بسم اللَّه الرحمن الرحيم
يا حاضن النهج
أسرج لي الدرب شعرا أيّها الفلق |
|
ولح فوجهك من ألف خلت الق |
و شعّ في فكرتي نورا و في خلدي |
|
وحيا و كن في دمائي النّار تصطفق |
و طف علي بأشباح مسهّدة |
|
لكنها السكن المحبوب لا الفرق |
و خلّني أتملّي حر طلعتها |
|
نشوان يمضغ في أحداقي الأرق |
و أجتليك كما أهوي منار هدي |
|
و الفجر ان لاح يستجلي به الغسق |
يا قبلة الشّعر صلّت ألف رائعة |
|
علي هداها و مال الطّرف و العنق |
بحسبها شرفا تسمو إلي أفق |
|
رحب و حسبك مجدا أنّك الأفق |
و يا رضي رؤي كم تنقضي حقب |
|
سود و تلك الرّؤي ما شابها رنق |
في كلّ عصر لها أنّي تصوب ندي |
|
وفر و في كل أرض نشرها عبق |
و أيّ مجدبة في الفكر ما اختضلت |
|
من غيثها الطّهر و هو الرّائح الغدق |
إليه أبا الحسن الزاكي يرنّ صدي |
|
الذّكري و رغم ضجيج الأمس يسترق |
في خاطر الدّهر من أنبائها فكر |
|
و في مسامعه من وقعها صعق |
إذ تملأ الارض و الدنيا هدي و علي |
|
و ما اضرّ الطموح الأين و الرهق |
و إذ تخب إلي (دار العلوم) خطي |
|
تلك الوفود و قد سالت بها الطّرق |
و تغتذي الرّشد أجيال تحضّنها |
|
أيدي كفاة بدر المكرمات سقوا |
أرحت؟ تنفخ فيه الرّوح تبعثه |
|
حتّي تحرّك في أشلائه الرّمق |
فضاء بالشّعر قول و استوي نغم |
|
و ماج بين السّطور الحبر و الورق |
حبيت أكرم ما ينمي الرّجال له |
|
تقي و محتد فخر زانه الخلق |
فشدّ عرقك من جرح الحسين دم |
|
به تلوّن عند الملتقي شفق |
و حين وافيت من موسي وليد ندي |
|
يضمّ حبّك قلب بالمني خفق |
حنّت عليك من الزّهراء فاطمة |
|
ذؤابة برسول اللَّه تلتصق |
يابن النبوّات يهني الحمد انّك من |
|
أفنانها الخضر فرع مورق انق |
أبوة ... لك منها المجد لو رعيت |
|
و قد وفيت و حاشا بردك النّق |
كنت الكفاء لها في كلّ معترك |
|
و إن أطار ادّعاءا واغل مذق |
ما فتّق «النّهج» إلّا ذهن حيدرة |
|
و قدّست روح (عملاق به غلق( |
تبلي يد الزّمن الدّنيا و ساكنها |
|
و محكمات علي مالها خلق |
يا حاضن «النّهج» مكدودا يلائمه |
|
كما يلائم نسجا ماهر حذق |
و ملبس اللّغة الفصحي عقود سنا |
|
يثري بها معجم زاه و يعتلق |
و واهب الأدب السّامي فرائده |
|
غرا حسانا بها هام الألي عشقوا |
و حيث تنفحها حلو البيان إلي |
|
أن يستوي بنظام واحد نسق |
و حيث تطلع فيها نور فلسفة |
|
و حكمة بضحاها الغيّ منمحق |
حيّيت ما راق من ذكراك مصطبح |
|
و ما تندّي طهورا منك مغتبق |
و بورك المجد يعليه اخو ثقة |
|
خلاف ما ابتزّ أقوام و ما سرقوا |
يا شامخ النّفس لا تيها و لا كبرا |
|
لكن جبلّة نفس (غير ما خلقوا( |
كأنّ اعوامك الخميس أرهقها |
|
فرط الشّكاة بهم لا الجهد و العرق |
و يا صبورا علي البلوي تدافعها |
|
حتّي تكاد قبيل الضر ترتفق |
وجدت أنّك ما روّضت جامحة |
|
إلّا و رحت بها تجري و تستبق |
فقد تمشت علي الشّطّين عاصفة |
|
هو جاء تحمل زيفا ملؤه الحمق |
ناهت بها أمّة عزلاء طيّبة |
|
و نال ممّا يروم السّادر النّزق |
عشرون عاما يضام الخير في بلد |
|
امست تشبّ علي آهاته الحرق |
عشرون عاما ... جذوع النّخل ما خففت |
|
إلّا بأجساد من غيلوا و من شنقوا |
عشرون عاما ... سنون الدهر أجمعها |
|
ممّا أقلّت مضت تهوي و تنسحق |
خصنا لظاها اصطبارا لا مصانعة |
|
و كيف تدرأ (نار شبّها الحنق( |
و لم ترعنا برغم القيد مقصلة |
|
و ما تزلزل إيمان و معتنق |
و يادم الصّدر كم تبقي تفور و كم |
|
تضوع منك بساحات الفدا لعق |
و أيّ جرح تحاماه الضّماد فما |
|
يلفّ إلّا بنزف منه ينبثق |
يلحّ مسترفدا طورا و آونة |
|
يثور ألف حسام فيه يمتشق |
و أنتم يا كماة الحرب يا أملا |
|
عليه يبني ليوم الفتح منطلق |
ضممتم العزّ من جنبيه متّشحا |
|
فراح يزهو بكم جلبابه الانق |
و شدتم بالضّحايا الغر صرح هدي |
|
يسمو ارتقاء متي يرمي و يرتشق |
و حين يأزف وعد حامل ظفرا |
|
يدق طبل بكفّ السّلم منخرق |
و لعبة الصّلح طوعا أو كراهية |
|
كم استرق بها قوم فما انعتقوا |
تلكم فلسطين بيعت و هي نازفة |
|
و بات يشحذ باسم القدس مرتزق |
جحافل الحق غذّي الخطو زاحفة |
|
لكربلاء فرقا من خلفها فرق |
فالفجر كبّر و انداحت كتائبه |
|
وراء بيرق روح اللَّه تلتحق |
تقفوا مسار الدم المطول واثقة |
|
و تنظر الدّرب ملغوما و تخترق |
و يستميت اقتحاما باسل بطل |
|
لم تدر عزمته ما الخوف ما الرهق |
حتي إذا اخترقت حصن العدي همم |
|
حمس بغير سيوف اللَّه لا تثق |
و أورتهم حياض الموت مترعة |
|
و خير موردهم مستنقع طرق |
فما انجلي الرهج إلّا و الخنا بدد |
|
و كل أجناده مهزومة مزق |