وقال (عليه السلام): الْغِيبَةُ جُهْدُ الْعَاجزِ.                
وقال (عليه السلام): مَا لاِبْنِ آدَمَ وَالْفَخْرِ: أَوَّلُهُ نُطْفَةٌ، وَآخِرُهُ جِيفَةٌ، و َلاَ يَرْزُقُ نَفْسَهُ، وَلاَ يَدفَعُ حَتْفَهُ.                
وقال (عليه السلام): أَعْجَزُ النَّاسِ مَنْ عَجَزَ عَنِ اكْتِسَابِ الاْخْوَانِ، وَأَعْجَزُ مِنْهُ مَنْ ضَيَّعَ مَنْ ظَفِرَ بِهِ مِنْهُمْ .                
وقال (عليه السلام): ما أَنْقَضَ النَّوْمَ لِعَزَائِمِ الْيَوْمِ.                
وقال (عليه السلام): رُبَّ مَفْتُون بِحُسْنِ الْقَوْلِ فِيهِ.                
وقال (عليه السلام): لاَ خَيْرَ فِي الصَّمْتِ عَنِ الْحُكْمِ، كَمَا أنَّهُ لاَ خَيْرَ فِي الْقَوْلِ بِالْجَهْلِ.                
وقال (عليه السلام): إِذَا أَقْبَلَتِ الدُّنْيَا عَلَى أحَد أَعَارَتْهُ مَحَاسِنَ غَيْرِهِ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ عَنْهُ سَلَبَتْهُ مَحَاسِنَ نَفْسِهِ .                

Search form

إرسال الی صدیق
كتاب فجر الإسلام ونهج البلاغة

جاء في كتاب فجر الإسلام – وهو كتاب لا يخلو من تخرص – وظنون وحدس وتخمين ما نصه في ص١٧٨ ونسبوا إليه (يعني إلى أمير المؤمنين)ما في نهج البلاغة وهو يشتمل على كثير من الخطب والأدعية والكتب والمواعظ والحكم وقد شك في مجموعها النقاد قديما وحديثا كالصفدي وهوار واستوجب هذا الشك أمور ما في بعضه من سجع منمق وصناعة لفظية لا تعرف لذلك العصر .

كقوله:(اكرم عشيرتك فانهم جناحك الذي به تطير واصلك الذي إليه تصير) وما فيه من تعبيرات إنما حدثت بعد أن نقلت الفلسفة اليونانية إلى العربية وبعد أن دونت العلوم كقوله (الاستغفار على ستة معان والإيمان على أربعة دعائم)وكالذي فيه وصف الدار وتحديده بحدود هي أشبه بحدود الموثقين كقوله:(وتجمع هذه الدار حدود أربعة الحد الأول ينتهي إلى دواعي الآفات الخ) .
هذا إلى ما فيه من معان دقيقة منمقة على أسلوب لم يعرف إلا في العصر العباسي كما ترى في وصف الطاووس.انتهى ما له دخل من كلامه في المقام وظاهره الشك في نسبة كلام النهج إلى أمير المؤمنين بل لعل الظاهر منه بعد إمعان النظر فيه الجزم بالعدم وعلى أي حال فاللازم البحث والنظر في كلماته,أما قوله وقد شك في مجموعها النقاد ففيه ان هذا غير ضائر بعد ان تيقنه جمهور العلماء قديماً وحديثاً وأهل التاريخ والأدب والسير والمغازي من جميع فرق المسلمين وبعد ان رواه الثقة الثبت المعتمد الذي لا مغمز فيه وقد تلقاه بالقبول اكثر طوائف المسلمين بلا تشكيك ولا تردد وفيهم من هو اغزر من الصفدي وهوار علما وأوسع إحاطة وأطول باعا في الخبرة والاطلاع وما يعمل تشكيك هذين مع جزم الجم الغفير من فطاحل العلم وخريتي الصناعة ولو كان تشكيك الشاذ وتردد النادر ذا قيمة وأهمية لما اتسع لكاتب ولا لمؤرخ ما اتسع له من إثبات الوقائع ونسبتها لأحد ولما تسنى لصاحب الفجر نفسه أن يكتب هذا الكتاب الضخم فان كثيرا من منسوباته لا يسلم من مشكك في النسبة أو قادح فيها بل أو متيقن للخلاف واما ما ذكره من موجبات الشك ومثيراته فهو على ما يزعم أمور.
الأول – ما يوجب فيه من سجع منمق وصناعة لفظية وقد تقدم منا الكلام على ذلك وذكرنا ان القرآن المجيد قد اشتمل على كثير من الفواصل ومن الصناعة اللفظية وأنواع البديع ويوجد مثل ذلك في خطب العرب قبل الإسلام وبعده.
الثاني – ما فيه من تعبيرات إنما حدثت بعد ان نقلت الفلسفة اليونانية إلى العربية وبعد ان دونت العلوم يعني:والتدوين والنقل لم يكونا إلا بعد انقضاء عصر الصحابة وتصرمه وهذا الأمر كالأمر الثالث الذي ذكره من اشتماله على معان دقيقة وأساليب لم تعرف إلا في العصر العباسي مرجعها إلى أمر واحد بل مرجع الأمور الثلاثة إلى انه قد اشتمل على ما يشابه كلام العرب في صدر الإسلام وكلام الصحابة الذين في عصره وهذه الدعوى تحتاج إلى إحاطة تامة واستقرار كامل ولا يكفي فيها الحدس واستقرار موارد جزئية على ان أهل العصر الواحد لا يجب ان تتفق أساليب كلامهم ومناهجهم في الكتاب والعبارة إلى زمن انقراضهم كما هو المشاهد لنا فأنا نشأنا وللشعر والنثر وكتابة الكتب والرسائل منهج وطريقة يسير عليها الكتاب والشعراء,و أخيراً تغير ذلك المنهاج وتبدلت تلك الطريقة وهجر ذلك الاستعمال في الشعر والنثر والكتب والرسائل ومنشأ ذلك إما تبدل الأذواق والأميال لسبب من الأسباب أو حصول الرقي بواسطة انتشار العلوم أو غير ذلك من الدواعي والأغراض وربما يوجد في أهل عصر واحد من ينفرد بطريقة ويختص بأسلوب لا يوجد في كلام الفرد الآخر من أهل ذلك العصر فعليك بالتروي في هذا المجال وإمعان النظر فيه فانه يحتمل من المقال اكثر مما حررناه لكن الوقت لم يتسع لبسط القول فيه,ولا ينبغي الحكم على كلام بأنه ليس لأهل العصر الفلاني إلا إذا اشتمل على شيء يجزم بأنه لا يوجد في كلام أهله على اختلاف طبقاتهم وتباين أذواقهم ومعارفهم وهو أمر يحتاج إلى استقرار تام وإحاطة كاملة بأحوال الرجال وتفاوت مراتبهم في الكمال,بعد فمما لا شك فيه ان الإسلام قد اثر في لغة أهله وفي نظمها وتراكيبها أثرا بيناً وادخل فيها أمورا لم تكن قبله كما ان القرآن المجيد قد علم قراءه من الصناعة اللفظية ودقائق المعاني وبديع الأساليب شيئا لم تعرفه عامة أهل العصر من العرب وأهل البوادي والوبر وكذلك السنة الشريفة على انه من الممكن ان لم يكن من المحقق الثابت ان في الصحابة من العلماء الكبار المطلعين على الفلسفة اليونانية وغيرها المحيطين بالعلوم وكيفية تدوينها قبل انتشارها في عصرهم بل وفي العصور المتأخرة وقبل تداولها بين الناس,وكان كاتب الفجر ينظر إلى الناس بعين واحدة من غير تفرقة بين الآحاد ولا ميزة بين الأشخاص فلا يفرق بين الذرة والطود ولا بين عالم صحابي أحاط بالعلوم وثقفته يد النبوة وتخرج من الكلية الإلهية وبين إعرابي بدوي درج بين مراتع الوحش ومنابت القطر وكان عصر النبوة يجمع بين الفريقين وكلامهم يتفاوت بقدر تفاوت أشخاصهم ثم يقال له بعد هذا كله ان احتمال الوضع والدس لو كان له مجال لكان بما هو أشبه بكلام أهل ذلك العصر أولى وأحرى لأن أهل الوضع غالبا لهم معرفة تامة بأساليب كلام من يريدون أن ينسبوا إليه ما ليس له فلا ينسبون ما لا يعرف إلا في العصر العباسي مثلاً إلى من تقدم على ذلك العصر لأنه من نقض الغرض وتفويت المقصود كما لا يخفى على كل ذي بصيرة.
وأما قوله(كما ترى في وصف الطاووس)فهو قول بين الوهم فانك لا ترى أي ميزة بين الخطبة الطاووسية وبين غيرها من الخطب تخص بالذكر وينوه عنها كشاهد على الدعوى فان من انس بكلام النهج وعرف أساليبه لا يجد فرقاً بينه وبين غيرها في تنميق الألفاظ والتفنن في الأوصاف ودقائق المعاني وبدائع النظم وحسن الانسجام.
نعم ربما اعترض شاك أو مرتاب فقال أين العرب وهذا الطائر ومتى رآه أمير المؤمنين "ع" وأصحابه حتى يقول في هذه الخطبة(أحيلك من ذلك على معانيه)مشيراً إلى حاله في سفاده ورؤية ذلك إنما تكون لمن تكثر الطواويس عنده ويطول مكثها لديه وقد ذكر هذا الاعتراض شارح النهج في(ص٤٨٤ج٢)وأجاب عنه بأن أمير المؤمنين "ع" لم يشاهد الطواويس بالمدينة بل بالكوفة وكانت يومئذ تجبى إليها ثمرات كل شيء وتأتي إليها هدايا الملوك ورؤية المسافدة مع وجود الذكر والأنثى غير مستبعدة وهذا كله من الجهل بمقام أمير المؤمنين وفضله ومبلغه من العلم.

****************************