اللّه و رسوله
وَ أَحْمَدُ اللَّهَ وَ أَسْتَعِينُهُ عَلَى مَدَاحِرِ[١] الشَّيْطَانِ وَ مَزَاجِرِهِ وَ الِاعْتِصَامِ مِنْ حَبَائِلِهِ وَ مَخَاتِلِهِ[٢] وَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ نَجِيبُهُ وَ صَفْوَتُهُ لَا يُؤَازَى فَضْلُهُ وَ لَا يُجْبَرُ فَقْدُهُ أَضَاءَتْ بِهِ الْبِلَادُ بَعْدَ الضَّلَالَةِ الْمُظْلِمَةِ وَ الْجَهَالَةِ الْغَالِبَةِ وَ الْجَفْوَةِ الْجَافِيَةِ وَ النَّاسُ يَسْتَحِلُّونَ الْحَرِيمَ وَ يَسْتَذِلُّونَ الْحَكِيمَ يَحْيَوْنَ عَلَى فَتْرَةٍ[٣] وَ يَمُوتُونَ عَلَى كَفْرَةٍ.
التحذير من الفتن
ثُمَّ إِنَّكُمْ مَعْشَرَ الْعَرَبِ أَغْرَاضُ بَلَايَا قَدِ اقْتَرَبَتْ فَاتَّقُوا سَكَرَاتِ النِّعْمَةِ وَ احْذَرُوا بَوَائِقَ[٤] النِّقْمَةِ وَ تَثَبَّتُوا فِي قَتَامِ الْعِشْوَةِ[٥] وَ اعْوِجَاجِ الْفِتْنَةِ عِنْدَ طُلُوعِ جَنِينِهَا وَ ظُهُورِ كَمِينِهَا وَ انْتِصَابِ قُطْبِهَا وَ مَدَارِ رَحَاهَا تَبْدَأُ فِي مَدَارِجَ خَفِيَّةٍ وَ تَئُولُ إِلَى فَظَاعَةٍ جَلِيَّةٍ شِبَابُهَا[٦] كَشِبَابِ الْغُلَامِ وَ آثَارُهَا كَآثَارِ السِّلَامِ[٧] يَتَوَارَثُهَا الظَّلَمَةُ بِالْعُهُودِ أَوَّلُهُمْ قَائِدٌ لِآخِرِهِمْ وَ آخِرُهُمْ مُقْتَدٍ بِأَوَّلِهِمْ يَتَنَافَسُونَ فِي دُنْيَا دَنِيَّةٍ وَ يَتَكَالَبُونَ عَلَى جِيفَةٍ مُرِيحَةٍ[٨] وَ عَنْ قَلِيلٍ يَتَبَرَّأُ التَّابِعُ مِنَ الْمَتْبُوعِ وَ الْقَائِدُ مِنَ الْمَقُودِ فَيَتَزَايَلُونَ[٩] بِالْبَغْضَاءِ وَ يَتَلَاعَنُونَ عِنْدَ اللِّقَاءِ ثُمَّ يَأْتِي بَعْدَ ذَلِكَ طَالِعُ الْفِتْنَةِ الرَّجُوفِ[١٠] وَ الْقَاصِمَةِ[١١] الزَّحُوفِ فَتَزِيغُ قُلُوبٌ بَعْدَ اسْتِقَامَةٍ وَ تَضِلُّ رِجَالٌ بَعْدَ سَلَامَةٍ وَ تَخْتَلِفُ الْأَهْوَاءُ عِنْدَ هُجُومِهَا وَ تَلْتَبِسُ الْآرَاءُ عِنْدَ نُجُومِهَا-[١٢] مَنْ أَشْرَفَ لَهَا قَصَمَتْهُ وَ مَنْ سَعَى فِيهَا حَطَمَتْهُ يَتَكَادَمُونَ[١٣] فِيهَا تَكَادُمَ الْحُمُرِ فِي الْعَانَةِ[١٤] قَدِ اضْطَرَبَ مَعْقُودُ الْحَبْلِ وَ عَمِيَ وَجْهُ الْأَمْرِ تَغِيضُ[١٥] فِيهَا الْحِكْمَةُ وَ تَنْطِقُ فِيهَا الظَّلَمَةُ وَ تَدُقُّ[١٦] أَهْلَ الْبَدْوِ بِمِسْحَلِهَا[١٧] وَ تَرُضُّهُمْ[١٨] بِكَلْكَلِهَا[١٩] يَضِيعُ فِي غُبَارِهَا الْوُحْدَانُ[٢٠] وَ يَهْلِكُ فِي طَرِيقِهَا الرُّكْبَانُ تَرِدُ بِمُرِّ الْقَضَاءِ وَ تَحْلُبُ عَبِيطَ الدِّمَاءِ[٢١] وَ تَثْلِمُ مَنَارَ الدِّينِ[٢٢] وَ تَنْقُضُ عَقْدَ الْيَقِينِ يَهْرُبُ مِنْهَا الْأَكْيَاسُ[٢٣] وَ يُدَبِّرُهَا الْأَرْجَاسُ[٢٤] مِرْعَادٌ مِبْرَاقٌ كَاشِفَةٌ عَنْ سَاقٍ تُقْطَعُ فِيهَا الْأَرْحَامُ وَ يُفَارَقُ عَلَيْهَا الْإِسْلَامُ بَرِيئُهَا سَقِيمٌ وَ ظَاعِنُهَا مُقِيمٌ.
منها-
بَيْنَ قَتِيلٍ مَطْلُولٍ[٢٥] وَ خَائِفٍ مُسْتَجِيرٍ يَخْتِلُونَ[٢٦] بِعَقْدِ الْأَيْمَانِ وَ بِغُرُورِ الْإِيمَانِ فَلَا تَكُونُوا أَنْصَابَ[٢٧] الْفِتَنِ وَ أَعْلَامَ الْبِدَعِ- وَ الْزَمُوا مَا عُقِدَ عَلَيْهِ حَبْلُ الْجَمَاعَةِ وَ بُنِيَتْ عَلَيْهِ أَرْكَانُ الطَّاعَةِ وَ اقْدَمُوا عَلَى اللَّهِ مَظْلُومِينَ وَ لَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ ظَالِمِينَ وَ اتَّقُوا مَدَارِجَ الشَّيْطَانِ وَ مَهَابِطَ الْعُدْوَانِ وَ لَا تُدْخِلُوا بُطُونَكُمْ لُعَقَ[٢٨] الْحَرَامِ فَإِنَّكُمْ بِعَيْنِ[٢٩] مَنْ حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَعْصِيَةَ وَ سَهَّلَ لَكُمْ سُبُلَ الطَّاعَة.