الشيخ علي كاشف الغطاء
ان كتاب نهج البلاغة لا يزال موضع بحث ومناقشة بين رجال العلم والأدب قديماً وحديثاً من حيث الجامع تارة والمنشئ أخرى وقد كان البحث فيه عن الناحية الثانية هوالمهم لدى الجمهور لعلاقته بالدين الإسلامي وارتباطه بالأدب العربي وقد اشبع الكلام فيه من القوم ودفعوا شبهات المشككين عنه فلا يهمنا التعرض لها واعادة الكلام فيها وإنما يهمنا ان نتعرض لما ذكره الأستاذ مردم في هذا الموضوع مما أوجب تشكيكه فيه.
قال في ص١٥٨ من العدد الثاني من مجلة الحديث:وهناك شيء لا يصح البحث ولا يتم بدون تمحيصه وهوالتثبت من صحة كل ما ورد في نهج البلاغة وانه من كلام الامام والقطع بذلك غير ممكن لأن الكتاب جمع بعد الامام بأكثر من ثلاثة قرون ونصف:وانت تعلم ان هذه الشبهة لوكانت موجبة للتشكيك في نسبة النهج لما صح الاعتماد على نقل المؤرخين لأغلب الخطب والكلمات عن المتقدمين بل ولا على نقلهم للحوادث السالفة.
وقال:أضف إلى ذلك النزعات المذهبية والأغراض السياسية التي لا تتحرج من الوضع والدس:وأنت تعلم ان ذلك لوأثر لم يبق لنا الجزم بصحة نسبة أغلب الأحاديث إلى الصحابة ولما صح أن يعتمد على مثل صحيح البخاري ومسلم وغيره من كتب الأخبار كيف ولوكانت النزعات المذكورة موجبة للتشكيك لكانت تلك الكتب أولى بأن يشك فيها من النهج ولا أظن الأستاذ يلتزم بذلك.
وقال:والذي يستثير العجب انك لا تجد في الكتاب كلاما للإمام إلا بعد مقتل عثمان:ولست ادري كيف صدر هذا الكلام من الأستاذ في النهج كلام صدر قبل ذلك فقد ذكر في كلامه(لما عزموا على بيعة عثمان ص١٢٧ جلد أول من النسخة المطبوعة في بيروت بنفقة محمد كامل بكداش وذكر فيه كلامه لأبي ذر لما خرج إلى الربذة ص٢٦٧ ج١ وذكر فيه كلامه عندما شاوره عمر في الخروج إلى غزوة الروم بنفسه ص٢٧٤ جلد أول وذكر فيه كلامه لما استشاره عمر في غزوة الفرس بنفسه ص٣٨٨ وذكر فيه كلامه عند دفن زوجته فاطمة I ص٤٥٥ إلى غير ذلك من كلماته التي صرح في النهج بصدورها قبل مقتل عثمان هذا ومن الخطب التي اشتمل عليها النهج وهي الأكثرلم يعلم وقت صدورها فكيف صح الحكم عليها من الأستاذ بورودها بعد مقتل عثمان.
ونقل عن الذهبي انه قال ومن طالع كتاب نهج البلاغة جزم بأنه مكذوب على أمير المؤمنين علي ففيه السب الصراح والحط على السيدين أبي بكر وعمر.
وأنت إذا سبرت أحوال الصحابة وما وقع بينهم من الخلاف والمنازعة وتأملت فعلهم مع عثمان وما وقع بين علي وبين طلحة والزبير وهم من أكابر الصحابة وما كان يراه أمير المؤمنين علي من أحقيته بأمر الخلافة والاضطهاد الذي ناله أيام خلافتهم فعند ذا لا تستبعد صدور مثل ذلك الكلام منه بل لا يعتريك الشك في صحة نسبته إليه:
قال والحق ان الشكوك التي تعترض الباحث كثيرة أولها الاختلاف فيمن جمعه فبعضهم يقول انه الشريف وبعضهم يزعم انه أخوه المرتضي.
ولا يخفى ان تردد الجامع للنهج بين علمين موثوقين يبعد في حقهما الافتراء على أحد من الصحابة لا يوجب التشكيك في النسبة إليه نعم لوفرض تردد الجامع بين الثقة وغيره كان وجه للشك في صحة النسبة إليه.
قال ثم تضخم الكتاب بالزيادات على توالي الأيام بعد وفاة الرضي والمرتضى.
وما أدري على أي مسند استند الأستاذ في الحكم بالزيادة على توالي الأيام إلى ما قبل وفاة الشارح ابن أبي الحديد مع وجود نسخ عديدة في النجف الأشراف يقرب نسخها من زمان الرضي والمرتضى أويبعد عنه بمئة سنة أواكثر وليس فيها أدنى زيادة أونقيصة عما هوموجود في أيدينا من نسخ النهج وتوجد منها في مكتبتنا نسختان وفي مكتبة السماوي نسخة واحدة.
قال ان في النسخة التي علق عليها الشيخ محمد عبده المطبوعة بنفقة محمد كمال بكداش في بيروت نحوخمسين صفحة في الجزء الأول من(ص٣٨٨ إلى ص٤٣٣ )لم يروها ابن أبي الحديد في شرحه.
وهذا من الأستاذ في غاية الغرابة فان ما ذكره في هذه الخمسين صفحة كله قد رواه ابن أبي الحديد في شرحه,وشرحه شرحاً وافيا ولم يترك منه شيئا انظر ص١٩٥ إلى ص٣٥٦ من المجلد الثالث من شرح ابن أبي الحديد المطبوع بمطبعة دار الكتب العربية الكبرى بمصر وكذا يوجد في المجلد الثاني المطبوع في إيران وكذا يوجد في النسخ الخطية من الشرح المذكور الموجودة عندنا.
وقد سبق الأستاذ إلى مثل هذا الكلام محي الدين الخياط في تعليقته على النسخة المطبوعة بنفقة محمد كمال بكداش ص٣٨٨ والذي أظنه انه أخذه منه من دون تثبت فيه.
قال وجامع الكتاب نفسه يقول ما يشعر بعدم القطع بصحة ما جمعه.
وهذا وان كان صحيحا الا ان جامع الكتاب أشار لما لم تثبت صحته عنده اما بنقل رواية أخرى له أوبالتصريح بالشك في نسبه إليه انظر المجلد الثاني ص١٧٧ وص٣٠٣ فلا يكون هذا وجها للشك في الباقي بل يكون دليلا على القطع بصحته وإلا لأشار إلى الشك فيه كما أشار إليه في الموارد الأخرى.
قال وكثير من الخطب بل أكثرها غير كاملة.
ولا يخفى ان هذا الأمر ليس له مساس بالقطع بصحة النسبة أوعدمه خصوصاً بعد ما اخذ جامع الكتاب على نفسه ان لا يذكر الخطبة بأجمعها وان يختار محاسنها ويطرح باقيها انظر ص١٥ جلد أول:
قال وهناك كلام نراه منسوبا إلى غير الامام في غير نهج البلاغة كقوله في صفة صديق ج٣ ص٣١٩ (كان لي فيما مضى أخ في الله)وهذا كلام مروي لإبن مقفع في رسائل البلغاء:
وهذا من الأستاذ في غاية الغرابة فان ما ذكره في هذه الخمسين صفحة كله قد رواه ابن أبي الحديد في شرحه,وشرحه شرحاً وافيا ولم يترك منه شيئا انظر ص١٩٥ إلى ص٣٥٦ من المجلد الثالث من شرح ابن أبي الحديد المطبوع بمطبعة دار الكتب العربية الكبرى بمصر وكذا يوجد في المجلد الثاني المطبوع في إيران وكذا يوجد في النسخ الخطية من الشرح المذكور الموجودة عندنا.
وقد سبق الأستاذ إلى مثل هذا الكلام محي الدين الخياط في تعليقته على النسخة المطبوعة بنفقة محمد كمال بكداش ص٣٨٨ والذي أظنه انه أخذه منه من دون تثبت فيه.
قال وجامع الكتاب نفسه يقول ما يشعر بعدم القطع بصحة ما جمعه.
وهذا وان كان صحيحا الا ان جامع الكتاب أشار لما لم تثبت صحته عنده اما بنقل رواية أخرى له أوبالتصريح بالشك في نسبه إليه انظر المجلد الثاني ص١٧٧ وص٣٠٣ فلا يكون هذا وجها للشك في الباقي بل يكون دليلا على القطع بصحته وإلا لأشار إلى الشك فيه كما أشار إليه في الموارد الأخرى.
قال وكثير من الخطب بل أكثرها غير كاملة.
ولا يخفى ان هذا الأمر ليس له مساس بالقطع بصحة النسبة أوعدمه خصوصاً بعد ما اخذ جامع الكتاب على نفسه ان لا يذكر الخطبة بأجمعها وان يختار محاسنها ويطرح باقيها انظر ص١٥ جلد أول:
قال وهناك كلام نراه منسوبا إلى غير الامام في غير نهج البلاغة كقوله في صفة صديق ج٣ ص٣١٩ (كان لي فيما مضى أخ في الله)وهذا كلام مروي لإبن مقفع في رسائل البلغاء:وهذا في غاية الغرابة من الأستاذ فان ابن المقفع قد أشار في صدر رسالته التي ذكر فيها ذلك الكلام إلى انه ينقل فيها من كلام المتقدمين وحكم الأولين فقد قال: (وقد بقيت أشياء من لطائف الأمور فيها مواضع لصغار الفطن مشتقة من جسام حكم الأولين وقولهم ومن ذلك بعض ما انا كاتب في كتابي هذا)انظر ص١٩ من رسائل البلغاء المطبوعة بمنطبعة الظاهر بمصر.
على ان من تتبع كلمات البلغاء ورأى كثرة مآخذهم من كلمات من تقدم ونظر إيرادهم لبعض الآيات القرآنية والأبيات الشعرية والأمثال العربية كأنه كلام لهم حتى قال قائلهم:لولا ان الكلام يعاد لنفد:لم يجد في رواية الكلام من ابن المقفع أدنى تشكيك في نسبته للإمام من مثل الرضي ممن هومتضلع في الأدب العربي ويحمل نفسا عالية تأبى عن الافتراء والكذب.
وقال وكقوله في ج٣ ص٣٤٤ (ليس للعاقل أن يكون شاخصاً إلا في ثلاثة مرمة لمعاش أوخطوة في معاد أولذة في غير محرم وهذا أيضا لأبن المقفع.
وأقول صدور هذا من الأستاذ في غاية العجب فان ابن المقفع قد صرح في كتابه الموجود فيه هذا الكلام بأنه يدخل فيه كلام غيره فقد قال في صدر كتابه هذا(وقد وضعت في هذا الكتاب من كلام الناس المحفوظ)انظر ص ٣ من رسائل البلغاء المطبوعة بمطبعة الظاهر.