وقال (عليه السلام) : هَلَكَ فِي رَجُلاَنِ: مُحِبٌّ غَال ، وَمُبْغِضٌ قَال .                
وقال (عليه السلام): إِذَا قَدَرْتَ عَلَى عَدُوِّكَ فَاجْعَلِ الْعَفْوَ عَنْهُ شُكْراً لِلْقُدْرَةِ عَلَيْهِ .                
وقال (عليه السلام): إِذَا وَصَلَتْ إِليْكُمْ أَطْرَافُ النِّعَمِ فَلاَ تُنْفِرُوا أَقْصَاهَا بِقِلَّةِ الشُّكْرِ .                
وقال (عليه السلام): مَنْ ضَيَّعَهُ الاْقْرَبُ أُتِيحَ لَهُ الاْبْعَدُ .                
وقال (عليه السلام): إِذَا قَدَرْتَ عَلَى عَدُوِّكَ فَاجْعَلِ الْعَفْوَ عَنْهُ شُكْراً لِلْقُدْرَةِ عَلَيْهِ .                
وقال (عليه السلام): مَا أَخَذَ اللهُ عَلَى أَهْلِ الْجَهْلِ أَنْ يَتَعَلَّمُوا حَتَّى أَخَذَ عَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يُعَلِّمُوا.                
وقال (عليه السلام): أَعْجَزُ النَّاسِ مَنْ عَجَزَ عَنِ اكْتِسَابِ الاْخْوَانِ، وَأَعْجَزُ مِنْهُ مَنْ ضَيَّعَ مَنْ ظَفِرَ بِهِ مِنْهُمْ .                

Search form

نـهج البـــــــــلاغـة
إرسال الی صدیق
الخطبة ١٠٤: في بعض صفات الرسول الكريم وتهديد بني أمية وعظة الناس

ومن خطبة له (عليه السلام)

[في بعض صفات الرسول الكريم وتهديد بني أمية وعظة الناس]

[الرسول الكريم]

حَتَّى بَعَثَ اللهُ مُحَمَّداً(صلى الله عليه وآله وسلم)، شَهِيداً، وَبَشِيراً، وَنَذِيراً، خَيْرَ الْبَرِيَّةِ طِفْلاً، وَأَنْجَبَهَا كَهْلاً، أَطْهَرَ الْمُطَهَّرِينَ شِيمَةً[١]، وَأَجْوَدَ الْمُسْتَمْطَرِينَ دِيمَةً[٢].

[بنو أمية]

فَمَا احْلَوْلَتْ الدُّنْيَا لَكُمْ فِي لَذَّتِهَا، وَلاَ تَمَكَّنْتُمْ مِنْ رَضَاعِ أَخْلاَفِهَا[٣] إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا صَادَفْتُمُوهَا جَائِلاً خِطَامُهَا[٤]، قَلِقاً وَضِينُهَا[٥]، قَدْ صَارَ حَرَامُهَا عِنْدَ أَقْوَام بِمَنْزِلَةِ السِّدْر الْـمَخْضُودِ[٦]، وَحَلاَلُهَا بَعِيداً غَيْرَ مَوْجُود، وَصَادَفْتُمُوهَا، وَاللهِ، ظِلاًّ مَمْدُوداً إِلَى أَجَل مَعْدُود، فَالاَْرْضُ لَكُمْ شَاغِرَةٌ[٧]، وَأَيْدِيكُمْ فِيهَا مَبْسُوطَةٌ، وَأَيْدِي الْقَادَةِ عَنْكُمْ مَكْفُوفَةٌ، وَسُيُوفُكُمْ عَلَيْهِمْ مَسَلَّطَةٌ، وَسُيُوفُهُمْ عَنْكُمْ مَقْبُوضَةٌ.

أَلاَ إِنَّ لِكُلِّ دَم ثَائِراً، وَلَكُلِّ حَقٍّ طَالِباً، وَإِنَّ الثَّائِرَ فِي دِمَائِنَا كَالْحَاكِمِ في حَقِّ نَفْسِهِ، وَهُوَ اللهُ الَّذِي لاَ يُعْجِزُهُ مَنْ طَلَبَ، وَلاَ يَفُوتُهُ مَنْ هَرَبَ.

فَأُقْسِمُ بِاللهِ، يَا بَنِي أُمَيَّةَ، عَمَّا قَلِيل لَتَعْرِفُنَّهَا فِي أَيْدِي غَيْرِكُمْ وَفِي دَارِ عَدُوِّكُمْ! أَلاَ إِنَّ أبْصَرَ الاَْبْصَارِ مَا نَفَذَ فِي الْخَيْرِ طَرْفُهُ! أَلاَ إِنَّ أَسْمَعَ الاَْسْمَاعِ مَا وَعَى التَّذْكِيرَ وَقَبِلَهُ!

[وعظ الناس]

أَيُّهَا النَّاسُ، اسْتَصْبِحُوا مِنْ شُعْلَةِ مِصْبَاح وَاعِظ مُتَّعِظ، وَامْتَاحُوا[٨] مِنْ صَفْوِ عَيْن قَدْ رُوِّقَتْ[٩] مِنَ الْكَدَرِ.

عِبَادَ اللهِ، لاَ تَرْكَنُوا إِلَى جَهَالَتِكُمْ، وَلاَ تَنْقَادُوا لاَِهْوَائِكُمْ، فَإِنَّ النَّازِلَ بِهذَا الْمَنْزِلِ نَازِلٌ بِشَفَا جُرُف هَار[١٠]، يَنْقُلُ الرَّدَى[١١] عَلَى ظَهْرِهِ مِنْ مَوْضِع إِلَى مَوْضَع، لِرَأْي يُحْدِثُهُ بَعْدَ رَأْي، يُرِيدُ أَنْ يُلْصِقَ مَا لاَ يَلْتَصِقُ، وَيُقَرِّبَ مَا لاَ يَتَقَارَبُ! فَاللهَ اللهَ أَنْ تَشْكُوا إِلَى مَنْ لاَ يُشْكِي[١٢] شَجْوَكُمْ[١٣]، وَلاَ يَنْقُضُ بِرَأْيِهِ مَا قَدْ أَبْرَمَ لَكُمْ.

إِنَّهُ لَيسَ عَلَى الاِْمَامِ إِلاَّ مَا حُمِّلَ مِنْ أَمْرِ رَبِّهِ: الاِْبْلاَغُ فَي الْمَوْعِظَةِ، وَالاجْتِهَادُ فِي النَّصِيحَةِ، وَالاِْحْيَاءُ لِلسُّنَّةِ، وَإِقَامَةُ الْحُدُودِ عَلَى مُسْتَحِقِّيهَا، وَإِصْدَارُ السُّهْمَانِ[١٤] عَلَى أَهْلِهَا.

فَبَادِرُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِ تَصْوِيحِ[١٥] نَبْتِهِ، وَمِنْ قَبْلِ أَنْ تُشْغَلُوا بَأَنْفُسِكُمْ عَنْ مُسْتَثَارِ[١٦] الْعِلْمِ مِنْ عِنْدِ أَهْلِهِ، وَانْهَوْا عَنْ المُنْكَرِ وَتَنَاهَوْا عَنْهُ، فَإِنَّمَا أُمِرْتُمْ بالنَّهْي بَعْدَ التَّنَاهِي!

----------------------------------------
[١] . الشِّيمة: الخُلُق.
[٢] . الدّيمة ـ بكسر الدال ـ: المطر، يدوم في سكون. والمُسْتَمْطَر ـ بفتح الطاء ـ: مَن يُطْلَبُ منه المطر.
[٣] . الاخْلاف ـ جمع خِلْف بكسر الخاء وسكون اللام ـ: حَلمة ضَرْع الناقة.
[٤] . الخِطام ـ ككتاب ـ: ما يوضع في أنف البعير لِيُقَادَبه.
[٥] . الوَضَين: بِطانٌ عريض منسوج من سُيور أوشَعَر يكون للرحل كالحزام للسّرْج.
[٦] . السِّدْر ـ بالكسر ـ: شجر النّبق. والمَخْضود: المقطوع شوْكُهُ.
[٧] . شَاغرة: خالية.
[٨] . امتاحوا: استَقُوا وانزِعوا الماء لريّ عطشكم من عين صافية صَفَتْ من الكَدَر.
[٩] . رُوِّقَتْ: صُفِّيَتْ.
[١٠] . شفا جُرُف هار: شفا الشيء حَرْفُهُ. والجُرُف ـ بضمتين ـ: ما تجرفه السيول. والهاري ـ كالهائر ـ: المتهدم أوالمُشرِف على الانهدام.
[١١] . الرّدَى: الهلاك.
[١٢] . يُشْكي: من أشْكاه إذا أزال شكواه.
[١٣] . الشّجْو: الحاجة.
[١٤] . السُهْمَانُ ـ بضم السين ـ: جمع سهم بمعنى الحظ والنصيب. وإصدار السُهْمانِ إعادتها إلى أهلها المستحقين لها لا ينقصهم منها شيء.
[١٥] . التّصْوِيح: التجفيف. وأصله: صَوّحَ النّبْتُ: إذا جَفّ أعلاه.
[١٦] . مُسْتَثَار: اسم مفعول بمعنى المصدر. والاستثارة طلب الثّوَر وهو السّطوع والظهور.
****************************