تورج زيني وند (*)
لقد ذهب الدكتورشوقي ضيف في بعض آثاره إلى أنّ نهج البلاغة من عمل الشّريف الرّضيّ وصنعه، لا من وضع الإمام عليّ (عليه السّلام) وهو يعتمد في هذه العقيدة المتذبذبة على أدلّة من داخل نهج البلاغة ومن خارجه لإثبات مدّعاه، بل شبهاته.
النكتة الهامّة ألتي يستنتجها المؤّلف ويصرّح بها تصريحاً، هي أنّ اكثرخطب نهج البلاغة موضوع ومحمول على الإمام (عليه السلام) ولهذا فإنه لايرى الإعتماد على هذا الكتاب أمراً صحيحاً بل يعقد بالرّجوع إلى المصادر الأولى.
إنّ الكاتب لهذا المقال حاول أن يدخل في صميم آراء شوقي ضيف وصلبها، ليِرسمّ تصويراً واضحاً من حقيقة نهج البلاغة وآراء الدكتور شوقي.
الطريق الذي سَلَكه ضيف في ضوء المنهج الديكارتيّ المعروف يمتاز بالشّك والتّناقض والحيرة والتّشاؤم وسوء الظّنّ والخصومة والعصبيّة بلا حجج معتمدة.
تمهيد
لم يكن التشكيك من قبّلِ بعض المتأخّرين أوالمحدثين أوالمستشرقين، مقتصراً على الشعر الجاهلي وحده، بل تسّربت هذه الفتنة الكبرى إلى كلّ ما يمتّ إلى الأدب العربيّ والّثقافة الإسلامية بصلة وشملت جميع تراث هذه الأمة فهذه المأساة الثقافية أخذت تشملُ ما رُويّ عن النّبي (ص) وال بيته الطاّهرين (عليهم السّلام) دون التمحيص والإعتدال وما كانت النّتيجة الّتي تمخّضت عنها إلاّ التّفرقة والحيرة والإضطراب والإختلاف فيما رُوي عن روّاد الحضارة الإسلامية.
وليس معنى هذا كلّه انّنا ننكرالوضع أوالإنتحال في التراث العربّي والإسلاميّ بل نقصد من هذا البحث أنّ الدّراسة فيما يرتبط هذه الأمّة، تحتاج إلى العلم، والتنقيب، والدّقة والحيادة.
وهذا هو الأستاذ «لبيب بيضون»، مؤلّف «تصنيف نهج البلاغة» يؤيّد رأينا قائلاً:
«ومن المؤكد أنّهم (المستشرقين) لم يقوموا بهذه المهّمات الجسام إلاّ لتقديرهم لقيمة هذه الكتب وقيمة ما تنطوي عليه من علوم ومعارف وأفكار ومباديء... بيد أنّ هذا لم يخلُ من التّحرف المقصود لبعض الأفكار ومن التشكيك المتعمد في بعض المباديء كجزء من الخطّة الّتي يعمل الغرب على تحقيقها، وهي تمييع تراثنا الفكرّي والحضاريّ وقطع الصّلة بيننا وبينه حتّى ننفض أيدينا من أي محتوى حضاريّ وتاريخيّ، قد يكون ركيزة لنا يوماً من الأيّام إلى نهضة مشرفة شاملة.
أنّ أعمال هؤلاء المستشرقين وأمثالهم على جانب كبيرمن السّوء والخطر بيد أن التبعة في ذلك علينا أكبر وأمرّ، لأنّ الإهتمام بتراثنا والمحافظة عليه هو من واجباتنا الأساسية، ولو كنا قمنا بذلك لما فسحنا المجال لغيرنا للتلاعب والعبث بتراثنا وتشويه حقائقنا ومعتقداتنا (بيضون ١٠٤٨ هـ ق: ٤٣).
إنّا وجدنا عبارات من بعض هؤلاء المستشرقين الّذين مرّ ذكرهم، تثبتُ هذه الحقائق التي ذكرناها إثباتاً قاطعاً، فانظر إلى «كارل بروكلمان» حيث يتحدّث عن أدب الإمام (عليه السلام) كيف يعبّرعن أدبه « أدب علويّ منحول» (بروكلمان، ١٩٥٩، ج ١: ٢٤٥، أيضاً أنظر ج ٢: ٣٨١).
أو أقرأ ما يشيرإليه الأستاذ «زكي مبارك» في المستشرق الفرنسيّ، المسيو ديمومبين، الذي أشرف أطروحته الجامعيّة (النثر الفّنيّ في القرن الرابع) بمرحلة الدّكتورا في جامعة باريس:
(وقد أراد المسيو ديمومبين) DEMOMBYNE أن يغض من قيمة نهج البلاغة لعلّي بن أبي طالب من خطب ورسائل استناداً إلى ما شاع منذ أزمان من أن الشّريف الرضّي هوالواضع لكتاب (نهج البلاغة) أمّا نحن فنتحفّظ في هذه المسألة كلّ التحفّظ، لأنّ الجاحظ يحدّثنا أنّ خطب عليّ وعمر وعثمان كانت محفوظة في مجموعات ( البيان والتبيين، ج ١: ١٤٧ وأيضاً، الجاحظ، ١٩٩٨ م - ١٤٠٨ هـ ق، ج ١: ١٧٦ ) ومعنى هذا أن خطب عليّ كانت معروفة قبل الشريف الرّضيّ.
والّذين نسبوا نهج البلاغة إلى الرّضيّ يحتجوّن بأنّه وضعه لاغراض شيعية , فلم لا نقول من جانبنا بان تهمة الوضع جاءت لتأييد خصوم الحملات الشيعية» (مبارك، ١٣٥٢ هـ ١٩٣٤ م، ج ١: ٦٩).
وبَعد فلم ندخل هذا الموضوع إلاّ تمحيصاً وتحقيقاً فيما ذهب بعض من النقاد الّذين يعتقدون أنّ نهج البلاغة من صنع الشريف الرّضيّ أو اخيه المرتضى وهم يعتمدون في تلك العقيدة المنحرفة الشاذّة على براهين متعدّدة.
ومن جملة هؤلاء الّذين جعل التشكيك الديكارتي أساساً في دراساته هوالأديب المصري المعاصر، الدكتور شوقي ضيف، صاحب التأليفات الكثيرة في مجال الأدب والتاريخ.
لقد ذهب في كتابيه،«تاريخ الأدب العربي،والعصرالإسلامي»،و«الفنّ ومذاهبه في النثرالعربيّ» إلى أنّ نهج البلاغة من عمل الشريف الرضّي وصنعه لا من وضع عليّ (عليه السلام).
ومن الجدير بالذكر أنّ الدكتور ضيف، وليس في هذا المجال وحده بل في أكثرآثاره الأدبية يطعن في ما ينتمي إلى الشيعة والأدب الشيعيّ. وهو في كثيرمن الأحيان يميل عن الإنصاف والحيادة.
ولم يكن ضيف وحده هو الذي تأثر بالمنهج الدّيكارتيّ أو دخل في سجن من العصبيّة بل هناك عدد كبير ممّن نهجوا وحذوا حذوه وتردّدوا في صحة نهج البلاغة.
مثل: أحمد أمين (١٩٦٩: ١٤٨ - ٤٩ )، وجرجي زيدان (١٩١١ - ١٩١٤ م، ج ٢: ٣٣٣)، وخير الدين الزركليّ (الأعلام، ج ٤: ٢٧٨)، وعبّاس محمود العقاد (بدون تاريخ: ٩٨ - ١٠١)، واحمد حسن الزيّات ( ٢٠٠٥ م - ١٤٢٦ هـ: ٢٠٨ - ٢٠٩) وحنّا الفاخوريّ (١٣٨٠ هـ ش: ٣٢٢ ) و...
يبدو أنّ أوّل من طرق هذا الموضوع من القدماء هو«ابن خلّكان» (٦٨١ هـ ق) صاحب وفيات الأعيان (ج ٣: ٣١٣) الّذي مهّد بهذا الأمر، الأرضيّة المناسبة للّذين حرّفوا الحقيقة من مواضعها وشككوا في صحة نهج البلاغة، مثل: اليافعي (٧٨٦ هـ) صاحب (مرآة الجنان، ج ٣: ٥٥)، وابن العماد (١٠٨٩هـ) صاحب (شذرات الذّهب، ج ٣: ٢٥٧)، والذّهبي (٧٤٨ هـ) صاحب (ميزان الإعتدال، ج ٣: ١٢٤)، وابن حجر العسقلانيّ (٢٨٥ هـ) مؤلّف (لسان الميزان، ج ٤: ٢٥٦).
وأمّا خلاصة القول في البراهين الّتي يعتمدون عليها فهي:
١- جاء في نهج البلاغة مِن التعريض بالّصحابة ما لا يمكن صدوره عن مثل الإمام علي (عليه السلام).
٢- في الكتاب من الأفكارالعميقة المعقّدة، واستعمال المصطلحات الفلسفية كالأين والكيف ونحوهما، واستعمال الطّريقة العددية في شرح المسائل وفي تقسيمات الفضائل أوالرذائل، والدّقة في الوصف، واستفراغ صفات الموصوف - كما في الكلام على الطّاووس والنّملة وغيرهما - ممّا لم يوجد في عصرعليّ (عليه السلام)، ولم يعرف عند العرب إلاّ بعد ترجمة كتب اليونان والفرس الفلسفية والعلمية.
٣- في الكتاب من السّجع والتنميق اللفظي وآثارالصنعة، ما لم يعهده عصرعليّ (عليه السلام)، وإنّما طرأ على أساليب الكتابة في أواخر العهد الأمويّ وفي العهد العبّاسيّ.
٤- في عبارات الكتاب ما يُلمس منه أدّعاء صاحبه علمَ الغيب وهذا أمر بعيد من رزانة عليّ (عليه السلام) وعن أخلاقه الرفيعة (الفاخوري، ١٣٨٠هـ ش: ٣٢٢ – ٣٢٣).
فأنكر كثيرمن المتأخرّين والمحدّثين براهين أصحاب هذا الرأي وألفّوا كتباً ذات قيمة في الرّد على هؤلاء وفي تبيين أسناد كلام عليّ (عليه السلام) قبل الشّريف الرّضيّ مثل، امتيازعلي خان عرشي صاحب (أسناد نهج البلاغة)، وهبة الدين الشهرستاني (ما هو نهج البلاغة)، والشيخ هادي آل كاشف الغطاء (مدارك نهج البلاغة )، وعزيز الله العطاردي (جامعو كلام عليّ (عليه السلام)، ومحمد مهدي الجعفريّ (دراسة في أسناد نهج البلاغة )، و محمد حسين آل ياسين (لمن نهج البلاغة)، وعبدالزهراء الحسينيّ (مصادر نهج البلاغة ومداركه)، رضا الأستادي (بحث حول مصادر نهج البلاغة )، وابن أبي الحديد (شرح نهج البلاغة)، والعلاّمة ميرزا حبيب الله الخوئي (شرح نهج البلاغة)، وآية الله حسن زاده (تكملة المنهاج في تكميل شرح الخوئي) ومحمد باقرالمحمودي (نهج السعادة في مستدرك نهج البلاغة) وعبدالله نعمة (مصادرنهج البلاغة)، وعزيزالله العطاردي (شرح نهج البلاغة) وأخيراً محمد دشتي (مناهج البحث في أسناد نهج البلاغة)، وهذا غيضّ من فيض ما صُنّف في هذا المجال.
وبعد هذا، وقبل أن نخوض في صميم البحث لابدّ لنا أن نلفت النَّظَرإلى نكات هامة حول سابقية البحث وأهميته ثمّ المستجدات الّتي تجدرالإشارة في هذا المقال:
الأولى: أنّني لم أقف على مقالة أو تأليف أو بحث أو كلمة علمية إلّا ما سمعتها عن الأساتذة في الجامعات وهي تنّبه على شبهات الدّكتورضيف فقط، لا في هذا المجال خاصة، بل في جميع ما يمتّ إلى الأدب الشيعيّ عامّة، رغم أنّ كتبه المختلفة تنشر وتدرس في الجامعات العربية والإيرانية كمصدرتعليميّ أكثر من أربعين عاماً.
ومن هذا المنطلق، «طَفِقتُ أَرْتأي بَينَ أَنْ» أتّخذ موقف الحياد أو«أصْبِرَعَلى طَخْية عَمْياءَ» فرأيتُ أنّ البحث عن «هَاتَا أحْجَي» وأحسن فأخذتُ أكتب وفي العين والقلب بل في كلّ كياني، عزم وحبّ وودّ ودقّة ورجاء.
الثانية: أنّ المنهج الّذي اخترته في دراسة هذا الموضوع، يعدّ منهجاً علمياً يمتاز بالتنظيم والتنسيق والدّقة والحداثة كما لم اكن غافلاً عن مناهج علماء الشيعة في دفاع عن النّهج وأيضاً عن منهج الأستاذ ناصرالدين الأسد حيث يدرس قضية الإنتحال في (مصادرالشعرالجاهلي وقيمتها التّاريخية).
علماً بأنّ المسائل التّاريخية والأدبية: كما يقول أصحاب النقد،لا تعرف الكلمة الأخيرة في موضوع من موضوعاتها.
الثالثة: لقد تبين لنا هذا البحث، عن بعض أخطاء الدّكتورضيف ومنهجه حول حقيقة نهج البلاغة، لأنّه جاء يبحث عن النّهج دون أن يستدّل أو يراعي منهجاً علمياً أو يمنح مسألة ما تستحقّ من الأهمية أكثر من هذا.
١- عرض الموضوع
كما قلت آنفاً أنّ بعض القدماء تردّدوا في صحة انتساب نهج البلاغة إلى الإمام عليّ (عليه السلام) ومجمل الّدوافع عندهم، كان محصوراً في العصبية، والخصومة والأوهام والميول النّفسيّة دون حجج بالغة، حتّى استقرّ الموضوع بين يدي الأديب المصرّي المعاصر، الدكتورشوقي ضيف، الّذي حشد مادّة بحثه الأساسية من آراء هؤلاء القدماء وتحدّث عنه في إيجاز وانتظام في كتابيه، تاريخ الأدب العربي، العصرالإسلامي (١٩٦٣ م: ٨ )، والفنّ ومذاهبه في النثرالعربي (١٩٤٦ م: ٦١ – ٦٣).
أوّل ما يبدو في منهجيّة الدّكتورشوقي، هو أنّه جمع ما تفرّق في المصادرالقديمة بحيث كأنّه يحكي ويسرد ما أورده أولئك المؤلّفون دون أن يحلّل آرائهم أو يميّز زائفها من صحيحها أوغثّها من سمينها. إنّه لا يقف عند أخبار هؤلاء الروّاد إلاّ أن يدعها وينقلها إلى غيرها في موقف ديكارتّي متشكك يبالغ في الرأي والإستنتاج.
ولقد قسّمنا حديث الدّكتورضيف في هذا المجال إلى قسمين، أوّلهما: الّدوافع الّتي دفعته إلى الشّك في صحة نهج البلاغة، وثانيهما: الأسباب الّتي يعتقد أنّها أدّت إلى النّحل في نهج البلاغة. ثّم رتّبنا أيضاً آراءه وآراءنا في ردّه ترتيباً مفصّلاً بحيث يقابل كلّ رأي من آرائه ردّاً مفصّلاً منّا.
والنّكتة الهامّة الّتي لابدّ لنا هنا من تسجيلها هي أنّ الدّكتور ضيف في كلامه عن نهج البلاغة، قد أغفل دور الباحثين الّذين درسوا أسناد كلام عليّ (عليه السلام) قبل الشّريف الرضيّ وبعده بل اعتمد اعتماداً شديداً على آراء المرتابين الذين تردّدوا في صحة انتساب نهج البلاغة إلى الإمام (عليه السلام)، فهذه المسألة هي ما يُخالف الأخلاق العلمية والإسلامية، ألم يقل الله عزَّوجلّ في التنزيل الشريف وهو يؤبّخ هؤلاء المنافقين من أهل الكتاب الّذين كانوا يسمعون الكذب و يحرّفون الكلمات من مواضعها:
« وَمِنَ الَّذِينَ هادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعْونَ لِقَوْمِ آخَرِينَ لّمْ يَأتُوكَ يُحَرَّفُونَ الْكَلِمَ من بَعْدِ مَوَاضِعِهِ...» (المائدة / ٤١ ).
وسنتحدّث عن الحقيقة الّتي كتمها ضيف في هذا المقال دون أن ننكر شخصيّته العلميّة ومكانته السّامية ومقدرته الواضحة في حقل الأدب والتاريخ.
وكما أشرت آنفاً أنّ الدكتور ضيف يحاول في آرائه أن يعزو وينسب نهج البلاغة إلى الشّريف الرّضيّ، بل يحاول أن يكتم ويسترمناقب الإمام (ع) وفضائله.
ومن المؤسف رغم شروح كثيرة يزيد عددها (بالعربية والفارسية) على أربعين شرحاً (من قِبّل علماء الشيعة والسّنة) إنّه يؤكد على التّحريف والإنتحال في هذا الأثر القيّم.
ولتمييز آرائه عن الآخرين رتبنا أدلّته على نوعين:
١- الأدّلة الّتي تعتمد على محتوى نهج البلاغة.
٢- الأدّلة الّتي تعتمد على أمور خارجة عنه، كما أجبنا على آرائه وشبهاته في ترتيب مفصّل واضح.
١- الأدّلة الخارجة عن نهج البلاغة
١-١ - الإستاذ إلى المصادرالتاريخيّة:
أنّ «ضيف» يستند إلى بعض المصادرالتاريخية مثل: وفيات الأعيان، ومرآة الجنان، وشذرات الذّهب، وميزان الإعتدال، ولسان الميزان، والرّجال. حيث يخلص إلى القول أخيراً بأنّ يد الإنتحال قد امتدّت إلى نهج البلاغة وأسقطته من الإعتبار:
(أمّا عليّ بن أبي طالب فإنّه لم يكن يقلّ عن أبي بكر وعمر شأواً في خطابته، وقد أثرت عنه خطب كثيرة ولا نقصد الخطب التي يحتويها بين دفّتيه كتاب «نهج البلاغة» فأكثره مصنوع ومحمول عليه.
وقد أشار إلى ذلك كثيرمن العلماء، واختلفوا هل هو من عمل الشريف المرتضى سنة ٤٠٦ للهجرة، يقول ابن خلّكان في ترجمة أولهما بكتاب وفيات الأعيان (قد اختلف الناس في كتاب نهج البلاغة المجموع من كلام الإمام عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، هل هو جمعه أم جمع أخيه الرّضي، وقد قيل إنّه ليس من كلام عليّ، وإنّما الّذي جمعه ونسبه إليه هوالّذي وضعه).
ويردّد هذا الكلام اليافعي في مرآة الجنان (طبعة حيدرآباد) ٣ / ٥٥ وابن العماد في شذرات الذّهب (طبعة القاهرة) ٣/ ٢٥٧، ويؤكد الذّهبي في ميزان الإعتدال أن الشريف المرتضى هو الّذي وضعه ميزان الإعتدال (طبعه لكنهو) ٢ / ٢٠١، ويذهب مذهبه ابن حجرالعسقلاني في لسان الميزان، يقول: «من طالع نهج البلاغة، جزم بأنّه مكذوب على أميرالمؤمنين عليّ رضي الله عنه، وفيه من التناقض والأشياء الرّكيكة العبارات الّتي من له معرفة بنفس القرشيين الصّحابة وبنفس غيرهم ممّن بعدهم من المتأخّرين جزم بأن الكتاب أكثره باطل» لسان الميزان (طبعة حيدرآباد)٤/٢٢٣.
ويذهب النّجاشيّ المتوفّي سنة ٤٥٠ للهجرة في كتابه «الرّجال» إلى أنّ مؤلّف الكتاب هو الشّريف الرّضيّ الرّجال (طبعة بومياي) ص ١٩٢، ٢٨٣، وهذا هو الصّحيح بشهادة الرّضي نفسه وشهادة شراح كتابه، فقد ذكر في الجزء الخامس المطبوع من تفسيره أنّه هو الّذي سمّاه باسمه نهج البلاغة ( الجزء الخامس من حقائق التنزيل) للشريف الرضي (طبعة النحف) ص ١٦٧ كما ذكرذلك في كتابه (مجازات الآثارالنّبوية )طبع بغداد، ص ٢٢، ٤١ ونجد ابن أبي الحديد المتوفىّ سنة ٦٥٥ في شرحه للكتاب يعترف بأنّ خطبه من عمل الشّريف الرضي لم أعثر في ذلك الشرح على مثل هذه العبارة، ويذهب ابن ميثم البحراني في شرح عليه إلى أنّه من تأليف الشريف لم اقف على شيء يدلّ على ذلك(شوقي ضيف، ١٩٦٠ م: ٦١ - ٦٢ / نفسه، ١٤٢٧ هـ، ق: ١٢٨ ).
ثمّ يستنتج ضيف قائلاً:
(وإذن فالكتاب من عمل الشّريف الرضيّ وصنعه، ويظهرأنّه لم يؤلّفه جميعاً،...) (شوقي ضيف، ١٩٦٠ م: ٦٢).
١- ١- الرّد على شوقي ضيف
إنّ ما يؤخذ على ضيف في ذكره هذا الأقوال هو أنّه لم يكن متفحّصاً ومدققاً في نقل آراء هؤلاء العلماء الّذين استند إليهم بحيث كأنّه يحكي ما سّرّده الآخرون دون تمحيص وبحث، فلهذا يكون من المفيد لنقف لحظات معاً في صميم تلك المصادر وأصحابها في دقّة ووضوح وصفاء:
الاول: نقد قول ابن خلّكان
الأوّل: لقد أقبل صاحب وفيات الأعيان - ومثله اليافعي، وابن العماد، والذّهبي - على قول لا يعتمدعليه في البحوث العلمية حيث يقول: (قد اختلف النّاس في كتاب نهج البلاغة...) هل النّاس يستطيعون أن يميّزوا بين الكلام الصحيح والمزّيف في دقّة واستقصاء؟ أم هذه المسألة تحتاج إلى مزيدِ من الجهد والممارسة في البحث والدراسة ؟
الثاني: أنّه يقول:«وقد قيل...» لا أدري كيف لا يعتمد ابن خلّكان على ما قيل في صحة انتساب نهج البلاغة إلى الإمام (ع) وتوثيقه بل يعتمد على ما قيل في انتساب هذا الكتاب إلى الشّريف الرّضي. ولسنا في حاجة إلى أن نسأل الدّكتورضيف؟ كيف اعتمد وعوّل على مثل هذه العبارات التي تفتقد روحَ البحث والعلم والحقيقة ؟
فيظهر من كلام ان خلّكان أنّه لم يقطع بأن نهج البلاغة ليس من كلام عليّ، وإنّما نسبه إلى«قيل»، ومعلوم أنّ هذا ليس بمعتقده، وفي آخر كلامه خلّص نفسه وقال: والله أعلم، يعني هذا الكتاب مورد اختلاف والله يعلم حقيقة الأمر (أنظر: العطاردي، ١٣٧٥ هـ. ش: ١٤ – ١٥ ).
الثالث: ماهي الدلائل أو البراهين أو المصادر التي يعتمد عليها صاحب الوفيات في ردّ انتساب نهج البلاغة إلى علّي (عليه السلام) أو في انتسابه إلى الشرّيف الرضيّ ؟
هل نشعرُ من رأيه أنّه قصد حجّة أو برهاناً ؟
الرّابع: يعجبني كلّ الأعجاب أن الدّكتور ضيف تغافل عن حقيقة اعترف بها صاحب وفيات الأعيان وهي أنّه كان مَيالاً إلى الأمويين عامّة و«يزيد» خاصّة بحيث كان يحفظ ويروي قصائد ليزيد.
وها هو يعترف قائلاً في حديثه حول المرزبانيّ (وهو أبوعبيدالله محمد بن عمران بن موسى بن سعيد بن عبيدالله المرزباني أوّل من جمع ديوان يزيد بن معاوية بن أبي سفيان الأموي واعتنى به،... وكنتُ حفظتُ جميع ديوان يزيد لشدّة غرامي به، وذلك في سنة ثلاث وثلاثين بمدينة دمشق وعرفتُ صحيحه من المنسوب إليه الّذي ليس له، وتتّبعتُه حتى ظفرت بصاحب كلّ أبيات له. ولولا خوف التّطويل لبيّنت ذلك. وشعر يزيد مع قلّته، في نهاية الحسن)... (ابن خلّكان، ١٣٦٤ هـ. ش، ج٤: ٣٥٤ , فوات الوفيات، ج ١: ١١٠- ١١٨ / النّجوم الزاهرة، ج ٧: ٣٥٣ – ٣٥٥ / روضات الجنات، ج ١: ٣٣٠ – ٣٣٦ / الكنى والألقاب، ج ١: ٢٧٣ – ٢٧٥ ).
وما أحسن قول الأستاذ زكي مبارك في هذا المجال حيث يقول: «أنّ تلك الشّكوك حول نهج البلاغة قامت جميعاً على أساس الترعات المذهبية...» (مبارك، ١٤٢٧ هـ - ٢٠٠٧ م، ج ١: ٢٠٧).
ولا يخفى على الباحث المتتبّع أنّ بني أمية كانوا يكرهون التشيع ومن ينتمي إليه كرهاً شديداً.
الخامس: أنّ الشّريف الرضّي - وأخاه المرتضى أيضاً - لقد عُرف في التاريخ بالأمانة والصداقة والعدالة والدّقة والعفّة والإخلاق، فكيف يسند كلام الإمام عليه السّلام إلى نفسه أو يميل عكس ذلك أو يكذّب على الإمام ويحرّف كلامه من بعض مواضعه فاتهامه الكذب على أميرالمؤمنين في سبيل الترعة المذهبية هو اتهام مردودّ لا يقبله إلاّ من يجهل أخلاق الشريف (أنظر:مبارك، ٢٠٠٧ م.١٤٢٧ هـ، ج ١: ٢٠٧ - ٢١٣ / بيضون، ١٤٠٨ هـ: ٤٢ / العطاردي، ١٣٧٥ هـ. ش: ٢٣ – ٤٨ / شيخي، ١٣٧٩ هـ. ش: ١٩ – ٢٤.)
السادس: وكيف يُعقل أن يؤلّف الشريف أو غيرُه كتاباً ويسنده إلى الآخرين ؟
السابع: كيف يسند ابن خلّكان، النهج إلى الشّريف المرتضى، وهذا السيّد الرّضي يقول: في موارد كثيرة من نهج البلاغة في ترجمة بعض الكلمات: قال: الرّضي كذا...(أنظر: العطاردي، ١٣٧٥ هـ.ش: ٤).
وأمّا قول ابن أبي الحديد فإنّه يقول: في شرحه على الخطبة الشقشقية:
حدّثني شيخي أبوالخير مصدّق بن شبيب الواسطي، في سنة ثلاث وستمائة، قال: قرأت على الشيخ، أبي محمد عبدالله بن أحمد، المعروف بابن الخشّاب، وكان صاحب دعابة وهزل قال: فقلت له: أتقول أنّها منحولة ؟ فقال: لا والله لأعلم أنّها كلامه كما أعلم أنّك مصدّق.
قال: فقلت له: إنّ كثيراً من النّاس يقولون: إنّها من كلام الرضيّ رحمه الله تعالى -، فقال: أنّى للرضي ولغيرالرضيّ هذا النفس وهذا الأسلوب، قد وقفنا على رسائل الرضيّ وعرفنا طريقته وفنّه في الكلام المنثور، وما يقع مع هذا الكلام في خلّ ولا خمر.
ثم قال: والله وقفت على هذه الخطبة في كتب صنّفت قبل أن يخلق الرّضي بمائتي سنة، ولقد وجدتها مسطورة بخطوط أعرفها، وأعرف خطوط مَن هو من العلماء وأهل الأدب قبل أن يخلق النّقيبُ أبوأحمد والد الرضيّ.
قلت: وقد وجدت أنا كثيراً من هذه الخطبة في تصانيف شيخنا أبي القاسم البلخيّ، إمام البغداديين من المعتزلة وكان في دولة المقتدر قبل أن يخلق الرضي بمدة طويلة. ووجدت أيضاً كثيراً منها في كتاب أبي جعفر بن قبّة أحد متكلّمي الإمامية وهو الكتاب المشهور المعروف بكتاب (الإنصاف).
و كان أبو جعفر هذا من تلامذة الشيخ أبي القاسم البلخيّ رحمه الله تعالى، ومات في ذلك العصر قبل أن يكون الرضيّ رحمه الله تعالى موجوداً. (ابن أبي الحديد، ١٩٦٥ م - ١٣٨٥ هـ ج ١: ٢٠٦ - ٢٠٥ / وأنظر: العطاردي، ١٣٧٥ هـ. ش:١٦).
إذن يبدو أنّ الدكتور ضيف قد استنتج من هذا القول، مسألة الإنتحال في النهج رغم أنّ هذه النتيجة تخالف حقيقة القول لابن أبي الحديد. وبما أنّ الآخرين من المرتابين - من القدماء - قد ذهبوا مذهب ابن خلّكان فاكتفينا هاهنا بالرّد على شبهات ابن خلّكان والدكتور ضيف.
١-٢- الرواة الوضّاعين
العامل الآخرالّذي يعوّل عليه الدّكتورضيف في دعواه حول الإنتحال في نهج البلاغة هوعامل الرواة الوضاعين.
فأنّني لا أريد أن أدرس مسألة الرواة والرواية في الأدب والحديث لأنّ الأستاذ الدّكتور«ناصرالدين الأسد» قد فصّل الكلام في هذا المجال ووضع النّقاط على الحروف (أنظر: الأسد، ١٩٦٩ م: ٢٢٢ – ٢٥٤).
أمّا الأستاذ ضيف فيشيرإلى دورهذه المسألة في انتحال نهج البلاغة مستنداً إلى قول صاحب (مروج الذهب).
فقد أضاف قبله كثير من أرباب الهوى وفصحاء الشيعة خطباً وأقوالاً إلى علي بن أبي طالب عليه السّلام، يدّل على ذلك ما جاء في مروج الذّهب للمسعودي إذ يقول: «الّذي حفظ النّاسُ عن عليّ من خطبه في سائر مقاماته أربعمائة خطبة ونيف وثمانون خطبة يوردها على البديهة، تداول النّاس ذلك عنه قولاً وعملاً» (شوقي ضيف، ١٩٦٠ م: ٦٢٠)، نقله عن مروج الذهب (طبعة باريس، ٤/ ٤٣١/ وكذلك أنظر: المسعودي، بدون تاريخ، ج ٢: ٤١٩ ).
الرّد على ضيف:
الأوّل: أنّ الدّكتور ضيف قد أشرف على رسالة الدّكتور، ناصرالدين الأسد، في مرحلة الدّكتورا، وأنّه تحدّث في تلك الرّسالة عن أهميّة الرواية عند العرب وطبقات الرّواة وما لهم فهناك السؤال: فكيف لا نستطيع أن نعتمد على الرواة الّذين نقلوا كلام عليّ عليه السلام عن صدق وإخلاص مع أنّ العرب يعتمد على الرواة الّذين نقلوا تراثهم الشّعريّ في كثير من المجالات ؟!
الثاني: إن كلام المسعودي في حفظ الناس خطباً كثيرة عن عليّ كلمة حق أراد ضيف به كلاماً باطلاً، لأنّ الدّكتور ضيف، تأوّل كلام المسعودي إلى ما أحبّه رغم أنّ ألفاظه صريحة واضحة لا تدّل على شيء ألاّ على أهمّية خطب عليّ عليه السلام بين المسلمين وهذا ليس بعجب، لأنّه كان أميرالبيان فضلاً عما كان إمامهم وسيف الله و وصّي رسوله (ص) (أنظر: مطهري، ١٣٦٨ هـ. ش: ٤).
الثالث: كيف يستطيع ضيف أن ينكر الرواة الّذين أخذوا على عاتقهم أهمّية تدوين كلام علي عليه السلام، قبل أن يقوم به الشّريف الرضي ؟! هؤلاء الرواة الّذين يبلغ عددهم أكثر من مائة وقد عُرفوا بالصدق والأمانة ؟َ! إذا كانوا كذلك فكيف لا يعتقد ضيف إلى إنكار الرواية في الشعر الجاهلي ؟!
الرابع: أنّ المسعوديّ يشير إلى أربعمائة ونيف وثمانين خطبة عن الإمام عليه السّلام، رغم أنّ ما جمعها الشريف الرضي فيما بين أيدينا من نهج البلاغة لا يتجاوزعن ٢٣٩ خطبة.
فهذه المسألة تدّل على كثرة الخطب وتداولها بين الناس وقد رُوى مثل هذه العبارة في «مشاكلة الناس لزمانهم» (أنظر: ابن واضح اليعقوبي، بدون تاريخ: ١٥ للإمام عليه السّلام).
الخامس: هل يُعقل أن يحفظ النّاس أشعار العابثين والماجنين من أهل العصرالأمويّ وينسوا خطب عليّ ويضيعوها ضياعاً مطلقاً وكان في زمانه وبشهادة خصومه من أفصح الخطباء ؟!
ومن الّذي يتصوّر أن الذّاكرة العربية تحفظ أشعارالنصارى واليهود وتَنسَى خُطب الرجّل الّذي ضُرّجّ بدمه في يوم من أيام الفتن العمياء ؟
وإذ جاز أن يحفظ النّاس ما دسّه المغرضون على أميرالمؤمنين فكيف يجوز أن ينسوا ما نُسب إليه على وجهٍ صحيح ؟
وأين العقل الّذي يقبل القول بأنّ عليّاً لم يَحي بيانه الاّ في الآثار المفتريات ؟ أين ونحن نجزم بأنّ في الشيعة أنفسهم رجالاً من العرب الصّرحاء الّذين يؤذيهم الكذب والإنتحال ؟
لا مفرّ من الإعتراف بأنّ «نهج البلاغة» له أصل، وإلاّ فهو شاهد على أن الشيعة كانوا أقدرالناس على صياغة الكلام البليغ (مبارك ٢٠٠٧ م ١٤٢٧ هـ: ٢١٠ – ٢١١).
وهذا هو ابن ابي الحديد يرّد على مسألة الرواة الوضّاعين في نهج البلاغة قائلاً:
(كثيرمن أرباب الهوى يقولون: أنّ كثيراً من نهج البلاغة كلام محدث صنعه قوم من فصحاء الشيعة، وربّما عَزَوا بعضه إلى الرّضي أبي الحسن أوغيره، وهؤلاء أعمتِ العصبيّة أعينَهُم فضلّوا عن نهج الواضح، وركبوا بُنَيَّاتِ الطّريق) (هي الطّرق الصّغار تنشعّب من الجادّة، وهي الترهات) ضلالاَ بعيداً وقلّة معرفة بأساليب الكلام» (ابن أبي الحديد، ١٩٦١ م، ج ١٠: ١٢٧ – ١٢٨ وأيضاً أنظر رأي المؤلّف في كتاب نهج البلاغة: ١٢٨ – ١٢٩).
٢-٢- الدلائل الدّاخلية
١-٢- الدّليل الأدبيّ:
ينكرالدّكتور ضيف أن يكون نهج البلاغة للإمام عليه السّلام وذهب إلى أنّه من وضع الشريف الرضّي وحجّته الأخرى في هذه العقيدة هي أنّ في الكتاب سجع، بينما ينهى الرّسول (ص) أصحابه عن السّجع في الكلام:
وكانّ الشريف الرضي، وجد مادّة صاغ منها كتابه، وهي مادّة بُنيت على السّجع، وفي ذلك نفسه ما يدّل على كذب نسبتها إلى عليّ، إذ ليس من الطّبيعي أن يسجع عليّ في خطابته، بينما ينهى الرّسول الكريم من السّجع، ويتحاماه أبوبكر وعمر وعثمان في خطاباتهم (شوقي ضيف، ١٩٤٦ م:٦٢).
الرّد عليه:
الأوّل: حتّى لوافترضنا صحة كلامه فإنّ إصل تلك الأشياء لا يقع على عاتق الشريف، وإنّما يقع على عواتق من سبقوه من الّذين طاب لهم أن يُنطقوا أميرالمؤمنين بأقوال رأوها تؤيّد مذهبهم بعض التأييد (مبارك ٢٠٠٧ م - ١٤٢٧ هـ، ج ١: ١١).
الثاني: صحيح أنّ الرّسول (ص) لم يكن يستخدم السجع في خطاباته - كما أشارإليه الدّكتور ضيف - لكنّه لا ينكر وجود السّجع الّذي بُرئت ألفاظه من الإغراب والتعقيد والإستكراه، بل ينفر ممّا اصطبخ بسجع الكهان في الجاهلية (أنظر: شوقي ضيف، ١٩٤٦ م: ٥٧ - ٥٨ ).
ومن المحقّق أنّ خطب الإمام عليه السّلام بريئة من هذا الضّعف والنّقض بما أتاح له مدرسة الإسلام من البلاغة والبيان.
الثالث: أنّ الإمام عليه السّلام ترعرع في بيت الوحي والنّبوّة وجعله الله سبحانه وتعالى غصناً من شجرة الّنبوّة. والنّبيّ (ص) كان أفصح من نطق بالضاد إذاً ليس بعجيب أن يتأثّربالقرآن وكلام الرسول (ص) ويكون كلامه دون كلام الخالق وفوق كلام المخلوق.
الرابع: أنّ الدّكتورضيف قد أشار في ذلك المكان إلى كلام من الجاحظ يناقض وينافي رأيه. الجاحظ يقول: «كانت الخطباء تتكلّم عند الخلفاء الرّاشدين، فتكون في تلك الخطب أسجاع كثيرة» (شوقي ضيف، ١٩٤٦ م: ٥٨. نقله عن، رسائل الجاحظ (طبعة الساسي) ص ١٥٥).
إذاً نستشفّ من قول الجاحظ أن النّبي (ص) وأصحابه السّابقين قد خالفوا السّجع الّذي تشمّ منه رائحة التنبّو والتكهّن لا الشرّيعة والعقيدة (أنظر: مبارك، ١٩٣٤ م - ١٣٥٢ هـ، ج ١: ٦٤ / العطاردي، ١٣٧٥ هـ، ش: ١٨).
الخامس: إنّ طريقة نهج البلاغة وأسلوبه تختلف عن أسلوب الشّريف الرضي في جميع آثاره (مجازات الآثارالنّبوية، وحقائق التأويل في متشابه التّتريل، وتلخيص البيان عن مجازات القرآن، والخصائص، وأخبارقُضاة بغداد و...) وما الذّي نراه حين نقرأ مؤلّفات الشريف ؟ يجيب الدكتور زكي مبارك على هذا السؤال قائلاً:
(نجد رجلاً يُحيل على مباحثه الماضية بأسلوب يُشعرنا بأنّه قضى دهره وهو مشغول بالتأليف، نجد رجلاً يحدّثنا أنّ مؤلّفاته بلغت العشرات في موضوعات مختلفات، وتشهد قوّة تعبيره، وغزارة علمه بأنّ (المؤلّف) هو الشخصيّة الأصلية الّتي صدر ذلك الباحث الجليل ) (مبارك، ٢٠٠٧ م - ١٤٢٧ هـ، ج ١: ١٩٧).
٢-٢- الدلائل الأخلاقية
لقد ذهب الدّكتورضيف أنّ في نهج البلاغة تعريضاً بالصّحابة ويعتقد أن هذا بعيد عن أخلاق الإمام عليه السّلام. إنّه يقول: مشيراً إلى مذهب « ابن حجر العسقلاني» في «لسان الميزان» ولعّلهما يشيران بهذا القول إلى الخطبة الشقشقية:
ويذهب مذهبه مذهب الذّهبي في ميزان الإعتدال الذي يقول: أنّ الشريف المرتضى هوالذي وضع نهج البلاغة ابن حّجرالعسقلاني في لسان الميزان، يقول: «من طالع نهج البلاغة جزم بأنّه مكذوب على أميرالمؤمنين عليّ رضي الله عنه، ففيه السبُّ الصّراح والحطّ على السّيدين: أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وفيه من التّناقض والأشياء الرّكيكة والعبارت الّتي مَن له معرفة بنفس القرشيين الصّحابة وبنفس غيره ممّن بعدهم من المتأخّرين جزم بأنّ الكتاب أكثره باطل » (شوقي ضيف، ١٩٤٦ م: ٦٢. نقله عن، لسان الميزان طبعة حيدرآباد ٤ / ٢٢٣).
الردّ عليه
الأوّل: أنّ هذه الخطبة (الخطبة الشقشقية) لقد رويت أيضاً في مصادرنهج البلاغة قبل الشريف الرضي، بحيث يذكر صاحب «ما هو نهج البلاغة»عدد تلك الكتب تسعة مصادر (أنظر: الشهرستاني، ١٣٦٤ هـ. ش: ٧٦ و ٦٠ – ٩٣)
١- أبوالقاسم البلخي (القرن الثالث)، نقلاً عن ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة، ج ١: ٦٩.
٢- أبو جعفر ابن قبه الرازي (القرن الثالث) في كتابه، الأنصاف، نقلاً عن ابن ميثم البحراني وابن أبي الحديد في شرحيهما على نهج البلاغة.
٣- في مخطوطة على خطّ الوزير أبي الحسن علي بن فرات (سنة ٣١٢ هـ) نقلاً عن أبن ميثم البحراني في شرح البلاغة.
٤- أحمد بن برقي (٢٧٤ هـ) مؤلّف كتاب المحاسن، نقلاً عن رواية الشيخ الصدوق في كتابه «علل الشرايع» الباب، ١٢٢ طبع سنة ١٢٨٩ هـ.
٥- العالم المؤرخ عبد العزيز يحيى الجلودي البصري (القرن الثالث) نقلاً عن الشيخ الصدوق في باب ٤٠٤ من كتابه « معاني الأخبار» طبع سنة ١٢٨٩ هـ.
٦- العالم المحدّث، حسن بن عبدالله بن سعيد العسكري (القرن الثالث) في كتابه « الفرقة الناجية» والشيخ الصّدوق في «معاني الأخبار»، الباب، ٤٠٤.
٧- العالم الكبير، المتكلم الشهير، الشيخ أبو عبدالله محمد بن محمّد ابن نعمان، المعروف بالشيخ المفيد الذي كان تَتلمَذَ عنده الشّريف الرضي منذ طفولته، في كتابه الإرشاد ص ١٣٥.
٨- ابو سعيد المنصور، الوزير الآبي، (القرن الرابع: ٤٢١ هـ) في كتابيه، نثرالدرر، ونزهة الأديب.
٩- العالم المعتزلّي، محمّد بن عبدالوهّاب، أبوعلي الجبائي (٣٠٣ هـ)، نقلاً عن الشيخ إبراهيم القطيفي في كتابه (الفرقة النّاجية).
والجدير بالذكر أنّ صاحب العقد الفريد (نقلاً عن الشيخ إبراهيم القطيفي في كتابه، الفرقة الناجية) الّذي كان معروفاً في دعواته لعلّي عليه السّلام قد ذكرهذه الخطبة في الجزء الرابع لكنّها قد حذفت منه لأسباب ليست واضحة لدينا ولعلّ الشيخ القطيفي قد أخطا في كلامه (الشهرستاني، ١٣٦٤ هـ. ش: ٧٢ / جعفري، بدون تاريخ: ٨١).
إذن لا يستطيع المنصف أن ينكر هذه الخطبة لعليّ عليه السّلام.
الثاني: الإمام عليه السّلام لم يكن مماشياً في سبيل الحقّ والعدالة بل كان صريح اللهجة وسديد القول في ذكركلام الحق ولو كان مرّاً، لأنّه كان إمام المسلمين ورأى نفسه مسؤولاً أمام المجتمع ومصيره وإذ لم يكن كذلك لألقى حبل الخلافة على غاربها، «لَولاحُضورُالحَاضِرِ وقِيامُ الحُجَّة بُوجُودِ الناَّاصِرِ وّمَا أَخذَ اللهُ عَلىَ العُلَمَاء الأً يُقَارِوُّا على كظُة ظَالمِ ولا سَغبَ مَظلًومٍ لَأَلقيتُ حَبلَها عَلَى غَارِبهَا ولَسَقَيتُ آخرِهاَ بِكأسِ أوَّلِها ولاَ لألفَيتُم دُنياكم هِذهِ أزهَدَ مِن عَفطَهِ عَنز.» (الإمام عليّ عليه السّلام، ١٣٧٩ هـ. ش: خ / ٣ ٤٨)
الثالث: لم يوّبخ الإمام عليه السّلام بعض المسلمين في هذه الخطبة فقط، بل هناك خطب أخرى يلوم الإمام عليه السّلام بعض أصحابه أوغيرهم من المسلمين لأسباب عديدة.على سبيل المثال أنّه يخاطب عمروبن العاص«بابن النابغة» والنابغة أمّه كانت إمراة قد اشتهرت بالفسق والفجور(أنظر: الإمام عليّ عليه السّلام، ١٣٧٩ هـ. ش: خ ٨٤ / ١٤٠).
أو يقول: في سياسة معاوية الماكرة: «وَاللهِ ما معاوِيةُ بِأدهَى مِنِي، وَلَكنَّهُ يَغدِرُ ويَفجُرُ» (أنظر: نفس المصدر: خ ٢٠٠ / ٤٢٢)
كما يشكو من أصحابه في خطبة الجهاد الّتي يذكرها الدّكتور ضيف نقلاً عن صاحب البيان والتبيين (٢ / ٥٢)
وهو يسندها إلى الإمام عليه السّلام (أنظر: شوقي ضيف، ١٤٢٧ هـ: ١٢٧): «... يَا أشباهَ الرّجالِ وَلا رِجالَ! حُلْوم الأطفالِ، وَعُقولُ رَبّاتِ الحِجالِ...» (الإمام عليّ عليه السّلام، ١٣٧٩ هـ. ش: خ ٢٧ / ٦ ).
أو يقول: في استنفار النّاس إلى أهل الشام بعد فراغه من أمرالخوارج مّوبّخاً أهل الكوفة: « أُفًّ لَكم ! لَقَد سَئِمتُ عِتابَكم !...»(نفس المصدر: خ ٣٤ / ٨٦).
الرابع: إذا ما تأملنا في هذه الخطبة فوجدنا أنّ أسلوبه لا يختلف عن أسلوب الإمام في بقية الخطب بحيث نحسّ فيها كلّ الخصائص الّتي تثبت هذا الأفتراض إثباتاً قاطعاً.
الخامس: وهناك دلائل أخرى تشير إلى أنّ هذه الخطبة لعليّ (عليه السّلام) وهنا نستمع إلى قول ابن ميثم البحراني حيث يحدّثنا عن تلك الدلائل قائلاً:
(أنّ هذه الخطبة وما يشبهها ممّا يتضمّن شكايته في أمر الخلافة قد شكائه في هذا الأمر أصلاً، ومنهم من نسب هذه الخطبة خاصّة إلى السيد الرّضي رحمه الله. والحقّ أنّ ذلك إفراط في القول لأنّ المنافسة الّتي كانت بين الصحابة في أمر الخلافة معلومة بالضرورة لكلّ من سمع أخبارهم، وتشاجرهم في السقيفة، وتخلّف عليّ ووجوه بني هاشم عن البيعة أمر ظاهر لا يدفعه إلاّ جاهل أو معاند، وإذا ثبت أنه عليه السّلام نافس في هذا الأمر، كان الظنّ غالباً بوجود الشكاية منه، وان لم يسمع ذلك منه، فضلاً عن أن الشكاية بلغت مبلغ التواتر المعنويّ في الألفاظ شهرتها وكثرتها تعلم بالضرورة أنها لا تكون بأسرها كذباً بل لابدّ أن يصدق بعضها فثبتت فيه الشكاية على أنّ هذه الخطبة نقلها من يوثق به من الأدباء والعلماء قبل مولد الرضّي بمدّة ووجدت بها نسخة موثوقاً بنقلها، عليها خطّ الوزير أبن الفرات وكان قبل مولد الرضيّ بنيف وستّين سنة و...) (ابن ميثم البحراني، ١٤٠٨ هـ. ق – ١٣٦٦ هـ. ش: ٩١ ).
وهذا هو « صبحى الصالح » يقول: عن أسباب ذلك النقد والتعريض مشيراً إلى نكتة هامّة أخرى:
«ثّم لابدّ لدارس «النّهج» أن يكوّن لنفسه صورة حقيقية عن تلك الحقبة من تاريخ المسلمين ليستنبط البواعث النفسية التي حملت عليّاُ (عليه السّلام) على الإكثار في خطبه من النقد والتعريض والتقريع، والتذمّر والشكوى، فقد عاندته الأيام، وعجّت خلافته عجيباً بالأحداث المريرة وخابت آماله في تحقيق الإصلاح. فهل من عجب إذا استغرقت معاني النقد الّلاذع والتأنيب الجارح معظم خطبه ومناظراته، وحتّى رسائله إلى منافسيه والمتمرّدين عليه ؟! (الصالح، بدون تاريخ: ١٠ ).
وأمّا القول الفصل في نسبة النّهج إلى الإمام (عليه السّلام) فهو ما يقوله العلاّمة، محمد جواد مغنية، صاحب ( في ظلال نهج البلاغة ).
القول الفصل في نسبة النهج إلى الإمام هو أن ننظر ونحاكم ما جاء فيه على أساس كتاب الله، فما وافق منه الكتاب فهو من قول الإمام، لأنّه مع القرآن، والقرآن معه، و ما خالفه فلا علاقة له بالإمام من قريب أو بعيد. وقد تواتر عن أهل البيت (عليهم السّلام) قولهم:
(لا تقبلوا علينا خلاف القرآن، فأنّما إن تحدّثنا بموافقة القرآن والسنّة، أنّا عن الله، وعن رسوله نحدث، ولا نقول، قال: فلان وفلان، فإذا أتاكم من يحدثكم بخلاف ذلك فردّوه، إنّ لكلامنا حقيقة، وإنّ عليه لنوراً، فما لا حقيقة له، ولا نور عليه ذاك قول الشّيطان ).
وما من كلمة في نهج البلاغة إلاّ ودلّ عليها القرآن بالتفصيل أو الإهمال مع العلم بأن كلام الله قد تفرّد بخصائص كثيرة لا يشاركه فيها كلام البشر أيّا كان قائله، وهذه الحقيقة يدركها كلّ من « كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد » (مغنية ١٩٧٩ م، ج ١: ٨-٩).
وأحسن وأدلّ من هذا هو قول الإمام (عليه السّلام) نفسه في فضائل عترة النّبيّ:
(هم مَوضِعْ سِرّهِ ومَلجَأُ أَمرِهِ وَعَيبَةُ عِلمِهِ، وَمَوِئلُ حُكمِهِ، وكهُوُف كتُبِهِ، وَجِبَالُ ديِنهِ بِهِم أَقامَ انحِنَاءَ ظَهرِهِ، وَأَذهَبَ ارتِعَادَ فَرائِصِهِ...) (الإمام عليّ ١٣٧٩ هـ. ش: خ / ٤٤ ).
ومنه أيضاً حيث يشير إلى خصائص أهل البيت (عليهم السّلام):
(بِنَا اهتَدَيتُم فِي الظّلمَاءِ، وتَسَنَّمتُم ذُروَةَ العَلياءِ، وَبِناَ أَفجَرتُم عَنِ السّرَارِ...) (نفس المصدر: خ ٤ / ٤٨ ).
وإن خير مثال يصوّر لنا بلاغة أهل البيت (عليهم السّلام)، قوله:
(إنَّا لَأُمَرَاءُ الكلاَمِ، وَفِينَا تَنشَّبَت عُرُوقُهُ، وَعَليَنَا تَهَدَّلّت غُصُونُهُ ) (نفس المصدر: خ ٢٣٣: ٤٧٠ )
النّتيجة
١- بما أنّ خطب النهج أو أكثرها مدوّنة في مصادر الشيعة والسنّة من قبل أن يولد الشريف الرضي ودافع عنها العلماء من كلام الفريقين، فيبدو أن الدّكتورضيف كان ينظرإلى النهج في ضوء عقيدة تمتاز بالترعة الطّائفية المذهبيّة والعصبيّة الفكرية بحيث كأنّه صنع لنفسه سجناً من الظّن والشك والعصبيّة ويعيش فيها عيشة راضية.
في الحقيقة أنّ هذه الشبهات صدرت منه بدافع العصبية العمياء والجهل المتراكم في تعريف نهج البلاغة. والتعصب والعناد يورد – كما يقول: العطاردي (١٣٦٠ هـ. ش: ١٨ ) يورد الإنسان موارد الهلكة ويخرجه عن طريق الحقّ والصّواب.
٢- في رأي الدّكتور ضيف، النهج إمّا أن يكون كله مصنوعاً منحولاً، أو بعضه – كما يقول: ابن أبي الحديد وهو يرّد على هذه الشبهة: ابن أبي الحديد، ١٩٦٥ م، ١٣٨٥ هـ، ج ١٠: ١٢٨ – ١٢٩ -، والأوّل باطل بالضرورة لأنّ صحة إسناد معظمه إلى أميرالمؤمنين (عليه السّلام) معلوم بالضرورة (التواتر في اسناده) بما نقله المؤرخون من الشيعة والسّنة.
والثاني أيضاً باطل لأنّ من قد أَنسَ بالكلام والخطابة وشَدَا طَرَفاً من علم البيان وصار له ذوق في هذا الباب، لأبّد أن يفرّق بين الكلام الركيك والفصيح، وبين الفصيح والأفصح، وبين الأصيل والمولّد فإذا تأمّلنا في نهج البلاغة فنجده كله ماءً واحداً ونَفَساً واحداً وأسلوباً واحداً كالجسم البسيط الّذي ليس بعضّ من أبعاضه مخالفاً لباقي الأبعاض في الماهيّة، وكالقرآن العزيز أوّله كأوسطه، وأوسطه كآخره، وكلّ سورة منه، وكلّ آية مماثلة في المأخذ والمذهب والفنّ والطريق والنظم لباقي الآيات والسّور، ولو كان بعض نهج البلاغة منحولاً وبعضه صحيحاً، لم يكن ذلك كذلك، فقد يظهر لنا بهذا البرهان الواضح ضلالُ مَن زعم أنّ هذا الكتاب او بعضه منحول إلى الإمام عليه السّلام. وهكذا حصحص الحقّ فظهر فساد قوله وبطلان رأيه حول النهج.
المصادر
(١) القرآن الكريم
(٢) الإمام عليّ عليه السّلام (١٣٧٩ هـ.ش)،نهج البلاغة، ترجمة، محمّد دشتي، ط ١٣، قم، الهادي.
(٣) آل كاشف الغطاء هادي(١٤١٦ هـ. ق )،مدارك نهج البلاغة ودفع الشبهات عنه،بيروت، دارالأندلس.
(٤) آل ياسين، محمد حسين (١٣٦٠ هـ. ش ) لمن نهج البلاغة ؟ ترجمة: محمود عابدي، الطبعة الأولى، طهران، بنياد نهج البلاغة.
(٥) أحمد أمين (١٩٦٩م)، فجر الإسلام، الطبعة العاشرة، بيروت، دار الكتاب العربي.
(٦) الأسد، ناصرالدّين (١٩٦٩م)، مصادر الشعر الجاهلي وقيمتها التاريخيّة، الطبعة الرابعة، مصر، دار المعارف.
(٧) ابن أبي الحديد المعتزلي، عزّالدين عبد الحميد (١٩٦٥م – ١٣٨٥ هـ)، شرح نهج البلاغة، تحقيق، محمد أبوالفضل إبراهيم، القاهرة، دار إحياء الكتب العربية ومنشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النّجفي بقم ١٤٠٤ هـ.
(٨) ابن تَعزِي بَردي الأتابكي، جمال الدين أبوالمحاسن (بدون تاريخ)، النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، وزارة الثقافة والإرشاد القومي.
(٩)ابن خلّكان أبو العبّاس، شمس الدين أحمد بن محمّد بن أبي بكر (١٣٦٤ هـ. ش)، وفيات الأعيان، الطبعة الثانية، قم، منشورات الشريف الرضي.
(١٠) ابن العماد الحنبلي، أبوالفداء أبو الحّي (بدون تاريخ)، شذرات الذّهب في أخبار من ذهب، بيروت، دار الكتب الإسلامية.
(١١) ابن ميثم البحراني، كمال الدين ميثم بن علي (١٤٠٨ هـ ق – ١٣٦٦ هـ.ش )، اختيار مصباح السالكين (شرح نهج البلاغة الوسيط)، تحقيق، محمّد هادي الأميني، الطبعة الأولى، مشهد، مؤسسة الطبع والنشر التابعة للآستانة الرضوية المقدّسة.
(١٢) (بدون تاريخ)، شرح نهج البلاغة، منشورات دفتر نشر الكتاب.
(١٣) ابن واضح اليعقوبي، أحمد بن يعقوب بن جعفر (بدون تاريخ)، مشاكلة النّاس لزمانهم، الطبعة الأولى، بيروت، دار الكتاب الجديد.
(١٤) اسفندياري محمّد (١٣٨٠ هـ. ش)، من نهج البلاغة الأول إلى نهج البلاغة الثاني، صحيفة گلستان قرآن، وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي، العدد الجديد، رقم ٩٦ (ص ٢٧ – ٣٥ ).
(١٥) بروكلمان، كارل (١٩٥٩ م تاريخ المقدّمة ١٩٩٣ م تاريخ الترجمة)، تاريخ الأدب العربيّ، ترجمة: عبدالحليم النّجّار، طبعة الهيئة المصيرية العامّة للكتاب.
(١٦) البستاني محمود (١٤١٣ هـ. ق)، تاريخ الأدب العربّي في ضوء المنهج الإسلامي، الطبعة الأولى، مشهد، آستان قدس رضوي.
(١٧) بيضون، لبيب (١٤٠٨ هـ. ق)، تصنيف نهج البلاغة، الطبعة الثانية، طهران، مركز النشر مكتب الإعلام الإسلامي.
(١٨) الجاحظ، أبو عثمان عمرو بن بحر بن محبوب (١٩٩٨م – ١٤٠٨ هـ. ق)، البيان والتبيين تحقيق، علي أبو ملحم، الطبعة الأولى، بيروت، دار مكتبة الهلال.
(١٩) جرجي زيدان (١٩١١ – ١٩١٤ م)، تاريخ آداب اللغة العربية، راجعها وعلق عليها، شوقي ضيف، القاهرة، دار الهلال.
(٢٠) جعفري، سيّد محمّد مهدي (بدون تاريخ)، پژوهشى دراسناد ومدارك نهج البلاغة، طهران، قلم.
(٢١) (١٣٨٠ هـ. ش) منابع ومستندات نهج البلاغة مجله كتابداري، دفتر ٣٦ (ص ٧ – ٢٥ ).
(٢٢) الحسيني، عبد الزهراء (١٣٩٥ هـ. ق)، مصادر نهج البلاغة وأسانيدها، بيروت، مؤسسة أعلمي.
(٢٣) حنفي داوود، حامد (١٤٠١ هـ)، نهج البلاغة، توثيقه ونسبته إلى الإمام عليّ (عليه السّلام)، الطبعة الأولى، مؤسسة نهج البلاغة.
(٢٤) الحكيمي، الشيخ محمدرضا (١٤١٥ هـ.ق – هـ. ش)، سلوني قبل أن تفقدوني (من مختصات مولانا أميرالمؤمنين عليه السّلام)، طبعة المكرر، طهران، المصدر.
(٢٥) دشتي، محمد (١٣٦٨ هـ. ش)، مناهج البحث في اسناد نهج البلاغة، الطبعة الأولى، قم، نشر إمام علي عليه السّلام.
(٢٦) دلشاد طهراني، مصطفى (١٣٨٥ هـ. ش)، ماه مهرپرور (تربيت در نهج البلاغة، مقدمة المؤلف) الطبعة الثالثة، طهران، دريا.
(٢٧) (١٣٨٠ هـ. ش)، شناخت نهج البلاغة، نشر گلستان قرآن، وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي، الاعدد الجديد، رقم ٩٦ (ص ٢١ -١٤ ).
(٢٨)الزركلي، خير الدين (١٩٩٠ م)، الأعلام، الطبعة التاسعة، بيروت، دار العلم للملايين.
(٢٩) الزيّات، أحمد حسن (٢٠٠٥ م – ١٤٢٥ هـ)، تاريخ الأدب العربي، الطبعة التاسعة، بيروت دار النهضة.
(٣٠) سبزيان پور، وحيد (٢٠٠٨ م – ١٤٢٩ هـ. ق)، تيّارات التّدليس في اسناد كلمات الإمام علي عليه السّلام من الجاحظ إلى لوئيس معلوف، مجلة العلوم الإنسانية، طهران، جامعة تربيت مدرس، العدد ١٥ (٣) (ص٧٧ – ٨٦).
(٣١) شوقي ضيف (١٤٢٧ هـ. ق وتاريخ المقدّمة، ١٩٦٣ )، تاريخ الأدب العربي (العصر الإسلامي)، الطبعة الثانية، قم، ذوي القربى.١٤٤٦م.
(٣٢) (تاريخ المقدّمة)، الفنّ ومذاهبه في النشر العربي، الطبعة الثانية عشرة، مصر، دار المعارف.
(٣٣) الشهرستاني، سيد هبة الدين ( ١٣٦٤ هـ.ش) ما هو نهج البلاغة، ترجمة: ميرزاده أهري، مقدمة، تصحيح وتحشية، علي دواني، قم، اسلامي.
(٣٤) شيخي، حميد رضا (١٣٧٩ هـ. ش )، آشنايي با نهج البلاغة، مقدمة آيت الله محمد واعظ زاده خراساني، الطبعة الأولى، طهران، سمت.
(٣٥)الصفدي، صلاح الدين خليل بن أبيك (١٩٦٢ م – ١٣٨١ هـ )، الوافي بالوفيات، الطبعة الثانية، باعتناء، هلموت ريتر، دار النشر فرانزشتانير بقيسبادن.
(٣٦) عبده، محمد (١٩٩٠ م – ١٤١٠ هـ )، شرح نهج البلاغة، الطبعة الأولى، بيروت مؤسسة المعارف.
(٣٧) العطاردي، عزيزالله (١٣٧٥ هـ. ش )، شرح نهج البلاغة، الطبعة الأولى، طهران، بنياد نهج البلاغة وعطارد.
(٣٨) (١٣٦٠ هـ.ش)، تقديم وجمع كلام علي (ع)، الذكرى الألفية لنهج البلاغة، الطبعة الأولى، طهران، بنياد نهج البلاغة.
(٣٩) العقاد، عباس محمود (بدون تاريخ)، عبقرية الإمام علي رضي الله عنه.
(٤٠)الفاخوري، حنّا (١٣٨٠ هـ. ش)، تاريخ الأدب العربي، الطبعة الثانية، طهران، توس.
(٤١)(١٤٢٧ هـ ق – ١٣٨٥ هـ. ش)، الجامع في تاريخ الأدب العربي (الأدب القديم)، الطبعة الثانية، قم، ذوي القربى.
(٤٢) مبارك، زكي (١٩٣٤ م – ١٣٥٢ هـ)، النثر الفنّي في القرن الرابع، الطبعة الثانية، مصر، مطبعة السعادة بمصر.
(٤٣) (٢٠٠٧ م – ١٣٢٧ هـ. ق)، عبقرية الشريف الرّضي، الطبعة الأولى، القاهرة، مكتبة الثقافة الدينية.
(٤٤) المحمودي، محمد باقر(١٣٩٧ م - ١٣٨٥ هـ)، نهج السعادة في مستدرك نهج البلاغة، الطبعة الأولى، بيروت، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ومؤسسة التضامن الفكري.
(٤٥) المسعودي أبوالحسن علي بن الحسين (بدون تاريخ)، مروج الذهب ومعادن الجوهر، الطبعة الثانية، إيران – قم، دار الهجرة.
(٤٦) مغنية، محمّد جواد (١٩٧٩ م)، في ظلال نهج البلاغة، الطبعة الثالثة، بيروت، دار العلم للملايين.
(٤٧)مطهري، مرتضى (١٣٦٨ هـ.ش )، سيرى در نهج البلاغة، الطبعة السادسة، طهران، صدرا.
(٤٨) الهاشمي الخوئي، ميرزا حبيب الله (بدون تاريخ)، منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، الطبعة الرابعة، قم، دار الهجرة.