إبن أبي الحديد المعتزلي
١- كان كثيرا ما يقول إذا فرغ من صلاة الليل أشهد أن السماوات والأرض وما بينهما آيات تدل عليك و شواهد تشهد بما إليه دعوت كل ما يؤدي عنك الحجة ويشهد لك بالربوبية موسوم بآثار نعمتك ومعالم تدبيرك علوت بها عن خلقك فأوصلت إلى القلوب من معرفتك ما آنسها من وحشة الفكر وكفاها رجم الاحتجاج فهي مع معرفتها بك وولهها إليك شاهدة بأنك لا تأخذك الأوهام ولا تدركك العقول ولا الأبصارأعوذ بك أن أشير بقلب أو لسان أو يد إلى غيرك لا إله إلا أنت واحدا أحدا فردا صمدا ونحن لك مسلمون.
٢ - إلهي كفاني فخرا أن تكون لي ربا وكفاني عزا أن أكون لك عبدا أنت كما أريد فاجعلني كما تريد.
٣ - ما خاف امرؤ عدل في حكمه وأطعم من قوته وذخر من دنياه لآخرته.
٤ - أفضل على من شئت تكن أميره واستغن عمن شئت تكن نظيره واحتج إلى من شئت تكن أسيره.
٥ - لو لا ضعف اليقين ما كان لنا أن نشكو محنة يسيرة نرجو في العاجل سرعة زوالها وفي الآجل عظيم ثوابها بين أضعاف نعم لو اجتمع أهل السماوات والأرض على إحصائها ما وفوا بها فضلا عن القيام بشكرها.
٦- من علامات المأمون على دين الله بعد الإقرار والعمل الحزم في أمره والصدق في قوله والعدل في حكمه و الشفقة على رعيته لا تخرجه القدرة إلى خرق ولا اللين إلى ضعف ولا تمنعه العزة من كرم عفو ولا يدعوه العفو إلى إضاعة حق ولا يدخله الإعطاء في سرف ولا يتخطى به القصد إلى بخل ولا تأخذه نعم الله ببطر.
٧ - الفسق نجاسة في الهمة وكلب في الطبيعة.
٨ - قلوب الجهال تستفزها الأطماع وترتهن بالأماني وتتعلق بالخدائع وكثرة الصمت زمام اللسان وحسم الفطنة وإماطة الخاطر وعذاب الحس.
٩- عداوة الضعفاء للأقوياء والسفهاء للحلماء والأشرار للأخيار طبع لا يستطاع تغييره.
١٠- العقل في القلب والرحمة في الكبد والتنفس في الرئة.
١١ - إذا أراد الله بعبد خيرا حال بينه وبين شهوته وحجز بينه وبين قلبه وإذا أراد به شرا وكله إلى نفسه.
١٢ - الصبر مطية لا تكبو والقناعة سيف لا ينبو.
١٣ - رحم الله عبدا اتقى ربه وناصح نفسه وقدم توبته وغلب شهوته فإن أجله مستورعنه وأمله خادع له و الشيطان موكل به.
١٤ - مر بمقبرة فقال السلام عليكم يا أهل الديار الموحشة والمحال المقفرة من المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات أنتم لنا فرط ونحن لكم تبع نزوركم عما قليل ونلحق بكم بعد زمان قصير اللهم اغفر لنا ولهم و تجاوزعنا وعنهم الحمد لله الذي جعل الأرض كفاتا أحياء وأمواتا والحمد لله الذي منها خلقنا وعليها ممشانا و فيها معاشنا وإليها يعيدنا طوبى لمن ذكر المعاد وقنع بالكفاف وأعد للحساب.
١٥ - إنكم مخلوقون اقتدارا ومربوبون اقتسارا ومضمنون أجداثا وكائنون رفاتا ومبعوثون أفرادا ومدينون حسابا فرحم الله امرأ اقترف فاعترف ووجل فعقل وحاذر فبادر وعمر فاعتبر وحذر فازدجر وأجاب فأناب و راجع فتاب واقتدى فاحتذى وتأهب للمعاد واستظهر بالزاد ليوم رحيله ووجه سبيله ولحال حاجته وموطن فاقته فقدم أمامه لدار مقامه فمهدوا لأنفسكم على سلامة الأبدان وفسحة الأعمار فهل ينتظر أهل غضارة الشباب إلا حواني الهرم وأهل بضاضة الصحة إلا نوازل السقم وأهل مدة البقاء إلا مفاجأة الفناء واقتراب الفوت ومشارفة الانتقال وإشفاء الزوال وحفز الأنين ورشح الجبين وامتداد العرنين وعلز القلق وقيظ الرمق وشدة المضض و غصص الجرض.
١٦ - ثلاث منجيات خشية الله في السر والعلانية والقصد في الفقر والغنى والعدل في الغضب والرضا.
١٧ - إياكم والفحش فإن الله لا يحب الفحش وإياكم والشح فإنه أهلك من كان قبلكم هو الذي سفك دماء الرجال و هو الذي قطع أرحامها فاجتنبوه.
١٨ - إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاث صدقة جارية وعلم كان علمه الناس فانتفعوا به وولد صالح يدعو له.
١٩ - إذا فعلت كل شيء فكن كمن لم يفعل شيئا.
٢٠ - سأله رجل فقال بما ذا أسوء عدوي فقال بأن تكون على غاية الفضائل لأنه إن كان يسوءه أن يكون لك فرس فاره أو كلب صيود فهو لأن تذكر بالجميل وينسب إليك أشد مساءة.
٢١ - إذا قذفت بشيء فلا تتهاون به وإن كان كذبا بل تحرز من طرق القذف جهدك فإن القول وإن لم يثبت يوجب ريبة وشكا.
٢٢ - عدم الأدب سبب كل شر.
٢٣ - الجهل بالفضائل عدل الموت.
٢٤ - ما أصعب على من استعبدته الشهوات أن يكون فاضلا.
٢٥ - من لم يقهر حسده كان جسده قبرا لنفسه.
٢٦ - احمد من يغلظ عليك ويعظك لا من يزكيك ويتملقك.
٢٧ - اختر أن تكون مغلوبا وأنت منصف ولا تختر أن تكون غالبا وأنت ظالم.
٢٨ - لا تهضمن محاسنك بالفخر والتكبر.
٢٩ - لا تنفك المدنية من شر حتى يجتمع مع قوة السلطان قوة دينه وقوة حكمته.
٣٠ - إذا أردت أن تحمد فلا يظهر منك حرص على الحمد.
٣١ - من كثر همه سقم بدنه ومن ساء خلقه عذب نفسه ومن لاحى الرجال سقطت مروءته وذهبت كرامته و أفضل إيمان العبد أن يعلم أن الله معه حيث كان.
٣٢ - كن ورعا تكن من أعبد الناس وارض بما قسم الله لك تكن من أغنى الناس وأحسن جوار من جاورك تكن مسلما ولا تكثرن الضحك فإن كثرته تميت القلب وأخرس لسانك واجلس في بيتك وابك على خطيئتك.
٣٣ - إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه ولا يرد القدر إلا الدعاء ولا يزيد في العمر إلا البر ولا يزول قدم ابن آدم يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيم أفناه وعن شبابه فيم أبلاه وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه و عما عمل فيما علم.
٣٤ - في التجارب علم مستأنف والاعتبار يفيدك الرشاد وكفاك أدبا لنفسك ما كرهته من غيرك وعليك لأخيك مثل الذي عليه لك.
٣٥ - الغضب يثير كامن الحقد ومن عرف الأيام لم يغفل الاستعداد ومن أمسك عن الفضول عدلت رأيه العقول.
٣٦ - اسكت واستر تسلم وما أحسن العلم يزينه العمل وما أحسن العمل يزينه الرفق.
٣٧ - أكبر الفخر ألا تفخر.
٣٨ - ما أصعب اكتساب الفضائل وأيسر إتلافها.
٣٩ - لا تنازع جاهلا ولا تشايع مائقا ولا تعاد مسلطا.
٤٠ - الموت راحة للشيخ الفاني من العمل وللشاب السقيم من السقم وللغلام الناشئ من استقبال الكد والجمع لغيره ولمن ركبه الدين لغرمائه وللمطلوب بالوتر وهو في جملة الأمر أمنية كل ملهوف مجهود.
٤١ - ما كنت كاتمه عدوك من سر فلا تطلعن عليه صديقك واعرف قدرك يستعل أمرك وكفى ما مضى مخبرا عما بقي.
٤٢ - لا تعدن عدة تحقرها قلة الثقة بنفسك ولا يغرنك المرتقى السهل إذا كان المنحدر وعرا.
٤٣ - اتق العواقب عالما بأن للأعمال جزاء وأجرا واحذر تبعات الأمور بتقديم الحزم فيها.
٤٤ - من استرشد غير العقل أخطأ منهاج الرأي ومن أخطأته وجوه المطالب خذلته الحيل ومن أخل بالصبر أخل به حسن العاقبة فإن الصبر قوة من قوى العقل وبقدر مواد العقل وقوتها يقوى الصبر.
٤٥ - الخطأ في إعطاء من لا يبتغي ومنع من يبتغي واحد.
٤٦ - العشق مرض ليس فيه أجر ولا عوض.
٤٧ - أعظم الخطايا عند الله اللسان الكذوب وقائل كلمة الزور ومن يمد بحبلها في الإثم سواء
٤٨ - الخصومة تمحق الدين.
٤٩ - الجهاد ثلاثة جهاد باليد وجهاد باللسان وجهاد بالقلب فأول ما يغلب عليه من الجهاد يدك ثم لسانك ثم يصير إلى القلب فإن كان لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا نكس فجعل أعلاه أسفله.
٥٠ - ما أنعم الله على عبد نعمة فشكرها بقلبه إلا استوجب المزيد عليها قبل ظهورها على لسانه.
٥١ - الحاجة مسألة والدعاء زيادة والحمد شكر والندم توبة.
٥٢ - لن واحلم تنبل ولا تكن معجبا فتمقت وتمتهن.
٥٣ - ما لي أرى الناس إذا قرب إليهم الطعام ليلا تكلفوا إنارة المصابيح ليبصروا ما يدخلون بطونهم ولا يهتمون بغذاء النفس بأن ينيروا مصابيح ألبابهم بالعلم ليسلموا من لواحق الجهالة والذنوب في اعتقاداتهم و أعمالهم.
٥٤ - الفقر هو أصل حسن سياسة الناس وذلك أنه إذا كان من حسن السياسة أن يكون بعض الناس يسوس و بعضهم يساس وكان من يساس لا يستقيم أن يساس من غير أن يكون فقيرا محتاجا فقد تبين أن الفقر هو السبب الذي به يقوم حسن السياسة.
٥٥ - لا تتكلم بين يدي أحد من الناس دون أن تسمع كلامه وتقيس ما في نفسك من العلم إلى ما في نفسه فإن وجدت ما في نفسه أكثر فحينئذ ينبغي لك أن تروم زيادة الشيء الذي به يفضل على ما عندك.
٥٦ - إذا كان اللسان آلة لترجمة ما يخطر في النفس فليس ينبغي أن تستعمله فيما لم يخطر فيها.
٥٧ - إذا كان الآباء هم السبب في الحياة فمعلمو الحكمة والدين هم السبب في جودتها.
٥٨ - وشكا إليه رجل تعذر الرزق فقال مه لا تجاهد الرزق جهاد المغالب ولا تتكل على القدر اتكال المستسلم فإن ابتغاء الفضل من السنة والإجمال في الطلب من العفة وليست العفة دافعة رزقا ولا الحرص جالبا فضلا لأن الرزق مقسوم وفي شدة الحرص اكتساب المآثم.
٥٩ - إذا استغنيت عن شيء فدعه وخذ ما أنت محتاج إليه.
٦٠ - العمر أقصر من أن تعلم كل ما يحسن بك علمه فتعلم الأهم فالأهم.
٦١ - من رضي بما قسم له استراح قلبه وبدنه.
٦٢ - أبعد ما يكون العبد من الله إذا كان همه بطنه وفرجه.
٦٣ - ليس في الحواس الظاهرة شيء أشرف من العين فلا تعطوها سؤلها فيشغلكم عن ذكر الله.
٦٤ - ارحموا ضعفاءكم فالرحمة لهم سبب رحمة الله لكم.
٦٥ - إزالة الجبال أسهل من إزالة دولة قد أقبلت فاستعينوا بالله واصبروا ف إِنَّ اَلْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ.
٦٦ - قال له عثمان في كلام تلاحيا فيه حتى جرى ذكر أبي بكر وعمر أبو بكر وعمر خير منك فقال أنا خير منك ومنهما عبدت الله قبلهما وعبدته بعدهما.
٦٧ - أوثق سلم يتسلق عليه إلى الله تعالى أن يكون خيرا.
٦٨ - ليس الموسر من كان يساره باقيا عنده زمانا يسيرا وكان يمكن أن يغتصبه غيره منه ولا يبقى بعد موته له لكن اليسار على الحقيقة هو الباقي دائما عند مالكه ولا يمكن أن يؤخذ منه ويبقى له بعد موته وذلك هو الحكمة.
٦٩ - الشرف اعتقاد المنن في أعناق الرجال.
٧٠ - يضر الناس أنفسهم في ثلاثة أشياء الإفراط في الأكل اتكالا على الصحة وتكلف حمل ما لا يطاق اتكالا على القوة والتفريط في العمل اتكالا على القدر.
٧١ - أحزم الناس من ملك جده هزله وقهر رأيه هواه وأعرب عن ضميره فعله ولم يخدعه رضاه عن حظه و لا غضبه عن كيده.
٧٢ - من لم يصلح خلائقه لم ينفع الناس تأديبه.
٧٣ - من اتبع هواه ضل ومن حاد ساد وخمود الذكر أجمل من ذميم الذكر.
٧٤ - لهب الشوق أخف محملا من مقاساة الملالة.
٧٥ - بالرفق تنال الحاجة وبحسن التأني تسهل المطالب.
٧٦ - عزيمة الصبر تطفئ نار الهوى ونفي العجب يؤمن به كيد الحساد.
٧٧ - ما شيء أحق بطول سجن من لسان.
٧٨ - لا نذر في معصية ولا يمين في قطيعة.
٧٩ - لكل شيء ثمرة وثمرة المعروف تعجيل السراح.
٨٠ - إياكم والكسل فإنه من كسل لم يؤد لله حقا.
٨١ - احسبوا كلامكم من أعمالكم وأقلوه إلا في الخير.
٨٢ - أحسنوا صحبة النعم فإنها تزول وتشهد على صاحبها بما عمل فيها.
٨٣ - أكثروا ذكر الموت ويوم خروجكم من قبوركم ويوم وقوفكم بين يدي الله عزوجل يهن عليكم المصاب.
٨٤ - بحسب مجاهدة النفوس وردها عن شهواتها ومنعها عن مصافحة لذاتها ومنع ما أدت إليه العيون الطامحة من لحظاتها تكون المثوبات والعقوبات والحازم من ملك هواه فكان بملكه له قاهرا ولما قدحت الأفكار من سوء الظنون زاجرا فمتى لم ترد النفس عن ذلك هجم عليها الفكر بمطالبة ما شغفت به فعند ذلك تأنس بالآراء الفاسدة والأطماع الكاذبة والأماني المتلاشية وكما أن البصر إذا اعتل رأى أشباحا وخيالات لا حقيقة لها كذلك النفس إذا اعتلت بحب الشهوات وانطوت على قبيح الإرادات رأت الآراء الكاذبة فإلى الله سبحانه نرغب في إصلاح ما فسد من قلوبنا وبه نستعين على إرشاد نفوسنا فإن القلوب بيده يصرفها كيف شاء.
٨٥ - لا تؤاخين الفاجر فإنه يزين لك فعله ويود لو أنك مثله ويحسن لك أقبح خصاله ومدخله ومخرجه من عندك شين وعار ونقص ولا الأحمق فإنه يجهد لك نفسه ولا ينفعك وربما أراد أن ينفعك فضرك سكوته خير لك من نطقه وبعده خير لك من قربه وموته خير لك من حياته ولا الكذاب فإنه لا ينفعك معه شيء ينقل حديثك و ينقل الحديث إليك حتى إنه ليحدث بالصدق فلا يصدق.
٨٦ - ما استقصى كريم قط قال تعالى في وصف نبيه عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ.
٨٧ - رب كلمة يخترعها حليم مخافة ما هو شر منها وكفى بالحلم ناصرا.
٨٨ - من جمع ست خصال لم يدع للجنة مطلبا ولا عن النار مهربا من عرف الله فأطاعه وعرف الشيطان فعصاه وعرف الحق فاتبعه وعرف الباطل فاتقاه وعرف الدنيا فرفضها وعرف الآخرة فطلبها.
٨٩ - من استحيا من الناس ولم يستحي من نفسه فليس لنفسه عند نفسه قدر.
٩٠ - غاية الأدب أن يستحي الإنسان من نفسه.
٩١ - البلاغة النصر بالحجة والمعرفة بمواضع الفرصة ومن البصر بالحجة أن تدع الإفصاح بها إلى الكناية عنها إذا كان الإفصاح أوعر طريقة وكانت الكناية أبلغ في الدرك وأحق بالظفر.
٩٢ - إياك والشهوات وليكن مما تستعين به على كفها علمك بأنها ملهية لعقلك مهجنة لرأيك شائنة لغرضك شاغلة لك عن معاظم أمورك مشتدة بها التبعة عليك في آخرتك إنما الشهوات لعب فإذا حضر اللعب غاب الجد ولن يقام الدين وتصلح الدنيا إلا بالجد فإذا نازعتك نفسك إلى اللهو واللذات فاعلم أنها قد نزعت بك إلى شر منزع وأرادت بك أفضح الفضوح فغالبها مغالبة ذلك وامتنع منها امتناع ذلك وليكن مرجعك منها إلى الحق فإنك مهما تترك من الحق لا تتركه إلا إلى الباطل ومهما تدع من الصواب لا تدعه إلا إلى الخطإ فلا تداهنن هواك في اليسير فيطمع منك في الكثير وليس شيء مما أوتيت فاضلا عما يصلحك وليس لعمرك وإن طال فضل عما ينوبك من الحق اللازم لك ولا بمالك وإن كثر فضل عما يجب عليك فيه ولا بقوتك وإن تمت فضل عن أداء حق الله عليك ولا برأيك وإن حزم فضل عما لا تعذر بالخطإ فيه فليمنعنك علمك بذلك من أن تطيل لك عمرا في غير نفع أو تضيع لك مالا في غير حق أو أن تصرف لك قوة في غير عبادة أو تعدل لك رأيا في غير رشد فالحفظ الحفظ لما أوتيت فإن بك إلى صغير ما أوتيت الكثير منه أشد الحاجة وعليك بما أضعته منه أشد الرزية ولا سيما العمر الذي كل منفذ سواه مستخلف وكل ذاهب بعده مرتجع فإن كنت شاغلا نفسك بلذة فلتكن لذتك في محادثة العلماء ودرس كتبهم فإنه ليس سرورك بالشهوات بالغا منك مبلغا إلا وإكبابك على ذلك ونظرك فيه بالغه منك غير أن ذلك يجمع إلى عاجل السرور تمام السعادة وخلاف ذلك يجمع إلى عاجل الغي وخامة العاقبة وقديما قيل أسعد الناس أدركهم لهواه إذا كان هواه في رشده فإذا كان هواه في غير رشده فقد شقي بما أدرك منه وقديما قيل عود نفسك الجميل فباعتيادك إياه يعود لذيذا.
٩٣ - وكل ثلاث بثلاث الرزق بالحمق والحرمان بالعقل والبلاء بالمنطق ليعلم ابن آدم أن ليس له من الأمر شيء.
٩٤ - ثلاثة إن لم تظلمهم ظلموك عبدك وزوجتك وابنك. (وقد روينا هذه الكلمة لعمر فيما تقدم).
٩٥ - للمنافقين علامات يعرفون بها تحيتهم لعنة وطعامهم تهمة وغنيمتهم غلول لا يعرفون المساجد إلا هجرا و لا يأتون الصلاة إلا دبرا مستكبرون لا يألفون ولا يؤلفون خشب بالليل صخب بالنهار.
٩٦ - الحسد حزن لازم وعقل هائم و نفس دائم والنعمة على المحسود نعمة وهي على الحاسد نقمة.
٩٧ - يا حملة العلم أ تحملونه فإنما العلم لمن علم ثم عمل ووافق عمله علمه وسيكون أقوام يحملون العلم لا يجاوز تراقيهم تخالف سريرتهم علانيتهم ويخالف عملهم علمهم يقعدون حلقا فيباهي بعضهم بعضا حتى إن الرجل ليغضب على جليسه أن يجلس إلى غيره أولئك لا تصعد أعمالهم في مجالسهم تلك إلى الله سبحانه.
٩٨ - تعلموا العلم صغارا تسودوا به كبارا تعلموا العلم ولو لغير الله فإنه سيصير لله العلم ذكر لا يحبه إلا ذكر من الرجال.
٩٩ - ليس شيء أحسن من عقل زانه علم ومن علم زانه حلم ومن حلم زانه صدق ومن صدق زانه رفق ومن رفق زانه تقوى إن ملإك العقل ومكارم الأخلاق صون العرض والجزاء بالفرض والأخذ بالفضل والوفاء بالعهد والإنجاز للوعد ومن حاول أمرا بالمعصية كان أقرب إلى ما يخاف وأبعد مما يرجو.
١٠٠ - إذا جرت المقادير بالمكاره سبقت الآفة إلى العقل فحيرته وأطلقت الألسن بما فيه تلف الأنفس.