وقال (عليه السلام): الدُّنْيَا خُلِقَتْ لِغَيْرِهَا، ولَمْ تُخْلَقْ لِنَفْسِهَا.                
وقال (عليه السلام): الْقَنَاعَةُ مَالٌ لاَيَنْفَدُ.                
وقال (عليه السلام) : مَنْ عَظَّمَ صِغَارَ الْمَصَائِبِ ابْتَلاَهُ اللهُ بِكِبَارِهَا .                
وقال (عليه السلام): الْحِلْمُ وَالاَْنَاةُ تَوْأَمَانِ يُنْتِجُهُمَا عُلُوُّ الْهِمَّةِ.                
وقال (عليه السلام): أَعْجَزُ النَّاسِ مَنْ عَجَزَ عَنِ اكْتِسَابِ الاْخْوَانِ، وَأَعْجَزُ مِنْهُ مَنْ ضَيَّعَ مَنْ ظَفِرَ بِهِ مِنْهُمْ .                
وقال (عليه السلام): قَلِيلٌ مَدُومٌ عَلَيْهِ خَيْرٌ مِنْ كَثِير مَمْلُول مِنْهُ .                
وقال (عليه السلام): إِذَا وَصَلَتْ إِليْكُمْ أَطْرَافُ النِّعَمِ فَلاَ تُنْفِرُوا أَقْصَاهَا بِقِلَّةِ الشُّكْرِ .                

Search form

إرسال الی صدیق
الإمام علي عليه السلام والرأي الاخر(مع الناكثين)

على الرغم من أنّ طلحة والزبير كانا من أشدّ الناقمين على سياسة عثمان ، ومع أنّهما سبقا الناس في البيعة للإمام علي(عليه السلام) بعد قتل عثمان ، فإنّ الحركة الإصلاحية التي قادها الإمام(عليه السلام) في الحياة الإسلامية لم تجد هوى في نفسيهما[١] فبدآ في العمل للخروج على الإمام(عليه السلام) وإثارة المسلمين عليه[٢] وقاما مع عائشة يوهمون الناس بأنّ عليّاً(عليه السلام) قتل عثمان ، مع أنّه كان أوّل المدافعين عنه ، ولكنّهم أرادوا أن يبعدوا تهمة قتله عنهم[٣] فكانت حصيلة ذلك فتنة كبّدت الأمّة خسارة فادحة .

وقد بذل الإمام(عليه السلام) جهداً كبيراً لتحاشي هذه الفتنة فلم يألُ جهداً في بذل النصح لهم وتحميلهم مغبّة ما سيكون إذا نشبت الحرب . وهذه نصيحته(عليه السلام) لهما :

«أمّا بعد يا طلحة ، ويا زبير ، فقد علمتما أنّي لم أرد الناس حتى أرادوني ، ولم أُبايعهم حتى أكرهوني ، وأنتما أوّل من بادر إلى بيعتي ، ولم تدخلا في هذا الأمر بسلطان غالب ولا لعرض حاضر . وأنت يازبير ففارس قريش ، وأنت يا طلحة شيخ المهاجرين ، ودفعكما هذا الأمر قبل أن تدخلا فيه كان أوسع لكما من خروجكما منه بعد إقراركما ، ألا وهؤلاء بنو عثمان هم أولياؤه المطالبون بدمه ، وأنتما رجلان من المهاجرين ، وقد أخرجتما اُمّكما من بيتها الذي أمرها الله تعالى أن تقرّفيه،والله حسبكما..»[٤].

وناشدهم الله أن لا يقوموا بفتنة في الإسلام يقتل فيها المسلمون بعضهم بعضاً ، فلم يُجْدِ ذلك نفعاً . وطلب الإمام أن يجتمع بالزبير بين الصفّين ، وناجاه مذكِّراً إيّاه بقول النبيّ(صلى الله عليه وآله) له : «تقاتله يا زبير وأنت له ظالم» . فما كان من الزبير إلاّ أن اعتزل الجيشين وتركهما يقتتلان ، فلمّا كان في بعض الصحراء لحقه ابن جرموز فقتله(٨٣) وحينما جيء إليه(عليه السلام)بسيف الزبير وخاتمه قال(عليه السلام) : سيفٌ طالما جلا الكرب عن وجه رسول الله(صلى الله عليه وسلم)[٥] .

ثمّ نادى(عليه السلام) طلحة حين رجع الزبير: يا أبا محمّد ، ما الذي أخرجك؟ قال : الطلب بدم عثمان ، قال علي : قتل الله أولانا بدم عثمان ، أما سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله) يقول : «اللّهم والِ من والاه وعادِ من عاداه»؟ وأنت أوّل من بايعني ثمّ نكثت ، وقد قال الله عزّوجلّ: } فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ{؟ فقال : استغفر الله ، ثمّ رجف فقال مروان بن الحكم : رجع الزبير ويرجع طلحة ، ما أُبالي رميتُ هاهنا أم هاهنا ، فرماه في أكحله فقتله ، فمرّ عليه بعد الوقعة . . فوقف عليه ، فقال : إنّا لله وإنّا إليه راجعون والله لقد كنت كارهاً لهذا[٦] .

وبعد أن ذهبت كلّ محاولاته(عليه السلام)لإصلاح الموقف سدًى . . تفجّر الموقف ، غير أنّ الإمام راح يخاطب جيشه ـ بعد اندلاع القتال ـ مطالباً أصحابه بالالتزام بما يريده الله : «أيّها الناس أنشدكم الله أن لا تقتلوا مدبراً ، ولا تجهزوا على جريح ، ولا تستحلّوا سبياً ، ولا تأخذوا سلاحاً ولا متاعاً» . طارحاً بذلك أحكام شريعة الله تعالى في البغاة .

وبعد انتصار الإمام عفا عن المشتركين في الحرب فقال بعض أصحابه : يا أمير المؤمنين تحلّ لنا دماؤهم ولا تحلّ لنا نساؤهم؟ فقال(عليه السلام) : كذلك السيرة في أهل القبلة[٧] .

وأحسن الإمام(عليه السلام) معاملة عائشة : «يا حميراء! رسول الله أمرك بهذا؟ ألم يأمرك أن تقرّي في بيتك؟ والله ما أنصفك الذين أخرجوك إذ صانوا عقائلهم وأبرزوك» . . وأمر أخاها محمّداً فأنزلها في دار صفيّة بنت الحارث . . وأتاها في اليوم الثاني ودخل عليها ومعه الحسن والحسين وباقي أولاده وأولاد اخوته وفتيان أهله من بني هاشم وغيرهم من شيعته من همدان ، فلمّا بصرت به النسوان صحن في وجهه وقلن : يا قاتل الأحبّة ، فقال : لو كنت قاتل الأحبّة لقتلت مَنْ في هذا البيت ، وأشار إلى بيت من تلك البيوت قد اختفى فيه مروان بن الحكم وعبدالله بن الزبير وعبدالله بن عامر وغيرهم . .

طلبت منه عائشة أن يؤمّن ابن اُختها عبدالله بن الزبير ، فأمنه ، وتكلّم الحسن والحسين في مروان فأمنه ، وأمن الوليد بن عقبة ، وولد عثمان وغيرهم من بني أميّة ، وأمّن الناس جميعاً ، وقد كان نادى يوم الواقعة : مَنْ ألقى سلاحه فهو آمن ، ومن دخل داره فهو آمن[٨] .

أرجع الإمام علي(عليه السلام) عائشة إلى بيتها في المدينة ، وقد بعث معها أخاها محمّد بن أبي بكر وثلاثين رجلا وعشرين امرأة من ذوات الدين من عبد القيس وهمدان وغيرهما ، ألبسهن العمائم وقلّدهن السيوف ، وقال لهن : لا تُعلمن عائشة انّكن نسوة وتلثمن كأنكنّ رجال ، وكُنّ اللاتي تلين خدمتها وحملها ، فلمّا أتت المدينة قيل لها : كيف رأيت مسيرك؟ قالت : كنت بخير والله ، لقد أعطى علي بن أبي طالب فأكثر ، ولكنّه بعث معي رجالا أنكرتهم ، فعرفها النسوة أمرهن ، فقالت : ما ازددت والله يا ابن أبي طالب إلاّ كرماً ، ووددت أنّي لم أخرج . . وإنّما قيل لي : تخرجين فتصلحين بين الناس ، فكان ما كان . .[٩] .

وهكذا أبدى الإمام(عليه السلام) أكثر من موقف إنساني فريد يعكس مدى نبل المشاعر وقمّة الأريحية تجاه الخصم[١٠] .

يتبع .........

-----------------------------------------------------------------

[١] . لجنة التأليف في دار التوحيد ، م . س ، ٢ : ٤٣ .
[٢] . المرجع نفسه ، ٢ : ٤٢ .
[٣] . لبيب بيضون; م . س : ٥٢٩ .
[٤] . نقلا عن لجنة التأليف في دار التوحيد ، ٢ : ٤٣ .
[٥] . لبيب بيضون : ٥٢٩ .
[٦] . تاريخ المسعودي ، ٢ : ٣٧٣ .
[٧]المرجع نفسه .
[٨] . نقلا عن المرجع السابق : ٤٧ .
[٩] . تاريخ المسعودي ، ٢ : ٣٧٨ .
[١٠] . المرجع نفسه ، ٢ : ٣٧٩ .
****************************