ما هوالرأي بخطبة البيان المنسوبة إلى أمير المؤمنين علي عليه السلام حيث أن المتفقين زادوا خلال الفترة السابقة وأصبحوا يستشهدون بالخطبة ذاتها ويقولون أن خروج الإمام المهدي عج قريبة وذلك باستنتاجهم من خلال الخطبة فأرجومنكم إعطائي رأيكم الكريم بخصوص هذه الخطبة من الناحية العلمية والعقلية ومتن الخطبة ؟
وقع الكلام كثيرا حول نسبة خطبة (البيان) إلى الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) وهل أنها صدرت منه (عليه السلام) أم لا؟
والمتتبع لما دار حول الخطبة المذكورة يرى بوضوح هذا الاختلاف بل الرفض من غالبية علماء الشيعة لهذه الخطبة ولأمثالها من الخطب.
وهذا ما أشار إليه السيد كاظم الرشتي الذي يعتبر من المدافعين عن أمثال هذه الخطب حيث قال: اعلم أن العلماء في هذه الخطبة الشريفة وأمثالها من الخطب، كخطبة البيان، وخطبة الافتخار وغيرها، تشعبوا على أربع شعب: الأول: طرحوا هذه الأخبار وأسقطوها عن نظر الاعتبار، وقالوا أنها أخبار آحاد لا تفيد علما ولا عملا... وتلك الأخبار أكثر ها ضعيفة سيما الخطب وأغلبها في مشارق الأنوار للشيخ رجب البرسى وقد حكم العلماء بغلوه وما هذا شأنه لا حجة فيه مع أن هذا الأخبار والخطب تخالفها العقول فثبت أن هذه الخطب ليست من أمير المؤمنين (عليه السلام) ولا الخيار من أولاده المعصومين عليهم السلام وإنما هي من موضوعات الغلاة والمفوضة[١].
وهذا تصريح منه بأن الخطبة مرفوضة عند طائفة كبيرة من العلماء وأنها منسوبة إلى فعل الغلاة المنحرفين عن خط التشيع.
وبناء على ذلك سوف نستعرض الآراء الرافضة لهذه الخطبة وبصورة موجزة قال السيد جعفر مرتضى العاملى عن خطبة البيان: لقد أوردوا لهذه الخطبة ثلاثة نصوص تختلف فيما بينها بصورة كبيرة، وليس لأي واحد منها سند يصح الاعتماد عليه... وأما بالنسبة لمتن الخطبة فهوأكثر إشكالا بل لا يكاد سطر منها يمر بدون إشكال أوأكثر[٢] وقد وصف السيد العاملى كتابه بأنه (يتعرض للخطبة المعروفة باسم خطبة البيان وما جاء فيها من أكاذيب وأباطيل ودس وتحريف لأهداف شيطانية لا تخفى)[٣].
يقول الشيخ المجلسى قدس سره عن خطبة البيان ما هذا نصه: لكن الأخبار الكثيرة مما أوردناها في كتاب بحار الأنوار يمنع من القول به فيما عدى المعجزات ظاهرا بل صريحا مع أن القول به قول بما لا يعلم إذ لم يرد ذلك في الأخبار المعتبرة فيما نعلم وما ورد من الأخبار الدالة على ذلك كخطبة البيان، وأمثالها فلم توجد إلا في كتب الغلاة وأشباههم[٤].
وجاء عن السيد مصطفى آل السيد حيدر الكاظمى: أنا لم نعثر على مستند صحيح لهذه الخطبة المسماة بالبيان، ولم يثبتها أحد من المحدثين كالشيخ الطوسى والكلينى ونظائرهم وعدم ذكر المجلسى لها توهين لها لإحاطته بالأخبار ويبعد عدم اطلاعه عليها مع أنها غير بليغة كثيرة التكرار غير بينة الألفاظ[٥].
وهذا دليل على فساد قول السيد كاظم الرشتى: «أما دعواهم بأنها من أخبار الآحاد فليس بصحيح لأنها فوق الاستفاضة، بل لا يبعد تواترها معنى...)[٦].
وجاء في كتاب (مسائل وردود) للسيد الخوئى قدس سره ما هذا نصه:
مسألة ٣٦٢: ما رأيكم في خطبة البيان المنسوبة للإمام على (عليه السلام)باسمه تعالى: لا أساس لها والله العالم[٧].
يقول السيد جعفر مرتضى العاملي أيضا:
كان ما ذكرناه من وجوه الإيراد على بعضي فقرات خطبة البيان غيظا من فيض وقطرة من بحر مما يمكن الإيراد به على هذه الفقرات وسواها من المئات بل الألوف مما خصت بها نصوصها الثلاثة... وقد يكون لبعض الغلاة، والباطنية، والصوفية وربما لليهود أيضا اليد الطولى في هذا البلاء الذي حاق بها حيث وجد هؤلاء وأولئك فيها مرتعا خصبا، ومادة صالحة لإشاعة إضاليلهم وأباطيلهم...[٨].
وجاء في كتاب (أجوبة المسائل الدينية) للسيد على الحسيني السيستانى ما هذا نصه:
مسألة ١٥٩: ما رأيكم بخطبة البيان المنسوبة لاميرالمؤمنين على (عليه السلام)؟
جواب: لم تصح عنه صلوات الله وسلامه عليه[٩].
والذي يدل على ضعف هذه الرواية أوالخطبة ووهنها عدم ذكرها في نهج البلاغة، وهذا ان دل على شي فإنما يدل على أنها من وضع الغلاة.
وأما بالنسبة لمتن الخطبة فهوأكثر إشكالا بل لا يكاد سطر منها يمر بدون إشكال أوأكثر[١٠].
وذلك لوجود الكثير من العبارات الصريحة الدالة عل الغلووتفويض امر الخلق للإمام على (عليه السلام) فهذه الصفات التي وصف الإمام على (عليه السلام) نفسه بها، كلها من صفات أفعاله سبحانه لا يشاركه فيها أحد من عباده ونحن نعلم بأن الإمام أمير المؤمنين وهوسيد الموحدين لايستجيز لنفسه أن يتصف بهذه الصفات المختصة بالله تعالى[١١].