وقال (عليه السلام): قَلِيلٌ مَدُومٌ عَلَيْهِ خَيْرٌ مِنْ كَثِير مَمْلُول مِنْهُ.                
وقال (عليه السلام): الْقَنَاعَةُ مَالٌ لاَيَنْفَدُ.                
وقال (عليه السلام): الْحِلْمُ وَالاَْنَاةُ تَوْأَمَانِ يُنْتِجُهُمَا عُلُوُّ الْهِمَّةِ.                
وقال (عليه السلام): الْغِيبَةُ جُهْدُ الْعَاجزِ.                
وقال (عليه السلام): إِذَا وَصَلَتْ إِليْكُمْ أَطْرَافُ النِّعَمِ فَلاَ تُنْفِرُوا أَقْصَاهَا بِقِلَّةِ الشُّكْرِ .                
وقال (عليه السلام): زُهْدُكَ فِي رَاغِب فِيكَ نُقْصَانُ حَظّ، وَرَغْبَتُكَ فِي زَاهِد فِيكَ ذُلُّ نَفْس.                
وقال (عليه السلام): خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ .                

Search form

إرسال الی صدیق
من مواضيع نهج البلاغة (الفتنة الكبرى) – الثاني

عمر بن الخطاب والفتنة:
لله بلاء فلان... وخلف الفتنة... أصاب خيرها، وسبق شرها... رحل وتركهم في طرق متشعبة، لا يهتدي بها الضال، ولا يستيقن المهتدي (ك ٢٢٨).
حتى مضى الأول لسبيله، فأدلى بها إلى فلان بعده... فصيرها في حوزة خشناء يغلظ كلمها، ويخشن مسها، ويكثر العثار فيها، والاعتذار منها... فمني الناس - لعمر الله - بخبط وشماس، وتلون واعتراض (خ ٣).

عثمان بن عفان والفتنة:
(مخاطبا عثمان): وإني أنشدك الله ألا تكون إمام هذه الأمة المقتول، فإنه كان يقال: يقتل في هذه الأمة إمام يفتح عليها القتل والقتال إلى يوم القيامة، ويلبس أمورها عليها، ويبث الفتن فيها، فلا يبصرون الحق من الباطل، يموجون فيها مرجا (ك ١٦٤).
«الفتنة الكبرى»

ثالثا:«الأسباب الرئيسية والمباشرة لنشوب الفتنة»
١ - قيام الامام (ع) بإصلاحاته الكبيرة التي أضرت الكثير من المنتفعين:
فلما نهضت بالأمر نكثت طائفة، ومرقت أخرى، وقسط آخرون، كأنهم لم يسمعوا الله سبحانه يقول:
«تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا، والعاقبة للمتقين» بلى والله لقد سمعوها ووعوها، ولكنهم حليت الدنيا في أعينهم، وراقهم زبرجها (خ ٣).
إن هؤلاء قد تمالأوا على سخطة إمارتي، وسأصبر ما لم أخف على جماعتكم... وإنما طلبوا هذه الدنيا حسدا لمن أفاءها الله عليه، فأرادوا رد الأمور على أدبارها، ولكم علينا العمل بكتاب الله تعالى وسيرة رسول الله (ص) والقيام بحقه، والنعش لسنته.
(في رجال من المدينة التحقوا بمعاوية) وإنما هم أهل دنيا مقبلون عليها، ومهطعون إليها، وقد عرفوا العدل ورأوه، وسمعوه ووعوه، وعلموا أن الناس عندنا في الحق أسوة، فهربوا إلى الأثرة، فبعدا لهم وسحقا (ر ٧٠).
٢ - التنافس على الخلافة والولاية:
(في طلحة والزبير): كل واحد منهما يرجو الأمر له، ويعطفه عليه دون صاحبه، لا يمتان إلى الله بحبل، ولا يمدان إليه بسبب، كل واحد منهما حامل ضب لصاحبه، وعما قليل يكشف قناعه به والله لئن أصابوا الذي يريدون لينتزعن هذا نفس هذا (ك ١٤٨).
(أصحاب الجمل) لقد أتلعوا أعناقهم إلى أمر لم يكونوا أهله فوقصوا دونه (ك ٢١٩).
وقد قال له طلحة والزبير: نبايعك على أنا شركاؤك في هذا الأمر، فقال عليه السلام: لا، ولكنكما شريكان في القوة والاستعانة، وعونان على العجز والأود (ح ٢٠٢).
(كلم به طلحة والزبير بعد بيعته بالخلافة وقد عتبا عليه من ترك مشورتهما، والاستعانة في الأمور بهما): ألا تخبراني... أي حق رفعه إلي أحد من المسلمين ضعفت عنه، أم جهلته، أم أخطأت بابه... فلم أحتج في ذلك إلى رأيكما، ولا رأي غيركما، ولا وقع حكم جهلته، فأستشيركما وإخواني من المسلمين، ولو كان ذلك لم أرغب عنكما، ولا عن غيركما (ك ٢٠٥).
(إلى معاوية): إنك رقيت سلما أطلعك مطلع سوء عليك لا لك، لأنك نشدت غير ضالتك، ورعيت غير سائمتك، وطلبت أمرا لست من أهله ولا في معدنه (ر ٦٤).
ومتى كنتم يا معاوية ساسة الرعية، وولاة أمر الأمة بغير قدم سابق، ولا شرف باسق (ر ١٠).
ألا تربع أيها الانسان (معاوية) على ظلعك، وتعرف قصور ذرعك، وتتأخر حيث أخرك القدر فما عليك غلبة المغلوب، ولا ظفر الظافر (ر ٢٨).
فيا عجبا للدهر إذ صرت يقرن بي من لم يسع بقدمي ولم تكن له كسابقتي التي لا يدلي أحد بمثلها (ر ٩).
(إلى معاوية): وأما طلبك إلي الشام، فإني لم أكن لأعطيك اليوم ما منعتك أمس (ر ١٧).
(في عمرو بن العاص): إنه لم يبايع معاوية حتى شرط أن يؤتيه أتية، ويرضخ له على ترك الدين رضيخة (خ ٨٤).
(إلى عمرو بن العاص): ولو بالحق أخذت أدركت ما طلبت (ر ٣٩).
أما الاستبداد علينا بهذا المقام ونحن الأعلون نسبا، والأشدون برسول الله (ص) نوطا، فإنها كانت أثرة، شحت عليها نفوس قوم، وسخت عنها نفوس آخرين (ك ١٦٢).
٣ - بغض الفئات المعارضة للإمام وأهل بيت الرسول (ص):
والله ما تنقم منا قريش إلا أن الله اختارنا عليهم، فأدخلناهم في حيزنا (خ ٣٣).
أين الذين زعموا أنهم الراسخون في العلم دوننا،كذبا وبغيا علينا،أن رفعنا الله ووضعهم،وأعطاناوحرمهم،وأدخلنا وأخرجهم...إن الأئمة من قريش غرسوا في هذا البطن من هاشم،لاتصلح على سواهم،ولا تصلح الولاة من غيرهم(خ١٤٤).
فدع عنك قريشا وتركاضهم في الضلال، وتجوالهم في الشقاق، وجماحهم في التيه، فإنهم قد أجمعوا على حربي كإجماعهم على حرب رسول الله (ص) قبلي (ر ٣٦ ).
إن هؤلاء قد تمالأوا على سخطة إمارتي... وإنما طلبوا الدنيا حسدا لمن أفاءها الله عليه (خ ١٦٩).
(طلحة والزبير) لقد نقمتما يسيرا، وأرجأتما كثيرا (ك ٢٠٥).
وأما فلانة (عائشة) فأدركها رأي النساء، وضغن غلا في صدرها كمرجل القين، ولو دعيت لتنال من غيري ما أتت إلي لم تفعل (ك ١٥٦)

رابعا:«الإمام ينصح ويمهل أقطاب الفتنة قبل محاربتهم»
١ - نصحه لعامة الناس:
ذمتي بما أقول رهينة، وأنا به زعيم، إن من صرحت له العبر عما بين يديه من المثلات، حجزته التقوى عن تقحم الشبهات، ألا وإن بليتكم قد عادت كهيئتها يوم بعث الله نبيه (ص) (ك ١٦).
أيها الناس، أعينوني على أنفسكم، وأيم الله لأنصفن المظلوم من ظالمه، ولأقودن الظالم بخزامته، حتى أورده منهل الحق وإن كان كارها (ك ١٣٦).
ولو أن الناس حين تنزل بهم النقم، وتزول عنهم النعم، فزعوا إلى ربهم بصدق من نياتهم، ووله من قلوبهم، لرد عليهم كل شارد وأصلح لهم كل فاسد، وإني لأخشى عليكم أن تكونوا في فترة، وقد كانت أمور مضت ملتم فيها ميلة، كنتم فيها عندي غير محمودين، ولئن رد عليكم أمركم إنكم لسعداء، وما علي إلا الجهد (خ ١٧٨).
أيها الناس، إني قد بثثت المواعظ التي وعظ الأنبياء بها أممهم، وأديت إليكم ما أدت الأوصياء إلى من بعدهم، وأدبتكم بسوطي فلم تستقيموا، وحدوتكم بالزواجر فلم تستوسقوا (خ ١٨٢).
٢ - نصحه لأصحاب الجمل (الناكثين):
فارجعا أيها الشيخان عن رأيكما، فإن الآن أعظم أمركما العار، من قبل أن يتجمع العار والنار (ر ٥٤).
أخذ الله بقلوبنا وقلوبكم إلى الحق، وألهمنا وإياكم الصبر، رحم الله رجلا رأى حقا فأعان عليه، أو رأى جورا فرده، وكان عونا بالحق على صاحبه (ك ٢٠٥).
الق الزبير... فقل له: يقول لك ابن خالك: عرفتني بالحجاز، وأنكرتني بالعراق، فما عدا مما بدا (ك ٣١).
ولقد استثبتهما قبل القتال، واستأنيت بهما أمام الوقاع، فغمطا النعمة، وردا العافية (ك ١٣٧).
٣ - نصحه لأهل صفين «القاسطين»:
(إلى معاوية): فاتق الله فيما لديك، وانظر في حقه عليك، وارجع إلى معرفة ما لا تعذر بجهالته، فإن للطاعة أعلاما واضحة، وسبلا نيرة، ومحجة نهجة، وغاية مطلبة، يردها الأكياس، ويخالفها الأنكاس، من نكب عنها جار عن الحق، وخبط في التيه، وغير الله نعمته، وأحل به نقمته، فنفسك نفسك فقد بين الله لك سبيلك، وحيث تناهت بك أمورك، فقد أجريت إلى غاية خسر، ومحلة كفر (ر ٣٠).
(إلى معاوية): فاحذر يوما يغتبط فيه من أحمد عاقبة عمله، ويندم من أمكن الشيطان من قياده فلم يجاذبه (ر ٤٨).
(إلى معاوية): فاتق الله في نفسك، ونازع الشيطان قيادك، واصرف إلى الآخرة وجهك، فهي طريقنا وطريقك، واحذر أن يصيبك الله منه بعاجل قارعة تمس الأصل وتقطع الدابر (ر ٥٥).
(إلى معاوية): أما بعد، فقد آن لك أن تنتفع باللمح الباصر من عيان الأمور، فقد سلكت مدارج أسلافك بادعائك الأباطيل، واقتحامك غرور المين والأكاذيب، وبانتحالك ما قد علا عنك، وابتزازك لما قد اختزن دونك، فرارا من الحق، وجحودا لما هو ألزم لك من لحمك ودمك، مما قد وعاه سمعك، وملئ به صدرك، فما ذا بعد الحق إلا الضلال المبين، وبعد البيان إلا اللبس فاحذر الشبهة واشتمالها على لبستها، فإن الفتنة طالما أغدفت جلابيبها، وأغشت الأبصار ظلمتها... فمن الآن فتدارك نفسك، وانظر لها، فإنك إن فرطت حتى ينهد إليك عباد الله أرتجت عليك الأمور، ومنعت أمرا هو منك اليوم مقبول، والسلام (ر ٦٥).
(عند ما أشار عليه أصحابه بالاستعداد لحرب أهل الشام بعد إرساله جرير بن عبد الله البجلي إلى معاوية ولم ينزل معاوية على بيعته): إن استعدادي لحرب أهل الشام وجرير عندهم، إغلاق للشام، وصرف لأهله عن خير إن أرادوه، ولكن قد وقت لجرير وقتا لا يقيم بعده إلا مخدوعا أو عاصيا، والرأي عندي مع الأناة، فأرودوا، ولا أكره لكم الإعداد (ك ٤٣).
(وقال عليه السلام لأصحابه عند ما استبطأوا إذنه لهم في القتال بصفين): أما قولكم: أكل ذلك كراهية الموت فو الله ما أبالي، دخلت إلى الموت أو خرج الموت إلي. وأما قولكم شكا في أهل الشام، فو الله ما دفعت الحرب يوما إلا وأنا أطمع أن تلحق بي طائفة فتهتدي بي، وتعشوا إلى ضوئي، وذلك أحب إلي من أن أقتلها على ضلالها، وإن كانت تبوء بآثامها (ك ٥٥).
لا تقاتلوهم حتى يبدؤكم، فإنكم بحمد الله على حجة، وترككم إياهم حتى يبدؤكم حجة أخرى لكم عليهم (وص ١٤). (وطلب من أصحابه أن يدعو بهذا الدعاء أيام حرب صفين): اللهم احقن دماءنا ودماءهم، وأصلح ذات بيننا وبينهم، وأهدهم من ضلالتهم، حتى يعرف الحق من جهله، ويرعوي عن الغي والعدوان من لهج به (ك ٢٠٦).
(كتبه إلى أهل الأمصار، يقص فيه ما جرى بينه وبين أهل صفين): وكان بدء أمرنا أنا التقينا والقوم من أهل الشام، والظاهر أن ربنا واحد ونبينا واحد، ودعوتنا في الاسلام واحدة، ولا نستزيدهم في الأيمان بالله والتصديق برسوله ولا يستزيدوننا، الأمر واحد إلا ما اختلفنا فيه من دم عثمان، ونحن منه براء فقلنا: تعالوا نداو ما لا يدرك اليوم بإطفاء النائرة، وتسكين العامة، حتى يشتد الأمر ويستجمع، فنقوى على وضع الحق مواضعه، فقالوا: بل نداويه بالمكابرة فأبوا حتى جنحت الحرب وركدت، ووقدت نيرانها وحمشت، فلما ضرستنا وإياهم، ووضعت مخالبها فينا وفيهم، أجابوا عند ذلك إلى الذي دعوناهم إليه، فأجبناهم إلى ما دعوا، وسارعناهم إلى ما طلبوا، حتى استبانت عليهم الحجة، وانقطعت منهم المعذرة، فمن تم على ذلك منهم فهو الذي أنقذه الله من الهلكة، ومن لج وتمادى فهو الراكس الذي ران الله على قلبه، وصارت دائرة السوء على رأسه (ر ٥٨).
٤ - نصحه للخوارج (المارقين):
فأنا نذير لكم أن تصبحوا صرعى بأثناء هذا النهر، وبأهضام هذا الغائط، على غير بينة من ربكم، ولا سلطان مبين معكم: قد طوحت بكم الدار، واحتبلكم المقدار (خ ٣٦).
فأبوا شر مآب، وأرجعوا على أثر الأعقاب (ك ٥٨).
خامسا:«أسباب تصدي الإمام للفتنة»
١ - الوقوف بوجه الفتنة في مهدها أسهل بكثير من الوقوف بوجهها عند ما تستفحل وتعم وتصبح حقيقة ثابتة:
ثم إنكم معشر العرب أغراض بلايا قد اقتربت، فاتقوا سكرات النعمة، واحذروا بوائق النقمة، وتتبتوا في قتام العشوة، واعوجاج الفتنة عند طلوع جنينها، وظهور كمينها، وانتصاب قطبها، ومدار رحاها، تبدأ في مدارج خفية، وتؤول إلى فظاعة جلية، شبابها كشباب الغلام، وآثارها كآثار السلام، يتوارثها الظلمة بالعهود، أولهم قائد لآخرهم، وآخرهم مقتد بأولهم، يتنافسون في دنيا دنية، ويتكالبون على جيفة مريحة.
وعن قليل يتبرأ التابع من المتبوع، والقائد من المقود، فيتزايلون بالبغضاء، ويتلاعنون عند اللقاء.
ثم يأتي بعد ذلك طالع الفتنة الرجوف، والقاصمة الزحوف، فتزيغ قلوب بعد استقامة، وتضل رجال بعد سلامة، وتختلف الأهواء عند هجومها، وتلتبس الآراء عند نجومها، من أشرف لها قصمته، ومن سعى فيها حطمته، يتكادمون فيها تكادم الحمر في العانة، قد اضطرب معقود الحبل، وعمي وجه الأمر، تغيض فيها الحكمة، وتنطق فيها الظلمة، وتدق أهل البدو بمسحلها، وترضهم بكلكلها، يضيع في غبارها الوحدان، ويهلك في طريقها الركبان، ترد بمر القضاء، وتحلب عبيط الدماء، وتثلم منار الدين، وتنقض عقد اليقين، يهرب منها الأكياس، ويدبرها الأرجاس، مرعاد مبراق، كاشفة عن ساق، تقطع فيها الأرحام، ويفارق عليها الاسلام، بريها سقيم، وظاعنها مقيم (خ ١٥١).
اليوم أنطق لكم العجماء ذات البيان، عزب رأي امرئ تخلف عني، ما شككت في الحق مذ أريته، لم يوجس موسى عليه السلام خيفة على نفسه، بل أشفق من غلبة الجهال ودول الضلال (خ ٤).
٢ - الوقوف بوجه الفتنة - حتى إذا لم يقضي عليها تماما - فإنه سيفضحها، ويكشفها للناس، ويحجم تأثيرها فيهم حاضرا ومستقبلا:
واعلموا أنكم لن تعرفوا الرشد حتى تعرفوا الذي تركه، ولن تأخذوا بميثاق الكتاب حتى تعرفوا الذي نقضه، ولن تمسكوا به حتى تعرفوا الذي نبذه (خ ١٤٧).
اليوم تواقفنا على سبيل الحق والباطل... أقمت لكم على سنن الحق في جواد المضلة، حيث تلتقون ولا دليل، وتحتفرون ولا تميهون (خ ٤).
(إلى معاوية): وأما قولك: إن الحرب قد أكلت العرب إلا حشاشات أنفس بقيت، ألا ومن أكله الحق فإلى الجنة، ومن أكله الباطل فإلى النار (ر ١٧).
أيها الناس، فإني فقأت عين الفتنة... بعد أن ماج غيهبها، واشتد كلبها (خ ٩٣).
غدا ترون أيامي، ويكشف لكم عن سرائري، وتعرفونني بعد خلو مكاني، وقيام غيري مقامي (خ ١٤٩).
(إلى معاوية) أما بعد، فإنا كنا نحن وأنتم على ما ذكرت من الألفة والجماعة، ففرق بيننا وبينكم أمس أنا آمنا وكفرتم، واليوم أنا استقمنا وفتنتم (ر ٦٤).
(آل محمد عليهم السلام) بهم عاد الحق إلى نصابه، وانزاح الباطل عن مقامه، وانقطع لسانه عن منبته (ك ٢٣٩).
فنهضت في تلك الأحداث حتى زاح الباطل وزهق، واطمأن الدين وتنهنه (ر ٦٢).
٣ - عدم التصدي للفتنة من قبل الإمام وفي عهده ستكون نتيجته القضاء على الإسلام والإمام نفسه وأبنائه البررة عليهم السلام، وهذا هو الهدف الأول لأقطاب الفتنة:
حاول القوم إطفاء نور الله من مصباحه، وسد فواره من ينبوعه، وجدحوا بيني وبينهم شربا وبيئا، فإن ترتفع عنا وعنهم محن البلوى، أحملهم من الحق على محضه، وإن تكن الأخرى، «فلا تذهب نفسك عليهم حسرات، إن الله عليم بما يصنعون»(ك ١٦٢).
والله لا أكون كالضبع: تنام على طول اللدم، حتى يصل إليها طالبها، ويختلها راصدها، ولكني أضرب بالمقبل إلى الحق المدبر عنه، وبالسامع المطيع العاصي المريب أبدا، حتى يأتي علي يومي (خ ٦).
فدع عنك قريشا وتركاضهم في الضلال، وتجوالهم في الشقاق، وجماحهم في التيه، فإنهم قد أجمعوا على حربي كإجماعهم على حرب رسول الله (ص) قبلي (ر ٣٦).
ما لي ولقريش والله لقد قاتلتهم كافرين، ولأقاتلنهم مفتونين، وإني لصاحبهم بالأمس، كما أنا صاحبهم اليوم والله ما تنقم منا قريش إلا أن الله اختارنا عليهم، فأدخلناهم في حيزنا (خ ٣٣).
(وقال عليه السلام عند مسير أصحاب الجمل إلى البصرة): إن هؤلاء قد تمالأوا على سخطة أمارتي، وسأصبر ما لم أخف على جماعتكم، فإنهم إن تمموا على فيالة هذا الرأي انقطع نظام المسلمين، وإنما طلبوا هذه الدنيا حسدا لمن أفاءها الله عليه، فأرادوا رد الأمور على أدبارها ولكم علينا العمل بكتاب الله تعالى، وسيرة رسول الله (ص) والقيام بحقه، والنعش لسنته (خ ١٦٩).
ولكنني آس أن يلي أمر هذه الأمة سفهاؤها وفجارها، فيتخذوا مال الله دولا، وعباده خولا، والصالحين حربا، والفاسقين حزبا، فإن منهم الذي قد شرب فيكم الحرام، وجلد حدا في الإسلام، وإن منهم من لم يسلم حتى رضخت له الرضائخ، فلو لا ذلك ما أكثرت تأليبكم وتأنيبكم، وجمعكم وتحريضكم، ولتركتم إذ أبيتم وونيتم (ر ٦٢).
ألا وقد قطعتم قيد الاسلام، وعطلتم حدوده، وأمتم أحكامه (خ ١٩٢).
ألا وإن الشيطان قد ذمر حزبه، واستجلب جلبه، ليعود الجور إلى أوطانه، ويرجع الباطل إلى نصابه (خ ٢٢).
استعدوا للمسير إلى قوم حيارى عن الحق لا يبصرونه، وموزعين بالجور لا يعدلون به، جفاة عن الكتاب، نكب عن الطريق (ك ١٢٥).
٤ - توفر الأعوان للإمام في بداية الأمر لم يدع له عليه السلام عذرا في عدم التصدي للفتنة:
(إلى معاوية): وأنا مرقل نحوك في جحفل من المهاجرين والأنصار، والتابعين لهم بإحسان، شديد زحامهم، ساطع قتامهم، متسربلين سرابيل الموت، أحب اللقاء إليهم لقاء ربهم، وقد صحبتهم ذرية بدرية، وسيوف هاشمية، قد عرفت مواقع نصالها في أخيك وخالك وجدك وأهلك «وما هي من الظالمين ببعيد» (ر ٢٨).
(ولكن عند ما قتل من خيار أصحابه الكثير وتخاذل أكثر الباقين قال عليه السلام): أين القوم الذي دعوا إلى

الإسلام فقبلوه، وقرأوا القرآن فأحكموه، وهيجوا إلى الجهاد فولهوا وله اللقاح إلى أولادها، وسلبوا السيوف أغمادها، وأخذوا بأطراف الأرض زحفا زحفا، وصفا صفا، بعض هلك، وبعض نجا... أولئك إخواني الذاهبون، فحق لنا أن نظمأ إليهم، ونعض الأيدي على فراقهم (خ ١٢١).
ما ضر إخواننا الذين سفكت دماؤهم - وهم بصفين - ألا يكونوا اليوم أحياء يسيغون الغصص ويشربون الرنق... أين إخواني الذين ركبوا الطريق، ومضوا على الحق، أين عمار وأين ابن التيهان وأين ذو الشهادتين وأين نظراؤهم من إخوانهم الذين تعاقدوا على المنية... دعوا للجهاد فأجابوا، ووثقوا بالقائد فاتبعوه (خ ١٨٢).
وأما استواؤنا في الحرب والرجال فلست بأمضى على الشك مني على اليقين، وليس أهل الشام بأحرص على الدنيا من أهل العراق على الآخرة (ر ١٧).
أنتم الأنصار على الحق، والاخوان في الدين، والجنن يوم البأس، والبطانة دون الناس، بكم أضرب المدبر، وأرجو طاعة المقبل، فأعينوني بمناصحة خلية من الغش، سليمة من الريب، فو الله إني لأولى الناس بالناس (ك ١١٨).
(قاله لما اضطرب عليه أصحابه في أمر الحكومة): أيها الناس، إنه لم يزل أمري معكم على ما أحب، حتى نهكتكم الحرب (ك ٢٠٨).
(بعد ما بويع بالخلافة، وقد قال له قوم من الصحابة: لو عاقبت قوما ممن أجلب على عثمان فقال عليه السلام):
... إن الناس من هذا الأمر - إذا حرك - على أمور: فرقة ترى ما ترون، وفرقة ترى ما لا ترون، وفرقة لا ترى هذا ولا ذاك (ك ١٦٨).
(إلى أهل الكوفة بعد فتح البصرة): وجزاكم الله من أهل مصر عن أهل بيت نبيكم أحسن ما يجزي العاملين بطاعته، والشاكرين لنعمته، فقد سمعتم وأطعتم، ودعيتم فأجبتم (ر ٢).
وقد رأيت جولتكم، وانحيازكم عن صفوفكم، تحوزكم الجفاة الطغام، وأعراب أهل الشام، وأنتم لهاميم العرب، ويآفيخ الشرف، والأنف المقدم، والسنام الأعظم، ولقد شفى وحاوح صدري أن رأيتكم بأخرة تحوزونهم كما حازوكم، وتزيلونهم عن مواقفهم كما أزالوكم، جسا بالنصال، وشجرا بالرماح، تركب أولاهم أخراهم كالإبل الهيم المطرودة، ترمى عن حياضها، وتذاد عن مواردها (ك ١٠٧).
٥ - الواجب الشرعي يحتم قتال الناكثين والمارقين والقاسطين، وأولئك الذين يثيرون الفتن في البلاد الاسلامية، والذين يقتلون الناس بغير حق:
ألا وقد أمرني الله بقتال أهل البغي والنكث والفساد في الأرض، فأما الناكثون فقد قاتلت، وأما القاسطون فقد جاهدت، وأما المارقة فقد دوخت، وأما شيطان الردهة فقد كفيته بصعقة سمعت لها وجبة قلبه ورجة صدره (خ ١٩٢).
وأما ما سألت عنه من رأيي في القتال، فإن رأيي قتال المحلين حتى ألقى الله (ر ٣٦).
ولقد ضربت أنف هذا الأمر وعينه، وقلبت ظهره وبطنه، فلم أر لي فيه إلا القتال أو الكفر بما جاء به محمد (ص) (ك ٤٣).
إنه بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان على ما بايعوهم عليه، فلم يكن للشاهد أن يختار، ولا للغائب أن يرد، وإنما الشورى للمهاجرين والأنصار، فإن اجتمعوا على رجل وسموه إماما كان ذلك لله رضى، فإن خرج عن أمرهم خارج بطعن أو بدعة ردوه إلى ما خرج منه، فإن أبى قاتلوه على اتباعه غير سبيل المؤمنين، وولاه الله ما تولى (ر ٦).
أيها الناس، إن أحق الناس بهذا الأمر أقواهم عليه، وأعلمهم بأمر الله فيه، فإن شغب شاغب استعتب، فإن أبى قوتل، ولعمري، لئن كانت الإمامة لا تنعقد حتى يحضرها عامة الناس، فما إلى ذلك سبيل، ولكن أهلها يحكمون على من غاب عنها، ثم ليس للشاهد أن يرجع، ولا للغائب أن يختار، ألا وإني أقاتل رجلين: رجلا ادعى ما ليس له، وآخر منع الذي عليه (خ ١٧٣).
(إلى عمرو بن العاص): فإنك قد جعلت دينك تبعا لدنيا امرئ ظاهر غيه، مهتوك ستره، يشين الكريم بمجلسه، ويسفه الحليم بخلطته، فاتبعت أثره، وطلبت فضله، اتباع الكلب للضرغام، يلوذ بمخالبه، وينتظر ما يلقى إليه من فضل فريسته، فأذهبت دنياك وآخرتك ولو بالحق أخذت أدركت ما طلبت، فإن يمكنني الله منك ومن ابن أبي سفيان أجزكما بما قدمتما، وإن تعجزا وتبقيا فما أمامكما شر لكما، والسلام (ر ٣٩).
وإن كنتما بايعتماني كارهين، فقد جعلتما لي عليكما السبيل باظهاركما الطاعة، وإسراركما المعصية، ولعمري ما كنتما بأحق المهاجرين بالتقية والكتمان (ر ٥٤).
٦ - الجرائم الكبيرة التي ارتكبها أقطاب الفتنة لا يمكن أن تترك بدون عقاب من قبل خليفة المسلمين:
(في ذكر السائرين إلى البصرة لحربه عليه السلام): فقدموا على عمالي وخزان بيت المسلمين الذي في يدي، وعلى أهل مصر، كلهم في طاعتي وعلى بيعتي، فشتتوا كلمتهم، وأفسدوا علي جماعتهم، ووثبوا على شيعتي، فقتلوا طائفة منهم غدرا، وطائفة عضوا على أسيافهم، فضاربوا بها حتى لقوا الله صادقين (ح ٢١٨).
فقدموا على عاملي بها (البصرة) وخزان بيت مال المسلمين وغيرهم من أهلها، فقتلوا طائفة صبرا، وطائفة غدرا، فو الله لو لم يصيبوا من المسلمين إلا رجلا واحدا معتمدين لقتله، بلا جرم جره، لحل لي قتل ذلك الجيش كله، إذ حضروه فلم ينكروا، ولم يدفعوا عنه بلسان ولا بيد، دع ما أنهم قد قتلوا من المسلمين مثل العدة التي دخلوا بها عليهم (خ ١٧٢).
(في شأن طلحة والزبير): اللهم إنهما قطعاني وظلماني، ونكثا بيعتي، وألبا الناس علي (ك ١٣٧).
فخرجوا يجرون حرمة رسول الله (ص) كما تجر الأمة عند شرائها، متوجهين بها إلى البصرة، فحبسا نساءهما في بيوتهما، وأبرزا حبيس رسول الله (ص) لهما ولغيرهما في جيش ما منهم رجل إلا وقد أعطاني الطاعة، وسمح لي بالبيعة طائعا غير مكره (خ ١٧٢).
ألا ترون إلى أطرافكم قد انتقصت، وإلى أمصاركم قد افتتحت، وإلى ممالككم تزوى، وإلى بلادكم تغزى (ر ٦٢).
حتى شنت عليكم الغارات، وملكت عليكم الأوطان، وهذا أخو غامد وقد وردت خيله الأنبار، وقد قتل حسان بن حسان البكري، وأزال خيلكم عن مسالحها، ولقد بلغني أن الرجل منهم كان يدخل على المرأة المسلمة، والأخرى المعاهدة، فينتزع حجلها وقلبها وقلائدها ورعثها، ما تمتنع منه إلا بالاسترجاع والاسترحام، ثم انصرفوا وافرين... فلو أن امرأ مسلما مات من بعد هذا أسفا ما كان به ملوما، بل كان عندي جديرا (خ ٢٧).
زرعوا الفجور، وسقوه الغرور، وحصدوا الثبور (خ ٢).
(إلى معاوية): وأرديت جيلا من الناس كثيرا، خدعتهم بغيك، وألقيتهم في موج بحرك، تغشاهم الظلمات، وتتلاطم بهم الشبهات، فجازوا عن وجهتهم، ونكصوا على أعقابهم، وتولوا على أدبارهم، وعولوا على أحسابهم (ر ٣٢).
(إلى زياد بن أبيه): وقد عرفت أن معاوية كتب إليك يستزل لبك، ويستفل غربك، فاحذره، فإنما هو الشيطان (ر ٤٤).
٧ - الامام بصفته المثل الأعلى للقيادة الاسلامية بعد رسول الله (ص) لا بد له أن يتصدى للفتنة ولا يداهن أو يتوان عن ذلك قيد شعرة وإلا فإنه سيفقد خاصية المثل الأعلى، ولن تغفر له الأجيال ذلك بالإضافة إلى حرمان الأجيال من قدوة في مجال التصدي للفتن التي تعصف بالبلاد الاسلامية:
أما والله إن كنت لفي ساقتها، حتى تولت بحذافيرها ما عجزت ولا جبنت، وإن مسيري هذا لمثلها، فلأنقبن الباطل حتى يخرج الحق من جنبه (خ ٣٣).
وأيم الله، لقد كنت من ساقتها حتى تولت بحذافيرها، واستوسقت في قيادها، ما ضعفت، ولا جبنت، ولا خنت، ولا وهنت، وأيم الله، لأبقرن الباطل حتى أخرج الحق من خاصرته (خ ١٠٤).
ولعمري ما علي من قتال من خالف الحق، وخابط الغي من إدهان ولا إيهان (خ ٢٤).
أنت فكن ذاك إن شئت، فأما أنا فو الله دون أن أعطي ذلك ضرب بالمشرفية تطير منه فراش الهام، وتطيح السواعد والأقدام، ويفعل الله بعد ذلك ما يشاء (خ ٣٤).
وأما ما سألت عنه من رأيي في القتال، فإن رأيي قتال المحلين حتى ألقى الله، لا يزيدني كثرة الناس حولي عزة، ولا تفرقهم عني وحشة، ولا تحسبن ابن أبيك - ولو أسلمه الناس - متضرعا متخشعا، ولا مقرا للضيم واهنا، ولا سلس الزمام للقائد، ولا وطئ الظهر للراكب المتقعد، ولكنه كما قال أخو بني سليم:
فإن تسأليني كيف أنت فإنني * صبور على ريب الزمان صليب يعز علي أن ترى بي كآبة * فيشمت عاد أو يساء حبيب (ر ٣٦).
فقمت بالأمر حين فشلوا، وتطلعت حين تقبعوا، ونطقت حين تعتعوا، ومضيت بنور الله حين وقفوا، وكنت أخفضهم صوتا، وأعلاهم فوتا، فطرت بعنانها، واستبددت برهانها، كالجبل لا تحركه القواصف، ولا تزيله العواصف، لم يكن لأحد في مهمز، ولا لقائل في مغمز، الذليل عندي عزيز حتى آخذ الحق له، والقوي عندي ضعيف حتى آخذ الحق منه، رضينا عن الله قضاءه، وسلمنا لله أمره (ك ٣٧).
أيها الناس، فإني فقأت عين الفتنة، ولم يكن ليجترئ عليها أحد غيري (خ ٩٣).
غدا ترون أيامي، ويكشف لكم عن سرائري، وتعرفونني بعد خلو مكاني، وقيام غيري مقامي (خ ١٤٩).
وإني لعالم بما يصلحكم، ويقيم أودكم، ولكني لا أرى إصلاحكم بإفساد نفسي (ك ٦٩).
٨ - الامام عليه السلام مرصود ومأمور من قبل النبي (ص) لمواجهة الفتنة وفضحها:
(قد قام إليه رجل - وهو يخطب - فقال: يا أمير المؤمنين: أخبرنا عن الفتنة، وهل سألت رسول الله (ص) عنها فقال عليه السلام): إنه لما أنزل الله سبحانه قوله:
«ألم. أ حسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون» علمت أن الفتنة لا تنزل بنا ورسول الله (ص) بين أظهرنا. فقلت: يا رسول الله ما هذه الفتنة التي أخبرك الله تعالى بها فقال:
«يا علي، إن أمتي سيفتنون من بعدي»فقلت: يا رسول الله، أوليس قد قلت لي يوم أحد حيث استشهد من استشهد من المسلمين وحيزت عني الشهادة، فشق ذلك علي، فقلت لي:
«أبشر، فإن الشهادة من ورائك»فقال لي:
«إن ذلك لكذلك، فكيف صبرك إذن» فقلت: يا رسول الله: ليس هذا من مواطن الصبر، ولكن من مواطن البشرى والشكر. وقال:
«يا علي، إن القوم سيفتنون بأموالهم، ويمنون بدينهم على ربهم، ويتمنون رحمته، ويأمنون سطوته، ويستحلون حرامه بالشبهات الكاذبة، والأهواء الساهية، فيستحلون الخمر بالنبيذ، والسحت بالهدية، والربا بالبيع» قلت: يا رسول الله، فبأي المنازل أنزلهم عند ذلك أبمنزلة ردة أم بمنزلة فتنة فقال:
«بمنزلة فتنة»(خ ١٥٦).

يتبع ......

****************************