وقال (عليه السلام): ما أَنْقَضَ النَّوْمَ لِعَزَائِمِ الْيَوْمِ.                
وقال (عليه السلام): لاَ خَيْرَ فِي الصَّمْتِ عَنِ الْحُكْمِ، كَمَا أنَّهُ لاَ خَيْرَ فِي الْقَوْلِ بِالْجَهْلِ.                
وقال (عليه السلام): عَلامةُ الاِْيمَانِ أَنْ تُؤثِرَ الصِّدْقَ حَيْثُ يَضُرُّكَ عَلَى الْكَذِبِ حَيْثُ يَنْفَعُكَ،أَنْ يَكُونَ فِي حَديِثِكَ فَضْلٌ عَنْ عِلْمِكَ، وَأَنْ تَتَّقِيَ اللهَ فِي حَدِيثِ غَيْرِكَ.                
وقال (عليه السلام): لَيْسَ بَلَدٌ بأَحَقَّ بِكَ مِنْ بَلَد، خَيْرُ الْبِلاَدِ مَا حَمَلَكَ.                
وقال (عليه السلام): إذَا كَانَ في رَجُل خَلَّةٌ رَائِعَةٌ فَانْتَظِرْ أَخَوَاتِهَا.                
وقال (عليه السلام): إِذَا قَدَرْتَ عَلَى عَدُوِّكَ فَاجْعَلِ الْعَفْوَ عَنْهُ شُكْراً لِلْقُدْرَةِ عَلَيْهِ .                
وقال (عليه السلام) : هَلَكَ فِي رَجُلاَنِ: مُحِبٌّ غَال ، وَمُبْغِضٌ قَال .                

Search form

إرسال الی صدیق
من قصص نهج البلاغة (حزن أميرالمؤمنين عليه السلام على محمّد بن أبي بكر)

حزن أميرالمؤمنين(عليه السلام) على محمّد بن أبي بكر
يعتبر محمّد بن أبي بكر من الشيعة الأوفياء المخلصين لأميرالمؤمنين(عليه السلام)، ولد في ٢٥ ذي القعدة في السنة العاشرة للهجرة (حجة الوداع) في منطقة (ذو الحليفة) وهي محل احرام أهل المدينة. أُمّه هي أسماء بنت عميس كانت تحت جعفر بن أبي طالب، فلما قتل تزوجها أبو بكر فولدت منه محمّداً، ثمّ تزوجها عليّ بعده وتربّى محمّد في حجره وكان جارياً مجرى أولاده حتى قال عليّ(عليه السلام): محمّد ابني من صلب أبي بكر [١].
قال أرباب السير: بعد أحداث التحكيم سيطر أتباع عثمان على أطراف مصر، فأرسل لهم محمّد بن أبي بكر (والي أميرالمؤمنين على مصر) ابن مضاهم الكلبي فقتله أهل خربتا.
وخرج معاوية بن حُديج، فدعا إلى الطلب بدم عثمان فأجابه ناس آخرون وفسدت مصر على محمّد بن أبي بكر.
فبلغ عليّاً(عليه السلام) وثوب أهل مصر على محمّد بن أبي بكر واعتمادهم إياه، فقال: ما لمصر إلاّ أحد الرجلين صاحبنا الّذي عزلناه عنها ـ يعني قيس بن سعد ـ أو مالك الأشتر.
فكتب عليّ إلى مالك الأشتر وهو يومئذ بنصيبين: أمّا بعد فإنّك ممن استظهرته على إقامة الدين وأقمع به نخوة الاثيم وأشد به الثغر المخوف وكنت وليت محمّد بن أبي بكر مصر فخرجت عليه بها خوارج وهو غلام حدث ليس بذي تجربة للحرب ولا بمجرب للأشياء فاقدم عليَّ للنظر في ذلك فيما ينبغي واستخلف على عملك أهل الثقة والنصيحة من أصحابك والسلام.
فأقبل مالك إلى عليّ(عليه السلام) حتى دخل عليه فحدثه حديث أهل مصر وخبره خبر أهلها وقال: ليس لها غيرك اخرج رحمك الله فإنّي إن لم أوصك اكتفيت برأيك واستعن بالله على ما أهمك فاخلط الشدة باللين وارفق ما كان الرفق أبلغ واعتزم بالشدة حين لا يغني عنك إلاّ الشدة.
قال المدائني: أن عمرو بن العاص لما قتل كنانة أقبل نحو محمّد بن أبي بكر، وقد تفرّق عنه أصحابه، فخرج محمّد مستمهلا، فمضى في طريقه حتى انتهى إلى خربة، فآوى إليها، وجاء عمرو بن العاص حتى دخل الفسطاط، وخرج معاوية بن حديج في طلب محمّد، حتى انتهى إلى علوج على قارعة الطريق، فسألهم: هل مرّ بهم أحد ينكرونه؟ قالوا: لا.
قال أحدهم: إنّي دخلت تلك الخربة، فإذا أنا برجل جالس.
قال ابن حديج: هو هو وربّ الكعبة، فانطلقوا يركضون، حتى دخلوا على محمّد، فاستخرجوه وقد كاد يموت عطشاً، فأقبلوا به نحو الفسطاط.
قال: ووثب أخوه عبدالرحمن بن أبي بكر إلى عمرو بن العاص، وكان في جنده، فقال: لا والله لا يقتل أخي صبراً، ابعث إلى معاوية بن حديج فانهه، فأرسل عمرو بن العاص: أن ائتني بمحمّد.
فقال معاوية: أقتلتم كنانة بن بشر، ابن عمي وأُخلي عن محمّد! هيهات! (أكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ اُوْلَئِكُمْ أمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ) [٢] .
فقال محمّد: اسقوني قطرة من الماء، فقال له معاوية بن حديج: لا سقاني الله إن سقيتك قطرة أبداً، إنّكم منعتم عثمان أن يشرب الماء حتى قتلتموه صائماً محرماً، فسقاه الله من الحريق المختوم، والله لأقتلنك يا بن أبي بكر وأنت ظمآن، ويسيقيك الله من الحميم والغسلين.
فقال له محمّد: يابن اليهودية النساجة، ليس ذلك اليوم إليك ولا إلى عثمان، إنّما ذلك إلى الله يسقي أولياءه ويظمىء أعداءه، وهم أنت وقرناؤك ومن تولاك وتوليته، والله لو كان سيفي في يدي ما بلغتم مني ما بلغتم.
فقال له معاوية بن حديج: أتدري ما أصنع بك؟ أدخلك جوف هذا الحمار الميت ثمّ أحرقه عليك بالنار.
قال: إن فعلتم ذاك بي فطالما فعلتم ذاك بأولياء الله، وأيم الله إنّي لأرجو أن يجعل الله هذه النار الّتي تخوفني بها برداً وسلاماً، كما جعلها الله على إبراهيم خليله، وأن يجعلها عليك وعلى أوليائك، كما جعلها على نمرود وأوليائه، وإنّي لأرجو أن يحرقك الله وإمامك معاوية، وهذا ـ وأشار إلى عمرو بن العاص ـ بنار تلظى، كلما خبت زادها الله عليكم سعيراً.
فقال له معاوية بن حديج: إنّي لا أقتلك ظلماً، إنما أقتلك بعثمان بن عفان.
قال محمّد: وما أنت وعثمان! رجل عمل بالجور، وبدل حكم الله والقرآن وقد قال الله عزّ وجلّ: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَاُوْلَئِكَ هُمُ الكَافِرُونَ ) [٣]  (فَاُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [٤] (فَاُوْلَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ) [٥] فنقمنا عليه أشياء عملها فأردنا أن يخلع من الخلافة علنا، فلم يفعل، فقتله من قتله من الناس.
فغضب معاوية بن حديج، فقدمه فضرب عنقه، ثمّ ألقاه في جوف حمار وأحرقه بالنار [٦] .
وعندما قيل لأميرالمؤمنين(عليه السلام): يا أميرالمؤمنين(عليه السلام) قلما رأيت قوماً قط أسر ولا سروراً قط أظهر من سرور رأيته بالشام حين أتاهم هلاك محمّد بن أبي بكر.
فقال عليّ(عليه السلام): أمّا إنّ حزننا عليه على قدر سرورهم به لا بل يزيد أضعافاً.
وحزن عليّ(عليه السلام) على محمّد بن أبي بكر حتى رؤي ذلك في وجهه وتبين فيه، وقام في الناس خطيباً فحمد الله وأثنى عليه وصلّى على رسوله(صلى الله عليه وآله وسلم) وقال: ألا إنّ مصر قد افتتحها الفجرة أولو الجور والظلم الذين صدّوا على سبيل الله وبغوا الإسلام عوجاً، ألا وإن محمّد بن أبي بكر قد استشهد(رحمه الله) فعند الله نحتسبه [٧] .

---------------------------------------------------

[١] . نهج البلاغة: ١/١١٧.

[٢] . القمر: ٤٣.

[٣] . (٣و٤و٥)  المائدة: ٤٤ و٤٥ و٤٧

[٦] . شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ٦/٨٦.

[٧] . الموفقيات: ٣٤٧ ح ٢٠٢.

****************************