وقال (عليه السلام): إِذَا أَقْبَلَتِ الدُّنْيَا عَلَى أحَد أَعَارَتْهُ مَحَاسِنَ غَيْرِهِ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ عَنْهُ سَلَبَتْهُ مَحَاسِنَ نَفْسِهِ .                
وقال (عليه السلام): مَا مَزَحَ امْرُؤٌ مَزْحَةً إِلاَّ مَجَّ مِنْ عَقْلِهِ مَجَّةً.                
وقال (عليه السلام): الْقَنَاعَةُ مَالٌ لاَيَنْفَدُ.                
وقال (عليه السلام): النَّاسُ أَعْدَاءُ مَا جَهِلُوا.                
وقال (عليه السلام): الدُّنْيَا خُلِقَتْ لِغَيْرِهَا، ولَمْ تُخْلَقْ لِنَفْسِهَا.                
وقال (عليه السلام): مَنْهُومَانِ لاَ يَشْبَعَانِ: طَالِبُ عِلْم، وَطَالِبُ دُنْيَا.                
وقال (عليه السلام): الْحِلْمُ وَالاَْنَاةُ تَوْأَمَانِ يُنْتِجُهُمَا عُلُوُّ الْهِمَّةِ.                

Search form

نـهج البـــــــــلاغـة
إرسال الی صدیق
٢٣ - و من خطبة له (ع) و تشتمل على تهذيب الفقراء بالزهد و تأديب الأغنياء بالشفقة

تهذيب الفقراء

أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْأَمْرَ يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ- [كَقَطْرِ] كَقَطَرَاتِ الْمَطَرِ إِلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا قُسِمَ لَهَا مِنْ زِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ فَإِنْ رَأَى أَحَدُكُمْ لِأَخِيهِ غَفِيرَةً[١] فِي أَهْلٍ أَوْ مَالٍ أَوْ نَفْسٍ فَلَا تَكُونَنَّ لَهُ فِتْنَةً فَإِنَّ الْمَرْءَ الْمُسْلِمَ مَا لَمْ يَغْشَ دَنَاءَةً تَظْهَرُ- فَيَخْشَعُ لَهَا إِذَا ذُكِرَتْ وَ يُغْرَى بِهَا لِئَامُ النَّاسِ كَانَ كَالْفَالِجِ[٢]  الْيَاسِرِ[٣]  الَّذِي يَنْتَظِرُ أَوَّلَ فَوْزَةٍ مِنْ قِدَاحِهِ تُوجِبُ لَهُ الْمَغْنَمَ وَ يُرْفَعُ بِهَا عَنْهُ [بِهَا] الْمَغْرَمُ وَ كَذَلِكَ الْمَرْءُ الْمُسْلِمُ الْبَرِي‏ءُ مِنَ الْخِيَانَةِ يَنْتَظِرُ مِنَ اللَّهِ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ إِمَّا دَاعِيَ اللَّهِ فَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لَهُ وَ إِمَّا رِزْقَ اللَّهِ فَإِذَا هُوَ ذُو أَهْلٍ وَ مَالٍ وَ مَعَهُ دِينُهُ وَ حَسَبُهُ وَ إِنَّ الْمَالَ وَ الْبَنِينَ حَرْثُ الدُّنْيَا وَ الْعَمَلَ الصَّالِحَ حَرْثُ الْآخِرَةِ وَ قَدْ يَجْمَعُهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لِأَقْوَامٍ فَاحْذَرُوا مِنَ اللَّهِ مَا حَذَّرَكُمْ‏ مِنْ نَفْسِهِ وَ اخْشَوْهُ خَشْيَةً لَيْسَتْ بِتَعْذِيرٍ[٤] وَ اعْمَلُوا فِي غَيْرِ رِيَاءٍ وَ لَا سُمْعَةٍ فَإِنَّهُ مَنْ يَعْمَلْ لِغَيْرِ اللَّهِ يَكِلْهُ اللَّهُ[٥] [إِلَى مَنْ‏] لِمَنْ عَمِلَ لَهُ نَسْأَلُ اللَّهَ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وَ مُعَايَشَةَ السُّعَدَاءِ وَ مُرَافَقَةَ الْأَنْبِيَاءِ

تأديب الأغنياء

أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَا يَسْتَغْنِي الرَّجُلُ وَ إِنْ كَانَ ذَا مَالٍ عَنْ [عَشِيرَتِهِ‏] عِتْرَتِهِ وَ دِفَاعِهِمْ عَنْهُ بِأَيْدِيهِمْ وَ أَلْسِنَتِهِمْ وَ هُمْ أَعْظَمُ النَّاسِ حَيْطَةً[٦] مِنْ وَرَائِهِ وَ أَلَمُّهُمْ لِشَعَثِهِ[٧] وَ أَعْطَفُهُمْ ٣١٣ عَلَيْهِ عِنْدَ نَازِلَةٍ إِذَا [إِنْ‏] نَزَلَتْ بِهِ وَ لِسَانُ الصِّدْقِ[٨] يَجْعَلُهُ اللَّهُ لِلْمَرْءِ فِي النَّاسِ خَيْرٌ لَهُ مِنَ الْمَالِ [يُوَرِّثُهُ غَيْرَهُ‏] يَرِثُهُ غَيْرُهُ‏

و منها

أَلَا لَا يَعْدِلَنَّ أَحَدُكُمْ عَنِ الْقَرَابَةِ يَرَى بِهَا الْخَصَاصَةَ[٩] أَنْ يَسُدَّهَا بِالَّذِي لَا يَزِيدُهُ إِنْ أَمْسَكَهُ وَ لَا يَنْقُصُهُ إِنْ أَهْلَكَهُ[١٠] وَ مَنْ يَقْبِضْ يَدَهُ عَنْ عَشِيرَتِهِ فَإِنَّمَا تُقْبَضُ مِنْهُ عَنْهُمْ يَدٌ وَاحِدَةٌ وَ تُقْبَضُ مِنْهُمْ عَنْهُ أَيْدٍ كَثِيرَةٌ وَ مَنْ تَلِنْ حَاشِيَتُهُ يَسْتَدِمْ مِنْ قَوْمِهِ الْمَوَدَّةَ

 [قال السيد الشريف أقول الغفيرة هاهنا الزيادة و الكثرة من قولهم للجمع الكثير الجم الغفير و الجماء الغفير و يروى عفوة من أهل أو مال و العفوة الخيار من الشي‏ء يقال أكلت عفوة الطعام أي خياره. و ما أحسن المعنى الذي أراده (ع) بقوله و من يقبض يده عن عشيرته ... إلى تمام الكلام فإن الممسك خيره عن‏ عشيرته إنما يمسك نفع يد واحدة فإذا احتاج إلى نصرتهم و اضطر إلى مرافدتهم[١١] قعدوا عن نصره و تثاقلوا عن صوته فمنع ترافد الأيدي الكثيرة و تناهض الأقدام الجمة].

_____________________
[١] . غفيرة: زيادة و كثرة.
[٢] . الفالج‏: الظافر، فلج يفلج- كنصر ينصر-: ظفر و فاز. و منه المثل: «من يأت الحكم وحده يفلج».
[٣] . الياسر: الذي يلعب بقداح الميسر أي: المقامر. و في الكلام تقديم و تأخير، و نسقه: كالياسر الفالج.
كقوله تعالى وَ غَرابِيبُ سُودٌ:، و حسّنه أن اللفظتين صفتان، و إن كانت إحداهما إنما تأتي بعد الأخرى إذا صاحبتها.
[٤] . التعذير: مصدر عذّرَ تَعْذيراً: لم يثبت له عذر.
[٥] . يَكِلُه اللَّه‏: يتركه، من وكل يكل مثل وزن يزن.
[٦] . حَيْطة: كبيعة: رعاية وكلاءة.
[٧] . الشَعَث‏:- بالتحريك-: التفرق و الانتشار.
[٨] . لسان الصدق‏: حسن الذكر بالحق.
[٩] . الخَصَاصة: الفقر و الحاجة الشديدة، و هي مصدر خصّ الرجل- من باب علم- خصاصا و خصاصة.
و خصاصاء- بفتح الخاء في الجميع- إذا احتاج و افتقر، قال تعالى: وَ يُؤْثِرُونَ عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ.
[١٠] . أهلك المالَ‏: بذله.
[١١] . المُرافَدَةُ: المعاونة.
****************************