السؤال :
ماهو نهج البلاغة ؟
الجواب :
هو الكتاب الذي جمعه الشريف الرضي رحمه الله تعالى من مختار كلام مولانا أمير المؤمنين عليه السلام من خطب وكتب ومواعظ وأدب.
وقد ضمّ الكتاب من المختارات ما يلي:
(٢٤١ ) خطبة وكلامًا، وبعضهم يعتبرها (٢٣٧) خطبة حسب تقسيم الخطب أو ضمها إلى بعضها.
( ٧٩ ) كتابًا ووصية وعهدًا.
(٤٨٠ ) كلمة قصيرة.
والشريف (رضي الله عنه) كما جاء في مقدمة الكتاب لم يذكر الخطبة أو الكلام كاملاً وإنما اختار من كل الكلام أعاليه.
ولو أنه ذكر كل ما ورد عن الإمام (عليه السلام) لأتى بأضعاف ما جاء به. لأنك كما سمعت أن خطب الإمام (عليه السلام) تترواح بين الأربعمائة والأربعمائة وثمانين خطبة (٤٨٠) وهو الضعف من حيث العدد، فضلاً عن أن المجموع في النهج هو المختار من نصف خطب الإمام (عليه السلام) كما صرح الشريف الرضي رحمه الله بذلك في المقدمة حيث قال فيها:
(سألوني أن أبتدأ بتأليف كتاب يحتوي على مختار كلام أمير المؤمنين عليه السلام في جميع فنونه، ومتشعبات غصونه، من خطب وكتب ومواعظ وأدب، علمًا أن ذلك يتضمن من عجائب البلاغة، وغرائب الفصاحة، وجواهر العربية، وثواقب الكلم الدينية والدنيوية، ما لا يوجد مجتمعا في كلام، ولا مجموع الأطراف في كتاب، إذ كان أمير المؤمنين عليه السلام مشرع الفصاحة وموردها، ومنشأ البلاغة ومولدها، ومنه عليه السلام ظهر مكنونها، وعنه أخذت قوانينها، وعلى أمثلته حذا كل قائل خطيب) [١].
انتشار نهج البلاغة:
لم يكن نهج البلاغة أول كتاب جمع محاسن كلام الإمام علي (عليه السلام) فقد كان في عصره (عليه السلام) من جمع بعض خطبه ودوّنها، وبعض من حفظها، وقد قدَّمنا أن عدد المصادر قبل النهج بلغ مائة وأربعة عشر مصدرًا، والخطب ضعف ما في النهج، ولكن الذي يقرُب من اليقين أن سبب انتشار النهج هو الجمع والاختيار بحيث يصعب على القارئ تتبّع الخطب الطويلة فضلاً عن صعوبة فهم المعاني.
فلذلك كان اختيار قسم من الخطب أسرع للحفظ وأقرب للتناول وآثر في النفس خصوصًا عندما تكون منتقاة.
والناس بشكل عام - سوى المحققين - لا يعرفون كلامًا لأمير المؤمنين (عليه السلام) غير نهج البلاغة، بحيث أصبح اقتناؤه تاليًا لاقتناء القرآن الكريم.
آراء في نهج البلاغة:
الآراء في النهج لا تُحصى ولكنّ صورة مختصرة عنها تفي بالغرض وتكمل ما قدمناه عن مقامه.
قال محمد أبو الفضل إبراهيم في مقدمة شرح نهج البلاغة:
(منذ أن صدر هذا الكتاب عن جامِعِه، سار في الناس ذكرُه، وتألّق نجمه، أشأم وأَعْرَق، وأَنجد وأَتهم، وأُعجب به الناس حيث كان، وتدارسوه في كل مكان، لما اشتمل عليه من اللفظ المُنتقى والمعنى المُشرق، وما احتواه من جوامع الكلم ونوابغ الحكم، في أسلوب متساوق الأغراض، مُحكم السبك، يُعدّ في الذروة العليا من النثر العربي الرائع) [٢].
وقال الشيخ محمود شكري الألوسي:
(هذا كتاب (نهج البلاغة) من خطب الإمام علي (عليه السلام) ما هو إلا قبس من نور الكلام الإلهي، وشمس تضيء بفصاحة المنطق النبوي) [٣] .
فعن الشيخ محمد عبده أنه قال: (فلا يطلب الطالب طَلِبةً إلا ويرى فيه أفضلها، ولا تخالج فكره رغبةٌ إلا وجد فيه أكملها) [٤].
وقال الاستاذ محمد حسن المرصفي:
(نهج البلاغة، ذلك الكتاب الذي أقامه الله حجة واضحة على أن عليًا كان أحسن مثال حي لنور القرآن وحكمته وعلمه وهدايته وإعجازه وفصاحته) [٥] .
وقال الدكتور صبحي الصالح:
(وفي خطب عليّ، خاصّةٌ فريدةٌ لا تكاد تُفارقها، وهي كثرة اقتباسه من القرآن المجيد والحديث الشريف، فقد رأى نور الوحي، وربي في بيت النبوة، ووعت ذاكرته القوية كثيرًا من ألفاظ القرآن والسنة، حتى انطبع أسلوبه بطابع عجيب يعلو على أساليب البلغاء من البشر القديم والحديث) [٦] .
وقال ابن أبي الحديد:
(إن سطرًا واحدًا من (نهج البلاغة) يساوي ألف سطر منه - أي كلام ابن نباتة- بل يزيد ويربى على ذلك) [٧].... إلى أن يقول: (هذا الخطيب الفاضل الذي اتفق الناس على أنه أوحد عصره في فنّه) [٨] .
(فكان الرضي باختياره أبلغ منه في كتاباته، كما قيل عن أبي تمّام لما جمع ديوان الحماسة من منتخبات شعر العرب- إنه في انتخاباته أشعر منه في شعره) [٩] .
وقال السيد محسن الأمين:
(وقد لاقى نهج البلاغة من الشهرة والقبول ما هو أهله، وشُرح شروحًا كثيرة تنبو عن الإحصاء، وكان مفخرة من أعاظم مفاخر العرب والإسلام) [١٠] .