وقال (عليه السلام): الدُّنْيَا خُلِقَتْ لِغَيْرِهَا، ولَمْ تُخْلَقْ لِنَفْسِهَا.                
وقال (عليه السلام): لاَ خَيْرَ فِي الصَّمْتِ عَنِ الْحُكْمِ، كَمَا أنَّهُ لاَ خَيْرَ فِي الْقَوْلِ بِالْجَهْلِ.                
وقال (عليه السلام): إِذَا أَقْبَلَتِ الدُّنْيَا عَلَى أحَد أَعَارَتْهُ مَحَاسِنَ غَيْرِهِ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ عَنْهُ سَلَبَتْهُ مَحَاسِنَ نَفْسِهِ .                
وقال (عليه السلام): الغِنَى والْفَقْرُ بَعْدَ الْعَرْضِ عَلَى اللهِ.                
وقال (عليه السلام): إِذَا وَصَلَتْ إِليْكُمْ أَطْرَافُ النِّعَمِ فَلاَ تُنْفِرُوا أَقْصَاهَا بِقِلَّةِ الشُّكْرِ .                
وقال (عليه السلام): ما أَنْقَضَ النَّوْمَ لِعَزَائِمِ الْيَوْمِ.                
وقال (عليه السلام): إِذَا قَدَرْتَ عَلَى عَدُوِّكَ فَاجْعَلِ الْعَفْوَ عَنْهُ شُكْراً لِلْقُدْرَةِ عَلَيْهِ .                

Search form

نـهج البـــــــــلاغـة
إرسال الی صدیق
١٩٥ - و من خطبة له (ع) يحمد اللّه و يثني على نبيه و يعظ

حمد اللّه‏

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَظْهَرَ مِنْ آثَارِ سُلْطَانِهِ وَ جَلَالِ كِبْرِيَائِهِ مَا حَيَّرَ مُقَلَ[١] الْعُقُولِ مِنْ عَجَائِبِ قُدْرَتِهِ وَ رَدَعَ خَطَرَاتِ هَمَاهِمِ[٢] النُّفُوسِ عَنْ عِرْفَانِ كُنْهِ صِفَتِهِ‏.

الشهادتان‏

وَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ شَهَادَةَ إِيمَانٍ وَ إِيقَانٍ وَ إِخْلَاصٍ وَ إِذْعَانٍ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ أَرْسَلَهُ وَ أَعْلَامُ الْهُدَى دَارِسَةٌ وَ مَنَاهِجُ الدِّينِ طَامِسَةٌ[٣] فَصَدَعَ[٤] بِالْحَقِّ وَ نَصَحَ لِلْخَلْقِ‏ وَ هَدَى إِلَى الرُّشْدِ وَ أَمَرَ بِالْقَصْدِ[٥] (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ‏).

العظة

وَ اعْلَمُوا عِبَادَ اللَّهِ أَنَّهُ لَمْ يَخْلُقْكُمْ عَبَثاً وَ لَمْ يُرْسِلْكُمْ هَمَلًا عَلِمَ مَبْلَغَ نِعَمِهِ عَلَيْكُمْ وَ أَحْصَى إِحْسَانَهُ إِلَيْكُمْ فَاسْتَفْتِحُوهُ[٦] وَ اسْتَنْجِحُوهُ[٧] وَ اطْلُبُوا إِلَيْهِ وَ اسْتَمْنِحُوهُ[٨] فَمَا قَطَعَكُمْ عَنْهُ حِجَابٌ وَ لَا أُغْلِقَ عَنْكُمْ دُونَهُ بَابٌ وَ إِنَّهُ لَبِكُلِّ مَكَانٍ وَ فِي كُلِّ حِينٍ وَ أَوَانٍ وَ مَعَ كُلِّ إِنْسٍ وَ جَانٍّ لَا يَثْلِمُهُ[٩] الْعَطَاءُ وَ لَا يَنْقُصُهُ الْحِبَاءُ[١٠] وَ لَا يَسْتَنْفِدُهُ سَائِلٌ وَ لَا يَسْتَقْصِيهِ نَائِلٌ وَ لَا يَلْوِيهِ[١١] شَخْصٌ عَنْ شَخْصٍ وَ لَا يُلْهِيهِ صَوْتٌ عَنْ صَوْتٍ وَ لَا تَحْجُزُهُ هِبَةٌ عَنْ سَلْبٍ وَ لَا يَشْغَلُهُ غَضَبٌ عَنْ رَحْمَةٍ وَ لَا تُولِهُهُ[١٢] رَحْمَةٌ عَنْ عِقَابٍ وَ لَا يُجِنُّهُ[١٣] الْبُطُونُ عَنِ الظُّهُورِ وَ لَا يَقْطَعُهُ الظُّهُورُ عَنِ الْبُطُونِ قَرُبَ فَنَأَى وَ عَلَا فَدَنَا وَ ظَهَرَ فَبَطَنَ وَ بَطَنَ فَعَلَنَ وَ دَانَ[١٤] وَ لَمْ يُدَنْ لَمْ يَذْرَأِ[١٥] الْخَلْقَ بِاحْتِيَالٍ[١٦] وَ لَا اسْتَعَانَ بِهِمْ لِكَلَالٍ- ١٧١[١٧] أُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّهِ بِتَقْوَى اللَّهِ فَإِنَّهَا الزِّمَامُ[١٨] وَ الْقِوَامُ[١٩] فَتَمَسَّكُوا بِوَثَائِقِهَا وَ اعْتَصِمُوا بِحَقَائِقِهَا تَؤُلْ بِكُمْ إِلَى أَكْنَانِ[٢٠] الدَّعَةِ[٢١] وَ أَوْطَانِ السَّعَةِ وَ مَعَاقِلِ[٢٢] الْحِرْزِ[٢٣] وَ مَنَازِلِ الْعِزِّ فِي- يَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ وَ تُظْلِمُ لَهُ الْأَقْطَارُ وَ تُعَطَّلُ فِيهِ صُرُومُ[٢٤] الْعِشَارِ[٢٥] وَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَزْهَقُ كُلُّ مُهْجَةٍ وَ تَبْكَمُ كُلُّ لَهْجَةٍ وَ تَذِلُّ الشُّمُّ[٢٦] الشَّوَامِخُ[٢٧] وَ الصُّمُّ[٢٨] الرَّوَاسِخُ[٢٩] فَيَصِيرُ صَلْدُهَا[٣٠] سَرَاباً [رَقْرَاقاً[٣١]] [٣٢]رَقْرَقاً وَ مَعْهَدُهَا[٣٣] قَاعاً[٣٤] سَمْلَقاً[٣٥] فَلَا شَفِيعٌ يَشْفَعُ وَ لَا حَمِيمٌ يَنْفَعُ وَ لَا مَعْذِرَةٌ تَدْفَع‏.

_______________________
[١] . المُقَل‏ - بضم ففتح-: جمع مقلة، و هي شحمة العين التي تجمع البياض و السواد.
[٢] . هَمَاهِمُ النفوس‏: همومها في طلب العلم.
[٣] . طامسة: من طمس بفتحات، أي انمحى و اندرس.
[٤] . صَدَعَ‏: أي جهر، و أصلها شق بناء الباطل بصدمة الحق.
[٥] . القصد: الاعتدال في كل شي‏ء.
[٦] . استفتحوه‏: اسألوه الفتح على أعدائكم.
[٧] . استنجحوه‏: اسألوه النجاح في أعمالكم.
[٨] . استمنحوه‏: التمسوا منه العطاء.
[٩] . ثَلَمَ السيفَ‏: كسر جانبه: مجاز عن عدم انتقاص خزائنه بالعطاء.
[١٠] . الحِباء - ككتاب-: العطية لا مكافأة. و استنفده: جعله نافذ المال لا شي‏ء عنده. و استقصاه: أتى على آخر ما عنده.
[١١] . لا يَلْوِيه‏: لا يميله.
[١٢] . تُولِهُهُ‏: تذهله.
[١٣] . يُجِنّه‏: يستره.
[١٤] . دانَ‏: جازى و حاسب و لم يحاسبه أحد.
[١٥] . ذَرَأ: خلق.
[١٦] . الاحتيال‏: التفكر في العمل و طلب التمكن من إبرازه و لا يكون إلا من العجز.
[١٧] . الكَلال‏: الملل من التعب.
[١٨] . الزِمام‏: المِقود.
[١٩] . قَوَام‏ - بالفتح-: أي عيش يحيا به الأبرار.
[٢٠] . الأكْنَان‏ - جمع كنّ بالكسر-. ما يستكن به.
[٢١] . الدَعَة: خفض العيش و سعته.
[٢٢] . المعاقل‏: الحصون.
[٢٣] . الحِرْز: الحفظ.
[٢٤] . الصُرُوم‏ - جمع صرمة بالكسر-: و هي قطعة من الإبل فوق العشرة إلى تسعة عشر أو فوق العشرين إلى الثلاثين أو الأربعين أو الخمسين.
[٢٥] . العِشار - جمع عشراء بضم ففتح كنفساء- و هي الناقة، مضى لحملها عشرة أشهر. و تعطيل جماعات الإبل: إهمالها من الرعي. و المراد أن يوم القيامة تهمل فيه نفائس الأموال لاشتغال كل شخص بنجاة نفسه.
[٢٦] . الشُمّ‏ - جمع أشمّ-: أي رفيع.
[٢٧] . الشامخ‏: المتسامي في الارتفاع.
[٢٨] . الصُمّ‏ - جمع أصمّ-: و هو الصلب المصمت، أي الذي لا تجويف فيه.
[٢٩] . الراسخ‏: الثابت.
[٣٠] . الصَلْد: الصلب الأملس.
[٣١] . السَراب‏: ما يخيله ضوء الشمس كالماء خصوصا في الأراضي السبخة و ليس بماء.
[٣٢] . الرَقْرَق‏ - كجعفر-: المضطرب.
[٣٣] . معهدها: المحل الذي كان يعهد وجودها فيه.
[٣٤] . القاعِ‏: ما اطمأن من الأرض.
[٣٥] . السَمْلَق‏ - كجعفر-: الصفصف المستوي، أي تنسف تلك الجبال و يصير مكانها قاعا صفصفا: أي مستويا.
****************************