وقال (عليه السلام): الرِّزْقُ رِزْقَانِ: طَالِبٌ، وَمَطْلُوبٌ، فَمَنْ طَلَبَ الدُّنْيَا طَلَبَهُ الْمَوْتُ حَتَّى يُخْرِجَهُ عَنْهَا،مَنْ طَلَبَ الاْخِرَةَ طَلَبَتْهُ الدُّنْيَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ رِزْقَهُ مِنْهَا.                
وقال (عليه السلام): خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ .                
وقال (عليه السلام): اذْكُرُوا انْقِطَاعَ الَّلذَّاتِ، وَبَقَاءَ التَّبِعَاتِ.                
وقال (عليه السلام): إِذَا أَقْبَلَتِ الدُّنْيَا عَلَى أحَد أَعَارَتْهُ مَحَاسِنَ غَيْرِهِ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ عَنْهُ سَلَبَتْهُ مَحَاسِنَ نَفْسِهِ .                
وقال (عليه السلام): لَيْسَ بَلَدٌ بأَحَقَّ بِكَ مِنْ بَلَد، خَيْرُ الْبِلاَدِ مَا حَمَلَكَ.                
وقال (عليه السلام): إذَا كَانَ في رَجُل خَلَّةٌ رَائِعَةٌ فَانْتَظِرْ أَخَوَاتِهَا.                
وقال (عليه السلام): الْغِيبَةُ جُهْدُ الْعَاجزِ.                

Search form

إرسال الی صدیق
من عنون كلام أمير المؤمنين عليه السلام في نهج البلاغة ؟

بقلم : سامي جواد كاظم

نهج البلاغة كتاب غني عن التعريف فالكل يقر بمحتواه ولايبلغ منتهاه وقصروا في فهم مغزاه وتاه فيه من تاه ، التفتوا لسحر البيان وكلماته الحسان فاصبحت اليه النظرة عرجاء والافكار جوفاء .

والاهم من هذا وذاك هو الالتباسات والاستفهامات التي راودت فكري وانا اطالع في هذا الكتاب الرائع والذي كتب عنه وحقق فيه اكثر من كاتب من الوزن الثقيل ومن مختلف الملل . الملاحظ ان هنالك ايادي غير نزيهة كان لها حضور في بعض نسخ هذا الكتاب القيم ولعل الكلام عنها من قبلي وانا بهذا المستوى المتواضع قد يكون تجاوزا على فطاحل العلم الذين كتبوا عنه ولكن ستكون وجهة نظري استفسارات ولكم القرارات .
نعم هنالك من حاول تدليس بعض الحقائق من خلال نقل الخطب والكلام من النسخ المخطوطة في نهاية القرن الخامس للهجري مثلا والموجودة في مكتبة المرعشي في قم ، وساتطرق لهذا الجانب حتى يكون بمثابة اسناد لي لما اريد ان اكتب .

فقد جاء في تحقيق لـ (فارس حسون ) عن نهج البلاغة ذكر فيه ( لمن المؤسف عليه أن يقع تصحيحه وضبط نصّه وشرح ألفاظه بأيد غير أمينة على تراثنا الخالد العريق ، أمثال محمّد عبده ومحيي الدين الخياط وصبحي الصالح !!! الذين جعلوا كل اهتمامهم في تحقيقه جهة البلاغة والفصاحة فيه ، غاضّين طرفهم عمّا فيه من مسائل مهمّة ، بالأخص تلك المباني التي تختلف مع مذهبهم اختلافاً جوهرياً ، فحاولوا وبشتّى الطرق تحريفها وتغييرها عن معناها لتتلائم وما يعتقدونه ويذهبون إليه !!) .
وحتى يكون كلام الاستاذ حسون موثق ذكر بعض من هذه التحريفات صبحي صالح ـ
رقم (١٨٠) من الحكم : وا عجباه أتكون الخلافة بالصحابة والقرابة ؟الموجود في المخطوط هو: واعجباه أتكون الخلافة بالصحابة ولا تكون بالصحابة والقرابة ؟!
رقم (٢٤٣) من الحكم : والأمانة نظاماً للأمّة ، وفي المخطوط (والإمامة نظاماً للأمّة ) ، انظروا للكلمة التي غيرت الامامة والتي هي اصل من اصول الدين عند الامامية .
رقم (٢٣٣) من الخطب : روى ذعلب اليمامي والاصل في المخطوط (روى اليماني ) هنا دحس اسم ذعلب وتغيير اللقب وهذا يقلب اصل الحديث راسا على عقب طبقا للدراسات التي يعتمدونها المحققون عن سند الحديث وفي الخطب رقم (٣) من الخطب : وقسط آخرون والصحيح في المخطوط هو : ( وفسق آخرون ) ، انظروا الى الفرق الشاسع بين القسط والفسق والتي هي صفة لموصوف ذكره الامام علي (ع) ضمن كلامه .
واما ما لفت انتباهي انا في الاصدارات التي كتبت عن نهج البلاغة ان هنالك متاهات في عنونة الكلام والخطب الصادرة عن امير المؤمنين عليه السلام حيث انه لا معايير صحيحة في اعتمادهم على العنونة وهنالك ازدواجية في ذلك وكانه طبق الاصل في تغيير كلمة الامامة الى الامانة كما ذكر اعلاه .

كثيرا ما تستخدم كلمة ذم منسوبة الى الامام علي (ع) على اساس انه يدعيها بحق اصحابه او شيعته وهذا لايتفق وخلق الكرار ، وفي مجالات اخرى لا تستخدم عندما يكون كلام امير المؤمنين موجه الى شريحة اخرى .وهذه بعض الاستشهادات حتى يكون لنا الكلام في نهاية المقال .
خطبة تتداولها الالسن كثيرا عنوانها (في ذم البصرة واهلها) عند تتبع الكلام يتضح عدم اتفاق الكلام مع العنوان حيث كُتب بعد عنوان الخطبة عبارة ( بعد وقعة الجمل ) ونص الكلام هو :
(كُنْتُمْ جُنْدَ الْمَرْأَةِ، وَأَتْبَاعَ البَهِيمَةِ، رَغَافَأَجَبْتُم، وَعُقِرَ فَهَرَبْتُمْ )
والدلالة واضحة ان الكلام موجه الى اتباع الجمل الذين اثاروا الفتنة تحديدا دون اهل البصرة قاطبة والذين هم اتباع الجمل هم من مختلف المدن بما فيها المدينة ومكة وليست حصرا على البصرة .ومن كلام له (عليه السلام) عنوانه ( قاله للاشعث بن قيس وهو على منبر الكوفة يخطب ) ونصه :
( فمضى في بعض كلامه شيء اعترضه الاشعث، فقال: يا أميرالمؤمنين، هذه عليك لا لك، فخفض(عليه السلام) إليه بصره ثم قال:ومَا يُدْرِيكَ مَا عَلَيَّ مِمَّا لِي؟ عَلَيْكَ لَعْنَةُ اللهِ وَلَعْنَةُ اللاَّعِنِينَ! حَائِكٌ ابْنُ حَائِك! مُنَافِقٌ ابْنُ كُافِر! وَاللهِ لَقَدْ أَسَرَكَ الكُفْرُ مَرَّةً وَالاسْلامُ أُخْرَى! فَمَا فَداكَ مِنْ وَاحِدَة مِنْهُمَا مَالُكَ وَلاَ حَسَبُكَ! وَإِنَّ امْرَأً دَلَّ عَلَى قَوْمِهِ السَّيْفَ، وَسَاقَ إِلَيْهِمُ الحَتْفَ، لَحَرِيٌّ أَنْ يَمقُتَهُ الاْقْرَبُ، وَلاَ يَأْمَنَهُ الاْبْعَدُ!)
فالصفات التي قالها عليه السلام بحق ابن النابغة وهي النفاق وابن الكافر واللعن ، هذه الكلمات اليس الاصح بها انها ذم ؟

ولكن الايادي العابثة كان لها حضور .وعندما يتحدث عليه السلام عن الكوفة ويمتدحها ويظهر مكانتها يعنون الكلام بانه (في ذكر الكوفة) والنص :
 (وَإِنَّي لاَعْلَمُ أَنَّهُ مَاأَرَادَ بِكِ جَبَّارٌ سُوءاً إِلاَّ ابْتَلاَهُ اللهُ بِشَاغِل، وَرَمَاهُ بِقَاتِل!)
واما علاقة امير المؤمنين باصحابه فانها علاقة حميمة قد يتخللها بعض العتاب والتوبيخ وليس الذم كما عنون كلامه ( في ذم اصحابه ) ومن خلال النص يفهم انه يعاتب ويلوم ويوبخ وهذا النص
(كَمْ أُدَارِيكُمْ كَمَا تُدَارَى الْبِكَارُ الْعَمِدَةُ، وَالثِّيَابُ الْمتَدَاعِيَةُ! كُلَّما حِيصَتْ مِنْ جَانِب تَهَتَّكَتْ مِنْ آخَرَ، كُلَّما أَطَلَّ عَلَيْكُمْ مَنْسِرٌ مِنْ مَنَاسِرِ أَهْلِ الشَّامِ أَغْلَقَ كُلُّ رَجُل مِنْكُمْ بَابَهُ، وَانْجَحَرَ انْجِحَارَ الضَّبَّةِ في جُحْرِهَا، وَالضَّبُعِ فِي وِجَارِهَا.)
وله ايضا امير المؤمنين عنوانه ( في ذم اهل العراق ) وهذا العنوان البارز اما الفرعي والموجود تحت العنوان هو ( وفيها يوبّخهم على ترك القتال، والنصر يكاد يتمّ، ثم تكذيبهم له )والايادي اللاعبة والمموهة لكلام امير المؤمنين (ع) بحق النساء كان لها بصمات في عنونة كلامه بحيث ان العنوان يواري المغزى الحقيقي من كلامه فكالعادة العنوان هو ذم النساء وحقيقة الكلام فقهي بحت كما وان الوقت الذي قال كلامه هذا له مدلول يفي بالغرض حيث جاء الكلام بعد فراغه من حرب الجمل وهذا نصه :
 ( مَعَاشِرَ النَّاسِ، إِنَّ النِّسَاءَ نَوَاقِصُ الاْيمَانِ، نَوَاقِصُ الْحُظُوظِ، نَوَاقِصُ الْعُقُولِ: فَأَمَّا نُقْصَانُ إِيمَانِهِنَّ فَقُعُودُهُنَّ عَنِ الصَّلاةِ وَالصِّيَامِ فِي أَيَّامِ حَيْضِهِنَّ، وَأَمَّا نُقْصَانُ عُقُولِهِنَّ فَشَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ مِنْهُنّ كَشَهَادَةِ الرَّجُلِ الْوَاحِدِ، وَأَمَّا نُقْصَانُ حُظُوظِهِنَّ فَمَوَارِيثُهُنَّ عَلَى الاْنْصَافِ مِنْ مَوارِيثِ الرِّجَالِ ) فهل غير التفسير التشريعي ينطبق على ما قاله الامام (ع) ؟
وهنا التحريف والخبث بعينه عندما يتحدث امير المؤمنين عليه السلام عن عمرو بن العاص فيعنونون اصحاب القلم الذي من المفروض ان يكون نزيه في كتابة نهج البلاغة يعنونون الكلام بالاتي (في ذكر عمروبن العاص ) وهل تعلمون نص الكلام ما هو ؟ نصه هو
( عَجَباً لاِبْنِ النَّابِغَةِ! يَزْعُمُ لاِهْلِ الشَّامِ أَنَّ فِيَّ دُعَابَةً، وَأَنِّي امْرُؤٌ تِلْعَابَةٌ: أُعَافِسُ وَأُمَارِسُ! لَقَدْ قَالَ بَاطِلاً، وَنَطَقَ آثِماً.
أَمَا ـ وَشَرُّ الْقَوْلِ الْكَذِبُ ـ إِنَّهُ لَيَقُولُ فَيَكْذِبُ، وَيَعِدُ فَيُخْلِفُ، وَيُسْأَلُ فَيَبْخَلُ، وَيَسْأَلُ فَيُلْحِفُ، وَيَخُونُ الْعَهْدَ، وَيَقْطَعُ الاْلَّ; فَإِذَا كَانَ عِنْدَ الْحَرْبِ فَأَيُّ زَاجِر وَآمِر هُوَ! مَا لَمْ تَأْخُذِ السُّيُوفُ مَآخِذَهَا، فَإِذَا كَانَ ذلِكَ كَانَ أَكْبَرُ مَكيدَتِهِ أَنْ يَمْنَحَ الْقَوْمَ سُبَّتَهُ) .
ابن النابغة وقال باطلا ونطق آثما وليقول الكذب ويخون العهد ويقطع الآل ، بالله عليكم ماذا تسمون هذه الكلمات وهذا الامر ينطبق على كلمات امير المؤمنين بحق معاوية والتي وضعت تحت عنوان ( في معاوية ) والنص هو :
( وَاللهِ مَا مُعَاوِيَةُ بِأَدْهَى مِنِّي، وَلكِنَّهُ يَغْدِرُ وَيَفْجُرُ، وَلَوْلاَ كَرَاهِيَةُ الْغَدْرِ لَكُنْتُ مِنْ أَدْهَى النَّاسِ، وَلَكِنْ كُلُّ غَدْرَة فَجْرَةٌ، وَكُلُّ فَجْرَة كَفْرَةٌ، وَلِكُلِّ غَادِر لِوَاءٌ يُعْرَفُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) .
الغدرة والفجرة والكفرة والوعيد يوم القيامة هل هذا كلام عابر يا اولي الالباب .
الملاحظ في كل طبعات وتحقيقات كتاب نهج البلاغة هو عدم التعرض لعناوين كلام امير المؤمنين وكانها قيلت من قبله حيث يبتدأ بها عند الحديث فاحيطت بهالة من القدسية على عكس المتن الذي طاله التحريف كما جاء في تحقيق فارس حسون .
هل تتفقون معي ان العناوين تستحق وقفة ؟

****************************