السؤال :
اذا كان هناك نص صريح بوجوب خلافة الامام علي(ع) بالخلافة لماذا لم يرفض عموم الناس والجمهور بانهم بايعوا الامام عليا خليفة للمسلمين في غدير خم؟ كما جاء في شرح نهج البلاغة (٢/١٨٤) طبعة دار بيروت كما سجل عنه ذلك، الشريف الرضي بقوله : "والله ما كانت لي في الخلافة رغبة ولا في الولاية اربة ولكنكم دعوتموني اليها وحملتموني عليها ".
والسؤال هنا هل هذا كلام يوجب من كانت له الولاية او الخلافة بالنص؟
الجواب :
ان قول أميرالمؤمنين عليه السلام «ليس لي في الخلافة رغبة...» انما اراد ان يبين للناس عدم اكتراثه(ع) بزخارف الدنيا والتي منها السلطة والحكومة التي يسعى اليها الكثير من الناس بلهفة وشوق ويبذلون في سبيلها الغالي والنفيس، وأما أميرالمؤمنين عليه السلام فانه ينظر اليها كتكليف شرعي لا قيمة لها الا إذا كانت مقترنة برضا الله سبحانه واقامة الحق وازهاق الباطل، كما قال ذلك لابن عباس (رحمه الله).
واما الولاية التي هي تنصيب وتكليف الهي فان أميرالمؤمنين لم ينفها بل العكس هو الصحيح فانه كان يرى نفسه صاحب الحق الشرعي المغصوب، وهذا ما نجده في خطبته الشقشقية حيث قال: «اما والله لقد تقمصها إبن أبي قحافة وانه يعلم ان محلي منها محل القطب من الرحى».
ثم هناك نكتة جديرة بالذكر وهي : ان الكلام المذكور صدر من الامام امير المؤمنين بعد خمسة وعشرين عاما من رحيل النبي الاكرم صلى الله عليه واله وسلم ومن الواضح انه وخلال هذه الفترة وقعت الكثير من الاحداث والتحولات على جميع المستويات ادت الى التعقيد في مسالة القيادة والحكومة الدنيوية، من هنا اراد امير المؤمنين عليه السلام ان يضع الناس امام مسؤلياتهم ويبين لهم ان الامر ليس كما يتصورون وان الامور ستسير على مايرام ولا توجد اي معوقات وعراقيل ، بل الامر على العكس من ذلك تماما –كما يرى الامام من خلال معايشته للواقع- وانه ستواجه حكومة الامام بالكثير من المشاكل والمعاناة والصعاب ،الامر الذي يستدعي وقوف الامة الى جانب امامها وتحمل مسؤلياتها باختيار وارادة ، ولكي لا يتطاول متطاول ويقول : لقد خدعنا ابن ابي طالب في حكومته، اذا القضية تابعة لظرفها الموضوعي وليس في مجال الحديث عن اصل الخلافة وشرعيتها.