وقال (عليه السلام): أَعْجَزُ النَّاسِ مَنْ عَجَزَ عَنِ اكْتِسَابِ الاْخْوَانِ، وَأَعْجَزُ مِنْهُ مَنْ ضَيَّعَ مَنْ ظَفِرَ بِهِ مِنْهُمْ .                
وقال (عليه السلام): إِذَا أَقْبَلَتِ الدُّنْيَا عَلَى أحَد أَعَارَتْهُ مَحَاسِنَ غَيْرِهِ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ عَنْهُ سَلَبَتْهُ مَحَاسِنَ نَفْسِهِ .                
وقال (عليه السلام) : مَنْ كَرُمَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ هَانَتْ عَلَيْهِ شَهْوَتُهُ .                
وقال (عليه السلام): لاَ خَيْرَ فِي الصَّمْتِ عَنِ الْحُكْمِ، كَمَا أنَّهُ لاَ خَيْرَ فِي الْقَوْلِ بِالْجَهْلِ.                
وقال (عليه السلام): مَنِ اتَّجَرَ بِغَيْرِ فِقْه ارْتَطَمَ فِي الرِّبَا.                
وقال (عليه السلام) : مَنِ اتَّجَرَ بِغَيْرِ فِقْه ارْتَطَمَ فِي الرِّبَا .                
وقال (عليه السلام): يَهْلِكُ فِيَّ رَجُلاَنِ: مُحِبٌّ مُفْرِطٌ، وَبَاهِتٌ مُفْتَر.                

Search form

إرسال الی صدیق
في رحاب نهج البلاغة (تولية قيس على مصر)

جعفر مرتضى العاملي

وهناك كتاب كتبه أمير المؤمنين ‏(عليه السلام) إلى أهل مصر, أرسله ‏إليهم مع قيس بن سعد بن عبادة, لما بعثه أميراً عليهم وحاكماً. ‏
فقد روى الثقفي ‏(رحمه الله) في كتاب الغارات [١] قال: حدثنا محمد ‏بن عبد الله بن عثمان الثقفي, قال: حدثني علي بن محمد بن أبي سيف, عن ‏الكلبي:‏
أنه لما ولي علي ‏(عليه السلام) الخلافة, قال لقيس بن سعد بن عبادة‏ ‏ـ وكان من شيعته ومناصحيه ـ: سر إلى مصر فقد وليتكها, واخرج إلى ‏ظاهر المدينة, واجمع ثقاتك ومن أحببت أن يصحبك حتى تأتي مصر ‏ومعك جند, فإن ذلك أرعب لعدوك، وأعزّ لوليّك.‏
فإذا أنت قدمتها إن شاء الله, فأحسن إلى المحسن, واشدد (واشتد) ‏على المريب, وارفق بالعامة والخاصة, فالرفق يمن.‏
فقال قيس: رحمك الله يا أمير المؤمنين, قد فهمت ما ذكرت.‏
‏[أما قولك: اخرج إليها بجند: فوالله إن لم أدخلها بجند آتيها به من ‏المدينة لا أدخلها أبداً] فأما الجند فإني أدعه لك, فإذا احتجت إليهم كانوا ‏قريباً منك, وإن أردت بعثهم إلى وجه من وجوهك كان لك عدة, ولكني ‏أسير إلى مصر بنفسي وأهل بيتي.‏
وأما ما أوصيتني به من الرفق والإحسان فالله تعالى هو المستعان على ‏ذلك.‏
قال: فخرج قيس في سبعة نفر من أهله حتى دخل مصر, فصعد المنبر, ‏وأمر بكتاب معه (من أمير المؤمنين ‏(عليه السلام) أن) يقرأ على الناس ‏‏[وكان فيه]:‏
بسم الله الرحمن الرحيم, من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى من بلغه ‏كتابي هذا من المسلمين, سلام عليكم. فإني أحمد الله إليكم الذي لا إله إلا ‏هو.‏
أما بعد.. فإن الله بحسن صنعه وقدره وتدبيره اختار الإسلام ديناً ‏لنفسه، وملائكته، ورسله. وبعث به أنبياءه إلى عباده, وخص من انتجب ‏من خلقه, فكان مما أكرم الله عز وجل به هذه الأمة، وخصهم به من ‏الفضل، أن بعث محمداً ‏(صلى الله عليه وآله)‏، فعلمهم الكتاب والحكمة، ‏والفرائض والسنة [٢]، وأدبهم لكيما يهتدوا، وجمعهم لكيما لا يتفرقوا [٣] ، ‏وزكاهم لكيما يتطهروا [٤] .‏
فلما قضى من ذلك ما عليه، قبضه الله إليه، فعليه صلوات الله وسلامه ‏ورحمته ورضوانه إنه حميد مجيد.‏
ثم إن المسلمين من بعده استخلفوا أمرأين منهم صالحين، [عملا ‏بالكتاب، و]  [٥] أحسنا السيرة [٦]، ولم يعدوا السنة.‏
ثم توفيا فولي من بعدهما من أحدث أحداثاً [٧]. فوجدت الأمة عليه ‏مقالاً فقالوا، ثم نقموا عليه فغيروا، ثم جاؤوني فبايعوني، وأنا أستهدي الله ‏الهدى، وأستعينه على التقوى.‏
ألا وإن لكم علينا العمل بكتاب الله، وسنة رسوله، والقيام بحقه، ‏والنصح لكم بالغيب، والله المستعان، وحسبنا ونعم الوكيل.‏
وقد بعثت لكم [٨] قيس بن سعد الأنصاري أميراً، فوازروه وأعينوه ‏على الحق [٩] . وقد أمرته بالإحسان إلى محسنكم، والشدة إلى ‏مريبكم   [١٠] ، والرفق بعوامكم وخواصكم.‏
وهو ممن أرضى هديه، وأرجو صلاحه ونصحه. نسأل الله لنا ولكم ‏عملاً زاكياً, وثواباً جزيلاً  [١١]، ورحمةً واسعةً.. والسلام عليكم ورحمة الله ‏وبركاته. ‏
وكتب عبيد الله بن أبي رافع, في صفر سنة ست وثلاثين [١٢] .‏
ونقول:‏
يبدو: أن أمير المؤمنين ‏(عليه السلام) كان يكتب نصاً واحداً ويرسله ‏إلى عماله..‏
ويبدو أيضاً: أن بعض الرواة قد حاولوا التصرف في هذا النص كما ‏سيظهر هنا بالنسبة لبعض الفقرات.‏

-----------------------------------------------------------------------
[١] . نقل العلامة الشيخ محمد باقر المحمودي في كتابه نهج السعادة ج٤ ص٣٥ عن كتاب تلخيص الغارات ‏ص١٢٧ وقال: مع مغايرات يسيرة في السند والمتن, ونحن إنما نقلنا عنه ما نقلناه بوساطة المجلسي ‏‏(رحمه الله) عنه في البحار, وابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة, والمحقق المدني في الدرجات الرفيعة, ‏وقد لخصنا العبارة المحكية عنه بعض التلخيص وزدنا عليها في بعض الموارد ما يوضحها.‏
[٢] . هذا هو الظاهر المؤيد بنقل الطبري، دون غيره.‏
[٣] . وفي نسخة ابن أبي الحديد ج٦ ص٥٨: (وجمعهم لكيلا يتفرقوا).‏
[٤] . وزاد في تاريخ الأمم والملوك (ط مؤسسة الأعلمي) ج٣ ص٥٥٠ بعده: (ورفههم لكيما لا يجوروا). أي ‏نفَّس عنهم، ووسع عليهم كي لا يظلم بعضهم بعضاً لأجل الضيق والشدة.‏
[٥] . من تلخيص الغارات ص١٢٩ وإمارات التقية والمداراة للناس في الكلام ظاهرة.‏
[٦] . قال المحمودي في نهج السعادة هامش ج٤ ص٢٩: مثل تسفير أبي ذر إلى الشام ثم إلى الربذة، ومثل تبعيد ‏صلحاء الكوفة إلى الشام، وضرب عمار حتى غشي عليه وصار ذا فتق، وضرب عبد الله بن مسعود، ‏وتحريق المصحف، ورد الحكم بن أبي العاص إلى المدينة وقد أخرجه رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى ‏غير ذلك مما تواتر عنه من الأحداث التي لا تحصى.‏
[٧] . وفي الدرجات الرفيعة ص٣٣٦: (ثم إن المسلمين من بعده استخلفوا أميرين منهم، أحسنا السيرة، ثم ‏توفيا فولي من بعدهما والٍ أحدث أحداثاً فوجدت الأمة عليه مقالاً فقالوا، ثم نقموا فتغيروا الخ..).‏ وزاد في نسخة ابن أبي الحديد ج٦ ص٥٨ بعد قوله: (صالحين): (فعملا بالكتاب والسنة).‏
[٨] . كذا في بحار الأنوار ج٣٣ ص٥٣٥ وشرح ابن أبي الحديد ج٦ ص٥٩. وفي تاريخ الأمم والملوك (ط ‏مؤسسة الأعلمي) ج٣ ص٥٥٠ والدرجات الرفيعة ص٣٣٧: (وقد بعثت إليكم قيس بن سعد ‏إلخ..).‏
[٩] . وفي تاريخ الأمم والملوك (ط مؤسسة الأعلمي) ج٣ ص٥٥٠: (فوازروه وكاتفوه وأعينوه على الحق, ‏وقد أمرته إلخ..).‏
[١٠] . وفي تاريخ الأمم والملوك (ط مؤسسة الأعلمي) ج٣ ص٥٥٠ وشرح نهج البلاغة ج٦ ص٥٩ ‏والدرجات الرفيعة ص٣٣٧: (والشدة على مريبكم).‏
[١١] . وفي تاريخ الأمم والملوك (ط مؤسسة الأعلمي) ج٣ ص٥٥١: (وثواباً جميلاً إلخ..). ‏
[١٢] . الغارات للثقفي ج١ ص٢٠٨ ـ ٢١١ وبحار الأنوار ج٣٣ ص٥٣٣ ـ ٥٣٥ و (ط حجرية) ج٨ ‏ص٦٤٣ ونهج السعادة ج٤ ص٢٥ ـ ٢٨ وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج٦ ص٥٧ ـ ٥٩ والدرجات ‏الرفيعة ص٣٣٦ ـ ٣٣٧ وتاريخ الأمم والملوك (ط مصر ـ ومؤسسة الأعلمي ـ بيروت) ج٣ ص٥٤٩ ـ ‏‏٥٥١ وراجع: البداية والنهاية ج٧ ص٢٥١ ومنهاج البراعة ج٥ ص١٠٦ وأنساب الأشراف ج١ ‏ص٤٠١ و (ط١) ج٢ ص٣٨٩.‏

منقول من كتاب الصحيح من سيرة الإمام علي عليه السلام - ج ٢١

****************************