وقال (عليه السلام): الْغِيبَةُ جُهْدُ الْعَاجزِ.                
وقال (عليه السلام) : مَنْ عَظَّمَ صِغَارَ الْمَصَائِبِ ابْتَلاَهُ اللهُ بِكِبَارِهَا .                
وقال (عليه السلام): إذَا كَانَ في رَجُل خَلَّةٌ رَائِعَةٌ فَانْتَظِرْ أَخَوَاتِهَا.                
وقال (عليه السلام): الْقَنَاعَةُ مَالٌ لاَيَنْفَدُ.                
وقال (عليه السلام): اذْكُرُوا انْقِطَاعَ الَّلذَّاتِ، وَبَقَاءَ التَّبِعَاتِ.                
وقال (عليه السلام): مَنْهُومَانِ لاَ يَشْبَعَانِ: طَالِبُ عِلْم، وَطَالِبُ دُنْيَا.                
وقال (عليه السلام): مَا لاِبْنِ آدَمَ وَالْفَخْرِ: أَوَّلُهُ نُطْفَةٌ، وَآخِرُهُ جِيفَةٌ، و َلاَ يَرْزُقُ نَفْسَهُ، وَلاَ يَدفَعُ حَتْفَهُ.                

Search form

نـهج البـــــــــلاغـة
إرسال الی صدیق
الخطبة ٢٥: وقد تواترت عليه الاَخبار باستيلاءِ أصحاب معاوية على البلاد

ومن خطبة له (عليه السلام)

وقد تواترت عليه الاَخبار[١] باستيلاءِ أصحاب معاوية على البلاد، وقدم عليه عاملاه على اليمن ـ وهما عبيدالله بن العباس وسعيد بن نمران ـ لمّا غلب عليها بُسْرُ بن أبي أَرْطَاة، فقام(عليه السلام)إلى المنبر ضجراً بتثاقل أَصحابه عن الجهاد، ومخالفتهم له في الرأْي، وقال

مَا هِيَ إِلاَّ الكُوفَةُ، أقْبِضُهَا وَأَبْسُطُهَا[٢]، إنْ لَمْ تَكُوني إِلاَّ أَنْتِ، تَهُبُّ أَعَاصِيرُك[٣]، فَقَبَّحَكِ اللهُ!

وتمثّل:

لَعَمْرُ أَبِيكَ الخَيْرِ يَا عَمْرُوإِنَّني

                      

عَلَى وَضَر[٤] ـ مِنْ ذَا الاِْنَاءِ ـ قَلِيلِ

 

ثم قال (عليه السلام):

أُنْبِئْتُ بُسْراً قَدِ اطَّلَعَ الَيمنَ[٥]، وَإِنِّي وَاللهِ لاََظُنُّ هؤُلاءِ القَوْمَ سَيُدَالُونَ مِنْكُمْ[٦] بِاجْتِماعِهمْ عَلَى بَاطِلِهمْ، وَتَفَرُّقِكُمْ عَنْ حَقِّكُمْ، وَبِمَعْصِيَتِكُمْ إِمَامَكُمْ في الحَقِّ، وَطَاعَتِهِمْ إِمَامَهُمْ في البَاطِلِ، وَبِأَدَائِهِمُ الاَْمَانَةَ إِلَى صَاحِبِهِمْ وَخِيَانَتِكُمْ، وَبِصَلاَحِهمْ في بِلاَدِهِمْ وَفَسَادِكُمْ، فَلَو ائْتَمَنْتُ أَحَدَكُمْ عَلَى قَعْب[٧] لَخَشِيتُ أَنْ يَذْهَبَ بِعِلاَقَتِهِ[٨].

اللَّهُمَّ إِنِّي قَدْ مَلِلْتُهُمْ وَمَلُّوني، وَسَئِمْتُهُمْ وَسَئِمُوني، فَأَبْدِلنِي بِهِمْ خَيْراً مِنْهُمْ، وأَبْدِلُهمْ بِي شَرَّاً مِنِّى، اللَّهُمَّ مِثْ قُلُوبَهُمْ[٩] كَمَا يُمَاثُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ، أَمَاوَاللهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ لِي بِكُمْ أَلفَ فَارِس مِنْ بَنِي فِرَاسِ بْنِ غَنْم.

هُنَالِكَ، لَوْ دَعَوْتَ، أَتَاكَ مِنْهُمْ

                      

فَوَارِسُ مِثْلُ أَرْمِيَةِ الحَمِيم

 

ثم نزل(عليه السلام) من المنبر.

قلتُ أنا: والارمية جمع رَميٍّ وهو: السحاب، والحميم في هذا الموضع: وقت الصيف، وإنما خصّ الشاعر سحاب الصيف بالذكر لانه أشد جفولاً، وَأسرع خُفوفاً[١٠]، لانه لا ماء فيه، وإنما يكون السحاب ثقيل السير لامتلائه بالماء، وذلك لا يكون في الاكثر إلا زمان الشتاء، وإنما أراد الشاعر وصفهم بالسرعة إذا دُعوا، والاغاثة إذا استغيثوا، والدليل على ذلك قوله: «هنالك، لو دعوت، أتاك منهم...».

--------------------------------------------------------
[١] . تواترت عليه الاخبار: ترَادَفَتْ وتواصَلَت.
[٢] . أقْبضُها وأبْسُظُها: أي أتصرف فيها كما يتصرف صاحب الثوب في ثوبه يقبضه أويبسطه.
[٣] . الاعاصير: جمع إعصار، وهي ريح تهب وتمتد من الارض نحو السماء كالعمود.
[٤] . الوَضرُ ـ بالتحريك ـ: بقية الدّسم في الاِناء.
[٥] . اطّلَعَ اليمنَ: غَشِيَها بجيشه وغزاها وأغار عليها.
[٦] . سَيُدَالُونَ منكم: سيغلبونكم وتكون لهم الدولة بَدَلَكُمْ.
[٧] . القَعْب ـ بفتح القاف ـ: القدح الضخم.
[٨] . عِلاقة القَعْب ـ بكسر العين ـ: مايعلق منه من ليف أونحوه.
[٩] . مِثْ قلوبهم: أَذِبْها، ماثه يميثه: أذابه.
[١٠] . خُفُوفاً: مصدر غريب لخَفّ بمعنى انتقل وارتحل مسرعاً، والمصدر المعروف «خفّاً».
****************************