وقال (عليه السلام): أَعْجَزُ النَّاسِ مَنْ عَجَزَ عَنِ اكْتِسَابِ الاْخْوَانِ، وَأَعْجَزُ مِنْهُ مَنْ ضَيَّعَ مَنْ ظَفِرَ بِهِ مِنْهُمْ .                
وقال (عليه السلام): مَنْهُومَانِ لاَ يَشْبَعَانِ: طَالِبُ عِلْم، وَطَالِبُ دُنْيَا.                
وقال (عليه السلام): مَا مَزَحَ امْرُؤٌ مَزْحَةً إِلاَّ مَجَّ مِنْ عَقْلِهِ مَجَّةً.                
وقال (عليه السلام): الْحِلْمُ وَالاَْنَاةُ تَوْأَمَانِ يُنْتِجُهُمَا عُلُوُّ الْهِمَّةِ.                
وقال (عليه السلام): إِذَا وَصَلَتْ إِليْكُمْ أَطْرَافُ النِّعَمِ فَلاَ تُنْفِرُوا أَقْصَاهَا بِقِلَّةِ الشُّكْرِ .                
وقال (عليه السلام): اذْكُرُوا انْقِطَاعَ الَّلذَّاتِ، وَبَقَاءَ التَّبِعَاتِ.                
وقال (عليه السلام): اذْكُرُوا انْقِطَاعَ الَّلذَّاتِ، وَبَقَاءَ التَّبِعَاتِ.                

Search form

نـهج البـــــــــلاغـة
إرسال الی صدیق
١٠٨ - و من خطبة له (ع) و هي من خطب الملاحم‏

اللّه تعالى‏

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْمُتَجَلِّي لِخَلْقِهِ بِخَلْقِهِ وَ الظَّاهِرِ لِقُلُوبِهِمْ بِحُجَّتِهِ خَلَقَ الْخَلْقَ مِنْ غَيْرِ رَوِيَّةٍ إِذْ كَانَتِ الرَّوِيَّاتُ لَا تَلِيقُ إِلَّا بِذَوِي الضَّمَائِرِ[١] وَ لَيْسَ بِذِي ضَمِيرٍ فِي نَفْسِهِ خَرَقَ عِلْمُهُ بَاطِنَ غَيْبِ السُّتُرَاتِ[٢] وَ أَحَاطَ بِغُمُوضِ عَقَائِدِ السَّرِيرَاتِ‏.

وَ مِنْهَا فِي ذِكْرِ النَّبِيِّ (ص‏)

اخْتَارَهُ مِنْ شَجَرَةِ الْأَنْبِيَاءِ وَ مِشْكَاةِ الضِّيَاءِ[٣] وَ ذُؤَابَةِ الْعَلْيَاءِ[٤] وَ سُرَّةِ الْبَطْحَاءِ[٥] وَ مَصَابِيحِ الظُّلْمَةِ وَ يَنَابِيعِ الْحِكْمَةِ.

فتنة بني أمية

و منها

طَبِيبٌ دَوَّارٌ بِطِبِّهِ قَدْ أَحْكَمَ مَرَاهِمَهُ وَ أَحْمَى مَوَاسِمَهُ[٦] يَضَعُ ذَلِكَ حَيْثُ الْحَاجَةُ إِلَيْهِ مِنْ قُلُوبٍ عُمْيٍ وَ آذَانٍ صُمٍّ وَ أَلْسِنَةٍ بُكْمٍ مُتَتَبِّعٌ بِدَوَائِهِ مَوَاضِعَ الْغَفْلَةِ وَ مَوَاطِنَ الْحَيْرَةِ لَمْ يَسْتَضِيئُوا بِأَضْوَاءِ الْحِكْمَةِ وَ لَمْ يَقْدَحُوا بِزِنَادِ الْعُلُومِ الثَّاقِبَةِ فَهُمْ فِي ذَلِكَ كَالْأَنْعَامِ السَّائِمَةِ وَ الصُّخُورِ الْقَاسِيَةِ قَدِ انْجَابَتِ السَّرَائِرُ[٧] لِأَهْلِ الْبَصَائِرِ وَ وَضَحَتْ مَحَجَّةُ الْحَقِّ لِخَابِطِهَا[٨] وَ أَسْفَرَتِ السَّاعَةُ عَنْ وَجْهِهَا وَ ظَهَرَتِ الْعَلَامَةُ لِمُتَوَسِّمِهَا مَا لِي أَرَاكُمْ أَشْبَاحاً بِلَا أَرْوَاحٍ وَ أَرْوَاحاً بِلَا أَشْبَاحٍ وَ نُسَّاكاً بِلَا صَلَاحٍ وَ تُجَّاراً بِلَا أَرْبَاحٍ وَ أَيْقَاظاً نُوَّماً وَ شُهُوداً غُيَّباً وَ نَاظِرَةً عَمْيَاءَ وَ سَامِعَةً صَمَّاءَ وَ نَاطِقَةً بَكْمَاءَ رَايَةُ ضَلَالٍ قَدْ قَامَتْ عَلَى قُطْبِهَا[٩] وَ تَفَرَّقَتْ بِشُعَبِهَا[١٠] تَكِيلُكُمْ بِصَاعِهَا[١١] وَ تَخْبِطُكُمْ بِبَاعِهَا[١٢] قَائِدُهَا خَارِجٌ مِنَ الْمِلَّةِ قَائِمٌ عَلَى الضِّلَّةِ [الضَّلَّةِ] فَلَا يَبْقَى يَوْمَئِذٍ مِنْكُمْ إِلَّا ثُفَالَةٌ[١٣] كَثُفَالَةِ الْقِدْرِ أَوْ نُفَاضَةٌ كَنُفَاضَةِ الْعِكْمِ[١٤] تَعْرُكُكُمْ عَرْكَ الْأَدِيمِ[١٥] وَ تَدُوسُكُمْ دَوْسَ الْحَصِيدِ[١٦] وَ تَسْتَخْلِصُ الْمُؤْمِنَ مِنْ بَيْنِكُمُ اسْتِخْلَاصَ الطَّيْرِ الْحَبَّةَ الْبَطِينَةَ[١٧] مِنْ بَيْنِ هَزِيلِ الْحَبِّ أَيْنَ تَذْهَبُ بِكُمُ الْمَذَاهِبُ وَ تَتِيهُ بِكُمُ الْغَيَاهِبُ وَ تَخْدَعُكُمُ الْكَوَاذِبُ وَ مِنْ أَيْنَ تُؤْتَوْنَ وَ أَنَّى تُؤْفَكُونَ فَلِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ وَ لِكُلِّ غَيْبَةٍ إِيَابٌ فَاسْتَمِعُوا مِنْ رَبَّانِيِّكُمْ[١٨] وَ أَحْضِرُوهُ قُلُوبَكُمْ وَ اسْتَيْقِظُوا إِنْ هَتَفَ بِكُمْ-[١٩]  وَ لْيَصْدُقْ رَائِدٌ[٢٠] أَهْلَهُ وَ لْيَجْمَعْ شَمْلَهُ وَ لْيُحْضِرْ ذِهْنَهُ فَلَقَدْ فَلَقَ لَكُمُ الْأَمْرَ فَلْقَ الْخَرَزَةِ وَ قَرَفَهُ قَرْفَ الصَّمْغَةِ[٢١] فَعِنْدَ ذَلِكَ أَخَذَ الْبَاطِلُ مَآخِذَهُ وَ رَكِبَ الْجَهْلُ مَرَاكِبَهُ وَ عَظُمَتِ الطَّاغِيَةُ وَ قَلَّتِ الدَّاعِيَةُ وَ صَالَ الدَّهْرُ صِيَالَ السَّبُعِ الْعَقُورِ وَ هَدَرَ فَنِيقُ[٢٢] الْبَاطِلِ بَعْدَ كُظُومٍ[٢٣] وَ تَوَاخَى النَّاسُ عَلَى الْفُجُورِ وَ تَهَاجَرُوا عَلَى الدِّينِ وَ تَحَابُّوا عَلَى الْكَذِبِ وَ تَبَاغَضُوا عَلَى الصِّدْقِ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَانَ الْوَلَدُ غَيْظاً[٢٤] وَ الْمَطَرُ قَيْظاً[٢٥] وَ تَفِيضُ اللِّئَامُ فَيْضاً وَ تَغِيضُ الْكِرَامُ غَيْضاً[٢٦] وَ كَانَ أَهْلُ ذَلِكَ الزَّمَانِ ذِئَاباً وَ سَلَاطِينُهُ سِبَاعاً وَ أَوْسَاطُهُ أُكَّالًا [أَكَالًا] وَ فُقَرَاؤُهُ أَمْوَاتاً وَ غَارَ الصِّدْقُ وَ فَاضَ الْكَذِبُ وَ اسْتُعْمِلَتِ الْمَوَدَّةُ بِاللِّسَانِ وَ تَشَاجَرَ النَّاسُ بِالْقُلُوبِ وَ صَارَ الْفُسُوقُ نَسَباً وَ الْعَفَافُ عَجَباً وَ لُبِسَ‏ الْإِسْلَامُ لُبْسَ الْفَرْوِ مَقْلُوبا.

__________________________
[١] . المراد «بذوي الضمائر» ذوو القلوب و الحواسّ البدائية.
[٢] . السّترات‏: جمع سترة، ما يستر به، أيّا كان.
[٣] . المِشْكاة: كل كوّة غير نافذة و من العادة أن يوضع فيها المصباح.
[٤] . الذّؤابة: الناصية، أو منبتها من الرأس.
[٥] . البَطْحاء: ما بين أخشبي مكة، كانت تسكنه قبائل من قريش، و يقال لهم قريش البطاح.
[٦] . مَوَاسِمُه‏: جمع ميسم- بكسر الميم- و هو المكواة، يجمع على مواسم و مياسم.
[٧] . انجابَتْ‏: من قولهم: انجابت الناقة، إذا مدت عنقها للحلب.
[٨] . خابطها: السائر عليها.
[٩] . قامت على قُطْبها: تمثيل لانتظام أمرها و استحكام قوتها.
[١٠] . شُعَب‏: جمع شعبة: و هو الفرع.
[١١] . تَكيلكم‏: أي تأخذكم للهلاك جملة كما يأخذ الكيّال ما يكيله من الحبّ.
[١٢] . تَخْبِطكم‏: من «خبط الشجرة» ضربها بالعصيّ ليتناثر ورقها، أو من خبط البعير بيده الأرض أي ضربها. و عبّر بالباع ليفيد استطالتها عليهم، و تناولها لقريبهم و بعيدهم.
[١٣] . الثُفالة - بالضم- كالثّفل و الثافل: هو ما استقرّ تحت الشي‏ء من كدرة. و ثفالة القدر: ما يبقى في قعره من عكارة. و المراد الأرذال و السّفلة.
[١٤] . النّفَاضة: ما يسقط بالنفض. و العكم- بالكسر- العدل بالكسر أيضا، و نمط تجعل فيه المرأة ذخيرتها. و المراد ما يبقى بعد تفريغه في خلال نسيجه فينفض لينظف.
[١٥] . العَرْك‏: شديد الدّلك. و عركة حكّه حتى عفاه. و الأديم: الجلد
[١٦] . الحَصِيد: المحصود.
[١٧] . البَطِينة: السمينة.
[١٨] . الرّبّاني‏:- بتشديد الباء- المتألّه العارف باللَّه عز و جل.
[١٩] . هتف بكم‏: صاح بكم.
[٢٠] . الرائد: من يتقدم القوم ليكشف لهم مواضع الكلأ، و يتعرف سهولة الوصول اليها من صعوبته.
[٢١] . قرف الصّمْغة: قشرها. و خصّ هذا بالذكر لأن الصمغة إذا قشرت لا يبقى لها أثر.
[٢٢] . الفَنِيق‏: الفحل من الإبل.
[٢٣] . كُظُوم‏: إمساك و سكون.
[٢٤] . كان الولد غيظاً: يغيظ والده لشبوبه على العقوق.
[٢٥] . القَيْظ: شدة الحر: و المراد بكون المطر قيظا عدم فائدته.
[٢٦] . تغيض‏: من «غاض الماء» إذا غار في الأرض و جفّت ينابيعه.
****************************