وقال (عليه السلام): مَنْهُومَانِ لاَ يَشْبَعَانِ: طَالِبُ عِلْم، وَطَالِبُ دُنْيَا.                
وقال (عليه السلام): أَعْجَزُ النَّاسِ مَنْ عَجَزَ عَنِ اكْتِسَابِ الاْخْوَانِ، وَأَعْجَزُ مِنْهُ مَنْ ضَيَّعَ مَنْ ظَفِرَ بِهِ مِنْهُمْ .                
وقال (عليه السلام): قَلِيلٌ مَدُومٌ عَلَيْهِ خَيْرٌ مِنْ كَثِير مَمْلُول مِنْهُ .                
وقال (عليه السلام): رُبَّ مَفْتُون بِحُسْنِ الْقَوْلِ فِيهِ.                
وقال (عليه السلام): مَا مَزَحَ امْرُؤٌ مَزْحَةً إِلاَّ مَجَّ مِنْ عَقْلِهِ مَجَّةً.                
وقال (عليه السلام): زُهْدُكَ فِي رَاغِب فِيكَ نُقْصَانُ حَظّ، وَرَغْبَتُكَ فِي زَاهِد فِيكَ ذُلُّ نَفْس.                
وقال (عليه السلام): مَنْ كَرُمَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ هَانَتْ عَلَيْهِ شَهْوَتُهُ.                

Search form

نـهج البـــــــــلاغـة
إرسال الی صدیق
١٥١ - و من خطبة له (ع) يحذر من الفتن‏

اللّه و رسوله‏

وَ أَحْمَدُ اللَّهَ وَ أَسْتَعِينُهُ عَلَى مَدَاحِرِ[١] الشَّيْطَانِ وَ مَزَاجِرِهِ وَ الِاعْتِصَامِ مِنْ حَبَائِلِهِ وَ مَخَاتِلِهِ[٢] وَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ نَجِيبُهُ وَ صَفْوَتُهُ لَا يُؤَازَى فَضْلُهُ وَ لَا يُجْبَرُ فَقْدُهُ أَضَاءَتْ بِهِ الْبِلَادُ بَعْدَ الضَّلَالَةِ الْمُظْلِمَةِ وَ الْجَهَالَةِ الْغَالِبَةِ وَ الْجَفْوَةِ الْجَافِيَةِ وَ النَّاسُ يَسْتَحِلُّونَ الْحَرِيمَ وَ يَسْتَذِلُّونَ الْحَكِيمَ يَحْيَوْنَ عَلَى فَتْرَةٍ[٣] وَ يَمُوتُونَ عَلَى كَفْرَةٍ.

التحذير من الفتن‏

ثُمَّ إِنَّكُمْ مَعْشَرَ الْعَرَبِ أَغْرَاضُ بَلَايَا قَدِ اقْتَرَبَتْ فَاتَّقُوا سَكَرَاتِ النِّعْمَةِ وَ احْذَرُوا بَوَائِقَ[٤] النِّقْمَةِ وَ تَثَبَّتُوا فِي قَتَامِ الْعِشْوَةِ[٥] وَ اعْوِجَاجِ الْفِتْنَةِ عِنْدَ طُلُوعِ جَنِينِهَا وَ ظُهُورِ كَمِينِهَا وَ انْتِصَابِ قُطْبِهَا وَ مَدَارِ رَحَاهَا تَبْدَأُ فِي مَدَارِجَ خَفِيَّةٍ وَ تَئُولُ إِلَى فَظَاعَةٍ جَلِيَّةٍ شِبَابُهَا[٦] كَشِبَابِ الْغُلَامِ وَ آثَارُهَا كَآثَارِ السِّلَامِ[٧] يَتَوَارَثُهَا الظَّلَمَةُ بِالْعُهُودِ أَوَّلُهُمْ قَائِدٌ لِآخِرِهِمْ وَ آخِرُهُمْ مُقْتَدٍ بِأَوَّلِهِمْ يَتَنَافَسُونَ فِي دُنْيَا دَنِيَّةٍ وَ يَتَكَالَبُونَ عَلَى جِيفَةٍ مُرِيحَةٍ[٨] وَ عَنْ قَلِيلٍ يَتَبَرَّأُ التَّابِعُ مِنَ الْمَتْبُوعِ وَ الْقَائِدُ مِنَ الْمَقُودِ فَيَتَزَايَلُونَ[٩] بِالْبَغْضَاءِ وَ يَتَلَاعَنُونَ عِنْدَ اللِّقَاءِ ثُمَّ يَأْتِي بَعْدَ ذَلِكَ طَالِعُ الْفِتْنَةِ الرَّجُوفِ[١٠] وَ الْقَاصِمَةِ[١١] الزَّحُوفِ فَتَزِيغُ قُلُوبٌ بَعْدَ اسْتِقَامَةٍ وَ تَضِلُّ رِجَالٌ بَعْدَ سَلَامَةٍ وَ تَخْتَلِفُ الْأَهْوَاءُ عِنْدَ هُجُومِهَا وَ تَلْتَبِسُ الْآرَاءُ عِنْدَ نُجُومِهَا-[١٢] مَنْ أَشْرَفَ لَهَا قَصَمَتْهُ وَ مَنْ سَعَى فِيهَا حَطَمَتْهُ يَتَكَادَمُونَ[١٣] فِيهَا تَكَادُمَ الْحُمُرِ فِي الْعَانَةِ[١٤] قَدِ اضْطَرَبَ مَعْقُودُ الْحَبْلِ وَ عَمِيَ وَجْهُ الْأَمْرِ تَغِيضُ[١٥] فِيهَا الْحِكْمَةُ وَ تَنْطِقُ فِيهَا الظَّلَمَةُ وَ تَدُقُّ[١٦] أَهْلَ الْبَدْوِ بِمِسْحَلِهَا[١٧] وَ تَرُضُّهُمْ[١٨] بِكَلْكَلِهَا[١٩] يَضِيعُ فِي غُبَارِهَا الْوُحْدَانُ[٢٠] وَ يَهْلِكُ فِي طَرِيقِهَا الرُّكْبَانُ تَرِدُ بِمُرِّ الْقَضَاءِ وَ تَحْلُبُ عَبِيطَ الدِّمَاءِ[٢١] وَ تَثْلِمُ مَنَارَ الدِّينِ[٢٢] وَ تَنْقُضُ عَقْدَ الْيَقِينِ يَهْرُبُ مِنْهَا الْأَكْيَاسُ[٢٣] وَ يُدَبِّرُهَا الْأَرْجَاسُ[٢٤] مِرْعَادٌ مِبْرَاقٌ كَاشِفَةٌ عَنْ سَاقٍ تُقْطَعُ فِيهَا الْأَرْحَامُ وَ يُفَارَقُ عَلَيْهَا الْإِسْلَامُ بَرِيئُهَا سَقِيمٌ وَ ظَاعِنُهَا مُقِيمٌ‏.

منها-

بَيْنَ قَتِيلٍ مَطْلُولٍ[٢٥] وَ خَائِفٍ مُسْتَجِيرٍ يَخْتِلُونَ[٢٦] بِعَقْدِ الْأَيْمَانِ وَ بِغُرُورِ الْإِيمَانِ فَلَا تَكُونُوا أَنْصَابَ[٢٧] الْفِتَنِ وَ أَعْلَامَ الْبِدَعِ- وَ الْزَمُوا مَا عُقِدَ عَلَيْهِ حَبْلُ الْجَمَاعَةِ وَ بُنِيَتْ عَلَيْهِ أَرْكَانُ الطَّاعَةِ وَ اقْدَمُوا عَلَى اللَّهِ مَظْلُومِينَ وَ لَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ ظَالِمِينَ وَ اتَّقُوا مَدَارِجَ الشَّيْطَانِ وَ مَهَابِطَ الْعُدْوَانِ وَ لَا تُدْخِلُوا بُطُونَكُمْ لُعَقَ[٢٨] الْحَرَامِ فَإِنَّكُمْ بِعَيْنِ[٢٩] مَنْ حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَعْصِيَةَ وَ سَهَّلَ لَكُمْ سُبُلَ الطَّاعَة.

_______________________
[١] . الدَحْر- بفتح الدال- الطرد. و المداحر و المزاجر بها يدحر و يزجر.
[٢] . مخاتل الشيطان‏: مكائده.
[٣] . «على فَتْرة»: خلوّ من الشرائع الإلهية لا يعرفون منها شيئا.
[٤] . البوائق‏: جمع بائقة: و هي الداهية.
[٥] . القَتَام‏ - كسحاب-: الغبار. و العشوة- بالكسر و بضم و بفتح- ركوب الأمر على غير بيان.
[٦] . شِبابها: بكسر الشين- أي بداياتها في عنفوان و شدة كشباب الغلام و فتوّته.
[٧] . السِّلام‏ - بكسر السين- الحجارة الصمّ، واحدها سلمة- بكسر السين أيضا- و آثارها في الأبدان الرّضّ و الحطم.
[٨] . أراح اللحمّ فهو مُريح‏: أنتن.
[٩] . يتزايلون‏: يتفارقون.
[١٠] . الرَجُوف‏: شديدة الرجفان و الاضطراب.
[١١] . القاصمة: الكاسرة. و الزّحوف: الشديدة الزحف.
[١٢] . نُجومها: ظهورها. و هي من نجم ينجم إذا ظهر.
[١٣] . يتكادمون‏: يعضّ بعضهم بعضا.
[١٤] . العانة: الجماعة من حمر الوحش.
[١٥] . تَغِيض‏ - بالغين المعجمة- تنقص و تغور.
[١٦] . تَدُقّ‏: تفتّت.
[١٧] . المِسْحَل‏ - كمنبر- المبرد أو المنحت. و المسحل أيضا: حلقة تكون في طريف شكيمة اللّجام مدخلة في مثلها.
[١٨] . الرّضّ‏: التهشيم.
[١٩] . الكَلْكَل‏: الصدر.
[٢٠] . الوُحْدان‏: جمع واحد، أي المتفرّدون.
[٢١] . عَبيط الدماء: الطريّ الخالص منها.
[٢٢] . «تَثْلِمُ مَنَارَ الدين»: تكسره. و أصله من «ثلم الإناء أو السيف و نحوه»: كسر حرفه. و منارالدين: أعلامه، و هم علماؤه، و ثلمها: قتل العلماء و هدم قواعد الدين.
[٢٣] . الأكْياس‏: جمع كيّس، الحاذق العاقل.
[٢٤] . الأرْجاس‏ - جمع رجس-: و هو القذر و النجس، و المراد الأشرار.
[٢٥] . مَطْلُول‏: من «طللت دمه» هدرته.
[٢٦] . «يَخْتِلون بِعَقْد الأيْمان»: أي يخدعون الناس بحلف الأيمان.
[٢٧] . الأنْصابِ‏: كل ما ينصب ليقصد.
[٢٨] . اللُعَق‏: جمع لعقة- بضم اللام: و هي ما تأخذه في الملعقة.
[٢٩] . «إنّكم بِعَيْنِهِ»: أي إنه يراكم.
****************************