وقال (عليه السلام): الْحِلْمُ وَالاَْنَاةُ تَوْأَمَانِ يُنْتِجُهُمَا عُلُوُّ الْهِمَّةِ.                
وقال (عليه السلام): إذَا كَانَ في رَجُل خَلَّةٌ رَائِعَةٌ فَانْتَظِرْ أَخَوَاتِهَا.                
وقال (عليه السلام): يَهْلِكُ فِيَّ رَجُلاَنِ: مُحِبٌّ مُفْرِطٌ، وَبَاهِتٌ مُفْتَر.                
وقال (عليه السلام): قَلِيلٌ مَدُومٌ عَلَيْهِ خَيْرٌ مِنْ كَثِير مَمْلُول مِنْهُ.                
وقال (عليه السلام): إِذَا قَدَرْتَ عَلَى عَدُوِّكَ فَاجْعَلِ الْعَفْوَ عَنْهُ شُكْراً لِلْقُدْرَةِ عَلَيْهِ .                
وقال (عليه السلام): مَنْ ضَيَّعَهُ الاْقْرَبُ أُتِيحَ لَهُ الاْبْعَدُ .                
وقال (عليه السلام): عَلامةُ الاِْيمَانِ أَنْ تُؤثِرَ الصِّدْقَ حَيْثُ يَضُرُّكَ عَلَى الْكَذِبِ حَيْثُ يَنْفَعُكَ،أَنْ يَكُونَ فِي حَديِثِكَ فَضْلٌ عَنْ عِلْمِكَ، وَأَنْ تَتَّقِيَ اللهَ فِي حَدِيثِ غَيْرِكَ.                

Search form

نـهج البـــــــــلاغـة
إرسال الی صدیق
١٦ - و من كلام له (ع) لما بويع في المدينة و فيها يخبر الناس بعلمه بما تئول إليه أحوالهم و فيها يقسمهم إلى أقسام‏

ذِمَّتِي[١] بِمَا أَقُولُ رَهِينَةٌ[٢] وَ أَنَا بِهِ زَعِيمٌ‏[٣] إِنَّ مَنْ صَرَّحَتْ لَهُ الْعِبَرُ[٤] عَمَّا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْمَثُلَاتِ[٥] حَجَزَتْهُ[٦] التَّقْوَى عَنْ تَقَحُّمِ الشُّبُهَاتِ[٧] أَلَا وَ إِنَّ بَلِيَّتَكُمْ قَدْ عَادَتْ كَهَيْئَتِهَا[٨] يَوْمَ بَعَثَ اللَّهُ نَبِيَّهُ (ص) وَ الَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ لَتُبَلْبَلُنَّ[٩] بَلْبَلَةً وَ لَتُغَرْبَلُنَّ[١٠] غَرْبَلَةً وَ لَتُسَاطُنَّ[١١] سَوْطَ الْقِدْرِ[١٢] حَتَّى يَعُودَ أَسْفَلُكُمْ أَعْلَاكُمْ وَ أَعْلَاكُمْ أَسْفَلَكُمْ وَ لَيَسْبِقَنَّ سَابِقُونَ كَانُوا قَصَّرُوا وَ لَيُقَصِّرَنَّ سَبَّاقُونَ كَانُوا سَبَقُوا وَ اللَّهِ مَا كَتَمْتُ وَشْمَةً[١٣] وَ لَا كَذَبْتُ كِذْبَةً وَ لَقَدْ نُبِّئْتُ بِهَذَا الْمَقَامِ وَ هَذَا الْيَوْمِ أَلَا وَ إِنَّ الْخَطَايَا خَيْلٌ شُمُسٌ[١٤] حُمِلَ عَلَيْهَا أَهْلُهَا وَ خُلِعَتْ لُجُمُهَا[١٥] فَتَقَحَّمَتْ[١٦] بِهِمْ فِي النَّارِ أَلَا وَ إِنَّ التَّقْوَى مَطَايَا ذُلُلٌ[١٧] حُمِلَ عَلَيْهَا أَهْلُهَا- وَ أُعْطُوا أَزِمَّتَهَا فَأَوْرَدَتْهُمُ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَ بَاطِلٌ وَ لِكُلٍّ أَهْلٌ فَلَئِنْ أَمِرَ الْبَاطِلُ لَقَدِيماً فَعَلَ وَ لَئِنْ قَلَّ الْحَقُّ [لَرُبَّمَا] فَلَرُبَّمَا وَ لَعَلَّ وَ لَقَلَّمَا أَدْبَرَ شَيْ‏ءٌ فَأَقْبَلَ‏

قال السيد الشريف و أقول إن في هذا الكلام الأدنى من مواقع الإحسان ما لا تبلغه مواقع الاستحسان و إن حظ العجب منه أكثر من حظ العجب به و فيه مع الحال التي وصفنا زوائد من الفصاحة لا يقوم بها لسان و لا يطلع فجها إنسان[١٨] و لا يعرف ما أقول إلا من ضرب في هذه الصناعة بحق و جرى فيها على عرق[١٩] وَ ما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُون‏.

و من هذه الخطبة و فيها يقسم الناس إلى ثلاثة أصناف‏

شُغِلَ مَنِ الْجَنَّةُ وَ النَّارُ أَمَامَهُ سَاعٍ سَرِيعٌ نَجَا وَ طَالِبٌ بَطِي‏ءٌ رَجَا وَ مُقَصِّرٌ فِي النَّارِ هَوَى الْيَمِينُ وَ الشِّمَالُ مَضَلَّةٌ وَ الطَّرِيقُ الْوُسْطَى هِيَ الْجَادَّةُ[٢٠] عَلَيْهَا بَاقِي الْكِتَابِ وَ آثَارُ النُّبُوَّةِ وَ مِنْهَا مَنْفَذُ السُّنَّةِ وَ إِلَيْهَا مَصِيرُ الْعَاقِبَةِ هَلَكَ مَنِ ادَّعَى وَ خابَ مَنِ افْتَرى‏ مَنْ أَبْدَى صَفْحَتَهُ لِلْحَقِّ هَلَكَ [عِنْدَ جَهَلَةِ النَّاسِ‏] وَ كَفَى بِالْمَرْءِ جَهْلًا أَلَّا يَعْرِفَ قَدْرَهُ لَا يَهْلِكُ عَلَى التَّقْوَى سِنْخُ[٢١] أَصْلٍ وَ لَا يَظْمَأُ عَلَيْهَا زَرْعُ قَوْمٍ فَاسْتَتِرُوا فِي بُيُوتِكُمْ وَ أَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وَ التَّوْبَةُ مِنْ وَرَائِكُمْ وَ لَا يَحْمَدْ حَامِدٌ إِلَّا رَبَّهُ وَ لَا يَلُمْ لَائِمٌ إِلَّا نَفْسَهُ‏.

__________________________
[١] . الذّمّةُ: العهد.
[٢] . رهينة: مرهونة، من الرهن.
[٣] . الزعيم‏: الكفيل، يريد أنه ضامن لصدق ما يقول.
[٤] . العِبَر- بكسر ففتح- جمع عبرة: بمعنى الموعظة.
[٥] . المَثُلَاتُ‏: العقوبات.
[٦] . حَجَزَتْهُ‏: منعته.
[٧] . تَقَحُّمُ الشّبُهَات‏: التّردّي فيها.
[٨] . عادت كهيئتها: رجعت إلى حالها الأولى.
[٩] . لَتُبَلْبَلُنّ‏: لتخلطنّ، و منه «تبلبلت الألسن»: اختلطت.
[١٠] . لَتُغَرْبَلُنّ‏: لتميّزنّ كما يميّز الدقيق عند الغربلة من نخالته.
[١١] . لَتُسَاطُنّ‏: من السّوط، و هو أن تجعل شيئين في الاناء و تضربهما بيديك حتى يختلطا.
[١٢] . سَوْط القِدْر: أي كما تختلط الأبزار و نحوها في القدر عند غليانه فينقلب أعلاها أسفلها و أسفلها أعلاها، و كل ذلك حكاية عما يؤولون إليه من الاختلاف، و تقطع الأرحام، و فساد النظام.
[١٣] . الوَشْمَةُ: الكلمة.
[١٤] . الشُمُسُ‏: جمع شموس و هي من «شمس» كنصر أي منع ظهره أن يركب.
[١٥] . لُجُمُها: جمع لجام، و هو عنان الدّابة الذي تلجم به.
[١٦] . تَقَحّمَتْ به في النار: أردته فيها.
[١٧] . الذُلُل‏: جمع ذلول، و هي المروضة الطائعة.
[١٨] . لا يَطّلع فَجَّهَا: من قولهم اطّلع الأرض أي بلغها. و الفجّ: الطريق الواسع بين جبلين.
[١٩] . العِرْق‏: الأصل.
[٢٠] . الجادّة: الطريق.
[٢١] . السِّنْخُ‏: المثبّت، يقال: ثبتت السنّ في سنخها: أي منبتها.
****************************