عبد الهادي الشريفي
ما أن ظهر كتاب (نهج البلاغة) الذي جمعه الشريف الرضي رحمه الله ، حتى انفتح الباب أمام الأقلام التي حرّكتها وخزات الحقد والشنآن ، فأثارت الشبهات حول مصداقية النهج الشريف ، وصحة نسبته إلى الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ، فزعمت أنّ جميع ما في النهج أو بعضه هومن تأليف السيد الرضي ، أو هو من تأليف أخيه السيد المرتضى (٤۳٦ ه) ، أو من تأليفهما معاً ، أو من تأليف قوم من فصحاء الشيعة ، وضعوه ليزيدوا الناس يقيناً بما عرفوه من بلاغة الإمام عليه السلام ، وقوة بيانه ، واقتداره وفصاحته ، وساقوا في معرض الشك مزاعم لا تصمد أمام سلطان العلم والمنطق ، وشواهد الأحوال .
ولعل أول من شكك في صحة ما اُثر في النهج هو ابن خلكان (٦۸۱ ه) ، فقد تردد في مؤلف النهج ، أهو الشريف الرضي أم المرتضى (رحمهما اللّه ) ؟ فقال : « قد اختلف الناس في كتاب نهج البلاغة المجموع من كلام الإمام عليّ بن أبي طالب رضى الله عنه ، هل هو جمعه ، أم جمعه أخيه الرضي ؟ وقد قيل : إنّه ليس من كلام عليّ ، وإنّما الذي جمعه ونسبه إليه هو الذي وضعه » [١] .
ومجمل حجج هؤلاء المنكرين أوالمشككين تعود إلى أسباب كثيرة ؛ بعضها يتعلّق بجهة السند ؛ وبعضها الآخر بمضمونه ومحتواه ؛ وبعضها باُسلوبه ، ولعل أكثر الشبهات شهرة وتداولاً هي :
۱ ـ خلو الكتب التأريخية والأدبية من أكثر ما في النهج ، أو أنّ أكثره عرض منسوباً في غير النهج لغير الإمام عليه السلام .
۲ ـ طول بعض الخطب ، وتعسّر حفظها على الرواة . وهاتان الشبهتان تتعلقان بالسند .
۳ ـ التعريض بالخلفاء السابقين ، وبعض الصحابة ، كالخطبة الشقشقية وغيرها ، وهذا أمر لا يتناسب وواقع الإمام عليه السلام ، أوأنّه يتنافى وعقيدة المشكك ، أوالمنكر .
٤ ـ كثرة الخطب بما لا يتناسب وحاجة الإمام عليه السلام لمثلها عادة .
٥ـ إطالة بعض الكتب المملوءة بالآراء السياسية ، والإدارية ، والقضائية بما لم يعهد من غيره من الخلفاء ، كعهده لمالك الاشتر رضى الله عنه .
٦ـ ما يظهر في النهج من الإخبار بالمغيبات .
۷ ـ اصطباغ بعض محتويات النهج بما لا يتلائم مع عصر الإمام عليه السلام ، كذكره بعض الألفاظ المحدثة ، كلفظه (الأزل) و(الأزلية) ، و(الكيف) ، و(العدم) ، و(الوجود) واستعمال بعض الألفاظ بمصطلحاتها المنطقية أوالفلسفية (كالحدّ) و(العلة) و(المعلول) وغيرها ، والتعرّض لدقائق علم التوحيد ، وأبحاث الرؤية والعدل ، وكلام الخالق وصفاته ووجوده ، التي نشأت بعد عصر الإمام عليه السلام .
۸ ـ عدم ملائمة اُسلوبه لزمن الإمام عليه السلام ، بما استعمل فيه من الفنون البديعية ، كالسجع والازدواج ، والطباق ، إلى أمثال ذلك ممّا انتشر في العصر العباسي ، وكدقة الوصف للأشياء ، كوصفه للطاووس ، والخفاش ، والجراد ، والسحاب ، والجنة والنار ، وغيرها . هذه جملة الشبهات التي أوردوها .
وقبل تناول الشبهات واحدة واحدة ، ينبغي المصير إلى هذه البديهية ؛ وهي أنّ تهافت المشككين في نسبة الكتاب إلى واضعه ، وحدها كافية للتدليل على بطلان دعواهم ، وما زعموه من مينٍ وأقوال متضاربة ، كل واحد منها يكذّب الآخر ، وكل مزعمة تكذّب اُختها . حتى ظهر للمطّلع المنصف على مزاعمهم والمقارن فيما بينها ، والمستقرئ للطريقة التي يرصفون بها دعاواهم ، أنّها تخفي وراءها إحناً وسوء طوية تجاه عترة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم .
أمّا في مقام الردّ على ما أثاروه من ذرّ الغبار في العيون ، وما صنعوا من صخب مائن ، وما ألقوه من حبالٍ وعصيٍّ ؛ لإغواء البسطاء والمقلّدين ، فنقول :
أولاً ـ إنّ خلوالكتب التأريخية والأدبية من أكثر ما في النهج لا ينهض دليلاً على أنّ تلك الخطب غير صادرة عنه عليه السلام ، بعد تواتر نقله عن الرضي رحمه الله ونسبته له ، وتصريح الرضي في جملة من مؤلفاته بنسبته له ، كما جاء في كتاب (حقائق التأويل) قوله : « ... ومن أراد أن يعلم برهان ما أشرنا إليه من ذلك ، فلينعم النظر في كتابنا الذي ألفناه ووسمناه بـ (نهج البلاغة) ، وجعلناه يشتمل على مختار جميع الواقع إلينا من كلام أميرالمؤمنين عليه السلام » [٢] .
وكتابه (المجازات النبوية) حيث قال فيه : « ... وقد ذكرنا ذلك في كتابنا الموسوم بـ (نهج البلاغة) الذي أوردنا فيه مختار جميع كلامه صلّى اللّه عليه وسلّم وعلى الطاهرين من أولاده » [٣].
وبعد هذا فإنّ تشكيك ابن خلكان وأضرابه لا اعتبار له ، بخاصة بعد قول المسعودي (۳٤٦ ه) : « ... والذي حفظ الناس عنه من خطبه في سائر مقاماته أربعمئة خطبة ، ونيّف وثمانون خطبة ، يوردها على البديهة ، تداول الناس ذلك عنه قولاً وعملاً ... » [٤] .
وقول اليعقوبي أحمد بن إسحاق العباسي (بعد ۲۹۲ ه) في كتابه (مشاكلة الناس لزمانهم) : « وحفظ الناس عنه الخطب ، فإنّه خطب بأربعمئة خطبة ، حفظت عنه ، وهي التي تدور بين الناس ، ويستعملونها في خطبهم ... » [٥] ، ونحو ذلك قول عبد الحميد الكاتب (۱۳۲ ه) ، وقول ابن نباته (۳۷٤ ه) ، وغيرهما .
وواضح أنّ نهج البلاغة لا يشتمل على هذا العدد ، بل الذي ضمه بين دفتيه حدود ٢٤۰ خطبة ، ۷۹ كتاباً ، وهو دون ما ذكروه بكثير .
وربما كان منشأ الشك في نسبته إلى أخيه المرتضى ، هو تلقيب بعض المؤرخين له بالمرتضى ، تعريفاً له بلقب جدّه إبراهيم ، ثم تفرّد الرضي بلقبه هذا واشتهر به بعد أن اختير نقيباً للهاشميين .
كما أنّ تشكيك يعقوب صرّوف صاحب (المقتطف) [٦] في مقالة تحت عنوان (عهد الإمام وكتاب السلطان با يزيد الثاني) .
بأنّ نهج البلاغة كلّه مظنون ، وقد اُقحم فيه بعض الخطب في عصور متأخرة ، وضرب على ذلك المثل بالتفاوت بين ما بأيدينا من عهد الإمام عليه السلام لمالك الاشتر ، وبين ما وُجد منه في نسخة كتبت للسلطان بايزيد منذ خمسمئة عام ، فوجد أنّ نسخة النهج أبسط وأطول من نسخة السلطان با يزيد المخطوطة سنة ۸٥۸ ه ، فاستنتج من ذلك أنّ هذه الزيادة إنما حدثت من سنة ۸٥۸ ه إلى زمن طبع نسخة النهج في مصر أو بيروت سنة ۱۳۰۷ ه ، وبنى على هذا الأمر تشكيكه .
هذا التشكيك لا اعتبار له بعد وجود نسخ مقروءة على جامعها الشريف الرضي نفسه كتبت سنة ٤۰۰ ه ، وموقّع عليها بقلمه ، ومتلقاة منه يداً بيد ، وعصراً بعد عصر ، وهي على وفق ما بأيدينا من النسخ ، ولو كان فيها إقحام أوزيادة لنبّه على ذلك الشرّاح على كثرتهم ، كشرح ابن أبي الحديد (٦٥٦ ه) الذي فيه النص كاملاً على الصورة الموجودة في النسخة المطبوعة ، وكذا شرح الفيلسوف العارف ابن ميثم البحراني (٦۷۹ ه) .
ومن هذا كله يتضح أنّ نسخة السلطان با يزيد إمّا مختصرة من نسخة النهج ، أو أنها نُسخت على رواية اُخرى ، وما أكثر المصادر التي تروي كلام الإمام عليه السلام .
وأما دعوى اختلاق السيد الشريف الرضي للنهج ووضعه له : كلام لا يمكن أن يصدر من عارف بتاريخ الشريف وخلقه ، وورعه وكماله ووثاقته . وبعده عن التعصّب المذهبي ، ورتبته من العلم والأدب ، ومكانته الاجتماعية وما كتبه عنه المؤرخون والمترجمون أكثر مما ذكرنا من حميد الخصال وجليل الفعال ، هذه الصفات تأبى عليه أن يتجاوزها فيختلق وينسب إلى الإمام عليه السلام ما ليس له . فهذا الرجل فوق التهم والظنون .
ثم ، لماذا كلّ هذا الإيثار من السيد الرضي ؟ فهلاّ نسب النهج لذاته ليسجّل نفسه في مصافِّ عظماء التاريخ واُدبائهم ؟! إذن فالنهج نهج الإمام عليه السلام ، لكنّ الأقلام المنكوسة الحاقدة هي التي ألصقت بالشريف تهمة الوضع والخيانة والدس ، وبالإمام عليه السلام تهمة العجز والقصور ، وحاشاه صلوات اللّه عليه .
مضافاً إلى ما ذكرنا ، فإنّ الكثير من الكتب التأريخية ، والحديثية المعروفة قبل زمان الرضي ، قد تناولت كثيراً من نصوص النهج كاليعقوبي ، والطبري ، والكليني ، والنجاشي ، والجاحظ ، وغيرهم عشرات من أمثالهم .
وهناك من المحدِّثين والمؤرخين من جمع كلام الإمام أوخطبه أوقسماً منها ، وقد ذهب بعض هذه المجموعات مع الزمن ، وتلفت ضمن ما تلف من تراثنا العربي والإسلامي ، بسبب الحروب والفتن ، وبقيت أسماؤها فقط ، يعرفها كلّ من عنى بالتراث الإسلامي ، ومن هذه المجموعات :
۱ ـ كتاب (خطب أمير المؤمنين عليه السلام على الناس في الجمع والأعياد) ، لزيد بن وهب الجهني الكوفي (۹٦ ه) .
۲ ـ كتاب خطب أمير المؤمنين عليه السلام ، المروية عن إمامنا الصادق عليه السلام (۱٤۸ ه) .
۳ ـ كتاب (خطب الإمام عليّ) ، لهشام بن السائب الكلبي (۲۰٦ ه) .
٤ ـ كتاب (خطب عليّ عليه السلام وكتبه إلى عماله) ، لأبي الحسن علي بن محمد المدائني (۲۲٥ ه) .
٥ ـ كتاب (رسائل أمير المؤمنين عليه السلام ) ، لإبراهيم بن محمد بن سعيد بن هلال الثقفي (۲۸۳ ه) وعشرات من نظائرها .
وبعد هذا ... فهل يمكن أن يُنسب جميع النهج أو بعضه إلى الشريف الرضي ، أو إلى غيره ؟
والواقع أنّ اتهام السيد الرضي بوضع (نهج البلاغة) قديم كما قلنا ، كما أنّ الدفاع عنه قديم أيضاً . ونكتفي في هذا المجال بذكر دفاع شارح النهج ، عز الدين أبي حامد بن أبي الحديد المعتزلي الشافعي ، عن نسبة نهج البلاغة إلى الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ، حيث يقول : « إنّ كثيراً من أرباب الهوى يقولون : إنّ كثيراً من (نهج البلاغة) كلام مُحدَث ، صنعه قوم من فصحاء الشيعة ، وربما عَزَوْا بعضه إلى الرضي أبي الحسن وغيره ، وهؤلاء قوم أعمت العصبيّة أعينهم ، فضلّوا عن النهج الواضح ، وركبوا بُنيّات الطريق ، ضلالاً وقلة معرفة بأساليب الكلام ، وأنا أوضّح لك بكلام مختصر ما في هذا الخاطر من الغلط ، فأقول : لا يخلو إمّا أن يكون كلّ (نهج البلاغة) مصنوعاً منحولاً ، أو بعضه .
والأوّل باطل بالضرورة ؛ لأنّا نعلم بالتواتر صحّة إسناد بعضه إلى أمير المؤمنين عليه السلام ، وقد نقل المحدّثون كلُّهم أوجلّهم ، والمؤرّخون كثيراً منه ، وليسوا من الشيعة لينسَبُوا إلى غرض في ذلك .
والثاني يدلّ على ما قلناه ؛ لأنّ مَنْ قد أنِسَ بالكلام والخَطَابة ، وشَدَا طرَفاً من علم البيان ، وصار له ذوقٌ في هذا الباب ، لابدّ أن يفرّق بين الكلام الركيك والفصيح ، وبين الفصيح والأفصح ، وبين الأصيل والمولّد ، وإذا وقَف على كرّاسٍ واحد يتضمّن كلاماً لجماعة من الخطباء ، أو لاثنين منهم فقط ، فلابدّ أن يفرّق بين الكلامين ، ويميّز بين الطريقتين ... .
وأنت إذا تأملت (نهج البلاغة) وجدته كلَّه ماءً واحداً ، ونَفَساً واحداً ، واُسلوباً واحداً ، كالجسم البَسيط ، الذي ليس بعضٌ من أبعاضه مخالفاً لباقي الأبعاض في الماهيّة ، وكالقرآن العزيز ، أوّله كأوسطه ، وأوسطه كآخره ، وكلّ سورة منه ، وكل آية مماثلة في المأخذ والمذهب والفنّ والطريق والنظم لباقي الآيات والسور ؛ ولو كان بعض (نهج البلاغة) منحولاً وبعضه صحيحاً ، لم يكن ذلك كذلك ؛ فقد ظهر لك بهذا البرهان الواضح ضلالُ مَنْ زعم أنّ هذا الكتاب أوبعضَه منحولٌ إلى أمير المؤمنين عليه السلام .
واعلم أنّ قائل هذا القول يطرُق على نفسه ما لا قِبَل له به ؛ لأنّا متى فَتَحْنا هذا الباب ، وسلّطنا الشكوك على أنفسنا في هذا النحو، لم نثِقْ بصحّة كلام منقول عن رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم أبداً ، وساغ لطاعنٍ أن يطعن ويقول : هذا الخبر منحول ؛ وهذا الكلام مصنوع ، وكذلك ما نُقِل عن أبي بكر وعمر من الكلام والخُطب والمواعظ والأدب وغير ذلك ، وكلّ أمر جعله هذا الطاعن مستنداً له فيما يرويه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، والأئمة الراشدين ، والصحابة والتابعين ، والشعراء والمترسّلين ، والخطباء ، فلناصِرِي أمير المؤمنين عليه السلام أن يستندوا إلى مثله فيما يروونه عنه من (نهج البلاغة) وغيره ، وهذا واضح [٧].
وأمّا نسبة بعض خطب النهج لغير الإمام عليه السلام ، فقد كان من اختلاق المؤرخين وفعلهم عن خطأ أوعمدٍ ، كالخطبة التي نُسبت إلى معاوية ، الذي ألقاها في جماعة من قريش قبيل وفاته : « أيها الناس ، إنّا قد أصبحنا في دهر عنود ، وزمَنٍ كنود ، يُعدّ فيه المحسن مسيئاً ، ويزداد الظالم فيه عتواً ... الخ » [٨] .
فقد شكّك الجاحظ في هذه النسبة ـ بعد أن ذكر هذه الخطبة ، وذكر من نَسَبَها إلى معاوية ـ لأسباب أهمها : « أن هذا الكلام بكلام عليّ عليه السلام أشبه ... ثم قال : ومتى وجدنا معاوية في حال من الأحوال يسلك في كلامه مسلك الزّهّاد ، ومذاهب العُبّاد ؟! » [٩] .
أقول : هذا مع العلم أنّ الجاحظ كان معتزلياً عثماني المذهب ، لا يميل لعليّ عليه السلام ، ولا يفضله على عثمان أوغيره من الخلفاء [١٠] .
وأنّى للرضي أوغيره من فصحاء الشيعة وغيرهم محاكاة الإمام عليه السلام ، أو مجاراته في اُسلوبه وطريقته ، أو في معانيه وألفاظه .
ثانياً ـ أمّا التشكيك بنسبة الخطب له عليه السلام ؛ لطولها ، ولتعذّر حفظها على الرواة ، فهو كسابقه تشكيك لا قيمة له ، إذا عرفنا أنّ العرب كانوا في تلك العصور يعتمدون على قوة وسرعة الحافظة ، فقد كانوا يحفظون القصائد الطوال لمجرد سماعها .
حكى صاحب الإغاني ، أنّ ابن عباس رحمه الله حفظ قصيدة عمر بن أبي ربعية : (أمن آل نعم أنت غاد فمبكر) لمجرد سماعها بقراءة واحدة .
وخطب النهج ليست بدعاً من خطب النبي صلى الله عليه وآله وسلم أوالخلفاء ، ولو كان الحفظ يتعذر ، لكان الشك يسري إلى كلّ ما حفظ من خطب النبي صلى الله عليه وآله وسلم والخلفاء ، والولاة وغيرهم من أهل الجاهلية والإسلام .
ومن المحتمل أنّ خطب الإمام عليه السلام كانت تكتب بعد سماعها من قبل أصحابه ومريديه .
ثالثاً ـ أمّا وجود خطب تعرّض فيها الإمام عليه السلام لبعض الصحابة والخلفاء السابقين ، وطعنت عليهم ونالت منهم ، وأكثر هذه التعريضات جاءت في الخطبة الشقشقية ، وقد ذكر ذلك غير واحد ممن شكك في النهج كابن تيمية والذهبي ، وقد صرّح الأخير في ميزان الاعتدال ، بقوله : « ومن طالع كتابه نهج البلاغة جزم بأنه مكذوب على أمير المؤمنين عليّ رضى الله عنه ، ففيه السبّ الصراح والحطّ من السيدين أبي بكر وعمر ... » [١١] .
والجواب : إنّ التعرض لنقد الصحابة ـ في الواقع ـ لا ينسجم مع عقيدة المشكك ومذهبه، باعتباره قائم على بدعة عدالة الصحابة وتنزيههم . والواقع التاريخي والموضوعي يرفضه بشكل قاطع ، حيث أنّ كثيراً من الأخبار في غير النهج تؤكد وقوع التساب والتشاجر ، والتخاصم ، والاغتياب وشهر السلاح والاغتيال بين الصحابة . وقد ذكر ابن أبي الحديد ذلك في شرحه مفصّلاً [١٢] .
وأمّا الواقع السياسي ، فإنّ الإمام عليه السلام بحكم إقصائه وابتزاز حقه ودفعه فقد نقم على بعض الصحابة ، وهذا أمر يقتضيه على أي حال ، سواء لحظنا الإمام عليه السلام كبشر ... يغضب ويتألم ويرضى ، إذا تعرّض إلى حيف وظلم كالذي تعرّض له يوم السقيفة وما بعده ، أو يوم الشورى ، أو غيرها وهوصاحب الحق ، أو اقتحامهم بيته ، وجرأتهم على انتهاك حرمة زوجته سيدة النساء .
أم لحظناه كحجة للّه وإمام هدىً يتوقف أداء رسالته على تأكيد مظلوميته ، وأنّه صاحب الحقّ المنصوص عليه من النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، والمقصيّ عن مقام الإمامة والخلافة ، فيبيّن ذلك على الملأ حتى تتم له الحجة على الناس ، ويتم إيصال تعاليم الإسلام والنبي صلى الله عليه وآله وسلم ووصاياه إليهم .
ثم إنّ هذه الخطبة ـ الشقشقية ـ رويت في مصادر كثيرة قبل الشريف الرضي ، وكلّها تستمد من مصدر واحد وهو ابن عباس ، متّفقة في معناها وإن اختلفت ألفاظها ، فلوكان واضعها الرضي لنقلت عن النهج بوجه واحد في جميع المصادر .
وفي معرض دفاع ابن أبي الحديد عن نسبة هذه الخطبة إلى الإمام عليه السلام ينقل هذه القصة الظريفة ، ثم يذكر بعض المصادر قبل عصر السيد الرضي ، فيقول :
« قال مصدّق [١٣] : وكان ابن الخشاب صاحب دعابة وهزل ، قال : فقلت له : أتقول إنها منحولة ؟!
فقال : لا واللّه ، وإني لأعلم أنّها كلامه ، كما أعلم أنك مصدّق .
قال : فقلت له : إنّ كثيراً من الناس يقولون إنها من كلام الرضيّ رحمه الله .
فقال : أنَّى للرضيّ ولغير الرضي هذا النَّفَس وهذا الأُسلوب ! قد وقفنا على رسائل الرضي ، وعرفنا طريقته وفنّه في الكلام المنثور ، وما يقع من هذا الكلام في خَلِّ ولا خَمْر . ثم قال : واللّه لقد وقفتُ على هذه الخطبة في كتب صُنِّفت قبل أن يخلق الرضي بمئتي سنة ، ولقد وجدتُها مسطورة بخطوط أعرفها ، وأعرف خطوط مَنْ هومن العلماء وأهل الأدب قبل أن يخلق النقيبُ أبوأحمد والد الرضيّ .
قلت : وقد وجدت أنا كثيراً من هذه الخطبة في تصانيف شيخنا أبي القاسم البلخي [١٤] إمام البغداديين من المعتزلة ، وكان في دولة المقتدر قبل أن يُخلق الرضي بمدة طويلة .
ووجدت أيضاً كثيراً منها في كتاب أبي جعفر ابن قِبَة [١٥] أحد متكلّمي الإمامية ، وهو الكتاب المشهور المعروف بكتاب (الإنصاف) ، وكان أبوجعفر هذا من تلامذة الشيخ أبي القاسم البلخي رحمه الله ، ومات في ذلك العصر قبل أن يكون الرضيّ رحمه الله موجوداً » [١٦] .
رابعاً ـ أمّا قضية كثرة الخطب ، فإنها كانت قياساً إلى كثرة الدواعي والأغراض ، وتراكم الأحداث والظروف السياسية ، والعسكرية ، والاجتماعية ، والأخلاقية ، قليلة ؛ لأنّ كلّ هذه الأُمور تحتاج إلى كلام كثير هو أضعاف ما ورد في النهج من الخطب .
وقد ذكرنا روايتي المسعودي واليعقوبي وغيرهما ، بأنّ المروي أكثر من ذلك المدوّن في النهج بكثير [١٧] .
خامساً ـ وأما الإطالة في الكتب ، وبخاصة عهد مالك ، فهي ضرورة اقتضتها ظروف الحركة التغييرية التي تبناها الإمام عليه السلام ، بعد بروز ظاهرة الفساد الإداري واستهتار الولاة ، فأراد الإمام عليه السلام أن يعهد عهداً ، يكون منهاجاً يسير عليه الولاة عموماً ، ويُقرأ على الأُمة ليكون شاهداً ورقيباً على تصرفاتهم ، وحتى مالك الأشتر ؛ في حنكته وحزمه وتقواه ، يحتاج إلى نصح الإمام عليه السلام وتوجيهه ، ثم إنّ هذا العهد الذي يرسم علاقة الحاكم مع القضاة ، والقواد والتجار ، والعمال ، والجند ، والرعية ... لا يسعه إلاّ الإطالة والإسهاب النافع ، والبيان الشافي ، كما هوالحال في زماننا حينما يُكتب دستور للأُمّة أوتُعيّن فيه وظائف الحاكم أوالمحكومين .
سادساً ـ وأما إخباره بالمغيبات ، كإخباره عن قيام دولة بني اُميّة وسقوطها ، ومصير الخوارج ، ومصرع ذي الثدية ، وحركة الزنج ، وحروب التتار وفظائعهم ، وغير ذلك مما أجمع المؤرخون على تحققها وتواتر نقلها . فلا يكفي مجرد التشكيك فيها أو تهويلها لرفع اليد عنها ، اللهم إلاّ أن يقال باستحالة الإخبار بالمغيبات في حق الإمام عليه السلام . على أنّه عليه السلام لا يدّعي ذلك لنفسه ، كما صرّح بذلك للرجل الكلبي الذي بادره قائلاً : لقد اُعطيت يا أمير المؤمنين علم الغيب ، فأجابه الإمام عليه السلام : « ليس هوبعلم غيب وإنما هوتعلّم من ذي علم » .
ولا يَستغرب ذلك من الإمام صلى الله عليه وآله وسلم اويَستكثر عليه إلاّ من لا يعرف منزلة الإمام ومقامه ، وأنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد اختصّه بعلمه وسرّه وعنايته ، كما أخبره صلى الله عليه وآله وسلم بالمغيّبات على نحوالإجمال ، ثم هداه إلى أفضل الطرق التي يعي بسببها تفصيل ما أجمله صلى الله عليه وآله وسلم له . كإخباره بما سيقع من حوادث ووقائع تجري من بعده ، كقتال الناكثين والقاسطين والمارقين .
ثم ، من قال إنّه لا يجوز له عليه السلام أن يخبر عن حوادث تقع في مستقبل الزمان ، أخذ علمها عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن اللّه تعالى ؟!
وما هو المانع من أن يُطلع اللّه على غيبه من ارتضى من الرسل ، كما جاء في قوله تعالى : «عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً * إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ» [١٨] ، وأن يأمر بإعلانه للناس لمصلحة ما ؟!
علاوة على أنّ في القرآن الكريم إخباراً لكثير من المغيبات والحوادث المستقبلية بين آياته .
وهناك اليوم وفي ضوء العلم الحديث محاولات تفسيرية على اُسس علمية للإخبار بالمغيبات ، وقد ذهب العلماء إلى وجود قوى خارقة ، وملكات نفسية عالية ، تستنتج القضايا الاجتماعية من مقدماتها وأسبابها .
وإذا كان كذلك ... فمن أولى بذلك من عليّ عليه السلام ؟ لما عُرف من تقدّمه في العلم ، وسابقته في تقواه ، وطهارته وسمو ملكاته النفسية ، وصفاء روحه وتعلّقها بحضيرة القدس الأعلى ... .
سابعاً ـ أمّا موضوع اشتمال النهج بما لا يتلائم مع عصر الإمام عليه السلام ؛ لورود ألفاظ محدثة لم تكن مألوفة ومستعملة في عصره ، ولم يذكرها أهل اللغة ، كالأزل ، والكيف وغيرها ، فإنّه وإن ذكر ذلك الزمخشري [١٩] ، فإنّه غير قادح فيه بعد ورودها في كلام أفصح من نطق بالضاد بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، ولا يُقبل اجتهاد اللغوي في قبال النصّ العربي .
ثم ، إنّ لغويين آخرين أسبق من الزمخشري زماناً ، وأكثر منه إتقاناً ، كأصحاب القاموس والمصباح والمجمع قد ذكروا بعض هذه الكلمات وشرحوا معناها ، ولم يدفعوها عن قدمها . على أنّ ورودها في (نهج البلاغة) دليل قدمها ، اُسوة بسائر الكلمات التي يُستدل على قدمها بأبيات من الشعر ، أو فقرات من النثر العربي البليغ .
أمّا استعمال بعض الألفاظ بمصطلحات فلسفية أومنطقية ، كالحدّ ، والعدم ، والمعلول وغيرها ، فإنّها استُعملت في النهج بمعانيها اللغوية ، ولا يقدح فيه نقل المناطقة ذلك في عرفهم ، ولا يمنع استعمالها في كلام العرب ، ومنهم الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام .
وأمّا التنظير والتفريع والقياس فهو من ذهنية العرب وفطرتهم ، وهو موجود في القرآن الكريم ، وأحاديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، فضلاً عن كلام العرب .
وأمّا ورود بعض الأفكار الفلسفية كدقائق علم التوحيد ، وأبحاث العدل ، والرؤية ، وصفات الخالق وغيرها .. فهذا كلام لا يصحّ ؛ لأنّ من يطالع النهج لا يجد فيه نظرية كاملة يحتاج في معرفتها إلى درس واستقراء ، حتى يُحتجّ باشتماله على علوم لم تُعرف إلاّ بعد زمن طويل .
ثم لو أخذنا بهذا الشكل من التشكيك ، لَلَزم إنكار جذور علم الكلام الذي ظهرت بوادره منذ نزول القرآن الكريم حين يستدلّ على وجود الخالق ، أو نفي الآلهة ، وللزم أن إنكار مواهب الإمام وعلمه الذي هومِن علم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتجاربه وعصمته ، وأنّه عليه السلام هوالقرآن الناطق .
ثامناً ـ أمّا اُسلوبه ، وما فيه من صناعة لفظية من سجع ، وطباق ، ومقابلة ، وازدواج ... فإنّها وإن اشتهرت في العصور العباسية ، لكنها ليست مبتدعة في السبك العربي كي يوجب وجودها في النهج الشك في نسبته للإمام عليه السلام .
فهذا القرآن الكريم معجزة البلاغة جاء حافلاً بالمحسنات على أسمى مثال ، كسورة الرحمن ، والقمر وغيرهما ، وهذه خطب الرسول صلى الله عليه وآله وسلموالخلفاء وكتبهم ، بعضها مسجوعة ، وقد عقد الدكتور زكي مبارك فصلاً في كتابه (النثر الفني) [٢٠] لدراسة أساليب صدر الإسلام ، وأورد فيه نصوصاً كثيرة مسجوعة ، يُعرف منها قيمة القول : بأنّ السجع من خصائص العصور المتأخرة من أيام العباسيين .
وأمّا المطابقة والجناس والتقابل وغيرها من أنواع البديع فهو كثير في القرآن ، ومجيؤها في النهج لا يعني بحال أنّه منحول البتة .
وقد جاءت أساليب الإمام منمّقة لا تكلّف فيها ولا عقد ولا التواء .
وما يقال عن الأُسلوب ، يقال عن دقة الوصف ، كما في وصفه للطاوس ، والخفاش ، والجراد وغيرها . ولا يُستبعد صدوره ممن تتلمذ للقرآن الكريم ، الذي فيه من دقائق الوصف للحيوانات وغيرها ، كما في الآيات التي ورد فيها ذكر النحل ، والنمل ، والبعوضة ، والغراب .
كما أنّ من تتلمذ للقرآن الكريم ، الذي فيه من آيات التوحيد الباهرات ، وصفات الخالق العظيم ، لا يُستكثر عليه أن يأتي بأمثال هذه الأفكار الدقيقة في التوحيد ، والعدل ، والرؤية ، كقوله عليه السلام : « من حدّه فقد عدّه » .
والصحيح أن يقال : إنّ اُسلوب الإمام عليه السلام بزّ اُسلوب البلغاء جميعاً ، ولهذا كان كلامه فوق وهي لا تقوى على مصادمة الحق والصدق ، وقد تصدّى غير واحد من الأعلام على مرّ العصور لدفعها [٢١] .
ولا شك أنّ الدكتور زكي مبارك كان أكثر إنصافاً حين قال في معرض دفاعه مستخفّاً بمن شكك في نهج البلاغة : « الذين نسبوا نهج البلاغة إلى الرضي يحتجّون بأنّه وضعها لإغراض شيعية . فلم لا نقول من جانبنا بأنّ تهمة الوضع جاءت لتأييد خصوم الحملات الشيعيّة » [٢٢] .
وأخيراً فإنّ اعتقادنا في كتاب (نهج البلاغة) وفي جامعه السيد الرضي ، هوأنّ جميع ما فيه من الخطب والوصايا والحكم والآداب ، حاله كحال ما يُروى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وعن أهل بيته الأطهار عليهم السلام في جوامع الأخبار الصحيحة ، وفي الكتب الدينية المعتبرة . وإنّ منه ما هوقطعي الصدور ، ومنه ما يدخله أقسام الحديث المعروفة .
وأمّا مؤلفه وجامعه الشريف الرضي رحمه الله ، فاعتقادنا فيه أنه منزّه عن كلّ ما يشين الرواة ويقدح في عدالتهم ، وأنه لم ينشئ شيئاً من نفسه وأدخله في النهج ، كما أنه لم يُدخل فيه شيئاً يعلم أنه لغير أمير المؤمنين عليه السلام . بل لم يكن كحاطب ليل ، فهو لا يروي شيئاً إلاّ بعد التثبت ، ولا ينقله إلاّ عمّن يعتمد عليه من الرواة ، وأهل السير والتاريخ .
فجميع ما في النهج هومن كلام مولانا أمير المؤمنين عليه السلام على رواية الثقة العدل ، ولا دخيل فيه ولا وضع [٢٣] .
[١] . وفيات الأعيان ، ابن خلكان ۳/۳۱۳ ، تحقيق د . إحسان عباس ، دار الثقافة ـ بيروت ، اُفست عن طبعة دار صادر ۱۹۷۲ م .
[٢] . حقائق التأويل ، الشريف الرضي ، شرح العلاّمة محمد الرضا آل كاشف الغطاء ، المطبوع الجزء الخامس من الكتاب، ص۱٦۷ مسألة ۱۸، طبعة دارالكتب الإسلامية ـ قم، أو ص۲۸۷ طبعة مؤسسة البعثة ـ طهران ۱٤۰٦ه .
[٣] . المجازات النبوية ، الشريف الرضي ، ص۳۹ ـ ٤۰ ، تحقيق طه محمد الزيني .
[٤] . مروج الذهب ، المسعودي ۲/٤۱۷ ، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد ، مطبعة السعادة ، مصر ۱۹٤۸ م .
[٥] . مشاكلة الناس لزمانهم ، ص۱٥ .
[٦] . مجلة المقتطف : المجلد ٤۲ ، ج۳ ص۲٤۸ الصادرة في آذار ۱۹۱۳ م .
[٧] . شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد ۱۰/۱۲۸ـ ۱۲۹ .
[٨] . نهج البلاغة ، ص٤۷ الخطبة ۳۲ .
[٩] . شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد ۲/۱۷٥ ؛ وراجع البيان والتبيين ، الجاحظ ۲/٥٦ ـ ٥۸ ، تحقيق وشرح السندوبي ، الطبعة الأُولى ۱۳٤٥ ه / ۱۹۲۷ م ، المطبعة الرحمانية ـ مصر .
[١٠] . شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد ۱/۷ .
[١١] . ميزان الاعتدال ، الذهبي ۳/۱۲٤ رقم ٥۸۲۷ ، تحقيق علي محمد البجاوي ، دار الفكر ـ بيروت .
[١٢] . شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد ۲۰/۱۷ ـ ۳٥ .
[١٣] . مصدق بن شبيب بن الحسين الصلحي الواسطي ؛ ذكره القفطي في إنباه الرواة ۳/۲۷٤ ، وقال : إنّه قدم بغداد ، وقرأ بها على ابن الخشاب ، وحبشي بن محمد الضري ، وعبد الرحمن بن الأنباري وغيرهم ، وتوفي ببغداد سنة (٦٠٥ ه) .
[١٤] . أبو القاسم البلخي عبد اللّه بن أحمد بن محمود الكعبي البلخي ، كان رأس طائفة من المعتزلة يقال لهم (الكعبية) ، من آرائه : أنّ اللّه سبحانه وتعالى ليست له إرادة وأن جميع أفعاله واقعة منه بغير إرادة ولا مشيئة منه لها . (توفي ۳۱۹ ه) ، وفي الأعيان وفاته (۳۱۷ ه) ، ذكره النديم في الفهرست ، ص۳٥۷ تحقيق رضا تجدّد ـ طهران ۱۳۹۱ ه ، وقال : « كان من أهل بلخ ، يطوف البلاد ويجول الأرض ؛ حسن المعرفة بالفلسفة والعلوم القديمة ... ورأيت بخطّه شيئاً كثيراً في علوم كثيرة مسودات ودساتير لم يخرج منها إلى الناس كتاب تام » . وراجع وفيات الأعيان ، ابن خلكان ۳/٤٥ رقم ۳۳۰ مصدر سابق ؛ الجواهر المضيئة في طبقات الحنفية ، عبد القادر بن محمد الحنفي ۲/۲۹٦ رقم ٦۹۳ تحقيق د . عبد الفتاح محمد الحلو ، مكتبة الإيمان ، اُفست عن طبعة مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه ۱۳۹۸ ه ـ القاهرة .
[١٥] . هو أبو جعفر محمّد بن عبد الرحمن بن قِبَة الرازي ؛ من متكلّمي الشيعة وحذاقهم ، وله من الكتب ، كتاب الإنصاف في الإمامة . توفي بعد سنة (۳۲۸ ه) ؛ الفهرست ، الطوسي ص۲۰۷ رقم ٥۹٦ مصدر سابق ؛ فهرست النديم ، ص۲۲٥ ، الفن الثاني من المقالة الخامسة ، مصدر سابق .
[١٦] . شرح نهج البلاغة ۱/۲۰٥ .
[١٧] . مروج الذهب ، المسعودي ۲/٤۱۷ ، مصدر سابق ؛ ومشاكلة الناس لزمانهم ، اليعقوبي ، ص۱٥ .
[١٨] . سورة الجن ۲٦ و ۲۷ .
[١٩] . أساس البلاغة ، الزمخشري ، ص۱٥ الطبعة الأُولى ۱۹۹۲ م ، دار بيروت للطباعة والنشر ، على مطابع دار صادر .
[٢٠] . النثر الفني ، زكي مبارك ۱/۷۵ .
[٢١] . انظر في هذا المجال : مدارك نهج البلاغة ، الشيخ هادي كاشف الغطاء ؛ مصادر نهج البلاغة ، الشيخ عبد اللّه نعمة ؛ ومصادر نهج البلاغة ، للمحقّق السيد عبد الزهراء الخطيب ؛ وغيرها .
[٢٢] . النثر الفني ۱/۸۱ ، مصدر سابق .
[٢٣] . مدارك نهج البلاغة ودفع الشبهات ، الشيخ هادي كاشف الغطاء ، ص۱۹۷ .