وقال (عليه السلام): مَنِ اتَّجَرَ بِغَيْرِ فِقْه ارْتَطَمَ فِي الرِّبَا.                
وقال (عليه السلام): النَّاسُ أَعْدَاءُ مَا جَهِلُوا.                
وقال (عليه السلام): الْقَنَاعَةُ مَالٌ لاَيَنْفَدُ.                
وقال (عليه السلام): ما أَنْقَضَ النَّوْمَ لِعَزَائِمِ الْيَوْمِ.                
وقال (عليه السلام): الْغِيبَةُ جُهْدُ الْعَاجزِ.                
وقال (عليه السلام): قَلِيلٌ مَدُومٌ عَلَيْهِ خَيْرٌ مِنْ كَثِير مَمْلُول مِنْهُ.                
وقال (عليه السلام): يَهْلِكُ فِيَّ رَجُلاَنِ: مُحِبٌّ مُفْرِطٌ، وَبَاهِتٌ مُفْتَر.                

Search form

إرسال الی صدیق
شبهات عقدية في نهج البلاغة – الأول

الشيخ أحمد سلمان

ذكرنا سابقاً أن كتاب (نهج البلاغة ) وإن كان بالأساس منهلاً للبلاغة ومنبعاً للفصاحة ، إلا إنه أصبح له دخالة في كل الجوانب الشرعية ، ومن جملتها العقائد ، فقد احتوى النهج على بعض الخطب التي تضمّنت مسائل عقدية مسّت أصول الدين .

وقد استغلّ بعض الخصوم هذه الفقرات ليلبّس بها على عوام الشيعة ، فادّعوا أن ما في (نهج البلاغة) يخالف ما عليه الشيعة في هذه الأيام من عقائد ، حتى قال قائلهم : فالرجل يقول كلاماً ، ثم أرى ضده ومناقضاً له في بعض كتب القوم ، فوقفت أتأمل هذه الحياة طويلاً ، وطفقت أّعبّ من كتبهم عبًّا ، وأقرأ ما بين السطور، وأتوغل في القراءة فازداد عجبي ولم يزل [١] .

ولهذا أرتأيت أن أعرض هذه النصوص التي تشبّث بها المغرضون ، وأناقش دلالتها لنرى هل تخالف ما يقوله الشيعة ، أم أن الأمرهو مجرّد التباس وقع من بعض الناس .

التوسل والاستغاثة :

حاول بعضهم تصيّد بعض نصوص النهج وليّ أعناقها ؛ ليخرج بنتيجة مفادها أنّ علي بن أبي طالب عليه السلام هو أول من نهى عن التوسل والتشفّع والاستغاثة وغيرها من الأمورالتي يجيزها الشيعة .

١ – الصلاة على محمد وآل محمد :

قال الأستاذ الجمعان : يشيرالإمام علي لمن كانت له حاجة ، أن يبدأ بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله ، ولم يأمرهذا بالذهاب إلى قبرالنبي صلى الله عليه وآله أو قبورالأنبياء والأولياء [٢] .

ويقصد بكلامه خطبة أميرالمؤمنين عليه السلام التي فيها : إذا كانت لك إلى الله سبحانه حاجة ، فابدأ بمسألة الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله ، ثم سل حاجتك ، فإن الله أكرم من أن يُسأل حاجتين فيقضي إحداهما ويمنع الأخرى [٣] .

والجواب على ما أورده :

أولاً : أن إثبات الشيء لا ينفي ما سواه فأميرالمؤمنين عليه السلام ذكرطريقاُ لاستجابة الدعاء ، ولم يحصرالإجابة فيه ، فلا يوجد نصّ أو ظهور أو إشعاربانحصارالدعاء المجاب الجائزفي هذه الطريقة .

ثانياً : أن هذه الطريقة في الدعاء هي توسّل بالأساس ؛ لأن تقديم الصلاة على محمد وآله علیهم السلام قبل أن یدعو الداعي بما يشاء نوع من الاستشفاع بهم ، وطلب الإجابة منه بحقَّهم ، فالصلاة عليهم طريق لاستجابة الدعاء .

الثالث : أن هذا الرجل الذي يدّعي حب أهل البيت عليهم السلام واتباعه لعلي بن أبي طالب عليه السلام لم يلتزم بما ذكره الآن ، فنجده في أول الكتاب قدد دعى الله عزَّوجل ، لكن لم يُسبقه بالصلاة على محمد وآل محمد .

قال في المقدمة : وفقنا الله تعالى لإصابة الحق ، وألهمنا الصواب في القول والصدق في العمل [٤].

فلا ندري هل هذا الرجل يأمرالناس بالبر وينسى نفسه ؟

أم أنه احتذى نهج عبدالله بن الزبيرالذي نهى الناس عن الصلاة على محمد وآل محمد كما نقل أبي الحديد ذلك ، حيث قال : قطع عبدالله بن الزبيرفي الخطبة ذكر رسول الله صلى الله عليه وآله جُمَعاً كثيرة ، فاستعظم الناس ذلك ، فقال : إني لا أرغب عن ذكره ، ولكن له أهّيْل سوء إذا ذكرته أتلعوا أعناقهم ، فأنا أحب أن أكبتهم [٥] .

٢ – خطبة الوسيلة :

قال صاحب (قراءة راشدة في نهج البلاغة) في مورد آخر: انظرإلى ما يقوله الإمام :((أفضل ما توسَّل به المتوسَّلون)) ، نقول : حتى على فرض جوازالتوسّل بالأشخاص ، أفلا يحرص المؤمن على الكمال ، فيطبق في دعائه الأصوب والأفضل والأكمل ؟ [٦] .

يشيربهذا الكلام إلى خطبة الوسيلة المروية في (نهج البلاغة) والمصادرالحديثية الأخرى : إن أفضل ما توسَّل به المتوسَّلون إلى الله سبحانه الإيمان به وبرسوله والجهاد في سبيله [٧] .

والجواب على هذا الإشكال بأمور:

أولا : أن أميرالمؤمنين عليه السلام لم يحصرالتوسّل في هذه الصورة ، بل عبّر بصيغة التفضيل ، والكل يعرف أن هذه الصيغة يستفاد منها الاشتراك في الحكم ، فإذا قلنا : ( فلان أشجع من فلان) فنحن نثبت الشجاعة لكليهما ، ونثبت الزيادة لأحدهما ، وكذلك التوسل فإن تفضيل طريقة على أخرى لا يعني بطلان الثانية .

ثانياً : نقول : إن هذه الخطبة نصّ على جواز التوسل ، بل على أفضليته ؛ وذلك لأن من أفضل الأمور التي يُتوسل بها الإيمان بالله ، والله أمرنا في كتابه بالتوجه للنبي المصطفى صلى الله عليه وآله والاستغفارعنده فقال عزَّوجل :(وَمَآ أَرَسَلنَا مِن رَّسُولِ إِلَّا لِيُطاعَ بإِذْنِ أللهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمًوآ أّنفُسَهُمْ جآءُوكَ فأَسْتَغْفَرُواللَّهَ وَأَستَغفَرَلَهُمُ الَّرسُولُ لَوَجَدُوا اللَهَ تَوَّاباً رَّحِيماً)(النساء : ٦٤) .

ومن الأمورالمذكورة في الخطبة : التوسل بالإيمان برسوله الله ، والإيمان به هو اتباع أوامره والانتهاء عن نواهيه ، ومن راجع أحاديث النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وجد كثيراً من الموارد التي أمر فيها بالتوسل به .

منها : ما رواه الطبراني في المعجم في رواية طويلة تحكي قصة دفن فاطمة بنت أسد ، قال : فلما فرغ دخل رسول الله صلى الله عليه وآله ،  فاضطجع فيه ، ثم قال : الله الذي يحيي ويميت ، وهو حي لا يموت ، اغفر لأمي فاطمة بنت أسد ، ونكبتنا حجتها ، ووسَّع عليها مدخلها ، بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلي ، فإنك أرحم الراحمين [٨] .

ومنها : حديث الأعمى المعروف الذي نصه : عن عثمان بن حنيف رضي الله عنه أن رجلاً ضريراً أتى النبي صلى الله عليه وآله ، فقال : ادع الله تعالى أن يعافيني . قال : إن شئت أخَّرت ذلك، وإن شئت دعيت . قال : فادعه .

قال : فأمره أن يتوضأه فيحسن الوضوء ، ويصلي ركعتين ، ويدعو بهذا الدعاء : اللهم إني أسألك وأتوجَّه إليك بنبيَّك محمد صلى الله عليه وآله نبي الرحمة ، يا محمد إني أتوجَّه بك إلى ربك في حاجتي هذه ، فتقضيها لي ، اللهم شفَّعه في ، وشفَّعني فيه [٩] .

وقد بسطت الكلام في إثبات صحّة هذه الأحاديث ، وبيان دلالتها على جواز التوسّل في كتابي (وابتغوا اليه الوسيلة) ، فمن شاء فليراجع إليه .

الإمامة الإلهية :

من أهم الأمورالخلافية بين المسلمين قضية (الإمامة) ، بل لعلّها تعتبر لبّ الخلاف وأساسه ، ولهذا قال الشهرستاني في الملل والنحل : الخلاف الخامس في الإمامة ،وأعظم خلاف بين الأمة خلاف الإمامة إذ ما سُلّ سيف في الإسلام على قاعدة دينية مثل ماسُلَّ على الإمامة في كل زمان [١٠] .

وقد شغلت هذه العقيدة حيَّزا كبيراً من الحوار بين الشيعة ومخالفيهم ، بحيث أصبح هو الشغل الشاغل لدى الطرفين ، فكلّ يحاول إثبات صحّة ما يذهب إليه وأحقية ما يدّعيه .

وقد حاول أحدهم من خلال (نهج البلاغة) إثبات بطلان عقيدة الشيعة الإمامية في الامامة من خلال عدة أمور،هي :

١ – عدم وجود النّص الإلهي في النهج :

قال صاحب كتاب (تأملات في نهج البلاغة) : فبالرغم من مكانة هذا الكتاب عند الشيعة والمكانة التي يعطونها لعلي عليه السلام ، ومن ذلك أنه معصوم عن الكذب والخطأ والنسيان ، وأنه إمام طاعته من طاعة الله ، إلا أنهم يخالفون ما في النهج من كلام نسبوه لعلي عليه السلام ولا يطيعونه ، فلماذا الشيعة يخالفون كتاب الله وسنة رسوله وقول إمامهم ؟! [١١] .

وقال صاحب كتاب (قراءة راشدة في نهج البلاغة) : ليس هناك نصّ يُستند إليه في قضية الخلافة والإمامة ؛ لأن الإمام عليّا عليه السلام لم يذكرهذا النصّ ، وكيف تناساه وهو أحوج ما يكون إليه اليوم حيث يوضّح قضية من أخطرالقضايا التي مرّت على الأمة ، وسبّب لها فرقتها ، وكادت تصدع حتى بالصدرالأول من الصحابة ، فلمّا لم يّذكرهذا النص عُلم أنه لا نص يخدم هذه القضية الخطيرة [١٢] .

والجول على هذه التخرّصات هو الآتي :

الأول : أنه لم يدّع أحد من الشيعة أن كتاب (نهج البلاغة) يحتوي على كل كلمات أميرالمؤمنين عليه السلام ، بحيث إذا لم يوجد الحديث فيه فإن ذلك يدل على أن الإمام عليًّا عليه السلام لم يقله ، وكان ذلك دليلاً يهدم مذهب الشيعة ، والشريف الرضي قدس سره لم يدّع هذا الشيء ، بل صرّح في مقدمة كتابه بخلافة ، حيث قال : ولا أدّعي أني أحيط بأقطارجميع كلامه عليه السلام حتّى لا يشذّ عني منه شاذ ولا يندّ ناد ، بل لا أبعد أن يكون القاصرعنّي فوق الواقع إلي ، والحاصل في ربقتي دون الخارج من يدي ، وما عليَّ إلا بذل الجهد وبلاغ الوسع ، وعلى الله سبحانه نهج السبيل وإرشاد الدليل [١٣] .

ولو تنزّلنا وقلنا : إنّ الرضي قدس سره حاول جمع كل كلام أميرالمؤمنين عليه السلام ، فإن وجود نصوص خارج النهج تدّل على قصر اطلاع المصنّف ، ولا يدل على أنها ليست من كلام أميرالمؤمنين عليه السلام .

وإذا كان الأمر كذلك فإمام أهل السنة أحمد بن حنبل قد أدَّعى أن كل حديث في مسنده صحيح ، وكل مالم يوجد في المسند فهو ليس بحجّة !

قال أحمد : هذا الكتاب جمعته ، وانتقيته من أكثرمن سبع مئة ألف وخمسين ألفاً فما اختلف المسلمون فيه من حديث رسول الله صلى الله عليه وآله ، فارجعوا إليه ، فإن وجدتموه فيه ، وإلا فليس بحجة [١٤] .

علماً أنه توجد أحاديث في الصحيحين ليست موجودة في مسند أحمد ، ورغم ذلك حكم القوم بصحّتها واعتبارها .

الثاني : أن هذه الدعوى معارضة بدعوى أخرى تناقضها ، وهي الطعن في كتاب (نهج البلاغة) لاشتماله على ذكر الوصي والوصاية ، وقد قال الشيخ الفوزان في هذا : فهو لا يرى أن ما في (نهج البلاغة) من ذكر الوصي والوصاية يوجب الطعن فيه ، ثم يدّعي أنه ليس في (نهج البلاغة) ما يخالف كتب السنة ، ولست أدري هل هو يعني كل ما فيه ، أو مسألة الوصي والوصاية فقط ؟ ثم ينفي وجود ذكر الوصي والوصاية في هذا الكتاب ، إلا تعليم النبي صلى الله عليه وآله لعلی ، فهو بهذا يثبت ثم ينفي ! ونحن بتتبعنا للكتاب وجدنا فيه عشرات المواضع التي تتضمن ذكر الوصاية [١٥] .

فقد كفانا الفوزان مؤونة الرّد على هؤلاء وذكر أنّ في كتاب (نهج البلاغة) عشرات الأدلّة على وجود النصّ الإلهي .

الثالث : نأتي الآن لذكربعض نصوص (نهج البلاغة) الدالّة على الإمامة الإلهية التي اختص الله بها أهل البيت عليهم السلام .

منها : الخطبة المعروفة بالشقشقية ، التي فيها أميرالمؤمنين عليه السلام : أما والله لقد تقمَّصها فلان ، وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى ، ينحدرعني السيل ، ولا يرقى إلَّي الطير، فسدلت دونها ثوباً ، وطويت عنها كشحاً ، وطفقت أرتئي بين أن أصول بيد جذَّاءّ ، أو أصبرعلى طخية عمياء ، يهرم فيها الكبير، ويشيب فيها الصغير، ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه ، فرأيت أن الصبرعلى هاتا أحجى ، فصبرت وفي العين قذى ، وفي الحلق شجا أرى تراثي نهباً [١٦] .

وأنا أقطع أنّ القوم اطّلعوا على هذه الخطبة ، لكنهم سدلوا دونها ثوباً ، وطووا عنها كشحاً .

ومنها : الخطبة المذكورة في أوائل النهج ، ومما جاء فيها قوله عليه السلام : هم (يعني آل محمد صلى الله عليه وآله) موضع سرّه ولجأ أمره ، وعيبة علمه ، وموئل حكمه ، وكهوف كتبه ، وجبال دينه ، بهم أقام انحناء ظهره ، وأذهب ارتعاد فرائصه .

إلى أن قال : لا يقاس بآل محمد صلى الله عليه وآله من هذه الأمة أحد ، ولا يسوى بهم من جرت نعمتهم عليه أبداً ، هم أساس الدين ، وعماد اليقين ، إليهم يفيء الغالي ، وبهم يلحق التالي ، ولهم خصائص حق الولاية ، وفيهم الوصية والوراثة ، الآن إذ رجع الحق إلى أهله ، ونقل إلى منتقله [١٧] .

ولا أظنّ أن هناك أصرح من هذا الكلام ، وأملح من هذا البيان ، فقد استخدم في هذه الخطبة كل المصطلحات التي تدل على المبتغى : الولاية ، الوصية ، الوراثة ، الحق ، أساس الدين ، عماد اليقين...

ومنها : قوله عليه السلام ، لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة ، إما ظاهراً مشهوراً ، أو خائفاً مغموراً ؛ لئلا تبطل حجج الله وبيناته ، وكم ذا ؟ وأين أولئك ؟ أولئك والله الأقلون عدداً ، والأعظمون قدراً ، يحفظ الله بهم حججه وبيناته حتى يودعوها نظراءهم ويزرعوها في قلوب أشباههم ، هجم بهم العلم على حقيقة البصيرة ، وباشرو روح اليقين ، واستلانوا ما استوعره المترفون ، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون ، وصحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحل الأعلى ، أولئك خلفاءالله في أرضه ، والدعاة إلى دينه آه آه شوقاً إلى رؤيتهم [١٨] .

وهذه الخطبة نصّ صريح في أن الامامة مستمرة ، وأن الأرض لا تخلو من حجّة ، كما تحوي إشارة إلى إمامة صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف ؛ لأنه هو الوحيد الذي كان خائفاً مغموراً .

ومنها : قوله عليه السلام : أين الذين زعموا أنهم الراسخون في العلم دوننا ، كذباً وبغياً علينا أن رفعنا الله ووضعهم ، وأعطانا وحرمهم ، وأدخلنا وأخرجهم ، بنا يُستعطى الهدى ، ويُستجلى العمى ، إن الأئمة من قريش ، غرُسوا في هذا البطن من هاشم ، لا تصلح على سواهم ، ولا تصلح الولاة من غيرهم [١٩] .

ومنها : قوله عليه السلام : وإنما الأئمة قُوَّام الله على خلقه ، وعرفاؤه على عباده ، لا يدخل الجنة إلا من عرفهم وعرفوه ، ولا يدخل النار إلا من أنكرهم وأنكروه [٢٠] .

وهذا النصّ يؤكَّد صحّة ما يذهب اليه الشيعة الإمامية من أنّ الامامة من الأصول الاعتقادية الواجبة على كل مكلف .

وهذه النصوص الخمسة التي جئت بها هي مجرّد أمثلة ، وإلا فكتاب (نهج البلاغة) مليء بذكرالإمامة والولاية والنص الإلهي .

فأين هذا التناقض المدّعى ؟

وأين هي دعوى عدم ذكر للنصّ الإلهي في نهج البلاغة ؟

٢ – دعوني والتمسوا غيري :

قالوا: أنّ عليًّا عليه السلام رفض الخلافة عندما بايعه النّاس ، فلوكان إماماً مفترض الطاعة منصوصاً عليه لما جازله ذلك ، واستدلّو بما روي في النهج من قوله : دعوني والتمسوا غيري ، فإنا مستقبلون أمراً له وجوه وألوان ، لا تقوم له القلوب ، ولا تثبت عليه العقول ، وإن الآفاق قد أغامت ، والمحجَّة قد تنكَّرت ، واعلموا أني أجبتكم ركبت بكم ما أعلم ، ولك أصغ إلى قول القائل ، وعتب العاتب ، وإن تركتموني فأنا كأحدكم ، ولَعَلّي أسمعكم وأطوعكم لمن ولّيتموه أمركم ، وأنا لكم وزيراً خير لكم مني أميراً [٢١] .

وممن تمسّك بهذا الكلام ابن أبي الحديد المعتزلي الذي جعله دليلاً على ما يذهب إليه ، وبرهاناً لما يعتقد به ، حيث قال : وهذا الكلام يحمله أصحابنا على ظاهره ، ويقولون : إنه عليه السلام لم يكن منصوصاً عليه بالإمامة من جهة الرسول صلى الله عليه وآله ، وإن كان أولى الناس بها ، وأحقهم بمنزلتها ؛ لأنه لو كان منصوصاً عليه بالإمامة من جهة الرسول عليه السلام لما جاز له أن يقول : ((دعوني والتمسواغيري)) ، ولا أن يقول : (( ولعلي أسمعكم وأطوعكم لمن ولّيتموه أمركم )) ، ولا أن يقول (( وأنا لكم وزيراً خيرمني لكم أميراً)) [٢٢] .

والجواب على هذا يكون من وجوه :

الأول : أن هذا النص هو من مرويات سيف بن عمرالتميمي ، فقد رواه في كتابه (الفتنة ووقعة الجمل) [٢٣] ، ورواه عنه الطبري في تاريخه [٢٤] ، وابن الجوزي في المنتظم [٢٥] ، وغيرهم .

وهذا الرجل من الكذابين الوضّاعين المشهود لهم بذلك عند الخاصّة والعامة ، بحيث لا يعتري شخص الريب في ذلك .

ولهذا قال المحقق التستري تعليقاً على هذه الرواية : الأصل في العنوان رواية سيف الذي قد عرفت في ٢٤ من فصل عثمان أن رواياته كذب وافتعال ، إمّا كلاً ، وإما جزءاً وأنه يدخل في كل شيء شيئاً ، ويضع في مقابل أمر أمراً ، ومما يوضَّح تصرّفه في هذا الخبر إدخاله فيه إكراه طلحة والزبيرعلى بيعته عليه السلام ، مع وضوح أنه عليه السلام لم يكن يجبرأحداً ، وأيضاً إدخاله فيه أن أهل البصرة أرادوا جعل الأمر لطلحة ، وأن أهل الكوفة أرادوا جعل الأمر للزبير، ولم يرد الأمر له عليه السلام غير أهل مصر، وهو أيضاً واضح البطلان [٢٦] .

الثاني : أن المعنى الذي فهمه القوم من هذه الرواية مخالف للروايات الأخرى في النهج التي تنصّ صراحة على أنّ أميرالمؤمنين عليه السلام مفترض الطاعة ، وأنّ منصّب من الله عزَّ وجل ، وعليه فلابد من تأويل هذه العبارات بحيث تلتئم مع تلك حتى لا تحصل المخالفة .

الثالث : وجّه علماؤنا هذا النص بعدّة وجوه تتلاءم مع الروايات المتواترة الناصة على إمامة أميرالمؤمنين عليه السلام ، ومنها :

١ – ما ذكره ابن ميثم البحراني قدس سره في شرحه على النهج ، حيث قال : حاصل هذا الفصل أنّ لا بد لكل مطلوب على أمر من تعزّز فيه وتمنع ، والحكمة في ذلك أنّ الطالب له يكون أرغب فيما يطلب ، فإن الطبع حريص على ما مُنع ، سريع النفرة عمّا سورع إلى إجابته فيه ، فأراد عليه السلام التمنّع عليهم لتقوى رغبتهم إليه فأنّه لم يصل إليه هذا الأمر إلا يعد اضطراب في الدين [٢٧] .

أي أنّ أميرالمؤمنين عليه السلام أراد شحذ همم القوم واستنهاضهم كي يتّقّي غدرتهم بعد ذلك ، كما حصل معه عند وفاة النبي صلى الله عليه وآله لمّا تجمعوا حول وبايعوه ، ثم كانوا أول المرتدين عن بيعته .

ويخطر بالباب كتتمة لجواب العلامة ابن ميثم البحراني قدس سره أن أقول : إن هذا التمنّع يراد منه تعريض بالسابقين الذين كانوا يلهثون وراء الملك ، ويتلهفون لارتقاء مسند الخلافة ، فنجد أن لأول سارع إلى السقيفة والنبي المصطفى صلى الله عليه وآله لم یجهّز بعد ، ولم يوار قبره ، والثاني تولّى الأمر وصاحبه لا يزال على فراش الموت ، والثالث قبل الخلافة بلا تردّد لما سأله عبدالرحمن بن عوف أن يبايع على كتاب الله وسنة نبيه وسيرة الشيخين .

٢ – ما ذكره العلامة المجلسي قدس سره في البحار، حيث قال : ولما كان الناس نسوا سيرة النبي ، واعتادوا بما عمل فيهم خلفاء الجور من تفضيل الرؤساء والأشراف لانتظام أمورهم ، وأكثرهم إنما نقموا على عثمان استبداده بالأموال ، كانوا يطمعون منه عليه السلام أن يفضّلهم أيضاً في العطاء والتشريف ، ولذا نكث طلحة والزبيرفي اليوم الثاني من بيعته ، ونقموا عليه التسوية في العطاء ، وقالوا: ((آسیتً بیننا وبین الأعاجم)) وکذلك عبدالله بن عمر، وسعيد بن العاص ، ومروان وأضرابهم ، ولم يقبلوا ما قسم لهم ، فهؤلاء القوم لما طلبوا البعة بعد قتل عثمان قال عليه السلام : (( دعوني والتمسوا غيري)) ، إتماماً للحجة عليهم ، وأعلمهم باستقبال أمور لها وجوه وألوان لا يصبرون عليها ، وأنه بعد البيعة لا يجيبهم إلى ما طمعوا فيه ، ولا يصغي إلى قول القائل وعتب العاتب ، بل يقيمهم على المحجة البيضاء ، ويسيرفيهم بسيرة رسول الله صلى الله عليه وآله [٢٨] .

وبیانه أن القوم انحرفوا على سيرة المصطفى صلى الله عليه وآله طيلة خمس وعشرين سنة ، وسلكوا طريق الظالمين ، فلما أرادوا أن يبايعوا أميرالمؤمنين عليه السلام على نهج السابقين من التفضيل في العطاء والمحاباة فيه ، أراد أن ينبههم بهذا الكلام على أن سيرته ستكون مخالفة لمن سبقه ، فقال لهم : فإنا مستقبلون أمراً له وجوه وألوان ، لا تقوم له القلوب له القلوب ، ولا تثبت عليه العقول ، وإن الآفاق قد أغامت ، والمحجّة قد تنكرّت ، واعلموا أني إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم ، ولم أصغ إلى قول القائل وعتب العاتب .

 ٣ – ما ذكره القطب الراوندي في منهاج البراعة ، فأنه قال : هذا كلام مستزيد شاك لقومه ، يعني أنهم عاملوه هذا المعاملة قبل ذلك ، فيقول لهم : (( دعوني ، والتمسوا غيري)) على طريق التهكم والشكاية ، يعني أنهم يعتقدون ذلك فيما قبل ، وقوله : (( وأنا لهم وزيرا)) يعني على ما كانوا يعتقدونه فيه عليه السلام من أن بأن يكون وزيراً خير منه أميراً ، وهذا من باب قوله تعالى : ( ذُق إِنَّك أَنتَ العّزِيزُالكّرِيمُ) يعني على ما تعتقده [٢٩] .

وبيانه أن أميرالمؤمنين عليه السلام جاراهم في قولهم وعتقدهم من باب تذكيرهم بماضيهم معه ، وكيف أنهم تخلو عنه قبل سنين ، فصاروا الآن  يتدافعون عند باب بيته فالغرض هو إلزامهم باعتقادهم ؛ لكي يحسّوا بقيمة السنين التي ضيّعوها بأنفسهم .

رابعاً : إذا كان القوم لا يقبلون صرف هذا الكلام على ظاهره، ويتشبّثون بالمعنى الحقيقي ، فعليهم أن يلتزموا هذا النهج في كل النّصوص الواردة على ألسنة الصحابة التي منها :

ما قاله أبو بكر بن أبي قحافة في خطبته الأولى التي تلت بيعته ، فإنه قال : أما بعد ، أيها الناس فإني قد وُلَّيتُ عليكم ولستُ بخيركم ، فإن أحسنت فأعينوني ، وإن أسأت فقوّموني ، الصدق أمانة ، والكذب خيانة ، والضعيف فيكم قوي عندي حتى أزيح علته إن شاءالله ، والقوي فيكم ضعيف حتى آخذ منه الحق إن شاءالله [٣٠] .

فالرجل يعترف صراحة أنه ليس أفضل الصحابة ، فكيف نبذتهم شهادته على نفسه خلف ظهوركم ، وصيّرتم القول بتفضيله عقيدة ، بل جعلتم تقديم أحد عليه محبطاً للأعمال !

فقد روى الخلال بسنده عن سفيان الثوري ، قال : من قدّم على أبي بكر وعمرأحداً فقد أزرى على المهاجرين والأنصار، ولا أحسبه ينفعه مع ذلك عمل [٣١] .

ومنها : قول عمر بن الخطاب الذي رواه أحمد أحمد بن حنبل في كتاب الزهد بسنده عن ابن جدعان ، قال : سمع عمر رجلاً يقول : اللهم اجعلني من الأقلين . فقال : ياعبدالله وما الأقلون ؟ قال : سمعت الله يقول : (وَمَآءَ امَنَ مَعَهُ إِلَا قَلِيلٌ) ،(وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِي الشَّكُورُ) ، وذكر آیات أخر، فقال عمر: كل أحد أفقه من عمر [٣٢] .

ومارواه الهيثمي في مجمع الزوائد ، قال : وعن مسروق ، قال : ركب عمر بن الخطاب منبر رسول الله صلى الله عليه وآله ثم قال : يا أيها الناس ما أكاثركم في صُدُق النساء ،وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وأصحابه ، وإنما الصدقات فيما بينهم أربعمائة درهم فما دون ذلك ، فلو كان الإكثارفي ذلك تقوى عند الله أو مكرمة لم تسبقوهم إليها ، فلا أعرفنَّ ما زاد رجل على أربعمائة درهم . قال : ثم نزل ،فاعترضه أمراة من قريش ، فقالت : ياأميرالمؤمنين نهيت الناس أن يزيدوا النساء في صدقاتهم على أربعمائة درهم ؟ قال : نعم ، قال : أما سمعت ما أنزل الله عزَّوجل في القرآن ؟ فقال : فأنى ذلك ؟ قالت : أما سمعت الله عزَّوجل يقول:( وَأتَيتُمِ إِحدَاهُنَّ قِنطَاراً فَلَا تَأخُذُوا مِنهُ شِيئاً أَتاخُذُونَهُ بُهتاناً وَإِثماً مُّبِيناً) ، فقال : اللهم غفراً، كل الناس أفقه من عمر [٣٣] .

وقد صحَّح هذا الأثر جملة من حُفَّاظ أهل السنة والجماعة ، منهم : ابن كثيرالدمشقي في تفسيره [٣٤] ، وجلال الدين السيوطي في الدرالمنثور [٣٥] ، والزيلعي في التخريج [٣٦] ، والسخاوي في المقاصد [٣٧] ، والزركشي في التذكرة [٣٨] .

فهذا اعتراف صريح من عمر بن الخطاب بأنه لاحظّ له من العلم ، وأن كل الناس أعلم منه حتى النساء!

لكن نجد أن المخالفين لم يأخذوا بهذه الشهادة وهذا الإقرارالذي يعتبرسيَّد الأدلة ، بل اعتبروا عمرأعلم الخلق ، ولا يوجد له نظير في هذه الأمّة ، بل حتى في الأمم السابقة !

ولذلك ذكروا أن الله جلَّ جلاله كان يوافق عمر في ما يذهب إليه ، وليس العكس إي أن عمر يوافق الله ، وقد على أطلقوا هذه الحالة اسم موافقات عمر، وهي أن يقول النبي صلى الله عليه وآله شيئاً ، ويخالفه عمر بن الخطاب ، فينزل الوحي موافقاً لقول عمر، ومخطئاً خيرالبشرصلى الله عليه وآله .

وقد صرّح ابن القيم بعقيدته في علم عمر بن الخطاب دون تقية ولا تورية ، فقد قال في كتابه (مفتاح دارالسعادة) : وأما الأثرالذي ذكره مالك عن يحيى بن سعيد أن عمربن الخطاب قال لرجل : ما اسمك ؟ قال : جمرة .

الحديث إلى آخر، فالجواب عنه أنه ليس بحمد الله فيه شيء من الطيرة ، وحاشا أميرالمؤمنين عليه السلام من ذلك ، وكيف يتطيَّر وهو يعلم أن الطيرة شرك من الجبت ، وهو القائل في حديث اللقحة ما تقدّم ، ولكن وجه ذلك والله أعلم أن هذا القول كان منه مبالغة في الإنكارعليه ؛ لاجتماع أسماء النار والحريق في اسمه واسم أبيه وجدّه وقبيلته وداره ومسكنه ، فوافق قوله : ((اذهب فقد احترق منزلك وقدرك)) ، ولعلّ قوله كان السبب ، وكثيراً ما يجري مثل هذا لمن هو دون عمر بكثير، فكيف بالمحدَّث الملهّم الذي ما قال لشيء: (( إني لأظنه كذا)) إلا كان كما قال ، وكان يقول الشيء ويشير به فينزل القرآن بموافقته « فإذا نزل الأمر الديني أن قال : فإذا

نزل الامر الديني بموافقة قوله فكذلك وقوع الامر الكوني القدري موافقا لقوله [٣٩].

الى أن قال : فاذا كانت هذه موافقة عمر لربّه في شرعه ودينه ، وينطق بالشيء فيكون هو المأمورالمشروع ، فكذلك لا يبعد موافقته له تعالى في قضائه وقدره ، ينطق بالشيء فيكون هو المقضي المقدور [٤٠] .

فعمر بن الخطاب عند ابن القيم قوله حُكْمٌ وحَتْم ، سواء كان الأمرشرعيًّا أم تكوينيًّا ، ولا ندري أين كانت هذه القدرة وهذه الموافقة الكونية القدّرية الشرعية في عمرعندما أفحمته تلك المرأة ؟!

ومنها : ما ذكرته عائشة عند وفاتها حيث قالت : إني قد أحدثت بعد رسول الله صلى الله عليه وآله ، فادفنوني مع أزواج النبي صلى الله عليه وآله [٤١] .

فالکل یعلم أنها تقصد بالحدث ما حصل في موقعة الجمل التي سُفكت فيها دماء الألوف من المسلمين ، ورغم هذا الاعتراف إلا أنك تجد الكثيرممن يصرعلى أن خروجها كان صواباً ، وأنها كانت محقّة فيما فعلته .

------------------------------------------------------------------------------------------------
[١] . قراءة راشدة في نهج البلاغة : ١٢ .
[٢] . قراءة راشدة في نهج البلاغة : ٨٨ .
[٣] . نهج البلاغة ٤ / ٨٤ .
[٤] . قراءة راشدة في نهج البلاغة : ١٣ .
[٥] . شرح نهج البلاغة ٢٠ / ١٢٧ .
[٦] . قراءة راشدة في نهج البلاغة : ٩٢ .
[٧] . نهج البلاغة ١ / ٢١٥ .
[٨] . المعجم الكبير٢٤ / ٣٥٢ .
[٩] . المستدرك على الصحيحين ١ / ٥١٩ .
[١٠] . الملل والنحل ١ / ٢٤ .
[١١] . تأملات في نهج البلاغة : ٥ .
[١٢] . قراءة راشدة في نهج البلاغة :١٨ .
[١٣] . نهج البلاغة : ٩ .
[١٤] . سيرأعلام النبلاء ١١ / ٣٢٩ .
[١٥] . البيان لأخطاء بعض الكتاب : ٩٧ .
[١٦] . نهج البلاغة ١ / ٣١ .
[١٧] . نفس المصدر ١ / ٣٠ .
[١٨] . نفس المصدر٤ /٣٧ .
[١٩] . نفس المصدر ٢ / ٢٧ .
[٢٠] . نفس المصدر٢ / ٤١ .
[٢١] . نهج البلاغة ١ / ١٨٢ .
[٢٢] . شرح نهج البلاغة ٧ / ٣٣ .
[٢٣] . الفتنة ووقعة الجمل ٩٣ .
[٢٤] . تاريخ الطبري ٣ / ٤٥٦ .
[٢٥] . المنتظم في تاريخ الأمم ٥ / ٦٥ .
[٢٦] . بهج الصباغة ٩ / ٤١٩ .
[٢٧] . شرح ابن ميثم ٢ / ٣٨٥ .
[٢٨] . بحارالأنوار ٣٢ / ٣٦ .
[٢٩] . منهاج البراعة ١ / ٤٢٤ .
[٣٠] . سيرة ابن هشام ٦ / ٨٢ ، تاريخ الطبري ٢ / ٤٥٠ ،وقد علّق ابن كثيرعلى هذه الخطبة في كتابه السيرة ٤ / ٤٩٣ بقوله : وهذا اسناد صحيح .
[٣١] . السنة للخلال ١ / ٣٧٥ .
[٣٢] . الزهد : ١١٤ .
[٣٣] . مجمع الزوائد ٤ / ٢٨٣ .
[٣٤] . تفسيرالقرآن العظيم ١ / ٤٧٨ .
[٣٥] . تفسير الدر المنثور ١٣٣ .
[٣٦] . تخريج الأحاديث والآثار ١/ ٢٩٦ .
[٣٧] . المقاصد الحسنة : ٣٧٠ .
[٣٨] . التذكرة في الأحاديث المشتهرة ١٩٤ .
[٣٩] . مفتاح دارالسعادة ٢ / ٢٥١ .
[٤٠] . نفس المصدر٢ / ٢٥٢ .
[٤١] . الطبقات الكبرى لابن سعد ٨ / ٧١ .

يتبع .....

****************************