يوجد في نهج البلاغة الكثير من الإخبارات الغيبية حتى أنّ البعض اتّهم الأمير(عليه السلام) بمعرفة علم الغيب، والبعض الآخر اتّهمه بالكذب.
والحديث يتناول عدّة محاور مثل:
١- معنى الغيب .
٢- الغيب المختصّ بالله سبحانه.
٣- الممكن تعلّمه وتعليمه.
٤- اتّهام الأمير(عليه السلام) من قبل بعض الناس بإيتائه علم الغيب ، وبالكذب من قبل بعض آخر.
٥- المغيّبات الغير محدّدة بدقّة في نهج البلاغة التي أخبر عنها الإمام(عليه السلام): (ضلِّيل قد نعق بالشام، الجيش الذي لا رهج له ولا حس، كأنّ وجوههم المجانّ المطرّقة...الخ)
٦- المغيّبات المحدّدة بدقة في نهج البلاغة التي أخبر عنها الإمام(عليه السلام): عند خلافة أبي بكر، عند خلافته(عليه السلام)، عن قتل عثمان، عن مصرع طلحة والزبير، عن معاوية وما سيحل به وما سيفعل، عن مصرع الخوارج وعدد المصروعين، مستقبل الخوارج وتعامل الحكام معهم، معاوية وما سيقوم به من سبّ له(عليه السلام)، ما سيفعله بنو أمية، ما سيتصوره الناس من دوام حكم بني أمية، ما سيلقاه بنو أمية من أعدائهم ...الخ .
وهناك ما أفضى به إلى الخاصّة من أصحابه أولي البصائر أمثال: حبيب بن مظاهر، وميثم التمّار.
١- معنى الغيب: هو كل ما غاب عنا من أمور كيوم القيامة وما فيها من أهوال، وجنّة ونعيم، ونار وجحيم، لا سبيل إلى معرفة ذلك إلّا عن طريق أخبار السماء .
٢- الغيب المختصّ بالله سبحانه: هو ما ذكرته آخر آية من سورة لقمان: (إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ). [لقمان : ٣٤]
٣- الغيب الممكن تعلّمه وتعليمه: هناك من المغيّبات التي من الممكن إطلاع الله سبحانه عباده المخلَصين من الأنبياء والأوصياء ، لإثبات كونهم حججه على عباده ، ومنها ما يخفيه الله سبحانه لأجل حكمته، ولإقامة الحجة، ولئلا يتهاون الخلق في عبادته وينشغلوا بمعصيته فيسوّفوا توبته، كالموت الذي يأتي بغتة، ولكن قد ينبّأ البعض بميقات موتهم لحكم أخرى .
٤- اتهام الأمير(عليه السلام) من قبل بعض الناس بإيتائه علم الغيب، وبالكذب من قبل بعض آخر: علم الغيب بالذات هو لله سبحانه ، وعلمه سبحانه مطلق غير محدود ، أما علمهم(عليهم السلام) فهو بالعرض وبالفيض الإلهي ، فهو محدود وعرضيٌ، ولكن إذا شاء سبحانه أن يُعْلِمَهم بشيئ أعلمهم، وإن أرادوا أن يعلموا عُلِّموا وذلك لإثبات أنهم حجج الله على خلقه، والذي أراد الإمام(عليه السلام) أن ينفيه هو العلم الذاتي المطلق الاستقلالي بالغيب، ولئلا يكفروا فيه(عليه السلام) بالرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله) ، فقال(عليه السلام): (إنّما هو تعلُّمٌ من ذي علم) .
وحين يسمع بعض المنافقين من أصحابه تلك الإخبارات بالمغيّبات فإنّهم يشكّكون فيها وذلك لضعف إيمانهم ومرض قلوبهم، كما حدث ذلك مع الرسول الأكرم( صلى الله عليه وآله) في عدّة مواقف كما في غزوة بني المصطلق حين ضلّت ناقته، إذ كان يخبرهم بالفتوحات الآتية في تاريخ الإسلام، فقال المنافقون إنّه يدّعي تلك الادّعاءات وهي لا يعرف أين ناقته ؟ فنزل جبرئيل وحدّد مكانها بدقّة فذهب البعض وأحضرها فكان كما قال(صلى الله عليه وآله) .
٥- المغيّبات الغير محدّدة بدقّة في نهج البلاغة التي أخبر عنها الإمام(عليه السلام) : (ضلِّيل قد نعق بالشام، الجيش الذي لا رهج له ولا حسّ، كأنّ وجوههم المجانّ المطرّقة...الخ)
البلايا التي ستنزل على الكوفة:(كأنّك بك يا كوفة تمدين مدّ الأديم العكاظي، تعركين بالزلازل وتركبين بالنوازل، وإنّي لأعلم أنّه ما أراد بك جبّار سوءًا إلّا ابتلاه الله بشاغل، ورماه بقاتل) .
البلايا التي ستحلّ بالبصرة: (كأنّي بمسجدك كجؤجؤ سفينة، وسيبتلى أهلك بالموت الأحمر والجوع الأغبر).
٦- المغيّبات المحدّدة بدقّة في نهج البلاغة التي أخبر عنها الإمام(عليه السلام): عند خلافة أبي بكر..: (هذا ماء آجن ولقمة يغص بها آكلها، ومجتني الثمرة لغير وقت إيناعها كالزارع بغير أرضه، بل اندمجت على مكنون علم لو بحتّ له لا ضطربتم اضطراب الأرشية في الطويّ البعيدة) .
قبل خلافته بقليل: (إنّا مستقبلون أمرًا له وجوه وألوان، لا تقوم له القلوب)
عند خلافته(عليه السلام): (والله لتبلبلنّ بلبلة ولتغربلنّ غربلة ولتساطنّ سوط القدر، وليسبقنّ سابقون كانوا قصّروا، وليقصرنّ سبّاقون كانوا سبقوا...ولقد نبئت بهذا اليوم وهذا المقام).
عن قتل عثمان، قال لعثمان: (أنشدك الله أن لا تكون إمام هذه الأمّة المقتول، فإنّه كان يقال: يقتل من هذه الأمّة إمام، يفتح عليها القتل والقتال إلى يوم القيامة).
عن مصرع طلحة والزبير: (الآن أقصى أمركما العار قبل أن يجتمع العار والنار) .
عن معاوية وما سيحلّ به وما سيفعل عن صفين: (كأنّي بك إذا الحرب عضتك تضجّ ضجيج الجمال بالأثقال، جزعاً من الضرب المتتابع، والقضاء الواقع، ومصارع بعد مصارع تدعوني إلى كتاب الله...إمّا مبايعة حائدة ...)
عن مصرع الخوارج لهم: (كأنّي بكم صرعى بأثناء هذا النهر وأهضام هذا الغائط) .
وعدد المصروعين من الخوارج: (والله لا يفلت منهم عشرة، ولا يقتل منكم عشرة)
مستقبل الخوارج لهم: (ستلقون بعدي ذلاً شاملاً وسيفاُ قاطعاً، وأثرة يتّخذها الظالمون فيكم سنّة) .
بعد انتهاء معركة النهروان حين قيل له: هلك القوم بأجمعهم، قال: (كلّا إنّهم نطف في أصلاب الرجال وأرحام النساء، كلّما نجم منهم قرن قُطع، حتى يكون آخرهم لصوصًا سلّابين) .
معاوية وما سيقوم به من سبّ له(عليه السلام): (ألا وإنّه سيظهر عليكم بعدي رجل مندحق البطن...ألا وإنّه سيأمركم بسبّي والبراءة منّي) .
مدّة حكم مروان بن الحكم: (لو بايع بيده لغدر بسبّته، ألا وإنّ له إمرة كلعقة الكلب، وهو أبو الأكبش الأربعة) .
ما سيفعله مروان وبنوه الأربعة: (وستلقى الأمّة منه ومن ولده يومًا أحمر) .