وقال (عليه السلام): الْغِيبَةُ جُهْدُ الْعَاجزِ.                
وقال (عليه السلام): لَيْسَ بَلَدٌ بأَحَقَّ بِكَ مِنْ بَلَد، خَيْرُ الْبِلاَدِ مَا حَمَلَكَ.                
وقال (عليه السلام): رُبَّ مَفْتُون بِحُسْنِ الْقَوْلِ فِيهِ.                
وقال (عليه السلام): الغِنَى والْفَقْرُ بَعْدَ الْعَرْضِ عَلَى اللهِ.                
وقال (عليه السلام): مَا مَزَحَ امْرُؤٌ مَزْحَةً إِلاَّ مَجَّ مِنْ عَقْلِهِ مَجَّةً.                
وقال (عليه السلام): قَلِيلٌ مَدُومٌ عَلَيْهِ خَيْرٌ مِنْ كَثِير مَمْلُول مِنْهُ.                
وقال (عليه السلام): النَّاسُ أَعْدَاءُ مَا جَهِلُوا.                

Search form

نـهج البـــــــــلاغـة
إرسال الی صدیق
٢٧ - و من خطبة له (ع) و قد قالها يستنهض بها الناس حين ورد خبر غزو الأنبار بجيش معاوية فلم ينهضوا

و من خطبة له (ع) و قد قالها يستنهض بها الناس حين ورد خبر غزو الأنبار بجيش معاوية فلم ينهضوا. و فيها يذكر فضل الجهاد، و يستنهض الناس، و يذكر علمه بالحرب، و يلقي عليهم التبعة لعدم طاعته‏

فضل الجهاد

أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْجِهَادَ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ فَتَحَهُ اللَّهُ لِخَاصَّةِ أَوْلِيَائِهِ وَ هُوَ لِبَاسُ التَّقْوَى وَ دِرْعُ اللَّهِ الْحَصِينَةُ وَ جُنَّتُهُ[١]  الْوَثِيقَةُ فَمَنْ تَرَكَهُ رَغْبَةً عَنْهُ[٢] أَلْبَسَهُ اللَّهُ ثَوْبَ الذُّلِّ وَ شَمِلَهُ الْبَلَاءُ وَ دُيِّثَ[٣] بِالصَّغَارِ وَ الْقَمَاءَةِ[٤] وَ ضُرِبَ عَلَى قَلْبِهِ بِالْإِسْهَابِ[٥] وَ أُدِيلَ الْحَقُّ مِنْهُ[٦] بِتَضْيِيعِ الْجِهَادِ وَ سِيمَ الْخَسْفَ[٧] وَ مُنِعَ النَّصَفَ‏[٨].

استنهاض الناس‏

أَلَا وَ إِنِّي قَدْ دَعَوْتُكُمْ إِلَى قِتَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَيْلًا وَ نَهَاراً وَ سِرّاً وَ إِعْلَاناً وَ قُلْتُ لَكُمُ اغْزُوهُمْ قَبْلَ أَنْ يَغْزُوكُمْ فَوَاللَّهِ مَا غُزِيَ قَوْمٌ قَطُّ فِي عُقْرِ دَارِهِمْ[٩] إِلَّا ذَلُّوا فَتَوَاكَلْتُمْ[١٠] وَ تَخَاذَلْتُمْ حَتَّى شُنَّتْ عَلَيْكُمُ الْغَارَاتُ[١١] وَ مُلِكَتْ عَلَيْكُمُ الْأَوْطَانُ- [فَهَذَا] وَ هَذَا أَخُو غَامِدٍ [وَ] قَدْ وَرَدَتْ خَيْلُهُ الْأَنْبَارَ[١٢] وَ قَدْ قَتَلَ حَسَّانَ بْنَ حَسَّانَ الْبَكْرِيَّ وَ أَزَالَ خَيْلَكُمْ عَنْ مَسَالِحِهَا[١٣] وَ لَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ الرَّجُلَ مِنْهُمْ كَانَ يَدْخُلُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ وَ الْأُخْرَى الْمُعَاهِدَةِ[١٤] فَيَنْتَزِعُ حِجْلَهَا[١٥] وَ قُلُبَهَا[١٦] وَ قَلَائِدَهَا وَ رُعُثَهَا[١٧] مَا تَمْتَنِعُ مِنْهُ إِلَّا بِالاسْتِرْجَاعِ وَ الِاسْتِرْحَامِ[١٨] ثُمَّ انْصَرَفُوا وَافِرِينَ[١٩] مَا نَالَ رَجُلًا مِنْهُمْ كَلْمٌ[٢٠]  وَ لَا أُرِيقَ لَهُمْ دَمٌ فَلَوْ أَنَّ امْرَأً مُسْلِماً مَاتَ مِنْ بَعْدِ هَذَا أَسَفاً مَا كَانَ بِهِ مَلُوماً بَلْ كَانَ بِهِ عِنْدِي جَدِيراً فَيَا عَجَباً عَجَباً وَ اللَّهِ يُمِيتُ الْقَلْبَ وَ يَجْلِبُ الْهَمَّ مِنَ اجْتِمَاعِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ عَلَى بَاطِلِهِمْ وَ تَفَرُّقِكُمْ عَنْ حَقِّكُمْ فَقُبْحاً لَكُمْ وَ تَرَحاً[٢١]  حِينَ صِرْتُمْ غَرَضاً[٢٢] يُرْمَى يُغَارُ ٧٥ عَلَيْكُمْ وَ لَا تُغِيرُونَ وَ تُغْزَوْنَ وَ لَا تَغْزُونَ وَ يُعْصَى اللَّهُ وَ تَرْضَوْنَ فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِالسَّيْرِ إِلَيْهِمْ فِي أَيَّامِ الْحَرِّ قُلْتُمْ هَذِهِ حَمَارَّةُ الْقَيْظِ[٢٣] أَمْهِلْنَا يُسَبَّخْ عَنَّا الْحَرُّ[٢٤] وَ إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِالسَّيْرِ إِلَيْهِمْ فِي الشِّتَاءِ قُلْتُمْ هَذِهِ صَبَارَّةُ الْقُرِّ[٢٥] أَمْهِلْنَا يَنْسَلِخْ عَنَّا الْبَرْدُ كُلُّ هَذَا فِرَاراً مِنَ الْحَرِّ وَ الْقُرِّ فَإِذَا كُنْتُمْ مِنَ الْحَرِّ وَ الْقُرِّ تَفِرُّونَ فَأَنْتُمْ وَ اللَّهِ مِنَ السَّيْفِ أَفَرُّ.

البرم بالناس‏

يَا أَشْبَاهَ الرِّجَالِ وَ لَا رِجَالَ حُلُومُ الْأَطْفَالِ وَ عُقُولُ رَبَّاتِ الْحِجَالِ[٢٦] لَوَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَرَكُمْ وَ لَمْ أَعْرِفْكُمْ مَعْرِفَةً وَ اللَّهِ جَرَّتْ نَدَماً وَ أَعْقَبَتْ سَدَماً[٢٧] قَاتَلَكُمُ اللَّهُ لَقَدْ مَلَأْتُمْ قَلْبِي قَيْحاً[٢٨] وَ شَحَنْتُمْ[٢٩] صَدْرِي غَيْظاً وَ جَرَّعْتُمُونِي نُغَبَ[٣٠] التَّهْمَامِ[٣١]  أَنْفَاساً[٣٢] وَ أَفْسَدْتُمْ عَلَيَّ رَأْيِي بِالْعِصْيَانِ وَ الْخِذْلَانِ حَتَّى لَقَدْ قَالَتْ قُرَيْشٌ إِنَّ ابْنَ أَبِي‏ طَالِبٍ رَجُلٌ شُجَاعٌ وَ لَكِنْ لَا عِلْمَ لَهُ بِالْحَرْبِ لِلَّهِ أَبُوهُمْ وَ هَلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَشَدُّ لَهَا مِرَاساً[٣٣] وَ أَقْدَمُ فِيهَا مَقَاماً مِنِّي لَقَدْ نَهَضْتُ فِيهَا وَ مَا بَلَغْتُ الْعِشْرِينَ وَ هَا أَنَا ذَا قَدْ ذَرَّفْتُ عَلَى السِّتِّينَ[٣٤] وَ لَكِنْ لَا رَأْيَ لِمَنْ لَا يُطَاع‏.

_____________________________
[١] . جُنّتُه‏- بالضم- وقايته، و الجنّة: كل ما استترت به.
[٢] . رغبةً عنه‏: زهدا فيه.
[٣] . دُيّثَ ‏مبني للمجهول من ديّثه، أي: ذلّله.
[٤] . القَماءة: الصّغار و الذل، و الفعل منه قمؤ من باب كرم.
[٥] . الإسهاب‏: ذهاب العقل أو كثرة الكلام، أي حيل بينه و بين الخير بكثرة الكلام بلا فائدة. و روي:
 (ضرب على قلبه بالأسداد) جمع سد أي الحجب.
[٦] . أديل الحقّ منه‏، أي: صارت الدولة للحق بدله.
[٧] . سِيمَ الخَسْفَ‏: أي: أولي الخسف، و كلّفه، و الخسف الذل و المشقة أيضا.
[٨] . النّصَف‏: العدل، و منع مجهول، أي حرم العدل بأن يسلط اللَّه عليه من يغلبه على أمره فيظلمه.
[٩] . عُقْر الدار- بالضم- وسطها و أصلها.
[١٠] . تواكلتم‏: وكل كل منكم الأمر إلى صاحبه، أي لم يتولّه أحد منكم، بل أحاله كلّ على الآخر.
[١١] . شُنّت الغارات‏: مزّقت عليكم من كل جانب كما يشن الماء متفرقا دفعة بعد دفعة.
[١٢] . الأنبار: بلدة على شاطى‏ء الفرات الشرقي، و يقابلها على الجانب الآخر «هيت».
[١٣] . المسَالِحُ‏: جمع مسلحة- بالفتح- و هي الثغر و المرقب حيث يخشى طروق الأعداء.
[١٤] . المعاهَدَة: الذميّة.
[١٥] . الحِجْل‏ بالكسر و بالفتح و بكسرين الخلخال.
[١٦] . القُلُب‏: بصمتين: جمع قلب بالضم فسكون: السوار المصمت.
[١٧] . رُعُثها- بضم الراء و العين- جمع رعاث، و رعاث جمع رعثة، و هو ضرب من الخرز.
[١٨] . الاسترجاع‏: ترديد الصوت بالبكاء مع القول: إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ، و الاسترحام: أن تناشده الرحمة.
[١٩] . وافرين‏: تامين على كثرتهم لم ينقص عددهم و يروى (موفورين).
[٢٠] . الكَلْم‏- بالفتح- الجرح.
[٢١] . تَرَحاً- بالتحريك- أي همّا و حزنا.
[٢٢] . الغرض‏: ما ينصب ليرمى بالسهام و نحوها. فقد صاروا بمنزلة الهدف يرميهم الرامون.
[٢٣] . حَمَارّة القيظ - بتشديد الراء، و ربما خففت في ضرورة الشعر: شدة الحر.
[٢٤] . التسبيخ‏- بالخاء المعجمة-: التخفيف و التسكين.
[٢٥] . صَبَارّة الشتاء بتشديد الراء: شدة برده، و القر- بالضم- البرد، و قيل: هو برد الشتاء خاصة.
[٢٦] . حِجال‏: جمع حجلة و هي القبة، و موضع يزين بالستور، و ربات الحجال: النساء.
[٢٧] . السَّدَم‏: محركة: الهم مع أسف أو غيظ و فعله كفرح.
[٢٨] . القيح‏: ما في القرحة من الصديد. و فعله كباع.
[٢٩] . شحنتم صدري‏: ملأتموه.
[٣٠] . النُغَب‏: جمع نغبة كجرعة و جرع لفظا و معنى.
[٣١] . التّهْمَام‏- بالفتح- الهم، و كل تفعال فهو بالفتح إلّا التبيان و التلقاء فهما بالكسر.
[٣٢] . أنفاساً: أي جرعة بعد جرعة. و المراد أن أنفاسه أمست هما يتجرّعه.
[٣٣] . مِراساً: مصدر مارسه ممارسة و مراسا. أي عالجه و زاوله و عاناه.
[٣٤] . ذَرّفْتُ على الستين‏: زدت عليها، و روى المبرد «نيّفت» و هو بمعناه.
****************************