الشيخ أحمد الوائلي[١]
في مجالي نهج البلاغة حوُر |
|
شهد الأفقُ أنهنُّ بدورُ |
آخذاتٌ باللبّ مبنىً ومعنىً |
|
فالمعاني مضيئةٌ والسطورُ |
هي دنيا فكرٍ بها الأرضُ تزهو |
|
بالبراعات والسماءُ تمورُ |
صعدت عندها الروائعُ فالأنجمُ |
|
دربٌ بأفقها وعُبورُ |
ساحراتُ الرؤى فليس ببدع |
|
أن من يلتقي بها مسحورُ |
وسُلاف من خالها دون أن |
|
يشرب يغدو وذهنُه مخمورُ |
أفهل للملام معنى لأنف |
|
أخذته بما تنثُ العطورُ |
وهل العاشقون إلاّ سبايا |
|
وأخو العشق مرغمٌ مقهورُ |
قلتُ للسائلين والقلمُ التافهُ |
|
يفتن فيه أفك وزورُ |
وضُح الانتماءُ بالنهج |
|
فليسكت زعمٌ يخطُّهُ موتورُ |
انّه ابنُ القرآن والابنُ كالأب |
|
وإن لجّ حاقدٌ مأجورُ |
بتمادى فينكرُ البدهيات |
|
فحجرٌ بوعيه محجورُ |
وغباء أن لا يرى الأصل بالفرع |
|
وبالفرع تستبينُ الجذورُ |
فوراء الشعاع لابد شمسٌ |
|
ووراء النهج الشذي زهورُ |
غير أنّ الأنغام يُسألُ عنها |
|
صادحاتُ الخميل إلاّ اليعفورُ |
قممُ الفكر في كتاب عليٍّ |
|
شاهقاتٌ تنحطُّ عنها الصورُ |
نائياتٌ بها الشواردُ إلا |
|
لجناحٍ على الصعود صبورُ |
وعروسُ الأفكار إلاً على ذهنٍ |
|
حصيفٍ جمالُها مستورُ |
فإذا لم يسدُ الذهنُ الهام |
|
فلا يجتلي الخفاء ظهورُ |
هو قانونُ الضوء من دونه |
|
الأعينُ لايستجيبُ فيها النورُ |
فأعنّي لأجتلي إنّ طرفي |
|
عنك من شدة السنا محسورُ |
إن يكُ النهجُ وهو نحوك دربٌ |
|
فيه ما قد تقلّدتُهُ النحورُ |
فعلى القطع أنت مقلعُ درٍّ |
|
جانباهُ المنظومُ والمنشورُ |
فكرٌ حرٌ وديباحةٌ غرٌّ |
|
ونبرٌ مموسقٌ وأمورُ |
ومعانٍ من خدرها سافراتٌ |
|
ومعانٍ تضمُّهنّ خدورُ |
إنّ النهجُ محضُ بابٍ إلى حقلٍ |
|
به الخصبُ والجنى موفورُ |
أنت فيما به كتابٌ وسيفٌ |
|
وهزارٌ يشدو وليثٌ هصورُ |
ونبيٌّ البيان مثلُ نبيّ الشرع |
|
تُشفى بما يقولُ الصدورُ |
يا خميل الفصحى وروضُ المعاني |
|
وسط صحراءٍ بالهجير تفورُ |
إن يكُ النهجُ ما لفظت فماذا |
|
أنت يا فلتةً روتها الدهورُ |
يا تسابيح ناسكٍ ما تعاطى |
|
دنسُ الشرك بيتهُ المعمورُ |
يا صدى راهبٍ يهزُّ حشايا |
|
الليل والنجمُ في السماء يغورُ |
أنت معنىً من وسعه كلُّ لفظٍ |
|
فيه ضيقٌ عن حجمه وقصورُ |
اغتفر أيّها الوحيدُ فللإلحاد |
|
حجمٌ تضيقُ عنهُ الكسورُ |
سيدي يا أبا ترابٍ يتيهُ |
|
الغرسُ فيه وتشرأبُ الجذورُ |
أن فيما ينمى إليك وما تحكيه |
|
عن وجهك الرؤى مأسورُ |
هزّني أنني المهمومُ في دنياك |
|
حتى يفيق مني الشعورُ |
وتصلي مشاعري عند محرابٍ |
|
به تدمنُ الصلاة العصورُ |
أنا ما غبتُ عنك يوماُ ولكن |
|
أثملتني الرؤي فدبّ الفتورُ |
وبمحراب العشق من عاش يدري |
|
أنّ من ذاب بالهوى معذورُ |
انّه ديدنُ المحبين أدنى |
|
ما يلاقوه أن يغيب الحضورُ |
قد سالتُ الزمان يوماُ لماذا |
|
عنك يلوي بوجهه ويحورُ |
يتحاشى النبعُ المذال ويحسو |
|
وشلاً ما تذوقتهُ الثغورُ |
فكأن العيون ما بين مرآها |
|
وما بين نبيك الثر سورُ |
فتعرفتُ منه أنك سنخٌ |
|
ليس من سنخهم فكان النفورُ |
إنّ كلّ الرياح جنسٌ ولكن |
|
عُدّ منها الصبا ومنها الدبورُ |
قد قضى الله أنّ بالأرض فيروزا |
|
وفيها جنادلٌ وصخورُ |
وقضى أنّ معشر الجُعل المنتن |
|
بالطبع عشقُه البعرورُ |
وبأن الفراش يعشقُ حسن |
|
الضوء حتى يموت وهو يدورُ[٢] |
|
********** |
|
وله أيضاً: |
|
|
يا يراعاً ينمنمُ الورد من |
|
نهج عليٌّ والنهج سفرٌ جليلُ |
دلل النبرُ أنهُ لعليّ |
|
ربّ قولٍ عليه منه دليلُ |
إنّه في البيان شمسٌ فلا الفانوسُ |
|
من سنخه ولا القنديلُ |
نظم الرائعات مبنىً ومعنى |
|
فإذا الأحرفُ الشذا والخميلُ |
كلُّ فصلٍ أبو ترابٍ به يبدو |
|
فتهتزُّ بالهدير الفصولُ |
غير أنّ النفس المريضة تهوى |
|
أن يغطي الحقائق التضليلُ |
زعموهُ نسج الرضي ومهلاً |
|
أين من هادر الفحول الفصيلُ؟! |
لا تعر قولهم فما هو شيءٌ |
|
كي يصفيه الجرحُ والتعديلُ |
إنهُ العجزُ والقصورُ وماذا |
|
غير أن يحسد المتين الهزيلُ |
قد أفاضت "مصادر النهج" |
|
فيما ردّ فيه معاندٌ وجهولُ |
ودرى الباحثون في أنّ دعوى |
|
عزوه للرضيّ قولٌ عليلُ |
وأبى الحاقدون أن ينظروا إلا |
|
ازوراراً وأعينُ الحقد حولُ |
ولو "النهجُ" نهج صخر بن حربٍ |
|
فعلى القطع إنهُ مقبولُ |
لكنّ النهج كان نهج عليٍّ |
|
وعليٌّ على الدنيّ ثقيلُ[٣] |