وقال (عليه السلام): خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ .                
وقال (عليه السلام): رُبَّ مَفْتُون بِحُسْنِ الْقَوْلِ فِيهِ.                
وقال (عليه السلام): إِذَا أَقْبَلَتِ الدُّنْيَا عَلَى أحَد أَعَارَتْهُ مَحَاسِنَ غَيْرِهِ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ عَنْهُ سَلَبَتْهُ مَحَاسِنَ نَفْسِهِ .                
وقال (عليه السلام) : هَلَكَ فِي رَجُلاَنِ: مُحِبٌّ غَال ، وَمُبْغِضٌ قَال .                
وقال (عليه السلام): زُهْدُكَ فِي رَاغِب فِيكَ نُقْصَانُ حَظّ، وَرَغْبَتُكَ فِي زَاهِد فِيكَ ذُلُّ نَفْس.                
وقال (عليه السلام): مَنْ كَرُمَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ هَانَتْ عَلَيْهِ شَهْوَتُهُ.                
وقال (عليه السلام): إِذَا قَدَرْتَ عَلَى عَدُوِّكَ فَاجْعَلِ الْعَفْوَ عَنْهُ شُكْراً لِلْقُدْرَةِ عَلَيْهِ .                

Search form

إرسال الی صدیق
في رحاب نهج البلاغة (التّاريخ في مجال السّياسة) – الرابع

إسلام الموسوي

وقال عليه السّلام :
«..فاُقسِمُ ثُمَّ اُقسِمُ لتنخمنَّها اُميَّةُ من بعدِي كما تُلفظُ النُّخامةُ [١]، ثُمَّ لا تذُوقُها ولا تطعمُ بِطعمِها أبداً ما كرَّ الجديدان [٢]» [٣].
وهكذا يرى الإمام ببصيرته الّتي تضيء آفاق المستقبل الملفّح في ظلمات الزّمان إلا في حركة التاريخ الهادرة، والقوى السّياسيّة الّتي يحبل بها المجتمع في الحاضر وسيلدها في الآتي من الأيّام، لتحرم الفتنة من لذّات انتصارها، وتتراجع إلى مواقع الدّفاع عن نفسها، وتبدل القوى الحاكمة بقوى جديدة، عادلة أو ظالمة.
٥ - الثّورة
الفتنة تنمو، ويتسع سلطانها، ويزيد شيئاً فشيئاً عدد السّاخطين عليها: من أبنائها الذين نبذتهم بعد أن استغنت عنه، ومن الصّفوة الذين قامت في أساسها ضدهم، ومن أولئك الذين لم يكن يعنيهم الإمر في شيء، ولكنَّهم اكتشفوا - بعد انتصار الفتنة التي لم يحاربوها أوّل الإمر - أنهم قد غدوا من ضحاياها ... هؤلاء جميعاً الّذين تجملهم كلمة أمير المؤمنين في تصويره لمعاناة الناس من الفتنة بقوله:
« ...وحتَّى يقومَ الباكِيان يَبكِيان: بَاك يَبكي لِدِينِه، وبَاك يَبكِي لِدُنياهُ » [٤].
ويرى هؤلاء جميعاً أن النظام ، نظام الفتنة، ظالم. وكل فريق يرى ظلم هذا النظام من منظوره الخاص:
بعضهم يرى ظلم النطام من منظوره النفعي الخاص ، أو الفئوي ، أو القبلي، دون أن يبالي بانتهاك الثورة لحقوق أشخاص آخرين أو فئات أخرى ، ودون أن يبالي بتجاوز النظام للشريعة وتعطيل دور الأمة الرّسالي في العالم ، وتحويلها إلى فئات محتربة متخاصمة فقدت وحدتها الداخلية .
وبعضهم الآخر يرى ظلم النّظام من منظور رسالي وشرعي يتجاوز مصالحه الشّخصية ومصالح فئته وقبيلته.
كلّ الفئات السّاخطة على النّظام ترى ظلم هذا النّظام... هذا الظّلم الّذي هو حصيلة التّعارض بين القانون كما يراه كلّ فريق من منظوره الخاص وبين سياسة الدّولة.
وتتأهب كلّ فئة - بوسائلها الخاصّة - للعمل من أجل تصحيح الوضع القائم برفع التعارض بين الواقع السّياسي للدّولة وبين القانون، بإرغام الدّولة على أن تعود في سياستها إلى القانون، أو بتغيير الفئة الحاكمة نفسها.
والوسيلة إلى إنجاز عملية التّصحيح هذه هي الثّورة.
إذن، عملية الإحتجاج بالعنف على واقع نظام الفتنة وممارساته قد تكون ثورة عادلة، وقد تكون أزمة في داخل الفتنة نفسها. نعني: فتنة جديدة تولّد من فشل الفتنة الحاكمة في إرضاء قوى سياسيّة في المجتمع تحمل نفس المفاهيم الّتي تحملها الفتنة الحاكمة [٥].
إن الإحتجاج بالعنف على واقع نظام الفتنة له فائدة إيجابية كبرى وهامّة سواء أكان القائمون بالإحتجاج عادلين أو مفتونين.
هذه الفائدة هي إدخال الإضطرابات والقلق على هذا النّظام وحرمانه من فرص الإستقرار والشّعور بالأمن الّتي تتيح له المضي في تزوير الشّريعة وإفساد القيم. وتتيح لقوى الخير والحقّ الصّامدة في الأمّة أن تتنفّس قليلاً، وتمارس دورها في توعية الأمّة بحرّيّة نسبيّة لم تكن لتتاح لها لو أنّ نظام الفتنة نعم بالسّلام والإستقرار.
وقد كان موقف الإمام إيجابياً من حركات الإحتجاج على نظام الفتنة الّذي سيقوم من بعده، لأنه إذا لم يكن من المتاح - نظراً لما تقضي به حركة التاريخ - انتصار الشّرعية الكاملة في المدى المنظور، فان من الخير ألا تتاح لنظام الفتنة فرصة للتمكن والإستقرار، ومن الخير أن يبقى نظام الفتنة في أجواء الخوف والحذر، وحالة الدفاع.
ومن هنا كان توجيهه بشأن الخوارج الّذين تمظهرت فيهم الفتنة بمظهر الرّفض المطلق للأنظمة القائمة، ومن ثمّ فهم مؤهلون لأن يشكلوا قوّة مزعجة لنظام الفتنة المنتصر.
لقد نهى الإمام عن قتال الخوارج من بعده، مع إنّه، هو، قاتلهم في خلافته، - لأنّهم - حين قاتلهم وقتلهم في النّهروان بعد أن رفضوا كلّ عروض السلام، وبعد أن رفضوا التّخلّي عن مواقفهم - كانوا يمثّلون قوّة هادمة لنظام عادل، أمّا في نطام الفتنة فإنّهم يمثّلون قوّة شالّة وشاغلة لهذا النّظام الجائر المنحرف عن أن يمارس طغيانه المادّي والسّياسي، وينفذ خطط التّحريف العقيدي والشّرعي. قال عليه السلام:
«لا تُقاتِلُوا الخوارج بعدي، فليسَ من طلبَ الحقَّ فأخطأهُ كمن طلب الباطِل فأصابهُ» [٦].
وقد كان عليه السّلام يرى الثّورة آتية.
إنّه لا يصف هذه الثّورة بأنّها عادلة مستقيمة، أو ظالمة مفتونة، وإنّما يرى أنّ نظام الفتنة المنتصر لا يتمتّع طويلاً بانتصاره واستقراره، بل ستسلب منه لذّة النّصر وحرّيّة الحركة الّتي يتيحها النّصر والإستقرار السّياسي والإجتماعي، ثورات دامية تتوالى فتقضي في النّهاية على فتنة بني أميّة، وتزيل ملكهم.
قال، وهو يحدّث جمهوره عن الفتنة وانتصارها، والمعاناة من ويلاتها وشرورها:
«...ثمُّ يُفرِّجُها اللّه عنكُم كتفرِيج الأديم [٧]، بِمن يسُومُهُم خسفاً [٨]، ويسُوقهُم عُنفاً، ويسقِيهِم بكأس مُصبَّرة [٩]، لا يُعطيهِم إلا السَّيف، ولا يحلِسُهُم إلا الخوف [١٠] فعِند ذلك تودُّ قُريش - بالدُّنيا وما فيها - لو يرونني مقاماً واحِداً، ولو قدر جزر جزُورٍ، لأقبل منهُم ما أطلُب اليوم بعضهُ فلا يُعطُونيه» [١١].
والإمام يرى أنّ من الهموم الكبرى لنظام الفتنة المنتصر تشتيت القوى السّياسيّة والعقيديّة المناهضة له، سواء أكانت هذه القوة أو تلك قد حافظت على نقائها الإسلامي أو تلوّثت بغبار الفتنة بشكل أو بآخر.
ولكنّه يرى أيضاً أنّ محاولات نظام الفتنة لتشتيت القوى المضادّة له لن تستمر في النّجاح، فانّ حركة التاريخ تعمل على تجميع هذه القوى من جديد وفقاً لصيغ سياسيّة جديدة، ويكون ذلك إيذاناً بنهاية الإستقرار لنظام الفتنة الأموي.
قال عليه السلام:
«...وايمُ اللّه لو فرَّقُوكُم تحتَ كُلِّ كوكبٍ، لجمعكُمُ اللّه لِشرِّ يومٍ لهُم» [١٢].
وقال عليه السلام:
«افترقُوا بعد أُلفتهِم، وتشتَّتُوا عن أصلِهِم، فمنهُم آخِذ بِغُضْنٍ أينما مال مال معهُ على أنَّ اللّه تعالى سيجمعُهُم لِشرِّ يومٍ لبني أُميَّةَ، كما تجتمعُ قزعُ الخريفِ [١٣]، يُؤلِّفُ اللّه بينهُم، ثُمَّ يجمعُهُم رُكاماً كرُكامِ السَّحابِ [١٤]، ثُمَّ يفتحُ لهُم أبواباً يسيلُون من مُستشارهِم كسيلِ الجنَّتينِ، حيثُ لم تسلم عليهِ قارة، ولم تثبُت عليهِ أكمة [١٥]، ولم يرُدَّ سننهُ رصُّ طودٍ ولا حدابُ أرض [١٦]، يُزعزعُهُم اللّه في بُطُونِ أوديتهِ [١٧] ثُمَّ يسلُكُهُم ينابيعَ في الأرضِ، يأخُذُ بِهم من قومٍ حُقُوقَ قومٍ، ويُمكِّنُ لقومٍ في ديارِ قومٍ وايمُ اللّه ليذُوبنَّ ما في أيديهم بعد العُلُوِّ والتمكينِ كما تذُوبُ الأليةُ على النَّارِ» [١٨].
ومن أروع رؤاه لحركة التاريخ في المستقبل رؤيته لحركة الخوارج التّمرّديّة، وكيف أنّها ستنمو وتتشعب على رغم ما يبدو في الحاضر من مظاهر اندثارها وانقطاع أصلها، وذلك أنّه لمّا قتل الخوارج قيل له: يا أمير المؤمنين: هلك القوم بأجمعهم، فقال:
«كلاَّ واللّه. إنَّهُم نُطف في أصلابِ الرِّجالِ وقراراتِ النِّساءِ [١٩] كُلَّما نجم منهُم قرن قطِع [٢٠] حتَّى يكُون آخِرُهُم لُصُوصاً سلاَّبين» [٢١].
وهكذا تأتي الثّورة في أعقاب انتصار الفتنة فتحول بينه وبين الإستقرار، وتحول بين أدواته وبين أن تمكن لمفاهيمها في الأمّة، وتتيح بذلك فرصاً لقوى الخير الباقية أن تنعم بشيء من الأمان، وأن تقدر على شيء من الحركة يتيح لها إبقاء النّور الصّافي متألقاً في ظلمات الفتنة، في عقول وقلوب كثيرةٍ، بانتظار الأمل الكبير، والنّصر النّهائي الكبير.
٦ - الأمل
الإنسان يعيش في الحاضر مشدوداً بين وترين: الماضي والمستقبل، فهو لا يني يحمل الماضي في وعيهِ، وفي ذاكرته، وفي تركيب جسده، مثقلاً بأحزانه وأفراحه، ومخاوفه وآماله، مندفعاً بها نحو المستقبل، يضيء عينيه نور الأمل الّذي يغمر قلبه بالحياة الأفضل. ولكنّه أمل معذب بالحيرة، والقلق، والمخاوف من خيبات الأمل.
وهذه الحقيقة بارزة في تكوين وحياة الإنسان الفرد بوضوح، وهي لا تقلّ وضوحاً في حياة الأمم والشّعوب والجماعات.
وقد وقف الإسلام في تعليمه التّربوي الإيماني للأفراد في وجه الميل إلى الإغراق في الأمل، لأنه حين يشتدّ ويغلب على مزاج الإنسان يجعله غير واقعي، ويحبسه في داخل ذاته، وينمي فيه الشّعور ب«الأنا» على نحو لا يعود الآخرون موضوعاً لاهتمامه وعنايته أو يجعله قليل الإهتمام بهم، وهذا أمر مرفوض في دين يجعل الإهتمام الشّخصي بالآخرين أحد المقوّمات الأساسيّة للشّخصيّة الإنسانية السّليمة، ولأنّ الاغراق في الأمل يحول بين الإنسان وبين كثير من فرص كثيرة للتّكامل الرّوحي والأخلاقي.
والنّصوص القرآنيّة في هذا الشّأن كثيرة، كذلك النّصوص النّبويّة الواردة في السّنّة. وقد حفلت مواعظ الإمام عليّ في نهج البلاغة بالتّحذير من الإسترسال مع الآمال [٢٢].
وهذا لا يعني - بطبيعة الحال - أنّ تأميل الإنسان في مستقبله - باعتدال وواقعية - ممارسة غير أخلاقية في الإسلام، كيف وقد حذّر اللّه تعالى في القرآن الكريم من اليأس ونهى عنه في آيات تذكر برحمة اللّه ورَوح اللّه، ومن ذلك تعليم يعقوب سلام اللّه عليه لبنيه حين أمرهم بالبحث عن يوسف واخيه، وذلك كما ورد في قوله تعالى:
«يا بنِيَّ اذهبُوا فتحسَّسُوا مِن يُوسُف وأخيِه ولا تيأسُوا مِن روحِ اللّه. إنَّهُ لا ييأسُ مِن روحِ اللّه إلا القومُ الكافِرُون» [٢٣].
فإنّ يعقوب طبق مبدأ مشروعيّة الأمل العام المطلق على حالة فردية هي حالته وحالة بنيه.
وإذن، فالأمل، في نطاق الواقع، حقيقة كيانيّة في الإنسان، قد يكون فقدانها ظاهرة مرضيّة نفسيّة وليس علامة عافية.
هذا على الصّعيد الفردي.
وأمّا على الصّعيد الجماعي في الأمم والشّعوب والجماعات فان الأمل عامل هامّ جداً وأساسي في تنشيط حركة التّاريخ وتسريعها، وجعلها تتغلب بيسر على ما يعترضها من صعوبات ومعوّقات.
والأمل الموضوعي القائم على اعتبارات عملية تنبع من الجهد الإنساني، واعتبارات عقيديّة وروحيّة... هذا الأمل يشغل حيزاً هامّاً وأساسيّاً في تربية اللّه تعالى للبشريّة السّائرة في حياتها على خط الإيمان السّليم.
وقد اشتمل القرآن الكريم على آيات محكمات تتضمن وعد اللّه تعالى بالنّصر والعزّة لأهل الإيمان وقادتهم من الأنبياء والتّابعين لهم بإحسان.
قال اللّه تعالى:
«إنَّا لننصُرُ رُسُلنا والَّذينَ آمنُوا في الحياةِ الدُّنيا ويوم يقُومُ الأشهادُ» [٢٤].
وقال تعالى:
«ولقد كتبنا في الزَّبُور من بعدِ الذِّكرِ أنَّ الأرض يرِثُها عباديَ الصَّالِحُون» [٢٥].
وقال تعالى:
«إنّ الأرض للّه يُورِثُها من يشاءُ مِن عبادِهِ والعاقِبةُ للمُتَّقينَ» [٢٦].
وقد وجّه اللّه تعالى في القرآن الكريم رسوله محمداً (ص) والمسلمين إلى أنّ الأمل بالنّصر والحياة الأفضل يجب أن يبقى حيّاً نابضاً دافعاً إلى العمل حتّى في أحلك ساعات الخذلان والهزيمة وانعدام النّاصر... لقد كانت الآمال بالنّصر تتحقّق في النّهاية على أروع صورها حين يخالج اليأس قلوب أهل الإيمان، وحين يصل الرّسل الكرام إلى حافة اليأس:
«ومَا أرسلنَا مِن قبلِك إلا رِجالاً نُوحي إليهِم مِن أهلِ القُرى أفلم يسيرُوا في الأرضِ فينظُرُوا كيف كان عاقِبةُ الذينَ من قبلِهم. ولدارُ الآخِرةِ خير للذَّينَ اتقوا، أفلا تعقِلُونَ. حتَّى إذا استيئس الرُّسُلُ، وظنُّوا أنَّهُم قد كُذِبُوا جاءهُم نصرُنا، فنُجِّي من نشاءُ، ولا يُردُّ بأسُنا عنِ القومِ المُجرِمينَ. لقد كان في قصصِهِم عِبرة لأُولي الألبابِ، ما كان حدِيثاً يُفترى، ولكِن تصدِيق الذي بين يديِه. وتفصيلَ كُلِّ شيءٍ، وهُدىً ورحمةً لِقومٍ يؤمِنُونَ» [٢٧].
إن الأمل الجماعي بمستقبل أكثر إشراقاً وأقلّ عذاباً، أو مستقبل مترع بالفرح خال من المنغصات... إنّ هذا الأمل يستند إلى «وعد إلهي»، فهو، إذن، ليس مغامرة في المستقبل، وإنما هو سير نحو المستقبل على بصيرة.
وهو أمل يرفض الواقع التّجريبي الحافل بالمعوّقات نحو مستقبل مثالي مشروط «بالعمل» المخلص في سبيل اللّه، وفي سبيل اللّه بناء الحياة، وعمارة الأرض، وإصلاح المجتمع. كما أنّ هذا المستقبل مشروط «بالصّبر» على الأذى في جنب اللّه، و«الصدق» في تناول الحياة والتعامل معها ومع المجتمع و«الرّضا» بقضاء اللّه تعالى.
والسّنّة حافلة بالنّصوص الّتي تغرس في قلب الإنسان روح الأمل، وتملأ وعيه ببشائر المستقبل الأفضل، استناداً إلى وعد اللّه تعالى.
والتّأمّل العميق الواعي في نصوص الكتاب الكريم والسّنّة الشّريفة الّتي تفصح عن العلاقة بين اللّه والإنسان، وتكشف عن طبيعة هذه العلاقة... كذلك التّأمّل في الفقه المبني على هذين الأصلين... إنّ هذا التأمّل يكشف عن أنّ العلاقة بين اللّه والناس مبنيّة على ثلاث حقائق ربّانيّة يقوم عليها وجود المجتمع البشري، وديمومته، ونموّه وتقدّمه:
١ - الحقيقة الأولى هي الإنعام المطلق غير المشروط بشيء على صعيد الشّروط المادّيّة للحياة بما يكفل لها الدّيمومة والنموّ التّصاعدي نحو الأفضل، فقد خلق اللّه الإنسان، وزوّده بالمواهب العقليّة والنّفسيّة والرّوحيّة، الّتي تتيح له أن يتعامل مع الطّبيعة المسخّرة له، وتمكنه من اكتشاف خيراتها وكنوزها، ومعرفة قوانينها وتوجيه هذه الإكتشافات والمعارف لخدمة نفسه ونوعه.
٢ - الحقيقة الثّانية هي الرّحمة الّتي «كتبها اللّه على نفسهِ» [٢٨] والّتي «وسعت كلّ شيء» [٢٩]، وإقالة العثرات - على صعيد الأمم والجماعات والمجتمعات، والأفراد -، والتّجاوز عن الخطايا والسّيئات، ومنع الفرص المتجدّدة لتصحيح السّلوك، وتقويم الإعوجاج، والتّوبة والإنابة إلى اللّه تعالى والعمل بقوانينه وشرائعه.
وهذه الحقيقة نابعة من معادلة تقابل بين حقيقتين كونيّتين:
أ - خيرية اللّه الشّاملة المطلقة.
ب - الحقيقة الموضوعيّة الثّابتة في الفكر الإسلامي، وهي أنّ الإنسان خُلِق ضعيفاً [٣٠].
وما يخالف هذه الحقيقة من الآلام والكوارث فهو على قسمين:
الاوّل - ناشئ عن عمل الطّبيعة وقوانينها، وهي قوانين تعمل، في غرضها الأقصى، لخير الجنس البشري بصورة شاملة وغير مقيّدة بزمان أو رقعة جغرافيّة، وهذا ما يجعلها قوانين عادلة وإن أصابت بالآلام بعضاً من البشر في زمان بعينه أو مكان بعينه.
وهذا بالنّسبة إلى الكوارث الطّبيعية الّتي تحصل بغير تدخل من الإنسان أو تقصير منه. أمّا ما يحدث في الطّبيعة نتيجة لعمل الإنسان نفسه أو سلبيّته، أو عدم التزام بالقوانين (في عصرنا الحاضر: ثلويت البيئة، مثلاً، أو روح الإستغلال والعدوان في المجتمعات الصّناعيّة ضدّ العالم الثّالث، مثلاً)... هذا النّوع من الكوارث يدخل في القسم الثّاني التّالي.
الثّاني - ناشئ عن سوء اختيار الإنسان، واستعجاله الخير قبل توفّر شروطه ونضجها، ومن عدوان بعضه على بعض.
٣ - الحقيقة الثّالثة هي البشارة من اللّه تعالى بأن أمور الحياة والمجتمع تصير إلى أفضل وأحسن ممّا عليه في الحاضر. ولكن هذه البشارة لا تتحقّق بطريقة إعجازيّة محضة. إنّ تحقيق البشارة يتمّ وفاء بالوعد الإلهي، ومن ثمّ ففيها عنصر غيبي غير تجريبي، ولكن تحقيقها مشروط بالعمل البشري:
«إنَّ هذا القُرآن يهدي للَّتِي هي أقومُ ويُبشِّرُ المُؤمِنين الّذين يعملُون الصَّالِحاتِ أنَّ لهُم أجراً كبيراً» [٣١].
«والَّذِين اجتنبُوا الطَّاغُوت أن يعبدُوها وأنابُوا إلى اللّه لهُمُ البُشرى، فبشِّر عِبادِ الَّذين يستمِعُون القولَ فيتَّبِعُون أحسنهُ، أُولئك الَّذين هداهُمُ اللّه، وأولئكَ هُم أُولُو الألبابِ» [٣٢].
«...وبشِّرِ المُؤمِنينَ بأنَّ لهُم من اللّه فضلاً كبيراً» [٣٣].
من هذا المنطلق الثّابت في الفكر الإسلامي، ومن البشائر المحدّدة في الكتاب الكريم والسّنة النّبويّة بفرج شامل آت في «النهاية» يملأ عدلاً بعد ما ملئت ظُلماً وجوراً»... من هذا المنطلق، ومن هذه البشائر كان أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام يرى نور الأمل في المستقبل، وكان يبشّر بأنّ فرجاً آتياًلا ريب فيه:
إنّ حركة التاريخ تقضي به، وإنّ وعد اللّه يقضي به، واللّه لا يخلف الميعاد.
وقد كانت رؤية الإمام لحركة التاريخ في المستقبل لا تقتصر على رؤية النّكبات والكوارث - كما توحي بذلك كثرة النّصوص الحاكية عن ذلك في نهج البلاغة - وإنّما تشمل البشائر أيضاً، وقد تقدّم في الحديث عن (المعاناة) وعن (الثورة) بعض النّصوص الدّالّة على ذلك.
وكانت رؤية الإمام دقيقة، محدّدة، مضيئة، واضحة المعالم، في نطاق الخطوط الكبرى والتّيّارت الأساسيّة لحركة التاريخ، وإن لم تشتمل على التّفاصيل، من ذلك هذا الشاهد على رؤيته لحركة الثّورة العادلة الّتي لا تنطفئ مهما تكالبت عليها الرّياح الهوج، فقد قال له بعض أصحابه، لما أظفره اللّه بأصحاب الجمل: «وددت أنّ أخي فلاناً كان شاهدنا ليرى ما نصرك اللّه به على أعدائك» فقال له الإمام (ع):
«أهوى أخِيك معنا [٣٤] ؟ فقال: نعم. قال: فقد شهِدنا في عسكِرنا هذا أقوام في أصلاب الرِّجال وأرحامِ النِّساء سيرعفُ بهِمُ الزَّمانُ [٣٥] ويقوى بهمُ الإيمانُ» [٣٦].
هذا الأمل الكبير الآتي الّذي يبشّر به الإمام عليه السّلام يتمثّل في قيام ثورة عالميّة تصحّح وضع عالم الإسلام، ومن ثمّ وضع العالم كلّه، يقودها رجل من أهل البيت هو الإمام المهدي. وقد وردت في نهج البلاغة نصوص قليلة نسبيّاً تحدّد بعض ملامح هذا الأمل، فمن ذلك قوله عليه السّلام:
«...حتَّى يُطلِع اللّه لكُم من يجمعُكُم، ويضُمُّ نشرَكُم [٣٧]» [٣٨]
والعقيدة بالمهدي عقيدة إسلاميّة ثابتة أجمع عليها المسلمون بأسرهم، ودلّ عليها القرآن الكريم في جملة آيات، والسّنّة الشّريفة في مئات الأحاديث المتواترة عن رسول اللّه (ص) وأئّمة أهل البيت. قال ابن أبي الحديد في التّعليق على النّصّ الآنف: «ثم يطلع اللّه لهم من يجمعهم ويضمهم، يعني من أهل البيت عليه السّلام. وهذا إِشارة إلى المهديّ الّذي يظهر في آخر الوقت. وعند أصحابنا إنّه غير موجود الآن وسيوجد، وعند الإمامية إنّه موجود الآن» [٣٩].
وقال ابن أبي الحديد في التّعليق على نصّ آخر مماثل للنّصّ الآنف: «فإن قيل: ومن هذا الرّجل الموعود الّذي قال عليه السّلام عنه (بأبي ابن خيرة الإماء) ؟ قيل: أمّا الإمامية فيزعمون أنّه إمامهم الثّاني عشر، وأنه ابن أمة اسمها نرجس، وأمّا أصحابنا فيزعمون أنّه فاطمي يولد في مستقبل الزّمان لأم ولد [٤٠] وليس بموجود الآن» [٤١].
ومن النّصوص الّتي اشتمل عليها نهج البلاغة في هذا الشأن قول الإمام:
«ألا وفي غدٍ - وسيأتي غد بما لا تعرِفُون - يأُخُدُ الوالي من غيرِها عُمَّالها على مساوئ أعمالِها، وتُخرِجُ لهُ الأرضُ أفاليذ كبدِها [٤٢]، وتُلقي إليه سِلماً مقاليدها، فيُريكُم كيف عدلُ السِّيرةِ، ويُحيِي ميِّتَ الكِتابِ والسُّنَّةِ» [٤٣].
هذا الأمل المضيء في الظلمات ليس أملاً قريباً إذا نظرنا إليه بمنظار آمال الأفراد - كل واحد بخصوصه -، فقد يمضي الموت بالأفراد دون أن تكتحل عيونهم بفجر هذا الأمل... إنّه بالنّسبة إليهم - كأفراد - بعيد... بعيد. كذلك هو أمل بعيد بالنّسبة إلى كلّ مجتمع بمفرده وخصوصه، فقد تمضي القرون على مجتمع دون أن يحقّق في نظامه، ومؤسّساته هذا الأمل العظيم... ولكنّ هذا الأمل على مستوى النّوع البشري كلّه أمل قريب، لأنّ الأحداث الّتي تغيّر مسار الجنس البشري كلّه لا تقاس بأعمار الأفراد أو الجماعات أو المجتمعات ولا بالحركة التاريخيّة في هذا النّطاق أو ذاك أو ذيّاك، وإنّما تقاس بما تناسب مع حجم النّوع الإنساني كلّه، ومع حركة التّاريخ العالمي كلّها... إنّ ألف سنة، مثلاً، في عمر فرد زمن كبير طويل... كذلك الحال بالنّسبة إلى عمر حركة تاريخيّة في مجتمع من المجتمعات، ولكن ألف سنة في عمر البشرية كلّها زمن قصير بالنّسبة إلى فترات التّحوّل التّاريخيّة الكبرى الّتي أدخلت تغييراً أساسيّاً على المسار التّاريخي للجنس البشري كلّه، فنقلته من مستوى معين إلى مستوى أعلى منه مرتبة ونوعيّة. إنّ فترات التّحوّل التّاريخيّة الكبرى - كما نعلم - تستغرق أُلوف السّنين، أو - بالأحرى - عشرات الأُلوف من السّنين... إنّها حركة التّاريخ الكبرى [٤٤].
وفي انتظار أن تنجز حركة التّاريخ الكبرى عملها في نقل الإنسانيّة إلى مستوى أعلى لم تفلح في بلوغه من قبل.. في انتظار ذلك تستمر حركة التاريخ في دوائرها الصّغرى في العمل على تغيير حال البشر: أفراداً، وجماعات، ومجتمعات، ومجموعات إقليميّة.
إنّ حركة التّاريخ في دوائرها الصّغرى تغيّر الإنسان نحو الأفضل على الصّعيد المادّي كما يثبت ذلك الواقع التّجريبي، ولكنّها لا تغيّره نحو الأفضل دائماً على الصّعيد المعنوي والأخلاقي، بل قد تعود به إلى الوراء كما يثبت الواقع التّجريبي أيضاً، وبالنّسبة إلى كثير من مظاهر حضارة عصرنا بشكل خاص.
والمسؤول عن التّخلف المعنوي للبشر ليس القدر، إنّه إرادة البشر أنفسهم، فإنَّ العالم الأخلاقي لدى الفرد والمجتمع ليس عالماً معطى وجاهزاً يأخذه الناس كما يستعملون الوصفات الطّبيّة أو المعادلات الرّياضيّة، إنما يتم بناؤه بالمعاناة اليوميّة للناس مع شهواتهم ورغائبهم الشّرّيرة، ومجاهدتهم لأنفسهم من أجل التغلب عليها. إنّ العالم الأخلاقي ليس سهل البناء كالعالم المادي التّجريبي، لأنّه تجاوز الإنسان لنفسه باستمرار نحو إنسانيّة أغنى وأعلى، ومن هنا فإنّ العالم الأخلاقي يبني التّعامل مع المستحيل، وكأنّه ممكن، إنّه في التكوين دائماً، لأنّ الإنسان كلّما بلغ ذروة جديدة في تكامله المعنوي لاحت لعينيه ذروة أسمى وأعلى.
وإذن، فالبشر، بانتظار أن يتحقّق هذا الأمل العظيم، لا يجوز أن يجمدوا وإنّما عليهم أن يتحركوا في أطر دوائر التاريخ الصّغرى نحو بلوغ ذرى إنسانيّة جديدة أعلى مما بلغوه في كفاحهم الدّائب نحو مزيد من الكمال والنّور.
وإذن، فالمسلمون، باعتبار أنّ هذا الأمل العظيم سيتحقّق بإذن اللّه في نطاقهم بما هم جماعة بشريّة عقيديّة ومن خلال الإسلام نفسه بما هو دينهم،... المسلمون ينتظرون هذا الأمل العظيم قبل غيرهم من الجماعات العقيديّة في المجتمع البشري.
وقد ارتكز في أذهان الكثيرين ممّن عالجوا موضوع المهديّ والمهدويّة أنّ هذا المعتقد... هذا الأمل العظيم الثّابت بمقتضى وعد اللّه في الكتاب والسّنّة، والثّابت بمقتضى حركة التاريخ الكبرى... أنّ هذا المعتقد عامل سلبي في حركة التّقدّم والنّموّ يعوّقها، ويبعث على السكون، ويقعد بالناس عن الحركة والسّعي نحو التّكامل المادي والمعنوي في انتظار أمل آتٍ ينقذ البشر بالمعجزة، ينقذ البشر بغير جهد البشر.
وربّما تكون بعض المظاهر في تاريخ عالم الإسلام تعزز هذا الإتهام ولكنّ الحقيقة هي أنّ هذا اللون من الإنتظار السّلبي المريض دخل على ذهنيّة الإنسان نتيجة
لانتكاس حضاري تسلّل إليه من بعض الثّقافات الأجنبيّة عن الإنسان، فشلّ قدرته على العمل، لأنّه شلّ إرادته وفعاليته وحولّه إلى حياة التّأمّل والقناعة والإستسلام.
أمّا الحقيقة فهي على خلاف ذلك، إنّ الإنتظار - نتيجة لهذا المعتقد - هو انتظار إيجابي فعّال، هو تهيّؤ واستعداد، هو كدح دائم ومستمر يجب أن يطبع حركة تاريخ الإنسان المسلم نحو توفير أفضل الشّروط الّتي تهيِّئ لهذا الأمل العظيم أحسن ظروف النّجاح والتّحقّق.
لقد رأينا أنّ حركة التّاريخ في دوائرها الصّغرى لا تتوقّف، ونوع هذه الحركة - تقدّميّة صاعدة أو رجعيّة هابطة (على صعيد المعنويّات والأخلاق) - يتوقف على إرادة البشر أنفسهم، فهم الّذين يبنون عالمهم الأخلاقي الأمثل وهو لا يبنى إلا بالعمل الإيجابي الّذي يحرّكه الطموح نحو إنسانيّة أفضل.
سلام اللّه على محمّد وآله الطاهرين، وصحبه الّذين اتبعوه بإحسان إلى يوم الدّين. وسلام اللّه على أشهر المؤمنين الإمام عليّ أمير المؤمنين.
والحمد للّه ربّ العالمين..

------------------------------------------------------------------
[١] . نخم: أخرج النّخامة من صدره، وهي المواد المخاطية، كنّى بذلك عن سلطان بني أميّة.
[٢] . الجديدان: اللّيل والنّهار. يعني أنّهم لا يعودون إلى السّلطة أبداً.
[٣] . نهج البلاغة، الخطبة رقم: ١٥٨.
[٤] . نهج البلاغة، الخطبة رقم: ٩٨.
[٥] . نحن نعبّر بمصطلح (ثورة) في التاريخ الإسلامي عن العمل السّياسي الّذي يتمتع بالشّرعية، وما عدا ذلك لا نسمّيه ثورة، وإنّما نسمّيه تمرداً، أو خروجاً، أو فتنة. وإنّما جعلنا عنوان هذا الفصل (الثورة) - مع أنّ البحث فيه يشمل الإحتجاج بالعنف بجميع ألوّانه (الشّرعيّة وغير الشّرعيّة) لغرض بياني فقط. هو إيثار بساطة العنوان على تعقيده.
[٦] . نهج البلاغة، رقم النّصّ - ٦١.
[٧] . الأديم الجلد، وتفريجه سلخه: يعني أنّ اللّه يسلخ سلطان بني أميّة عن الأُمّة مع شدّة رسوخه ولصوقه.
[٨] . الخسف: الذّل. يعني أنّ الثّورة الآتية تعاملهم بالإذلال.
[٩] . مصبّرة مملوءة إلى أصبارها بمعنى حافتها، يعني لا يرحمهم ولا يخفف عنهم.
[١٠] . حلس البعير: كساء يوضع على ظهره، يعني أنّ الثّورة الآتية تلبس بني أُمية الخوف.
[١١] . نهج البلاغة - رقم النّصّ: ٩٣.
[١٢] . نهج البلاغة - رقم النّصّ: ١٠٦.
[١٣] . القزع : القطع المتفرقة من السّحاب.
[١٤] . ركام السّحاب: السّحاب المتراكم. والمستشار مكان تجمعهم وانطلاقهم ثائرين، وسيل الجنتين السّيل الّذي دمّر اللّه به قوم سبأ وحضارتهم عندما طغوا وبطروا.
[١٥] . القارة: ما اطمأنّ من الأرض. والأكمة: ما ارتفع من الأرض ، يعني أنّ الكارثة ستكون شاملة عليهم لا يفلت منها أحد منهم ولا مؤسّسة من مؤسّسات دولتهم.
[١٦] . السّنن: الجري، والطّود: الجبل العظيم، والحداب: المرتفعات. والمراد هنا هو المراد في رقم(٣).
[١٧] . يزعزعهم: يفرقهم في بطون الأودية حيث يختفون، كناية عن أماكن اختفائهم، ثم يجمعهم.
[١٨] . نهج البلاغة - رقم النّصّ: ١٦٦.
[١٩] . قرارات النّساء: أرحام النّساء.
[٢٠] . نجم: ظهر. قرن: رئيس أو جماعة.
[٢١] . نهج البلاغة - رقم النّصّ: ٦٠.
[٢٢] . راجع دراسة موسّعة ومعمِقة عن هذا الموضوع في فصل (الوعظ) من كتابنا، دراسات في نهج البلاغة - الطّبعة الثّالثة.
[٢٣] . سورة يوسف (مكّيّة - ١٢) الآية: ٨٧.
[٢٤] . سورة المؤمن (مكّيّة - ٤٠) الآية: ٥١.
[٢٥] . سورة الأنبياء (مكّيّة - ٢١) الآية: ١٠٥.
[٢٦] . سورة الأعراف (مكّيّة - ٧) الآية: ١٢٨.
[٢٧] . سورة يوسف (مكّيّة - ١٢) الآيات: ١٠٩ - ١١١.
[٢٨] . قال تعالى: «قُل لِمن ما في السماواتِ والأرضِ ؟ قُل للّه، كتب على نفسِهِ الرحمَة»سورة الأنعام (مكّيّة - ٦) الآية ١٢ وقال تعالى:
«وإذا جاءك الّذينَ يُؤمِنُون بَآياتِنا فقُل سلام عليكُم كتب ربُّكُم على نفسِهِ الرَّحمةَ، أنهُ من عمِل مِنكُم سُوءاً بِجهالةٍ، ثُمَّ تاب من بعدِهِ وأصلح فأنَّهُ غفُور رحِيم»سورة الأنعام (مكّيّة - ٦) الآية: ٥٤.
[٢٩] . قال تعالى «...ذُو رحمةٍ واسِعةٍ، ولا يُردُّ بأسُهُ عن القوم المُجرمين»سورة الأنعام (مكّيّة - ٦) الآية: ١٤٧. وقال تعالى: «قال عذابي أُصيبُ به من أشاءُ ورحمتي وسعت كُلَّ شيءٍ، فسأكتُبُها لِلَّذِينَ يتَّقُون، ويُؤُتُون الزَّكاة والَّذِين هُم بآياتِنا يُؤُمِنُون»سورة الأعراف (مكّيّة - ٧) الآية: ١٥٦. وقال تعالى «ربَّنا وسِعت كُلَّ شيءٍ رحمةً وعِلماً، فاغفر للَّذِين تابُوا واتبّعوا سبيلك وقِهِم عذاب الجحيم»سورة المؤمن (مكّيّة - ٤٠) الآية: ٧.
[٣٠] . قال اللّه تعالى: «يُريدُ اللّه أن يُخفِّف عنكُم، وخُلِق الإنسانُ ضعِيفاً،»سورة النّساء (مدنيّة - ٤) الآية:٢٨.
[٣١] . سورة الإسراء (مكّيّة - ١٧) الآية: ٩.
[٣٢] . سورة الزّمر (مكّيّة - ٣٩ ) الآية: ١٧ - ١٨.
[٣٣] . سورة الأحزاب (مدنيّة - ٣٣) الآية: ٤٧.
[٣٤] . الهوى: الميل والرّغبة، يعني هنا الموقف السّياسي.
[٣٥] . يرعف بهم .. يوجدون في المجتمع من غير أن يتوقّع وجودهم لاختلافهم النّوعي الأساسي عن الأخلاقيّة والذّهنيّة السّائدة في المجتمع، فيفاجأ المجتمع بوجودهم. كما يفاجئ الرّعاف صاحبه.
[٣٦] . نهج البلاغة - رقم النّصّ: ١٢.
[٣٧] . يضم نشركم: يجمع شتاتكم ويوحد مواقفكم في حركة تاريخيّة واحدة.
[٣٨] . نهج البلاغة - رقم النّصّ: ١٠٠.
[٣٩] . ابن أبي الحديد: شرح نهج البلاغة - ٧ : ٩٤.
[٤٠] . أمّ ولد: كناية عن الأمة المملوكة.
[٤١] . المصدر السابق: ٧ : ٥٩.
[٤٢] . الفلذة: القطعة. والكبد في المعتقد الطّبّي القديم من أشرف أعضاء الإنسان وأكثرها أهمّيّة في بقائه وصحته، فهي تخرج الأرض: أفضل كنوزها وثرواتها.
[٤٣] . نهج البلاغة - رقم النّصّ: ١٣٨.
[٤٤] . لعلّ ابن ابي الحديد قد طافت بذهنه هذه الفكرة حين قال معلّقاً على احد نصوص نهج البلاغة بهذا الشّأن: «ثم وعدهم بقرب الفرج، فقال: إنّ تكامل صنائع اللّه عندكم، ورؤية ما تأملونه أمر قد قرب وقته، وكأنّكم بعد قد حضر وكان، وهذا (على نمط المواعيد الإلهية بقيام السّاعة، فإن الكتب المنزلة كلّها صرّحت بقربها، وإن كانت بعيدة عنّا، لأنّ البعيد في معلوم اللّه قريب، وقد قال سبحانه (إنَّهُم يرونهُ بعِيداً ونراهُ قرِيباً)» شرح نهج البلاغة ٧ : ٩٥.

انتهى .

 منقول من كتاب الامام علي وحركة التاريخ

****************************