الشيخ محمد حسين الأنصاري
لِماذا الكتاب ؟
طلب مني بعض الأعزاء الذين لا يُرَد لهم طلب أن أكتب شيئاً من فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ، فكان هذا المختصر ، مقتصراً على ما اتفق عليه كل المسلمين بما هو متواترعندهم أو هو قريب منه ، لرؤية بعض جوانب عظمة هذا الرجل الذي تناوشه أهل الدنيا خوفاً على دنياهم من كل حدبٍ وصوب ، ليبلغوا محو اسمه ، وما دروا بأن ذلك الاسم مرتبط باسم الله ، واسم رسوله ، فما داما دام .
ومن الله التوفيق والتسديد والبركة .
ديباجة الكتاب
قال أحمد بن حنبل:
ما جاء لاحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله من الفضائل كما جاء لعلي بن أبي طالب .
المستدرك على الصحيحين للحاكم ج ٣ ص١٠٧ / المناقب للخوارزمي ص٣ و ١٩. تاريخ الخلفاء للسيوطي ص ١٦٨ / الصواعق المحرقة لابن حجر الهيثمي ص ٧٢. تاريخ ابن عساكر ج ٣ ص ٦٣ / شواهد التنزيل للحسكاني الحنفي ج ١ ص ١٩.
وقال القاضي إسماعيل والنسائي وأبوعلي النيسابوري:
لم يرد في حق أحدٍ من الصحابة بالأسانيد الحسان ما جاء في علي .
الرياض النضرة للطبري ج ٢ ص ٢٨٢ / الصواعق المحرقة لابن حجر ص ١١٨ وص ٧٢.
وقال بعض العلماء :
عجبت لرجل كتم أعداؤه فضائله حسداً ، وكتمها محبوه خوفاً ، وخرج ما بين ذين ما طبق الخافقين ». قولٌ بعضٌ ينسبه الى الشافعي،وآخرون إلى الخليل بن أحمد الفراهيدي وقسم لآخر.
ومنه أخذ الشاعر المعنى فقال :
لقد كتموا آثارَ آلِ محمدٍ ***** محبوهُمُ خوفاً وأعداؤهُمْ بُغضا
فأبرز من بين الفريقين نبذةٌ ***** بها ملأ اللهُ السماواتِ والأرضا
وقال الخليل بن أحمد الفراهيدي صاحب علم العروض : ( إحتياجُ الكُلِّ إليهِ ، وَاستغناؤهُ عَن الكلِّ دَليلٌ على أنَّهُ إمامُ الكل ).
وقال الفخر الرازي: (أما إن علي بن أبي طالب(عليه السلام) كان يجهر بالتسمية ، فقد ثبت بالتواتر،ومن اقتدى في دينه بعلي بن أبي طالب ( عليه السلام ) فقد اهتدى ، والدليل عليه قوله ( عليه السلام ) : اللهم أدر الحق مع علي حيث دار) التفسير الكبير : ١ /٢٠٥،٢٠٧ .
ونقل ابن ابي الحديد عن ابي جعفر النقيب انه كان يقول : انظروا إلى أخلاقهما و خصائصهما ـ أي النبي ص وعلي ع ـ هذا شجاع و هذا شجاع و هذا فصيح و هذا فصيح و هذا سخي جواد و هذا
سخي جواد و هذا عالم بالشرائع و الأمور الإلهية و هذا عالم بالفقه و الشريعة و الأمور الإلهية الدقيقة الغامضة و هذا زاهد في الدنيا غير نهم و لا مستكثر منها و هذا زاهد في الدنيا تارك لها غير متمتع بلذاتها و هذا مذيب نفسه في الصلاة و العبادة و هذا مثله و هذا غير محبب إليه شيء من الأمور العاجلة إلا النساء و هذا مثله و هذا ابن عبد المطلب بن هاشم و هذا في قعدده و أبواهما أخوان لأب وأم دون غيرهما من بني عبد المطلب وربي محمد ص في حجر والد هذا وهذا أبو طالب فكان جاريا عنده مجرى أحد أولاده ثم لما شب ص و كبر استخلصه من بني أبي طالب وهوغلام فرباه في حجره مكافأة لصنيع أبي طالب به فامتزج الخلقان وتماثلت السجيتان وإذا كان القرين مقتديا بالقرين فما ظنك بالتربية و التثقيف الدهر الطويل فواجب أن تكون أخلاق محمد ص كأخلاق أبي طالب وتكون أخلاق علي ع كأخلاق أبي طالب أبيه و محمد ع مربيه وأن يكون الكل شيمة واحدة و سوسا واحدا وطينة مشتركة ونفسا غيرمنقسمة ولا متجزئة و ألا يكون بين بعض هؤلاء وبعض فرق ولا فضل لو لا أن الله تعالى اختص محمدا ص برسالته واصطفاه لوحيه لما يعلمه من مصالح البرية في ذلك ومن أن اللطف به أكمل والنفع بمكانه أتم و أعم فامتاز رسول الله ص بذلك عمن سواه وبقي ما عدا الرسالة على أمر الاتحاد ،فقال له: انت مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي . فأبان نفسه منه بالنبوة واثبت له ماعداها من جميع الفضائل والخصائص مشتركا بينهما .)) .
شرح نهج البلاغة / إبن أبي الحديد ج١٠/٢٢١ و٢٢٢ .
وقال ابن أبي الحديد كذلك في هذا الشرح :
وما أقول في رجل تحبه أهل الذمة على تكذيبهم بالنبوة وتعظمه الفلاسفة على معاندتهم لأهل الملة، وتصورملوك الفرنج والروم صورته في بيعها وبيوت عباداتها، وتصور ملوك الترك والديلم صورته على أسيافها ؛ وما أقول في رجل أقر له أعداؤه وخصومه بالفضل ، ولم يمكنهم جحد مناقبه ولا كتمان فضائله ؛ فقد علمت أنه استولى بنو أمية على سلطان الإسلام في شرق الأرض وغربها ، واجتهدوا بكل حيلة في إطفاء نوره والتحريف عليه ووضع المعايب والمثالب له ، ولعنوه على جميع المنابر ، وتوعدوا مادحيه بل حبسوهم وقتلوهم ، ومنعوا من رواية حديث يتضمن له فضيلة أو يرفع له ذكراً،حتى حظروا أن يسمى أحد باسمه، فما زاده ذلك إلا رفعة وسمواً ، وكان كالمسك كلما ستر انتشر عرفه ، وكلما كتم يتضوع نشره ،وكالشمس لا تستر بالراح ، وكضوء النهار إن حجبت عنه عينا واحدة أدركته عيون كثيرة ، وما أقول في رجل تعزى إليه كل فضيلة ، و تنتهي إليه كل فرقة،وتتجاذبه كل طائفة،فهورئيس الفضائل وينبوعها وأبو عذرها ) .
شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ١/ ٢٩ ، ١٧ .
ولذا قال الامام أحمد بن حنبل : ( إن عليا كان كثير الاعداء ففتش أعداؤه عن شيء يعيبونه به فلم يجدوا ، فجاؤوا إلى رجل قد حاربه وقاتله ، فأطروه كيدا منهم له. )
فتح الباري في شرح صحيح البخاري ج ٧ ص ٨٣ تاريخ الخلفاء للسيوطي ص ١٩٩، الصواعق المحرقة لابن حجر ص ١٢٥.
المقدمة
الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه هو أصدق من يُنبؤنا عن مقام أي شخص . كما أن السنة النبوية الثابتة تثبت مقام هذا الرجل وبُعدَهُ وقربه من الله تعالى و رسوله صلى الله عليه و آله وسلم .
ومن هؤلاء الرجال الذي اعترف بمكانته القاصي والداني لا طمعا في ثروة ولا لسلطان ولا لأجل لقمة ، بل أصحابه أصبحوا نهبةً لأطماع أهل الدنيا منذ الصدرالأول وإلى الآن ومن المطاردين والمبعدين والمقتولين ظلما وعدوانا ،لا لشئ إلا لاتباعهم نهج الحق وطريق الصدق.
هذا الشخص الذي بَنا شخصيته الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله كما سنرى ، وتغذى بالإسلام منذ نعومة أظفاره ، وتكاملت عظمته بفناءه في الله تعالى واقتدائه بحبيبه صلى الله عليه و آله وسلم، فصاربحق مثار الإعجاب لا للمسلمين فحسب بل لكل طالب حق في الدنيا ، فكان له مقام صدقٍ عند الله تعالى ، ذلك المقام الذي لم يحظ به أيُّ صحابي قبله ولا تابعي بعده ، حتى أنه قال عليه السلام : عن نفسه وهو أول المصدّقين والصادقين ((كنت في أيام رسول الله صلى الله عليه وآله كجزءٍ من رسول الله صلى الله عليه وآله ينظر اليّ الناس كما يُنظر الى الكواكب في أفق السماء ، ثم غض الدهرمني...)). شرح ابن ابي الحديد ج ٢٠ ص .٣٢٦ .
ولكنه بقي في قلب العارفين والمؤمنين كبيرا ، ولذا نرى كثيرا من العلماء قد أفرد المؤلف تلو المؤلف لبيان مقامه وسؤدده الممتد عبر الأيام والعصور، فكان بقاؤه ببقاء الإسلام ، وعمرُهُ بعمرِه .
وبالفعل كانت مؤلفات بعضهم قد خُصَّتْ بما نزل من الآيات فيه ، وفي مناقبه ؛ ومن هؤلاء :
الحافظ أبو نعيم ، صاحب كتاب " ما نزل من القرآن في علي " ، والحافظ أبو بكر الشيرازي صاحب كتاب" نزول القرآن في علي" ، والحاكم الحسكاني ، صاحب كتاب "شواهد التنزيل " .
والمفسرون الكبار أمثال : الإمام الثعلبي ، والسيوطي والطبري ، والفخر الرازي ، والزمخشري .
والعلماء الأعلام أمثال:ابن كثيرومسلم والحاكم والترمذي والنسائي وابن ماجة وأبي داود وأحمد بن حنبل وابن حجروالطبراني والكنجي والقندوزي ، وغيرهم .
وكل واحد منهم قد ذكرفي كتبه ومسانيده وصحاحه الآيات القرآنية التي نزلت في شأن الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام...
ولقد روى الحسكاني ،والطبراني ،والخطيب البغدادي في تاريخه ، وابن عساكر في تاريخه ،في ترجمة الإمام علي عليه السلام ،وابن حجر في الصواعق : ٧٦ ،ونور الأبصار ص ٧٣ ، ومحمد بن يوسف الكنجي في " كفاية الطالب" في أوائل الباب الثاني والستين ، في تخصيص علي عليه السلام بمائة منقبة دون سائر الصحابة ، بإسنادهم عن ابن عباس قال : نزلت في علي بن أبي طالب ثلاثمائة آية.
وروى العلامة الكنجي في الباب الحادي والثلاثين بإسناده عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله ( ص ) ما أنزل الله تعالى آية فيها :( يا أيها الذين آمنوا ) إلا وعلي رأسها وأميرها .
ورواه عن طريق آخر:إلا وعلي رأسها وأميرها وشريفها.
وروى في الباب عن ابن عباس أيضا أنه قال : ولقد عاتب الله عز وجل أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم في غير آي من القرآن وما ذكر عليا إلا بخير.
إذا كان كل هذا في رجل واحد له مناوؤه واعداؤه ، وبينهما قام السيف والقتال ، فكيف سيخلد هؤلاء للراحة وهو لا زال مرفوع الرأس ، قوي الإيمان ؟
من هنا سنعلم سر بعض ما وضعه الوضاعون بعد ذلك على لسان نبيه صلى الله عليه و آله في مقام أشخاص ما جعل الله لهم نصيبا من حق ولا شرف ، ولكن أبت النفوس المريضة إلا أن تكتب وتنشر ما لم ينزل الله به من سلطان حتى أصبحت كالحقائق عند الأجيال التي تلت ذلك ، ولكي يتضح الحق من الباطل ما علينا ألا الرجوع لما اتفق عليه كل المسلمين شرقيهم وغربيهم ، ومنه نستطيع أن نغربل الذي أتى ونعرف الحق من غيره ، ومَن الشخص الذي قربه الله ورسوله ؟ومن الذي طرد؟، أو من كان مخالفا في كثير من الوقائع والأمور ؟ ، وهو كاشف عن مدى جرأة الرجل على حبيب الله صلى الله عليه و آله ، لا على عمق إيمانه لأن المؤمن الواعي والعالم العارف والمتقي الورع هو من أصحاب الآية المباركة (( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله امراً أن يكون لهم الخيرة من امرهم..)) سورة الأحزاب سورة ٣٣ - آية ٣ .
فعلينا أن نتمعن بما في الكتب وعلينا أن نعرف الحق من الباطل في زمن اشتدت بأفكارنا الريح في يوم عاصف .
ومن العجيب أن يؤمَر الناس بعد ذلك بسب هذا الذي مدحه الله ورسوله قبل أي أحد فيمتثلوا ، فتُسَنّ بذلك تلك السنة الخبيثة حتى جاء الخليفة الأموي عمربن عبد العزيز بعد ذلك بما يقرب من ثمانين سنة ليرفع السب عنه .
فتمعن بعين البصيرة إلى أي مدى ابتعد الناس عن سنة رسوله الكريم محمد صلى الله عليه وآله،لِتعرفَ الحقَّ مِن الباطل.
روى الإمام مسلم في صحيحه بسنده عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال : أمر معاوية بن أبي سفيان سعدا فقال : ما منعك أن تسب أبا تراب ؟
فقال : أما ما ذكرت ثلاثا قالهن له رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلن أسبه ، لأن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول له ، خلفه في بعض مغازيه ، وقال له علي : خلفتني مع النساء والصبيان ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه لا نبوة بعدي ، وسمعته يقول يوم خيبر : لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ، قال فتطاولنا لها ، فقال : ادعوا لي عليا ، فأتي به أرمد فبصق في عينه ودفع الراية إليه ، ففتح الله عليه ، ولما نزلت هذه الآية : ( قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ) ، دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا ، فقال : اللهم هؤلاء أهلي .)) (صحيح مسلم ١٥ / ١٧٥ - ١٧٦ ( بيروت ١٩٨١.
ومن حقنا أن نسأل هل جزاء مَن وجب على المسلمين حبه أن يُسَب ولا يستطيع أحد من المسلمين طوال فترة ثمانين سنة أن يمنع ذلك أو يمتنع منه ؟
وما جزاء من سنَّ سبه ؟
وما نرى جزاء من فعل ذلك إلا أنَّ مَن سنَّ سبه ولعنه ومن سبه ، يكون قد سبَّ النبي وتجرأ عليه ، لأجل المقابلة بآية المباهلة ، لأنه سيكون من الطرف المقابل له ولأبنائنا ولنسائنا ولأنفسنا صلى الله عليه وآله وسلم.
الفصل الأول
علي في القران
١ـ قال تعالى «إنَّما يُريد اللهُ لِيُذْهِبَ عنكمُ الرِّجْسَ أهلَ البيت وَ يُطهركمْ تطهيرا». (الأحزاب ـ ٣٣)
قال الفخر الرازي في التفسير الكبير: ج ٢ - ص ٢٢٧( في تفسير آية الشورى ٢٣) بعد أن نقل روايةعن صاحب الكشاف بأن الآية تخصهم - : فثبت أن هؤلاء الأربعة _ ويقصد بهم علياً وفاطمة والحسن والحسين _ أقارب النبي صلى الله عليه وسلم ، وإذا ثبت هذا وجب أن يكونوا مخصوصين بمزيد التعظيم ، لوجوه :
الأول : قولُهُ تعالى،ووجه الاستدلال به ما سبق ، ـ يعني به ما تقدم من قوله قبل ذلك ـ من أن آل محمد عليهم السلام هم الذين يؤول أمرهم إليه ، فكل من كان أمرهم إليه أشد وأكمل ، كانوا هم الآل ، ولا شك في أن فاطمة وعليا والحسن والحسين ، عليهم السلام ، كان التعلق بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أشد التعلقات ، وهذا كالمعلوم بالنقل المتواتر ، فوجب أن يكونوا هم الآل .
والثاني :لا شك في أن النبي صلى الله عليه وسلم ، كان يحب فاطمة عليها السلام ، قال صلى الله عليه وسلم : ( فاطمة بضعة مني ، يؤذيني ما يؤذيها ) ، كما ثبت بالنقل المتواتر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب عليا والحسن والحسين ، عليهم السلام ، وإذا ثبت ذلك وجب على كل الأمة مثله ( واتبعوه لعلكم تهتدون) ولقوله تعالى : ( فليحذر الذين يخالفون عن أمره )، ولقوله تعالى: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة).
والثالث : أن الدعاء للآل منصب عظيم ، ولذلك جعل هذا الدعاء ، خاتمة التشهد في الصلاة ، وهو قوله : (اللهم صل على محمد وآل محمد) ( وبارك على محمد وآل محمد ) (وارحم محمدا وآل محمد ) .
وهذا التعظيم لم يوجد في حق غير الآل ، فكل ذلك يدل على أن حب آل محمد واجب .
وراجع كذلك صحيح مسلم فى كتاب فضائل الصحابة ، و الحاكم فى مستدرك الصحيحين ج ٣ ص ١٤٧ والبيهقى فى سننه ج ٢ ص ١٤٩ والسيوطى فى الدر المنثور فى تفسير الآية ، و صحيح الترمذى ج ٢ ص ٢٠٩ و ابن حجر فى تهذيب التهذيب ج ٢ ص ٢٩٧ ، وغيرهم .
٢ـ (فمن حاجَّك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالَوا ندع ابناءنا وابناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهلْ فنجعلْ لعنتَ اللهِ على الكاذبين). (آل عمران/٦١)
راجع في تفسير هذه الآية المباركة التي تُسمى بآية المباهلة أيَّ كتاب قد تعرض لها ، لتجد عظمة هؤلاء مرسومة بلا احتياج لمزيد بيان ، منها لا على وجه الحصر : صحيح الترمذي ٢/١٦٦ ، وفي طبعة أخرى ج٢/٣٠٠ ، المستدرك للحاكم ٣ / ١٥٠ ، سنن البيهقي ٧ / ٦٣ وأحمد بن حنبل فى المسند ج ١ / ١٨٥ والسيوطى فى الدرالمنثور فى تفسير آية المباهلة والزمخشرى فى كشافه والفخرالرازى فى تفسيره .
٣ـ (و يطعمون الطعام على حبه مسكينا و يتيما و أسيرا * إنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوجه الله لا نُريدُ منكمْ جزاءً و لا شكوراً * إَّنا نخاف مِن ربِّنا يوماً عبوساً قمطريراً * فوقيهمُ اللهُ شرَّ ذلك اليوم و لقَّيهمْ نضرة وَ سرورا) . (الدهر / ٨ـ١١)
و هذه باجماع أهل التفسير نزلت في علي وفاطمة و الحسن و الحسين عليهم السلام .
يراجع الزمخشري فى كشافه ج ٢/ والواحدي فى أسباب النزول / و مجمع البيان للطبرسي فى تفسير سورة الدهر / والحافظ محمد بن جرير الطبري كما فى الكفاية / والحاكم النيسابوري ذكره فى مناقب فاطمة ـ ع ـ كما فى الكفاية أيضاً / و ابن عبد ربه فى العقد الفريد ج ٣ ص ٤٢ ـ ٤٧ / وأبو اسحاق الثعلبي فى تفسيره « الكشف و البيان » / و الألوسي فى روح المعاني / والطبري فى الرياض النضرة ج ٢ ص ٢٠٧.
إذا أمعنا النظر في آيات الكتاب المجيد لَرأينا أنه ما بشَّر الباري عزَّ وجل أيَّ أحدٍ في دار الدنيا بالجنة ونعيمها ما عدا ناساً مخصوصين ومعدودين ، وما هم إلا أنبياؤه المصطفون وعباده المكرمون ، وإلا فالبشارة بالجنة جاءت بعناوين عامة للمؤمنين والصابرين و........، لكن لم تأت لأحد بتشخيص كونه من أهل الجنة ، وهكذا أهل النار إلا لأبي لهب وامرأته حمالة الحطب (تبت يدا أبي لهب وتب..)١سورة المسد أو للوليد بن المغيرة حيث قال الله تعالى( سأصليه سقر ) ٢٦ المدثر وإلا فالتوعد بالنار لمن هو في الدنيا لم يحدث من الكريم الرحيم ، وما ذكر مَن هم أصحاب النار إلا بعناوين عامة كالكافرين والمنافقين .
ومن خصوصيات هذه الآيات البينات المباركات ؛ انَّا لو تمعنا بها مع علمنا أنها نزلت بهؤلاء دون غيرهم لرأينا عجبا ، فهم يُبَشرون بالجنة ونعيمها وهم لا زالوا أحياءً يُرزَقون ( فوقيهم الله شرَّ ذلك اليوم و لقَّيهم نضرة و سرورا * وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا..)١١،١٢ سورة المدثر ثم يأخذ بوصف النعيم الذي سينعمون به ، ومن هنا نعرف بعض خصوصيات هؤلاء ومنزلتهم العظيمة عند الله تعالى .
٤ـ (أجعلتم سقاية الحاج و عمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله و اليوم الاخر و جاهد فى سبيل الله لا يستوون عند الله و الله لا يهدى القوم الظالمين). (التوبة / ١٩)
نزلت هذه الآية عندما تفاخر طلحة بن شيبة و العباس بن عبد المطلب: اذ قال طلحة : أنا أولى الناس بالبيت لأن المفتاح بيدى!
وقال العباس:أنا أولى ،أنا صاحب السقاية والقائم عليها .
و فى هذه الأثناء مرعلي بهما و سألهما : بم يفتخران ؟ فذكرا له ما قالا.
فقال علي(ع): أنا أوتيت منذ صغرى ما لم تؤتيا.
فقالا وما ذاك؟
فقال (ع): لقد صليت قبل الناس و أنا صاحب الجهاد . فأنزل الله تعالى الآية المذكورة فى الثناء على ما افتخر به علي (ع) .
تفسير الطبري عن أنس ج ١٠ ص ٥٩ / و أسباب النزول للواحدي ص ١٨٢ / و القرطبي فى تفسيره ج ج ٨ ص ٩١ / و الرازي فى تفسيره ج ٤ ص ٤٢٢ / و الخازن فى تفسيره ج ٢ ص ٢٢١ / و أبو البركات النسفي ج ٢ ص ٢٢١ / و الدر المنثور للسيوطي ج ٣ ص ٢١٨ / و غيرهم مع اختلاف فى العبارات.
٥- (إنَّما وليكمُ اللهُ و رسولُه و الذين آمنوا الذين يُقِيمون الصلوة و يُؤتَون الزكوة و همْ راكعون ) . (المائدة / ٥٥).
قال المفسرون إن الآية الكريمة نزلت فى علي بن أبى طالب عليه السلام .
تفسير البيضاوي / و مجمع البيان للطبرسي/ و أبو اسحاق الثعلبي فى تفسيره / و الطبري فى تفسيره ج ٦ ص ١٦٥ / و الواحدي فى أسباب النزول ص ١٤٨ / و الخازن فى تفسيره ج ١ ص ٤٩٦ / و الرازي فى تفسيره ج ٣ ص ٤٣١ / و أبو البركات النسفي ج ١ ص ٤٩٦ / و النيسابوري فى تفسيره ج ٣ ص ٤٦١ / و ابن حجر فى الصواعق ص ٢٥.
وما شاء الله من الآيات الأخر التي نزلت لتبين مقام هذا الرجل ،ولكن ما تعرضنا لها هنا لأننا اقتصرنا على الآيات الأكثر بياناً،وطلبا للإختصارغير المخل من جهة أن آية واحدة مما ذُكِر يكفي لبيان المقام .
الفصل الثاني
علي في السنة المطهرة
قال رسول الله صلى الله عليه و آله : " أنا مدينة العلم وعليٌ بابُها " .
مستدرك الصحيحين ج ٣ ص ١٢٦ / و مناقب أحمد بن حنبل و أبو عيسى الترمذي فى جامعه الصحيح / و كنز العمال ج ٦ ص ٤٠١ / و أسد الغابة ج ٤ ص ٢٢ / و الخطيب البغدادي فى تاريخه ج ٤ ص ٣٤٨: .
و قال صلى الله عليه و آله : " أنت مِنّي بمنزلةِ هارون من موسى الا أنه لا نبيَ بعدي " .
البخاري فى باب غزوة تبوك ، كتاب فضائل الصحابة باب مناقب الإمام علي و مسلم في صحيحه و مسند أحمد بن حنبل ج ١ ص ١٧٤ / و مسند أبى داود ج ٣ ص ٢٨ و و الترمذي وغير هؤلاء كثير .
وقال صلى الله عليه و آله مخاطبا عليا عليه السلام: « لا يحبك إلا مؤمن و لا يبغضك الا منافق » .
صحيح الترمذي ج ٢ ص ٢٩٩ / و أحمد بن حنبل ج ٦ ص ٢٩٢/ والنسائي ومستدرك الصحيحين ج ٣ ص ١٢٩ وغيرهم .
وقال صلى الله عليه و آله يوم المؤاخاة بين المهاجرين و الأنصار مخاطبا عليا عليه السلام :
( أنت أخيّ و أنا أخوك فإنْ ذكرَكَ أحدٌ فقلْ أنا عبد الله و أخو رسوله لا يدعيهما بعدك الا كذاب ) .
صحيح ابن ماجه / وصحيح الترمذي ج ٢ ص ٢٩٩ والنسائي فى الخصائص ص ٣ و ١٨ / ومستدرك الصحيحين ج ٣ ص ١٤ / ومسند أحمد بن حنبل ج ١ ص ١٥٩ وغيرها مع اختلاف فى الألفاظ يسير .
يتبع ...