إن أهم ما يرشدنا الى تاريخ المقام في هذه المخطوطة انها كتبت في داخل مقام صاحب الزمان عجل الله فرجه سنة ٦٧٧ هـ كما صرح به جمع من العلماء, وسوف نأتي على ذكر كلامهم, ولتسليط الضوء على هذه النسخة, نأتي على ذكر أصل الكتاب وجامعه وأحوال الناسخ ومواصفات تلك النسخة ومكانها, وهذا المطلب يتطلب ذكر عدة أمور فلنأت على ذكرها في أصل الكتاب وجامعه
نهج البلاغة: كتاب عربي, اشتهر في مملكة الادب الأُممي, اشتهار الشمس في الظهيرة, وهو صدف لآلئ من الحكم النفيسة, ضم بين دفتيه ٢٤٢ خطبة وكلاماً و٧٨ كتاباً ورسالة و٤٩٨ كلمة من يواقيت الحكمة وجوامع الكلم لأمير المؤمنين عليه السلام, ويعدّ الكتاب الوحيد الذي جُمع بأسلوب فريد روايات منتقاة من بليغ آثاره وبديع كلامه عليه السلام والذي وُصف بأنّه دون كلام الخالق وفوق كلام المخلوقين, والذي حظي عبر القرون, استنساخاً وشرحاً وتعليقاً من قبل أعلام البلاغة والأدب, وحملة العلم والحديث جيلاً بعد جيل وتم شرحه شروح عديدة, تربو على السبعين, وأّلفت عنه مؤلفات كثيرة.
الجامع لنهج البلاغة: السيد محمد بن أبي أحمد الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن ابراهيم ابن الامام موسى بن جعفر عليهما السلام المشهور بالشريف الرضي رحمه الله (٣٥٩ - ٤٠٦ هـ) الذي جمعه خلال ١٧ عاماً تقريبا.
أحوال الناسخ: السيد نجم الدين أبو عبد الله الحسين بن اردشير بن محمد الطبري الآبدار آبادي، من تلاميذ نجيب الدين يحيى بن أحمد بن يحيى بن سعيد الحلي تـ ٦٩٠ هـ كتب له اجازة على نسخة (نهج البلاغة) في ٦٧٧ هـ وصفه فيها: بالسيد الاجل الاوحد الفقيه العالم الفاضل المرتضى نجم الدين ابو عبد الله الحسين... كما كتب نسخة من كتاب (النهاية) للشيخ الطوسي رحمه الله واتمها في يوم الثلاثاء ١٥ شهر ربيع الاول سنة ٦٨١ هـ, وقرأ الكتاب على العلامة الحلي فأجازه باجازتين في شهر ربيع الآخر وجمادى الآخرة من سنة ٦٨١ هـ وقال في الاجازة الاولى, قرأ علّي الشيخ العالم الفقيه الفاضل الكبير الزاهد المحقق العلامة نجم الملة والدين عز الاسلام والمسلمين... قراءة مهذبة تدل على فضله وتنبئ عن علمه.
تاريخ النسخ: يوم السبت من أواخر شهر صفر سنة ٦٧٧هـ
مكان النسخ: مقام صاحب الزمان عجل الله فرجه في الحلة السيفية.
مواصفات النسخة: النسخة مقروءة أكثر من مرة على غير واحد من أعلامنا وعليها إنهاءاتهم وإجازاتهم ورواياتهم للكتاب بأسانيدهم عن مؤلفه الشريف الرضي رحمه الله.
ثم بعد ذلك هي مقابلة ومصححة بخطوط العلماء ففي نهاية المخطوط:
(تم الكتاب بعون الله وحسن توفيقه... يوم السبت من (أ) واخر صفر سنة سبع وسبعين وستمائة فرغ من نقله الحسين بن اردشير الطبري الاندراوذي بالحلة السيفية في مقام صاحب الزمان عليه السلام)، والتاريخ يصلح ان يقرأ سبع وسبعين كما قرأه صاحب رياض العلماء، حيث رأى هذه النسخة في أصفهان وترجم لكاتبها في رياض العلماء ٢/ ٣٦، كما قرأها الاستاذ دانش بزوه وتحدث عنها في نشرة المكتبة المركزية لجامعة طهران ٥/ ٤٢١.
ورآها شيخنا صاحب الذريعة رحمه الله في مكتبة العلامة الاديب الشيخ محمد السماوي رحمه الله وترجم لكاتبها في اعلام القرن السابع من طبقات اعلام الشيعة وقرأ تاريخ النسخة (سبع وستين)، وهذه المخطوطة قرأها كاتبها على الشيخ نجيب الدين يحيى بن أحمد بن يحيى بن الحسن بن سعيد الهذلي الحلي (٦٠١). - ٦٨٩ هـ)، فكتب له الانهاء في آخرها.
(أنهاه أحسن الله توفيقه قراءة وشرحاً لمشكله وغريبه نفعه الله وإيانا به وبمحمد وآله، وكتب يحيى بن احمد بن يحيى بن الحسن بن سعيد الهذلي الحلي بالحلة حماها الله في صفر سنة سبع وستين (وسبعين) وستمائة.)
وكتب له أيضاً بأول النسخة اجازة برواية الكتاب عن مؤلفه الشريف الرضي رحمه الله ونصها: (قرأ عليّ السيد الأجل الاوحد, الفقيه العالم الفاضل, المرتضى نجم الدين ابو عبد الله الحسين بن اردشير بن محمد الطبري _ أصلح الله أعماله وبلغه آماله بمحمد وآله - كل هذا الكتاب من أوله الى آخره, فكمل له الكتاب كلّه, وشرحت له في أثناء قراءته وبحثه مشكله, وأبرزت له كثيراً من معانيه, وأذنت له في روايته عني, عن السيد الفقيه العالم المقرئ المتكلم محي الدين ابي حامد محمد بن عبد الله بن علي بن زهرة الحسيني الحلبي رضي الله عنه, عن الشيخ الفقيه رشيد الدين ابي جعفر محمد بن علي بن شهر آشوب المازندراني, عن السيد ابي الصمصام ذي الفقار بن (محمد بن) معد الحسني المروزي, عن ابي عبد الله محمد بن علي الحلواني, عن السيد الرضي ابي الحسن محمد بن الحسين بن موسى بن محمد الموسوي.
وعنه عن الفقيه عز الدين ابي الحارث محمد بن الحسن بن علي الحسيني البغدادي, عن قطب الدين ابي الحسين الراوندي عن السيدين المرتضى والمجتبى ابني الداعي (الحسني) عن ابي جعفر الدوريستي عن السيد الرضي فليروه (عني متى شاء وأحب...) سنة سبع وسبعين وستمائة) وقد حصل في هذا الموضع طمس وتلف ذهبا بتوقيع المجيز, لكن الظاهر انه هو نجيب الدين يحيى بن سعيد الحلي لتشابه خط الاجازة والانهاء, ولأن الشيوخ المذكورين في الاجازة هم من مشايخه رحمهم الله جميعاً.
ثم انتقلت المخطوطة من الحلة الى النجف الأشرف فقرئت على السيد محمد بن ابي الرضا العلوي, فامَا أنّ كاتبها قرأها أو قرأها غيره وهو الاظهر وقد كتب الآوي بخطه: انهاه ادام الله بقاه قراءة مهذبة وكتب محمد بن ابي الرضا ثم قوبلت النسخة في النجف الاشرف بنسخة صحيحة من نهج البلاغة بالحضرة الغروية مشهد أمير المؤمنين عليه السلام وسجل بهوامشها كثير من فوائد شرح نهج البلاغة لأبن ميثم البحراني, وكان الفراغ من المقابلة وكتابة الحواشي أواخر شهر رمضان سنة ٧٢٦ هـ... ثم رجعت الى الحلة إذ كان على مخطوطتنا هذه سوى ما تقدم من الميزات إجازة من الشيخ حسن بن الحسين بن الحسن السرابشنوي بخطه في ذي الحجة سنة ٧٢٨ هـ بالحلة، ولكن أصابها تلف منذ عهد صاحب الرياض فلم يسجل لنا منه في رياض العلماء ٢/ ٣٧ إلا أول الاجازة وهو:
قرأ عليّ هذا الكتاب المسمى بنهج البلاغة المولى المعظم ملك الصلحاء سيد الزهاد والعباد... كما كتب في آخرها.... وما توفيقي إلاّ بالله عليه توكلنا, وهو حسبنا, نعم الوكيل ونعم المولى ونعم النصير، وذلك في رجب من سنة أربعمائة (وهذا يدل أن النسخة منقولة من على نسخة المؤلف الشريف, أو من نسخة كتبت على عهده) .
وكانت هذه المخطوطة الثمينة في مكتبة العلامة السماوي وانتقلت بعد وفاته الى مكتبة آية الله الحكيم العامة في النجف الاشرف ورقمها هناك ١٣٩.
عدد الورقات: ٣٣٢
حجم الورق: قطع وزيري, سميك ١٦× ٢٤
نوع الخط: نستعليق.