وقال (عليه السلام): إِذَا قَدَرْتَ عَلَى عَدُوِّكَ فَاجْعَلِ الْعَفْوَ عَنْهُ شُكْراً لِلْقُدْرَةِ عَلَيْهِ .                
وقال (عليه السلام): زُهْدُكَ فِي رَاغِب فِيكَ نُقْصَانُ حَظّ، وَرَغْبَتُكَ فِي زَاهِد فِيكَ ذُلُّ نَفْس.                
وقال (عليه السلام): إذَا كَانَ في رَجُل خَلَّةٌ رَائِعَةٌ فَانْتَظِرْ أَخَوَاتِهَا.                
وقال (عليه السلام): الرِّزْقُ رِزْقَانِ: طَالِبٌ، وَمَطْلُوبٌ، فَمَنْ طَلَبَ الدُّنْيَا طَلَبَهُ الْمَوْتُ حَتَّى يُخْرِجَهُ عَنْهَا،مَنْ طَلَبَ الاْخِرَةَ طَلَبَتْهُ الدُّنْيَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ رِزْقَهُ مِنْهَا.                
وقال (عليه السلام) : مَنِ اتَّجَرَ بِغَيْرِ فِقْه ارْتَطَمَ فِي الرِّبَا .                
وقال (عليه السلام): عَلامةُ الاِْيمَانِ أَنْ تُؤثِرَ الصِّدْقَ حَيْثُ يَضُرُّكَ عَلَى الْكَذِبِ حَيْثُ يَنْفَعُكَ،أَنْ يَكُونَ فِي حَديِثِكَ فَضْلٌ عَنْ عِلْمِكَ، وَأَنْ تَتَّقِيَ اللهَ فِي حَدِيثِ غَيْرِكَ.                
وقال (عليه السلام) : مَنْ كَرُمَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ هَانَتْ عَلَيْهِ شَهْوَتُهُ .                

Search form

نـهج البـــــــــلاغـة
إرسال الی صدیق
٨٧ - و من خطبة له (ع) و هي في بيان صفات المتقين و صفات الفساق و التنبيه إلى مكان العترة الطيبة و الظن الخاطئ لبعض الناس‏

عِبَادَ اللَّهِ إِنَّ مِنْ أَحَبِّ عِبَادِ اللَّهِ إِلَيْهِ عَبْداً أَعَانَهُ اللَّهُ عَلَى نَفْسِهِ فَاسْتَشْعَرَ الْحُزْنَ وَ تَجَلْبَبَ الْخَوْفَ[١] فَزَهَرَ مِصْبَاحُ الْهُدَى[٢] فِي قَلْبِهِ وَ أَعَدَّ الْقِرَى[٣] لِيَوْمِهِ النَّازِلِ بِهِ فَقَرَّبَ عَلَى نَفْسِهِ الْبَعِيدَ وَ هَوَّنَ الشَّدِيدَ نَظَرَ فَأَبْصَرَ وَ ذَكَرَ فَاسْتَكْثَرَ وَ ارْتَوَى مِنْ عَذْبٍ فُرَاتٍ سُهِّلَتْ لَهُ مَوَارِدُهُ فَشَرِبَ نَهَلًا[٤] وَ سَلَكَ سَبِيلًا جَدَداً[٥] قَدْ خَلَعَ سَرَابِيلَ الشَّهَوَاتِ وَ تَخَلَّى مِنَ الْهُمُومِ إِلَّا هَمّاً وَاحِداً انْفَرَدَ بِهِ فَخَرَجَ مِنْ صِفَةِ الْعَمَى وَ مُشَارَكَةِ أَهْلِ الْهَوَى وَ صَارَ مِنْ مَفَاتِيحِ أَبْوَابِ الْهُدَى وَ مَغَالِيقِ أَبْوَابِ الرَّدَى قَدْ أَبْصَرَ طَرِيقَهُ وَ سَلَكَ سَبِيلَهُ وَ عَرَفَ مَنَارَهُ وَ قَطَعَ غِمَارَهُ[٦] وَ اسْتَمْسَكَ مِنَ الْعُرَى بِأَوْثَقِهَا وَ مِنَ الْحِبَالِ بِأَمْتَنِهَا فَهُوَ مِنَ الْيَقِينِ عَلَى مِثْلِ ضَوْءِ الشَّمْسِ قَدْ نَصَبَ نَفْسَهُ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ فِي أَرْفَعِ الْأُمُورِ مِنْ إِصْدَارِ كُلِّ وَارِدٍ عَلَيْهِ وَ تَصْيِيرِ كُلِّ فَرْعٍ إِلَى أَصْلِهِ مِصْبَاحُ ظُلُمَاتٍ كَشَّافُ‏ عَشَوَاتٍ[٧] مِفْتَاحُ مُبْهَمَاتٍ دَفَّاعُ مُعْضِلَاتٍ دَلِيلُ فَلَوَاتٍ[٨] يَقُولُ فَيُفْهِمُ وَ يَسْكُتُ فَيَسْلَمُ قَدْ أَخْلَصَ لِلَّهِ فَاسْتَخْلَصَهُ فَهُوَ مِنْ مَعَادِنِ دِينِهِ وَ أَوْتَادِ أَرْضِهِ قَدْ أَلْزَمَ  نَفْسَهُ الْعَدْلَ فَكَانَ أَوَّلَ عَدْلِهِ نَفْيُ الْهَوَى عَنْ نَفْسِهِ يَصِفُ الْحَقَّ وَ يَعْمَلُ بِهِ لَا يَدَعُ لِلْخَيْرِ غَايَةً إِلَّا أَمَّهَا[٩] وَ لَا مَظِنَّةً[١٠] إِلَّا قَصَدَهَا قَدْ أَمْكَنَ الْكِتَابَ مِنْ زِمَامِهِ[١١] فَهُوَ قَائِدُهُ وَ إِمَامُهُ يَحُلُّ حَيْثُ حَلَّ ثَقَلُهُ[١٢] وَ يَنْزِلُ حَيْثُ كَانَ مَنْزِلُهُ‏.

صفات الفساق‏

وَ آخَرُ قَدْ تَسَمَّى عَالِماً وَ لَيْسَ بِهِ فَاقْتَبَسَ جَهَائِلَ مِنْ جُهَّالٍ وَ أَضَالِيلَ مِنْ ضُلَّالٍ وَ نَصَبَ لِلنَّاسِ أَشْرَاكاً مِنْ حَبَائِلِ غُرُورٍ وَ قَوْلِ زُورٍ قَدْ حَمَلَ الْكِتَابَ عَلَى آرَائِهِ وَ عَطَفَ الْحَقَّ[١٣] عَلَى أَهْوَائِهِ يُؤْمِنُ النَّاسَ مِنَ الْعَظَائِمِ وَ يُهَوِّنُ كَبِيرَ الْجَرَائِمِ يَقُولُ أَقِفُ عِنْدَ الشُّبُهَاتِ وَ فِيهَا وَقَعَ وَ يَقُولُ أَعْتَزِلُ الْبِدَعَ وَ بَيْنَهَا اضْطَجَعَ فَالصُّورَةُ صُورَةُ إِنْسَانٍ وَ الْقَلْبُ قَلْبُ حَيَوَانٍ لَا يَعْرِفُ بَابَ الْهُدَى فَيَتَّبِعَهُ وَ لَا بَابَ الْعَمَى فَيَصُدَّ عَنْهُ وَ ذَلِكَ مَيِّتُ الْأَحْيَاءِ.

عترة النبي‏

فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ وَ أَنَّى تُؤْفَكُونَ[١٤] وَ الْأَعْلَامُ[١٥] قَائِمَةٌ وَ الْآيَاتُ وَاضِحَةٌ وَ الْمَنَارُ[١٦] مَنْصُوبَةٌ فَأَيْنَ يُتَاهُ بِكُمْ[١٧] وَ كَيْفَ تَعْمَهُونَ[١٨] وَ بَيْنَكُمْ عِتْرَةُ[١٩] نَبِيِّكُمْ وَ هُمْ أَزِمَّةُ الْحَقِّ وَ أَعْلَامُ الدِّينِ وَ أَلْسِنَةُ الصِّدْقِ فَأَنْزِلُوهُمْ بِأَحْسَنِ مَنَازِلِ الْقُرْآنِ وَ رِدُوهُمْ وُرُودَ الْهِيمِ الْعِطَاشِ[٢٠] أَيُّهَا النَّاسُ خُذُوهَا عَنْ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ ص إِنَّهُ يَمُوتُ مَنْ مَاتَ مِنَّا وَ لَيْسَ بِمَيِّتٍ وَ يَبْلَى مَنْ بَلِيَ مِنَّا وَ لَيْسَ بِبَالٍ فَلَا تَقُولُوا بِمَا لَا تَعْرِفُونَ فَإِنَّ أَكْثَرَ الْحَقِّ فِيمَا تُنْكِرُونَ وَ اعْذِرُوا مَنْ لَا حُجَّةَ لَكُمْ عَلَيْهِ وَ هُوَ أَنَا أَ لَمْ أَعْمَلْ فِيكُمْ بِالثَّقَلِ الْأَكْبَرِ[٢١] وَ أَتْرُكْ فِيكُمُ الثَّقَلَ الْأَصْغَرَ قَدْ رَكَزْتُ فِيكُمْ رَايَةَ الْإِيمَانِ وَ وَقَفْتُكُمْ عَلَى حُدُودِ الْحَلَالِ وَ الْحَرَامِ وَ أَلْبَسْتُكُمُ الْعَافِيَةَ مِنْ عَدْلِي وَ فَرَشْتُكُمُ[٢٢] الْمَعْرُوفَ مِنْ قَوْلِي وَ فِعْلِي وَ أَرَيْتُكُمْ كَرَائِمَ الْأَخْلَاقِ مِنْ نَفْسِي فَلَا تَسْتَعْمِلُوا الرَّأْيَ فِيمَا لَا يُدْرِكُ قَعْرَهُ الْبَصَرُ وَ لَا تَتَغَلْغَلُ إِلَيْهِ الْفِكَرُ.

ظن خاطئ‏

و منها

حَتَّى يَظُنَّ الظَّانُّ أَنَّ الدُّنْيَا مَعْقُولَةٌ عَلَى بَنِي أُمَيَّةَ[٢٣] تَمْنَحُهُمْ دَرَّهَا[٢٤] وَ تُورِدُهُمْ صَفْوَهَا وَ لَا يُرْفَعُ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ سَوْطُهَا وَ لَا سَيْفُهَا وَ كَذَبَ الظَّانُّ لِذَلِكَ بَلْ هِيَ مَجَّةٌ[٢٥] مِنْ لَذِيذِ الْعَيْشِ يَتَطَعَّمُونَهَا بُرْهَةً ثُمَّ يَلْفِظُونَهَا جُمْلَةً.

______________________
[١] . استشعر: لبس الشعار، و هو ما يلي البدن من اللباس، و تجلبب: لبس الجلباب و هو ما يكون فوق جميع الثياب، و قد سبق تفسيرها.
[٢] . زَهَرَ مصباحُ الهدى‏: تلألأ و أضاء.
[٣] . القِرَى‏ - بالكسر- ما يهيّأ للضيف، و هو هنا العمل الصالح يهيّئه للقاء الموت و حلول الأجل.
[٤] . النّهَلُ‏: أول الشرب، و المراد: أخذ حظّا لا يحتاج معه إلى العمل، و هو الشرب الثاني.
[٥] . الجَدد - بالتحريك-: الأرض الغليظة، أي: الصلبة المستوية، و مثلها يسهل السير فيه.
[٦] . الغمار: جمع غمر- بالفتح- و هو معظم البحر، و المراد أنه عبر بحار المهالك إلى سواحل النجاة.
[٧] . عَشَوَات‏: جمع عشوة- بالحركات الثلاث- و هي الأمر الملتبس.
[٨] . الفَلَوَات‏: جمع فلاة، و هي الصحراء الواسعة، مجاز عن مجالات العقول في الوصول إلى الحقائق.
[٩] . أمّها: قصدها.
[١٠] . «مظنّة» أي: موضع ظنّ لوجود الفائدة.
[١١] . «أمْكَنَهُ زِمامِهِ»: تمثيل لانقياده إلى أحكامه، كأنه مطية، و الكتاب يقوده إلى حيث شاء.
[١٢] . ثَقَلُ المسافر- محرّكة-: متاعه و حشمه، و ثقل الكتاب: ما يحمل من أوامر و نواه.
[١٣] . «عَطَفَ الحقّ» حمل الحقّ على رغباته، أي: لا يعرف حقّا إلا إياها.
[١٤] . تُؤفَكُون‏: تقلبون و تصرفون- بالبناء للمجهول.
[١٥] . الأعلام‏: الدلائل على الحق من معجزات و نحوها.
[١٦] . المنار: جمع منارة.
[١٧] . يُتاه بكم‏: من التّيه بمعنى الضلال. و الحيرة.
[١٨] . تَعْمَهون‏: تتحيّرون.
[١٩] . عِتْرَة الرّجل‏: نسله و رهطه.
[٢٠] . «رِدُوهم وُرُود الهيمِ العطِاش»: أي: هلمّوا إلى بحار، علومهم مسرعين كما تسرع الهيم- أي الإبل العطشى- إلى الماء.
[٢١] . الثّقَل‏ هنا: بمعنى النفيس من كل شي‏ء، و في الحديث عن النبي (ص) قال: «تركت فيكم الثّقلين: كتاب اللَّه، و عترتي» أي النفيسين.
[٢٢] . فَرشْتُكُمْ‏: بسطت لكم.
[٢٣] . مقصورة عليهم‏: مسخّرة لهم، كأنهم شدّوها بعقال كالناقة.
[٢٤] . «تمنحهم دَرّها»: أي لبنها.
[٢٥] . مَجّة - بفتح الميم- مصدر مرة من «مجّ الشراب من فيه» إذا رمى به.
****************************