساً على هذا، اجتهد جماعة من الأعلام – من المتقدّمين والمتأخّرين – على جمع المتناثر من هذا الكلام بين ثنايا الكتب، وفي طليعتهم الشريف الرضيّ (ت ٤٠٦ هـ)[١]، فاختار من خطب أمير المؤمنين (عليه السلام) وكلامه وحكمه ورسائله ما تعلّق بالتوحيد، العدل، النبوّة، الإمامة، المعاد، وصف القرآن والنبيّ (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وأهل البيت (عليهم السلام)، والأحكام الشرعيّة، والمسائل الأخلاقيّة، وصفات المتّقين والمشركين، ووصف المنافقين والمنحرفين، وفنون الحرب، وعجيب خلقة بعض الحيوانات.

وكانت نتيجة هذا الجهد أن اقترن اسم الشريف الرضيّ بكتاب نهج البلاغة.

ولهذا وذاك قطفنا مقطوعةً صغيرةً في مفرداتها، كبيرةً في مغزاها، من هذا الأثر النفيس تتعلّق بالحجّ وبيت اللّه الحرام، وهي المقطوعة الأخيرة من خطبته (عليه السلام) الاُولى في نهج البلاغة، اعتماداً على نسختين مخطوطتين قديمتين لنهج البلاغة كتبتا في القرن الخامس الهجريّ:

الاُولى: محفوظة في مكتبة السيّد المرعشيّ النجفيّ في إيران / قم، رقم ٣٨٢٧، كتبت سنة ٤٩٩ هـ أو سنة ٤٦٩ هـ. .

الثانية: محفوظة في مكتبة فخر الدين النصيريّ، في إيران / قم أيضاً، كتبت في القرن الخامس الهجريّ.

إضافة إلى سائر نسخ النهج.

ودوّنّا شرحاً مقتضباً لهذه القطعة اقتباساً من شروحات النهج المعروفة.

ونحن على خطى البحث جعلناه في فقرتين:

الاُولى: خصصناها لنصّ الخطبة مضبوطاً بالشكل، وروايتها، والاختلافات الواردة في ألفاظها في النسخ إجمالاً.

أمّا الفقرة الثانية: فقد خصصناها لشرح الخطبة.

الفقرة الاُولى:

أ: نصّ الخطبة:

وَفَرَضَ عَلَيْكُمْ حَجَّ بَيْتِهِ الحَرامِ، الَّذي جَعَلَهُ قِبْلَةً لِلأنامِ، يَرِدُونَهُ وُرودَ الأنْعامِ، وَيَألَهُونَ إلَيْهِ وُلوهَ الحَمامِ.

جَعَلَهُ سُبْحانَهُ عَلامَةً لِتَواضُعِهِمْ لِعَظَمَتِهِ، وَإذْعانِهِمْ لِعِزَّتِهِ.

وَاخْتارَ مِنْ خَلْقِهِ سُمّاعاً أجابوا إلَيْهِ دَعْوَتَهُ، وَصَدَّقوا كَلِمَتَهُ، وَوَقَفوا مَواقِفَ أنْبِيائِهِ، وَتَشَبَّهوا بِمَلائِكَتِهِ المُطِيفِينَ بِعَرْشِهِ،يُحْرِزُونَ الأرْباحَ في مَتْجَرِ عِبادَتِهِ، وَيَتَبادَرُونَ عِنْدَهُ مَوْعِدَ مَغْفِرَتِهِ.

جَعَلَهُ سُبْحانَهُ للإسْلام عَلَماً، وَلِلعائِذينَ حَرَماً.

فَرَضَ حَجَّهُ، وَأوْجَبَ حَقَّهُ، وَكَتَبَ عَلَيْكُمْ وِفادَتَهُ، فَقالَ سُبْحانَهُ:«وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إلَيْهِ سَبيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ العالَمينَ[٢]».[٣]

ب: رواية الخطبة:

روى هذه الخطبة الشريف الرضيّ في كتابه نهج البلاغة مرسلاً، من دون ذكر سندها، وهذه طريقته في كلّ الكتاب.

وقال قطب الدين سعيد بن هبة اللّه الراونديّ (ت ٥٧٣ هـ)[٤]: «وأمّا رواية الخطبة: فعن الشيخ أبي جعفر محمد بن عليّ بن الحسن الحلبيّ، عن الشيخ أبي جعفر الطوسيّ، عن الشيخ المفيد أبي عبد اللّه الحارثيّ، أخبرنا أبو الحسن عليّ بن محمد الكاتب، أخبرنا الحسن بن عليّ الزعفرانيّ، أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفيّ، أخبرنا أبو الوليد العبّاس بن بكّار الضبّيّ، حدّثنا أبو بكر الهذليّ، عن الزهريّ وعيسى بن زيد، عن صالح بن كيسان، عن أمير المؤمنين (عليه السلام).

ولو أردت ذكر ما حذفه الرضيّ من الخطبة لطال هذا الكتاب».[٥]

يفهم من آخر كلامه أنّ الشريف الرضيّ لم يورد الخطبة الاُولى - الّتي في آخرها هذا المقطع - بأكملها، بل حذف منها شيئاً، ويفهم أيضاً أنّ ما حذفه الشريف الرضيّ من الخطبة ليس بالشيء اليسير، ولعلّ الشريف الرضيّ روى الخطبة من غير الطريق الّذي رواه القطب الراونديّ، فحدث باختلاف الطريق الزيادة والنقصان.

ج: الاختلافات الواردة في نسخ الخطبة:

بمعارضة بعض النسخ على بعضها الآخر وجدنا بعض الاختلافات وإن كانت لا تمسّ المعنى من قريبٍ ولا تغيّر مفاد الخطبة إلاّ أنّا رأينا ذكرها لا يفسد للودّ قضيّة، وفي ذلك تتميماً للفائدة:

قوله (عليه السلام): «وَفَرَضَ عَلَيْكُمْ».

في بعض النسخ:وَفَرَضَ عَلَيْهِمْ،وفي بعض النسخ:وَفَرَضَ اللّهُ عَلَيْكُمْ حَجَّ بَيْتِهِ.

قوله (عليه السلام): «حَجَّ بَيْتِهِ الحَرامِ».

في بعض النسخ لم يرد لفظ الحرام.

قوله (عليه السلام): «يَرِدُونَهُ».

في بعض النسخ: الَّذي يَرِدُونَهُ.

قوله (عليه السلام): «جَعَلَهُ سُبْحانَهُ عَلامَةً».

في بعض النسخ: وَجَعَلَهُ سُبْحانَهُ عَلامَةً.

قوله (عليه السلام): «وَيَتَبادَرُونَ عِنْدَهُ مَوْعٍدَ مَغْفِرَتِهِ».

في بعض النسخ: وَيَتَبادَرونَ عِنْدَ مَغْفِرَتِهِ، وفي بعض النسخ: وَيَتَبادَرونَ عِنْدَ مَوْعِدِ مَغْفِرَتِهِ.

قوله (عليه السلام): «جَعَلَهُ سُبْحانَهُ».

في بعض النسخ: جَعَلَهُ سُبْحانَهُ وَتَعالَى.

قوله (عليه السلام): «وَلِلعائِذينَ».

في بعض النسخ: وَالعائِذينَ.

قوله (عليه السلام): «فَرَضَ حَجَّهُ، وَأوْجَبَ حَقَّهُ».

في بعض النسخ: فَرَضَ حَقَّهُ، وَأوْجَبَ حَجَّهُ.

الفقرة الثانية:

شرح الخطبة:

قوله (عليه السلام): «وَفَرَضَ عَلَيْكُمْ حَجَّ بَيْتِهِ الحَرامِ»:

فرض اللهُ الأحكام فرضاً: أوجبها، فهو (عليه السلام) في كلامه هذا يشير إلى وجوب الحجّ على الخلق، وهو معلوم بالضرورة من الدين.

والحجّ: قصدُ بيت الله لزيارته مع مناسك خاصّة[٦].

وإضافة البيت إلى الله للتفضيل والتشريف والتخصيص، وإن كانت الدنيا وما فيها لله عزّ وجلّ.

والفريضة على قسمين: مؤقّتة بوقتٍ معيّنٍ، وغير مؤقّتةٍ؛ فإذا كانت الفريضة مؤقّتة دلّ اختصاصها بوقتٍ لها على فضلها وشرفها ونباهة حالها، يُستدعى من الموظّف عليها فضل جهدٍ في إقامتها، ويكون ثوابها أعظم، فإنّ أفضل الأعمال أحمزها[٧].

والحجّ من الفرائض المؤقّتة بوقتٍ معيّنٍ، ومعيّنة بمكانٍ مشخّصٍ، ممّا يستدعي من الموظّف عليها إقامتها في وقتها ومكانها، وذلك يتطلّب مزيد جهدٍ للاستعداد لها، وتحمّل المشاقّ في إقامتها، فصارت فريضة الحجّ من الفرائض المهمّة في الاسلام، ويثيب الله مقيمها ما لا يثيبه في غيرها من الفرائض.

والحرام، إمّا بمعنى المحرّم[٨]، كقوله تعالى: «عِنْدَ بَيْتِكَ المُحَرَّمِ»[٩]، فإنّ العرب كانت تحرّم فيه ما تستحلّ في غيره من القتل والقتال؛ وإمّا بمعنى الحرام – كزمانٍ وزمنٍ – لكونه أمْناً لمَن دخله ومانعاً له[١٠]؛ وإمّا لأنّه ذا حرمةٍ واحترامٍ يحرم على الخلق أن يفعلوا فيه ما لا ينبغي من مناهي الشرع[١١].

وروي عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال: «ألا إنّ مكّة محرّمة بتحريم الله، لم تحلّ لأحدٍ كان قبلي، ولم تحلّ لي إلاّ من ساعةٍ من نهارٍ، وهي محرّمة إلى أن تقوم الساعة، لا يختلي خلاها، ولا يقطع شجرها، ولا ينفر صيدها...»[١٢].

قوله (عليه السلام): «الَّذي جَعَلَهُ قِبْلَةً لِلأنامِ»:

جعل الله سبحانه وتعالى بيته الحرام الّذي فرض حجّه قِبلةً للأنام، فقال عزّ من قال: «فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجوهَكُمْ شَطْرَهُ»[١٣]، وهذا ممّا يزيد في شرف هذا البيت العظيم: بتوجّه المسلمين كافّة أينما كانوا نحوه في صلواتهم وذبحهم وتوجيه أمواتهم، إلى غير ذلك ممّا يجب أو يستحبّ فيه استقبال القبلة، والقصد إليه لأداء مراسم الحجّ.

والقبلة: اسم للمكان المتوجّه إليه للصلاة وغيرها.

وإنّما عبّر عن البيت الحرام بالقبلة؛ لأنّ المصلّي يقابلها وتقابله[١٤]، أو لأنّ الله – تعالى – يقبل صلاة مَن توجّه إليها.

وجعل الله سبحانه اختلاف القبلة سمات أهل الأديان[١٥]، وأعلاماً يوقف بها على انتحال المصلّي إلى نحلةٍ لزمها من النحل، فقال عزّ من قائل: «وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها»[١٦].

والأنام: الجنّ والإنس، وقيل: ما على وجه الأرض من جميع الخلق[١٧].

وبناءً على التفسير الأوّل، يكون بيت الله الحرام قبلةً للإنس والجنّ، أمّا الإنس فواضح، وأمّا الجنّ، فيدلّ كلامه (عليه السلام): «جَعَلَهُ قِبْلِةً لِلأنامِ» – بناءً على تفسير الأنام بالجنّ والإنس– على أنّ بيت الله الحرام قبلةً للجنّ أيضاً، يتوجّهون إليه حين عبادتهم، وإن كانت ماهية عبادتهم لنا مجهولة.

وبناءً على التفسير الثاني، يكون بيت الله الحرام قبلةً لجميع ما على وجه الأرض من الخلق، ومعلوم أنّ المخلوقات كلّها تعبد خالقها، وإن كانت كيفيّة عبادتها مجهولة لنا، إلاّ أنّ المفهوم من قوله (عليه السلام): جعله قبلةً للأنام – بناءً على تفسير الأنام: ما على وجه الأرض من جميع الخلق – أنّ بيت الله الحرام قبلةً لجميع المخلوقات تتوجّه إليه في عبادتها لربّها وخالقها.

قوله (عليه السلام):«يَرِدُونَهُ وُرودَالأنْعامِ»:

الورود: الموافاة، يقال: وردَ البعير الماء يرده ورداً بلغه ووافاه من غير دخولٍ، وقد يحصل دخول فيه[١٨]، وأكثر ما يستعمل ورود الأنعام على الماء، فهذا تشبيهٌ لطيف منه (عليه السلام) لورود الأنام بيت الله الحرام، فكما ترد الأنعام بتلهّفٍ وظمأٍ واشتياقٍ وازدحامٍ لشرب الماء ومدافعة بعضهم بعضاً، يردُ الأنام بيت الله الحرام وهم على أشدّ الشوق والتلهّف لزيارة بيت ربّهم، يزدحمون ويهرولون للوصول إلى بيت الله الحرام؛ ليعترفوا بذنوبهم لربّهم فيغفرها لهم، ويتزوّدوا من العرفان لربّهم، ويصوغوا أنفسهم صياغة ربّانية، ويتذكّروا إنسانيّتهم التي نسوها من أمدٍ بعيدٍ !

والأنعام جمع نَعَم، أكثر ما يقع على الإبل[١٩]، وقيل: النعم: الإبل خاصّة، والأنعام: ذوات الخفّ والظلف، وهي الإبل والبقر والغنم[٢٠]، وقيل غير ذلك.

وقيل: إنّ وجه الشبه بين الأنام والأنعام: عدم اطّلاع الخلق على أسرار الحجّ وعلى ما تشتمل عليه المناسك من الحكمة الإلهية، ولمّا كان العقل الذي به يتميّز الإنسان عن الأنعام وسائر الحيوان معزولاً عن إدراك هذه الأسرار كاد ألاّ يكون بين الإنسان وبين مركوبه فرق في الورود إلى البيت !

وفي بعض الوجوه من هذا القيل بُعدٌ.

وروي: أنّ الكعبة شكت إلى الله تعالى في الفترة بين عيسى ومحمد (عليهما السلام)، فقالت: يا ربّ، ما لي قلّ زوّاري ؟ ما لي قلّ عوّادي ؟ فأوحى الله جلّ جلاله إليها: «إنّي منزلٌ نوراً جديداً على قوم يحنّون إليك كما تحنّ الأنعام إلى أولادها، ويُزَفّون إليك كما تزفّ النسوان إلى أزواجها - يعني: أُمّة محمد (صلّى الله عليه وآله) -»[٢١].

قوله (عليه السلام): «وَيَألَهُونَ إلَيْهِ وُلوهَ الحَمامِ»:

قال الراونديّ: «أله يأله ألهاً: أي تحيّر، والأصل وله يوله ولهاً، وقال أبو الهيثم: أصل الله إلاه، وأصله ولاه، فقلبت الواو همزةً، فالخلق يولهون إليه في حوائجهم، ويفزعون إليه في كلّ ما ينوبهم»[٢٢].

وقال ابن أبي الحديد[٢٣]: «الوله: شدّ الوجد، حتّى يكاد العقل يذهب، وله الرجل يوله ولهاً، ومَن روى: «يألهون إليه ولوه الحمام» فسّره بشيءٍ آخر، وهو يعكفون عليه عكوف الحمام، وأصله أله: عبد، ومنه الإله، أي: المعبود، ولمّا كان العكوف على الشيء كالعبادة له لملازمته والانقطاع إليه، قيل: أله فلان إلى كذا، أي: عكف عليه كأنّه يعبده، ولا يجوز أن يقال: «يألهون إليه» في هذا الموضع بمعنى يولهون، وأنّ أصل الهمزة الواو، كما فسّره الراونديّ؛ لأنّ فعولاً لا يجوز أن يكون مصدراً من فعلت بالكسر، ولو كان يألهون هو يولهون، كان أصله ألِه بالكسر، فلم يجز أن يقول: «ولوه الحمام»، وأمّا على ما فسّرناه نحن فلا يمتنع أن يكون الولوه مصدراً؛ لأنّ أله مفتوح، فصار كقولك: دخل دخولاً»[٢٤].

وقال التستريّ[٢٥]: «قلت: أمّا ما قاله من أنّ معنى «يألهون إليه» أي: يعكفون عليه، فخلط لفظاً ومعنىً؛ أمّا لفظاً فلأنّه لم يقل أحد أن معنى أله عكف، بل عبد، فإن قال: قلته كناية، يمنعه إليه [ في قوله: يألهون إليه ]، فلو كان عليه كان له وجه.

وأمّا معنىً، فلأنً الناس لا يعكفون في مكّة، وإنّما يشتاقون إلى زيارتها اشتياق الحمام إلى وكرها. وأمّا ما قاله: من أنّ فعولاً لا يكون مصدر فعل بالكسر، وولِه بالكسر، فليس ذلك كلّيّاً، بل إذا كان مضارعه يفعل بالفتح، وأمّا إذا كان يفعل بالكسر فيجوز، كما في قولك: وثق وثوقاً، وقد قال في القاموس: ولِه مثل ورِث ووجِل ووعِد.

وأمّا ما قاله من أنّه إذا كان يألهون مهموز الأصل، فيجوز أن يكون مصدره ولوهاً؛ لأنّ ألَه مفتوح، فيكون مثال: دخل دخولاً. ففيه: أنّ مصادر المجرّد ليست بقياسيّة، ولم ينقل في اللغة كون مصدر أله: اُلوهاً، بل إلاهَة واُلوهَة»[٢٦].

والحمام عند العرب: كلّ ذي طوقٍ من الفَواخت والقَمارِيّ والقَطا والدواجن وأشباه ذلك، الواحدة حمامة، والعامّة تخصّ الحمام بالدواجن[٢٧]، وكان الكسائيّ[٢٨] يقول: الحَمام هو البَرّي واليَمام هو الذي يألف البيوت، وقال الأصمعيّ[٢٩]: اليَمام حَمام الوحش، وهو ضَرْب من طَير الصحراء.

وفي تشبيهه (عليه السلام) ولوه الأنام بولوه الحمام عدّة وجوهٍ:

منها: إشارة إلى شوق الخلق في كلّ عامٍ إلى ورود البيت كما يشتاق إليه الحمام الذي يسكنه عند خروجه.

ومنها: إشارة إلى أنّ الحمام كما يفزع إلى محلّه عند الخوف، فكذلك الأنام، فإنّ الحمام يظهر عليه أثر اللوذ بكثرةٍ.

قالوا: ومن طبع الحمام أنّه يطلب وكره ولو اُرسل من ألف فرسخٍ، وربّما اصطيد وغاب عن وطنه عشر حججٍ فأكثر، ثمّ هو على ثبات عقله حتّى يجد فرصةً فيطير إلى وطنه.

وقيل: حمام الحرم يلتجئ إليه إلهاماً من الله لها أنّه المأمن، ويقال: إنّها من نسل طير أبابيل.

قوله (عليه السلام): «جَعَلَهُ سُبْحانَهُ عَلامَةً لِتَواضُعِهِمْ لِعَظَمَتِهِ»:

علامة لتواضعهم: أي دليلاً لتواضعهم، فإنّ المواقف والأعمال تدلّ على التواضع والخشوع.

ومَن لابس عملاً لا يلائم صورة التكبّر وينافي أعمال الجبابرة: من الإقبال على حجرٍ أصمٍّ بالتقبيل، وعلى مواطن خاليةٍ من حوادث الاطماع بالإجلال، صار ذلك الفعل أتمّ رياضة على طرح الأنَفَة؛ فإنّ مَن أطاعته نفسه لوجه الله تعالى في توقير شيءٍ، ظاهره لا ينفع ولا يؤذي ولا يعلم ولا يشكر، فهو إلى توقير مَن هو أعلى منه درجة من الأنبياء والملائكة أسرع.

قوله (عليه السلام): «وَإذْعانِهِمْ لِعِزَّتِهِ[٣٠]»:

أذْعَنَ إذْعاناً: انْقادَ ولم يستعص، وناقةٌ مِِذْعانٌ: منقادةٌ[٣١].

والعزّة: الغَلَبة، والعزيز من أسمائه سبحانه: الغالب الذي لا يُغلب[٣٢].

وإنّما جعله سبحانه علامةً لإذعانهم لعزّته؛ لأنّ العقل لمّا لم يكن ليهتدي إلى أسرار أعمال الحجّ، لم يكن الباعث عليها في أكثر الخلق إلاّ الأمر المجرّد وقصد امتثاله من حيث هو واجب الاتباع فقط، وفيه كمال الرقّ وخلوص الانقياد لله، فمَن فعل ما اُمر به من إتيان بيت الله وأداء الله وأداء مناسك الحجّ، فهو المنقاد لعزّة اللّه، المخلص الذي ظهرت عليه علامات المخلص المتواضع المذعن لجلال الله ربّ العالمين.

وروي: أنّ ابن أبي العوجاء[٣٣] تلميذ الحسن البصريّ[٣٤] انحرف عن التوحيد، فقيل له: تركت مذهب صاحبك ودخلت فيما لا أصل له ولا حقيقة ! فقال: إنّ صاحبي كان مخلّطاً، كان يقول طوراً بالقدر وطوراً بالجبر، وما أعلمه اعتقد مذهباً دام عليه، فقدِم مكّة متمرّداً وإنكاراً على مَن يحجّ، وكان يكره العلماءُ مجالسَتَه ومساءلته، لخبث لسانه وفساد ضميره، فأتى أبا عبد الله (عليه السلام)، فجلس إليه في جماعةٍ من نظرائه، فقال: يا أبا عبد الله، إنّ المجالس أمانات، ولابدّ لكلّ مَن به سعال مِن أن يسعل، أفتأذن لي بالكلام ؟ فقال: تكلّم.

فقال: إلى كم تدوسون هذا البيدر[٣٥]، وتلوذون بهذا الحجر، وتعبدون هذا البيت المرفوع بالطوب[٣٦] والمدر[٣٧]، وتهرولون حوله هرولة البعير إذا نفر، وإنّ مَن فكّر في هذا وقدّر علم أنّ هذا أسّسه غير حكيمٍ ولا ذي نظرٍ، فقل فإنّك رأس هذا الأمر وسنامه، وأبوك أُسّه وتمامه.

فقال (عليه السلام): «إنّ مَن أضلّه الله وأعمى قلبه، استوخم[٣٨] الحقّ ولم يستعذبه[٣٩]، فصار الشيطان وليّه وربّه وقرينه، يورده مناهل الهلكة ثمّ لا يصدره، وهذا بيت استعبد الله به خلقه، ليختبر طاعتهم في إتيانه، فحثّهم على تعظيمه وزيارته، وجعله محلّ أنبيائه وقبلةً للمصلّين إليه، فهو شعبة من رضوانه، وطريق يؤدّي إلى غفرانه، منصوب على استواء الكمال، ومجمع العظمة والجلال، خلقه الله قبل دحو الأرض بألفي عامٍ،...»[٤٠].

قوله (عليه السلام): «وَاخْتارَ مِنْ خَلْقِهِ سُمّاعاً أجابوا إلَيْهِ دَعْوَتَهُ»:

السًُّمّاع[٤١]: جمع سامِع – كسامر وسمّار – وهم الحاجّ في قوله تعالى: «وَأذِّنْ فِي النَّاسِ بِالحَجِّ يَأتُوكَ رِجالاً وَعَلَى كُلِّ ضامِرٍ يَأتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ»[٤٢].

والضمير في قوله (عليه السلام): «أجابوا إليه» للبيت، وفي «دعوته» لله تعالى، أي أجابوا – قاصدين إلى البيت – دعوتَه تعالى.

وروي عن الإمام الصادق (عليه السلام): «لمّا اُمر إبراهيم وإسماعيل (عليهما السلام) ببناء البيت، وتمّ بناؤه، قعد إبراهيم على ركنٍ، ثمّ نادى: هلمّ الحجّ، هلمّ الحجّ، فلو نادى: هلمّوا إلى الحجّ، لم يحجّ إلاّ مَن كان يومئذٍ إنسيّاً مخلوقاً، ولكنّه نادى: هلمّ الحجّ، فلبّى الناس في أصلاب الرجال: لبّيك داعي الله، لبّيك داعي الله عزّ وجلّ، فمَن لبّى عشراً يحجّ عشراً، ومَن لبّى خمساً يحجّ خمساً، ومَن لبّى أكثر من ذلك، فبعدد ذلك، ومَن لبّى واحداً حجّ واحداً، ومَن لم يلبّ لم يحجّ»[٤٣].

قوله (عليه السلام): «وَصَدَّقوا كَلِمَتَهُ»:

إشارة إلى مطابقة أفعالهم، لما جاءت به الأنبياء من كلام الله سبحانه، وعدم مخالفتهم وتكذيبهم لهم.

قوله (عليه السلام): «وَوَقَفوا مَواقِفَ أنْبِيائِهِ»:

في كلامه هذا (عليه السلام) استدراج حسن للطباع اللطيفة المتشوّقة إلى لقاء الله، وجذب لها إلى هذه العبادة، بذكر التشبيه بالأنبياء.

وإنّما شبّه مواقفهم بمواقف الأنبياء؛ لأنّ الأنبياء قد حجّوا بالبيت الحرام أيضاً، ووقفوا في تلك المواقف، فهي مواقف إبراهيم وإسماعيل وآدم والأنبياء ومحمد صلوات الله عليهم.

فروي عن أبي جعفر (عليه السلام): «كان طول سفينة نوح... وطافت بالبيت سبعاً، وسعت بين الصفا والمروة سبعة أشواطٍ، ثمّ استوت على الجوديّ»[٤٤].

وروي: أن إبراهيم لمّا أذّن في الناس بالحجّ، حجّ هو وأهله وولده[٤٥].

وروي عن أبي عبد الله (عليه السلام): «لمّا أفاض آدم (عليه السلام) من منى تلقّته الملائكة بالأبطح[٤٦]، فقالت: يا آدم، بُرّ حجّك، أما إنّا قد حججنا هذا البيت[٤٧] قبل أن تحجّه بألفي عامٍ».[٤٨]

وروي: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن البيت: أكان يُحَجّ قبل أن يبعث النبيّ (صلّى الله عليه وآله) ؟

قال: «نعم، وتصديقه في القرآن قول شعيب (عليه السلام) حين قال لموسى (عليه السلام) حيث تزوّج: «عَلَى أنْ تَأجُرَني ثَمانِيَ حِجَجٍ»[٤٩]، ولم يقل: ثماني سنين، وأنّ آدم ونوحاً (عليهما السلام) حجّا، وسليمان بن داود (عليه السلام) قد حجّ البيت بالجنّ والإنس والطير والريح، وحجّ موسى (عليه السلام) على جملٍ أحمر، يقول: لبّيك لبّيك، وأنّه كما قال الله: «إنَّ أوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمينَ[٥٠]»».[٥١]

وروي عن أبي عبد الله (عليه السلام): «مرّ موسى النبيّ (عليه السلام) بصِفاح الرَّوْحاء[٥٢] على جملٍ... وهو يقول: لبّيك يا كريم لبّيك. قال: ومرّ يونس بن متّى بصفاح الروحاء وهو يقول: لبّيك كشّاف الكرب العظام لبّيك. قال: ومرّ عيسى بن مريم بصفاح الروحاء وهو يقول: لبّيك عبدك وابن أمتك لبّيك. ومرّ محمد (صلّى الله عليه وآله) بصفاح الروحاء وهو يقول: لبّيك ذا المعارج لبّيك».[٥٣]

وروي عن أبي جعفر (عليه السلام): «مرّ موسى بن عمران (عليه السلام) في سبعين نبيّاً على فِجاج[٥٤] الرَّوْحاء... يقول: لبّيك عبدك ابن عبدك[٥٥]»).[٥٦]

قوله (عليه السلام): «وَتَشَبَّهوا بِمَلائِكَتِهِ المُطِيفِينَ بِعَرْشِهِ»:

«الملائكة المطيفين بالعرش»: هم الكَروبيّون[٥٧]، وهم أشراف الملائكة وعظماؤهم.

والمُطيف هاهنا: بمعنى الطائف، والمُطيف أيضاً: المُلمّ النازل بقومٍ، وطافَ بالبيت طَوْفاً: أي دار حَوْله[٥٨]، وحقيقة أطاف: أنّ المطيف، هو الذي يطيف نفسه كأنّه فزعها لذلك، فهو بكلّيّته مشتغل به من أفعال القلوب وأفعال الجوارح.

والتشبّه بالملائكة من طريق الأفعال التي هي عبادة الله تعالى، والتنزّه عن الرَّفث والفسوق والجِدال وقضاء الشهوات في الإحرام، فمَن أعرض عن قضاء الشهوات وهو مقبل على عبادة الله تشبّه بالملائكة، فإنّ الملائكة يسبّحون الليل والنهار لا يفترون ولا يقضون شهوة.

ويحتمل أن يكون التشبّه بالملائكة من حيث قال تعالى:«وَتَرَى المَلائِكَةَ حافِّينَ مِنْ حَوْلِ العَرْشِ»[٥٩]، وكذلك الحجّاج حول الكعبة.

ويحتمل أن يكون التشبّه بالملائكة إشارة إلى أنّ البيت المعمور بإزاء الكعبة في السماء، وأنّ طواف الخلق بهذا البيت يشبه طواف الملائكة وإحداقهم بالبيت المعمور والعرش، فهم متشبّهون بالملائكة في الطواف من طريق التعبّد، والغاية أن يترقّى مَن أخذ العناية بيده من هذا الطواف إلى أن يصير من الطائفين بالعرش والبيت المعمور.

واعلم، أنّ الطواف المطلوب هو طواف القلب بحضرة الربوبيّة، وأنّ البيت مثال ظاهر في عالم الشهادة لتلك الحضرة التي هي عالم الغيب، كما أنّ الإنسان الظاهر في هذا العالم مثال للإنسان الباطن الّذي لا يشاهد بالبصر وهو في عالم الغيب، وأنّ عالم الشهادة مرقاة ومدرج إلى عالم الغيب لمَن فتح له باب الرحمة، وأنّ أولياء الله المقرّبين لمّا يطوفون حول بيت الله الحرام ناظرون في طوافهم الطوافَ حول البيت المعمور الّذي هو بإزاء الكعبة، متشبّهون بطواف الملائكة حول البيت المعمور والعرش بحسب الإمكان، وعدّوا بأنّ مَن تشبّه بقومٍ فهو منهم[٦٠]، وكثيراً ما يزداد ذلك التشبّه إلى أن يصير المتشبِّه في قوّة المتشبَّه به.

وروي عن الإمام الرضا (عليه السلام): «علّة الطواف بالبيت: أنّ الله قال للملائكة: «إنِّي جاعِلٌ فِي الأرْضِ خَليفَةً قالُوا أتَجْعَلُ فيها مَنْ يُفْسِدُ فيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ...»[٦١]، فردّوا على الله، فندموا، فلاذوا بالعرش واستغفروا، فأحبّ الله أن يتعبّد بمثل ذلك العبادُ، فوضع في السماء الرابعة بيتاً بحذاء العرش يسمّى الضُراح[٦٢]، ثمّ وضع في السماء بيتاً يسمّى البيت المعمور بحذاء الضُراح، ثمّ وضع البيت بحذاء البيت المعمور، ثمّ أمر آدم (عليه السلام) فطاف به فتاب عليه، وجرى ذلك في ولده إلى يوم القيامة».[٦٣]

وروي أيضاً عن الإمام الصادق (عليه السلام): «لمّا أفاض آدم (عليه السلام) من منى تلقّته الملائكة بالأبطح، فقالت: يا آدم بُرّ حجّك، أما إنّا قد حججنا هذا البيت قبل أن تحجّه بألفي عامٍ».[٦٤]

قوله (عليه السلام): «يُحْرِزُونَ الأرْباحَ في مَتْجَرِ عِبادَتِهِ»:

الحِرز: المكان الذي يُحفظ فيه، وأحْرَزْت المتاع: جعلته في الحرز، وأحرزت الشيء إحرازاً، ضممته[٦٥]، أحرزَ قصب السبق: إذا سبق إليها فضمّها دون غيره.

والأرباح: جمع رِبح، والمراد به ها هنا: الثواب.

والمَتْجَر: محلّ التجارة، ومواقف الحجّ في مكّة وحواليها مَتْجر يحصل الإنسان فيها على الثواب؛ لأنّها مَتجر العبادة والطاعة، لا المال والمادّة.

فقد استعار (عليه السلام) لفظ المَتْجر للحركات في العبادة، ولفظ الأرباح لثمرتها في الآخرة من كرامة الله.

وقد ذكر (عليه السلام) ها هنا الربح استدراجاً لطباع الخلق بما يفهمونه ويميلون إليه من حبّ الأرباح في الحركات، ليشتاقوا فيعبدوا، وإلاّ فهو (عليه السلام) قسّم العبادة إلى ثلاثة أقسامٍ، وعدّ هذه العبادة عبادة التجّار[٦٦]، وأحسن للعبد إذا نظر في عبادته إلى أنّ الله هو أهل للعبادة، فيحذف جميع الأغراض والخواطر عن درجة الاعتبار، ويجعلها خالصة لوجهه تعالى؛ لأنّه هو.

قوله (عليه السلام): «وَيَتَبادَرُونَ عِنْدَهُ مَوْعٍدَ مَغْفِرَتِهِ»:

المبادرة: المسارعة والمسابقة[٦٧]، أي: يسابق بعض الحجّاج بعضاً.

وقوله (عليه السلام): «عند موعد مغفرته»، أي: عند المحلّ الذي وعد الله الغفران فيه.

والتبادر إنّما هو بالأعمال الصالحة، كما قال الله سبحانه: «وَسارِعُوا إلَى مَغْفِرَةٍ مِن رَبِّكُمْ»[٦٨]، كأنّ مَن يعمل أكثر يكون أكثر مسارعةً لتحصيل المغفرة والمثوبة.

وروي عن الإمام الرضا (عليه السلام): «إنّ علّة الحجّ الوفادة إلى الله تعالى، وطلب الزيادة، والخروج من كلّ ما اقترف، وليكون تائباً ممّا مضى، مستأنفاً لما يستقبل، وما فيه من استخراج الأموال، وتعب الأبدان، وحظرها عن الشهوات واللذّات، والتقرّب في العبادة إلى اللّه عزّ وجلّ، والخضوع والاستكانة والذلّ، شاخصاً في الحرّ والبرد، والأمن والخوف، دائباً في ذلك دائماً، وما في ذلك لجميع الخلق من المنافع، والرغبة والرهبة إلى اللّه سبحانه وتعالى، ومنه ترك قساوة القلب، وخساسة الأنفس، ونسيان الذكر، وانقطاع الرجاء والأمل، وتجديد الحقوق، وحظر الأنفس عن الفساد، ومنفعة مَن في المشرق والمغرب ومَن في البرّ والبحر، ممَّن يحجّ وممَّن لا يحجّ، من تاجرٍ وجالبٍ وبائعٍ ومشتري، وكاسبٍ ومسكينٍ، وقضاء حوائج أهل الأطراف والمواضع الممكن لهم الاجتماع فيها كذلك ليشهدوا منافع لهم».[٦٩]

قوله (عليه السلام): «جَعَلَهُ سُبْحانَهُ لِلاسْلامِ عَلَماً»:

ولمّا كان الإسلام وأحكامه هو الطريق إلى الله سبحانه، استعار لفظ العلم للحجّ بالنسبة إليه؛ لأنّ به يكون سلوك طريق الله والصراط المستقيم، كالأعلام التي تخفق للعسكر فيأوي إليها الجيش والمارّة على مقاصدهم.

ويحتمل أن يكون المراد بالعلم: الجبل، فهو كالجبل الأشمّ الّذي يلوذ بكنفه الناس من الحرّ والبرد وسائر المخاوف.

وروي عن الإمام الصادق (عليه السلام): «لا يزال الدين قائماً ما قامت الكعبة».[٧٠]

قوله (عليه السلام): «وَلِلعائِذينَ حَرَماً»:

«العائذين» جمع عائذ: وهو المستجير[٧١].

وقوله (عليه السلام): حرماً أي محلّ أمنٍ وسلامةٍ، حتّى إنّ الوليّ للدم لا يتمكّن من أن ينال المجرم بسوءٍ وهو عائذ بالحرم، فمَن دخل من الناس الحرم مستجيراً به فهو آمن، ومَن دخله من الوحش والطير كان آمناً من أن يهاج أو يؤذى حتّى يخرج من الحرم.

قوله (عليه السلام): «فَرَضَ حَجَّهُ»:

فرض: أي أوجب.

والحجّ مستجمع لعبادة النفس، وعبادة المال، وعبادة البدن، وهو الطهور الأكبر، والنسك الأعظم، وبه يفارق المسلم أهل الملل، ولذلك قال (عليه السلام): «مَن مات ولم يحجّ حجّة الإسلام، لم تمنعه من ذلك حاجة تجحف به، أو مرض لا يطيق فيه الحجّ، أو سلطان يمنعه، فليمت يهوديّاً، أو نصرانيّاً».[٧٢]

وروي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «بُني الإسلام على خمسٍ: على الصلاة، والزكاة، والصوم، والحجّ، والولاية».[٧٣]

قوله (عليه السلام): «وَأوْجَبَ حَقَّهُ»:

أي: حقّ البيت بالحجّ والاحترام.

روي عن الإمام السجّاد (عليه السلام): «وحقّ الحجّ: أن تعلم أنّه وفادة إلى ربّك، وفرار إليه من ذنوبك، وفيه قبول توبتك، وقضاء الفرض الذي أوجبه الله تعالى عليك».[٧٤]

قوله (عليه السلام): «وَكَتَبَ عَلَيْكُمْ وِفادَتَهُ»:

كتب: فرض وألزم.

والوفادة: الزيارة[٧٥]، والقدوم للاسترفاد والانتفاع، ولفظه مستعار للحجّ؛ لأنّه قدوم إلى بيت الله طلباً لفضله وثوابه.

قوله (عليه السلام): «فَقالَ سُبْحانَهُ:«وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إلَيْهِ سَبيلاً، وَمَنْ كَفَرَ فَإنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ العالَمينَ»[٧٦].

استدلّ (عليه السلام) بهذه الآية على وجوب الحجّ، حيث قال (عليه السلام): «فرض حجّه، وأوجب حقّه، وكتب عليكم وفادته».

وقوله تعالى: «وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ»، أي: حقّ لله على الناس أن يحجّوا بيته.

وقوله تعالى: «مَنِ اسْتَطاعَ إلَيْهِ سَبيلاً»، أي: تمكّن من المسير إليه بالزاد والراحلة والنفقة وما أشبه ذلك.

وقوله تعالى: «وَمَنْ كَفَرَ فَإنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ العالَمينَ»، فجعل مَن لم يحجّ وهو مستطيع كافراً، وأنّه لا يضرّ الله، وإنّما يضرّ نفسه، لأنّ الله سبحانه غنيٌّ عن العالمين، والمراد بالكفر هنا إمّا مطلق الكفر، فتجري على مَن عرف وجوب الحجّ وهو مستطيع ولم يحجّ طغياناً أحكام الكفّار؛ أو الكفر العمليّ لا مطلق الكفر.

فروي عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنّه قال: «مَن مات ولم يحجّ حجّة الإسلام، لم يمنعه من ذلك حاجة تجحف به، أو مرض لا يطيق فيه الحجّ، أو سلطان يمنعه، فليمت يهوديّاً أو نصرانيّاً».[٧٧]

وروي عن الإمام الكاظم (عليه السلام) حين سئل عن هذه الآية، وأنّ مَن لم يحجّ فقد كفر، فقال (عليه السلام): «لا، ولكن مَن قال: ليس هذا هكذا فقد كفر».[٧٨]

وقبل هذه الآية: «إنَّ أوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمينَ فيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إبْراهيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً»[٧٩].

--------------------------------------------------------------------------
[١] . هو: أبو الحسن محمد بن الحسين الموسويّ، وُلد ببغداد سنة ٣٥٩ هـ، خلف أباه في نقابة الطالبيّين سنة ٣٨٨ هـ، شاعر امتاز شعره بجزالة اللفظ وفخامة المعنى، ألّف في معاني القرآن ومجازاته، توفّي سنة ٤٠٦ هـ. الأعلام للزركلي: ٦: ٣٢٩، معجم المؤلّفين: ١١: ٢٦١، تاريخ الأدب العربيّ للزيّات: ٢٠٧ رقم ٤٣.
[٢] . آل عمران: ٩٧.
[٣] . نهج البلاغة بشرح الدكتور صبحي الصالح: ٢٢ ( آخر الخطبة الاُولى ).
[٤] . هو: أبو الحسين سعيد بن عبد اللّه بن الحسين بن هبة اللّه بن الحسن المشهور بـ: قطب الدين الراونديّ، كان والده وأولاده من العلماء أيضاً، توفّي سنة ٥٧٣ هـ، ودفن في قم. رياض العلماء: ٢: ٤٣٠، بحار الأنوار: ١٠٥: ٢٣٥.
[٥] . منهاج البراعة: ١: ١٠٧ – ١٠٩.
[٦] . لسان العرب: ٢: ٢٢٦ – حجج -.
[٧] . تفسير الرازيّ: ٢: ٢١٧.
[٨] . مجمع البيان: ١: ٤٢١، زبدة التفاسير: ١: ٢٥٩.
[٩] . إبراهيم: ٣٧.
[١٠] . زبدة التفاسير: ٣: ٤٩١.
[١١] . مجمع البيان: ٦: ٨٥.
[١٢] . المصدر نفسه: ١٠: ٤٧٢.
[١٣] . البقرة: ١٤٤.
[١٤] . المصباح المنير: ٤٨٨ – قبل -.
[١٥] . زبدة التفاسير: ١: ٢٦٢.
[١٦] . البقرة: ١٤٨.
[١٧] . لسان العرب: ١٢: ٣٧ – أنم -.
[١٨] . لسان العرب: ٣: ٤٥٧، القاموس المحيط: ١: ٣٤٤ – ورد -.
[١٩] . القاموس المحيط: ٤: ١٨٢ – نعم -.
[٢٠] . خزانة الأدب ٥: ١٣٥.
[٢١] . من لا يحضره الفقيه: ٢: ٢٤٤ ح ٢٣١٠.
[٢٢] . منهاج البراعة: ١: ١٠٦.
[٢٣] . هو: عزّ الدين عبد الحميد بن محمد المدائنيّ المعتزليّ، وُلد سنة ٥٨٦ هـ، أديب ومؤرّخ، من أهمّ مؤلّفاته شرح نهج البلاغة، توفّي ببغداد سنة ٦٥٥ هـ. الكنى والألقاب: ١: ٢٣٩ رقم ٢٠٧.
[٢٤] . شرح نهج البلاغة: ١: ١٢٣.
[٢٥] . هو: محمد تقي بن محمد كاظم التستريّ، وُلد سنة ١٣٢٠ هـ في النجف، من مؤلّفاته: بهج الصباغة، قضاء أمير المؤمنين عليه السلام، توفّي سنة ١٤١٥ هـ في تستر ودفن فيها. طبقات أعلام الشيعة – نقباء البشر -: ١: ٢٦٥.
[٢٦] . بهج الصباغة: ٩: ٣١٤ – ٣١٥.
[٢٧] . الصحاح: ٥: ١٩٠٦ – حمم -.
[٢٨] . هو: أبو الحسن عليّ بن حمزة، وُلد سنة ١١٩ هـ، نشأ بالكوفة، لم يكن له يد في الشعر، وبلغه الكبر وهو لا يدري من النحو شيئاً، ثمّ ألّف نحواً من عشرين كتاباً في معاني القرآن والنحو والهجاء، توفّي سنة ١٨٩ هـ. التاريخ الصغير: ٢: ٢٤٧، الفهرست لابن النديم: ٢٩، سير أعلام النبلاء: ٩: ١٣١، الأعلام للزركلي: ٤: ٢٨٣.
[٢٩] . هو: أبو سعيد عبد الملك بن قُرَيب الأصمعيّ، وُلد سنة ١٢٣ هـ، نشأ بالبصرة، أخذ العربيّة والحديث والقراءة عن أئمّتها، توفّي سنة ٢١٦ هـ وله من العمر تسعون سنة. التاريخ الكبير: ٥: ٤٢٨، الجرح والتعديل: ٥: ٣٦٣، الأعلام للزركلي: ٤: ١٦٢.
[٣٠] . مثله قوله عليه السلام في موضعٍ آخر من نهج البلاغة: ١٤٧ ضمن الخطبة ٩٠: «قاهِرُ مَن عازَّهُ» باعتبار الغلبة للّه في العزّ.
[٣١] . كتاب العين: ٢: ١٠٠ – ذعن -.
[٣٢] . لسان العرب: ٥: ٣٧٤ – عزز -.
[٣٣] . هو: عبد الكريم بن أبي العوجاء، خال معن بن زائدة، أحد زنادقة عصر الإمام الصادق عليه السلام، لمّا اُخذ ليضرب عنقه قال: وضعت فيكم أربعة آلاف حديثٍ اُحرّم فيها الحلال، واُحلّل فيها الحرام، قتله الأمير العبّاسيّ محمد بن سليمان بالبصرة. الكشف الحثيث: ١٧٢، الكنى والألقاب: ١: ٢٤٨ رقم ٢٢٢.
[٣٤] . هو: أبو سعيد الحسن بن أبي الحسن يسار البصريّ، مولى الأنصار، كان يدلّس، دعا عليه أمير المؤمنين عليه السلام، حيث قال له: «لا زِلتَ مسوءاً». الثقات لابن حِبّان: ٤: ١٢٣، شرح نهج البلاغة: ٤: ٩٥، ميزان الاعتدال: ٢: ٢٨١ رقم ١٩٧١.
[٣٥] . البيدر: مجمَع الطعام حيث يُداسُ ويُنَقَّى.ترتيب كتاب العين: ١: ١٤١ – بدر -.
[٣٦] . الطوب: الآجر. مجمع البحرين: ٣: ٦٨ – طوب -.
[٣٧] . المدر: قطع طين يابس، الواحدة مدرة. كتاب العين: ٨: ٣٨ – مدر -.
[٣٨] . استوخم: استثقل. قال ابن الأثير في النهاية: ٥: ١٦٤: استوخموا المدينة: أي استثقلوها ولم يوافق هواؤها أبدانهم.
[٣٩] . أي لم يجده عذباً. 
[٤٠] . الكافي: ٤: ١٩٨ ح ١، أمالي الصدوق: ٧١٥ ح ٩٨٥.
[٤١] . رجل سمّاع: إذا كان كَثير الاستماع لما يُقال ويُنطَقُ به. لسان العرب: ٨: ١٦٤ - سمع -.
[٤٢] . الحجّ: ٢٧.
[٤٣] . الكافي: ٤: ٢٠٦ ح ٦، علل الشرائع: ٢: ٤١٩ ح ١.
[٤٤] . تفسير العيّاشيّ: ٢: ١٤٩ ح ٣٢٥، الكافي: ٤: ٢١٣ ح ٢.
[٤٥] . الكافي: ٤: ٢٠٦ ح ٤، بحار الأنوار: ١٢: ١٣٥.
[٤٦] . الأبطح: كلّ مسيلٍ فيه دقاق الحَصى فهو أبطح، والأبطح يُضاف إلى مكّة وإلى مِنى لأنّ المسافة بينه وبينهما واحدة، وربّما كان إلى مِنى أقرب. معجم البلدان: ١: ٧٤.
[٤٧] . المراد بالحجّ الطواف.
[٤٨] . الكافي: ٤: ١٩٤ ح ٤، من لا يحضره الفقيه: ٢: ٢٣٠ ح ٢٢٧٥.
[٤٩] . القصص: ٢٧.
[٥٠] . آل عمران: ٩٦.
[٥١] . تفسير العيّاشيّ: ١: ٦٠ ح ٩٩.
[٥٢] . الصَّفْح: الجَنْب، وصَفْح كلّ شيءٍ: جانبه، وصَفْح الجبل: مُضْطَجَعُه، والجمع صِفاح. لسان العرب: ٢: ٥١٢ – صفح -. والرَّوْحاء: موضع. المصدر نفسه: ٢: ٤٦٧. - روح -.
[٥٣] . الكافي: ٤: ٢١٣ ح ٤.
[٥٤] . الفِجاج: جمع الفَجّ، وهو الطريق الواسع بين جبلين. لسان العرب: ٢: ٣٣٨ – فجج -.
[٥٥] . في علل الشرائع: عبدك وابن عبدك لبّيك.
[٥٦] . الكافي: ٤: ٢١٣ ح ٣، علل الشرائع: ٢: ٤١٩ ح ٦.
[٥٧] . الكَروبيّون: سادَة الملائكة، منهم جبريل ومِيكائيل وإسرافيل، هم المُقَرَّبونَ. لسان لعرب: ١: ٧١٤ – كرب -.
[٥٨] . طافَ بالبيت وأطافَ عَلَيْه: دارَ حَوْلَه. المصدر نفسه: ٩: ٢٢٥ – طوف -.
[٥٩] . الزمر: ٧٥.
[٦٠] . قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله: «مَن تشبَّه بقومٍ فهو منهم». مسند أحمد بن حنبل: ٢: ٥٠، سنن أبي داود: ٢: ٢٥٥ ح ٤٠٣١.
[٦١] . البقرة: ٣٠.
[٦٢] . الضُراح: البيت المعمور في السماء الرابعة. مجمع البحرين: ٣: ١٣ – ضرح -.
[٦٣] . علل الشرائع: ٢: ٤٠٦ ح ٧، علل ومعاني الحجّ: ٤٤ ح ٧.
[٦٤] . تقدّم تخريجه.
[٦٥] . لسان العرب: ٥: ٣٣٣.
[٦٦] . قال أمير المؤمنين عليه السلام في نهج البلاغة: ٤: ٧٠٢ رقم ٢٣٧ – الكلمات القصار -: «إنَّ قَوْماً عَبَدُوا اللَّهَ رَغْبَةً فَتِلْكَ عِبادَةُ التُّجّارِ، وَإنَّ قَوْماً عَبَدُوا اللَّهَ رَهْبَةً فَتِلْكَ عِبادَةُ العَبِيدِ، وَإنَّ قَوْماً عَبَدُوا اللَّهَ شُكْراً فَتِلْكَ عِبادَةُ الأحْرارِ».
[٦٧] . لسان العرب: ٤: ٤٨ - بدر -.
[٦٨] . آل عمران: ١٣٣.
[٦٩] . علل الشرائع: ٢: ٤٠٤ ح ٥، علل ومعاني الحجّ: ٤٢ ح ٥.
[٧٠] . الكافي: ٤: ٢٧١ ح ٤، علل الشرائع: ٢: ٣٩٦ ح ١.
[٧١] . لسان العرب: ٣: ٤٩٨، مجمع البحرين: ٣: ٢٧٥ - عوذ -.
[٧٢] . الكافي: ٤: ٢٦٨ ح ١ وص ٢٦٩ ح ٥.
[٧٣] . المصدر نفسه: ٢: ١٨ ح ١ و٣.
[٧٤] . أمالي الصدوق: ٤٥٢، من لا يحضره الفقيه: ٢: ٦٢٠.
[٧٥] . تكرّر ذكر الوَفْد في الحديث، وهم القوم يجتمعون ويَرِدون البلاد، واحدهم: وافِد. وكذلك الّذين يقصِدون الاًُمراء لزِيارةٍ واستِرْفادٍ وانْتِجاعٍ وغير ذلك. نهاية ابن الأثير: ٥: ٢٠٩ – وفد -.
[٧٦] . آل عمران: ٩٧.
[٧٧] . تقدّم تخريجه.
[٧٨] . الكافي: ٤: ٢٦٦ ح ٥.
[٧٩] . آل عمران: ٩٦ و٩٧.

قائمة المصادر والمراجع:

١ – القرآن الكريم.

٢ - الأعلام، خير الدين الزركليّ (المتوفّى سنة ١٤١٠ هـ)، دار العلم للملايين، بيروت ١٩٨٠ م.

٣ - الأمالي، محمد بن عليّ بن بابويه المعروف بالشيخ الصدوق (المتوفّى سنة ٣٨١ هـ)، مؤسّسة البعثة، قم ١٤١٧ هـ.

٤ - بحار الأنوار، محمد باقر المجلسيّ (المتوفّى سنة ١١١٠ هـ)، مؤسّسة الوفاء، بيروت ١٤١٣ هـ.

٥ - بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة، محمد تقي التستريّ (المتوفّى سنة ١٤١٥ هـ)، مؤسّسة نهج البلاغة، طهران ١٤٠٩ هـ.

٦ - التاريخ الصغير، محمد بن إسماعيل البخاريّ (المتوفّى سنة ٢٥٦ هـ)، دار المعرفة، بيروت ١٤٠٦ هـ.

٧ - التاريخ الكبير، محمد بن إسماعيل البخاريّ (المتوفّى سنة ٢٥٦ هـ)، المكتبة الاسلاميّة، ديار بكر. د. ت.

٨ - ترتيب كتاب العين، الخليل بن أحمد الفراهيديّ (المتوفّى سنة ١٧٥ هـ)، دار الاُسوة، قم ١٤١٤ هـ.

٩ - تفسير العيّاشيّ، محمد بن مسعود العيّاشيّ (المتوفّى سنة ٣٢٠ هـ)، المكتبة العلميّة الاسلاميّة، طهران. د. ت.

١٠ - الثقات، محمد بن حِبّان ابن أبي حاتم التميميّ (المتوفّى سنة ٣٥٤ هـ)، مؤسّسة الكتب الثقافيّة، حيدر آباد الدكن ١٣٩٣ هـ.

١١ - الجرح والتعديل، عبد الرحمان بن أبي حاتم التميميّ (المتوفّى سنة ٣٢٧ هـ)، دار إحياء التراث العربيّ، بيروت ١٣٧١ هـ.

١٢ - خزانة الأدب، عبد القادر بن عمر البغداديّ (المتوفّى سنة ١٠٩٣ هـ)، دار الكتب العلميّة، بيروت ١٩٩٨ م.

١٣ - زبدة التفاسير، الملاّ فتح اللّه الكاشانيّ (المتوفّى سنة ٩٩٨ هـ)، مؤسّسة المعارف الاسلاميّة، قم ١٤٢٣ هـ.

١٤ - سنن أبي داود، ابن الأشعث السجستانيّ (المتوفّى سنة ٢٧٥ هـ)، دار الفكر، بيروت ١٤١٠ هـ.

١٥ - سير أعلام النبلاء، لمحمد بن أحمد بن عثمان الذهبيّ (المتوفّى سنة ٧٤٨ هـ)، مؤسّسة الرسالة، بيروت ١٤١٣ هـ.

١٦ - شرح نهج البلاغة، عبد الحميد ابن أبي الحديد المعتزليّ (المتوفّى سنة ٦٥٥ هـ)، دار إحياء الكتب العربيّة، بيروت ١٣٧٨ هـ.

١٧ - الصحاح، الجوهريّ (المتوفّى سنة ٣٩٣ هـ)، دار العلم للملايين، بيروت ١٤٠٧ هـ.

١٨ - طبقات أعلام الشيعة – نقباء البشر -، آغا بزرك الطهرانيّ (المتوفّى سنة  ١٣٧٩ هـ)، نشر دار المرتضى، مشهد ١٤٠٤ هـ.

١٩ - علل الشرائع، محمد بن عليّ بن بابويه المعروف بالشيخ الصدوق (المتوفّى سنة ٣٨١ هـ)، المكتبة الحيدريّة، النجف الأشرف ١٣٢٨٦ هـ.

٢٠ - علل ومعاني الحجّ، فارس حسّون كريم، مكتبة فدك، قم ١٤٢٧ هـ.

٢١ - الفهرست، ابن النديم البغداديّ (المتوفّى سنة ٤٣٨ هـ)، د. ت. 

٢٢ - القاموس المحيط، محمد بن يعقوب الفيروزآباديّ (المتوفّى سنة ٨١٧ هـ)، د. ت.

٢٣ – الكافي، محمد بن يعقوب الكلينيّ (المتوفّى سنة ٣٢٩ هـ)، دار الكتب الاسلاميّة، طهران ١٣٨٨ هـ.

٢٤ - كتاب العين، الخليل بن أحمد الفراهيديّ (المتوفّى سنة ١٧٥ هـ)، مؤسّسة دار الهجرة، قم ١٤٠٩ هـ.

٢٥ - الكشف الحثيث،، سبط ابن العجميّ (المتوفّى سنة ٨٤١ هـ)، عالم الكتب ومكتبة النهضة العربيّة، بيروت ١٤٠٧ هـ.

٢٦ - الكنى والألقاب، عبّاس محمد رضا القمّيّ (المتوفّى سنة ١٣٥٩ هـ)، مؤسّسة النشر الاسلاميّ، قم ١٤٢٥ هـ.

٢٧ - لسان العرب، ابن منظور المصريّ (المتوفّى سنة ٧١١ هـ)، أدب الحوزة، قم ١٤٠٥ هـ.

٢٨ - مجمع البحرين، فخر الدين الطريحيّ (المتوفّى سنة ١٠٨٥ هـ)، مكتب نشر الثقافة الاسلاميّة، قم ١٤٠٨ هـ.

٢٩ - المسند، أحمد بن حنبل (المتوفّى سنة ٢٤١ هـ)، دار صادر، بيروت. د. ت.

٣٠ - المصباح المنير، أحمد بن محمد الفيّوميّ، دار الهجرة، قم ١٤٠٥ هـ.

٣١ - معجم البلدان، ياقوت الحمويّ (المتوفّى سنة ٦٢٦ هـ)، دار إحياء التراث العربيّ، بيروت ١٣٩٩ هـ.

٣٢ - معجم المؤلّفين، محمد رضا كحّالة، مكتبة المثنّى ودار إحياء التراث العربيّ، بيروت. د. ت.

٣٣ - من لا يحضره الفقيه، محمد بن عليّ بن بابويه المعروف بالشيخ الصدوق (المتوفّى سنة ٣٨١ هـ)، مؤسّسة النشر الاسلاميّ، قم. د. ت.

٣٤ – منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، قطب الدين سعيد بن هبة اللّه الراونديّ (المتوفّى سنة ٥٧٣ هـ)، مكتبة العامة لآية الله السيّد المرعشيّ النجفيّ، قم ١٤٠٦ هـ.

٣٥ - ميزان الاعتدال، محمد بن أحمد الذهبيّ (المتوفّى سنة ٧٤٨ هـ)، دار المعرفة، بيروت ١٣٨٢ هـ.

٣٦ - النهاية في غريب الحديث، ابن الأثير الجزريّ (المتوفّى سنة ٦٠٦ هـ)، مؤسّسة إسماعيليان، قم ١٣٦٤ هـ. ش.

٣٧ – نهج البلاغة، الشريف الرضيّ (المتوفّى سنة ٤٠٦ هـ)، شرح الدكتور صبحي الصالح، دار الاُسوة، قم  ١٤١٥ هـ .

****************************