وقال (عليه السلام) : مَنِ اتَّجَرَ بِغَيْرِ فِقْه ارْتَطَمَ فِي الرِّبَا .                
وقال (عليه السلام): خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ .                
وقال (عليه السلام) : هَلَكَ فِي رَجُلاَنِ: مُحِبٌّ غَال ، وَمُبْغِضٌ قَال .                
وقال (عليه السلام) : مَنْ عَظَّمَ صِغَارَ الْمَصَائِبِ ابْتَلاَهُ اللهُ بِكِبَارِهَا .                
وقال (عليه السلام): ما أَنْقَضَ النَّوْمَ لِعَزَائِمِ الْيَوْمِ.                
وقال (عليه السلام): الدُّنْيَا خُلِقَتْ لِغَيْرِهَا، ولَمْ تُخْلَقْ لِنَفْسِهَا.                
وقال (عليه السلام): مَا لاِبْنِ آدَمَ وَالْفَخْرِ: أَوَّلُهُ نُطْفَةٌ، وَآخِرُهُ جِيفَةٌ، و َلاَ يَرْزُقُ نَفْسَهُ، وَلاَ يَدفَعُ حَتْفَهُ.                

Search form

إرسال الی صدیق
الوحدة الإسلامية في نهج البلاغة

أ.الشيخ حسين غبريس

لقد بات واضحاً للجميع أن الإمام علي(ع) لم يقتصرفي فكره ومنهحه على مسألة دون غيرها في كتابه "نهج البلاغة" ، بل شمل مختلف الأمورالتي يحتاجها المجتمع الإسلامي من العقيدة إلى التشريع إلى تقويم السلوكيات وصولاً إلى بناء الدولة العادلة الحقة، ومنه موضوع الوحدة الإسلامية التي باتت اليوم الشغل الشاغل للمسلمين في كل مكان من هذا العالم لا سيما في لبنان .

وهذا من أولوياتنا نحن في تجمذع العلماء المسلمين ونعمل عليه منذ قرابة ربع قرن من الزمان، ينبغي أن يكون همّاً لجميع المسلمين والشرفاء في العالم، لذا حاولت أن اختصر قدر الإمكان في هذا الموضوع لكنّي فوجئت بالمادة الوفيرة والغزيرة التي يتضمّنها نهج البلاغة وعليه لا يمكن لأي باحث أومطالع أن يحصرالموضوع بدقائق، بل الأمر إلى ندوات متعددة وتفصيلية ومع ذلك سأقدم بحثاً مختصراً يفي بالغرض.

ولا بد من التنبّه إلى أننا في المجتمع الإسلامي سنة وشيعة لم نكلّف أنفسنا عناء البحث عن الكنوزالكثيرة التي قدمها(ع) للمسلمين في كتابه سواء عبرالخطب الطويلة والقصيرة أو المواعظ المقتطفة وحتى قصارالكلمات والرسائل ولم يترك(ع) فرصة صغيرة أو كبيرة إلا وأشارفيها إلى المخاطر التي تتهدد المسلمين بوحدتهم ونبّه مراراً إلى عدم الوقوع في مخاطر الفتنة الطخياء العمياء .

كذلك لا بدّ من الإشارة إلى أن بعض الكلمات منه(ع) قد يفهمها البعض على عكس حقيقتها من حيث وضع الأصبع على المشكلة وتحديد الأخطاء التي ارتكبت في الفترة التي عصفت بالمسلمين بعد ارتحال الرسول الأكرم(ص)، كما حدد أكثر من مرّة المسؤولية بالاسم لا للانتقاد فقط بل للإصلاح لأن الشعار الأول الذي رفعه(ع) والذي مثل المنهجيّة الإيمانيّة البعيدة عن المصالح الخاصة والأنانيّات حين قال(ع):(إلّا أسلَّمنّ ما سلمت أمورالمسلمين ولم يكن جور إلّا عليّ خاصة)

ومن هنا أبدأ :

أولاً: ورد في الخطبة رقم سبعين قوله(( لقد علمتم أنّي أحقّ الناس بها من غيري ووالله لأسلمنّ ما سلمت أمورالمسلمين ولم يكن جور إلّا علّي خاصّة التماساً لأجر ذلك وفضله وزهداً فيما تتنافستموه من زخرفه وزبرجده)) هذا الكلام قاله(ع) لأهل الشورى لما عزموا على بيعة عثمان بن عفان، وأدرك الإمام حينها أنّه حاول أخذ حقه سيحصل ما ليس مصلحة للإسلام والمسلمين، وقارن بين المخاطرالمحدقة إن تصدى وبين السكوت، فوجد أنّ الصبر على ما جرى أجدى وأنفع خوفاً من سفك دماء المسلمين، وحرصاً على كيان الدولة والأمة الحديثة العهد .

ثانياً: من وصية له يوصي بها العرب، التوحّد والحذر من الفتنة قائلاً: "فلا تكونوا أنصاب الفتن(أي مقصداً للفتنة) وأعلام البدع والزموا ما عقد عليه حبل الجماعة وبنيت عليه أركان الطاعة وأقدَموا على الله مظلومين ولا تقدَموا عليه ظالمين واتقوا مدارج الشيطان ومهابط العدوان" – كن في الفتنة كابن اللبون لا ظهر فيركب ولا ضرع فيحلب –

ثالثاً: أوصى المسلمين في أول خلافته بالتالي: "الفرائضَ الفرائض أدّوها إلى الله تؤدَّكم إلى الجنّة، إنّ الله حرم حراماً غير مجهول وأحلّ حلالاً غير مدخول لا نقض فيه وفضلّ حرمة المسلم على الحُرمِ كلّها وشدّ بالإخلاص والتوحيد حقوق المسلمين في معاقدها، فالمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده إلّا بالحقّ ولا يحلّ أذى المسلم إلّا بما يجب".

رابعاً: وهنا نجد وصية له يوصي بها المسلمين قائلاً: "ولا تقتحموا ما استقبلتم من فور نارالفتنة واميطوا عن سنتها(أي تنحّوا عن طريقها – أي لا ترموا أنفسكم في الفتنة التي تقبلون عليها عند ارتفاع اللهب). وخلّوا قصد السبيل لها فقد لعمري يلهِكُ في لهبها المؤمن ويسلم فيها غيرالمسلم".

خامساً: من كلام له رداً على من اتّهمه بدم عثمان في إطار ما كتبه إلى الأمصار يحكي فيه ما جرى بينه وبين أهل صفين..."فقلنا تعالوا نداو ما لا يدرك اليوم بإطفاء النائرة(العداوة والشحناء) وتسكين العامّة حتى يشتد الأمر ويستجمع فنقوى على وضع الحق مواضعه، فقالوا بل ندوايه بالمكابرة(المعاندة) فأبوا حتى جنحتِ الحربُ وركدت ووقدت نيرانها وحمست، فلمّا ضرستنا وإياهم ووضعت مخالبها فينا وفيهم أجابوا عند ذلك إلى الذي دعوناهم إليه فأجبناهم".

سادساً: ومن قول له في حقّ عمر الخليفة الثاني "لله بلاء فلان فقد قوّم الأود(الاعوجاج) وداوى العمد(العلّة) خلَّف الفتنةَ وأقام السنّة، ذهب نقي الثوب قليل العيب أصاب خيرها وسبق شرها، أدى إلى الله طاعته واتّقاه بحقّه، رحل وتركهم في طرق متشعّبة لا يهتدي فيها الضالّ ولايستقين المهتدي".

سابعاً: وصية إلى المسلمين يقول فيها : "وخذوا مهل الأيام، وحوّطوا قواصي الإسلام ألا ترون إلى بلادكم تعزى وإلى صفاتكم ترمى".

ثامناً: النهي عن الفتنة، عندما تمت البيعة لأبي بكرفي السقيفة قال: "أيها الناس شقوا أمواج الفتن بسفن النجاة، وعرجوا عن طريق المنافرة ، وضعوا تيجان المفاخرة "، - وأغضيت على القذى وشربت على الشجا وصبرت على أخذ الكظم وعلى أمرَّ من طعلم العلقم -.

أختم بالقول إن مجتمعنا الإسلامي على تنوع مذاهبه ومدارسه مطالب اليوم بوقفة صدق مع الذات وجريئة لاتخاذ خطوات هامة من شأنها العودة الصادقة إلى الينابيع الصافية التي عليها النبي (ص) والآل الأطهار والصحابة الأجّلاء(التي كانوا عليها هم) وترك المهاترات جانباً لنبنی مجتمعاٌ وحدوياُ فاضلاً يرضي ربّنا وضمائرنا والأجيال.

****************************