٤- و من خطبة له (ع) -و هي من أفصح كلامه (عليه السلام) و فيها يعظ الناس و يهديهم من ضلالتهم و يقال: إنه خطبها بعد قتل طلحة و الزبير!
بِنَا اهْتَدَيْتُمْ فِي الظَّلْمَاءِ وَ [تَسَنَّمْتُمُ] تَسَنَّمْتُمْ [١] ذُرْوَةَ [الْعَلْيَاءَ] الْعَلْيَاءِ وَ بِنَا [انْفَجَرْتُمْ] أَفْجَرْتُمْ[٢] عَنِ السِّرَارِ[٣] وُقِرَ[٤] سَمْعٌ لَمْ يَفْقَهِ الْوَاعِيَةَ[٥] وَ كَيْفَ يُرَاعِي النَّبْأَةَ[٦] مَنْ أَصَمَّتْهُ الصَّيْحَةُ رُبِطَ جَنَانٌ[٧] لَمْ يُفَارِقْهُ الْخَفَقَانُ مَا زِلْتُ أَنْتَظِرُ بِكُمْ عَوَاقِبَ الْغَدْرِ وَ أَتَوَسَّمُكُمْ[٨] بِحِلْيَةِ الْمُغْتَرِّينَ[٩] حَتَّى سَتَرَنِي عَنْكُمْ جِلْبَابُ الدِّينِ[١٠] وَ بَصَّرَنِيكُمْ صِدْقُ النِّيَّةِ أَقَمْتُ لَكُمْ عَلَى سَنَنِ الْحَقِّ فِي جَوَادِّ الْمَضَلَّةِ[١١] حَيْثُ تَلْتَقُونَ وَ لَا دَلِيلَ وَ تَحْتَفِرُونَ وَ لَا تُمِيهُونَ[١٢] الْيَوْمَ أُنْطِقُ لَكُمُ الْعَجْمَاءَ[١٣] ذَاتَ الْبَيَانِ عَزَبَ[١٤] رَأْيُ امْرِئٍ تَخَلَّفَ عَنِّي مَا شَكَكْتُ فِي الْحَقِّ مُذْ أُرِيتُهُ لَمْ يُوجِسْ مُوسَى (ع) خِيفَةً[١٥] عَلَى نَفْسِهِ بَلْ أَشْفَقَ مِنْ غَلَبَةِ الْجُهَّالِ وَ دُوَلِ الضَّلَالِ الْيَوْمَ تَوَاقَفْنَا[١٦] عَلَى سَبِيلِ الْحَقِّ وَ الْبَاطِلِ مَنْ وَثِقَ بِمَاءٍ لَمْ يَظْمَأْ.
__________________________
[١] . تَسَنّمْتُم العلياءَ: ركبتم سنامها، و ارتقيتم إلى أعلاها.
[٢] . أفْجَرْتُمْ: دخلتم في الفجر. و في أكثر النسخ «انفجرتم» و ما أثبتناه أفصح.
[٣] . السِّرار، ككتاب: آخر ليلة في الشهر يختفي فيها القمر، و هو كناية عن الظلام.
[٥] . الواعية: الصارخة و الصراخ نفسه، و المراد هنا العبرة و المواعظ الشديدة الأثر. و وقرت أذنه في موقورة و وقرت كسمعت: صمّت، دعاء بالصّمم على من لم يفهم الزواجر و العبر.
[٦] . النّبْأة: الصوت الخفي.
[٧] . رُبِطَ جَنانُهُ رِبَاطةً: بكسر الراء: اشتد قلبه.
[٨] . أتَوَسّمُكُم: أتفرّس فيكم.
[٩] . حِلْيَةُ المغتَرّينَ: أصل الحلية الزينة، و المراد هنا صفة أهل الغرور.
[١٠] . جِلْبَاب الدّين: ما لبسوه من رسومه الظاهرة.
[١١] . جَوَادّ المَضَلّة: الجوادّ جمع جادّة و هي الطريق: و المضلّة بفتح الضاد و كسرها: الأرض يضل سالكها.
[١٢] . تُميهُون: تجدون ماء، من أماهوا أركيتهم: أنبطوا ماءها.
[١٣] . العَجْماء: البهيمة، و قد شبه بها رموزه و إساراته لغموضها على من لا بصيرة لهم.
[١٤] . عَزَبَ: غاب، و المراد: لا رأي لمن تخلّف عني.
[١٥] . لم يُوجِسْ موسى خيفةً: لم يستشعر خوفا، أخذا من قوله تعالى: فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى.
[١٦] . تَوَاقَفْنا: تلاقينا و تقابلنا.