وقال (عليه السلام):مَنْ عَظَّمَ صِغَارَ الْمَصَائِبِ ابْتَلاَهُ اللهُ بِكِبَارِهَا.                
وقال (عليه السلام) : هَلَكَ فِي رَجُلاَنِ: مُحِبٌّ غَال ، وَمُبْغِضٌ قَال .                
وقال (عليه السلام): يَهْلِكُ فِيَّ رَجُلاَنِ: مُحِبٌّ مُفْرِطٌ، وَبَاهِتٌ مُفْتَر.                
وقال (عليه السلام): مَنْهُومَانِ لاَ يَشْبَعَانِ: طَالِبُ عِلْم، وَطَالِبُ دُنْيَا.                
وقال (عليه السلام): مَا أَخَذَ اللهُ عَلَى أَهْلِ الْجَهْلِ أَنْ يَتَعَلَّمُوا حَتَّى أَخَذَ عَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يُعَلِّمُوا.                
وقال (عليه السلام): الرِّزْقُ رِزْقَانِ: طَالِبٌ، وَمَطْلُوبٌ، فَمَنْ طَلَبَ الدُّنْيَا طَلَبَهُ الْمَوْتُ حَتَّى يُخْرِجَهُ عَنْهَا،مَنْ طَلَبَ الاْخِرَةَ طَلَبَتْهُ الدُّنْيَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ رِزْقَهُ مِنْهَا.                
وقال (عليه السلام): الْحِلْمُ وَالاَْنَاةُ تَوْأَمَانِ يُنْتِجُهُمَا عُلُوُّ الْهِمَّةِ.                

Search form

إرسال الی صدیق
دلالات جموع التكسير في نهج البلاغة – الثاني

الاستاذ المساعد الدكتور : فيصل مفتن اللامي

المدرس المساعد :عباس إسماعيل سيلان

(جامعة ميسان - كليــــــة التربية الأساسية)

المبحث الثاني : دلالات جموع التكسير الخاصة

مرّ الحديث في الدلالات العامة ، وقد تبين فيها بعض الشيء أنّ هذه الدلالات قد تخرج إلى دلالات أُخر تُبان من السياق ، وهذا بديهي فكثير من الكلمات التي تشتق من كلمة واحدة تتباين في الدلالة إلا أنها في أغلب الأحوال تعود إلى معنى واحد ، وهذا المعنى يتلون بتلون السياق الوارد فيه ، ويظهر هذا في الجموع جلياً ؛ ففيه دلالات أصلية وأخرى تنبثق منها  ، ويمكن إجمال هذه الدلالات الفرعية أو الخاصة على النحو الآتي  :

١ ـ الإشفاق ( الترحم ) :

قد يستنبط من استعمال جمع القلة الضعف والتحسر ، نحو قوله ( عليه السلام )  في جماعة من أصحابه الذين تصدوا لهجوم أهل الجمل : (( وطائفة عضُّوا على أسيافِهم فضاربوا بها حتى لَقُوا اللهَ صادقين )) [١] ، وفي هذا النص يكشف عن قلة هؤلاء الناهضين بالأمر ، ولو قال

( سيوفهم ) لدلّ على كثرتهم لكثرة السيوف ، بيد أنّ استعمال (أسياف) قلّل من أتباعه ؛ فهم قلة لا يمكنهم مجابهة جيش أهل الجمل ، وتقليلهم يصور الحالة الصعبة والموقف العسير الذي ابتليت فيه هذه الثُلة ؛ فكانوا أهلاً للشفقة والترحم .

ومثله قوله ( عليه السلام )  لمن يستعمله على الصدقات : (( فإذا قدمتَ على الحيِّ فانزلْ بمائِهم من غيرِ أنْ تخالطَ أبياتَهم )) [٢] ،  فـ ( أبياتهم ) جمع قلة على وزن ( أفعال ) ؛ ويبدو أنّ استعماله جاء لتصوير شفقة الإمام ( عليه السلام ) على رعيته ، فقد رسمهم بصورة القليل المستضعف الذي هو مظنة الاسترحام  ، ورأفة الإمام العالية برعيته انعكست على كلامه انعكاساً فيه محاولة الإمام لإشراك السامع بترحّمه على الرعية.

وحين يصور ( عليه السلام ) أهل القبور وهم ما هم من عدد وكثرة يعبر عنهم بجمع القلة ( جِيْرة ) يقول : (( جميع وهم آحاد ، وجِيْرةٌ وهم أبعاد)) [٣] تقليلاً لجورتهم ، وتقليل الجورة فضلاً عن تباعدها إلى الإنسان ذي الطبع الاجتماعي الذي يأنس بغيره يعني أن العذاب ليس بدنياً فحسب ، وإنما هو عذاب نفسي يُردي بصاحبه للتوحش الشديد والشفقة الدائمة ؛ فالتقليل الوارد في ( جِيرة ) أضفى جواً من الاستيحاش والعذاب النفسي ، لكن الجورة  كثّرت في موضع آخر عند الحديث عن الرفات ، مع إفادة معنى الإشفاق أيضاً في قوله ( عليه السلام ) : (( وجعل لهم من الصفيح أجنان ومنَ الترابِ أكفانَ ومن الرفات جيرانَ )) [٤]؛ لكثرة ما يجاورونه من الرفات البالية ، وكثرة هذه تولُّد وحشة وحزناً . ومنه قوله ( عليه السلام ) في الدنيا : (( والمبلية لأجسامكم)) [٥] ، وهنا قلل ( أجسام ) ؛ فلم تأت على هيئة الوزن ( جسوم ) التي تناسب كثرتهم حقيقة خلا أنها ليست كـالجمع ( أجسام ) الموحي بالشفقة عليهم ، وأنّهم قليل نزر يسهل وقوعهم في الأذى ، فكيف بهم وقد أسلمهم الدهر إلى الأرض التي راحت تضفي أصناف البلاء على تلك الأجسام الرقيقة؟!

وقوله ( عليه السلام ) لعبدالله بن زمعة حين طلب منه مالاً : (( إنّ هذا المالَ ليس لي ولا لك ، وإنما هو فيءُ المسلمينَ وجَلْبُ أسيافِهم )) [٦] وتقليل (أسياف ) يوحي من جهة بأنّ بهم حاجة للمال ؛ فهم قلة ، والقلة مظنة للترحم والشفقة ، ومن جهة أخرى قد يبين أنّ ذلك الفيء ليس بالكثير الفائض ، على العكس فيما لو قيل  ( جلب سيوفهم ) لأشعر بوفرته .

ومثلما تكون هذه الدلالة في معرض أوزان القلة تكون مع أوزان الكثرة أيضاً ، نحو قوله ( عليه السلام ) مصوراً حالة أخيه عقيل : (( ورأيتُ صبيانَه شُعْثَ الشُّعور غُبْرَ الألوانِ )) [٧] ، فالجمع ( صِبيان ) الدالّ على الكثرة يكشف للسامع الظرف الصعب الذي مرّ به (عقيل ) أخو الإمام ؛ فمع أنّه ضعيف الحال كان كثير الصبيان ، وهذا يجعله أكثر عوز وأشد فاقة ، ويُجْبِر البعيد على أنْ يشفق عليه ، ويترحم له غير أنّ الإمام مع قربه له لم يمتثل له حفاظاً على بيت مال المسلمين .

ويمكن أن يكون من هذه الدلالة ما يشعر بالضعف المعنوي ، وقد يأتي هذا مع الوزن ( فُعلان ) كـ ( وُلْدان ) ، إذْ (( وقد ورد ( وُلْدان ) في القرآن في مواضع ستة كلها تؤيد ... أنّ ( فُعْلان ) في القرآن يدل على الضعف المعنوي أو التقليل من الشيء عُمُراً كان أم منزلة ومكانة )) [٨]، وقد يكون هذا التضعيف او التقليل المعنوي ؛ لأنّ هذا الوزن أعم من الجمع ( الأولاد ) الذي يدل على الأولاد حقيقة [٩] ، والذين تربطهم صلة نسب . أما هذا فيدل على عموم الأولاد بلا صلة نسب تربطهم فيكون أكثر وحاجته أعظم كما في قوله ( عليه السلام ) في الاستسقاء : (( اللهم إنّا خرجنا إليك من تحت الأستار والأكنان وبعد عجيج البهائم والولدان )) [١٠] ؛ فالجمع ( الولدان ) هو المواكب لمقام الإشفاق ؛ لأنّه مظنة للترحم ؛ فعدده كثير ، والناس حينها لم يجدوا ما يبلّ عروقهم من الماء ، فكيف بهم ؟ وهم كثر جداً .

ورأى الدكتور السامرائي أنّ الوزن ( ذُكْران ) خالف ( ذُكُور ) في انه يشعر بالقلة النسبية ؛ إذ قال : (( قال تعالى ﴿ أتأتونَ الذُكْرانَ مِنَ العالَمينَ ﴾ (الشعراء/ ١٦٥ ) ، وقال : ﴿ وقالوا ما في بطونِ هذهِ الأنْعامِ خالصةٌ لذُكُورِنا﴾ (الأنعام / ١٣٩ ) ،  فاستعمل ( الذكران ) للقلة النسبية ؛ فإن الموصوفين بهذه الصفة لا يأتون جميع الذكور ، وإنما يأتون صنفاً خاصاً منهم ألا ترى أنّهم لا يأتون الأطفال والشيوخ ، وإنما يأتون من تستسيغه نفوسهم المنكوسة من الذكران ، وهم أقلّ من مجموع الذكور بخلاف قوله تعالى : ﴿خالصة لذكورنا ﴾ ؛ فإنّه يشمل جميع الذكور بلا استثناء)) [١١] ، أي أنّ (ذكران ) أفاد التقليل الذي قاد إلى الضعف المعنوي الذي هو من أنماط الترحم والإشفاق ، ويحتمله قوله ( عليه السلام ) : (( إنّهُ ليسَ على الإمامِ إلا ما حُمِّل مِنْ أمرِ ربِّهِ الإبلاغُ في الموعظةِ ... وإصدارُ السُّهْمانِ على أهلِها )) [١٢]، ففي الجمع ( السُّهْمان) ما يصرح بضعف حالهم ، وأنّهم أهل عوز ، ولو عبر بـ ( سهام ) ؛ لأشعرت بكثرة سهامهم ، أو أنّها ذات قيمة بالغة ، وليس هذا المقصد.

ويمكن أن يكون من هذا قوله ( عليه السلام ) : (( واسقنا سقيا نافعة  ...  تروي بها القِيْعانَ ، وتُسِيْلُ البُطْنانُ )) [١٣] ، و ( بطنان ) جمع ( بطن) ، ويعني المنخفض من الأرض ، وهذا الدعاء قاله (عليه السلام ) عند الاستسقاء ُ، وكان يمكن القول ( البطون ) خلا أنّه يوحي بكثرتها ، وكأنهم أهل خيرات كثيرة ، أو أنّهم يسألون الكثير، فلا يكتفون بالقناعة أو الكفاف ؛ فلعله من هنا كان ذكر الجمع ( بطنان ) هو المناسب دون غيره .

  الدلالة على السجية

     وهي من سبل المبالغة ، وتأتي مع الوزن ( فُعَلاء ) وكذا ( أفْعِلاء ) ؛ لأنّهما (( للدلالة على الغرائز والسجايا ... وربما جاء ( فعيل ) على ( فِعال ) أيضاً ، فنقول : ( ضُعفاء) و( ضِعاف ) جمع ( ضعيف ) ... فما الفرق بينهما ؟ الذي يبدو لي أنّ ( فُعَلاء ) يكاد يختص بالأمور المعنوية ، و( فِعالاً ) بالأمور المادية ؛ فـ ( الثُّقلاء ) لمَن فيهم ثقل روح و( الثِّقال ) للثقل المادي ، ومثله الكُبَراء ) و ( الكِبار ) ... ومثل الكِبار ( الرُّؤَساء ) و( الشُّفعاء) و( الأُمَراء ) ... ، ولم تجمع هذه على الفِعال كالرِّئاس والشِّفاع ونحوها ؛ لأنّه ليس فيها جانب مادي ))  [١٤] .

ومثل ذا قوله ( عليه السلام ) : ((ومنهم أمناء على وحيه )) [١٥] ، ولا يمكن القول ( إمان ) ؛ لأنّه ليس فيها جانب مادي ، أو يكون العكس ، نحو قوله (عليه السلام ) : (( وتُغْرى بها لِئامُ النَّاسِ )) [١٦] ، فلم يقل ( لُؤَماء ) ؛ ليدلَّ على أنّ هؤلاء المغرورين وإنْ كانَ فيهم لؤمٌ إلا أنّه لم يبلغ الدرجة القصوى .

لكن في مواضع أخرى جاء بالوزن ( فُعَلاء ) كما في تمجيده ( عليه السلام ) لله تعالى : (( خلق الخلائقَ بقدرتِهِ ، واستعبدَ الأربابَ بعزتِهِ ، وسادَ العُظَماءَ بجودِهِ )) [١٧] ؛ فـ ( عظماء ) مبالغة في جمع ( عظيم ) ، ولو قيل ( العظام ) لضاعت تلك المبالغة ؛ لأنّ الجمع ( العظماء ) يعود على الألى عظمتهم سجية راسخة فيهم ثابتة منهم .

أما ( عظام ) فهو وإنْ دلّ على عظمتهم إلا انه دون سابقه ، بل يمكن أنْ تسلب منهم العظمة ؛ لذا كان الجمع الأول دون الثاني هو المناسب في مقام المدح والتمجيد .

ومنه أيضاً : (( وإنّ لك في هذه الصدقةِ نصيباً مفروضاً وحقاً معلوماً وشركاء أهل مسكنة وضعفاء ذوي فاقة )) [١٨] ، واستعمال ( ضعفاء ) دون ضعاف لما فيها من ترحم على المعنيِّين وطلب استشعار الموكل بجمع الصدقات من اللطف بهم لحالتهم الضعيفة وفاقتهم الشديدة ، وفيه دلالة على أنّ ضعفهم ضعف معنوي فهم أهل فاقة ومسكنة لا فقر مادي كي يناسبه اللفظ ( ضعاف ) .

ومنه أيضاً قوله ( عليه السلام ) في وصف الجنة : (( ظلُّها عرشُهُ ، ونورُها بهجتُه ، وزُوّارها ملائكته ، ورفقاؤُها رُسُلُه )) [١٩] ، و لو كان التعبير بـ (رِفاقها) لدلّ على الرفقة الاعتيادية التي قد تكون صحبة بلا ألفة ، أو أنّها غير دائمة إذا قيست بـ ( رُفَقاء ) التي تشعر بحيويتها ولطفها .

ومثله قوله ( عليه السلام ) : (( وإنْ شئتَ ثلثتُ بداودَ ... ؛ فلقد كان يعمل سفائفَ الخُوصِ بيدِهِ ، ويقول لجلسائه : أيكم يكفيني بيعها؟)) [٢٠] ، و(جلساء ) جمع ( جليس ) على وزن ( فُعَلاء ) وترجم هذا الجمع العلاقة الحميمة والألفة والمودة بينه ( عليه السلام ) وبين مجالسيه ؛ فلم يكن يكلف أحدا ببيع ما يعمله إلا المقربين منه .

وهذا المعنى يستفاد من الوزن ( أفْعِلاء ) أيضاً كما في ( أتقياء ) في قوله (عليه السلام ) : (( أمّا النهار فحُلَماءُ عُلَماءُ أبرارٌ أتقياءُ )) [٢١] و ( أنبياء ) (أولياء ) أيضاً في قوله ( علليه السلام ) : ((  لو رخص الله في الكبر لأحد لرخص فيه لخاصة أنبيائه وأوليائه )) [٢٢] ، فهذه الجموع دلت على أنّ أصحابها اتصفوا بها باطناً وظاهراً على وجه الرسوخ والثبوت فهي طبيعة ملازمة لأصحابها .

والذي سوّغ تطابق الدلالتين بين ( فُعَلاء ) و( أفْعِلاء ) ؛ أنّ النظير لـ( فُعَلاء) هو ( أفعلاء )  يقول سيبويه في أثناء حديثه عن الوزن ( فعيل ) : (( فأمّا ما كان من هذا مضاعفاً فانّه يكسّر على ( فِعال ) كما كُسّر غير المضاعف ، وذلك ( شديد وشداد ) ، و ( حديد وحداد ) ، ونظير ( فُعَلاء ) فيه ( أفْعِلاء ) ، وذلك ( شديد وأشداء ) و( لبيب والبّاء ) و ( شحيح وأشحاء ) ، وإنما دعاهم إلى  ذلك ؛ إذ كان مما يكسر عليه ( فعيل ) كراهية التقاء المضاعف )) [٢٣] ، فيصعب القول : ( شُدَداء ) ، و( حُدَداء ) ؛ (( لأنّه لما اجتمع فيه حرفان من جنس واحد ، واستثقلوا اجتماعهما ، فنقلوه عن ( فُعَلاء ) إلى ( أفْعِلاء ) )) [٢٤] .

التعظيم :

    وأكثر ما يكون في المقامات التي يعبر بها عن الواحد بالجماعة ، أي (( وضع الجمع موضع المفرد كقوله تعالى ﴿ ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله ﴾ (التوبة / ١٧ ) ، وإنما أراد المسجد الحرام ... والسر البلاغي هو إرادة التعظيم والتقدير لهذا الشيء ؛ فالمسجد الحرام هو أعظم مساجد الله منزلة وأعلاها قدراً ، فعبّر عن الشيء المعنوي الذي يتسم بالعظمة والروعة بالجمع العددي ، وكأنّ المسجد الحرام مساجد متعددة ، وليس مسجداً واحداً لقيمة شأنه ورفعة مكانته )) [٢٥]  .  

ومنه قوله ( عليه السلام ) : (( وأمْسَكَها مِنْ أنْ تَمورَ في خَرْقِ الهواءِ بأيدِهِ)) [٢٦] ، و ( اليد ) رمز للقوة والغلبة ، وكان يمكن أن تفي بالمعنى لو قيل ( ... في خرق الهواء بيده ) لولا أنّ في جمعها دلالة لتعظيم تلك القوة ، ويؤيد ذلك استعمال ضمير الجماعة للتعظيم ، ففي (( سنن العرب مخاطبة الواحد بلفظ الجمع ، فيقال للرجل العظيم : ( انظروا في أمري ) ، وكان بعض أصحابنا يقول : إنما قال هذا ؛ لأنّ الرجل العظيم يقول : نحن فعلنا ، فعلى هذا الابتداء خوطبوا في الجواب ))  [٢٧] .

ومما يحتمل التعظيم قوله ( عليه السلام ) : (( و لا تشعبتهم مصارفُ الرِّيَبِ ، ولا انتسمتهم أخيافُ الهِمَمِ ؛ فهم أُسَراءُ إيمان )) [٢٨] ، وهنا مدح لطائفة من المؤمنين ، وقد واكب الجمع غرض المدح ؛ فالمعنيون لم يدعوا للريب إلى قلوبهم سبيلاً ، ولا لأخياف الهمم مجالاً أبداً .وعبّر عنهم بـ ( أسراء ) على وزن ( فُعَلاء ) التي تدل على السجية ، فالأسر الإيماني صار فيهم طبيعة ؛ فهم لا يشكون بالله طرفة عين ، ولم يتحرروا من ربقة الإيمان البتة .

ومن توظيف الجموع للتعظيم قوله ( عليه السلام ) في الرسول ( صلى الله عليه وآله )  : (( المعتام لشرح حقائقه والمختص بعقائل كراماته والمصطفى لكرائم رسالاته والموضحة به أشراط الهدى )) [٢٩] ، فالجموع الواردة هنا بينت مكانة الرسول وعظمته ، وتمكنه من أداء رسالته من جميع نواحيها .

التشريف :

      وهو أن يجمع الشيء لإضفاء هالة من القداسة ، وتضاعف هذه القداسة فيما لو جمع مرة ثانية ، ورأت الدكتورة باكزة الجمع يجمع في أكثر اللغات السامية لإفادة دلالة جديدة ؛ إذ تقول : (( ولعل ذلك لاختلاف المعاني كما في العربية ؛ إذ يقال : ( بيت : بيوت ) للجمع الحقيقي و ( بيوتات ) للأسر المعروفة ، وكذلك : ( سيد أسياد ) للجمع الحقيقي و( سادات ) لذوي الشرف والمكان الرفيع )) [٣٠]  .

ومنه قوله ( عليه السلام ) ناصحاً بعض عمّاله : (( ثم انظر في أمور عمّالك ... وتوخَّ منهم أهلَ التجربة والحياء من أهل البُيُوتات الصالحة )) [٣١] ، فـ ( بيوتات ) جمع للجمع بيوت إلا أنّه دونه في الكثرة ، وأدلى بشرف أصحاب هذه البيوت ومكانتهم الاجتماعية الراقية ؛ لذا طلب الإمام  ( عليه السلام ) من عامله أن يتوخاهم ؛ لأنّهم أهل دراية ويمكنهم إدارة المجتمع ؛ والناس تتقبل منهم .ولعلهم لما كانوا فرادى يشار لهم بالبنان عَبَّر عنهم بالجمع لتمجيدهم مثلما يعبر عن الفرد بما يدل على الجمع لتعظيمه [٣٢] في قوله تعالى : ﴿ إن إبراهيم كان امة ﴾ ( النحل / ١٢٠ ) .

ومثله قوله ( عليه السلام ) ناصحاً الأشتر : (( فان كان لابد من العصبية فليكن تعصبكم لمكارم الخصال ... التي تفاضلت فيها المُجَداءُ والنُّجَداء من بُيُوتات العرب )) [٣٣] ، ولثقلهم طلب الإمام من مالك ( رضوان الله عليه ) مخالطتهم وعدم غض الطرف عنهم .

ومن ذلك قوله ( عليه السلام ) : (( ألا فالحذرَ الحذرَ مِنْ طاعةِ ساداتِكُم وكُبَرائِكمُ الذين تكبروا عن حسبهم )) [٣٤] ، وربما يجمع الجمع للتشريف إذا كان للعاقل ، وإلا لَكان لدلالات أخر كالتفجيع والمبالغة ...

لكنه قد يحتمل هذا المعنى أيضاً في  قوله ( عليه السلام ) : لمن يستعمله على الصدقات : (( ولا يُمَصِّر لَبَنها ؛ فيضرّ ذلك بولدها ، ولا يجهدنّها ركوباً ، وليعدل بين صواحباتها )) [٣٥] ، فيبدو أنّ حرصه الشديد على الحيوانات ورفقه بها هو الذي شرفها ، وعبّر عنها بـ ( صواحبات ) جمع ( صواحب ) ، وصواحب جمع ( صاحبة ) ؛ وربّما جاء بجمع الجمع دون ( صواحب ) ليوحي بتشريف تلك الحيوانات ، فلا ينبغي إذلالها أو المبالغة في إجهادها ، وأنْ يكون عدل عامله في الحيوانات كعدله في البشر.

وعد بعضهم الجمع ( عباد ) مما يفيد هذه الدلالة ؛ فقد (( ورد في اغلب الآيات لفظ العباد للدلالة على عباده المكرمين المؤمنين ذوي المكانة الرفيعة الشريفة )) [٣٦] ، ومنه في نهج البلاغة الأقوال :

(( أوصيكم عباد الله بتقوى الله الذي ألبسكم الرياش ، وأسبغ عليكم المعاش)) [٣٧] ، (( واعلموا عبادَ الله أنّ المؤمنَ لا يُصبح ولا يُمسي إلا ونفسهُ ظنونٌ عنده )) [٣٨] ، (( واتقوا الله عباد الله وبادروا آجالَكم بأعمالِكم)) [٣٩] ، ولا يخفى أنّ عبادة الله تعني التحرر من قيود الشيطان ، وهذا أعظم شرف .

 الامتنان :

تحديد دلالة الكلام يعود إلى السياق إلا أنّ الجمع يأتي معاضداً لهذا السياق الوارد ، فقوله ( عليه السلام ) : (( فاتعظوا عباد الله بالعبر النوافع واعتبروا بالآي والسواطع وازدجروا بالنُّذُر البوالغ وانتفعوا بالذكر والمواعظ )) [٤٠] ، فقد استعمل جموع الكثرة ، وهي كل من ( العِبَر ) ( النوافع ) و ( السواطع ) و ( النذر ) و ( البوالغ ) و ( المواعظ)، وكان يمكن الإتيان بها على هيئة القلة بهيئة جمع المؤنث السالم ، بل يمكن الإتيان بها مفردة ؛ لكنّه جيء بها على هيئة الكثرة للإدلاء بامتنان الله تعالى على عباده وكثرة تتابع خيراته عليهم .

ومثله قوله ( عليه السلام ) : (( فانظروا إلى مواقعِ نِعَم اللهِ عليهِم حين بعثَ إليهِم رسولاً )) [٤١] ، فـ ( نعم ) جمع نعمة ، وهذا مقام إظهار فضل الله على عباده ، وهو المناسب ؛ لأنّه للكثرة دون القلة ( انعم ) أو المفرد ( نعمة ) ؛ لإبانة نعم الله وفضله على عباده ، وتعددت مواطن امتنانه عليهم لكثرة تلك النعم التي نالوها .

ومثله أيضاً : (( فمن أخذ بالتقوى عزبت عنه الشدائد بعد دنُوِّها ... وتفجرتْ عليهِ النِّعَمُ بعدَ نُضوبِها )) [٤٢] ، فالآخذ بالتقوى مصيره النجاة من الشدائد المتوقع حدوثها وتكاثر النعم عليه بعد قلتها ، وقد لاءم الجمع ( النِّعم ) المقام الذي جاء فيه ؛ ففيه بيان الفضل العظيم للتقوى التي قادت إلى الحصول على النعم الكثيرة جداً .

الأنس والألفة :

وهذه الدلالة لها وجودها في القرآن كما في قوله تعالى : ﴿ ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم * ومن يعص الله ورسوله ويتعدّ حدوده يدخله ناراً خالداً فيها وله عذاب مهين  / النساء ١٣ ، ١٤﴾ ، (( فقال في أصحاب الجنة ( خالدين فيها ) بالجمع وفي أصحاب النار ( خالداً فيها ) بالإفراد ، وقالوا: إنّ الحكمة في جمع الوصف أولاً للإشعار بالاجتماع المستلزم لزيادة الأنس والسعادة عند أهل الجنة ؛ فإنّ الوحدة لا تطاق وإفراده لزيادة التعذيب عند أهل النار ؛ فإنّه تعذيب بالنار والوحدة ))  [٤٣]  .

وفي الغالب تكون الوحدة وحشة والجماعة ألفة فحتى يوم الحشر الذي يجمع فيه الأولون والآخرون مع انه جمع رسمه القرآن بصورة مغايرة للجمع المعهود ، فهو جمع لكنه فرادى  ﴿ ولقد جئتمونا فرادى ﴾ ( الأنعام / ٩٤ ) ، أو أنّه تشتت وتفرقة ، تقول بنت الشاطئ في قوله تعالى : ﴿ يوم يصدر الناس أشتاتا ﴾ ( الزلزلة / ٦ ) (( وكونهم يصدرون أشتاتا ، أي متفرقين أدعى للحيرة والخوف والرهبة ؛ إذ مع الجماعة يكون نوع من الأنس والألف لا يتاح مثله مع التشتت والتفرق ، ولاسيما في موقف الهول الأكبر)) [٤٤]  .

فالقيد القرآني هو الذي سلب الألفة من الجماعة ، ولولاه لَكان الأمر اقل وقعاً على أهل المحشر ، ومن أمثلة استعمال الجمع للألفة قوله تعالى: ﴿ وكنتم أعداء فألّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً ﴾ ، وكان يمكن القول أخوة إلا أن في إخوانا إفادة الكثرة التي تأتي بجو من الأنس والتالف لما فيه من (( دلالة على قوة الصلة بين الإخوان في الدين أو العلاقة بين الأصدقاء الأخلاء فقد جاءت في القرآن الكريم بمعنى الأصدقاء المتحابين ... الأوس والخزرج )) [٤٥] ، ومثله قوله ( عليه السلام ) : (( وإنما انتم إخوان على دين الله )) [٤٦] .  ولعل منه قوله ( عليه السلام ) : (( ثم تداككتم عليّ تداكّ الإبلِ  الهيمِ على حياضها يوم وردها )) [٤٧] ، ومنه أيضاً قوله ( عليه السلام ) : (( فدلني على مصالحي ، وخُذْ بقلبي إلى مراشدي )) [٤٨] .

التفجيع :

وموضعه مع المبالغة المتأتية من جمع الجمع نحو قوله ( عليه السلام ) : ((واعلموا أنّ مجازَكُم على الصّراطِ ومزالقِ دحضِهِ وأهاويلِ زَلَـلِهِ وتاراتِ أهوالِهِ)) [٤٩] ، وهذه الصورة الجميلة النظم تجسد حالة الرعب ، فلا بدَّ من اجتياز الصراط المستقيم وخوض مواطن مزالقه إلا انه مع الزلل من الصراط قال : ( أهاويل ) ومع البقاء باجتياز الصراط قال ( أهوال ) ؛ وهذا التحول في التعبير يبين أنّ الذي يزل عن الصراط ، ويقع في النار يقاد لا إلى أهوال معينة ، وإنما إلى أهاويل كثيرة ؛ فسيمر بأضعاف مضاعفة من الأهوال ، ولو لم يزل عن الصراط ، فسيتعرض إلى أهوال بين تارة وأخرى ، فالوقوع عن الصراط بلا شكَّ أشد هولاً وأكثر رعباً من البقاء على الصراط ، وقد أعطى استعمال الجمعين ( أهوال ) وجمعه موسيقى داخلية ، ففي تكرار الجمع بصورة مغايرة يلفت الإنسان إلى هول الصراط ، وينبهه على شدة المقام بالطرق على ذهنه ببنيتين تثيران الفزع وتبعثان على الوجل ...

ومثله قوله ( عليه السلام ) : (( أشهد أنْ لا اله إلا الله وحده لا شريك له شهادة ممتحناً إخلاصها مُعتقداً مُصاصها نتمسك بها أبداً ما أبقانا ، وندّخرها لأهاويلِ ما يلقانا )) [٥٠] .

مر أنّه جمع ( بطن ) على ( بُطْنان ) في دلالة الإشفاق لكنه هنا جمع على (بطون ) حين ورد الحديث عن البرزخ وأهله : (( سلكوا في بطون البرزخ سبيلاً سلطت على الأرض عليهم فيه ، فأكلتْ من لحومِهِم ، وشربتْ من دمائِهم )) [٥١]  .

فجاء بالجمع ( البطون ) جمع كثرة للتفجيع وبيان أنّهم سلكوا منخفضات البرزخ الكثيرة جداً إلى درجة أكلت الأرض من دمائهم وشربت من دمائهم .

ومن التفجيع قوله ( عليه السلام ) : (( فبدّلوا بقرب الأولاد فقدها وبصحبة الأزواج مفارقتها )) [٥٢] ؛ لأنّ المقصود بـ ( الأولاد ) ـ كما مرّ ـ هم الأبناء حقيقة ، وهؤلاء يكون فقدهم أعظم حسرة ؛ فهو الجمع الملائم هنا دون ( ولدان ) الذي يدل على عموم الأبناء وان لم تربطهم صلة نسب .

ومنه أيضاً : (( كيف أنت إذا التحمت أطواق النار بعظام الأعناق ، ونشبتِ الجوامعُ حتى أكلتْ لحومَ السواعد ؟! )) [٥٣] ؛  فتسلط أطواق النار بمجموعها لإلحاق الأذى بمجموع عظام الأعناق ولحوم السواعد أمر يجب أنْ لا يمرّ عليه من دون تأثر لهول الفاجعة ، فكيف يكون حال الإنسان في تلك المصيبة التي تلحق بالجمع على قوته فكيف بالمنفرد ؟!

ومن التفجيع قوله ( عليه السلام ) : (( ألا ترونَ إلى أطرافِكم قد انتقصتْ ، وإلى أمصارِكم قد افتتحت ، وإلى ممالِكِكم تُزوى وإلى  بلادكم تغزى )) [٥٤] ، وقوله ( عليه السلام ) أيضاً : (( أصبحت مساكنهم أجداثاً وأموالهم ميراثاً))[٥٥]  .

التباين والتفريق :

أكثر ما تكون هذه الدلالة مع المصدر عند جمعه ، وحقيقة الأمر أنّ المصدر لا يجمع ؛ (( لأنّ المقصود به الجنس من حيث هو قليلاً ، أو كثيراً)) [٥٦] ، فإذا تعدد جنسه جاز جمعه ، نحو قوله (عليه السلام): (( ولعَمْري ليُضعَّفَنَّ لكمُ التَّيْهُ من بعدي أضعافاً )) [٥٧] .

وهنا عاضد المصدر المجموع الفعل (ليُضعَّفَنَّ ) في بيان أنّ الخطب سوف يأخذ بهم في التيه هنا وهناك حتى يتضاعف عليهم  أضعافاً مضاعفة .

ومثله قوله (عليه السلام) : (( وأُحذِّرُكم أهلَ النِّفاقِ ؛ فإنّهمُ الضّالّونَ المُضلّونَ , والزَّالّونَ المُزلُّونَ يَتَلوَّنونَ ألواناً )) [٥٨] ، فلم يأتِ بمصدر (يتلونون) أي : تلوّناً ؛ لأنّه وإنْ أكّد تغيرهم لم يفد تغير ذلك التغير وتميل المنافقين مع كل موقف ، لكنّه جاء بالمصدر المجموع ( ألواناً ) دلالة على أنّهم (( يتغيرون في أقوالهم وأفعالهم من حال إلى حال بحسب تبدل أهوائهم  الفاسدة ، فيلاقون كُلاً بوجهٍ ولسانٍ غير الآخر )) [٥٩] ، فلا يقتفون نمطاً محدداً ، بل أنماطاً متعددة تتغير تبعاً لما يمليه عليهم ضلالهم وإضلالهم .

ومثل هذا في الدلالة قوله (عليه السلام) : (( إنـّه قـد كانَ على الـناسِ والٍ أحـدَثَ أحداثاً )) [٦٠] ، وقوله (عليه السلام) : (( وهَمُّوا بنا الهُمومَ ، وفَعَلُوا بنا الأفاعيلَ )) [٦١] ، ويمكن القول : إنّ المجيء بالمصدر المعدود أفاد مبالغة أكثر فيما لو كان من لفظ الفعل ؛ لأنّه أفاد توكيد العامل مع وقوعه لمرات متعددة ومختلفة.

وقد يحتمل هذه الدلالة قوله ( عليه السلام ) : (( تكركره الرياح العواصف ، وتمخضه الغمام الذوارف )) [٦٢]، أفاد الجمعان ( العواصف ) و ( الذوارف) التباين والتنوع ، وإذا كان الموصوف ( وهنا هو الرياح والغمام ) جمعاً غير عاقل جاز وصفه بمفرد أو بجمع ، فيقال ( العاصفة ) و( الذارفة ) غير أنّ الإفراد يوحي بالملازمة لعصف معين وذرف معين ، والجمع فيه تنوع ذلك العصف وذلك الذرف ، فبعض الرياح عصفها شديد ، وبعضها عصفها هيِّن ، وبعضها بين هذين ...

ومن مجيء المنعوت جمعاً غير عاقل والنعت مفرداً قوله ( عليه السلام ): ((ولو استنطقوا عنهم عرصات تلك الديار الخاوية والربوع الخالية لقالت ذهبوا في الأرض ضُلالا ، وذهبتهم في أعقابهمْ جهّالا )) [٦٣] ، فالنعتان الخاوية والخالية دلتا على أنّ مصير تلك الديار والربوع كان واحداً ، فقد بادت وخلت جميعها إبادة وتجرداً لم يُفرِّق فيها بين دار ودار ، ومثله : (( فإنّ للطاعة أعلاماً واضحة وسبلاً نيرة )) [٦٤] ، ولا يمكن عدّ ( الخاوية )  و( الخالية ) و(الواضحة) و( النيرة ) جموعاً ، وإنّما هي مفردات أوحت بتطابق موصوفاتها وإنْ كثرت .

الحقيقة والمجاز

في العربية يوجد ما يطلق عليه بالمشترك اللفظي ، وأكثره ليس من الاشتراك ، وانما هو في الحقيقة يعود إلى أصل واحد [٦٥] ؛ فكلمة ( عين) تستعمل في الأصل للباصرة ، وفي المجاز تأتي للجارية وللجاسوس وللمقدار [٦٦] ... ، ويعد السياق هو الفيصل في تمييز المعاني في مثل هذه الكلمة إذا كانت مفردة . أما إذا كانت جمعاً فقد تجمع الكلمة المجازية على صيغة جمعية مغايرة لجمع الكلمة المستعملة على الحقيقة ، إذ جمعت الباصرة على ( أعين ) في الغالب ، وجمعت الجارية على ( عيون ) ...

ومن ذا قوله ( عليه السلام ) : (( واعلموا  أنّ عبادَ اللهِ المستحفظِينَ علمَهُ يصونونَ مصونَهَ ، ويُفَجِّرونَ عُيُونَهُ ))[٦٧] ، فـ ( عيون ) هنا جمع كلمة ( عين) ، وليس المقصود بها الباصرة ولا الجارية ، وأنّما هي مجازية ، فعباد الله المستحفظون هم منابع العلم ، واستعمال ( عيون ) في صيغة الكثرة تعظيماً لهم وثناءً عليهم على صونهم للحقائق وعلمهم الزاخر ، ولاءم جمع الكثرة الفعل( يفجرون ) ؛ فهو دالّ على كثرة ما ينجم منهم.

ويظهر أنّه حتى الفعل الذي استعمل في سياق هذا الجمع يدل على الكثرة ، وقد ورد في قوله ( عليه السلام ) : (( ... ولا امرؤٌ وإنْ صغَّرتْهُ النّفوسُ واقتحمتْهُ العيونُ بدونِ أنْ يُعينَ على ذلك أو يُعانَ عليه )) [٦٨] ، فيلاحظ استعمال الفعل ( اقتحمته ) الذي فيه ما فيه من وقع على الآذان وتأثير في الجنان ...

واستعملت للدلالة على مقدمة الجيش : (( واعلموا أنّ مقدمةَ القومِ عيونُهُم ، وعيونَ المقدمة طلائعُهُم )) [٦٩] ، ولو قيل ( أعينهم ) لانصرف الأمر إلى الباصرة ، وليس هذا المراد ، وإنّما هو أفاضلهم ... .

وجاءت ( عيون ) جمعاً للعين الجارية في وصف القرآن : (( وبحر لا ينزفه المستنزفونَ ، وعيونٌ لا ينضبُها الماتحونَ )) [٧٠] ، فلوصف القرآن الكريم يستعمل ما يدلّ على الكثرة لا القلة ، فهو المناسب لمقام التعظيم ؛ فالقرآن عيون كثيرة تجري بما ينفع الناس ، وهو ليس عيناً واحدة تجري علماً ، وإنّما هو عيون تتفجر بما ينفع الناس ، وللإنسان الخيار في أنْ يغرف من أين شاء ؟ 

ومن استعمال الجمع عيون للدلالة على الباصرة قوله ( عليه السلام ) في الزاهدين : (( جرح طولُ الأسى قُلُوبُهم وطولُ البكاءِ عُيُونَهم )) [٧١] ، وهنا استعمل جمع الكثرة ( عيون ) مشاكلة لكثرة البكاء الصادر منهم ، فالمقام مقام تقديس لهؤلاء العباد ... ، ويلاحظ استعمال الفعل ( جرح) ، وكي يكون هناك جرح لا بد من بكاء كثير ، وهذا يلائمه الجمع الكثير ( عيون ) لا ( أعين) ، ويؤيد ذلك استعمال الجمع الأخير في قوله ( عليه السلام ) :  (( الذين كانت أعمالهم في الدنيا زاكية ، وأعينهم باكية )) [٧٢] ، ففعل البكاء لمّا لم يكن بقوة الاقتحام أو الانفجار أو الجرح ناسبه ( أعين ) فضلا عن الدلالة على قلتهم ...

ومن الألفاظ التي تدخلت المجازية في تغيير أنماط جموعها اللفظ ( ولد ) وقد مرّ الحديث فيه ، وكان إذا جمع على ( أولاد ) كما في قوله ( عليه السلام ) : (( فأقبلتم إليّ إقبالَ العُوْذ المطافيلِ على أولادِها )) [٧٣] ؛ كان المراد الأولاد حقيقة ، أي الذين بينهم صلة نسبية ، ومتى ما ورد ( ولدان ) كشف عن أي ولد ، فهو مجازي من جهة كونه جمع كل ولد ، ولا يشترط القرابة الحقيقية ، وعلى هذا يكون قوله ( عليه السلام ) سيكون إقدام تلك النوق على أولادها بلهفة وسرعة ، ولو عبَّر بـ ( ولدان ) لأضعفَ إقبالها وجعله إنْ وجد يكون اعتيادياً لا لهفة فيه .

ولم يستعمل الجمع ( ولدان إلا في موضعين ) مر واحد منهما والآخر قوله (عليه السلام ) في الميت : (( ثم ألقي على الأعواد رجيعَ وَصَبٍ ونضو سقمٍ تحمله حَفَدةُ الوِلْدانِ وحَشَدةُ الإخوانِ )) [٧٤] ، وهنا المراد بـ ( الولدان ) أي ولد ، وإنْ لم تربطهم قرابة ، بل أنّه حتى الجمع ( إخوان ) يطابق ( ولدان ) ، فمتى ما جاء كان للدلالة على العلاقة التقاربية [٧٥] لا النسبية على الخلاف من الجمع ( أخوة ) المستعمل للدلالة على الإخوة الحقيقة المرتبطة بصلة نسبية  [٧٦] ، ولم نجده مستعملاً في النهج .

ومن استعمال الجمع ( أولاد ) للدلالة على الأولاد حقيقة قوله ( عليه السلام ) : (( قرؤوا القرآن فاحكموه ، وهيجوا إلى الجهاد ؛ فولهوا وله اللقاح إلى أولادها )) [٧٧] ، وهنا سيكون اشتياق النوق إلى أولادها الحقيقية شديداً بعد مفارقتها لا إلى كل ابن ناقة ، أي أنّ هؤلاء التقاة يفزعون إلى الجهاد بتلهف واشتياق .

ومن الألفاظ التي جمعت لأكثر من جمع بسبب المجازية أيضاً اللفظ ( ظهر ) ، فقد جمع على ( أظهر ) وعلى ( ظهور ) وعلى ( ظَهْران ) مرة واحدة ، وكانَ الجمع ( الأظهر ) خاصاً بالدلالة على الذوات حقيقة ؛ فالظهر كناية عن الرجل ،  وذلك في أقواله ( عليه السلام ) : (( والمقيمُ بين أظهُرِكم مُرتهنٌ بذنبِهِ )) [٧٨] ، (( كتابُ اللهِ بين أظهُرِكم ناطقٌ لا يَعْيى لسانُه )) [٧٩] ، (( علمتُ أنّ الفتنة لا تنزل بنا ، ورسولُ اللهِ بينَ أظْهُرِنا )) [٨٠] ، فكأنّ المراد بالأول والثاني : بيننا ، وبالثالث : بينكم .

أما الجمع ( الظهور ) فكانَ خاصاً بالظهور حقيقة ، نحو قوله ( عليه السلام): (( فمَنْ أمَرَ بالمعروفِ شَدّ ظُهورَ المؤمنين )) [٨١] ، وقوله في بيان قدرة الله تعالى : (( لا يجنُّه البُطون عن الظُّهور ، ولا يقطعه الظّهورُ عن البطونِ)) [٨٢] ، وقوله أيضاً : (( أحصى آثارهم وأعمالهم ... ومستقرهم ومستودعهم من الأرحام والظهور )) [٨٣] ، وقوله مصوراً حالة العبّاد : ((فَحَنَوا بطول الطاعة اعتدالِ ظُهورِهم )) [٨٤] ، وقوله في الحُجّاج : (( قد نبذوا السرابيلَ وراءَ ظهورِهم )) [٨٥] ، فهذه النصوص كلها جاء فيها الجمع (الظهور ) للدلالة على حقيقة الظهور .

أما الجمع ( ظَهْران ) فقد جاء في قوله ( عليه السلام ) عن الزهاد : (( تقلب أبدانهم بين ظهراني أهل الآخرة )) [٨٦] ، وكأنّ الألفاظ في الآخرة خصوصيتها ، ومن جهة أخرى قد يكون هذا الجمع يدل على المجاز ؛ فيكون المراد به أنّ هؤلاء الزاهدين أرواحهم معلقة بالملأ الأعلى ، وكأنّهم عايشوا أهله لشدة انقطاعهم عن الدنيا وانصرافهم عنها .

الخاتمة

الحمد لله الميسر لقضاء الحوائج ، والشكر له أولا وآخراً ، فها هي نهاية المطاف مع جهد شيق في كتاب عظيم توصل فيها البحث إلى نتائج يقدمها لقارئيه :

١ ـ أنّ جمع التكسير موضوع مهم في فهم معنى الكلام وفي المصادر ما يؤكد ذلك ؛ ومن ثَمّ لا يمكن قبول دعوى تجريد الكتب الصرفية منه ، وكل جمع استعمل في موضع معين ليس اعتباطاً وإنما لضرورة اقتضت استعمال هذا الجمع دون غيره . .

٢ ـ ليس كل ما كان من أوزان جموع القلة يأتي للقلة ، ولا كل ما قيل : إنّه للكثرة هو للكثرة ، فللنظام النحوي أثره في تغيير تلك الدلالات

٣ ـ أنّ لجمع التكسير دلالات عامة هي القلة والكثرة والمبالغة في الكثرة ، وهذه تبينت في أمهات كتب العربية ككتاب سيبويه وغيره .

٤ ـ جمع الجمع وارد في نهج البلاغة بدلالات متنوعة وجميلة .

٥ ـ الكثرة المتوخاة من جموع التكسير قد تكون في العدد ، وقد تكون فيما يصدر من المعدود من فعل .

٦ ـ أنّ الدلالات العامة قد تعطر الأذهان بدلالات خاصة كالإشفاق والتعظيم والامتنان والتشريف والأنس والألفة  ... .

٧ ـ أنّ الحقيقة والمجاز وراء كثير من أسباب تنوع جموع التكسير وتمايزها ، وليس كل ما حكم عليه في جموع التكسير مطابقاً لحقيقة الكلام العربي الفصيح ، فحصر الجمع ( أعين ) بالباصرة والجمع ( عيون ) بالجارية يناقضه ما موجود في النهج ؛ فقد جاء الجمع ( عيون ) أيضاً للدلالة على الباصرة .

وقد يلام البحث كونه خالف شيئاً من المألوف في دراسة جمع التكسير ، وترك أموراً من مثل الحديث عن أنّ هذا الجمع تجمع عليه الأوزان كذا وكذا ... ، والسبب هو أنّه لم يتكلم أحدٌ في جموع التكسير إلا وأسهبَ فيها ، فتركها البحث ؛ لأنّها تكررت في المصادر أكثر مما يمكن حتى أنّه لم يبدُ خلافٌ بين المؤلفات التي تناولت جمع التكسير وكأنّها شيء واحد .

وختاماً يتأمل الباحثان أن يكون هذا البحث ثمرة اجتنيت لوقتها ، وأن ينتفع منها كل من أحب العربية ، وأن يكون هذا البحث حلقة وصل بإمام البلاغة الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله ، وسلم تسليماً كثيراً .

-------------------------------------------------------------------------
[١] . نهج البلاغة : ٣٣٧ .
[٢] . المصدر نفسه : ٣٨٠ .
[٣] . المصدر نفسه : ١٦٦ .
[٤] . نهج البلاغة : ١٦٦ .
[٥] . المصدر نفسه :١٤٤ .
[٦] . المصدر نفسه : ٣٥٣ .
[٧] . المصدر نفسه : ٣٤٦ .
[٨] . دلالة أبنية الجموع في القرآن الكريم : ١٥٨ .
[٩] . ينظر : المصدر نفسه :  ١٥٩ .
[١٠] . نهج البلاغة : ١٩٩ .
[١١] . معاني الأبنية :  ١٥٩ .
[١٢] . نهج البلاغة : ١٥٢ .
[١٣] . المصدر نفسه : ٢٠٠ .
[١٤] . معاني الأبنية : ١٦٧.
[١٥] . نهج البلاغة : ٤١ ، وينظر منه أيضاً : ٥٠ .
[١٦] . المصدر نفسه : ٦٤  .
[١٧] . نهج البلاغة : ٢٦٥ .
[١٨] . المصدر نفسه : ٣٨٢ .
[١٩] . المصدر نفسه : ٢٦٦ .
[٢٠] . المصدر نفسه  :٢٢٧ .
[٢١] . نهج البلاغة :  ٣٠٤ .
[٢٢] . المصدر نفسه : ٢٩٠ .
[٢٣] . الكتاب : ٤ / ١٠٩ .
[٢٤] . الإنصاف : ٢ / ٨١٣ .
[٢٥] . أساليب المعاني في القرآن : ٤٢٣ .
[٢٦] . نهج البلاغة : ١٢٨ .
[٢٧] . المزهر :١ /  ٣٣٣.
[٢٨] . نهج البلاغة  : ١٣١ .
[٢٩] . المصدر نفسه : ٢٥٧ .
[٣٠] . جموع التكسير دراسة مقارنة باللغات السامية : ٢٠٥ .
[٣١] . نهج البلاغة : ٤٣٥ .
[٣٢] . ينظر الأمثل : ٧/١٩٨ ـ ١٩٩  .
[٣٣] . نهج البلاغة : ٢٩٥ .
[٣٤] . الأمثل : ٢٨٩ .
[٣٥] . المصدر نفسه : ٣٨١ .
[٣٦] . دلالات أبنية الجموع في القرآن الكريم : ١٢٢ .
[٣٧] . نهج البلاغة : ٢٦٢ ، والرياش : اللباس الفاخر .
[٣٨] . المصدر نفسه : ٢٥١ .
[٣٩] . المصدر نفسه : ٩٥ .
[٤٠] . نهج البلاغة : ١١٦ .
[٤١] . المصدر نفسه: ٢٩٨ .
[٤٢] . المصدر نفسه : ٣١٣ .
[٤٣] . التعبير القرآني : ٤٤ .
[٤٤] . التفسير البياني : ١ / ٩٤ .
[٤٥] . التحليل اللغوي في ضوء علم الدلالة : ٩٣ .
[٤٦] . نهج البلاغة : ١٦٨ .
[٤٧] . المصدر نفسه : ٣٥٠ .
[٤٨] . المصدر نفسه : ٣٧٠ .
[٤٩] . المصدر نفسه : ١١١ .
[٥٠] . المصدر نفسه : ٤٦ ، ومصاص كل شيء : خالصه .
[٥١] . نهج البلاغة : ٣٣٩ .
[٥٢] . المصدر نفسه : ٢٣٠ ـ ٢٣١ .
[٥٣] . المصدر نفسه :  ٢٦٧ .
[٥٤] . المصدر نفسه : ٤٥٢ .
[٥٥] . المصدر نفسه : ٣٥٢ .
[٥٦] . حاشية الخضري : ١/٤٢٨ .
[٥٧] . المصدر نفسه : ٢٤١ .
[٥٨] . نهج البلاغة : ٣٠٧.
[٥٩] . منهاج البراعة : ١٢/١٦٢ .
[٦٠] . نهج البلاغة : ٨٤  .
[٦١] . المصدر نفسه : ٣٦٨ ، وينظر : المصدر نفسه : ٤٨٧  .
[٦٢] . المصدر نفسه : ٣٢٩ .
[٦٣] . المصدر نفسه : ٣٣٨ .
[٦٤] . المصدر نفسه : ٣٩٠ .
[٦٥] . ينظر : فصول في فقه اللغة : ٣٢٦ ـ ٣٢٧ .
[٦٦] . ينظر : المصدر نفسه : ٣٢٦ .
[٦٧] . نهج البلاغة : ٣٣١ .
[٦٨] . المصدر نفسه : ٣٣٤ .
[٦٩] . المصدر نفسه : ٣٧١ .
[٧٠] . المصدر نفسه : ٣١٥ .
[٧١] . نهج البلاغة : ٣٤٣ .
[٧٢] . المصدر نفسه : ٢٨٢ .
[٧٣] . المصدر نفسه : ١٩٥ .
[٧٤] . المصدر نفسه : ١١٣ .
[٧٥] . ينظر : المصدر نفسه : ٨٢ ، ١١١ ، ١١٣ ، ١٦٦ ، ١٦٨ ،١٧٨ ،  ٢٦٤ ، ٤٧٢ ، ٥٥٩ .
[٧٦] . ينظر : معاني الأبنية : ١٣٧ ـ ١٣٨ .
[٧٧] . المصدر نفسه : ١٧٧ .
[٧٨] . نهج البلاغة : ٥٥ .
[٧٩] . المصدر نفسه : ١٩١ .
[٨٠] . المصدر نفسه : ٢٠١ .
[٨١] . المصدر نفسه :  ٤٧٣ .
[٨٢] . المصدر نفسه : ٣٠٩ .
[٨٣] . المصدر نفسه : ١٢٣ .
[٨٤] . المصدر نفسه : ١٣٠ .
[٨٥] . المصدر نفسه : ٤٩٣ ، وينظر منه : ١٩٠ ، ٢٤١ ، ٢٧٧ ، ٣٤٣ .
[٨٦] . المصدر نفسه : ٣٥٣

قائمة المصادر والمراجع

- القرآن الكريم

- الاتقان في علوم القرآن ، جلال الدين عبد الرحمن بن ابي بكر السيوطي ( ٩١١ هـ ) ، تح : محمد سالم هاشم ، دار الكتب العلمية ، بيروت ـ لبنان ، ط ١ ، ٢٠٠٧ م .

- أساليب المعاني في القرآن ، السيد جعفر باقر الحسيني ، قم ـ إيران ، ط١ ،  ١٤٢٨  هـ ـ ٢٠٠٧ م .

- أسرار العربية ، عبد الرحمن بن محمد الأنباري ( ت ٥٧٧هـ) ، تح : محمد حسين شمس الدين ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان ، ط١ ، ١٩٩٧م .

- أسرار النحو ، ابن كمال باشا شمس الدين أحمد بن سليمان ( ت ٩٤٠هـ) ، تح : د. أحمد حسن حامد ، دار الفكر ، عمان ، ( د.ت ) .

- الإعجاز الصرفي في القران الكريم ، د .عبد الحميد أحمد يوسف هنداوي ، المكتبة العصرية ، صيدا ـ بيروت ، ط١ ، ٢٠٠١ م .

- الأغاني ، أبو الفرج الأصبهاني ( ت ٣٥٦ هـ ) ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ـ لبنان ، ( د . ت )

- الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل ، العلامة الشيخ ناصر مكارم الشيرازي ، دار النشر لمدرسة الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، قم ـ إيران ، ط١ ، ١٤٢٦ هـ .

- الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين : البصريين والكوفيين ، ابن الإنباري ، تح : محمد محيي الدين عبد الحميد ، دار إحياء التراث العربي ، ط٤ ، ١٣٨٠هـ ــ ١٩٦١م .

- البرهان في علوم القرآن ، بدر الدين محمد عبد الله الزركشي ( ت ٧٩٤هـ)  ، تح: محمد أبو الفضل إبراهيم ، دار إحياء الكتب العربية ، ط١ ، ١٣٧٦هـ ـ ١٩٥٧م .

- بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة ، جلال الدين السيوطي ، تح : محمد أبو الفضل إبراهيم ، مطبعة عيسى البابي الحلبي ، مصر ، ط١ ، ١٣٨٤ ـ ١٩٦٥م .

- التحليل اللغوي في ضوء علم الدلالة ، د . محمود عكاشة ، دار النشر للجامعات ، ط١ ، ٢٠٠٥ م .

- التطبيق الصرفي ، د . عبده الراجحي ، دار المسيرة ، عمان ـ الأردن ، ط١ ، ٢٠٠٣ م.

- التعبير القرآني ، د.  فاضل السامرائي ، منشورات بيت الحكمة ، جامعة بغداد ، ١٩٨٧م .

- التفسير البياني للقران الكريم ، د . عائشة عبد الرحمن بنت الشاطئ ، دار المعارف ، الرباط ، ط٥  ، ١٩٧٧ م .

- التمهيد في علوم القرآن ، محمد هادي معرفة ، منشورات ذوي القربى ، ط١ ، ١٩٥٧ م .

- الجموع في اللغة العربية مع بعض المقارنات السامية ، د . باكيزة رفيق حلمي ، كلية الآداب ، جامعة القاهرة ، ( د . ت ) .

- حاشية الخضري على شرح ابن عقيل ، الشيخ محمد  الخضري ( ت ١٢٨٧هـ) ، تح : تركي فرحان المصطفى ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ط١ ، ١٤١٩هـ ـ ١٩٩٨م .

- حاشية الصبان على شرح الأشموني في شرح ألفية ابن مالك ، ومعها شرح الشواهد للعيني ، الصبان محمد بن علي ( ت ١٢٠٦هـ) ، تح : محمود بن الجميل ، مكتبة الصفا ، القاهرة ، ط١ ، ١٤٢٣هـ ـ ٢٠٠٢م .

- شرح ألفية ابن مالك ، ابن الناظم بدر الدين محمد بن محمد بن مالك ( ت ٦٨٦هـ ) ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، ط١ ، ١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣م .

- شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك ، بهاء الدين عبد الله بن عُقيل (ت ٦٧٢ هـ ) ، تح : محمد محيي الدين عبد الحميد ، المكتبة العصرية ، بيروت ، ١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م .

- شرح التصريح على التوضيح ، خالد بن عبدالله الأزهري ( ت ٩٠٥ هـ ) ، تح : محمد باسل ، دار الكتب العلمية ، بيروت ـ لبنان ، ٢٠٠٦ م .

- شرح الرضي  على الكافية ، رضي الدين محمد بن الحسن الاستراباذي ( ت٦٨٨ هـ) ، تح: يوسف حسن عمر ، مؤسسة الصادق ، طهران ، ١٣٩٨ هـ - ١٩٧٨ م .

- شرح اللمع ، جامع العلوم علي بن الحسين ( ت٥٤٣هـ ) ، تح : محمد خليل الحربي ، دار الشؤون الثقافية العلمية ، بغداد ، ط١ ، ٢٠٠٢ م .

- صوت الإمام علي في نهـج البلاغة ، السيد حسن علي القبانجي ، مؤسسة إحياء التراث الشيعي ، النجف ، ط١ ، ١٤٢٦ هـ .

- فصول في فقه اللغة ، د . رمضان عبد التواب ، مكتبة الخانجي ـ القاهرة ، ط٦ ، ١٩٩٩م .

- فقه اللغة المقارن ، د . إبراهيم السامرائي ، دار العلم للملايين ـ بيروت ، ١٩٦٨ م .

- في النحو العربي ـ نقد وتوجيه ـ ، د. مهدي المخزومي ، منشورات المكتبة العصرية , صيدا ، ١٩٦٤ م .

- كتاب سيبويه ، أبو بشر عمرو بن عثمان ( ت ١٨٠هـ ) ، تح : أميل بديع ، منشورات محمد علي بيضون ، ط ١ ، ١٩٩٩ م .

- الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل ، أبو القاسم بن عمر الزمخشري ( ت ٥٣٨هـ ) ، تح : عبد الرزاق المهدي ، دار إحياء التراث العربي ، بيـــروت ، ط١ ،  ١٤٢٤ هـ ٢٠٠٣ م .

- كشف المشكل في النحو ، علي بن سليمان الملقب بـ( حيدرة اليمني ) ( ت ٥٩٩هـ ) ، تح : د. يحيى مراد ، دار إحياء الكتب العلمية ، بيروت ـ لبنان ، ط١ ، ١٤٢٤هـ ـ ٢٠٠٤ م .

- ليس في كلام العرب ، ابن خالويه الحسين بن أحمد  ( ت ٣٧٠ هـ ) ، تح : أحمد عبد الغفور عطار ، مكة ، ١٩٧٩ م .

- المزهر في علوم اللغة وأنواعها ، جلال الدين السيوطي ، تح : محمد أحمد جاد المولى ، ومحمد أبو الفضل إبراهيم ، وعلي محمد البجاوي ، مكتبة دار التراث ، القاهرة ، ط٣ ، ( د . ت ) .

- معاني الأبنية في العربية ، د . فاضل صالح السامرائي ، ساعدت جامعة بغداد على نشره ، ط١ ، ١٩٨١ م .

- مغني اللبيب عن كتب الأعاريب ، ابن هشام الأنصاري ، تح : د. مازن المبارك ، ومحمد علي حمد الله ، مؤسسة الصادق ، طهران ، ط١ ، ١٣٧٦هـ .

- المقتصد في شرح الإيضاح  ، عبد القاهر الجرجاني ، تح : د. كاظم بحر المرجان ، منشورات وزارة الثقافة والإعلام ، الجمهورية العراقية ، ١٩٨٢م.

- المقرب ، ابن عصفور علي بن مؤمن ( ت ٦٦٩ هـ ) ، تح : د. أحمد عبد الستار الجواري ، و د. عبد الله الجبوري ، مطبعة العاني ، بغداد ، ١٩٨٦م .

- من أسرار اللغة ، د . إبراهيم إنيس ، مكتبة الانجلو المصرية ، ط٨ ، ٢٠٠٣م .

- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة ، العلامة حبيب الله الخوئي ، تح : علي عاشور ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، ط١ ، ١٤٢٤هـ - ٢٠٠٣ م.

- النحو والدلالة ( مدخل لدراسة المعنى النحوي الدلالي ) ، د. محمد حماسة عبد اللطيف ، جامعة القاهرة ، ط١ ، ١٩٨٣ م .

- النكت على الألفية والكافية والشافية والشذور والنزهة ، تح : د . فاخر جبر ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان ، ط١ ، ٢٠٠٧ م .

- نهج البلاغة ، تح : د . صبحي الصالح ، مركز البحوث الإسلامية ، قم ، ١٣٩٥ هـ .

الرسائل والأطاريح :

-  دلالات أبنية الجموع في القرآن الكريم ، زينب علي الجميلي ( رسالة ماجستير ) ، إشراف حسام سعيد النعيمي ، كلية الآداب جامعة بغداد ، ١٩٩٣ م .

-  غريب نهج البلاغة ، عبد الكريم حسين ( أطروحة دكتوراه ) ، إشراف د . عبدالله الجبوري ، كلية الآداب الجامعة المستنصرية ، ٢٠٠٤ م .

انتهى .

****************************