وقال (عليه السلام) : مَنْ كَرُمَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ هَانَتْ عَلَيْهِ شَهْوَتُهُ .                
وقال (عليه السلام): أَعْجَزُ النَّاسِ مَنْ عَجَزَ عَنِ اكْتِسَابِ الاْخْوَانِ، وَأَعْجَزُ مِنْهُ مَنْ ضَيَّعَ مَنْ ظَفِرَ بِهِ مِنْهُمْ .                
وقال (عليه السلام): مَنِ اتَّجَرَ بِغَيْرِ فِقْه ارْتَطَمَ فِي الرِّبَا.                
وقال (عليه السلام): الرِّزْقُ رِزْقَانِ: طَالِبٌ، وَمَطْلُوبٌ، فَمَنْ طَلَبَ الدُّنْيَا طَلَبَهُ الْمَوْتُ حَتَّى يُخْرِجَهُ عَنْهَا،مَنْ طَلَبَ الاْخِرَةَ طَلَبَتْهُ الدُّنْيَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ رِزْقَهُ مِنْهَا.                
وقال (عليه السلام): أَشَدُّ الذُّنُوبِ مَا اسْتَخَفَّ بِهِ صَاحِبُهُ.                
وقال (عليه السلام): الْقَنَاعَةُ مَالٌ لاَيَنْفَدُ.                
وقال (عليه السلام): مَنْهُومَانِ لاَ يَشْبَعَانِ: طَالِبُ عِلْم، وَطَالِبُ دُنْيَا.                

Search form

إرسال الی صدیق
شبهة حول كتاب نهج البلاغة

السؤال :

إن كتاب نهج البلاغة ليس كلام علي (ع) وانّما الذي جمعه ونسبه أليه هو الذي وضعه.
هذا الكلام ورد في: (وفيات الأعيان, لابن خلكان, ٣/٣وقد تابعه على زعمه هذا كّل من: الصفدي في الوافي بالوفيات ٢/٣٧٥, و اليافعي في مرآة الجنان ٣/٥٥, وابن حجر في: لسان الميزان ٤/٢٢٣).

ما هو رأيكم في هذا الكلام؟

الجواب :

لقد تصدّى عدد من الكتاب والأدباء والباحثين إلى ردّ مزاعم هذه الفرية وإقامة البرهان على زيف هذا المزاعم وكذب هذه الادّعائات . وكان في طليعة من تصدّى لتفنيد هذه الشبهة أديب عصره عزّ الدين ابن أبي الحديد المعتزلي الشافعي في شرحه لنهج البلاغة. يقول ابن أبي الحديد: إنّ كثيراً من أرباب الهوى يقولون: إن كثيراً من نهج البلاغة كلام محدث , صنعه قوم من فصحاء الشيعة , وربّما عزوا بعضه إلى الرضي أبي الحسن وغيره , وهؤلاء قوم أعمت العصبيّة أعينهم, فضلّوا عن النهج الواضح...
وأنا أوضح لك بكلام مختصر ما في هذا الخاطر من الغلط , فأقول: لا يخلو إمّا أن يكون كل نهج البلاغة مصنوعاً منحولاً,أو بعضه. والأول باطل بالضرورة, لأنّا نعلم بالتواتر صحّة إسناد بعضه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام),وقد نقل المحدّثون كلّهم أو جلّهم والمؤرّخون كثيراً منه , وليسوا من الشيعة لينسبوا إلى غرض في ذلك.
والثاني يدل عليه ما قلنا , لأن من قد أنس بالكلام والخطابة , وشدا طرفاً من علم البيان و صار له ذوق في هذا الباب, لابد أن يفرق بين الكلام الركيك والفصيح و الأفصح , وبين الأصيل والمولّد , واذا وقف على كرّاس واحد يتضّمن كلاماً لجماعة من الخطباء, أو لاثنين منهم فقط , فلابد أن يفرّق بين الكلامين و يمّيز بين الطريقين.
إلا ترى أنّا مع معرفتنا بالشعر , لو تصفّحنا ديوان أبي تمّام , فوجدناه قد كتب في أثنائه قصائد أو قصيدة واحدة لغيره لعرفنا بالذوق مباينتها لشعر أبي تمّام ونفسه و طريقته ومذهبه في القريض...
وأنت إذا تأملت نهج البلاغة وجدته كلّه ماءً واحداً ونفساً واحداً وأسلوباً واحداً , كالجسم البسيط الذي ليس بعض من أبعاضه مخالفاً لباقي الأبعاض في الماهيّة , وكالقرآن العزيز , أوّله كأوسطه و أوسطه كآخره...فقد ظهر لك بهذا البرهان الواضح ضلال من زعم أنّ هذا الكتاب أو بعضه منحول إلى أمير المؤمنين (عليه السلام). (شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٠/١٢٧- ١٢٩).
كما يروي ابن أبي الحديد عن شيخه أبي الخير الواسطي:فيقول: ((أما أبو الخير سأل يوماً أستاذه ابن الخشّاب بعد انتهائهما من قرائة خطبة علّي المعروفة بالشقشقيّة:أتقول أنّها منحولة ؟ فقال له: لا والله ! وأنّي لأعلم أنها كلامه كما أعلم أنك مصدق.قال: فقلت له:إنّ كثيراً من الناس يقولون إنّها من كلام الرضي رحمه الله تعالى . فقال: أنّى للرضي و لغير الرضي هذا النفس وهذا الأسلوب؟!وقد وقفنا على رسائل الرضي و عرفنا طريقته في الكلام المنثور...
ثم قال: والله! لقد وقفت على هذه الخطبة في كتاب صُنفت قبل أن يخلق الرضي بمائتي سنة , ولقد وجدتها مسطورة بخطوط من هو من العلماء وأهل الأدب قبل أن يخلق النقيب أبو أحمد والد الرضي (شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١/٢٠٥).
ثم يقلّق ابن أبي الحديد على هذه الخطبة نفسها فيقول: ((وقد وجدت أنّ كثيراً من هذه الخطبة في تصانيف شيخنا أبي القاسم البلخي , إمام البغداديين من المعتزلة , وكان في دولة المقتدر قبل أن يخلق الرضي بمدّة طويلة.

ووجدت أيضاً كثيراً منها في كتاب أبي جعفر بن قبّه... وكان من تلامذة الشيخ أبي القاسم البلخي رحمه الله تعالى , ومات في ذلك العصر قبل أن يكون الرضي رحمه الله تعالى موجوداً (شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد,١/٢٠٥, ٢٠٦).
وعندما ترجم الإمام الزيدي يحيى بن حمزة العلوي , المتوفى سنة ٧٤٥هـ لعلي (ع) قال: وأعظم كلامه: ما حواه كتاب نهج البلاغة, وقد تواتر نقله عنه , واتّفق الكل على صحّته (مشكاة الأنوار:١٧٥) .
إن المصادر التراثية المعتمدة التي روت كلام الإمام علي (عليه السلام) وخطبه , قبل جمعها من قبل الشريف الرضي , كثيرة وكان السيد عبد الزهراء الخطيب الحسيني قد أحصى (١٠٩) عدد من مصادر مؤلّفة قبل سنة ٤٠٠هـ وهي سنة جمع الشريف لنهج البلاغة قد استشهد بكلام الإمام و خطبه ورسائله (مصادر نهج البلاغة و أسانيده ١/٢٧- ٣٧) , وحملت هذه المصادر إلى الأجيال التالية تلك النصوص العلوية دون أن تبدي أيّ شك في ذلك أو ريب أو توقّف.
ويكفينا أنّ نعلم أنّ من جملة أولئك الرواة القدماء:
المفضل الضبي (١٦٨هـ)- نصر بن مزاحم (٢٠٢هـ) - القاسم بن سلام (٢٢٣هـ) - ابن سعد (٢٣٠هـ) - محمد بن حبيب (٢٤٥هـ) - الجاحظ (٢٥٥هـ) – السجستاني (٢٥٥هـ) المبرّد (٢٥٨هـ) – ابن قتيبة (٢٨٦هـ) – البلاذري (٢٧٩هـ) البرقي (٢٧٤أو٢٨٠هـ)- اليعقوبي (٢٨٤هـ)- أبا حنيفة الدينوري (٢٩٠هـ) – أبا جعفر الصّفار(٢٩٠هـ)- أبا العباس ثعلب (٢٩١هـ) – ابن المعتزّ (٢٩٦هـ) –الطبري (٣١٠هـ) – ابن دريد(٣٢١هـ)-ابن عبد ربّه(٣٢٨هـ)- الزّجاجي( ٣٢٩هـ) - الجهشياري (٣٣١هـ)- الكندي (٣٥٠هـ)- أبا الفرج الاصبهاني (٣٥٦هـ)- القالي (٣٥٦هـ.

****************************