وقال (عليه السلام): أَعْجَزُ النَّاسِ مَنْ عَجَزَ عَنِ اكْتِسَابِ الاْخْوَانِ، وَأَعْجَزُ مِنْهُ مَنْ ضَيَّعَ مَنْ ظَفِرَ بِهِ مِنْهُمْ .                
وقال (عليه السلام): الْحِلْمُ وَالاَْنَاةُ تَوْأَمَانِ يُنْتِجُهُمَا عُلُوُّ الْهِمَّةِ.                
وقال (عليه السلام): قَلِيلٌ مَدُومٌ عَلَيْهِ خَيْرٌ مِنْ كَثِير مَمْلُول مِنْهُ.                
وقال (عليه السلام): خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ .                
وقال (عليه السلام): زُهْدُكَ فِي رَاغِب فِيكَ نُقْصَانُ حَظّ، وَرَغْبَتُكَ فِي زَاهِد فِيكَ ذُلُّ نَفْس.                
وقال (عليه السلام): مَا لاِبْنِ آدَمَ وَالْفَخْرِ: أَوَّلُهُ نُطْفَةٌ، وَآخِرُهُ جِيفَةٌ، و َلاَ يَرْزُقُ نَفْسَهُ، وَلاَ يَدفَعُ حَتْفَهُ.                
وقال (عليه السلام): الْغِيبَةُ جُهْدُ الْعَاجزِ.                

Search form

إرسال الی صدیق
المارقون، والناكثون، والقاسطون في نهج البلاغة

المارقون:
والمروق هو الخروج فيُقال مرق عن الدين أي خرج عن الدين، وهم عصابة في المسلمين.
وقد ذكرهم أميرالمؤمنين عدة مرات وفي مناسبات مختلفة فلما نهضتُ بالأمر نكثت طائفة ومرت أخرى [الخطبة: ٣.]  أي خرجت على البديعة الصحيحة.
وقد حاججهم أميرالمؤمنين بالحوار والمناقشة قبل أن يعلن الحرب الدفاعية عليهم يقول في هذا المضمار:
أنا حجيج المارقين وخصيم الناكثين المُرتابين، [الخطبة: ٧٥.]
وذكر عبارة حاججهم لانهم كانوا في أصحابه وقد ألتبس عليهم الحق فأعطاهم فرصة كبيرة ليعودوا عن طريق الغي ويعلنوا خطأهم، ومنع أصحابه في حمل السلاح بوجههم قبل أن يبدوأ هم بالقتال. وأخذ خطرهم يستشري عندما أخذوا في التبشير بأفكارهم المضللة عندها قرر الامام أن يتصدى لهم، وأول عمل قام به هو المحاججة كما ذكرنا يقول أميرالمؤمنين عليه السلام في استراتيجية المارقين 'فإن أبيتُم أن تزْعمُوا إلّا أنِّي أخطأتُ وضَللتُ فَلِمَ تُضلّون عامة أمه محمد صلى الله عليه و آله بضلالي، وتأخذونهم بخطائي، وتفكرونهم بذنوبي؟ سيوفكم على عواتقكم تضعُونها مواضِع البُرءِ والسُّقم، وتخلطُونَ مَنْ أذنبَ بمِنَ لم يُذنِبْ. [الخطبة: ١٢٣.]
فعليٌّ عليه السلام أول حاكم يتكلم مع المعارضة بهذا الشكل ويجاججهم بتلك الحجج القوية لعلهم يتركوا غيّهم ويبتعدوا عن مواقفهم التي فيها نهايتهم وشقائهم في الدُنيا والآخرة.
ففي بحث المارقين وتعامل أميرالمؤمنين عليه السلام درسٌ وعبر لجميع الحكومات كيف يجب أن يكونوا مع مخالفيهم وكيف يتعاملوا معهم معاملة الحسنى ولا يستخدموا القوة إلّا في المرحلة النهائية عندما تتوقف كل المحاولات فكان لايمنعهم مساجد المسلمين ويعطيهم الفي ء ويسمع لمتكلمهم وخطيبهم أن يقول كلمته ويتفوه بما يريد، لكن عندما مملوا السلاح بوجه الشريعة وقاتلوا امامهم كان حقاً على المسلمين أن يتصدوا لهم وأن يقاتلوهم حتى يذعنوا للحق.

الناكثون:
أولئك الذين بايعوا علياً خليفة على المسلمين ثم نكثوا بعيتهم له، وأول مَن سماهم بالناكثين هو أميرالمؤمنين عليه السلام، فقد ذكرهم: فلما نهضتُ بالأمر نكثت طائفة ومرقت أخرى. [الخطبة: ١٣.]
وأول الناكثين هما طلحة والزبير اللذان قال فيهما أميرالمؤمنين عليه السلام اللّهم إنهُما قطعاني وظلماني ونكثا بيعتي. [الخطبة: ١٣٧.]
ولهؤلاء الناكثين تاريخ وحالات وصفات ذكرها أميرالمؤمنين عليه السلام في كلماته ليبتعد الناس عن تلك الرذائل وتلك الاخلاق الساقطة.
يصفهم أميرالمؤمنين: واللّه ما أنكروا عليَّ منكراً ولا جعلوا بيني وبينهم نصفاً وإنهم ليطلبُونَ حقاً هُم ترَكوهُ، ودماً هم سَفَكُوهُ فإن كُنْتُ شريكَهُمْ فيه، فإنَّ لَهُمْ نصيبهُمْ فيه، وإن كانُوا ولوه ذُوني فما الطّلبةُ إلّا قبلَهُم [الخطبة: ١٣٧.]
في كلمات الإمام عليه السلام صورة واضحة عن هذه الجماعة التي ربما تسود في كل زمان ومكان.
يقول أميرالمؤمنين عليه السلام عن جذور هذه الجماعة فالعامل الأصلي في انبثاقها هو الجهل فيقول: رُبَّ عالِم قد قتله جَهْلُه وعِلمُهُ مَعَهُ لا ينفعه [الكلمات القصار "١٠٧".]
وقد قالها في طلحة والزبير فهما كانا عالمين بأنّ أميرالمؤمنين على الحق وكانا على يقين بأنهما على الباطل ومع ذلك تقدما لحربه طمعاً في الدُنيا الذي يعمي ويصم فيصبح العالم والجاهل على جد سواء. فما قائدة علم لا يعمل الانسان به يقول أميرالمؤمنين عليه السلام في وصفه لرغبة طلحة والزبير في الدنيا: كل واحدٍ منهما يَرْجُ الأقر له، ويعطفه عليه دون صاحبه، لا يَحُنّانِ الى اللّه بحبلٍ ولا يَمُدّان إليه بسبب. [الخطبة "١٤٨".]
وقد كان الامام بالمرصاد لهؤلاء الناكثين الذين أردوا تحريف مسيرة الإسلام وقف الامام ليدافع عن القيم الاسلامية وليس ليدافع عن نفسه يقول في ذلك: واللّه لا أكونُ كالضُبع تنامُ على طُولِ اللّدم حتى يَصلَ إليها طالِبُها ويختلها راصِدها ولكني أضرِبُ بالمُقبل إلى الحق المُدبر عنه. [الخطبة "٦".]
فحفاظاً على حياة الاسلام، وحفاظاً على قيم المسلمين وقف الامام يحاربهم وينازلهم حتى طهّر الجسد الاسلامي منهم.

القاسطون:
وهم أصحاب معاوية الذين حاربوا علياً في صفين والذي ذكرهم أميرالمؤمنين عليه السلام في الشقشقية: فلما نهضتُ بالامرِ نكثت طائفة ومرت أُخرى وقسط آخرون كأنهم لم يسمعُوا اللّه سبحانه يقول 'تلك الدار الأخيرة نجعلها للذين لا يُريدون علواً في الأض ولا فسادا والعاقبة للمتقين'. [الخطبة: ٣.]
وهي مأخوذة من الفعل قَسَطَ قسْطاً وقسوطاً بمعنى جارَ وحادَ عن الحق فهو قاسِط وجمعهُ قسّاط وقاسِطون.
ولانهم أرادوا القضاء على القيادة الحقة المتمثلة بأميرالمؤمنين عليه السلام فقد وقف أميرالمؤمنين يدافع عن الشرعية الاسلامية المتمثلة في ذلك الزمان به، فقد حاول معاوية أن يصادر هذه الشرعية ويعطي لنفسه الحق في التلاعب في أمور المسلمين متصدى له أميرالمؤمنين عليه السلام، فقد ورد في خطبته ١٩٢ التي تسمى بالصاعقة: وأما القاسطون فقد جاهدت. لانهم كانوا بغاة ومن أبواب الجهاد مواجهة البغاة والردّ عليهم.
وكان على رأس القاسطين معاوية بن أبي سفيان الذي قال فيه رسول اللّه صلى الله عليه و آله: إذا رأيتم معاوية على منبري فأقتلوه فكيف وقد أعتلى معاوية حكم الاسلام وأراد ان يسمحي نفسه بأميرالمؤمنين، فما هو موقف أميرالمؤمنين عليه السلام أيسكت على تجاوزاته أ: يمضي في التصدي له.
لقد خيّره بين الحرب والبيعة فأضار الحرب يقول أميرالمؤمنين عليه السلام 'ألا وإنّ معاوية قادلُمَةً في الغواةِ وعمس عليهم الخَبَرَ حتى جَعَلُوا نحُورَه أغراضَ المنية [الخطبة: ٥١.]
ومعنى كلام أميرالمؤمنين أن معاوية هو الذي ابتدأ بالحرب فهو الذي جمع الغواة الذين أغواهم وأبعدهم عن دين اللّه بتضليلهم وأظهر إليهم انه غير عارفٍ بالحق فجهلوا الحق وأهله فكان نتيجة ذلك هو اقدامهم لحرب إمامهم. لقد طلبوا الحرب وعسكروا العساكر لكن كانت النتيجة الخسران المبين خسرانٌ في الدُنيا والآخرة.
والقاسطون موجودون في كل زمان ومكان فلكي نعرفهم ونستدلّ بأشخاصهم علينا أن؟؟ في كلمات أميرالمؤمنين التي ورد فيها وصفاً كاملاً لهؤلاء البغاة.

****************************