الشيخ صادق نجمي
١ ـ خصم علي خصم الله:
عن أبي ذر رضي الله عنه قال: نزلت (هذا خصمان اختصموا في ربهم) في ستة من قريش: علي، وحمزة، وعبيدة بن الحارث، وشيبة بن ربيعة، وعتبة بن ربيعة، والوليد ابن عتبة) وأيضا..(قيس بن عباد عن علي رض الله عنه: فينا نزلت هذه الآية (هذا خصمان اختصموا في ربهم). (صحيح البخاري ج ٥ باب قتل أبي جهل و ج ٦ تفسير سورة الحج).
٢ ـ حب علي إيمان وبغضه نفاق:
عن عدي بن ثابت، عن ذر قال: قال علي: والذي فلق الحبة وبرء النسمة إنه لعهد النبي الأمي إلي: أن لا يحبني إلا مؤمن، ولا يبغضني إلا منافق. (صحيح مسلم ج ١ كتاب الإيمان باب إن حب الأنصار وعلي من الإيمان).
٣ ـ صلاة علي صلاة رسول الله:
(عن مطرف عن عمران بن حصين قال: صلى مع علي بالبصرة، فقال: ذكرنا هذا الرجل صلاة نصليها مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) فذكر أنه كان يكبر كلما رفع وكلما وضع). (صحيح البخاري ج ١ كتاب الصلاة باب إتمام التكبير في الركوع، وباب إتمام التكبير في السجود. وصحيح مسلم ج ٢ كتاب الصلاة باب إثبات التكبير في كل خفض ورفع). وقد اختلفت رواية مسلم عن رواية البخاري اختلافا طفيفا.
٤ ـ أبو تراب .. لقب خلعه النبي عليه:
عن أبي حازم أن رجلا جاء إلى سهل بن سعد فقال: هذا فلان (أمير المدينة) يدعو عليا عند المنبر قال: فيقول له أبو تراب، فضحك، قال: والله ما سماه إلا النبي وما كان له أسم أحب إليه منه). (صحيح البخاري ج ١ كتاب الصلاة باب نوم الرجل في المسجد، وج ٤ باب مناقب علي بن أبي طالب، وكتاب الأدب باب التّكني بأبي تراب، وج ٨ كتاب الاستئذان باب القائلة في المسجد. وصحيح مسلم ج ٧ كتاب فضائل الصحابة باب فضائل علي بن أبي طالب).
٥ ـ علي أقضى الناس:
روى البخاري عن ابن عباس: أن عمر بن الخطاب قال: (وأقضانا علي) (صحيح البخاري ج ٦ كتاب التفسير تفسير ما ننسخ من آية).
وقد اقتبس الخليفة ذكره لهذه الفضيلة لعلي، من رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي طالما كان يردد هذه الفضيلة له (عليه السلام) معلنا عن أن عليا بن أبي طالب (عليه السلام) أقضى الناس، بقوله تارة (أقضاهم علي) [١] وتارة أخرى (أقضاها علي) [٢] .
وأن ما ينبغي أن يفهم بجلاء هو: أن ينال إنسان رتبة (أقضى الناس) فإن ذلك يستدعي، فضلا عن التقوى والورع، أنه كون قد بلغ أعلى المراحل العلمية وأمسى درجاتها إذ القضاء، وعلى هذا المستوى، دون الاستناد إلى خلفية علمية ضخمة وقوية، لا يتسنى لأي فرد من الأفراد مهما بلغ من الذكاء والنبوغ.
وإذا كان الأمر كذلك، فإن ذلك يعني: أن عليا (عليه السلام) ـ وخروجا بهذا الاستنتاج النطقي المستمد من شهادة رسول الله (صلى الله عليه وآله) بحقه ـ لم يكن أقضاهم فحسب، بل كان أعلمهم على الإطلاق، وأكثرهم ورعا وتقوى أيضا.
٦ ـ حديث الراية:
(عن سهل بن سعد قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله) يوم خيبر: لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، فبات الناس ليلتهم أيهم يعطى فغدوا كلهم يرجوه فقال: أين علي؟ فقيل: يشتكي عينيه فبصق في عينيه ودعى له فبرء، كأن لم يكن به وجع، فأعطاه. فقال: أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ فقال: أنفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم فوالله لأن يهدي الله بك رجلا خير لك من أن يكون لك حمر النعم). (صحيح البخاري ج ٤ كتاب الجهاد باب ما قيل في لواء النبي، وباب فضل من أسلم على يديه رجل، وكتاب بدء الخلق باب لمناقب علي، وباب غزوة خيبر، وصحيح مسلم ج ٧ كتاب فضائل الصحابة باب فضائل علي، وكتاب الجهاد والسير باب غزوة ذي قرد).
وقد أخرج مسلم الحديث بهذا النص أيضا:
(عن أبي هريرة: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال يوم خيبر: لأعطين هذه الراية رجلا يحب الله ورسوله، يفتح الله على يديه، قال عمر بن الخطاب: ما أحببت الإمارة إلا يومئذ قال: فتساورت لها رجاء أن أدعى لها قال: فدعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) علي بن أبي طالب فأعطاه إياها وقال: امش ولا تلتفت حتى يفتح الله عليك، قال: فسار علي شيئا ثم وقف ولم يلتفت، فصرخ: يا رسول الله على ماذا أقاتل الناس؟ قال: قاتلهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، وأن محمد رسول الله ، فإذا فعلوا ذلك فقد منعوا منك دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله). (صحيح مسلم ج ٧ كتاب الفضائل باب فضائل علي بن أبي طالب).
٧ ـ حديث المنزلة:
(عن مصعب بن سعد عن أبيه: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) خرج إلى تبوك واستخلف عليا. فقال: أتخلفني في الصبيان والنساء؟ قال (صلى الله عليه وآله) : (ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه ليس نبي بعدي). (صحيح البخاري ج ٤ كتاب بدء الخلق باب غزوة تبوك، وباب مناقب علي بن أبي طالب ن وصحيح مسلم ج ٧ كتاب فضائل الصحابة باب فضائل علي بن أبي طالب).
وهذا الحديث متفق عليه بين الطائفتين الإسلاميتين الكبيرتين: السنة والشيعة ولم ينكره أحد من المسلمين، حتى أن معاوية وهو ألد خصوم علي (عليه السلام) لم يجد ـ في حديث سعد بن أبي وقاص ـ إلى إنكاره سبيلا، وأقره عليه.
وقد شبه النبي (صلى الله عليه وآله) خلافة علي (عليه السلام) له، بخلافة هارون لموسى فهي: هي لا تختلف عنها في شيئ سوى النبوة التي ختمها النبي (صلى الله عليه وآله).
وهذا التشبيه من رسول الله (صلى الله عليه وآله) لمكانة علي منه، بمكانة هارون من موسى، يثبت لعلي:
١ ـ الوزارة: فكما أن هارون وزير لموسى (عليه السلام) بنص القرآن حيث قال ـ مما اقتص من خبر موسى ـ (واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي) [٣] فإن عليا (عليه السلام) كان وزيرا لرسول الله (صلى الله عليه وآله).
٢ ـ الخلافة: حيث قال موسى وهو ذاهب لميقات، ربه (وقال موسى لأخيه هارون أخلفني في قومي) [٤] فصار هارون خليفة لأخيه، وزعيم قومه من بعد موسى، الذي أوجب طاعته على قومه وألزمهم بالإذعان إليه.
ووفقا لحديث المنزلة. وبملاحظة ما ذكر، فإن عليا (عليه السلام) هو الخليفة من بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وولي الأمر من بعده.
٣ ـ الوصاية: مرت الإشارة، إلى أن هارون خلف أخاه موسى في قومه وهو على قيد الحياة، ولو قدر لهارون أن تستمر حياته إلى ما بعد موسى لكان ـ يقينا ـ يتولى الوصاية عنه والخلافة بعده، لكن المنية وافته قبل موسى.
ومن هنا نستنتج: أن عليا (عليه السلام) كان يستحق منصب الوصاية لرسول الله (صلى الله عليه وآله) أيضا.
٤ ـ المؤازرة: وأحد المناصب التي كان يتمتع بها هارون هو: مؤازرته لموسى واشتراكه في أمره من قبل الله، وقد ذكر القرآن الكريم، أن موسى قد التمس هذا المنصب لأخيه، من الله وقال: (أشدد به أزري وأشركه في أمري) [٥] فكان الجواب الإلهي: (قال قد أوتيت سؤلك يا موسى) [٦] .
ووفقا لنص حديث المنزلة الصريح، فإن عليا (عليه السلام) هو الآخر كان شريكا لرسول الله (صلى الله عليه وآله) في أمره ومؤازرته له فيه، لا بنبوّته، بل بخلافته بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله).
ومن هنا نفهم: أن الحديث المذكور يرمي إلى القول، بأن عليا في حياته وموته أفضل الأمة وأقربها إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكما كان على بني إسرائيل أن يسمعوا ويطيعوا لهارون خليفة موسى، كان على المسلمين أن يعظموا شأن علي في حياة رسول الله، وينصبوه خليفة له بعد وفاته (صلى الله عليه وآله).
تنويه: يتصور بعض الكتاب من الأخوة السنة وعلمائهم، أن قولة النبي لعلي : (أنت مني بمنزلة هارون من موسى) لا عموم فيها، خاصة بموردها ولم يردد أكثر من مرة واحدة، وذلك حين استخلفه في غزوة تبوك على المدينة.
بينما الواقع غير هذا.... فإن الأدلة والقرائن المتوفرة تشير إلى أن النبي (صلى الله عليه وآله) قد كرر هذه العبارة أكثر من ست مرات في خضم حياته الكريمة، وليس مرة واحدة، ولم يختص الحديث بغزوة تبوك [٧] .