وقال (عليه السلام): ما أَنْقَضَ النَّوْمَ لِعَزَائِمِ الْيَوْمِ.                
وقال (عليه السلام): يَهْلِكُ فِيَّ رَجُلاَنِ: مُحِبٌّ مُفْرِطٌ، وَبَاهِتٌ مُفْتَر.                
وقال (عليه السلام): عَلامةُ الاِْيمَانِ أَنْ تُؤثِرَ الصِّدْقَ حَيْثُ يَضُرُّكَ عَلَى الْكَذِبِ حَيْثُ يَنْفَعُكَ،أَنْ يَكُونَ فِي حَديِثِكَ فَضْلٌ عَنْ عِلْمِكَ، وَأَنْ تَتَّقِيَ اللهَ فِي حَدِيثِ غَيْرِكَ.                
وقال (عليه السلام) : هَلَكَ فِي رَجُلاَنِ: مُحِبٌّ غَال ، وَمُبْغِضٌ قَال .                
وقال (عليه السلام): أَشَدُّ الذُّنُوبِ مَا اسْتَخَفَّ بِهِ صَاحِبُهُ.                
وقال (عليه السلام): لَيْسَ بَلَدٌ بأَحَقَّ بِكَ مِنْ بَلَد، خَيْرُ الْبِلاَدِ مَا حَمَلَكَ.                
وقال (عليه السلام): اذْكُرُوا انْقِطَاعَ الَّلذَّاتِ، وَبَقَاءَ التَّبِعَاتِ.                

Search form

نـهج البـــــــــلاغـة
إرسال الی صدیق
١ - و من خطبة له (عليه السلام) يذكر فيها ابتداء خلق السماء و الأرض و خلق آدم و فيها ...

خطب أمير المؤمنين (عليه السلام‏)

باب المختار من خطب أمير المؤمنين (عليه السلام) و أوامره و يدخل في ذلك المختار من كلامه الجاري مجرى الخطب في المقامات المحظورة و المواقف المذكورة و الخطوب الواردة

و من خطبة له (عليه السلام) يذكر فيها ابتداء خلق السماء و الأرض و خلق آدم و فيها ذكر الحج و تحتوي على حمد الله و خلق العالم و خلق الملائكة و اختيار الأنبياء و مبعث النبي و القرآن و الأحكام الشرعية

 

١- الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَا يَبْلُغُ مِدْحَتَهُ الْقَائِلُونَ وَ لَا يُحْصِي نَعْمَاءَهُ الْعَادُّونَ وَ لَا يُؤَدِّي حَقَّهُ الْمُجْتَهِدُونَ الَّذِي لَا يُدْرِكُهُ بُعْدُ الْهِمَمِ وَ لَا يَنَالُهُ غَوْصُ الْفِطَنِ الَّذِي لَيْسَ لِصِفَتِهِ حَدٌّ مَحْدُودٌ وَ لَا نَعْتٌ مَوْجُودٌ وَ لَا وَقْتٌ مَعْدُودٌ وَ لَا أَجَلٌ مَمْدُودٌ فَطَرَ[١] الْخَلَائِقَ بِقُدْرَتِهِ وَ نَشَرَ الرِّيَاحَ بِرَحْمَتِهِ وَ وَتَّدَ[٢] بِالصُّخُورِ مَيَدَانَ[٣] أَرْضِهِ:

أَوَّلُ الدِّينِ مَعْرِفَتُهُ وَ كَمَالُ مَعْرِفَتِهِ التَّصْدِيقُ بِهِ وَ كَمَالُ التَّصْدِيقِ بِهِ تَوْحِيدُهُ وَ كَمَالُ تَوْحِيدِهِ الْإِخْلَاصُ لَهُ وَ كَمَالُ الْإِخْلَاصِ لَهُ نَفْيُ الصِّفَاتِ عَنْهُ لِشَهَادَةِ كُلِّ صِفَةٍ أَنَّهَا غَيْرُ الْمَوْصُوفِ وَ شَهَادَةِ كُلِّ مَوْصُوفٍ أَنَّهُ غَيْرُ الصِّفَةِ فَمَنْ وَصَفَ اللَّهَ سُبْحَانَهُ فَقَدْ قَرَنَهُ وَ مَنْ قَرَنَهُ فَقَدْ ثَنَّاهُ وَ مَنْ ثَنَّاهُ فَقَدْ جَزَّأَهُ وَ مَنْ جَزَّأَهُ فَقَدْ جَهِلَهُ ٧٣ وَ مَنْ‏ جَهِلَهُ فَقَدْ أَشَارَ إِلَيْهِ وَ مَنْ أَشَارَ إِلَيْهِ فَقَدْ حَدَّهُ وَ مَنْ حَدَّهُ فَقَدْ عَدَّهُ وَ مَنْ قَالَ فِيمَ فَقَدْ ضَمَّنَهُ وَ مَنْ قَالَ عَلَا مَ فَقَدْ أَخْلَى مِنْهُ: كَائِنٌ‏ [٤] لَا عَنْ حَدَثٍ مَوْجُودٌ لَا عَنْ عَدَمٍ مَعَ كُلِّ شَيْ‏ءٍ لَا بِمُقَارَنَةٍ وَ غَيْرُ كُلِّ شَيْ‏ءٍ لَا بِمُزَايَلَةٍ [٥] فَاعِلٌ لَا بِمَعْنَى الْحَرَكَاتِ وَ الْآلَةِ بَصِيرٌ إِذْ لَا مَنْظُورَ إِلَيْهِ مِنْ خَلْقِهِ مُتَوَحِّدٌ إِذْ لَا سَكَنَ يَسْتَأْنِسُ بِهِ وَ لَا يَسْتَوْحِشُ لِفَقْدِهِ‏

خلق العالم‏

١- أَنْشَأَ الْخَلْقَ إِنْشَاءً وَ ابْتَدَأَهُ ابْتِدَاءً بِلَا رَوِيَّةٍ أَجَالَهَا[٦] وَ لَا تَجْرِبَةٍ اسْتَفَادَهَا وَ لَا حَرَكَةٍ أَحْدَثَهَا وَ لَا هَمَامَةِ[٧]  نَفْسٍ اضْطَرَبَ فِيهَا أَحَالَ الْأَشْيَاءَ لِأَوْقَاتِهَا وَ [لَاءَمَ‏][٨] لَأَمَ بَيْنَ مُخْتَلِفَاتِهَا وَ غَرَّزَ[٩] غَرَائِزَهَا وَ أَلْزَمَهَا أَشْبَاحَهَا عَالِماً بِهَا قَبْلَ ابْتِدَائِهَا مُحِيطاً بِحُدُودِهَا وَ انْتِهَائِهَا عَارِفاً بِقَرَائِنِهَا وَ أَحْنَائِهَا:[١٠] ثُمَّ أَنْشَأَ سُبْحَانَهُ فَتْقَ الْأَجْوَاءِ وَ شَقَّ الْأَرْجَاءِ وَ سَكَائِكَ‏[١١] الْهَوَاءِ فَأَجْرَى فِيهَا مَاءً مُتَلَاطِماً تَيَّارُهُ‏[١٢] مُتَرَاكِماً زَخَّارُهُ[١٣] حَمَلَهُ عَلَى مَتْنِ الرِّيحِ الْعَاصِفَةِ وَ الزَّعْزَعِ[١٤] الْقَاصِفَةِ فَأَمَرَهَا بِرَدِّهِ وَ سَلَّطَهَا عَلَى شَدِّهِ وَ قَرَنَهَا إِلَى حَدِّهِ الْهَوَاءُ مِنْ تَحْتِهَا فَتِيقٌ‏[١٥] وَ الْمَاءُ مِنْ فَوْقِهَا دَفِيقٌ‏[١٦] ثُمَّ أَنْشَأَ سُبْحَانَهُ رِيحاً اعْتَقَمَ مَهَبَّهَا[١٧] وَ أَدَامَ مُرَبَّهَا[١٨] وَ أَعْصَفَ مَجْرَاهَا وَ أَبْعَدَ مَنْشَأَهَا فَأَمَرَهَا بِتَصْفِيقِ‏[١٩] الْمَاءِ الزَّخَّارِ وَ إِثَارَةِ مَوْجِ الْبِحَارِ فَمَخَضَتْهُ‏[٢٠] مَخْضَ‏ السِّقَاءِ وَ عَصَفَتْ بِهِ عَصْفَهَا بِالْفَضَاءِ تَرُدُّ أَوَّلَهُ [عَلَى‏] إِلَى آخِرِهِ وَ سَاجِيَهُ[٢١] [عَلَى‏] إِلَى مَائِرِهِ‏[٢٢] حَتَّى عَبَّ عُبَابُهُ وَ رَمَى بِالزَّبَدِ رُكَامُهُ[٢٣] فَرَفَعَهُ فِي هَوَاءٍ مُنْفَتِقٍ وَ جَوٍّ مُنْفَهِقٍ[٢٤] فَسَوَّى مِنْهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ جَعَلَ سُفْلَاهُنَّ مَوْجاً مَكْفُوفاً[٢٥] وَ عُلْيَاهُنَّ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَ سَمْكاً مَرْفُوعاً بِغَيْرِ عَمَدٍ يَدْعَمُهَا وَ لَا دِسَارٍ[٢٦] [يَنْتَظِمُهَا] يَنْظِمُهَا ثُمَّ زَيَّنَهَا بِزِينَةِ الْكَوَاكِبِ وَ ضِيَاءِ الثَّوَاقِبِ‏[٢٧] وَ أَجْرَى فِيهَا سِراجاً مُسْتَطِيرا[٢٨] وَ قَمَراً مُنِيراً فِي فَلَكٍ دَائِرٍ وَ سَقْفٍ سَائِرٍ وَ رَقِيمٍ[٢٩] مَائِرٍ.

خلق الملائكة

١- ثُمَّ فَتَقَ مَا بَيْنَ السَّمَوَاتِ الْعُلَا فَمَلَأَهُنَّ أَطْوَاراً مِنْ مَلَائِكَتِهِ مِنْهُمْ سُجُودٌ لَا يَرْكَعُونَ وَ رُكُوعٌ لَا يَنْتَصِبُونَ وَ صَافُّونَ[٣٠] لَا يَتَزَايَلُونَ[٣١] وَ مُسَبِّحُونَ‏ لا يَسْأَمُونَ‏ لَا يَغْشَاهُمْ نَوْمُ الْعُيُونِ وَ لَا سَهْوُ الْعُقُولِ وَ لَا فَتْرَةُ الْأَبْدَانِ وَ لَا غَفْلَةُ النِّسْيَانِ وَ مِنْهُمْ أُمَنَاءُ عَلَى وَحْيِهِ وَ أَلْسِنَةٌ إِلَى رُسُلِهِ وَ مُخْتَلِفُونَ بِقَضَائِهِ وَ أَمْرِهِ وَ مِنْهُمُ الْحَفَظَةُ لِعِبَادِهِ وَ السَّدَنَةُ[٣٢] لِأَبْوَابِ جِنَانِهِ وَ مِنْهُمُ الثَّابِتَةُ فِي الْأَرَضِينَ السُّفْلَى أَقْدَامُهُمْ وَ الْمَارِقَةُ مِنَ السَّمَاءِ الْعُلْيَا أَعْنَاقُهُمْ وَ الْخَارِجَةُ مِنَ الْأَقْطَارِ أَرْكَانُهُمْ وَ الْمُنَاسِبَةُ لِقَوَائِمِ الْعَرْشِ أَكْتَافُهُمْ نَاكِسَةٌ دُونَهُ أَبْصَارُهُمْ مُتَلَفِّعُونَ[٣٣] تَحْتَهُ بِأَجْنِحَتِهِمْ مَضْرُوبَةٌ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ مَنْ دُونَهُمْ حُجُبُ الْعِزَّةِ وَ أَسْتَارُ الْقُدْرَةِ لَا يَتَوَهَّمُونَ رَبَّهُمْ بِالتَّصْوِيرِ- وَ لَا يُجْرُونَ عَلَيْهِ صِفَاتِ الْمَصْنُوعِينَ وَ لَا يَحُدُّونَهُ بِالْأَمَاكِنِ وَ لَا يُشِيرُونَ إِلَيْهِ بِالنَّظَائِرِ

صفة خلق آدم عليه السلام‏

١- ثُمَّ جَمَعَ سُبْحَانَهُ مِنْ حَزْنِ الْأَرْضِ[٣٤] وَ سَهْلِهَا وَ عَذْبِهَا وَ سَبَخِهَا[٣٥] تُرْبَةً سَنَّهَا[٣٦] بِالْمَاءِ حَتَّى خَلَصَتْ وَ لَاطَهَا[٣٧] بِالْبَلَّةِ[٣٨] حَتَّى لَزَبَتْ‏[٣٩] فَجَبَلَ مِنْهَا صُورَةً ذَاتَ أَحْنَاءٍ[٤٠] وَ وُصُولٍ وَ أَعْضَاءٍ وَ فُصُولٍ أَجْمَدَهَا حَتَّى اسْتَمْسَكَتْ وَ أَصْلَدَهَا[٤١] حَتَّى صَلْصَلَتْ‏[٤٢] لِوَقْتٍ مَعْدُودٍ وَ أَمَدٍ [أَجَلٍ‏] مَعْلُومٍ ثُمَّ نَفَخَ فِيهَا مِنْ رُوحِهِ- [فَتَمَثَّلَتْ‏] فَمَثُلَتْ‏[٤٣] إِنْسَاناً ذَا أَذْهَانٍ يُجِيلُهَا وَ فِكَرٍ يَتَصَرَّفُ بِهَا وَ جَوَارِحَ يَخْتَدِمُهَا[٤٤] وَ أَدَوَاتٍ يُقَلِّبُهَا وَ مَعْرِفَةٍ يَفْرُقُ بِهَا بَيْنَ الْحَقِّ وَ الْبَاطِلِ وَ الْأَذْوَاقِ وَ الْمَشَامِّ وَ الْأَلْوَانِ وَ الْأَجْنَاسِ مَعْجُوناً بِطِينَةِ الْأَلْوَانِ الْمُخْتَلِفَةِ- ٩٧ وَ الْأَشْبَاهِ الْمُؤْتَلِفَةِ وَ الْأَضْدَادِ الْمُتَعَادِيَةِ وَ الْأَخْلَاطِ الْمُتَبَايِنَةِ مِنَ الْحَرِّ وَ الْبَرْدِ وَ الْبَلَّةِ وَ الْجُمُودِ- [وَ الْمَسَاءَةِ وَ السُّرُورِ] وَ اسْتَأْدَى‏[٤٥] اللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمَلَائِكَةَ وَدِيعَتَهُ لَدَيْهِمْ وَ عَهْدَ وَصِيَّتِهِ إِلَيْهِمْ فِي الْإِذْعَانِ بِالسُّجُودِ لَهُ وَ الْخُنُوعِ لِتَكْرِمَتِهِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ [لَهُمْ‏] اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ‏- [وَ قَبِيلَهُ اعْتَرَتْهُمُ‏] اعْتَرَتْهُ الْحَمِيَّةُ وَ غَلَبَتْ [عَلَيْهِمُ‏] عَلَيْهِ الشِّقْوَةُ وَ [تَعَزَّزُوا] تَعَزَّزَ بِخِلْقَةِ النَّارِ وَ [اسْتَوْهَنُوا] اسْتَوْهَنَ خَلْقَ الصَّلْصَالِ فَأَعْطَاهُ اللَّهُ النَّظِرَةَ اسْتِحْقَاقاً لِلسُّخْطَةِ وَ اسْتِتْمَاماً لِلْبَلِيَّةِ وَ إِنْجَازاً لِلْعِدَةِ فَقَالَ إِنَّكَ‏ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلى‏ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ‏ ثُمَّ أَسْكَنَ سُبْحَانَهُ آدَمَ دَاراً أَرْغَدَ فِيهَا [عِيشَتَهُ‏] عَيْشَهُ وَ آمَنَ فِيهَا مَحَلَّتَهُ وَ حَذَّرَهُ إِبْلِيسَ وَ عَدَاوَتَهُ فَاغْتَرَّهُ‏[٤٦] عَدُوُّهُ نَفَاسَةً عَلَيْهِ بِدَارِ الْمُقَامِ وَ مُرَافَقَةِ الْأَبْرَارِ فَبَاعَ الْيَقِينَ بِشَكِّهِ وَ الْعَزِيمَةَ بِوَهْنِهِ وَ اسْتَبْدَلَ بِالْجَذَلِ[٤٧] وَجَلًا[٤٨] وَ [بِالاعْتِزَازِ] بِالاغْتِرَارِ نَدَماً ثُمَّ بَسَطَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لَهُ فِي تَوْبَتِهِ وَ لَقَّاهُ كَلِمَةَ رَحْمَتِهِ وَ وَعَدَهُ الْمَرَدَّ إِلَى جَنَّتِهِ وَ أَهْبَطَهُ إِلَى دَارِ الْبَلِيَّةِ وَ تَنَاسُلِ الذُّرِّيَّةِ.

اختيار الأنبياء

١- وَ اصْطَفَى سُبْحَانَهُ مِنْ وَلَدِهِ أَنْبِيَاءَ أَخَذَ عَلَى الْوَحْيِ مِيثَاقَهُمْ‏[٤٩] وَ عَلَى تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ أَمَانَتَهُمْ لَمَّا بَدَّلَ أَكْثَرُ خَلْقِهِ عَهْدَ اللَّهِ إِلَيْهِمْ فَجَهِلُوا حَقَّهُ وَ اتَّخَذُوا الْأَنْدَادَ[٥٠] مَعَهُ وَ اجْتَالَتْهُمُ‏[٥١] الشَّيَاطِينُ عَنْ مَعْرِفَتِهِ وَ اقْتَطَعَتْهُمْ عَنْ عِبَادَتِهِ فَبَعَثَ فِيهِمْ رُسُلَهُ وَ وَاتَرَ[٥٢] إِلَيْهِمْ أَنْبِيَاءَهُ لِيَسْتَأْدُوهُمْ مِيثَاقَ فِطْرَتِهِ وَ يُذَكِّرُوهُمْ مَنْسِيَّ نِعْمَتِهِ وَ يَحْتَجُّوا عَلَيْهِمْ بِالتَّبْلِيغِ وَ يُثِيرُوا لَهُمْ دَفَائِنَ الْعُقُولِ وَ يُرُوهُمْ آيَاتِ الْمَقْدِرَةِ مِنْ سَقْفٍ فَوْقَهُمْ مَرْفُوعٍ وَ مِهَادٍ تَحْتَهُمْ مَوْضُوعٍ وَ مَعَايِشَ تُحْيِيهِمْ وَ آجَالٍ تُفْنِيهِمْ وَ أَوْصَابٍ[٥٣] تُهْرِمُهُمْ وَ أَحْدَاثٍ [تَتَتَابَعُ‏] تَتَابَعُ عَلَيْهِمْ وَ لَمْ يُخْلِ اللَّهُ سُبْحَانَهُ خَلْقَهُ مِنْ نَبِيٍّ مُرْسَلٍ أَوْ كِتَابٍ مُنْزَلٍ أَوْ حُجَّةٍ لَازِمَةٍ ١١٤ أَوْ مَحَجَّةٍ[٥٤] قَائِمَةٍ رُسُلٌ لَا تُقَصِّرُ بِهِمْ قِلَّةُ عَدَدِهِمْ وَ لَا كَثْرَةُ الْمُكَذِّبِينَ لَهُمْ مِنْ سَابِقٍ سُمِّيَ لَهُ مَنْ بَعْدَهُ‏ أَوْ غَابِرٍ عَرَّفَهُ مَنْ قَبْلَهُ عَلَى ذَلِكَ نَسَلَتِ[٥٥] الْقُرُونُ و مَضَتِ الدُّهُورُ وَ سَلَفَتِ الْآبَاءُ وَ خَلَفَتِ الْأَبْنَاءُ.

مبعث النبي‏

١- إِلَى أَنْ بَعَثَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مُحَمَّداً [ص‏] رَسُولَ اللَّهِ (ص) لِإِنْجَازِ عِدَتِهِ[٥٦] وَ إِتْمَامِ نُبُوَّتِهِ مَأْخُوذاً عَلَى النَّبِيِّينَ مِيثَاقُهُ مَشْهُورَةً سِمَاتُهُ[٥٧] كَرِيماً مِيلَادُهُ وَ أَهْلُ الْأَرْضِ يَوْمَئِذٍ مِلَلٌ مُتَفَرِّقَةٌ وَ أَهْوَاءٌ مُنْتَشِرَةٌ وَ طَرَائِقُ مُتَشَتِّتَةٌ بَيْنَ مُشَبِّهٍ لِلَّهِ بِخَلْقِهِ أَوْ مُلْحِدٍ[٥٨] فِي اسْمِهِ أَوْ مُشِيرٍ إِلَى غَيْرِهِ فَهَدَاهُمْ بِهِ مِنَ الضَّلَالَةِ وَ أَنْقَذَهُمْ بِمَكَانِهِ مِنَ الْجَهَالَةِ ثُمَّ اخْتَارَ سُبْحَانَهُ لِمُحَمَّدٍ (ص) لِقَاءَهُ وَ رَضِيَ لَهُ مَا عِنْدَهُ وَ أَكْرَمَهُ عَنْ دَارِ الدُّنْيَا وَ رَغِبَ بِهِ عَنْ مَقَامِ الْبَلْوَى فَقَبَضَهُ إِلَيْهِ كَرِيماً (ص) وَ خَلَّفَ فِيكُمْ مَا خَلَّفَتِ الْأَنْبِيَاءُ فِي أُمَمِهَا إِذْ لَمْ يَتْرُكُوهُمْ هَمَلًا بِغَيْرِ طَرِيقٍ وَاضِحٍ ١١٧ وَ لَا عَلَمٍ قَائِمٍ - [٥٩] القرآن و الأحكام الشرعية.

١- كِتَابَ رَبِّكُمْ فِيكُمْ مُبَيِّناً حَلَالَهُ وَ حَرَامَهُ وَ فَرَائِضَهُ وَ فَضَائِلَهُ وَ نَاسِخَهُ وَ مَنْسُوخَهُ[٦٠] وَ رُخَصَهُ وَ عَزَائِمَهُ‏[٦١] وَ خَاصَّهُ وَ عَامَّهُ وَ عِبَرَهُ وَ أَمْثَالَهُ وَ مُرْسَلَهُ وَ مَحْدُودَهُ[٦٢] وَ مُحْكَمَهُ وَ مُتَشَابِهَهُ[٦٣] مُفَسِّراً [جُمَلَهُ‏] مُجْمَلَهُ وَ مُبَيِّناً غَوَامِضَهُ بَيْنَ مَأْخُوذٍ مِيثَاقُ عِلْمِهِ وَ مُوَسَّعٍ‏ عَلَى الْعِبَادِ فِي جَهْلِهِ[٦٤] وَ بَيْنَ مُثْبَتٍ فِي الْكِتَابِ فَرْضُهُ وَ مَعْلُومٍ فِي السُّنَّةِ نَسْخُهُ وَ وَاجِبٍ فِي السُّنَّةِ أَخْذُهُ وَ مُرَخَّصٍ فِي الْكِتَابِ تَرْكُهُ وَ بَيْنَ وَاجِبٍ [لِوَقْتِهِ‏] بِوَقْتِهِ وَ زَائِلٍ فِي مُسْتَقْبَلِهِ وَ مُبَايَنٌ بَيْنَ مَحَارِمِهِ مِنْ كَبِيرٍ أَوْعَدَ عَلَيْهِ نِيرَانَهُ أَوْ صَغِيرٍ أَرْصَدَ لَهُ غُفْرَانَهُ وَ بَيْنَ مَقْبُولٍ فِي أَدْنَاهُ [وَ] مُوَسَّعٍ فِي أَقْصَاهُ‏.

و منها في ذكر الحج‏

١- وَ فَرَضَ عَلَيْكُمْ حَجَّ بَيْتِهِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلَهُ قِبْلَةً لِلْأَنَامِ يَرِدُونَهُ وُرُودَ الْأَنْعَامِ وَ [يَوْلَهُونَ‏] يَأْلَهُونَ إِلَيْهِ [وَلَهَ‏] وُلُوهَ الْحَمَامِ‏[٦٥] وَ جَعَلَهُ سُبْحَانَهُ عَلَامَةً لِتَوَاضُعِهِمْ لِعَظَمَتِهِ وَ إِذْعَانِهِمْ لِعِزَّتِهِ وَ اخْتَارَ مِنْ خَلْقِهِ سُمَّاعاً أَجَابُوا إِلَيْهِ دَعْوَتَهُ وَ صَدَّقُوا كَلِمَتَهُ وَ وَقَفُوا مَوَاقِفَ أَنْبِيَائِهِ وَ تَشَبَّهُوا بِمَلَائِكَتِهِ الْمُطِيفِينَ بِعَرْشِهِ يُحْرِزُونَ الْأَرْبَاحَ فِي مَتْجَرِ عِبَادَتِهِ وَ يَتَبَادَرُونَ عِنْدَهُ مَوْعِدَ مَغْفِرَتِهِ جَعَلَهُ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى لِلْإِسْلَامِ عَلَماً وَ لِلْعَائِذِينَ حَرَماً [وَ] فَرَضَ حَقَّهُ وَ أَوْجَبَ حَجَّهُ وَ كَتَبَ [عَلَيْهِ‏] عَلَيْكُمْ وِفَادَتَهُ‏[٦٦] فَقَالَ سُبْحَانَهُ‏ وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ‏.

________________________
[١] . فَطَرَ الخلائقَ : ابتدعها على غير مثال سبق.
[٢] . وَتّدَ: (بالتشديد و التخفيف) ثبّت.
[٣] . مَيَدان أرضه‏: تحرّكها بتمايل.
[٤] . لا عن حَدَث‏: لا عن إيجاد موجد.
[٥] . المُزَايَلَةُ: المفارقة و المباينة.
[٦] . الرّوَيّة: الفكر، و أجالها: أدارها و ردّدها.
[٧] . هَمَامَة النفس‏:- بفتح الهاء-:اهتمامها بالأمر، و قصدها إليه.
[٨] . لَأَمَ‏: قرن.
[٩] . غَرّزَ غرائزها: أودع فيها طباعها.
[١٠] . القرائن‏: هنا جمع قرونة و هي النفس، و الأحناء: جمع حنو بالكسر: و هو الجانب.
[١١] . السكائك‏: جمع سكاكة- بالضم- و هي الهواء الملاقي عنان السماء.
[١٢] . التيّار: هنا الموج.
[١٣] . الزّخّار: الشديد الزخر، أي الامتداد و الارتفاع.
[١٤] . الزّعْزَع‏: الريح التي تزعزع كل ثابت.
[١٥] . الفتيق‏: المفتوق.
[١٦] . الدفيق‏: المدفوق.
[١٧] . اعْتَقَمَ مَهَبّها: جعل هبوبها عقيما، و الريح العقيم التي لا تلقح سحابا و لا شجرا.
[١٨] . مُرَبّها: بضم الميم، مصدر ميمي من أربّ بالمكان: لازمه، فالمربّ:الملازمة.
[١٩] . تَصْفيق الماء: تحريكه و تقليبه.
[٢٠] . مَخَضَتْهُ‏: حرّكته بشدّة كما يمخض السّقاء.
[٢١] . الساجي‏: الساكن.
[٢٢] . المائر: الذي يذهب و يجي‏ء.
[٢٣] . رُكامُهُ‏: ما تراكم منه بعضه على بعض.
[٢٤] . المُنْفَهِقُ‏: المفتوح الواسع.
[٢٥] . المكفوف‏: الممنوع من السّيلان.
[٢٦] . الدّسار: واحد الدّسر، و هي المسامير.
[٢٧] . الثّوَاقب‏: المنيرة المشرقة.
[٢٨] . مُسْتَطيِراً: منتشر الضياء، و هو الشمس.
[٢٩] . الرّقِيمُ‏: اسم من أسماء الفلك:سمّي به لأنه مرقوم بالكواكب.
[٣٠] . صَافّونَ‏: قائمون صفوفا.
[٣١] . لَا يَتَزَايَلُونَ‏: لا يتفارقون.
[٣٢] . السّدَنَة جمع‏: سادن و هو الخادم.
[٣٣] . مُتَلَفّعون‏: من تلفّع بالثوب إذا التحف به.
[٣٤] . حَزْنُ الأرض‏: وعرها.
[٣٥] . سَبَخُ الأرض‏: ما ملح منها.
[٣٦] . سَنّ الماء: صَبّه.
[٣٧] . لَاطَها: خلطها و عجنها.
[٣٨] . البَلّة: بالفتح- من البلل.
[٣٩] . لَزَبَ‏: من باب نصر، بمعنى التصق و ثبت و اشتد.
[٤٠] . الأحْنَاء: جمع حنو- بالكسر- و هو الجانب من البدن.
[٤١] . أصْلَدَهَا: جعلها صلبة ملساء متينة.
[٤٢] . صَلْصَلَتْ‏: يبست حتى كانت تسمع لها صلصلة إذا هبّت عليها الرياح.
[٤٣] . مَثُلَ‏: ككرم و فتح: قام منتصبا.
[٤٤] . يَخْتَدِمُها: يجعلها في خدمة مآربه.
[٤٥] . اسْتَأدَى الملائكةَ وديعَتَهُ‏: طالبهم بأدائها.
[٤٦] . اغْتَرّ آدمَ عدوّهُ الشيطانُ‏: أي انتهز منه غرّة فأغواه.
[٤٧] . الجَذَل‏:، بالتحريك: الفرح.
[٤٨] . الوَجَل‏: الخوف.
[٤٩] . ميثاقهم‏: عهدهم.
[٥٠] . الأنْدَادُ: الأمثال، و أراد المعبودين من دونه سبحانه و تعالى.
[٥١] . اجْتَالَتْهُمْ‏:- بالجيم- صرفتهم عن قصدهم.
[٥٢] . وَاتَرَ إليهم أنبياءهُ‏: أرسلهم و بين كل نبيّ و من بعده فترة- و قوله: «ليستأدوهم»: ليطلبوا الأداء.
[٥٣] . الأوْصَاب‏: المتاعب.
[٥٤] . المحَجّة: الطريق القويمة الواضحة.
[٥٥] . نَسَلَتْ‏: بالبناء للفاعل: مضت متتابعة.
[٥٦] . الضمير في «عدته» للَّه تعالى، و المراد وعد اللَّه بإرسال محمد صلّى اللَّه عليه و آله و سلم على لسان أنبيائه السابقين.
[٥٧] . سِمَاتُهُ‏: علاماته التي ذكرت في كتب الأنبياء السابقين الذين بشروا به.
[٥٨] . المُلْحِدُ في اسم اللَّه‏: الذي يميل به عن حقيقة مسماه.
[٥٩] . العَلَمُ‏:- بفتحتين- ما يوضع ليهتدى به.
[٦٠] . ناسِخُهُ و منسوخه‏: أحكامه الشرعية التي رفع بعضها بعضا.
[٦١] . رُخَصَهُ‏: ما ترخّص فيه، عكسها عزائمه.
[٦٢] . المُرْسَلُ‏: المطلق، المحدود:المقيّد.
[٦٣] . المُحْكَمُ‏: كآيات الأحكام و الأخبار الصريحة في معانيها، و المتشابه كقوله:يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ.
[٦٤] . المُوَسّعُ على العباد في جهله‏: كالحروف المفتتحة بها السور نحو الم و الر.
[٦٥] . يَألَهُونَ إليه‏: يلوذون به و يعكفون عليه.
[٦٦] . الوفَادَة: الزيارة.
****************************