وقال (عليه السلام): إِذَا قَدَرْتَ عَلَى عَدُوِّكَ فَاجْعَلِ الْعَفْوَ عَنْهُ شُكْراً لِلْقُدْرَةِ عَلَيْهِ .                
وقال (عليه السلام): عَلامةُ الاِْيمَانِ أَنْ تُؤثِرَ الصِّدْقَ حَيْثُ يَضُرُّكَ عَلَى الْكَذِبِ حَيْثُ يَنْفَعُكَ،أَنْ يَكُونَ فِي حَديِثِكَ فَضْلٌ عَنْ عِلْمِكَ، وَأَنْ تَتَّقِيَ اللهَ فِي حَدِيثِ غَيْرِكَ.                
وقال (عليه السلام): لاَ خَيْرَ فِي الصَّمْتِ عَنِ الْحُكْمِ، كَمَا أنَّهُ لاَ خَيْرَ فِي الْقَوْلِ بِالْجَهْلِ.                
وقال (عليه السلام): مَا مَزَحَ امْرُؤٌ مَزْحَةً إِلاَّ مَجَّ مِنْ عَقْلِهِ مَجَّةً.                
وقال (عليه السلام) : مَنِ اتَّجَرَ بِغَيْرِ فِقْه ارْتَطَمَ فِي الرِّبَا .                
وقال (عليه السلام): النَّاسُ أَعْدَاءُ مَا جَهِلُوا.                
وقال (عليه السلام): قَلِيلٌ مَدُومٌ عَلَيْهِ خَيْرٌ مِنْ كَثِير مَمْلُول مِنْهُ.                

Search form

إرسال الی صدیق
ما قيل في نهج البلاغة من نظم ونثر- الأول

السيد عبد العزيز الطباطبائي

قد نظم الأدباء والشعراء في مدح « نهج البلاغة » الشيء الكثير ، بادين إعجابهم به وإكبارهم له في فصاحة لفظه ، وبلاغة تعبيره ، ورصانة معناه ، وما اشتمل عليه من آداب وحكم ، وعلم التوحيد ، ومواعظ وزواجر ، وهداية وإرشاد ، وتحذير من الدنيا ، وترغيب في الآخرة ، ونظم وسياسة ، وفيه كل ما يجب على إمام المسلمين وخليفة سيد المرسلين أن يؤديه إلى الأمة من نصح وتوجيه وتربية .
وكان ذلك مبعثرا في بطون الكتب وظهور مخطوطات نهج البلاغة ، يتناقلها النساخ من نسخة إلى نسخة ، ومن مخطوطة إلى مخطوطة ، فرأيت خلال عملي في « نهج البلاغة » وفهرسة مخطوطاته القديمة أن أجمع ما أجد عليها من شعر ونظم ، وقد رتبته حسب القوافي ، كما وجمعت من أقوال البلغاء وكبار الأدباء عن نهج البلاغة من الكلام المنثور ورتبته حسب التسلسل الزمني ، فجاء ما بلغه جهدي هذا المجموع الذي ينشر هنا ، والله الموفق للصواب ، وهو المستعان .

نهج البلاغة » في الشعر العربي
فمنهم السيد علي بن محمد آل زبارة البيهقي ، له قصيدة في نهج البلاغة ، أورده فريد خراسان ظهير الدين البيهقي ـ المتوفى سنة ٥٦٥ ه‍ ـ في شرحه على نهج البلاغة الذي سماه : معارج نهج البلاغة ، فقال في ص ٨ منه :
قال السيد الإمام كمال الدين أوحد العترة أبو الحسن علي بن محمد العلوي الزبارة [١] :

يا من تجاوز قمة الجوزاء ***** بأبي ، مبيد للعدى أباء

وكرر هذا الاطراء عند كلامه على نسبه الطاهر وبيته الرفيع ص ٤٧٣ و ٤٧٥ ، ثم قال : « نسبه الطاهر الرفيع الذي هو بين أنساب أمراء سادات الزمان كليلة القدر في شهر رمضان . . . » .
وصدر شرحه على « نهج البلاغة » أيضا باسمه وأطراه بقوله : « الصدر الأجل ، السيد العالم عماد الدولة والدين ، جلال الإسلام والمسلمين ، ملك النقباء في العالمين . . . فإنه جمع في الشرف بين النسب والحسب ، وفي المجد بين الموروث والمكتسب ، إذا اجتمعت السادة فهو نقيبهم وإمامهم ، وإذا ذكرت الأئمة والعلماء فهو سيدهم وهمامهم . . . » .

زوج البتول أخو الرسول منابذ ***** الكفار دامغ صولة الأعدا
متشبث بعرى التقى معروفة يمـ ***** ـناه بالإعطاب والإعط ية وسجية ميثاء
ذي غرة قمرية وعزيمة رضو ***** ولم يغتر بالصفراء والبيضاء
قد طلق الدنيا بلا كر ***** ما كان يدعى من بني حواء
لو لم يكن في صورة بشرية ***** فيها تضل قرائح البلغاء
نهج البلاغة من مقالته الت ***** كالروض غب الديمة الوطف

كم فيه من خطب تفوح عظاتها
ولأبي نصر علي بن أبي سعد محمد بن الحسن بن أبي سعد الطبيب رحمه الله   [٢] :

نهج البلاغة مشرع الفصحا ***** ومعشش البلغاء والعلماء

أقول : هو ممن قرأ نهج البلاغة على محمد بن أبي نصر القمي سنة ٥٨٧ ه‍ ، وقرأه على علي بن فضل الله الراوندي [ تأتي ترجمته ص ] سنة ٥٨٩ ه‍ . فبأول نسخة من نهج البلاغة : قرأ وسمع علي كتاب نهج البلاغة الأجل الإمام العالم ، الولد الأخص الأفضل ، جمال الدين ، زين الإسلام ، شرف الأئمة ، علي بن محمد بن الحسين المتطبب ، أدام الله جماله ، وبلغه في الدارين آماله ، قراءة وسماعا يقتضيهما فضله ، وأجزت له أن يرويه عني ، عن المولى السعيد والدي سقاه الله صوب الرضوان ، عن ابن معبد الحسني ، عن الإمام أبي جعفر الطوسي ، عن السيد الرضي . ورويته له عن الشيخ الإمام عبد الرحيم ابن الأخوة البغدادي ، عن الشيخ أبي الفضل محمد ابن يحيى الناتلي ، عن أبي نصر عبد الكريم بن محمد (الديباجي) سبط بشر الحافي ، عن السيد الرضي . وروى لي السيد الإمام ضياء الدين علم الهدى سقى الله ثراه ، عن الشيخ مكي بن أحمد المخلطي ، عن أبي الفضل الناتلي ، عن أبي نصر ، عن الرضي رحمهم الله . ورواه لي أبي قدس الله روحه ، عن الشيخ الإمام أبي جعفر محمد بن علي بن الحسن المقري النيسابوري ، عن الحسن بن يعقوب الأديب ، عمن سمعه عن الرضي .
كتبه علي بن فضل الله الحسني حامدا مصلي
في رجب سنة ٥٨٩ .

درج عقود رقاب أرباب التقى ***** في درجه من غير ما استثناء
في طيه كل العلوم كأنه الـ ***** ـجفر المشار إليه في الأنبا
من كان يسلك نهجه متشمرا ***** أمن العثار وفاز بالعلياء

غرر من العلم الإلهي انجل
 

ويفوح منها عبقة نبوية ***** منظومة تجلو ضياء ذكاء
روض من الحكم الأنيقة جاد ***** لا غرو قدا من أديم سنا
أنوار علم خليفة الله الذي ***** جود من الأنوار لا الأن
وجذيلها وعذيقها مترجبا ***** هو عصمة الأموات والأحي
مشكاة نور الله خازن علمه ***** ومحككا جدا بغير مراء مختاره من سرة البطحاء
وهو ابن بجدته عليه تهدلت ***** أغصانه من جملة الأمرا رغما لتيم أرذل الأعدا
ووصي خير الأنبياء اختار ***** برد الظلام بنشر كف ضيا
صلى الإله عليهما ما ينطو ***** قطب السباق جوى من الفصحاء
وعلى سليلهما الرضي محمد

ولبعضهم ـ كما على بعض مخطوطات نهج البلاغة ـ :

نهج البلاغة منهج البلغا ***** وملاذ ذي حصر وذي إعيا
فيها معان في قوالب أحكمت ***** لهداية كالنجم في الظلماء
وتضمن الكلمات في إيجازها ***** بذواتها بجوامع العلياء
صلى الإله على النبي محم ***** وعلى علي ذي علا وإخا

والآخر :

نهج البلاغة هذا سيد الكت تاج الرسائل والأحكام والخط

كم فيه من حكمة غرا بالغة ***** ومن علوم  [٣] إلهي ومن أرب
ومن دواء لذي داء وعافية ***** لذي بلاء ومن روح لذي تع
فيه كلام ولي الله حيدر م ***** يمينه في عطاء المال يستجب
وصي خير عباد الله كلهم ***** مختار رب البرايا سيد العرب
علي المرتضى من في مودته ***** ترجى النجاة ليوم الحشر والرعب
فمن يواليه من صدق الجنان ففي ***** الجنان طنب فوق السبعة الشهب
ومن يعاديه في نار الجحيم هوى ***** وعاش ما عاش في ويل وفي حرب
قد امتزجت بقلبي حبه فجرى ***** في النفس مجرى دمي في اللحم والعصب
صلى عليه إله الخلق خالقنا ***** رب الورى وعلى أبنائه النجب
وزاده في جنان الخلد منزلة ***** ورتبة وعلى معلو [٤] على الرتب

ولغيره :

نهج البلاغة نهج الفضل والأ ***** ونهج كل هدى يبغيه ذو الأد
في ضمنه كلم في ضمنها حكم ***** تشفي القلوب من الأد (و) اء والري
يحوي شوارد ألفاظ مهذبة ***** قد أفحمت فصحاء العجم والعرب
إن قسته بكلام الناس ممتحن ***** فالنبع قد قسته يوما إلى الغرب
من كان مقتبسا منه فوائده ***** فقد علا رتبا ناهيك من رت

وللسيد الإمام عز الدين ، سيد الأئمة ، المرتضى علي [٥]  ابن الإمام العلامة ضياء الدين علم الهدى أبي الرضا السيد فضل الله الراوندي قدس الله روحهما :

نهج البلاغة نور وكلامه لكلام أرب لذوي البلاغة واضح الفصاحة فاضح

العلم فيه زاخر وغوامض التوحيد فيه ***** والفضل فيه راجح جميعها لك لائح
ووعيده مع وعده تحظى به هذي البرية ***** للناس طرا ناصح صالح او طالح
لا كالعريب ومالها هيهات لا يعلو إلى ***** فالمال غاد ورائح مرقى ذراه مادح
إن الرضي الموسوي لاقت به ويجمعه ***** لمائه هو مائح عدد القطار مدائح

ومما وجد مكتوبا على نسخة من نهج البلاغة ، محفوظة في مكتبة السيد المرعشي ، برقم ٦٧٢٦ :

كتاب فيه آيات الملاحه ***** على نهج البلاغة والفصاحه

وللأديب عبد الرحمن بن الحسين :

نهج البلاغة نعم الذخر والسند ***** وفيه للمؤمنين الخير والرشد
عين الحياة لمن أضحى تأملها ***** يا حبذا معشرا في مائها وردوا
ما إن رأت مثلها عين ولا سمعت ***** أذن ولا كتبت في العالمين يد
شرب روحي عند كتبتها ***** وكان للروح من آثارها مدد
صلى الإله على من كان منطقه ***** روحا تزايد منها الروح والجسد

-------------------------------------------------------
[١] . هو السيد النقيب عماد الدين أبو الحسن علي بن محمد بن يحيى بن هبة الله الحسيني البيهقي ، آل زبارة ، من أعلام بيهق وأشرافها في القرن السادس . وآل زبارة من الأسر العلوية العلمية العريقة في العلم والشرف والنقابة والجاه والسيادة والتقدم والرئاسة ، كابرا عن كابر ، ولهم الذكر الحسن والثناء البليغ في كتب الأنساب والتواريخ ، ذكرهم البيهقي في « تاريخ بيهق » وفي « لباب الأنساب » .
والسيد أبو الحسن هذا هو الذي حث البيهقي على تأليف « لباب الأنساب » فصدره باسمه مع الاطراء الكثير ، فقال عنه : « الأمير السيد الأجل الكبير ، المؤيد الرضي ، عماد الدولة والدين ، جلال الإسلام والمسلمين ، أخص سلطان السلاطين ، مجتبى الخلافة ، ظهير الأنام ، صفي الأيام ، ذخر الأمة ، شرف الملة ، غوث الطالبية ، كمال المعالي ، فخر آل رسول الله صلى الله عليه وآله ، ذي المناقب ، ملك السادات ، نقيب النقباء في الشرق والغرب . . . » .
[٢] . هو الشيخ جمال الدين أبو نصر علي بن أبي سعد محمد بن الحسن (الحسين) بن أبي سعد المتطبب القمي ، كان عالما ، فاضلا ، أديبا شاعرا ، ناظما ناثرا ، ممن يروي بالإجازة عن السيد فضل الله الراوندي ، وممن عني بنهج البلاغة قراءة ورواية وتصحيحا وتعليقا وامتداحا ، فقد كتب في آخر نسخته من نهج البلاغة :
عرضت هذه النسخة ـ بعد القراءة على الإمام الكبير ، العلامة النحرير ، زين الدين ، سيد الأئمة ، فريد العصر ، محمد بن أبي نصر ، سقاه الله شآبيب رضوانه ، وكساه جلابيب غفرانه ـ على نسخة السيد الإمام الكبير السعيد ضياء الدين ، علم الهدي [ السيد فضل الله الراوندي ] تغمده الله برحمته ، وتوج مفرقه بتيجان مغفرته ، وصححتها غاية التصحيح ، ووشحتها نهاية التوشيح ، بحسب وقوفي على حقائقها ، وإحاطتي بدقائقها ، وشنفت آذان حواشيها بالدرر التي وجدتها فيها ، ثم بعد ذلك قرأته على ابنه السيد الإمام الكبير عز الدين المرتضى ، رضي الله عنه وأرضاه ، وجعل الجنة مأواه ، وسمعته عليه قراءة استبحثت عن معانيه ، وسماعا استكشفت عن مبانيه ، ثم ما اقتصرت على تشنيف آذانها ، بل سمطتها بالجواهر ، وقلدتها بالدرر الزواهر ، التي استجردتها بالغياصة في بحار مصنفات العلماء ، واستنبطتها من معادن مؤلفات الفضلاء ، وانتزعت أكثرها من منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة ، من كلام الإمام السعيد قطب الدين الراوندي ، بيض الله غرته ، ونور حضرته ، وكابدت في تصحيح كل ورق إحدى بنات طبق ، ولقيت من توشيح كل سطر نبات برح وأم وفر ، فصحت إلا ما زل عن النظر ، أو تهارب عن إدراك البصر ، ولا يعرف ذلك إلا من تسنم قلال شواهق هذه الصناعة بحق ، وجرى في ميدانها أشواطا على عرق ، وذلك في شهر ربيع الأول سنة إحدى وستمائة .
[٣] . كذا .
[٤] . كذا .
[٥] . هو السيد الإمام القاضي عز الدين أبو الفضائل علي ابن السيد الإمام ضياء الدين أبي الرضا فضل الله بن علي الحسني الراوندي .
ترجم له الشيخ منتجب الدين في فهرسته ، رقم ٣٧٨ ، وقال : فقيه ، فاضل ، ثقة ، له : كتاب حسيب النسيب للحسيب النسيب ، كتاب غنية المتغني ومنية المتمني ، كتاب مزن الحزن ، كتاب غمام الغموم ، كتاب نثر اللآلي لفخر المعالي ، كتاب مجمع اللطائف ومنبع الظرائف ، كتاب الطراز المذهب في أبرار المذهب ، تفسير القرآن ، لم يتمه .
ويوجد كتابه « حسيب النسيب » في مكتبة المرعشي ، ضمن المجموعة رقم ٤٠٤٧ ، وله مجموعة شعرية أدبية رآها ابن الفوطي وذكرها في ترجمته في تلخيص مجمع الآداب ، فقد ترجم له فيه ج ١ ص ٢٥٥ ، وله كتاب : إرشاد المسلمين في شرح كلمات أمير المؤمنين عليه السلام ، وهو شرح نثر اللآلي ، ومنه مخطوطة في مكتبة خدا بخش ، برقم ٢٠٣٧ .
وممن يروي عنه أبو نصر القمي المتقدم ، وابن أبي الفوارس الرازي البغدادي في أربعينه ، روى عنه في الحديث الثاني عشر منه مع الاطراء الكثير قائلا :
حدثني الصدر الكبير ، الإمام العالم ، الزاهد الأنور ، المرتضى ، عز الملة والدين ، ضياء الإسلام والمسلمين ، سيد الأئمة من العالمين ، ووارث الأنبياء والأولياء والمرسلين ، ملك العلماء ، علم الهدى ، قدوة الحق ، نقيب النقباء والسادة ، سيد العترة الطاهرة ، علي ابن الصدر ، الإمام السعيد . . .
حكاه عنه السيد ابن طاوس في الباب ٨٩ من كتاب « اليقين » والسيد عز الدين هذا مترجم في أمل الآمل ٢ / ١٦٩ ، وتعليقة أمل الآمل ـ للأفندي ـ : ١٨٤ ، ورياض العلماء ٣ / ٣١٢ و ٤ / ١٧٧ و ١٧٨ ، والدرجات الرفيعة ، وأعيان الشيعة ٨ / ٣٠١ ، والثقات العيون : ١٩٨ ، ومعجم رجال الحديث ١ / ١٤١ .

يتبع ......

****************************