وقال (عليه السلام): مَنْ ضَيَّعَهُ الاْقْرَبُ أُتِيحَ لَهُ الاْبْعَدُ .                
وقال (عليه السلام): إِذَا أَقْبَلَتِ الدُّنْيَا عَلَى أحَد أَعَارَتْهُ مَحَاسِنَ غَيْرِهِ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ عَنْهُ سَلَبَتْهُ مَحَاسِنَ نَفْسِهِ .                
وقال (عليه السلام): مَا لاِبْنِ آدَمَ وَالْفَخْرِ: أَوَّلُهُ نُطْفَةٌ، وَآخِرُهُ جِيفَةٌ، و َلاَ يَرْزُقُ نَفْسَهُ، وَلاَ يَدفَعُ حَتْفَهُ.                
وقال (عليه السلام) : هَلَكَ فِي رَجُلاَنِ: مُحِبٌّ غَال ، وَمُبْغِضٌ قَال .                
وقال (عليه السلام): لاَ خَيْرَ فِي الصَّمْتِ عَنِ الْحُكْمِ، كَمَا أنَّهُ لاَ خَيْرَ فِي الْقَوْلِ بِالْجَهْلِ.                
وقال (عليه السلام): أَشَدُّ الذُّنُوبِ مَا اسْتَخَفَّ بِهِ صَاحِبُهُ.                
وقال (عليه السلام): زُهْدُكَ فِي رَاغِب فِيكَ نُقْصَانُ حَظّ، وَرَغْبَتُكَ فِي زَاهِد فِيكَ ذُلُّ نَفْس.                

Search form

نـهج البـــــــــلاغـة
إرسال الی صدیق
١١١ - و من خطبة له (ع) في ذم الدنيا

أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أُحَذِّرُكُمُ الدُّنْيَا فَإِنَّهَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ حُفَّتْ بِالشَّهَوَاتِ وَ تَحَبَّبَتْ بِالْعَاجِلَةِ وَ رَاقَتْ بِالْقَلِيلِ وَ تَحَلَّتْ بِالْآمَالِ وَ تَزَيَّنَتْ بِالْغُرُورِ لَا تَدُومُ حَبْرَتُهَا[١] وَ لَا تُؤْمَنُ فَجْعَتُهَا غَرَّارَةٌ ضَرَّارَةٌ حَائِلَةٌ[٢] زَائِلَةٌ نَافِدَةٌ[٣] بَائِدَةٌ[٤] أَكَّالَةٌ غَوَّالَةٌ[٥] لَا تَعْدُو إِذَا تَنَاهَتْ إِلَى أُمْنِيَّةِ أَهْلِ الرَّغْبَةِ فِيهَا وَ الرِّضَاءِ بِهَا أَنْ تَكُونَ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى سُبْحَانَهُ- كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً[٦] تَذْرُوهُ الرِّياحُ‏  وَ كانَ اللَّهُ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ مُقْتَدِراً لَمْ يَكُنِ امْرُؤٌ مِنْهَا فِي حَبْرَةٍ إِلَّا أَعْقَبَتْهُ بَعْدَهَا عَبْرَةً[٧] وَ لَمْ يَلْقَ فِي [مِنْ‏] سَرَّائِهَا بَطْناً[٨] إِلَّا مَنَحَتْهُ مِنْ ضَرَّائِهَا ظَهْراً[٩] - وَ لَمْ تَطُلَّهُ[١٠] فِيهَا دِيمَةُ[١١] رَخَاءٍ[١٢] إِلَّا هَتَنَتْ[١٣] عَلَيْهِ مُزْنَةُ بَلَاءٍ وَ حَرِيٌّ إِذَا أَصْبَحَتْ لَهُ مُنْتَصِرَةً أَنْ تُمْسِيَ لَهُ مُتَنَكِّرَةً وَ إِنْ جَانِبٌ مِنْهَا اعْذَوْذَبَ وَ احْلَوْلَى أَمَرَّ مِنْهَا جَانِبٌ فَأَوْبَى[١٤] لَا يَنَالُ امْرُؤٌ مِنْ غَضَارَتِهَا[١٥] رَغَباً[١٦] إِلَّا أَرْهَقَتْهُ[١٧] مِنْ نَوَائِبِهَا تَعَباً وَ لَا يُمْسِي مِنْهَا فِي جَنَاحِ أَمْنٍ إِلَّا أَصْبَحَ عَلَى قَوَادِمِ[١٨] خَوْفٍ غَرَّارَةٌ غُرُورٌ مَا فِيهَا فَانِيَةٌ فَانٍ مَنْ عَلَيْهَا لَا خَيْرَ فِي شَيْ‏ءٍ مِنْ أَزْوَادِهَا إِلَّا التَّقْوَى مَنْ أَقَلَّ مِنْهَا اسْتَكْثَرَ مِمَّا يُؤْمِنُهُ وَ مَنِ اسْتَكْثَرَ مِنْهَا اسْتَكْثَرَ مِمَّا يُوبِقُهُ[١٩] وَ زَالَ عَمَّا قَلِيلٍ عَنْهُ كَمْ مِنْ وَاثِقٍ بِهَا قَدْ فَجَعَتْهُ وَ ذِي طُمَأْنِينَةٍ إِلَيْهَا قَدْ صَرَعَتْهُ وَ ذِي أُبَّهَةٍ[٢٠] قَدْ جَعَلَتْهُ حَقِيراً وَ ذِي نَخْوَةٍ[٢١] قَدْ رَدَّتْهُ ذَلِيلًا سُلْطَانُهَا دُوَّلٌ[٢٢] وَ عَيْشُهَا [رَنَقٌ‏] رَنِقٌ[٢٣] وَ عَذْبُهَا أُجَاجٌ[٢٤] وَ حُلْوُهَا صَبِرٌ[٢٥] وَ غِذَاؤُهَا سِمَامٌ[٢٦] وَ أَسْبَابُهَا رِمَامٌ[٢٧] حَيُّهَا بِعَرَضِ مَوْتٍ وَ صَحِيحُهَا بِعَرَضِ سُقْمٍ مُلْكُهَا مَسْلُوبٌ وَ عَزِيزُهَا مَغْلُوبٌ وَ مَوْفُورُهَا[٢٨] مَنْكُوبٌ وَ جَارُهَا مَحْرُوبٌ[٢٩] أَ لَسْتُمْ فِي مَسَاكِنِ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ أَطْوَلَ أَعْمَاراً وَ أَبْقَى آثَاراً وَ أَبْعَدَ آمَالًا وَ أَعَدَّ عَدِيداً وَ أَكْثَفَ جُنُوداً تَعَبَّدُوا لِلدُّنْيَا أَيَّ تَعَبُّدٍ وَ آثَرُوهَا أَيَّ إِيْثَارٍ ثُمَّ ظَعَنُوا عَنْهَا بِغَيْرِ زَادٍ مُبَلِّغٍ وَ لَا ظَهْرٍ قَاطِعٍ[٣٠] فَهَلْ بَلَغَكُمْ أَنَّ الدُّنْيَا سَخَتْ لَهُمْ نَفْساً بِفِدْيَةٍ[٣١] أَوْ أَعَانَتْهُمْ بِمَعُونَةٍ أَوْ أَحْسَنَتْ لَهُمْ‏ صُحْبَةً بَلْ أَرْهَقَتْهُمْ بِالْقَوَادِحِ[٣٢] وَ أَوْهَقَتْهُمْ بِالْقَوَارِعِ[٣٣] وَ ضَعْضَعَتْهُمْ[٣٤] بِالنَّوَائِبِ وَ عَفَّرَتْهُمْ[٣٥] لِلْمَنَاخِرِ وَ وَطِئَتْهُمْ بِالْمَنَاسِمِ[٣٦] وَ أَعَانَتْ عَلَيْهِمْ رَيْبَ الْمَنُونِ فَقَدْ رَأَيْتُمْ تَنَكُّرَهَا لِمَنْ دَانَ لَهَا[٣٧] وَ آثَرَهَا وَ أَخْلَدَ إِلَيْهَا[٣٨] حِينَ ظَعَنُوا عَنْهَا لِفِرَاقِ الْأَبَدِ وَ هَلْ زَوَّدَتْهُمْ إِلَّا السَّغَبَ[٣٩] أَوْ أَحَلَّتْهُمْ إِلَّا الضَّنْكَ[٤٠] أَوْ نَوَّرَتْ لَهُمْ إِلَّا الظُّلْمَةَ أَوْ أَعْقَبَتْهُمْ إِلَّا النَّدَامَةَ أَ فَهَذِهِ تُؤْثِرُونَ أَمْ إِلَيْهَا تَطْمَئِنُّونَ أَمْ عَلَيْهَا تَحْرِصُونَ فَبِئْسَتِ الدَّارُ لِمَنْ لَمْ يَتَّهِمْهَا وَ لَمْ يَكُنْ فِيهَا عَلَى وَجَلٍ مِنْهَا فَاعْلَمُوا وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ بِأَنَّكُمْ تَارِكُوهَا وَ ظَاعِنُونَ عَنْهَا وَ اتَّعِظُوا فِيهَا بِالَّذِينَ قَالُوا- مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً حُمِلُوا إِلَى قُبُورِهِمْ فَلَا يُدْعَوْنَ رُكْبَاناً[٤١] وَ أُنْزِلُوا الْأَجْدَاثَ[٤٢] فَلَا يُدْعَوْنَ ضِيفَاناً وَ جُعِلَ لَهُمْ مِنَ الصَّفِيحِ[٤٣] أَجْنَانٌ[٤٤] وَ مِنَ التُّرَابِ أَكْفَانٌ وَ مِنَ الرُّفَاتِ[٤٥] جِيرَانٌ فَهُمْ جِيرَةٌ لَا يُجِيبُونَ دَاعِياً وَ لَا يَمْنَعُونَ ضَيْماً وَ لَا يُبَالُونَ مَنْدَبَةً إِنْ جِيدُوا[٤٦] لَمْ يَفْرَحُوا وَ إِنْ قُحِطُوا لَمْ يَقْنَطُوا جَمِيعٌ وَ هُمْ آحَادٌ وَ جِيرَةٌ وَ هُمْ أَبْعَادٌ مُتَدَانُونَ لَا يَتَزَاوَرُونَ وَ قَرِيبُونَ لَا يَتَقَارَبُونَ حُلَمَاءُ قَدْ ذَهَبَتْ أَضْغَانُهُمْ وَ جُهَلَاءُ قَدْ مَاتَتْ أَحْقَادُهُمْ لَا يُخْشَى فَجْعُهُمْ[٤٧] وَ لَا يُرْجَى دَفْعُهُمْ اسْتَبْدَلُوا بِظَهْرِ الْأَرْضِ بَطْناً وَ بِالسَّعَةِ ضِيقاً وَ بِالْأَهْلِ غُرْبَةً وَ بِالنُّورِ ظُلْمَةً فَجَاءُوهَا كَمَا فَارَقُوهَا حُفَاةً عُرَاةً قَدْ ظَعَنُوا عَنْهَا بِأَعْمَالِهِمْ إِلَى الْحَيَاةِ الدَّائِمَةِ وَ الدَّارِ الْبَاقِيَةِ كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى- كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِين‏.

_____________________________
[١] . الحَبْرَة - بالفتح- السرور و النعمة.
[٢] . حائلة: متغيّرة.
[٣] . نافذة: فانية.
[٤] . بائدة: هالكة.
[٥] . غَوّالة: مهلكة.
[٦] . الهَشِيم‏: النبت اليابس المكسّر.
[٧] . العَبْرَة- بالفتح-: الدمعة قبل أن تفيض.
[٨] . كنى «بالبطن» عن الإقبال.
[٩] . كنى «بالظهر» عن الإدبار.
[١٠] . الطَلّ‏: المطر الخفيف. و طلّته السماء: أمطرته مطرا قليلا.
[١١] . الدّيمة: مطر يدوم في سكون، لا رعد و لا برق معه.
[١٢] . الرّخاء: السّعة.
[١٣] . هَتَنَتَ المُزْن‏: انصبّت.
[١٤] . أوْبى‏: صار كثير الوباء، و الوباء هو المعروف بالريح الأصفر.
[١٥] . الغَضَارة: النعمة و السّعة.
[١٦] . الرّغَب‏ - بالتحريك- الرغبة و المرغوب.
[١٧] . أرْهَقَتْهُ التعبَ‏: ألحقته به.
[١٨] . القَوَادِم‏: جمع قادمة، الواحدة من أربع أو عشر ريشات في مقدّم جناح الطائر، و هي القوادم، و العشر التي تحتها هي الخوافي.
[١٩] . يُوبِقُهُ‏: يهلكه.
[٢٠] . أُبّهَة - بضم فتشديد- عظمة.
[٢١] . النّخْوَة بفتح النون- الافتخار.
[٢٢] . دُوّل‏ - بضم الدال و فتح الواو المشددة- المتحوّل.
[٢٣] . رَنِق‏ - بفتح فكسر- كدر.
[٢٤] . أجاج‏: شديد الملوحة.
[٢٥] . الصّبر - ككتف- عصارة شجر مرّ.
[٢٦] . سِمام‏: جمع سم، مثلّث السين و هو من المواد ما إذا خالط المزاج أفسده فقتل صاحبه.
[٢٧] . رِمام‏: جمع رمّة بالضم: و هي القطعة البالية من الحبل.
[٢٨] . مَوْفُورها: ما كثر منها. مصاب بالنكبة، و هي المصيبة: أي في معرض لذلك.
[٢٩] . مَحْرُوب‏: من «حربه حربا»- بالتحريك- إذا سلب ماله.
[٣٠] . ظهر قاطع‏: راحلة تركب لقطع الطريق.
[٣١] . الفِدْية: الفداء.
[٣٢] . ارْهَقَتْهُمْ‏: غشيتهم، القوادح، جمع قادح، و هو أكال- كزكام- يقع في الشجر و الأسنان.
[٣٣] . أوْهَقَتْهُمْ‏: جعلتهم في الوهق- بفتح الهاء- و هو حبل كالطّول. و القوارع: المحن و الدّواهي.
[٣٤] . ضَعْضَعَتْهُمْ‏: ذلّلتهم.
[٣٥] . عَفّرَتْهم‏: كبّتهم على مناخرهم في العفر، و هو التراب.
[٣٦] . المَنَاسِم‏: جمع منسم، و هو مقدّم خفّ البعير، أو الخفّ نفسه.
[٣٧] . دانَ لها: خضع.
[٣٨] . أخلدَ لها: ركن اليها.
[٣٩] . السّغَب‏ - بالتحريك- الجوع.
[٤٠] . الضّنْك‏: الضّيق.
[٤١] . لا يُدْعَوْنَ رُكباناً: لا يقال لهم ركبان: جمع راكب، لأن الراكب من يكون مختارا، و له التصرّف في مركوبه.
[٤٢] . الأجْدَاث‏: القبور.
[٤٣] . الصّفِيح‏: وجه كل شي‏ء عريض، و المراد وجه الأرض.
[٤٤] . الأجْنان‏ جمع جنن- بالتحريك- و هو القبر.
[٤٥] . الرُفات‏: العظام المندقّة المحطومة.
[٤٦] . جيدُوا - بالبناء للمجهول- مطروا.
[٤٧] . «لا يُخْشى فَجْعُهم»: لا تخاف منهم أن يفجعوك بضرر.
****************************