تأمّلات في متن الحديث ومدلوله
وبعد ، فإنه لا بُدّ من التأمل في متن الحديث ومدلوله ... فلا بدّ من النظر إلى المتن .. لأنه في كل مورد يختلف فيه متن الحديث والأسانيد معتبرة ، يلجأ العلماء إلى القول بتعدّد الواقعة .. واما حيث لا يمكن الالتزام بتعدّدها وتعذّر الجمع بين ألفاظ الحديث .. فذلك عندهم قرينة قويّة على أن لا واقعيّة للقضيّة ...
هذا ما قرره العلماء.. وبنوا عليه في كثير من الأحاديث الفقهية وأخبار القضايا التاريخية.. ونحو ذلك ...
ولا بدّ من النظر في الدلالة ... فقد يكون الحديث صحيحاً سنداً ولكنه يخالف ـ من حيث الدلالة ـ الضرورة العقلية أو محكم الكتاب أو قطعيّ السنة أو واقع الحال ...
ونحن ننظر في متن هذا الحديث ومدلوله ، بعد فرض صحّة سنده وقبوله .. في فصول :
تأمّلات في خصوص حديث المسور :
١ ـ لقد جاء عن مسور : سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم « وأنا محتلم » قال ابن حجر بشرح البخاري : « في رواية الزهري عن علي بن حسين عن المسور ـالماضية في فرض الخمس ـ : (يخطب الناس على منبره هذا وأنا يومئذٍ محتلم). قال ابن سيّد الناس : هذا غلط . والصواب ما وقع عند الإسماعيلي بلفط (كالمحتلم). أخرجه من طريق يحيى بن معين عن يعقوب بن إبراهيم بسنده المذكور إلى علي بن الحسين . قال : والمسور لم يحتلم في حياة النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم ، لأنه ولد بعد ابن الزبير ، فيكون عمره عند وفاة النبي صلى الله عليه [واله] وسلّم ثمان سنين »( فتح الباري ٩|٢٦٨ ـ ٢٧٠) .
وقال بترجمة المسور : ووقع في صحيح مسلم من حديثه في خطبة علي لابنة أبي جهل ، قال المسور : سمعت النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم وأنا محتلم يخطب النّاس ، فذكر الحديث . وهو مشكل المأخذ ، لأن المؤرخين لم يختلفوا أن مولده كان بعد الهجرة ، وقصّة خطبة علي كانت بعد مولد المسور بنحو ست سنين أو سبع سنين . فكيف يسمى محتلماً؟! »(تهذيب التهذيب ١٠|١٣٧).
أقول : فهذا إشكال في المتن ! ولربما أمكن الإشكال من هذه الناحية في السند ! والعجب من الذهبي كيف توهّم من هذا الحديث كونه محتلماً يومذاك (سير أعلام النبلاء ٣|٣٩١).
٢ ـ ذكر المسور قصة خطبة بنت أبي جهل عند طلبه للسيف من علي بن الحسين عليه السلام ... وقد وقع الإشكال عندهم في مناسبة ذلك ، وذكروا وجوهاً اعترفوا بكون بعضها تكلّفاً وتعسفاً ، لكن الحق أن جميعها كذلك كما سترى :
قال الكرماني : « فإن قلت : ما وجه مناسبة هذه الحكاية لطلب السيف ؟ قلت : لعل غرضه منه أن رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم كان يحترز مّما يوجب الكدورة بين الأقرباء ، وكذلك أنت أيضاً ينبغي أن تحترز منه ، وتعطيني هذا السيف حتى لا يتجدد بسببه كدورة أخرى .
أو : كما أن رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلّم يراعي جانب بني أعمامه العبشمية ، أنت راع جانب بني أعمامك النوفلية ؛ لأن المسور نوفلي .
أو : كما أنه صلى الله عليه [وآله] وسلّم يحبّ رفاهيّة خاطر فاطمة ، أنا أيضاً أحبّ رفاهيّة خاطرك ، فأعطنيه حتى أحفظه لك »(الكواكب الدراري ١٣|٨٨).
هذه هي الوجوه التي ذكرها الكرماني لدفع الإشكال ، وقد ذكرها ابن حجر وقال ـ بعد أن أشكل على الثاني بأن المسور زهري لا نوفلي ـ : « والأخير هو المعتمد.
وما قبله ظاهر التكلّف » قال : « وسأذكر إشكالاً يتعلّق بذلك في كتاب المناقب »(فتح الباري ٦|٦١) .
وكأن العيني لم يرتض هذا الوجه المعتمد! فقال : « وانما ذكر المسورقصّة خطبة عليّ بنت أبي جهل ليعلم علي بن الحسين زين العابدين بمحبته في فاطمة وفي نسلها لما سمع من رسول الله » (عمدة القاري ١٥|٣٤).
قلت : إذا كان ذكر القصة ليعلم أنه يحبّ . رفاهيّة خاطره ، أو ليعلم بمحبّته في فاطمة ونسلها ... فأيّ خصوصيّة للسيف ؟! وهل كانت الرفاهية لخاطره حاصلة من جميع الجهات ، وهو قادم من العراق مع تلك النسوة والأطفال بتلك الحال ، وبقي خاطره مشوشاً من طرف السيف ، فأراد رفاهية خاطره ، أو إعلامه بمحبته له ، كي يعطيه السيف ؟!.
٣ ـ وهل من المعقول أن يذكر الإنسان لمن يريد أن يعلم بمحبته له ورفاهية خاطره ما يكدر خاطره ويجرح عواطفه ؟!
وهذا هو الإشكال الذي أشار إليه ابن حجر في عبارته الآنفة. ثم قال في كتاب المناقب : « ولا أزال أتعجب من المسور كيف بالغ في تعصبه لعلي بن الحسين ، حتى قال : إنه لو أودع عنده السيف لا يمكن أحداً منه حتى تزهق روحه ، رعاية لكونه ابن ابن فاطمة ، ولم يراع خاطره في أن في ظاهر سياق الحديث غضاضة على علي بن الحسين ، لما فيه من إيهام غضٍ من جدّه علي بن أبي طالب ، حيث أقدم على خطبة بنت أبي جهل على فاطمة ، حتى اقتضى أن يقع من النبي صلى الله عليه [وآله] وسلّم في ذلك من الإنكار ما وقع ؟!
بل أتعجّب من المسور تعجباً اخر أبلغ من ذلك ، وهو ان يبذل نفسه دون السيف رعاية لخاطر ولد ابن فاطمة ، وما بذل نفسه دون ابن فاطمة نفسه ـ أعني الحسين والد علي الذي وقعت معه القصّة ـ حتى قتل بأيدي ظلمة الولاة؟!! »( فتح الباري ٩|٢٦٨).
ثم إن ثمة شيئاً آخر ... وهو أن المسور بن مخرمة لمّا خطب الحسن بن الحسن ابنته : « حمد الله عز وجل وأثنى عليه وقال : أمّا بعد ، فما من نسب ولا سبب ولا صهر أحبّ إلي من نسبكم وصهركم ، ولكن رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم قال : فاطمة بضعة مني ، يقبضني ما يقبضها ، ويبسطني ما يبسطها ، وإن الأنساب يوم القيامة تنقطع إلآ نسبي وسببي وصهري ، وعندك ابنته ولو زوجتك لقبضها ذلك » فانطلق الحسن عاذراً إليه(مسند أحمد ٤|٣٢٣ ، المستدرك ٣|١٥٨ ، سنن البيهقي ٧|٦٤) .
ولو كان مسور يروي قصة خطبة أبي جهل لاستشهد بها وحكى الحديث كاملاً ، لشدّة المناسبة بين خطبة عليّ ابنة أبي جهل وعنده فاطمة وخطبة الحسن بن الحسن ابنة المسور وعنده بنت عمه !
فهذه إشكالات حار القوم في حلها الحل المعقول ...
تأملات في ألفاظ الحديث :
وهنا أسئلة :
الأول : هل خطب عليّ ابنة أبي جهل حقاً؟
الملاحظ أن في حديث الليث ، عن ابن أبي مليكة ، عن المسور « سمعت النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم يقول : إن بني المغيرة استأذنوني في أن ينكح عليّ ابنتهم ... ».
وفي أغلب طرق حديث الزهري ـ وبعض الأحاديث الأخرى ـ عن علي بن الحسين ، عن المسورّ « أن علي بن أبي طالب خطب ... ».
وفي حديث عبد الله بن الزبير : « أن عليّاً ذكر بنت أبي جهل ... ».
وهذا ليس اختلافاً في التعبير فحسب ...
الثاني : هل وعد عليّ النكاح ؟
** صريح بعض الأحاديث عن الزهري : « وعد النكاح » وهو ظاهر الأحاديث الأخرى ـ عن الزهري أيضاً ـ التي فيها قول فاطمة للنبي : « هذا عليّ ناكحاً » أو « نكح » فإنه بعد رفع اليد عن ظهوره في تحقق النكاح فلابدّ من وقوع الخطبة والوعد بالنكاح .
لكن في حديث .أبي حنظلة : « فقال له أهلها : لا نزوّجك على ابنة رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم ».
الثالث : هل وقع الاستئذان من النبي؟
صريح الحديث عن الليث عن المسورأنه سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلّم يعلن أنه قد استؤذن في ذلك وأنه لا يأذن . لكن صريح الحديث عن الزهري عن المسور أنه سمعه يتشهد ثم قال : « أمّا بعد ، أنكحت أبا العاص بن الربيع ، فحدّثني وصدقني ... » أو نحو ذلك ممّا فيه التعريض بعلي وليس فيه تعرّض للمشورة والاستئذان منه ! وكذا الحديث عن إيوب عن ابن الزبير ، لا تعرض فيه للاستئذان ، لكن بلا تعريض ، فجاء فيه : « فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم فقال : إنّما فاطمة بضعة مني ... ».
الرابع : من الذي استأذن ؟
قد عرفت خلو حديث الزهري عن الاستئذان مطلقاً.
ثم إن كثيراً من الأحاديث تنص على استئذان أهل المرأة . وفي بعضها : أنه استأذن بنفسه وقال له : « أتأمرني بها؟ » فقال : « لا ، فاطمة مضغة مني ... فقال : لا آتي شيئاً تكرهه ».
الخامس : من الذي أبلغ النبي ؟
في حديث أيوب عن ابن الزبير : « فبلغ ذلك ... ».
وفي حديث الليث عن ابن أبي مليكة عن المسور : أنهم أهل المرأة حيث جاءوا إليه ليستأذنوه ...
وفي حديث سويد بن غفلة : أنه عليّ نفسه . حيث جاء ليستأذنه ...
لكن في حديث الزهري : إنها فاطمة !.. إنها لمّا سمعت بذلك خرجت من بيتها وأتت النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم وجعلت تخاطبه بها لا يليق ! يقول الزهري : « إن علياً خطب بنت أبي جهل ، فسمعت بذلك فاطمة ، فأتت رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلم فقالت : يزعم قومك أنك لا تغضب لبناتك ، وهذا عليّ ناكح بنت أبي جهل ، فقام رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم ... ».
بل في حديثٍ يرويه مفاده شيوع الخبر بين الناس !! يقول : « فقال الناس : أترون أن رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلّم يجد من ذلك ؟! فقال ناس ... وقال ناس ... ».
وهناك أسئلة أخرى ...
فألفاظ الحديث متناقضة جدّاً ، والقضية واحدة ، وقد تحير الشرّاح هنا أيضاً واضطربت كلماتهم ولم يوفقوا للجمع بينها وإن حاولوا وتمحلوا !!
تامّلات في مدلوله :
ثم إنه يجب النظر في هذه الأحاديث من الناحية الفقهية والناحية الأخلاقية والعاطفية... بعد فرض ثبوت القضيّة ...
فماذا صنع عليّ ؟ وما فعلت فاطمة؟ وأيّ شيء صدرمن النبي ؟
لقد خطب عليّ ابنة أبي جهل ، فتأذت الزهراء ، فصعد النبي المنبر وقال ...
هل كان يحرم على علي التزوج على فاطمة أو لا؟
وعلى الأول : فهل كان على علم بذلك أو لا؟
لا ريب في أن علياً لا يقدم على هذا الأمر المحرم عليه مع علمه بالحرمة ، فإمّا أن لا تكون حرمة ، وإمّا أن لايكون له علم بها.
لكن الثاني لا يجوز نسبته إلى سائر الناس فكيف بباب مدينة علم النبي صلى الله عليه وآله وسلم ؟!
فهو إذن حين فعل ذلك لم يكن فاعلاً لمحرم في الشريعة ، لأن حاله حال سائر
المسلمين الجائز عليهم نكاح الأربع ، ولو كان ـ بالنسبة إليه خاصّة ـ حكم دون رجال المسلمين لعلمه !
وحينئذٍ فهل من الجائز خروج الصدّيقة الطاهرة ـ بمجرد سماعها الخبرـ إلى رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلّم لتشكو بعلها وتخاطب أباها بتلك الكلمات القارصة؟ !
إنه لم يفعل محرماً حتى تكون قد أرادت النهي عن المنكر ، فهل أن شأنها شأن غيرها من النساء ويكون لها من الغيرة ما يكون لسواها؟! وهل كانت غيرتها لإقدام عليّ على النكاح أو لكون المخطوبة بنت أبي جهل ؟!
والنبي ... يصعد المنبر... بعد أن يرى فاطمة منزعجة ... أو بعد أن يستأذنه القوم في أن ينكحوا ابنتهم ... فيخاطب الناس ؟!
وماذا قال ؟! قد اشتملت خطبته على ما يلي :
١ ـ الثناء على صهرله من بني عبد شمس !
٢ ـ الخوف من أن تفتن فاطمة في دينها!
٣ ـ إنه ليس يحرم حلالاً ولا يحلّ حراماً ... ولكن لا يأذن !
٤ ـ إنه لا تجتمع بنت رسول الله وبنت عدوّ الله ! وفي لفظ : إنه ليس لأحد أن يتزوج ابنة عدو الله على ابنة رسول الله ! وفي ثالث : لم يكن ذلك له أن يجمع ... !
٥ ـ إلا أن يريد ابن أبي طالب أن يطلق ابنته صلى الله عليه وآله وسلّم وينكح ابنتهم ! وفي لفظ : إن كنت تزوجتها فردّ علينا ابنتنا. .!
أترى من الجائزكل هذا؟!
لقد حار الشرّاح ـ وهم يقولون بأن علياً خطب ولم يكن بمحرم عليه ، وبأن فاطمة تعتريها الغيرة كسائر النساء! ـ في توجيه ما جاءت به الأحاديث عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم في هذه الواقعة ...
إن علياً كان قد أخذ بعموم الجواز!
وفاطمة الزهراء ليست بالتي تفتن عن دينها أو يعتريها ما يعتري النسوة وقد نزلت فيها اية التطهير من السماء ، وكانت لعصمتها وكمالاتها سيدة النساء ، وعلى فرض ذلك ـ كما تقول هذه الأحاديث ـ فلا خصوصية لابنة أبي جهل .
والنبي يعترف في خطبته بأن علياً ما فعل حراماً ، ولكن لا يأذن . فهل إذنه شرط ؟! وحل يجوز حمل الصهر على طلاق زوجته إن تزوج بأخرى عليها؟!
كل هذا غير جائز ولا كائن ...
سلّمنا أن فاطمة أخذتها الغيرة(ومن هنا ذكر ابن ماجة الحديث في باب الغيرة .) ، والنبي أخذته الغيرة لابنته ، (ومن هنا عنون البخاري : « باب ذبّ الرجل عن ابنته في الغيرة والإنصاف » ولم يذكر فيه إلآ هذا الحديث!!). فلماذا صعد المنبر وأعلن القصة وشهر؟!
يقول ابن حجر : « وإنما خطب النبي ليشيع الحكم المذكور بين الناس ويأخذوا به ، إمّا على سبيل الإيجاب ، وإمّا على سبيل الأولوية »(فتح الباري ٧|٦٨). وتبعه العيني (عمدة القاري ١٦|٢٣٠) .
والمراد بالحكم : حكم « الجمع بين بنت رسول الله وبنت عدو الله » لكن ألفاظ الحديث مختلفة ، ففي لفظ : « لا تجتمع ... » وفي آخر : « ليس لأحد... » وفي ثالث : « لم يكن ذلك له ». ولذا اختلفت كلمات العلماء في الحكم !
قال النووي : « قال العلماء : في هذا الحديث تحريم إيذاء النبي صلى الله عليه [وآله] وسلّم بكل حال وعلى كل وجه ، وإن تولد ذلك الإيذاء ممّا كان أصله مباحاً وهو حي. وهذا بخلاف غيره . قالوا : وقد أعلم بإباحة نكاح بنت أبي جهل لعلي بقوله : لست احرم حلالاً ، ولكن نهى عن الجمع بينهما لعلتين منصوصتين ، إحداهما : أن ذلك يؤدّي إلى أذى فاطمة فيتأذى حينئذٍ النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم فيهلك من آذاه .
فنهى عن ذلك لكمال شفقته على عليّ وعلى فاطمة . والثانية : خوف الفتنة عليها بسبب الغيرة .
وقيل : ليس المراد به النهي عن جمعهما ، بل معناه : أعلم من فضل الله أنهما لا تجتمعان ، كما قال أنس بن النضر : والله لا تكسر ثنية الربيع .
ويحتمل أن المراد : تحريم جمعهما ، ويكون معنى لا احرم حلالاً ، أي : لا أقول شيئاً يخالف حكم الله ، فإذا أحلّ شيئاً لم أحرمه ، وإذا حرمه لم أحلله ولم أسكت عن تحريمه ، لأن سكوتي تحليل له ، ويكون من جملة محرمات النكاح الجمع بين بنتي عدوّ الله وبنت نبي الله »(المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجّاج ـ هامش إرشاد الساري ـ ٩|٣٣٣) .
وقال العيني : « نهى عن الجمع بينها وبين فاطمة ابنته لعلتين منصوصتين ... »(عمدة القاري ١٥|٣٤).
أقول : أمّا « الا تجتمع ... » فليس صريحاً في التحريم ، ولذا قيل : (ليس المراد به النهي عن جمعهما ، بل معناه : اعلم من فضل الله أنهما لا تجتمعان ».
وأمّا « ليس لأحد... » فظاهر في الحرمة لعموم المسلمين ، فيكون حكماً مخصّصاً لعموم أدلّة الجواز لكن لا يفتني به أحد... بل يكذبه عمل عمر بن الخطاب ، حيث خطب ـ فيما يروون ـ ابنة أمير المؤمنين الإمام عليّ عليه السلام وعنده غير واحدة من بنات أعداء الله كما لا يخفى على من راجع تراجمه .
وأما « لم يكن ذلك له » فصريح في اختصاص الحكم بعين ، فهل هو نهي تنزيهي أو تحريمي ؟ إن كان الثاني فلا بدّ أن يفرض مع جهل علي به ، لكن المستفاد من النووي وغيره هو الاوّل ، فهو صلّى الله عليه وآله وسلّم نهى عن الجمع للعلتين المذكورتين .
أما الثانية فلا تتصوّرفي حق كثير من النساء المؤمنات فكيف بالزهراء الطاهرة المعصومة !!
وأما الأولى فيردها : أن صعود المنبر ، والثناء على صهر آخر ، ثم القول بأنه :« إلا أن يريد ابن أبي طالب أن يطلّق ... »... ينافي كمال شفقته على علي وفاطمة ...
ولعل ما ذكرناه هو وجه الأقوال الأخرى في المقام .
وقال ابن حجر بشرح : « إلا أن يريد ابن أبي طالب ... » : « هذا محمول على أن بعض من يبغض علياً وشى به أنه مصمم على ذلك ، وإلا فلا يظنّ به أنه يستمر على الخطبة بعد أن استشار النبي صلى الله عليه [آله] وسلم فمنعه . وسياق سويد بن غفلة يدل على أن ذلك وقع قبل أن تعلم به فاطمة ، فكأنه لما قيل لها ذلك وشكت إلى النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم بعد أن أعلمه علي أنه ترك ، أنه انكر عليه ذلك .
وزاد في رواية الزهري وإني لست أحرم حلالاً ولا أحلل حراماً ، ولكن ـ والله ـ لا تجمع بنت رسول الله وبنت عدوّ الله عند رجل أبداً. وفي رواية مسلم : مكاناً واحداً أبداً. وفي رواية شعيب : عند رجل واحد أبداً.
قال ابن التين : أصح ما تحمل عليه هذه القصة : أن النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم حرم على عليّ أن يجمع بين ابنته وبين ابنة أبي جهل ، لأنه علل بأن ذلك يؤذيه ، وأذيته حرام بالاتفاق . ومعنى قوله : لا أحرم حلالاً ، أي : هي له حلال لو لم تكن عنده فاطمة . وآما الجمع بينهما الذي لا يستلزم تأذي النبي صلّى الله عليه الله [وآله] وسلّم لتأذي فاطمة به فلا.
وزعم غيره : أن السياق يشعر بأن ذلك مباح لعلي ، لكنه منعه النبي صلى الله عليه [وآله] وسلّم رعاية لخاطر فاطمة ، وقبل هو ذلك امتثالاً لأمر النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم.
والذي يظهر لي : أنه لا يبعد أن يعد في خصائص النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم أن لا يتزوج على بناته .
ويحتمل أن يكون ذلك خاصاً بفاطمة عليها السلام »(فتح الباري ٩|٢٦٨).
أقول : لايخفى الأضطراب في كلماتهم ... ولا يخفى ما في كل وجهٍ من هذه الوجوه ...
ولو ذكرنا التناقضات الأخرى الموجودة بينهم لطال بنا المقام ...
ومن طرائف الأمور جعل البخاري كلام النبي خلعاً ، ولذا ذكر الحديث في باب الشقاق من كتاب الطلاق ... !! لكن القوم لم يرتضوا ذلك فحاروا فيه :
قال العيني : « قال ابن التين : ليس في الحديث دلالة على ما ترجم ..
أراد : أنه لا مطابقة بين الحديث والترجمة .
وعن المهلّب : حاول البخاري بإيراده أن يجعل قول النبي صلى الله عليه [وآله] وسلّم : (فلا آذن) خلعاً.
ولا يقوى ذلك . لأنه قال في الخبر : (إلآ أن يريد ابن أبي طالب أن يطلّق ابنتي) فدلّ على الطلاق . فإن أراد أن يستدلّ بالطلاق على الخلع فهو ضعيف ...
وقيل : في بيان المطابقة بين الحديث والترجمة بقوله : يمكن أن تؤخذ من كونه صلى الله عليه [وآله] وسلّم أشار بقوله : (فلا آذن) إلى أن علياً رضي الله تعالى عنه يترك الخطبة . فإذا ساغ جواز الإشارة بعدم النكاح التحق به جواز الإشارة بقطع النكاح .
وأحسن من هذا وأوجه ما قاله الكرماني بقوله : أورد هذا الحديث هنا لأن فاطمة رضي الله تعالى عنها ما كانت ترضى بذلك ، وكان الشقاق بينها وبين علي رضي الله تعالى عنه متوقعاً ، فأراد صلى الله عليه [وآله] وسلّم دفع وقوعه .
وقيل : يحتمل أن يكون وجه المطابقة من باقي الحديث ، وهو : (إلا أن يريد علي أن يطلّق ابنتي) فيكون من باب الإشارة بالخلع . وفيه تأمل (عمدة القاري ٢٠|٢٦٥).
وقال القسطلاني : « استشكل وجه المطابقة بين الحديث والترجمة وأجاب في الكواكب فأجاد : بأنّ كون فاطمة ما كانت ترضى بذلك فكان الشقاق بينها وبين علي متوقعاً ، فأراد النبي صلى الله عليه [وآله] وسلّم دفع وقوعه بمنع علي من ذلك بطريق إلإيماء والإشارة. وقيل غير ذلك مما فيه تكلّف وتعسّف »(إرشاد : الساري ٨|١٥٢).
أقول : وهل ما ذكره الكرماني في الكواكب واستحسنه العيني والقسطلاني خال من التكلف والتعسف ؟!
إنه يبتني على احتمالين ، أحدهما : أن لا ترضى فاطمة بذلك . والثاني : أن ينجر ذلك إلى الشقاق بينهما... !!
وهل كان منعه صلىالله عليه وآله وسلّم علياً من ذلك ـ دفعاً لوقوع الشقاق ـ بطريق الإيماء والإشارة؟! أو كان بالخطبة والتنقيص والغضّ والتهديد؟!
نتيجة التأملات :
ونتيجة التأملات في ألفاظ هذا الحديث :
١ ـ إن قول المسور « وأنا محتلم » يورث الشك في سماعه الحديث من النبي صلى الله عليه وآله وسلّم ، وكذا عدم المناسبة المعقولة بين طلبه للسيف من الإمام زين العابدين عليه السلام وإخباره بالقصّة ، ثم إلحاحه في طلب السيف ، لأن النبي صلى الله عليه واله وسلّم قال : فاطمة بضعة مني.. !
٢ ـ إن ألفاظ الحديث مختلفة ومعانيها متفاوتة جداً ، بحيث لم يتمكن شرّاحه من بيان وجه معقول للجمع بين تلك الألفاظ . ولما كانت الحال هذه والقصّة واحدة فلا محالة يقع الشك في أصل الحديث ...
٣ ـ إن مدلول الحديث لا يتناسب وشأن أميرالمؤمنين والزهراء ، وفوق ذلك لا يتناسب وشأن النبي صاحب الشريعة الغراء. وحتى لو فعل عليّ ما لا يجوز .. لما ثبت من أنه : « كان إذا بلغه عن الرجل الشيء لم يقل : ما بال فلان يقول . ولكن يقول : ما بال أقوام يقولون : كذا وكذا ». و : « كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قل ما يواجه رجلا في وجهه شيء يكرهه ». وقال : « من رأى عورة فسترها كان كمن أحيا موؤدة »(سنن أبي داود ٢|٢٨٨).
وقد التفت ابن حجر إلى هذه الناحية حيث قال : « وكان النبي صلّى الله عليه [وآله] وسلّم قل أن يواجه أحدا بما يعاب به » ثم اعتذر قائلا : « ولعلّه إنما جهر بمعاتبة علي مبالغة في رضا فاطمة عليها السلام ... »(فتح الباري ٧|٦٧).
لكنه كما ترى ، أمّا أولا : فلم يرتكب عليّ عيبا. وأمّا ثانيا : فإن الذي صدر من النبي ما كان معاتبة . وأما ثالثا : فإن المبالغة في رضا فاطمة عليها السلام إنما تحسن ما لم تستلزم هتكا لمؤمن فكيف بعليّ ، وليس دونها عنده إن لم يكن أعز وأحب .
٤ ـ وكما أن هذا الحديث تكذبه أحكام الشريعة الإسلامية والسنن النبويّة والآداب المحمدية... كذلك تكذبه الأخبار الصحيحة في أن الله هو الذي اختار علياً لنكاح فاطمة ، وأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ردّ كبار الصحابة وقد خطبوها (مجمع الزوائد ٩|٢٠٤، كنز العمال ٦|١٥٢ ، ذخائر العقبى : ٣١ ـ ٣٢ ، الرياض النضرة ٢|١٨٣ ، الصواعق : ٨٤) .
ومن المعلوم أن الله لا يختار لها من يؤذيها بشيء مطلقا.
٥ ـ وتكذبه أيضا سيرة الإمام عليّ عليه السلام وأحواله مع أخيه المصطفى منذ نعومة أظفاره حتى آخر لحظة من حياة النبي الكريمة ، فلم ير منه شيء يخالف الرسول أو يكرهه .
* تنبيهان :
١ ـ لقد كانت فاطمة الزهراء سلام الله عليها بضعة النبي صلى الله عليه وآله وسلّم حقاً ، ولقد كرر النبي صلى الله عليه وآله وسلّم قوله : « فاطمة بضعة مني ... » غير مرة ، تأكيداً على تحريم أذاها ، وأن سخطها وغضبها سخطه وغضبه ، وسخطه سخط الله وغضبه ... وبألفاظ مختلفة متقاربة في المعنى .
وقد روى عنه صلى الله عليه وآله وسلم هذا الحديث غير واحد من الصحابة ، منهم أميرالمؤمنين عليه السلام نفسه ... قال ابن حجر : « وعن عليّ بن الحسين ، عن أبيه ، عن عليّ ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم لفاطمة : إن الله تعالى يرضى لرضاك ويغضب لغضبك »(تهذيب التهذيب ١٢|٤٦٩ ، الإصابة ٤|٣٧٨).
قال : « وأخرج ابن أبي عاصم ، عن عبدالله بن عمرو بن سالم المفلوج ، بسند من أهل البيت عن عليّ أن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم قال لفاطمة : إن الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك » (الإصابة ٤|٣٧٨).
ولسنا ـ الآن ـ بصدد ذكر رواة هذا الحديث وأسانيده عن الصحابة... وبيان قول النبي صلى الله عليه وآله وسلّم ذلك في مناسبات متعدّدة ... فذاك أمر معلوم . .
كما أن ترتيب المسلمين الأثر الفقهي عليه منذ عهد الصحابة وإعطائهم فاطمة ما كان للنبي من حكم ، معلوم .
فالسهيلي الحافظ حكم بكفر من سبّها وإن من صلى عليها فقد صلّى على أبيها ، وكذا الحافظ البيهقي ، وقال شراح الصحيحين بدلالته على حرمة أذاهاوقال الزرقاني المالكي : « إنها تغضب من سبها ، وقد سوى بين غضبها وغضبه ، ومن أغضبه كفر »(شرح المواهب المدنية ٣|٢٠٥) .
وقال المناوي : « استدلّ به السهيلي على أن من سبّها كفر ، لأنه يغضبه ، وأنها أفضل من الشيخين ... قال الشريف السمهودي : ومعلوم أن أولادها بضعة منها فيكونون بواسطتها بضعة منه ... »(فيض القدير ٤|٢٤١).
ومن قبلهم أبو لبابة الأنصاري نزّلها منزلة النبي بأمر من النبي ... قال الحافظ السهيلي : « إن أبا لبابة رفاعة بن المنذر ربط نفسه في توبة ، وإن فاطمة أرادت حله حين نزلت توبته ، فقال : قد أقسمت الآ يحلّني إلاّ رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلّم. فقال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلّم : إن فاطمة بضعة مني . فصلى الله عليه وعلى فاطمة. فهذا حديث يدلّ على أن من سبها فقد كفر ، ومن صلى عليها فقد صلى على أبيها ».
ليس المقصود ذلك بل المقصود هو أن هذا الحديث جاء في الصحيحين وغيرهما عن « المسور بن مخرمة » ـ في باب فضائل فاطمة ـ مجرداً عن قصّة خطبة عليّ ابنة أبي جهل ، قال ابن حجر : « وفي الصحيحين عن المسوربن مخرمة : سمعت رسول الله صلى الله عليه واله وسلّم على المنبر يقول : فاطمة بضعة مني ، يؤذيني ما آذاها ، ويريبني ما رابها »( الإصابة ٤|٣٧٨) .
روياه عن سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار عن ابن أبي مليكة ، عن المسور بن مخرمة.
بل لم نجده عند البيهقي والخطيب التبريزي إلا مجرداً كذلك(سنن البيهقي ٧|٦٤ و١٠|٢٠١, مشكاة المصابيح ٣|١٧٣٢ ) وقال : متّفق عليه .
) ، وكذا في الجامع الصغير ، حيث لا تعرض للقصّة لا في المتن ولا في الشرح (فيض القدير ـ شرح الجامع الصغير ـ ٤|٢٤١).
والملاحظ أنه لا يوجد في هذا السند المجرد واحد من ابني الزبير والزهري والشعبي والليث ... وأمثالهم ...
ونحن نحتجّ بهذا الحديث ... كسائر الأحاديث ... وإن جرحنا « المسور » و « ابن أبي مليكة » لأن « الفضل ما شهدت به الأعداء ».
لكن أغلب الظن أن القوم وضعوا قصة الخطبة ، وألصقوها بالمسور وروايته ... لغرض في نفوسهم ، ومرض في قلوبهم ... حتى جاء ابن تيمية المجدّد لآثار الخوارج ، والمشيّد للأباطيل على موضوعاتهم ليقول :
« إن هذا الحديث لم يرو بهذا اللفظ بل روي بغيره ، كما ذكر في حديث خطبة عليّ لابنة أبي جهل لمّا قام النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم خطيباً ، فقال : إنّ بني هشام بن المغيرة ... رواه البخاري ومسلم في الصحيحين من رواية علي بن الحسين والمسور! مخرمة ، فسبب الحديث خطبة علي لابنة أبي جهل ... »(منهاج السنة ٢|١٧٠).
لكن الحقيقة لا تنطلي على أهلها ، والله الموفق .
٢ ـ قد أشرنا في مقدّمة البحث أن وجود الحديث ـ أي حديث كان ـ في كتابي البخاري ومسلم وغيرهما من الكتب المعروفة بالصحاح لا يلزمنا القول بصحته ، ولا يغنينا عن النظر في سنده ، فلا يغرنك إخراجهم الحديث في تلك الكتب ، ولا يهولنّك الحكم ببطلان حديث مخرج فيها... وهذا مما تنبه إليه المحققون من أهل السنة وبحث عنه غير واحد من علماء الحديث والكتاب المعاصرين ...
ولنا في هذا الموضوع بحث مشبع نشرناه في العدد (١٤) من هذه النشرة ، وصدر من بعد ضمن كتابنا « التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف » أيضاً.
* تتمّة :
وكأن القوم لم يكفهم وضع حديث خطبة ابنة أبي جهل ، فوضعوا حديثاً آخر ، فيه أن أمير المؤمنين عليه السلام خطب أسماء بنت عميس !.. لكنه واضح العوار جدّاً ، فلذا لم يخرجه أصحاب صحاحهم ، بل نصّ المحققون منهم على سقوطه :
قال ابن حجر : « أسماء بنت عميس قالت : خطبني عليّ بن أبي طالب » فبلغ ذلك فاطمة ، فأتت النبي صلّى الله عليه [وآله] وسلّم فقالت : إن أسماء متزوّجة علياً! فقال لها : ما كان لها أن تؤذي الله ورسوله(المطالب العالية ٤|٦٧) .
وقال الهيثمي : « رواه الطبراني في الكبير والأوسط .
وفيهما من لم أعرفه »(مجمع الزوائد ٩|٢٠٣).
ونحن لا نتكلّم على هذا الموضوع الآخر سوى أن نشير إلى أن واضعه قال : « فأتت النبي فقالت : إن أسماء متزوّجة علياً » وليس : « هذا عليّ ناكح ابنة أبي جهل ». وقال عن النبي أنه قال لفاطمة : « ما كان لما أن تؤذي الله ورسوله »ولم يقل عنه أنه صعد المنبر وخطب وقال : « ما كان له ... »!
* كلمة الختام :
قد استعرضنا ـ بعون الله تعالى ـ جميع طرق هذا الحديث ، ودققنا النظر في رجاله وأسانيده ، وفي ألفاظه ومداليله ... فوجدناه حديثاً مختلقاً من قبل آل الزبير ، فإن رواته :
« عبدالله بن الزبير ».
و« عروة بن الزبير ».
و « المسور بن مخرمة » وكان من أعوان « عبدالله » وأنصاره والمقتولين معه في الكعبة ، وكان من الخوارج ، وكان ...
و « عبدالله بن أبي مليكة » وهو قاضي الزبير ومؤذنه .
و « الزهري » وهو الذي كان يجلس مع « عروة بن الزبير » وينالان من أمير المؤمنين عليه السلام .. وكان ...
و « شعيب بن راشد » وهو رواية « الزهري » .
و « ابو اليمان » وهو راويه شعيب ...
هؤلاء رؤس الواضعين لهذه الاكذوبة البينة ... وقد عرفتهم واحداً واحداً وكل هؤلاء على مذهب أمامهم « عبدالله بن الزبير » الذي اشتهر بعدائه لأهل البيت عليهم السلام ، وتلك أخباره في واقعة الجمل وغيرها ، ثم حصره بني هاشم في الشعب بمكة فإما البيعة له وإما القتل ، ثم إخراجه محمد بن الحنفية من مكة والمدينة وابن عباس إلى الطائف ... وعدائه للنبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم نفسه ... حتى قطع ذكره صلى الله عليه وآله وسلم جمعا كثيرة ، فاستطعم الناس ذلك ، فقال : إني لا أرغب عن ذكره ، ولكن له أهيل سوء ، إذا ذكرته أتلعوا أعناقهم ، فأنا أحب أن أكبتهم !! مذكورة في التاريخ .
وقد قال أمير المؤمنين عليه السلام كلمته القصيرة المعروفة : « ما زال الزبير رجلاً منا أهل البيت حتى نشأ ابنه المشؤوم عبد الله »(نهج البلاغة ـ فهرسة صبحي الصالح ـ : ٥٥٥|٤٥٣ ، الاستيعاب : ٩٠٤).
فليهذب السنة الشريفة حماتها الغيارى من هذه الافتراءات القبيحة ، والله أسأل أن يوثق المخلصين للعلم والعمل ، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم ، إنه هو البر الرحيم .
إنتهى .