وقال (عليه السلام): اذْكُرُوا انْقِطَاعَ الَّلذَّاتِ، وَبَقَاءَ التَّبِعَاتِ.                
وقال (عليه السلام): الرِّزْقُ رِزْقَانِ: طَالِبٌ، وَمَطْلُوبٌ، فَمَنْ طَلَبَ الدُّنْيَا طَلَبَهُ الْمَوْتُ حَتَّى يُخْرِجَهُ عَنْهَا،مَنْ طَلَبَ الاْخِرَةَ طَلَبَتْهُ الدُّنْيَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ رِزْقَهُ مِنْهَا.                
وقال (عليه السلام) : هَلَكَ فِي رَجُلاَنِ: مُحِبٌّ غَال ، وَمُبْغِضٌ قَال .                
وقال (عليه السلام) : مَنْ كَرُمَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ هَانَتْ عَلَيْهِ شَهْوَتُهُ .                
وقال (عليه السلام): رُبَّ مَفْتُون بِحُسْنِ الْقَوْلِ فِيهِ.                
وقال (عليه السلام): ما أَنْقَضَ النَّوْمَ لِعَزَائِمِ الْيَوْمِ.                
وقال (عليه السلام): أَعْجَزُ النَّاسِ مَنْ عَجَزَ عَنِ اكْتِسَابِ الاْخْوَانِ، وَأَعْجَزُ مِنْهُ مَنْ ضَيَّعَ مَنْ ظَفِرَ بِهِ مِنْهُمْ .                

Search form

إرسال الی صدیق
الآلوسي ونهج البلاغة

قال الآلوسي ( ص : ٢٦ ) : بعد أن عزا إلى الشيعة ما من شأنه الكذب : « أنهم ـ أي الشيعة ـ ينسبون إلى الأمير من الروايات ما هو بريء منها ، ويحرفون ما ورد عنه ، فمن ذلك نهج البلاغة الّذي ألّفه الرضي وقيل المرتضى ، فقد وقع فيه تحريف كثير ، وأسقط منه العبارات حتى لا يكون به مستمسك لأهل السنّة ».
المؤلف : أولا : كان اللاّزم على الآلوسي أن يذكر لنا رواية واحدة ترويها الشيعة الإمامية عن أميرهم وإمامهم ما هو يتبرأ منه ، ومن حيث أنه لم يأت على ذكر شيء من ذلك وإنما ألقى الكلام على عواهنه مبهما ، فقد علمنا أنه كذب وانتحال لا أصل له .
ثم يقال له : أترى أنهم رووا ما سجّله مسلم في صحيحه ( ص : ٩١ ) في باب حكم الفيء من جزئه الثاني : « قال عمر لعليّ عليه‌السلام والعباس (رض) فقال أبو بكر ، قال : رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما نورّث ما تركناه صدقة ، فرأيتماه كاذبا آثما غادرا خائنا ، ثم توفي أبو بكر ، قلت أنا ولي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وولي أبي بكر ، فرأيتماني كاذبا آثما غادرا خائنا ) .
وأخرجه البخاري في صحيحه في أوائل ( ص : ١٢ ) من جزئه الثالث في باب حديث بني النضير ومخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فراجع ثمة حتى يتجلّى لك بوضوح صحة نسبة سائر الخطب المروية في نهج البلاغة إلى الأمير عليه‌السلام لا سيّما الخطبة الشقشقية التي ذكر فيها تظلّمه من القوم لأخذهم حقّه ودفعهم عن مقامه الّذي أقامه الله تعالى فيه بعد نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .
وقد اعترف غير واحد من أعلام أهل السنّة بصحة نسبتها إليه عليه‌السلام فمنهم : ابن أبي الحديد الحنفي المذهب المعتزلي العقيدة في شرحه ، وعبد الله بن مسلم بن قتيبة في الإمامة والسياسة ( ص : ٩ ) من جزئه الأول ، وهو مات قبل أن يتولد أبو السيّد الرضي ، وأبو هلال العسكري في كتاب الأوائل ، فلا سبيل إلى الإنكار.
ثانيا : قوله : « وقد وقع فيه تحريف كثير ».
فيقال فيه : على المسلم الناقد أن يبيّن مورد ما ينتقده وإلاّ فقد قال الكافرون إن كتاب الله سحر ، وقال آخرون أساطير الأولين ، وقال خصوم الشيعة وقع فيه تحريف ، فهل يا ترى ترك المسلمون كتاب ربهم لأن الكافرين يقولون بسحره ، أو يا هل ترى أوجب ذلك وهنا في كتاب الله ، أم أنهم قوم يجهلون وهو واحد منهم ، فإنه يزعم وقوع التحريف في النهج ، فكان لزاما عليه أن يبيّن لنا ذلك بأسانيد تفيد العلم ، وإلاّ فمجرد اشتماله على ثلب أوليائه ممن لا يرضى بثلبه لا يقال إن فيه تحريفا ، لا سيّما إذا كان هناك ما يشهد لصحته من صحيح الأحاديث ، ومن حيث أنه لم يأت على شيء من ذلك علمنا أن ذلك لا أصل له.
ثالثا : قوله : « وأسقط منه العبارات حتى لا يكون به مستمسك لأهل السنّة ».
فيقال فيه : إنه مدخول من وجوه : الأول : أن دعوى أنه أسقط منه العبارات من الدعاوى المجردة التي لا يقودها شيء من البرهان ، وإلاّ كان عليه أن يبيّن لنا تلك العبارات المزعوم إسقاطها منه ، نعم لما كانت تلك العبارات التي يزعم هذا سقوطها بتقدير صحة هذا الزعم لم تكن من نهجه مطلقا ، علمنا أن إسقاطها كان كسقوط ما يتمسك به لإثبات باطله.
الثاني : إن عدم وجدان جامعه لأكثر من ذلك لا يصح أن يقال فيه أنه أسقط منه العبارات ، ولو كان يوجد غير ما جمعه لعثر عليه ، لا سيّما أن الجامع له قد بذل منتهى ما في وسعه وجهده من قوة في سبيل تأليف شتاته وجمع متفرقاته ، فلم يعثر على غير ما نجده بين دفتي النهج ، فعدم وجدانه لأكثر من ذلك وإن كان لا يدل على عدم وجوده واقعا ، ولكن لا يصح أن يقال فيه إنه أسقط منه العبارات على حدّ تعبيره.
الثالث : من أين علم خصم الشيعة أن في غير ما عثر عليه جامعه دليلا ومستمسكا لتصحيح ما يبتغيه؟ أو ليس من الجائز أن يكون ذلك بعد فرض وجوده دليلا ومستمسكا لخصمه الشيعي وحجّة له عليه لا له ، ويؤيد الأخير ـ بل يعينه ـ ما ورد عنه عليه‌السلام في النهج في إبطال مذهبه وفساد خلافة من تقدم عليه ، وأنهم أخذوها من أهل البيت عليهم‌السلام غصبا .
ويدلك على هذا احتجاجه عليهم عند إبائه من البيعة فراجع ( ص : ١١ و ١٢ ) من الإمامة والسياسة لعبد الله بن مسلم بن قتيبة المطبوع بمطبعة مصر ، وغيره من أهل السير والتواريخ ممن جاء على ذكر البيعة كالطبري ، وابن الأثير في تاريخيهما ، وابن عبد ربه في العقد الفريد وغيرهم من علماء أهل السنّة ، لتعلم أن غير الموجود من كلماته الشريفة في النهج والتي لم يعثر عليها جامعه إنما يصلح دليلا ومستمسكا لخصوم الآلوسي على فساد مذهبه ، لا مستمسكا له على مذهبه في شيء لو صحت مزعمته.
رابعا : قوله : ( مع أن ذلك أمر ظاهر ).
فيقال فيه : إنك قد عرفت ظهور ذلك في خلاف ما يريد ، وأن ما جاء به معكوس عليه ، ودليل لخصمه الشيعي ، ولا شاهد له فيه على صحة مذهبه بل هو شاهد على بطلانه.
ثم أن أهل المعرفة بصياغة الكلام البليغ من ذوي الثقافة والعلم كلّهم لم يعلموا ما فيه من التحريف وإسقاط العبارات ، إلاّ هذا الآلوسي الّذي لم يعتمد في علمه إلاّ على العصبية الأثيمة المتمثلة في كلامه بأجلى مظاهرها .

****************************