وقال (عليه السلام): اذْكُرُوا انْقِطَاعَ الَّلذَّاتِ، وَبَقَاءَ التَّبِعَاتِ.                
وقال (عليه السلام): رُبَّ مَفْتُون بِحُسْنِ الْقَوْلِ فِيهِ.                
وقال (عليه السلام): مَا مَزَحَ امْرُؤٌ مَزْحَةً إِلاَّ مَجَّ مِنْ عَقْلِهِ مَجَّةً.                
وقال (عليه السلام): مَنْ كَرُمَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ هَانَتْ عَلَيْهِ شَهْوَتُهُ.                
وقال (عليه السلام): الدُّنْيَا خُلِقَتْ لِغَيْرِهَا، ولَمْ تُخْلَقْ لِنَفْسِهَا.                
وقال (عليه السلام): الغِنَى والْفَقْرُ بَعْدَ الْعَرْضِ عَلَى اللهِ.                
وقال (عليه السلام):مَنْ عَظَّمَ صِغَارَ الْمَصَائِبِ ابْتَلاَهُ اللهُ بِكِبَارِهَا.                

Search form

إرسال الی صدیق
شعر الفخر في ديوان الشريف الرضي

 أبو الحسن الشرقاوي

تحليل بعض أبيات للشريف الرضي يفتخر بأبيه الحسين بن موسى الحسيني العلوي

أبي الأدنى

وَهَذا أَبي الأَدنى الّــَذي تَعــرِفـــــونَهُ ***** مُـــقَــــدَّمُ مَـــجـــدٍ أَوَّلٌ و مُخَـــلَّفُ

مُـــؤَلِّفُ ما بَينَ المُـــلوكِ إِذا هَــفــَوا ***** وَأَشفَوا عَلى حَزِّ الرِقابِ وَأَشرَفوا

إِذا قالَ رُدّوا غارِبَ الحِــلمِ راجَـــعوا ***** وَإِن قالَ مَهلاً بَعضَ ذا الجَدِّ وَقَّفوا

وَبِالأَمسِ لَــمّا صالَ قـــــادِرُ مُلكِــهِم ***** وَأَعرَضَ مِنهُ الجانِبُ المُتَخَـــــوَّفُ

تَلافاهُ حَتّى سامَــــحَ الضَـــغنَ قَلــبُهُ ***** وَأَسمَـــحَ لَـــمّا قيــــلَ لا يَتَـــأَلَّـــفُ

وَسَــل مُضَراً لَـــمّا سَــما لِدِيــــارِها ***** فَهَــبَّ وَنامَ العاجِـــزُ المُـــتَضَـــعَّفُ

تَوَلَّجَـــها كَالســــَيلِ صُلحــاً وَعَنوَةً ***** فَأَبـــقى وَرَدَّ البيـــضَ ظَمأى تَلَهَّفُ

لــهُ وَقَـــفاتٌ بَالحَجـــيجِ شُهــــودُها ***** إِلى عَقــِبِ الدُنـــيا مِنىً وَالمُـخَــيَّفُ

وَمِن مَـأثُراتٍ غَـــيرَ هاتيـكَ لَم تَزَل ***** لَها عُنُقٌ عالٍ عَلى النـــاسِ مُشرِفُ

حَمى فاهُ عَن بُسطِ المُلوكِ وَقَد كَبَت ***** عَلَيــــها جِبــــاهٌ مِن رِجــــالٍ وَآنُفُ

زِمـــامُ عُـــلاً لَـــو غَيـــرُهُ رامَ جَرَّهُ ***** لَساقَ بِهِ حــــادٍ مـــِنَ الــــذُلِّ مُعنِفُ

المعنى العام للأبيات :

بعد أن جال الشاعر بنا في قصيدته التي تنوع فيها بفخره بقومه ونفسه وجده الإمام علي رضي الله عنه سارع هنا للحديث عن أبيه الأدنى وحدد هنا بالأدنى منعا للبس الذي قد يكون بسبب إطلاقه أبي على جده الإمام علي رضي الله عنه.

ابتدأ الشاعر الأبيات بالحديث عن منزلة أبيه العالية التي حازها من مجده القديم الباقي بنسبه للنبي صلى الله عليه وسلم كما كانت له مآثر أخرى حيث كان يؤلف بين الملوك عندما تضيق السبل ولا يكون هناك سوى الحرب وقتل الناس وذلك لأن قوله بينهم مسموع وأمره لهم مطاع.

ثم انتقل ليوضح اللبس الذي صار بسبب سجن أبيه على يد بهاء الملك وأن ذلك لم يكن إلا بمكيدة نصبها له بني عقيل وقد وقع منه العفو والسماح لهؤلاء.

ثم عاود الشاعر الكرة ليبين فضل أبيه مستشهدا هذه المرة بمضر لما سكن ديارهم وما نالهم من شرف وما حل بهم من أمن وأمان واستقرار ومن أفضل مناقبه ولاية الحج يشد عليها منى ومسجد الخيف؛ ومآثره لا حد لها ومما رفع من شأنه عزته التي منعته عن مجالس الملوك متقربا متسولا عليهم في وقت يسعى فيه القاصي والداني إلى مجالسهم وذلك بسبب أنه يرى أفضليته عليهم وعزته هذه لو طلبها غيره ما استطاع أبد الدهر ثم يبين في نهاية الأبيات أنه خلف أبيه يسير في ركبه ويتبع خطاه ولولا احترام الأبوة لقال الشاعر إنه تفوق على أبيه وهو ما يراه الشاعر حقيقة.

التحليل البلاغي :

وَهَذا أَبي الأَدنى الّــَذي تَعــرِفـــــونَهُ ***** مُـــقَــــدَّمُ مَـــجـــدٍ أَوَّلٌ و مُخَـــلَّفُ

الواو للاستئناف حيث استأنف الشاعر معنى جديدا في القصيدة هو الفخر بأبيه بعد أن افتخر بجده مباشرة ليبن أن أصوله جميعا أصول يفتخر بها.

واستخدام اسم الإشارة " هذا " دليل على حب الشاعر لأبيه واعتزازه به فها هو يشير إليه ليشعر المتلقي أنه حاضر في قلبه ووجدانه لا يفارقه لذا ناسب ذلك أن يستخدم اسم الإشارة للقريب الذي يفيد التعظيم.

أما المشار إليه " أبي " واستخدام لفظ " أب " هنا مناسب للمعنى بكل ما يحمله اللفظ من معاني التغذية والتربية والتنشئة على صفات حميدة جعلت من الشاعر يفتخر بها في أكثر من موضع في شعره كما جعلته من أولي المجد والعلياء بين الناس وكل هذا تعبر عنه كلمة " أب" التي استخدمها الشاعر دون كلمة والدي واستخدامه هنا حقق التناسب بين المعنى الفخر بأبيه لأنه ذا فضل عليه عظيم واللفظ باستخدام اسم الإشارة الذي أفاد التعظيم.

كما ناسب ذلك كله إضافة " أب " إلى ياء المتكلم لتتكسب التنكير تعريفا بالإضافة إلى ضمير المتكلم والتعريف أيضا يناسب الغرض من الأبيات الفخر بالانتساب لهذا الرجل.

ثم خصص بقوله " الأدنى " وهي قيد في الجملة ليبين أن المقصود بالكلام أبوه الحسين بن الموسى وليس الإمام عليا؛ ثم جاءت الكلمة معرفة بـ" أل "وهي هنا للعهد الذهني ليبين أن أباه الذي كان السبب الأقرب في إنجابه محل فخر لما له من صفات عظيمة سوف يأتي عليها الشاعر فيما بعد؛ كما أن الكلمة جاءت على وزن أفعل في صورة من صور اسم التفضيل المعرف بأل ليناسب بذلك الفخر حيث يوحي الكلام أن له آباء كثر يستحقون الفخر بالانتساب إليهم اختص منهم الأقرب.

والشاعر يعدد في صفات أبيه والقيود في البيت ليبين أن أباه يستق أن يفتخر به لذا أفاض عليه تعريفا من نوع ثالث وهو التعريف بالاسم الموصول الذي يفيد التعريف بصلته الذكورة بعده والصلة هي" تعرفونه " فقد خصصه وحدده ثم بين شهرته لذا كان الاسم الموصول هو أفضل الطرق لبيان الشهرة العظيمة التي حازها أبو الشاعر ؛ وجملة الصلة فعل مضارع ليدل على الاستمرار والدوام وفاعله ضمير " واو الجماعة" وهو إشراك للمتلقي وتحول بالكلام إليهم وهو ما يناسب التعبير باسم الإشارة في أول البيت " هذا ".

أما الشطر الثاني فبدأه الشاعر باسم المفعول " مقدم "واسم المفعول يرفع نائب فاعل ويحذف معه الفاعل لأغراض بلاغية أرى أن الغرض هنا عدم إرادة إسناد الفعل أو ما في معناه إلى فاعل محدد, وكأني بالشاعر يريد أن يثبت أنه مقدم على غيره ليس من قبل شخص واحد أو حتى أشخاص معروفين لأن مجده فوق أن يمن أحد به عليه بل هو من جهات متعددة يصعب معها نسبة الفعل أو ما في معناه إلى شخص محدد أو أشخاص معينين؛ وهو ما يناسب المعنى العام للأبيات حيث يفتخر الشاعر بأبيه وصفاته المتعددة التالية في الأبيات التالية.

أما المضاف إليه " مجد " فهو نكرة والتنكير هنا مفاده التعظيم فليس مجده كأي مجد سبق لأحد أن شملته معرفته. ونائب الفاعل و المعطوف عليه جاءا على سبيل المبالغة التي بينت أن قوم الشاعر جميعا أهل فضل ومجد فشمل بهما الأولين والآخرين.

ولقد عب الطباق المجازي دورا بارزا في تحقيق المعنى حيث طابق الشاعر بين " أول " "ومخلف "على اعتبار أن مخلف تشمل كل من جاء في النهاية وكأنه قال أول وآخر والطباق هنا فوق الجرس الموسيقي أفاد شمول كل الأفراد مع التنزه عن ذكر كلمة من شأنها أن تخل بالغرض من الأبيات فلو قال " مؤخر " بدلا من " مخلف " لكان عيبا لما في التأخير من معنى يشتمل على الذم.

مُـــؤَلِّفُ ما بَينَ المُـــلوكِ إِذا هَــفــَوا ***** وَأَشفَوا عَلى حَزِّ الرِقابِ وَأَشرَفوا

ثم يقدم الشاعر في البيت وما بعده بيانا وأسبابا لفخره بأبيه لذا جاء البيت مفصولا عن سابقه لكمال الاتصال حيث نزل البيت من سابقه منزله عطف البيان.

والبيت مبدوء بالخبر النكرة والمبتدأ محذوف تقديره " هو " ضمير يعود على والد الشاعر الذي هو محل الفخر وحذف المبتدأ هنا بسبب ما في الخبر من مزية تجعله الأولى بأن يكون في صدارة الجملة؛ والخبر نكرة أكتسب التعريف من إضافته للاسم الموصول " ما " فأفاد تعظيما فتأليفه ليس كأي تأليف يعهده المتلقي في حياته والسبب في ذلك كون التأليف بين الملوك وسوف يأتي الحديث عن ذلك بعد قليل؛ والخبر كذلك على وزن اسم الفاعل ولي معه وقفتان الأولى : اسم الفاعل يفيد الاستمرار والدوام وهو ما يجعله ذا منزلة عظيمة على الدوام؛أما الثانية: أن فعله " ألَّف" وهو مزيد بالتضعيف الذي يوحي ببذل جهد وكثير سعي ليحدث ذلك التأليف وهو ما يناسب كونه بين الملوك كما يناسب عظمة المؤلف لأن الصعاب والشدائد لا يرومها إلا عظيم.

واسم المفعول هنا وقع الحدث فيه على الاسم الموصول " ما " ويمكن أن ندخل تحت الاسم الموصول شتى ما يكون بين الملوك من تنافس وخصام أو حروب واختلاف أو سعي للقضاء على بعضهم البعض من خلال المكائد والدسائس كل هذا وما ذهبت إليه نفس المتلقي من المعاني يمكن أن تندرج تحت الاسم الموصول " ما " لذا فالشاعر تعويلا على فهم ونباهة المتلقي ومناسبة للفخر أوجز بالقصر حيث تحمل اللفظ الكثير من المعاني.

وتعريف معمول اسم المفعول بالاسم الموصول الذي يؤدي معناه حسب الصلة بعده وصلة الموصول هنا شبه الجملة " بين الملوك " ومجيء الصلة ناسب التأليف والسعي وناسب كذلك ما احتواه الاسم الموصول من معاني متعددة كما ناسب العظمة التي يريد الشاعر أن يخلعها على أبيه.

ثم يعلق التأليف على وقت محدد يتناسب أيضا مع العظمة الحاصلة للمؤلف فاستخدم ظرف الزمان " إذا " الذي يفيد الشرط وتعليق الحدث عليه دليل على عظمة الحدث وصعوبته حيث وقع في وقت صعب وهو وقت الحرب؛ وفعل الشرط " هفوا " وهو بمعنى ذلوا والمقصود منه وقوع خطب جلل وعبر الشاعر عنه بالفعل " هفا " ليبن أنه قد قلل من منزلتهم ما وقع بينهم وأنه لم يكن مقبولا منهم أن يفعلوا ذلك مهما كان الأمر؛ ثم يناسب ذلك بالتعبير عن الملوك بضمير الغائب " واو الجماعة " وفي ذلك سر بلاغي حيث عبر بالاسم الظاهر مرة لما كان المقام يقتضي ثم لما كان الكلام يقتضي لهم ذما على سوء صنيعهم وانشغالهم بأنفسهم عبر عنهم بضمير الغائب؛ ثم يعطف على فعل الشرط فعلا آخر ليبين نوع الذلة والسقطة " أشفوا " ومفعوله " حز الرقاب" ليبن شناعة الذلة.

ولعلك تلحظ جمال الكناية في قوله " أشفوا على حز الرقاب " كناية عن الحرب والسر في التعبير عن الحرب بحز الرقاب لأنه أبشع ما يرتكب في الحرب بل من أشد أنواع الموت كما أن فيه دليل على شدة الخطب ليناسب عظمة التأليف ممن حاول الشاعر وصفه بالعظمة لتأليفه ما بين الملوك على شدته.

وبالرجوع إلى أسلوب الشرط نجد الشاعر قد صنف في أنواع المجاز ليدلل على تمكنه وفصاحته فجاء بنوع جديد من أنواع الإيجاز هو الإيجاز بحذف جملة حذف جملة جواب الشرط والتقدير: " إذا هفوا و أشفوا على حز الرقاب ألف أبي بينهم." والحذف هنا لوجود الدليل اللفظي وهو الجملة الابتدائية " مؤلف ما بين الملوك".

ثم يطنب الشاعر ليجمع بين الضدين الإيجاز والإطناب ليؤكد على بالغ تمكنه وشدة فصاحته وقدرته العالية على التصرف في فنون الكلام فيأتي بالفعل " أشرفوا " ليتمم به البيت ويفضي توكيدا جديدا على عظم الخطب وجلل الوقع أي أنهم قد اقتربوا من القتال كثيرا فيطنب بالتتميم مبالغا في بيان شدة الموقف راسما الصورة لتقع في ذهن المتلقي موقع الاقتناع بمنزلة أبيه العالية.

إِذا قالَ رُدّوا غارِبَ الحِــلمِ راجَـــعوا ***** وَإِن قالَ مَهلاً بَعضَ ذا الجَدِّ وَقَّفوا

شرع الشاعر في بيان الطريقة التي بها يؤلف أبوه بين الملوك إذا قاربوا على الحرب ولم يكن هناك من حل لذا جاء البيت مفصولا عن سابقه لكمال الاتصال حيث نزل من سابقه منزلة عطف البيان.

ويبدأ البيت بأداة الشرط " إذا " وهي ظرف زمان تفيد كثرة وقوع الفعل والجواب وفعل الشرط" قال " وتعليق الجواب علو القول دليل على عظمة الرجل الذي ينصاع له الملوك لمجرد القول وهو من المبالغة في منزلة أبيه.

وقول القول " ردوا " وهو فعل أمر وقد خرج الأمر هنا عن معناه الحقيقي إلى النصح والإرشاد ثم وجه الأمر هنا إلى الفاعل الضمير المتصل " واو الجماعة " يعود على الملوك والتعبير بالضمير هنا وترك الاسم الظاهر له سره البلاغي وأراه المناسبة لمقتضي الحال حيث عبر عنهم بالاسم الظاهر في البيت السابق وإعادة ذكرهم من الحشو المخل وغير ذلك أنهم لما كانوا في على وشك القتال كان التعبير بالاسم الظاهر أولى لبيان الحالة التي هم عليها أما التعبير بالضمير هنا فيناسب العظمة التي وصف أباه بها وكأنه عندما يظهر أبوه فلا يظهر أحد في وجوده لأنه لا يوجد في عصره من هو أعظم منه ولو كان ملكا من أعظم الملوك.

أما المفعول به للفعل " ردوا " " غارب الحلم " والحلم لا غارب له حيث إن الغارب هو أعلى الظهر أو الموج لذا نعلم أنه شبه الحلم بالموج بجامع الكثرة ثم حذف المشبه به وأتى بصفة من صفاته وهي الغارب على سبيل الاستعارة المكنية ثم أسنده للمشبه على سبيل الاستعارة التخيلية لوقوع في المعركة ولعل السر في جمال الاستعارة هو تجسيد الحلم ليكون موجا متتاليا ليغطي على الغضب العارم الذي أدى بالملوك لحشد الجنود وبذا ناسب الشاعر بين ألفاظه ومعانيه.

أما جواب الشرط " راجعوا " فاستخدم الشاعر فيه الفعل الماضي دلالة على تحقق وقوع الفعل والتحقق والثبوت مناسب لما في الشطر من دلالة على عظم أبيه.

أما الشطر الثاني فقد جاء موصلا بالأول حيث حسن الوصل لاتفاق الشطرين إنشاء واتحاد المسند إليه في كل منهما.

والشطر الثاني مبني على أسلوب شرط جديد أداته هذه المرة " إن " وهي تفيد القلة ومجيئها هنا مناسب لمقتضى الكلام حيث يكفيه أن يفعل ما ذكره الشاعر في الشطر الأول ليرجعوا عن الحرب وقتل النفوس لكن عندما يشتد الأمر ويتعقد أكثر وذا بقلة يكون تصرفا آخر .

وفعل الشرط " قال " وهو أيضا دليل على عظمة والده حيث يستمع الملوك لقوله من هذا ؟ ما هو إلا عظيم بل أعظم منزلة من الملوك ولم لا والملوك يستمعون لكل ما يقول.

وقول القول " مهلا " وهو مصدر يعمل عمل الفعل ولعل السر في التعبير به أنه يدل على الحدث مجردا من الزمان وكأن قوله مهلا يصلح في كل وقت بل ويطاع في كل حين ,ومفعول المصدر " بعض ذا الجد " والتعبير بالبعض هنا له دلالته الخاصة حيث لم يطلب إليهم الكف عن كل الجد ولو فعل لكان هناك اختلال في التناسب حيث قررت أن استخدامه المصدر دون الفعل ليدل على الحدث مجردا من الزمن وهم يستمعون له ولو تخلوا عن كل الجد طاعة له لتعرضت الدولة للخطر مثلا ولكان طلبه إليهم قبيح فمن يتخلى عن جده إنما يتحول إلى كسول وهو ليس من صفات العرب.

وجاء المضاف إليه اسم إشارة ليكسب المضاف تعريفا من خلال الواسطة وهو المشار إليه " الجد ونوع أل هنا هي للعهد الذكري أي الجد المذكور وقته فيما سبق أي وقت تحارب الإخوان ليقدم الدليل على أنه لا يطلب إليهم أن يتخلوا عن كل جدهم.

أما جواب الشرط فقد جاء أيضا فعلا ماضيا دلالة على التحقق والوقوع وهو أيضا إشارة إلى عظمة أبيه فالملوك المتناحرون يمتنعون عن القتال بسبب قوله هذا.

وبالرجوع  لقوله " مهلا بعض ذا الجد " نجد أن الجملة قد خرجت إلى إفادة الأمر أي "تمهلوا" والغرض من الأمر أيضا النصح والإرشاد كما في الشطر الأول وبتعانق الأمرين في الشطرين دلالة على عظمة أبيه ومن هنا نعلم أن الشاعر قد شحذ كل همته ومعها أسلحته ليثبت عظمة والده.

****************************