![](https://arabic.balaghah.net/sites/all/themes/nahjArabic/image/besmellah.png)
![](https://arabic.balaghah.net/sites/all/themes/nahjArabic/image/mola.png)
![](https://arabic.balaghah.net/sites/all/themes/nahjArabic/image/fi_rahab.jpg)
![](https://arabic.balaghah.net/sites/all/themes/nahjArabic/image/haram.jpg)
![](https://arabic.balaghah.net/sites/all/themes/nahjArabic/image/nahj.jpg)
ومن خطبة له (عليه السلام)
[يعظ فيها ويزهد في الدنيا]
نَحْمَدُهُ عَلَى مَا أَخَذَ وَأَعْطَى، وَعَلَى مَا أَبْلَى وَابْتَلَى[١]، الْبَاطِنُ لِكُلِّ خَفِيَّة، الْحَاضِرُ لِكُلِّ سَرِيرَة، العَالِمُ بِمَا تُكِنُّ الصُّدُورُ، وَمَا تَخُونُ الْعُيُونُ.
وَنَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ غَيْرُهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً نَجِيبُهُ وَبَعِيثُهُ[٢]، شَهَادَةً يُوَافِقُ فِيهَا السِّرُّ الاِْعْلاَنَ، وَالْقَلْبُ اللِّسَانَ.
فَإِنَّهُ وَاللهِ الْجِدُّ لاَ اللَّعِبُ، وَالْحَقُّ لاَ الْكَذِبُ، وَمَا هُوَ إِلاَّ الْمَوْتُ أَسْمَعَ دَاعِيهِ[٣]، وَأَعْجَلَ حَادِيهِ[٤]، فَلاَ يَغُرَّنَّكَ سَوَادُ النَّاسِ مِنْ نَفْسِكَ، فَقَدْ رَأَيْتَ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ مِمَّنْ جَمَعَ الْمَالَ وَحَذِرَ الاِْقْلاَلَ، وَأَمِنَ الْعَوَاقِبَ ـ طُولَ أَمَل وَاسْتِبْعَادَ أَجَل ـ كَيْفَ نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ فَأَزْعَجَهُ عَنْ وَطَنِهِ، وَأَخَذَهُ مِنْ مَأْمَنِهِ، مَحْمُولاً عَلَى أَعْوَادِ الْمَنَايَا يَتَعَاطَى بِهِ الرِّجَالُ الرِّجَالَ، حَمْلاً عَلَى المَنَاكِبِ وَإِمْسَاكاً بِالاَْنَامِلِ.
أَمَا رَأَيْتُمُ الَّذِينَ يَأْمُلُونَ بَعِيداً، وَيَبْنُونَ مَشِيداً، وَيَجْمَعُونَ كَثِيراً! أَصْبَحَتْ بُيُوتُهُمْ قُبُوراً، وَمَا جَمَعُوا بُوراً، وَصَارَتْ أَمْوَالُهُمْ لِلْوَارِثِينَ، وَأَزْوَاجُهُمْ لِقَوْم آخَرِينَ، لاَ فِي حَسَنَة يَزِيدُونَ، وَلاَ مِنْ سَيِّئَة يَسْتَعْتِبُونَ! فَمَنْ أَشْعَرَ التَّقْوَى قَلْبَهُ بَرَّزَ مَهَلُهُ[٥]، وَفَازَ عَمَلُهُ.
فَاهْتَبِلُوا[٦] هَبَلَهَا، وَاعْمَلُوا لِلْجَنَّةِ عَمَلَهَا، فَإِنَّ الدُّنْيَا لَمْ تُخْلَقْ لَكُمْ دَارَ مُقَام، بَلْ خُلِقَتْ لَكُمْ مَجَازاً لِتَزَوَّدُوا مِنْهَا الاَعْمَالَ إِلَى دَارِ الْقَرَارِ; فَكُونُوا مِنْهَا عَلى أَوْفَاز[٧]، وَقَرِّبُوا الظُّهُورَ[٨] لِلزِّيَالِ[٩].