وقال (عليه السلام): اذْكُرُوا انْقِطَاعَ الَّلذَّاتِ، وَبَقَاءَ التَّبِعَاتِ.                
وقال (عليه السلام): مَنْهُومَانِ لاَ يَشْبَعَانِ: طَالِبُ عِلْم، وَطَالِبُ دُنْيَا.                
وقال (عليه السلام): النَّاسُ أَعْدَاءُ مَا جَهِلُوا.                
وقال (عليه السلام): قَلِيلٌ مَدُومٌ عَلَيْهِ خَيْرٌ مِنْ كَثِير مَمْلُول مِنْهُ .                
وقال (عليه السلام) : مَنْ كَرُمَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ هَانَتْ عَلَيْهِ شَهْوَتُهُ .                
وقال (عليه السلام): الغِنَى والْفَقْرُ بَعْدَ الْعَرْضِ عَلَى اللهِ.                
وقال (عليه السلام): مَا مَزَحَ امْرُؤٌ مَزْحَةً إِلاَّ مَجَّ مِنْ عَقْلِهِ مَجَّةً.                

Search form

إرسال الی صدیق
في رحاب نهج البلاغة (أنا.. من النصوص المأثورة عنه عليه السلام) – الثالث

عند وفاة النَبِيّ صلى الله عليه وآله
(٢٠٢) أَنَا غَاسِلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وَمُدْرِجُهُ في الأكْفَانِ، وَدافِنُهُ. (عُيُون المواعظ والحِكَم )
(٢٠٣) أَنَا قاضِي الديْن عن رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله. (الفضائل لابن شاذان (ص ٨٣). عُيُون المواعظ والحِكَم)  وفيه : قاضي دين رسول اللَّه صلى الله عليه وآله.
(٢٠٤) أَنَا عبدُاللَّهِ، وأخُورسُولِهِ، لا يَقُولُها أَحَدٌ قبلي ولا بعدي إلاّ كَذّابٌ، وَرِثْتُ نَبِيَّ الرَحْمَةِ، وَنَكَحْتُ سَيِّدَةَ نِساءِ هذِهِ الأُمَّةِ، وَأَنَا خاتِمُ الوَصِيّين. (ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (٢:٢٨٧)).
وقال في خطبةٍ له عليه السلام : وَلَقَدْ عَلِمَ الْمُسْتَحْفَظُونَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّد صلى الله عليه وآله أَنِّي لَمْ أَرُدَّ عَلَى اللَّه وَلاَ عَلَى رَسُولِهِ سَاعَةً قَطُّ، وَلَقَدْ وَاسَيْتُهُ بِنَفْسِي فِي الْمَوَاطِنِ التي تَنْكُصُ فِيهَا الاْبْطَالُ وَتَتَأَخَّرُ الاْقْدَامُ، نَجْدَةً أَكْرَمَنِي اللَّه بِهَا. وَلَقَدْ قُبِضَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وآله وَإِنَّ رَأْسَهُ لَعَلَى صَدْرِي. وَلَقَدْ سَالَتْ نَفْسُهُ فِي كَفِّي، فَأَمْرَرْتُهَا عَلَىُ وَجْهِي. وَلَقَدْ وُلِّيتُ غُسْلَهُ صلى الله عليه وآله وَالْمَلاَئِكُةُ أَعْوَانِي، فَضَجَّتِ الدارُ والاْفْنِيَةُ مَلاَ يَهْبِطُ، وَمَلاَ يَعْرُجُ، وَمَا فَارَقَتْ سَمْعِي هَيْنَمَةٌ مِنْهُمْ، يُصَلُّونَ عَلَيْهِ حَتَّى وَارَيْنَاهُ فِي ضَرِيحِهِ.
فَمَنْ ذَا أَحَقُّ بِهِ مِنِّي حَيّاً وَمَيِّتاً؟ فَانْفُذُوا عَلَى بَصَائِرِكُمْ وَلْتَصْدُقْ نِيَّاتُكُمْ فِي جِهَادِ عَدُوِّكُمْ، فَوَالذِي لاَإِلهَ إِلاَّ هُوإِنِّي لَعَلَى جَادَّةِ الْحَقِّ، وَإِنَّهُمْ لَعَلَى مَزَلَّةِ الْبَاطِلِ. أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّه لِي وَلَكُمْ! (نهج البلاغة (ص ٣١١ - ٣١٢)الخطبة ١٩٧).

يوم فتح مَكَّةَ
(٧٨) أَنَا كتبتُهُ بينَنا وبينَ المُشركينَ.
قال عليه السلام عن كتاب الصلح في الحُدَيْبية: إنّ ذلك الكتاب أَنَا كَتَبْتُهُ بينَنا وبينَ المشركين، واليومَ أكتُبُهُ إلى أبنائهم كما كان رسول اللَّه صلى الله عليه وآله كَتَبَهُ إلى آبائهم شبها ومثلاً، فقال عمرُوبنُ العاصِ: سبحانَ اللَّه، أَتُشبِّهُنابالكُفّار ؟ ونحنُ مسلمون !.
فقال علي عليه السلام: يابنَ النابِغة، ومتى لم تكنْ للكافرينَ وليّاً وللمسلمين عدوّاً ؟!
فقام عمرٌو، وقال: واللَّه، لا يجمعُ بيني وبينَكَ مجلسٌ بعدَ اليوم.
فقال علي عليه السلام: أما - واللَّه - إنّي لأرجُوأنْ يُظهرَ اللَّهُ عليك وعلى أصحابك. (ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (٢:٢٣٣)).
(٧٩) أَنَا صاحبُ فتحِ مكّةَ. (الفضائل لابن شاذان القُمّي(٨٤)).
(٨٠) أَنَا الذي كَسَرْتُ يَغُوثَ ويَعُوقَ ونَسْراً. (الفضائل لابن شاذان القُمّي(٨٤)).
(٨١) أَنَا كاسِرُ اللاّتِ والعُزّى . (الفضائل لابن شاذان القُمّي(٨٤)).
(٨٢) أَنَا الهادمُ هُبَل الأعلى ومَنَوة الثالثةَ الأخرى . (الفضائل لابن شاذان (ص ٨٤)).
(٨٣) أَنَا الذي فقأتُ عَيْنَ الشِرْكِ.
قال عليه السلام: أَنَا قاتِلُ الأَقْرانِ، ومجدّل الشجعان، أَنَا الذي فقأتُ عَيْنَ الشِرْكِ، وفللت عرشه، غير ممتنٍّ على اللَّه بجهادي، ولا مُدِلٍّ إليه بطاعتي، ولكن أحدّثُ بنعمة ربّي. (ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة (٢٠:٢٩٦)).

يوم خَيْبَر
(٧٥) أَنَا صاحِبُ يَوْمِ خَيْبَرٍ. (عُيُون المواعِظِ والحِكَم).
(٧٦) أَنَا قَاتِلُ مَرْحَبٍ. (عُيُون المواعظ والحِكَم).
(٧٧) أَنَا قاتِلُ فُرْسان خَيْبَرٍ. (الفضائل لابن شاذان القُمّي(٨٤)).

يوم الأَحْزابِ
(٧٠) أَنَا ضاربُ ابن عبد وُدٍّ - لعنه اللَّهُ تعالى - يومَ الأحزابِ. (الفضائل لابن شاذان القُمّي(٨٤)).
(٧١) أَنَا أُبارِزُهُ يا رسولَ اللَّه صلى الله عليه وآله.
حَضَرَ عمرُوبنُ عبد وُدٍّ يومَ الخندق - وقد كان شهد بدراً فارْتُثَّ جريحاً - ولم يشهد أحداً، فَحَضَرَ الخندقَ شاهراً سيفه معلماً، مدلّاً بشجاعته وبأسه، وخرج معه ضرارُ بن الخطّاب الفهري، وعكرمة بن أبي جهل، وهبيرة بن أبي وهب، ونوفل بن عبداللَّه بن المغيرة المخزوميّون، فطافُوا بخيولهم على الخندق إصعاداً وانحداراً، يطلبون موضعاً ضيّقاً يعبرونه، حتّى وقفوا على أضيق موضعٍ فيه، في المكان المعروف بالمزار، فأكرهوا خيولهم على العُبُور فَعَبَرَتْ، وصارُوا مع المسلمين على أرضٍ واحدةٍ، ورسول اللَّه صلى الله عليه وآله جالسٌ وأصحابه قيامٌ على رأسه، فتقدّم عمرُوابن عبد وُدٍّ فدعا إلى البراز مراراً، فلم يقُمْ إليه أحدٌ، فلمّا أكثرَ، قام علي عليه السلام فقال: أَنَا أبارِزُهُ يا رسولَ اللَّه، فأمره بالجلوس، وأعاد عمرٌوالنداءَ، والناس سكوتٌ كأنَّ على رؤوسهم الطير، فقال عمرٌو: أيّها الناس، إنّكم تزعُمُون أنّ قتلاكم في الجنة وقتلانا في النار، أفما يُحِبُّ أحدُكم أنْ يقدم على الجنة أويقدم عدوّاً له إلى النار! فلم يقم إليه أحدٌ، فقام علي عليه السلام دفعةً ثانيةً، وقال: أَنَا له يارسول اللَّه، فأمره بالجلوس، فجال عمرٌوبفرسه مقبلاً ومدبراً، وجاءت عُظماء الأحزاب فوقفتْ من وراء الخندق، ومدّتْ أعناقها تنظُرُ، فلمّا رأى عمرٌوأنّ أحداً لا يجيبه، قال:.

ولقد بححتُ من النداءِ بِجَمْعِهم هلْ من مُبارِزْ! ***** ووقفتُ مُذْ جبن المشيع موقفَ القرن المُناجِزْ
إنّي كذلكَ لم أزَلْ مُتسرّعاً قبلَ الهَزاهِزْ ***** إنّ الشجاعةَ في الفَتى والجُودَ من خيرِ الغَرائِزْ

 

فقام علي عليه السلام فقال: يا رسولَ اللَّه، اءْذنْ لي في مُبارَزَتِهِ، فقال: ادْنُ، فدنا فَقَلَّدَهُ سيفَه، وعَمَّمَهُ بعمامته، وقال: امْضِ لشأنكَ، فلمّا انصرف، قال صلى الله عليه وآله: اللهمّ أَعِنْهُ عليه، فلمّا قَرُبَ منهُ، قال له مُجيباً إيّاهُ عن شعره:

لا تَعْجَلَنَّ فَقَدْ أَتَاكَ مُجِيْبُ صَوْتِكَ غَيرَ عاجِزْ ***** ذُونِيَّةٍ وبَصِيْرَةٍ يَرْجُوبِذاكَ نَجاةَ فائِزْ
إِنّي لآملُ أنْ أُقِيمَ عَلَيْكَ نائحةَ الجَنائِزْ***** من ضَرْبةٍ فَوهاءَ يَبْقى ذِكْرُها عِنْدَ الهَزاهِزْ

فقال عمرٌو: مَنْ أنتَ !؟ وكانَ عمرٌوشيْخاً كَبِيراً قد جاوَزَ الثمانينَ، وكانَ نديمَ أبي طالب بن عبدالمطّلِب في الجاهليّة، فانْتَسَبَ علي عليه السلام له: وقالَ: أَنَا عَلِيُّ بنُ أبي طالبٍ، فقال:أجَلْ،لقدكانَ أَبُوكَ نَدِيماً لي وصَدِيقاً، فارجعْ فإنّي لاأُحِبُ أنْ أقتلَكَ [قال ابن أبي الحديد: كانَ شيخُنا أَبُوالخير، مصدّق بن شبيب النحويّ، يقول - إذا مَرَرْنا في القراءة عليه بهذا الموضع -: واللَّه، ما أَمَرَهُ بالرجوع إبْقاءً عليه، بَلْ خَوْفاً منهُ، فقد عَرَفَ قتلاهُ بِبَدْرٍ وأُحُدٍ، وعَلِمَ أنّهُ إنْ نْاهَضَهُ قَتَلَهُ، فاستحيا أنْ يُظْهِرَ الفَشَلَ، فأظْهَرَ الإبْقاءَ والإرْعاءَ، وإنّهُ لكاذِبٌ فيهما].
قالوا: فقال له علي عليه السلام لكنّي أُحِبُّ أنْ أقتلَكَ، فقال: يابنَ أخي، إنّي لأكرهُ أنْ أقتلَ الرجلَ الكريمَ مثلَكَ، فارجعْ وراءَكَ خيرٌ لَكَ، فقال عَلِيٌّ: إنّ قُريشاً تتحدّثُ عنكَ أنّك قلتَ: لايدعُوني أحَدٌ إلى ثلاثٍ إلاّ أجبتُ ولوإلى واحدةٍ منها.
قال: أَجَلْ، فقال علي عليه السلام: فإنّي أدعوكَ إلى الإسلام.
قال: دَعْ عنكَ هذه.
قال: فإنّي أدعوكَ إلى أنْ ترجعَ بِمَنْ تبعكَ من قُريشٍ إلى مَكَّةَ.
قال: إذَنْ تتحدّثُ نِساءُ قُريشٍ عنّي أنَّ غُلاماً خَدَعَني.
قال: فإنّي أدعوكَ إلى البِراز، فحمي عمرٌووقال: ما كنتُ أَظُنُّ أنّ أحَداً من العَرَبِ يرومُها منّي، ثمّ نَزَلَ فَعَقَرَ فَرَسَهُ - وقيل: ضَرَبَ وَجْهَهُ فَفَرَّ - وتجاوَلا، فَثارَتْ لهما غَبْرةٌ وارَتْهما عن العُيُون، إلى أنْ سَمِعَ الناسُ التكبيرَ عالياً من تحت الغبرة، فعلموا أنّ عليّاً قَتَلَهُ، وانْجَلَت الغَبْرَةُ عنهما، وعَلِيٌّ راكبٌ صَدْرَهُ يَحُزُّ رأسه، وَفَرَّ أصحابُهُ ليعبُروا الخندق، فطفرتْ بهم خيلُهم إلاّ نوفل بن عبداللَّه، فإنّه قصر فرسه، فَوَقَعَ في الخندق، فرماهُ المسلمون بالحجارة، فقال: يا معاشرَ الناس، قتلةٌ أكرم من هذه، فَنَزَلَ إليه علي عليه السلام فقتله، وأدركَ الزبيرُ هُبيرةَ بن أبي وهب ؛ فضربه فقطعَ ثفر فرسه وسقطت درعٌ كان حَمَلَها من ورائه، فأخَذَها الزُبيرُ، وألقى عكرمة رُمحه، وناوَشَ عُمر بن الخطاب ضرارَ بن عمرٍو، فَحَمَلَ عليه ضرارٌ حتى إذا وَجَدَ عمرُ مسَّ الرُمح رَفَعَهُ عنه، وقال: إنّها لنعمةٌ مشكورةٌ، فاحفظها يا بنَ الخطّاب، إنّي كنتُ آليتُ ألاّ تُمكنني يداي من قتل قُرشيٍّ فأقتله. وانصرف ضرارٌ راجعاً إلى أصحابه، وقد كان جرى له معه مثلُ هذه في يوم أُحُدٍ. (وقد ذكر هاتين القصّتين مَعَاً محمّدُ بنُ عمر الواقديّ في كتاب المغازي. ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (١٩:٦٢)).
وفي رواية أخرى: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: مَنْ لهذا الكلب ؟ فلم يُجِبْهُ أَحَدٌ ُ فَوَثَبَ إليه أمير المؤمنين صلى الله عليه وآله فقال: أنَا لَهُ يا رسولَ اللَّهِ، فقال: يا عَلِيُّ ؛ هذا عمرُوبنُ عبد وُدٍّ فارس يليل ! فقال: أَنَا عَلِيّ بن أبي طالبٍ، فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: ادْنُ منّي، فدنا منه، فَعَمَّمَهُ بِيَدِهِ، وَدَفَعَ إليه سيفَه « ذا الفقار » وقال له: اذْهَبْ وقاتِلْ بهذا، وقال: اللهمّ احفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوقه ومن تحته، فمرَّ أميرُ المؤمنين عليه السلام يُهَرْوِلُ في مشيِهِ، وهويقول:

لاتعجلنّ فقد أتاك مجيب صوتك غير عاجِزْ ***** ذونيّةٍ وبصيرةٍ والصدقُ منجٍ كلِّ فائِزْ
إنّي لأرجُوأَنْ أُقِيْمَ عليك نائِحَةَ الجنائِزْ ***** من ضربةٍ نَجْلاءَ يبقى صِيْتُها عِنْدَ الهزاهزْ

فقال له عمرٌو: مَنْ أَنْت؟ قال: أَنَا عَلِيّ بن أبي طالب ابن عمّ رسول اللَّه وختنه.
فقال: واللَّهِ، إنَّ أباكَ كانَ لي صَدِيْقاً ونَدِيماً، وإنّي أكرهُ أنْ أقتلكَ. ما أَمِنَ ابنُ عمّكَ حينَ بَعَثَكَ إليَّ أنْ أختطفكَ برُمحي هذا، فأتْرُكَكَ شائلاًبينَ السماء والأرض؟! لا حيّ ولا ميّت ؟! فقال له أميرُ المؤمنين عليه السلام: قد عَلِمَ ابنُ عمّي: أَنَّكَ إنْ قتلتني دخلتُ الجنّةَ، وأنتَ في النار، وإن قتلتكَ فأنتَ في النار وأَنَا في الجنّة.
فقال عمرٌو: كلتاهما لَكَ، يا عَلِيُّ، تِلْكَ إذاً قِسْمةٌ ضِيزَى .
فقال علي عليه السلام: دَعْ هذا، يا عمرُو، إنّي سمعتُ منكَ وأنتَ مُتَعلِّقٌ بأستار الكعبة، تقول: لا يعرضنَّ عليَّ أَحَدٌ في الحرب ثلاثَ خِصالٍ إلاّ أجبتُهُ إلى واحدةٍ منها.
أَنَا أعرضُ إليكَ ثلاثَ خِصالٍ فأجِبْني إلى واحِدةٍ، قال: هاتِ يا عَلِيُّ.
قال: أحدها تشهدُ أن لا إله إلاّ اللَّه، وأنَّ محمّداً رسول اللَّه.
قال: نَحِّ عنّي هذا، فاسأل الثانية.
فقال: أنْ ترجعَ وتردَّ هذا الجيشَ عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله فإنْ يكُ صادقاً فأنتمْ أعلى به عيناً، وإنْ يكُ كاذباً كفتكُم ذُؤبانُ العَرَبِ أَمْرَهُ.
قال: إِذنْ تتحدّثُ نساءُ قُريشٍ وتُنشدُ الشُعراءُ في أشعارها أنّي جبُنتُ ورَجَعْتُ على عقبي من الحرب، وخذلتُ قوماً رأّسُوني عليهم؟
فقال له أميرُ المؤمنين: فالثالثةُ أنْ تنزلَ إلى قتالي فإنّك فارِسٌ وأَنَا راجِلٌ حتى أَنَابِذَكَ، فوَثَبَ عن فَرَسِهِ وعَرْقَبَهُ، وقال: هذه خِصْلَةٌ ما ظَنَنْتُ أنّ أحداً من العَرَبِ يسومُني عليها، ثم بدأ فَضَرَبَ أميرَ المؤمنين بِالسيفَ على رأسه ؛ فاتّقاهُ أميرُ المؤمنين بالدرقة فَقَطَعَها وثَبَتَ السيفُ على رأسه، فقال له علي عليه السلام: يا عمرُو، ما كفاكَ أنّي بارَزْتُكَ وأنتَ فارسُ العَرَبِ حتّى اسْتَعَنْتَ عليَّ بظَهِيرٍ؟ فالتفتَ عمرٌوإلى خلفه فَضَرَبَهُ أميرُ المؤمنين عليه السلام مُسْرِعاً إلى ساقيه فَقَطَعَهُما جَميعاً وارتفعتْ بينهما عَجاجةٌ، فقال المنافقون: قُتِلَ عَلِيُّ بن أبي طالب، ثمّ انكشفت العجاجةُ ونظروا فإذا أميرُ المؤمنين عليه السلام على صدره، قد أَخَذَ بِلحيته يُريد أن يذبحَه، ثم أَخَذَ رأسه، وأقبلَ إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وآله والدِماءُ تسيلُ على رأسه من ضربة عمرٍو، وسيفُه يقطُرُ منه الدمُ، وهويقول والرأس بيده:
أَنَا ابنُ عبد المطّلِب الموتُ خيرٌ للفتى من الهرب
فقال رسولُ اللَّه صلى الله عليه وآله: يا عَلِيُّ ماكَرْتَهُ؟ قال: نعم، يا رسولَ اللَّه، الحربُ خديعةٌ.
وبَعَثَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وآله الزُبيرَ إلى هُبيرة بن وهب، فضربه على رأسه ضربةً فلق هامته وأمر رسول اللَّه صلى الله عليه وآله عمرَ بن الخطّاب أن يُبارز ضرارَ بن الخطّاب، فلمّا بَرَزَ إليه ضرارٌ انتزعَ له عمرُ سهماً فقال له ضرارٌ: ويلكَ يا ابن صهاك، أترميني في مُبارزة - واللَّه - لئن رميتني لا تَرَكْتُ عَدَوِيّاً بمكّةَ إلاّ قتلتُهُ، فانهزمَ عندَ ذلك عمرُ، ومرّ نحوه ضرارٌ وضَرَبَهُ ضرارٌ على رأسه. (نور الثقلين (٤:٢٥٠)).
(٧٢) أَنَا عَلِيّ.
دعا عمرُوبن عبد وُدٍّ المسلمين إلى المُبارزة، فَأَحْجَمَ الناسُ كلُّهم عنه، لما علموا من بأسه وشدّته، ثم كرّر النداء، فقامَ علي عليه السلام فقال: أَنَا أَبْرُزُ إليه، فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وآله عليهم السلام إنّه عمرٌو! قال: نعم، وأنا عَلِيٌّ، فَأَمَرَهُ بالخروج إليه، فلمّا خرج قال صلى الله عليه وآله: بَرَزَ الإيمانُ كُلُّهُ إلى الشِرْكِ كُلِّهِ. (ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة (١٣:٢٦١)).
(٧٣) أَنَا قَاتِلُ عَمْرِوبْنِ عَبْدِ وُدٍّ حِينَ نَكَلُوا عَنْه. (عُيُون المواعظ والحِكَم).
(٧٤) أَنَا قاتلُ عمرٍوومَرْحَبٍ. (الفضائل لابن شاذان القُمّي(٨٤)).

يوم أُحُدٍ
(٦٦) أَنَا مُرْدي الكُماةِ يَوْمَ أُحُدٍ. (الفضائل لابن شاذان القُمّي(٨٤)).
(٦٧) أَنَا آتيكَ بِخَبَرِهم.
عندما تآمرتْ قريشٌ على أن يرجعوا إلى المدينة بعد هزيمتهم من أُحُد، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: مَنْ رجلٌ يأتينا بخبر القوم ؟ فلم يُجبه أَحَدٌ ! فقال علي عليه السلام: (تفسير القمي(١:١٢٤)).
(٦٨) أَنَا قتلتُهُ.
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: مَنْ له علمٌ بنَوْفَل بن خويلد ؟ فقال علي عليه السلام: أنَا قَتَلْتُهُ، فكبّر رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وقال: الحمد للَّه الذي أجاب دعوتي فيه. (شرح نهج البلاغة (١٤:١٤٤)).
(٦٩) أَنَا رأيتُ يا رسول اللَّه صلى الله عليه وآله فارساً يركضُ في أَثَرِهِ حتّى لَحِقَهُ.
قال رسولُ اللَّه صلى الله عليه وآله يوم أحُدٍ: مَنْ لهُ علمٌ بذكوان بن عبد قيس ؟ فقال علي عليه السلام: أنا رأيتُ يا رسول اللَّه فارساً يركضُ في أَثَرِهِ حتّى لَحِقَهُ، وهويقول: لا نجوتُ إن نجوتَ، فحمل عليه فرسه وذكوان راجلٌ، فضربه وهويقول: خُذْها وأنا ابن علاج، فقتله، فأهويتُ إلى الفارس، فضربتُ رجله بالسيف، حتى قطعتُها من نصف الفخذ، ثم طرحتُهُ عن فرسه فدففتُ عليه، وإذا هوأَبُوالحكم بن أخنس بن شريق بن علاج بن عمروبن وهب الثقفي.
قال الواقدي: وقال علي عليه السلام: لمّا كان يوم أُحُدٍ وجال الناسُ تلك الجولة ؛ أقبل أميّة بن أبي حذيفة بن المغيرة، وهودارعٌ مقنّعٌ في الحديد، ما يُرى منه إلاّ عيناه، وهويقول يومٌ بيوم بدرٍ، فيعرض له رجلٌ من المسلمين، فقتله أميّة، قال علي عليه السلام: وأصمُدُ له، فأضربُه بالسيف على هامته، وعليه بيضةٌ، وتحت البيضة مغفرٌ، فنبا سيفي، وكنتُ رجلاً قصيراً، ويضربني بسيفه، فأتّقي بالدرقة، فلحج سيفه، فأضربه، وكانت درعه مشمّرة، فأقطع رجليه، فوقع وجعل يعالج سيفه، حتى خلصه من الدرقة، وجعل يناوشني وهوباركٌ حتى نظرتُ إلى فتقٍ تحت إبطِهِ فاحشّ فيه بالسيف، فمالَ، فماتَ، وانصرفتُ. (ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة (١٤:٢٧٥)).

يوم بَدْرٍ
(٦١)أَنَا قاتلُ الكافرين. (الفضائل لابن شاذان (ص ٨٤). عُيُون المواعظ والحِكَم).
(٦٢) أَنَا قاتلُ الكافرين يوم بَدْرٍ وحُنَيْنٍ. (الفضائل لابن شاذان القُمّي(٨٤)).
(٦٣) أَنَا قاتِلُ الكَفَرَة. (عُيُون المواعظ والحِكَم).
(٦٤) أَنَا صاحِبُ بَدْرٍ وَحُنَيْنٍ. (عُيُون المواعِظِ والحِكَم).
(٦٥) أَنَا مجدّلُ الأبْطالِ، وقاتِلُ الفُرْسانِ، ومُبِيْرُ مَنْ كَفَرَ بِالرحمنِ، وصِهْرُ خَيْرِ آلٍ. (نور الثقلين (٥:٥٩٩)).

التضحيةُ حتّى الهجرة
(٤٥) أَنَا الذي نُمْتُ على فِراش النَبِيّ صلى الله عليه وآله ووقيتُهُ بِنَفسي من المشركين. (الفضائل لابن شاذان القُمّي(٨٤)).
(٤٦) أَنَا فيه.
قال عليه السلام: إنّ قريشاً لم تزلْ تجيلُ الآراء وتعمل الحيلَ في قتل النَبِيّ صلى الله عليه وآله حتّى كان آخر ما اجتمعتْ في ذلك في يوم الدار - دار الندوة - وإبليس الملعون حاضرٌ في صورة أعور ثقيفٍ، فلم تزلْ تضرب أمرها ظهراً وبطناً حتّى اجتمعتْ آراؤها على أن ينتدبَ من كلّ فخذٍ من قريشٍ رجلٌ، ثمّ يأخذُ كلُّ رجلٍ منهم سيفَه ثمّ يأتي النَبِيّ صلى الله عليه وآله وهونائمٌ على فراشه، فيضربونه جميعاً بأسيافهم ضربةَ رجلٍ واحدٍ فيقتلونه، فإذا قتلوهُ منعتْ قريشٌ رجالها ولم تُسلمها، فيمضي دمه هدراً، فهبط جبرئيل عليه السلام على النَبِيّ صلى الله عليه وآله فأنبأَهُ بذلك وأخبره بالليلة التي يجتمعون فيها وأمره بالخروج في الوقت الذي خَرَجَ فيه إلى الغار، فأنبأني رسولُ اللَّه صلى الله عليه وآله بالخبر، وأمرني أن أضطجعَ في مضجعه، وأقيَهُ بنفسي فأسرعتُ إلى ذلك مطيعاً له مسروراً لنفسي أن أقتلَ دونَه، فمضى عليه السلام لوجهه، واضطجعتُ في مضجعه وأقبلتْ رجالٌ من قريشٍ موقنةً في أنفسها بقتلِ النَبِيّ صلى الله عليه وآله فلمّا استووا في البيت الذي أَنَا فيه ناهضتُهم بسيفي فدفعتُهم عن نفسي بما قد علمه اللَّه، واللَّه. ثمّ أقبلَ على أصحابه فقال: أليسَ كذلك ؟ قالوا: بلى ياأميرالمؤمنين. (نور الثقلين (٢:٢١٠)).
(٤٧) أَنَا هو.
وفي احتجاجه عليه السلام على الناس يوم الشورى ، قال: فأنشدكم باللَّه، هلْ فيكم أحدٌ وقى رسول اللَّه صلى الله عليه وآله - حيث جاء المشركون يُريدون قتله فاضطجعتُ في مضجعه وذَهَبَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وآله نحوالغار، وهم يرونَ أنّي أَنَا هو، فقالوا: أينَ ابنُ عمّك ؟ فقلتُ: لا أدري، فضَرَبُوني حتّى كادوا يقتلونني غيري؟ قالوا: اللهمّ، لا. (نور الثقلين (٢:٢١٠)).
(٤٨) أَنَا وَقَيْتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وآله.
وفي احتجاجه عليه السلام على أبي بكر، قال: فأنشدكَ باللَّه، أَنَا وَقَيْتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وآله بنفسي يوم الغار، أمْ أَنْتَ ؟ قال: بلْ أَنْتَ. (نور الثقلين ٢:٢١٠).
في المدينة مع الرسول صلى الله عليه وآله إلى جَنْبِ الرسول صلى الله عليه وآله وسُنّتِه
(٤٩) أَنَا دَمِي دَمُ رَسُولِ اللَّهِ، وَلَحْمِي لَحْمُهُ، وَعَظْمِي عَظْمُهُ، وَعِلْمِي عِلْمُهُ، وَحَرْبِي حَرْبُهُ، وَسِلْمِي سِلْمُهُ، وَأصْلِي أصْلُهُ، وَفَرْعِي فَرْعُهُ، وَنَحْرِي نَحْرُهُ، وَجَدِّي جَدُّه. (عُيُون المواعظ والحِكَم).
(٥٠) أَنَا أَحَبُّكُمْ إليه وأَوْثَقُكُمْ في نَفْسِهِ. (مناقب المغازلي(ص ١١١)ح ١٥٤).
(٥١) أَنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله كَالضَوْءِ مِنَ الضَوْءِ. (عُيُون المواعظ والحِكَم).
(٥٢) أَنَا المُنَفِّسُ عَنْهُ كَرْبَه. (عُيُون المواعظ والحِكَم).
(٥٣) أَنَا صاحب لواء رسول اللَّه صلى الله عليه وآله في الدنيا والآخرة، ورسول اللَّه فرطي. (تفسير نور الثقلين (٥)).
(٥٤) أَنَا آخذٌ له باليمين. (الفضائل لابن شاذان القُمّي(ص ٨٣)).
(٥٥) أَنَا أولى مَن أتّبَعَ أمرَهُ.
قال عليه السلام لمعاوية: وأمّا شقّ عصا هذه الأمّة فأنَا أَحقّ أنْ أَنْهاكَ عنهُ. فأمّا تخويفُك لي من قتل أهل البغي، فإن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله أمرني بقتالهم وقتلهم، وقال لأصحابه: «إنّ فيكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلتُ على تنزيله »وأشار إليَّ، وأَنَا أولى من أتَّبَعَ أَمْرَهُ. (ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (١٤:٤٣)).
(٥٦) أَنَا أعلمُ بها منك.
قال علي عليه السلام للخرّيت السائي: ويحكَ ! هلمَّ إليَّ أُدارسك، وأناظركَ في السُنَنِ، وأفاتحك أموراً من الحقِّ أَنَا أعلم بها منك، فلعلّك تعرف ما أنت الآن له منكر، وتبصر ما أنت الآن عنه عَمٍ وبه جاهلٌ.
فقال الخرّيت: فإنّي غادٍ عليكَ غَداً.
فقال علي عليه السلام: اغْدُ، ولا يستهوينّك الشيطانُ، ولا يتقحمنّ بكَ رأي السوء، ولا يستخفنّك الجهلاءُ الذين لايعلمون، فواللَّه، إنْ استرشدتني واستنصحتني وقبلتَ منّي لأهدينّكَ سبيلَ الرشاد. (ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (٣:١٢٨)).
(٥٧) أَنَا ذَا الْيَوْمَ مُسْمِعُكُمُوهُ.
ومن خطبة له عليه السلام في حقّ الرسول صلى الله عليه وآله: أَرْسَلَهُ عَلَى حِينِ فَتْرَةٍ مِنَ الرُسُلِ، وَطُولِ هَجْعَةٍ مِنَ الاْمَمِ، وَاعْتِزَام مِنَ الْفِتَنِ، وَانْتَشَار مِنَ الاْمُورِ، وَتَلَظٍّ مِنَ الْحُرُوبِ، والدُّنْيَا كَاسِفَةُ النُّورِ، ظَاهِرَةُ الْغُرُورِ، عَلَى حِينِ اصْفِرَار مِنْ وَرَقِهَا، وَإِيَاس مِنْ ثَمَرِهَا، وَاغْوِرَار مِنْ مَائِهَا، قَدْ دَرَسَتْ أعْلامُ الْهُدَى، وَظَهَرَتْ أَعْلاَمُ الرَدَى، فَهِيَ مُتَجَهِّمَةٌ لاَِهْلِهَا، عَابِسَةٌ في وَجْهِ طَالِبِهَا، ثَمَرُهَا الْفِتْنَةُ، وَطَعَامُهَا الْجِيفَةُ، وَشِعَارُهَا الْخَوْفُ، وَدِثَارُهَا السَيْفُ، فَاعْتَبِرُوا عِبَادَ اللَّه، وَاذْكُرُوا تِيك التي آبَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ بِهَا مُرْتَهَنُونَ، وَعَلَيْهَا مُحَاسَبُونَ.
وَلَعَمْرِي مَا تَقَادَمَتْ بِكُمْ وَلاَ بِهِمُ الْعُهُودُ، وَلاَ خَلَتْ فِي ما بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمُ الأَحْقَابُ وَالْقُرُونُ، وَمَا أَنْتُمُ الْيَوْمَ مِنْ يَوْمِ كُنْتُمْ في أَصْلابِهِمْ بِبَعِيد.
واللَّه، مَا أَسْمَعَكُمُ الرَسُولُ شَيْئاً إِلاَّ وَهَا أَنَا ذَا الْيَوْمَ مُسْمِعُكُمُوهُ، وَمَا أَسْمَاعُكُمُ الْيَوْمَ بِدُونِ أَسْمَاعِكُمْ بِالاَْمْسِ، وَلاَ شُقَّتْ لَهُمُ الْأَبصَارُ، وَجُعِلَتْ لَهُمُ الْأَفْئِدَةُ في ذلك الاْوَانِ، إِلاَّ وَقَدْ أُعْطِيتُمْ مِثْلَهَا في هذَا الزَمَانِ.
وواللَّه، مَا بُصِّرْتُمْ بَعْدَهُمْ شَيْئاً جَهِلُوهُ، وَلاَ أُصْفِيتُمْ بِهِ وَحُرِمُوهُ، وَلَقَدْ نَزَلَتْ بِكُمُ الْبَلِيَّةُ جَائِلاً خِطَامُهَا، رِخْواً بِطَانُهَا، فَلاَ يَغُرَّنَّكُمْ مَا أَصْبَحَ فِيهِ أَهْلُ الْغُرُورِ، فَإِنَّمَا هَوظِلٌّ مَمْدُودٌ، إِلَى أَجَل مَعْدُود. (نهج البلاغة (ص ١٢١- ١٢٢) الخطبة ٨٨).
(٥٨) أَنَا مُحْيِي السُنَّةِ وَمُمِيتُ البِدْعَة. (عُيُون المواعظ والحِكَم).
(٥٩) أَنَا (إنْ) لم آخُذْ بما أَخَذَ بِهِ خِفْتُ ألاّ ألْحَقَ بِهِ.
عن عقبة، قال: دخلت على علي عليه السلام فإذا بين يديه لَبَنٌ حامِضٌ، آذَتْني حُمُوضته، وكسر يابسة، فقلتُ: يا أمير المؤمنين، أتأكلُ مثل هذا؟!
فقال لي: يا أبا الجنوب، كان رسول اللَّه صلى الله عليه وآله يأكل أيبسَ من هذا، ويلبس أخشنَ من هذا - وأشار إلى ثيابه - فإنْ أَنَا لم آخُذْ بِما أَخَذَ بِهِ خِفْتُ ألاّ أَلْحَقَ بِهِ.
وروى قال: دخلتُ على علي عليه السلام بالكوفة، فإذا بين يديه قعب لبَنَ أَجِدُ ريحَه من شدّة حُمُوضته، وفي يده رغيفٌ تُرى قِشارُ الشعير على وجهه، وهويكسرهُ، ويستعينُ أحياناً برُكبته، وإذا جاريتُهُ فِضّةٌ قائمةٌ على رأسه، فقلتُ: يا فِضَّة، أما تتّقون اللَّه في هذا الشيخ ! ألا نخلتم دقيقه ؟ فقالت: إنّا نكرهُ أن نُؤجَرَ ويَأثَمَ، نحنُ قد أَخَذَ علينا ألاّ ننخلَ له دقيقاً ما صحبناهُ.
قال: - وعلي عليه السلام لا يسمع ما تقول - فالتفتَ إليها فقال: ما تقولين ؟ قالت: سله، فقال لي: ما قلتَ لها ؟ فقلتُ: إنّي قلتُ لها: لونخلتم دقيقه !
فبكى ، ثمّ قال: بأبي وأمي مَنْ لم يشبعْ ثلاثاً متواليةً من خبزِ بُرٍّ حتّى فارقَ الدنيا، ولم ينخلْ دقيقه، - قال: يعني رسول اللَّه صلى الله عليه وآله - . (ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة (٢:٢٠١)).
(٦٠) أَنَا أقاتِلُ بِهِ دُونَهُ صلى الله عليه وآله.
قال عليه السلام: يااللَّه، يارحمن، يارحيم، ياواحد، يا أحد، ياصمد، يا اللَّه، يا إله محمّد، اللهمّ إليك نقلت الأقدام، وأفضت القلوب، ورفعت الأيدي، ومدّت الأعناق، وشخصت الأبصار، وطلبت الحوائج ! اللهمّ إِنَّا نشكوإليك غيبة نبيّنا، وكثرة عدوّنا، وتشتت أهوائنا، ربّنا افتح بيننا وبين قومنا بالحقّ، وأنت خير الفاتحين. سيروا على بركة اللَّه. ثمّ نادى: لا إله إلا اللَّه، واللَّه أكبر، كلمة التقوى .
قال الراوي: فلا، والذي بعث محمّداً بالحقّ نبيّاً، ما سمعنا رئيسَ قومٍ منذ خلق اللَّه السموات والأرض، أصاب بيده في يومٍ واحدٍ ما أصاب، إنّه قتلَ في ما ذكر العادّون زيادةً على خمسمائة من أعلام العرب، يخرجُ بسيفه منحنياً، فيقول: معذرةً إليّ وإليكم من هذا. لقد هممتُ أن أفلقه، ولكن يحجزني عنه أني سمعتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله يقول: « لا سيفَ إلا ذوالفَقار ولا فتى إلا عليّ» وأنَا أقاتلُ بِهِ دُونَه صلى الله عليه وآله.
قال: فكنّا نأخذُهُ فنقوّمُهُ، ثمّ يتناوَلُه من أيدينا فيقتحمَ به في عرض الصفّ، فلا - واللَّه - ما ليث بأشدّ نكايةً منه في عدوّه عليه السلام. (شرح نهج البلاغة(٢:٢١١)).

يوم الدار
(٣٧) أَنَا يا رسول اللَّه أكون وزيرك.
قال عليه السلام: لمّا أنزلت هذه الآية: «وأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ »[سورة الشعراء ٢٦: ٢١٤] على رسول اللَّه صلى الله عليه وآله دعاني، فقال: يا عَلِيّ، إنّ اللَّه أمرني أنْ: «أَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ »فضِقْتُ بذلك ذَرْعاً، وعلمتُ أني متى أنادهم بهذا الأمر أرَ منهم ما أكره، فصمت حتى جاءني جبريل عليه السلام فقال: يا محمّد، إنّك إنْ لم تفعلْ ما أمرتَ به يعذّبك ربّك!
فاصنعْ لنا صاعاً من طعامٍ، واجعلْ عليه رجلَ شاةٍ، واملأ لنا عسّاً من لبنٍ، ثمّ اجمعْ بني عبد المطّلب حتّى أكلّمهم وأبلّغهم ما أمرتُ به.
ففعلتُ ما أمرني به، ثمّ دعوتُهم وهُم يومئذٍ أربعون رجلاً، يزيدون رجلاً أوينقصونه، وفيهم أعمامه أَبُوطالب، وحمزة، والعبّاس، وأَبُولهب، فلمّا اجتمعوا إليه دعا بالطعام الذي صنعتُ لهم، فجئتُ به، فلمّا وضعتُه تناول رسول اللَّه صلى الله عليه وآله بضعةً من اللحم فشقّها بأسنانه، ثمّ ألقاها في نواحي الصحفة، ثمّ قال: كُلُوا باسم اللَّه، فأكلوا حتّى ما لهم إلى شيٍ من حاجةٍ، وايم اللَّه الذي نفس عَلِيٍّ بيده إن كان الرجلُ الواحدُ منهم ليأكلُ ما قدّمته لجميعهم، ثمّ قال: اسقِ القومَ ياعَلِيُّ، فجئتُهم بذلك العُسّ فشربوا منه، حتى رَوَوا جميعاً، وايم اللَّه إن كان الرجل منهم ليشرب مثله، فلمّا أراد رسول اللَّه صلى الله عليه وآله أن يكلّمهم بدره أَبُولهب إلى الكلام، فقال: لشدّما سَحَرَكم صاحبُكم فتفرّق القوم، ولم يكلّمهم رسول اللَّه صلى الله عليه وآله فقال من الغَدِ: يا عَلِيُّ، إنّ هذا الرجل قد سبقني إلى ما سمعتَ من القول، فتفرّق القوم قبل أن أكلّمهم، فعُدْ لنا اليوم إلى مثل ما صنعتَ بالأمس، ثمّ اجمعهم لي، ففعلتُ ثمّ جمعتُهم، ثمّ دعاني بالطعام، فقرّبتُه لهم، ففعل كما بالأمس، فأكلوا حتى مالهم بشيٍ حاجةٌ، ثمّ قال: اسقهم، فجئتُهم بذلك العُسّ، فشربوا منه جميعاً، حتى رووا، ثم تكلّم رسول اللَّه صلى الله عليه وآله فقال: يا بني عبد المطّلب، إنّي - واللَّه - ما أعلم أنّ شابّاً في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتُكم به، إني قد جئتُكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني اللَّه أن أدعوكم إليه، فأيّكم يُوازرني على هذا الأمر، على أن يكون أخي ووصيّي وخليفتي فيكم ؟ فأحجم القومُ عنها جميعاً، وقلتُ أَنَا - وإنّي لأحدثُهم سِنّاً وأرمصهم عيناً، وأعظمهم بطناً، وأحمشهم ساقاً - : أَنَا يا رسول اللَّه أكونُ وزيرك عليه، فأعاد القول، فأمسكوا وأعدتُ ما قلتُ، فأخذ برقبتي، ثم قال لهم: هذا أخي ووصيّي وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا.
فقام القوم يضحكون، ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمعَ لابنك وتطيعَ. (ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة (١٣:٢١٠-٢١١)).
(٣٨) أَنَا.
إنّ رجلاً قال لِعلي عليه السلام: يا أمير المؤمنين، بما ورثتَ ابنَ عمّك ؟
فقال عليه السلام: يا معشرَ الناس، افتحوا آذانكم واسمعوا،..: جَمَعَ رَسُوْلُ اللَّه صلى الله عليه وآله بَنِي عَبْدِ المُطّلبْ في بَيْتِ رَجَلٍ مِنّا - أَوقال: في بَيْتٍ أَكْبَرنا - فَدَعا بُمدٍّ وَنِصْفٍ مِنْ طَعَامٍ وَقَدَحٍ لَه يُقالُ لَهُ الغُمَرُ، فَأَكَلْنا وَشَرَبْنا، وَبَقِيَ الطّعَامُ كَما هُووالشَرابُ كَما هُوَ، وَفِيْنا مَنْ يَأْكُلُ الجَذَعَةَ وَيَشْرَبُ الفَرَقَ، فَقالَ رَسُوْلُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله: إنَّكُمْ قَدْ تَرَوْنَ هذِه الآيَةَ، فَأَيُّكُمْ يُبايِعُنِي عَلى أَنَّهُ أَخِي وَوارِثي وَوَصيّي ؟
فَلَمْ يَقُمْ إِلَيْهِ أَحَدٌ، فَقُمْتُ إِلَيْهِ - وَكُنْتُ أَصْغَرَ القَوْمِ - وَقُلْتُ: أَنَا.
قالَ: اجْلسِ، ثُمَّ قالَ ذلك ثَلاثَ مَرّاتٍ، كُلُّ ذلك أَقُوْمُ إِلَيْهِ فيَقُوْلُ: اجْلِسْ، حَتّى كانَ في الثالِثَةَ، فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلى يَدِيَ.
فَبِذلك وَرِثْتُ ابْنَ عَمِّي دُوْنَ عَمِّي. (علل الشرائع (١:١٧٠) وتاريخ الطبري (٢ :٣٢١) باب «أَوَّلُ من أسلم من الرجال...» وروى نحوه ابن حنبل في مسند علي عليه السلام برقم (١٣٧٢) من المسند: (٢:٣٥٢) والضياء المقدسي في المختارة:(٢:٧١)أَوَّلُ مسندعلي عليه السلام الحديث: (٧٣٤) والنسائي في الحديث: (٦٦) من كتابه خصائص علي عليه السلام (ص ١٣٣) كمارواه أيضاً في السنن الكبرى ).
(٣٩) أَنَا وَضَعْتُ في الصِغَرِ بَكَلاَكِلِ الْعَرَبِ، وَكَسَرْتُ نَوَاجِمَ قُرُونِ رَبِيعَةَ وَمُضَرَ.
ثمّ قال صلى الله عليه وآله: وَقَدْ عَلِمْتُمْ مَوْضِعِي مِنْ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وآله بِالْقَرَابَةِ الْقَرِيبَةِ، وَالْمَنْزِلَةِ الْخَصِيصَةِ: وَضَعَنِي في حِجْرِهِ وأَنَا وليدٌ، يَضُمُّنِي إِلَى صَدْرِهِ، وَيَكْنُفُنِي في فِرَاشِهِ، وَيُمِسُّنِي جَسَدَهُ، وَيُشِمُّنِي عَرْفَهُ، وَكَانَ يَمْضَغُ الشي ء ثُمَّ يُلْقِمُنِيهِ، وَمَا وَجَدَ لِي كِذْبَةً في قَوْلٍ، وَلاَ خَطْلَةً في فِعْلٍ.
وَلَقَدْ قَرَنَ اللَّه تَعَالَى بِهِ صلى الله عليه وآله مِنْ لَدُنْ أَنْ كَانَ فَطِيماً أَعْظَمَ مَلَك مِنْ مَلاَئِكَتِهِ يَسْلُك بِهِ طَرِيقَ الْمَكَارِمِ، وَمَحَاسِنَ أَخْلاَقِ الْعَالَمِ، لَيْلَهُ وَنَهَارَهُ، وَلَقَدْ كُنْتُ أَتْبَعُهُ اتِّبَاعَ الْفَصِيلِ أَثَرَ أُمِّهِ، يَرْفَعُ لي في كُلِّ يَوْم عَلَماً مِنْ أخْلاقِهِ، وَيَأْمُرُني بِالاقْتِدَاءِ بِهِ.
وَلَقَدْ كَانَ يُجَاوِرُ في كُلِّ سَنَة بِحِرَاءَ، فَأَرَاهُ وَلاَ يَرَاهُ غَيْرِي.
وَلَمْ يَجْمَعْ بَيْتٌ وَاحِدٌ يَوْمَئِذٍ في الْإِسْلاَمِ غَيْرَ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وآله وَخَدِيجَةَ وَأَنَا ثَالِثُهُمَا، أَرَى نُورَ الْوَحْيِ وَالرِسَالَةِ، وَأَشُمُّ رِيحَ النُبُوَّةِ.
وَلَقَدْ سَمِعْتُ رَنَّةَ الشيْطَانِ حِينَ نَزَلَ الْوَحْيُ عَلَيْهِ صلى الله عليه وآله فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّه مَا هذِهِ الرنَّةُ؟ فَقَالَ: هذَا الشيْطَانُ قَدْ أَيِسَ مِنْ عِبَادَتِهِ، إِنَّك تَسْمَعُ مَا أَسْمَعُ، وَتَرَى مَا أَرَى، إِلاَّ أَنَّك لَسْتَ بِنَبِيٍّ، وَلكِنَّكَ وَزِيرٌ، وَإِنَّكَ لَعَلَى خَيْر. (نهج البلاغة (ص ٣٠٠- ٣٠١)من الخطبة ١٩٢ وتسمىّ القاصعة).
(٤٠) أَنَا أَوَّلُ المؤمنين باللَّه. (شرح نهج البلاغة(٦:١٣٢)).
(٤١) أَنَا (قلت) لاَ إِلهَ إِلاَّ اللَّه .
وقال عليه السلام في ذكر هذه المعجزة: وَلَقَدْ كُنْتُ مَعَهُ صلى الله عليه وآله لَمَّا أَتاهُ المَلاَ مِنْ قُريْش، فَقَالُوا لَهُ: يَا مُحُمَّدُ، إِنَّكَ قَدِ ادَّعْيْتَ عَظِيماً لَمْ يَدَّعِهِ آبَاؤُك وَلاَ أحَدٌ مِن بَيْتِكَ، وَنَحْنُ نَسَأَلك أَمْراً إِنْ أَجَبْتَنَا إِلَيْهِ وَأَرَيْتَنَاهُ عَلِمْنَا أَنَّك نِبِيٌّ وَرَسُولٌ، وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ عَلِمْنَا أَنَّك سَاحِرٌ كَذَّابٌ. فَقَالَ صلى الله عليه وآله لهم: وَمَا تَسْأَلُونَ؟.
قَالُوا: تَدْعُولَنَا هذِهِ الشَجَرَةَ حَتَّى تَنْقَلِعَ بِعُرُوقِهَا وَتَقِفَ بَيْنَ يَدَيكَ.
فَقَالَ صلى الله عليه وآله: إِنَّ اللَّه عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ، فإِنْ فَعَلَ اللَّهُ ذلكَ لَكُمْ، أَتُؤْمِنُونَ وَتَشْهَدُونَ بِالْحَقِّ ؟. قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: فَإِنِّي سَأُرِيكُمْ مَا تَطْلُبُونَ، وإِنِّي لأََعْلَمُ أَنَّكُمْ لاَ تَفِيئُونَ إِلَى خَيْر، وَإِنَّ فِيكُمْ مَنْ يُطْرَحُ في الْقَلِيبِ، وَمَنْ يُحَزِّبُ الاْحْزَابَ.
ثُمَّ قَالَ: يَا أَيَّتُهَا الشَجَرَةُ إِنْ كُنْتِ تُؤمِنِينَ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ، وَتَعْلَمِينَ أَنِّي رَسُولُ اللَّه، فَانْقَلِعِي بعُرُوقِكِ حَتَّى تَقِفِي بَيْنَ يَدَيَّ بِإِذْنِ اللَّه.
فَوَالذي بَعَثَهُ بِالحَقِّ نَبِيّاً؛ لاَنْقَلَعَتْ بِعُرُوقِهَا، وَجَاءَتْ وَلَهَا دَوِىٌّ شَدِيدٌ، وَقَصْفٌ كَقَصْفِ أَجْنِحَةِ الطَيْرِ، حَتَّى وَقَفَتْ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وآله مُرَفْرِفَةً، وَأَلْقَتْ بِغُصْنِهَا الأَعْلَى عَلَى رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وآله وَبِبَعْضِ أَغْصَانِهَا عَلَى مِنْكَبِي، وَكُنْتُ عَنْ يَمِينِهِ عليه السلام .
فَلَمَّا نَظَرَ القَوْمُ إِلَى ذلك ؛ قَالُوا - عُلُوّاً وَاسْتِكْبَاراً -: فَمُرْهَا فَلْيَأْتِكَ نِصْفُهَا وَيَبْقَى نِصْفُهَا.
فَأَمَرَهَا بِذلكَ، فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ نِصْفُهَا كَأَعْجَبِ إِقْبَالٍ وَأَشَدِّه دَوِيّاً، فَكَادَتْ تَلْتَفُّ بِرَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وآله فَقَالُوا - كُفْراً وَعُتُوّاً -: فَمُرْ هذَا النِصْفَ فَلْيَرْجِعْ إِلَى نِصْفِهِ كَمَا كَانَ.
فَأَمَرَهُ فَرَجَعَ. فَقُلْتُ أنَا: لاَ إِلهَ إِلاَّ اللَّه، إنّي أَوَّلُ مْؤْمِن بِكَ يَا رَسُولَ اللَّه، وَأَوَّلُ مَنْ آمَنَ بَأَنَّ الشَجَرَةَ فَعَلَتْ مَا فَعَلَتْ بِأَمْرِ اللَّه تَصْدِيقاً لِنُبُوَّتِكَ، وإِجْلاَلاً لِكَلِمَتِكَ.
فَقَالَ القَوْمُ كُلُّهُمْ: بَلْ سَاحِرٌ كَذَّابٌ، عَجِيبُ السِحْرِ خَفِيفٌ فِيهِ، وَهَلْ يُصَدِّقُك في أَمْرِك إِلاَّ مِثْلُ هذَا! يَعْنُونَنِي.
وَإنّي لَمِنْ قَوْم لاَتَأخُذُهُمْ في اللَّه لَوْمَةُ لاَئِم، سِيَماهُمْ سِيَما الصِدِّيقِينَ، وَكَلاَمُهُمْ كَلاَمُ الاْبْرَارِ، عُمَّارُ الليْلِ، وَمَنَارُ النهَارِ، مُتَمَسِّكُونَ بِحَبْلِ القُرْآنِ، يُحْيُونَ سُنَنَ اللَّه وسُنَنَ رَسُولِهِ، لاَ يَسْتَكْبِرُونَ وَلاَيَعْلُونَ، وَلاَيَغُلُّونَ ، وَلاَ يُفْسِدُونَ، قُلُوبُهُمْ في الْجِنَانِ، وَأَجْسَادُهُمْ في العَمَلِ!. (نهج البلاغة (ص ٣٠١ - ٣٠٢) الخطبة ١٩٢ وتسمىّ القاصعة وشرح نهج البلاغة (٦:١٣٢)).

في خدمة النَبِيّ صلى الله عليه وآله
(٤٢) أَنَا أَوَّلُ مَنْ صَدَّقَهُ.
ومن كلام له عليه السلام قاله بعد وقعة النهروان : فَقُمْتُ بِالاْمْرِ حِينَ فَشِلُوا، وَتَطَلَّعْتُ حِينَ تَعْتَعُوا، وَمَضَيْتُ بِنُورِ اللَّه حِينَ وَقَفُوا، وَكُنْتُ أَخْفَضَهُمْ صَوْتاً، وَأَعْلاَهُمْ فَوْتاً، فَطِرْتُ بِعِنَانِهَا، وَاسْتَبْدَدْتُ بِرِهَانِهَا، كَالْجَبَلِ لاَ تُحَرِّكُهُ الْقَوَاصِفُ، وَلاَ تُزِيلُهُ الْعَوَاصِفُ. لَمْ يَكُنْ لاِحَد فيَّ مَهْمَزٌ، وَلاَ لِقَائِل فيَّ مَغْمَزٌ، الذَّلِيلُ عِنْدِي عَزِيزٌ حَتَّى آخُذَ الْحَقَّ لَهُ، وَالْقَوِىُّ عِنْدِي ضَعِيفٌ حَتَّى آخُذَ الْحَقَّ مَنْهُ، رَضِينَا عَنِ اللَّه قَضَاءَهُ، وَسَلَّمْنَا له أَمْرَهُ. أَتَرَاني أَكْذِبُ عَلَى رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وآله؟ وَاللَّه لأَنَا أَوَّلُ مَنْ صَدَّقَهُ فَلاَ أَكُونُ أَوَّلَ مَنْ كَذَبَ عَلَيْهِ. فَنَظَرْتُ في أَمْرِي، فَإِذَا طَاعَتِي قَدْ سَبَقَتْ بَيْعَتِي، وَإِذَا الميِثَاقُ في عُنُقِي لِغَيْرِي. (نهج البلاغة (ص ٨١) من الخطبة ٣٧).
ومن كلام له عليه السلام في ذم أَهل العراق ، أَمَّا بَعْدُ يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ، فَإِنَّمَا أَنْتُمْ كَالْمَرْأَةِ الْحَامِلِ، حَمَلَتْ فَلَمَّا أَتَمَّتْ أَمْلَصَتْ، وَمَاتَ قَيِّمُهَا، وَطَالَ تَأَيُّمُهَا، وَوَرِثَهَا أَبْعَدُهَا. أَمَا وَاللَّه مَا أَتَيْتُكُمُ اخْتِيَاراً، وَلكِنْ جَئْتُ إِلَيْكُمْ سَوْقاً، وَلَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّكُمْ تَقُولُونَ: [عَليٌّ ]يَكْذِبُ، قَاتَلَكُمُ اللَّه! فَعَلَى مَنْ أَكْذِبُ؟ أَعَلَى اللَّه ؟ فَأَنَا أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِهِ! أَمْ عَلَى نَبِيِّهِ؟ فَأَنَا أَوَّلُ مَنْ صَدَّقَهُ! كَلاَّ وَاللَّه، ولكِنَّهَا لَهْجَةٌ غِبْتُمْ عَنْهَا، وَلَمْ تَكُونُوا مِنْ أَهْلِهَا، وَيْلُ أُمِّهِ ، كَيْلاً بِغَيْرِ ثَمَن! لَوكَانَ لَهُ وِعَاءٌ، {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِين }. (نهج البلاغة (ص ١٠٠) من الخطبة ٧١).
(٤٢) أَنَا عَبْدٌ من عَبِيْدِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله.
جاء حبرٌ من الأحبار إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال: يا أمير المؤمنين، متى كان ربّك؟ فقال عليه السلام: ثَكَلَتْكَ أُمّك، ومتى لم يكن ؟ حتى يقال: «مَتى كانَ؟» كانَ ربَّي قَبْلَ القَبْلِ بِلاقَبْلٍ، وَبَعْدَ البَعْدِ بِلابَعْدٍ وَلاغايَةٍ، وَلامُنْتَهى لِغايَتِهِ؛ اِنْقَطَعَتِ الغاياتُ عِنْدَهُ فَهُومُنْتَهى كُلِّ غايَةٍ.
فقال: يا أمير المؤمنين، أفنبِيٌّ أنتَ ؟
فقال عليه السلام: ويلكَ إنّما أَنَا عَبْدٌ من عَبِيْدِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله. (رواه الكلينيّ في الكافي (١:٨٩) ورواه الصدوق في التوحيد (ص ١٧٤وص ١٠٩) وانظر (ص ١٧٤ - ١٧٥)).
(٤٣) أَنَا الذي قاتلتُ الكافرين في سبيل اللَّه. (الفضائل لابن شاذان القُمّي(٨٤)).
(٤٤) أَنَا الباذلُ مُهجتي في دين اللَّه. (عُيُون المواعظ والحِكَم).

السبق بالإيمان
(٣١) أَنَا أَوَّلُ رجلٍ صَلّى مَعَ النَبِيّ صلى الله عليه وآله . (كنز العمال (١٣:١٢٤)ح ٣٦٣٩٦).
(٣٢) أَنَا أَوَّلُ المسلمين إسلاماً. (عُيُون المواعظ والحِكَم).
(٣٣) أَنَا أَوَّلُ مَنْ بايعَ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وآله تَحْتَ الشَجَرَة. في قوله تعالى: { . . .لَّقَدْ رَضِىَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشجَرَةِ...}. (تفسير على بن ابراهيم).
(٣٤) أَنَا أَوَّلُ مَنْ صَلّى مَعَ الرسولِ صلى الله عليه وآله . (الجوهرة للتلمساني (ص ٧)).
(٣٥) أَنَا أَوَّلُ مَنْ صَلّى مَعَ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وآله . (أنساب الأشراف(٢:٣٤٦)).
(٣٦) أَنَا أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بالوعيدِ من ذُكُورِ هذهِ الأمّة. (شواهد التنزيل (١:٣٢٨)).
من ذلك قوله عليه السلام إِنّي أَوَّلُ مَنْ أَنَابَ.
ومن كلام له عليه السلام: أَيَّتُهَا النُّفُوسُ الْمخْتَلِفَةُ، وَالْقُلُوبُ الْمُتَشَتِّتَةُ، الشاهِدَةُ أَبْدَانُهُمْ، وَالْغَائِبَةُ عَنْهُمْ عُقُولُهُمْ، أَظْأَرُكُمْ عَلَى الْحَقِّ وَأَنْتُمْ تَنْفِرُونَ عَنْهُ نُفُورَ الْمِعْزَى مِنْ وَعْوَعَةِ الاْسَدِ! هَيْهَاتَ أَنْ أَطْلَعَ بِكُمْ سَرَارَ الْعَدْلِ، أَوأُقِيمَ اعْوِجَاجِ الْحَقِّ.
اللَّهُمَّ إِنَّك تَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنِ الذي كَانَ مِنَّا مُنَافَسَةً في سُلْطَان، وَلاَ الْتمَاسَ شِي ءٍ مِنْ فُضُولِ الْحُطَامِ، وَلكِنْ لِنَرِدَ الْمَعَالِمَ مِنْ دِينِكَ، وَنُظْهِرَ الاْصْلاَحَ في بِلاَدِكَ، فَيَأْمَنَ الْمَظْلُومُونَ مِنْ عِبَادِكَ، وَتُقَامَ الْمُعَطَّلَةُ مِنْ حُدُودِكَ.
اللَّهُمْ إِنّي أَوَّلُ مَنْ أَنَابَ، وَسَمِعَ وَأَجَابَ، لَمْ يَسْبِقْنِي إِلاَّ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وآله بِالصَلاَةِ. وقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّهُ لاَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى الْفُرُوجِ وَالدِمَاءِ وَالمَغَانِمِ وَالأَحْكَامِ وَإِمَامَةِ الْمُسْلِمِينَ: الْبَخِيلُ ؛ فَتَكُونَ في أَمْوَالِهِمْ نَهْمَتُهُ، وَلاَ الْجَاهِلُ ؛ فَيُضِلَّهُمْ بِجَهْلِهِ، وَلاَ الْجَافي ؛ فَيَقْطَعَهُمْ بِجَفَائِهِ، وَلاَ الجَائِفُ لِلدُّوَلِ ؛ فَيَتَّخِذَ قَوْماً دُونَ قَوْم، وَلاَ الْمُرْتَشِي في الْحُكْمِ ؛ فَيَذْهَبَ بِالْحُقُوقِ وَيَقِفَ بِهَا دُونَ المَقَاطِعِ، وَلاَ الْمَعطِّلُ لِلسُّنَّةِ ؛ فَيُهْلِك الأُمَّةَ. (نهج البلاغة (ص ١٨٨- ١٨٩) الخطبة ١٣١).

يتبع ......

****************************