ومن خطبة له (عليه السلام)
يصف فيها المنافقين
نَحْمَدُهُ عَلَى مَا وَفَّقَ لَهُ مِنَ الطَّاعَةِ، وَذَادَ عَنْهُ[١] مِنَ الْمَعْصِيةِ، وَنَسْأَلُهُ لِمِنَّتِهِ تَمَاماً، وَبِحَبْلِهِ اعْتِصَاماً.
وَنَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، خَاضَ إِلَى رِضْوَانِ اللهِ كُلَّ غَمْرَة[٢]، وَتَجَرَّعَ فِيهِ كُلَّ غُصَّة[٣]، وَقَدْ تَلَوَّنَ لَه الاَدْنَوْنَ[٤]، وَتَأَلَّبَ عَلَيْهِ الاَْقْصَوْنَ[٥]، وَخَلَعَتْ إِلَيْهِ الْعَرَبُ أَعِنَّتَهَا[٦]، وَضَرَبَتْ إِلَى مُحَارَبَتِهِ بُطُونَ رَوَاحِلِهَا، حَتَّى أَنْزَلَتْ بِسَاحَتِهِ عَدَاوَتَهَا، مِنْ أبْعَدِ الدَّارِ، وَأَسْحَقِ[٧] الْمَزَارِ.
أُوصِيكُمْ عِبَادَ اللهِ، بِتَقْوَى اللهِ، وَأُحَذِّرُكُمْ أَهْلَ النِّفَاقِ، فَإِنَّهُمُ:
الضَّالُّونَ الْمُضِلُّونَ، وَالزَّالُّونَ الْمُزِلُّونَ[٨].
يَتَلَوَّنُونَ أَلْوَاناً، وَيَفْتَنُّونَ[٩] افْتِنَاناً، وَيَعْمِدُونَكُمْ[١٠] بِكُلِّ عِمَاد[١١]، وَيَرْصُدُونَكُمْ[١٢] بِكُلِّ مِرْصَاد[١٣].
قُلوبُهُمْ دَوِيَّةٌ[١٤]، وَصِفَاحُهُمْ نَقِيَّةٌ[١٥].
يَمْشُونَ الْخَفَاءَ[١٦]، وَيَدِبُّونَ[١٧] الضَّرَاءَ.
وَصْفُهُمْ دَوَاءٌ، وَقَوْلُهُمْ شِفَاءٌ، وَفِعْلُهُمُ الدَّاءُ الْعَيَاءُ[١٨].
حَسَدَةُ[١٩] الرَّخَاءِ، وَمُؤَكِّدُوا الْبَلاَءِ، وَمُقْنِطُوا الرَّجَاءِ.
لَهُمْ بِكُلِّ طَرِيق صَرِيعٌ[٢٠]، وَإلى كُلِّ قَلْب شَفِيعٌ، وَلِكُلِّ شَجْو[٢١] دُمُوعٌ.
يَتَقَارَضُونَ الثَّنَاءَ[٢٢]، وَيَتَرَاقَبُونَ الْجَزَاء.
إِنْ سَأَلُوا ألْحَفُوا[٢٣]، وَإِنْ عَذَلُوا[٢٤] كَشَفُوا، وَإِنْ حَكَمُوا أَسْرَفُوا.
قَدْ أَعَدُّوا لِكُلِّ حَقٍّ بَاطِلاً، وَلِكُلِّ قَائِم مَائِلاً، وَلِكُلِّ حَيّ قَاتِلاً، وَلِكُلِّ بَاب مِفْتَاحاً، وَلِكُلِّ لَيْل مِصْبَاحاً.
يَتَوَصَّلُونَ إِلَى الطَّمَعِ بِالْيَأْسِ لِيُقيمُوا بِهِ أَسْوَاقَهُمْ، وَيُنَفِّعُوا بِهِ أَعْلاَقَهُمْ[٢٥].
يَقُولُونَ فَيُشَبِّهُونَ[٢٦]، وَيَصِفُونَ فَيُمَوِّهُونَ.
قَدْ هيّأُوا الطَّرِيقَ، وَأَضْلَعُوا الْمَضِيقَ[٢٧].
فَهُمْ لُمَةُ[٢٨] الشَّيْطَانِ، وَحُمَةُ[٢٩] النِّيرَانِ (أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ)