أَرْسَلَهُ عَلَى حِينِ فَتْرَةٍ[١] مِنَ الرُّسُلِ وَ طُولِ هَجْعَةٍ مِنَ الْأُمَمِ وَ اعْتِزَامٍ[٢] مِنَ الْفِتَنِ وَ انْتِشَارٍ مِنَ الْأُمُورِ وَ تَلَظٍّ مِنَ الْحُرُوبِ[٣] وَ الدُّنْيَا كَاسِفَةُ النُّورِ ظَاهِرَةُ الْغُرُورِ عَلَى حِينِ اصْفِرَارٍ مِنْ وَرَقِهَا وَ إِيَاسٍ مِنْ ثَمَرِهَا وَ [إِعْوَارٍ] اغْوِرَارٍ[٤] مِنْ مَائِهَا قَدْ دَرَسَتْ مَنَارُ الْهُدَى وَ ظَهَرَتْ أَعْلَامُ الرَّدَى فَهِيَ مُتَجَهِّمَةٌ[٥] لِأَهْلِهَا عَابِسَةٌ فِي وَجْهِ طَالِبِهَا ثَمَرُهَا الْفِتْنَةُ[٦] وَ طَعَامُهَا الْجِيفَةُ[٧] وَ شِعَارُهَا[٨] الْخَوْفُ وَ دِثَارُهَا[٩] السَّيْفُ. فَاعْتَبِرُوا عِبَادَ اللَّهِ وَ اذْكُرُوا تِيكَ الَّتِي آبَاؤُكُمْ وَ إِخْوَانُكُمْ بِهَا مُرْتَهَنُونَ[١٠] وَ عَلَيْهَا مُحَاسَبُونَ وَ لَعَمْرِي مَا تَقَادَمَتْ بِكُمْ وَ لَا بِهِمُ الْعُهُودُ وَ لَا خَلَتْ فِيمَا بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُمُ الْأَحْقَابُ[١١] وَ الْقُرُونُ وَ مَا أَنْتُمُ الْيَوْمَ مِنْ يَوْمَ كُنْتُمْ فِي أَصْلَابِهِمْ بِبَعِيدٍ. وَ اللَّهِ مَا أَسْمَعَكُمُ الرَّسُولُ شَيْئاً إِلَّا وَ هَا أَنَا ذَا مُسْمِعُكُمُوهُ وَ مَا أَسْمَاعُكُمُ الْيَوْمَ بِدُونِ أَسْمَاعِكُمْ بِالْأَمْسِ وَ لَا شُقَّتْ لَهُمُ الْأَبْصَارُ وَ لَا جُعِلَتْ لَهُمُ الْأَفْئِدَةُ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ إِلَّا وَ قَدْ أُعْطِيتُمْ مِثْلَهَا فِي هَذَا الزَّمَانِ وَ وَ اللَّهِ مَا بُصِّرْتُمْ بَعْدَهُمْ شَيْئاً جَهِلُوهُ وَ لَا أُصْفِيتُمْ بِهِ[١٢] وَ حُرِمُوهُ وَ لَقَدْ نَزَلَتْ بِكُمُ الْبَلِيَّةُ جَائِلًا خِطَامُهَا[١٣] رِخْواً بِطَانُهَا[١٤] فَلَا يَغُرَّنَّكُمْ مَا أَصْبَحَ فِيهِ أَهْلُ الْغُرُورِ فَإِنَّمَا هُوَ ظِلٌّ مَمْدُودٌ إِلَى أَجَلٍ مَعْدُود.