وقال (عليه السلام): لاَ خَيْرَ فِي الصَّمْتِ عَنِ الْحُكْمِ، كَمَا أنَّهُ لاَ خَيْرَ فِي الْقَوْلِ بِالْجَهْلِ.                
وقال (عليه السلام) : مَنْ عَظَّمَ صِغَارَ الْمَصَائِبِ ابْتَلاَهُ اللهُ بِكِبَارِهَا .                
وقال (عليه السلام): إِذَا وَصَلَتْ إِليْكُمْ أَطْرَافُ النِّعَمِ فَلاَ تُنْفِرُوا أَقْصَاهَا بِقِلَّةِ الشُّكْرِ .                
وقال (عليه السلام): مَنْهُومَانِ لاَ يَشْبَعَانِ: طَالِبُ عِلْم، وَطَالِبُ دُنْيَا.                
وقال (عليه السلام): مَا مَزَحَ امْرُؤٌ مَزْحَةً إِلاَّ مَجَّ مِنْ عَقْلِهِ مَجَّةً.                
وقال (عليه السلام): إذَا كَانَ في رَجُل خَلَّةٌ رَائِعَةٌ فَانْتَظِرْ أَخَوَاتِهَا.                
وقال (عليه السلام): قَلِيلٌ مَدُومٌ عَلَيْهِ خَيْرٌ مِنْ كَثِير مَمْلُول مِنْهُ.                

Search form

نـهج البـــــــــلاغـة
إرسال الی صدیق
الرسالة ٢٥: كان يكتبها لمن يستعمله على الصدقات

ومن وصية له (عليه السلام)

كان يكتبها لمن يستعمله على الصدقات

و إنما ذكرنا منها جملاً هاهنا ليُعلَمَ بها أنه(عليه السلام) كان يقيم عماد الحق، ويشرع أمثلة العدل، في صغير الامور وكبيرها، ودقيقها وجليلها.

انْطَلِقْ عَلَى تَقْوَى اللهِ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَلاَ تُرَوِّعَنَّ[١] مُسْلِماً، وَلاَ تَجْتَازَنَّ[٢] عَلَيْهِ كَارِهاً، وَلاَ تَأْخُذَنَّ مِنْهُ أَكثَرَ مِنْ حَقِّ اللهِ فِي مَالِهِ.

فَإِذَا قَدِمْتَ عَلَى الْحَيِّ فَانْزِلْ بِمَائِهِمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ تُخَالِطَ أَبْيَاتَهُمْ، ثُمَّ امْضِ إِلَيْهِمْ بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ، حَتَّى تَقوُمَ بَيْنَهُمْ فَتُسَلِّمَ عَلَيْهِمْ، وَلاَ تُخْدِجْ بِالتَّحِيَّةِ لَهُمْ[٣]، ثُمَّ تَقُولَ: عِبَادَ اللهِ، أَرْسَلَنِي إِلَيْكُمْ وَلِيُّ اللهِ وَخَلِيفَتُهُ، لاِخُذَ مِنْكُمْ حَقَّ اللهِ فِي أَمْوَالِكُمْ، فَهَلْ لِلَّهِ فِي أَمْوَالِكُمْ مِنْ حَقّ فَتُؤَدُّوهُ إِلَى وَلِيِّهِ؟ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: لاَ، فَلاَ تُرَاجِعْهُ، وَإِنْ أَنْعَمَ لَكَ[٤] مُنْعِمٌ فَانْطَلِقْ مَعَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ تُخِيفَهُ أَوْ تُوعِدَهُ أَوْ تَعْسِفَهُ[٥] أَوْ تُرْهِقَهُ[٦]، فَخُذْ مَا أَعْطَاكَ مِنْ ذَهَب أَوْ فِضَّة، فَإنْ كَانَتْ لَهُ مَاشِيَةٌ أَوْ إِبِلٌ فَلاَ تَدْخُلْهَا إِلاَّ بِإِذْنِهِ، فَإِنَّ أَكْثَرَهَا لَهُ، فَإِذَا أَتَيْتَهَا فَلاَ تَدْخُلْها دُخُولَ مُتَسَلِّط عَلَيْهِ وَلاَ عَنِيف بِهِ، وَلاَ تُنَفِّرَنَّ بَهِيمَةً وَلاَ تُفْزِعَنَّهَا،وَلاَ تَسُوءَنَّ صَاحِبَهَا فِيهَا، وَاصْدَعِ الْمَالَ[٧] صَدْعَيْنِ، ثُمَّ خَيِّرْهُ[٨]، فَإِذَا اخْتَارَ فَلاَ تَعْرِضَنَّ لِمَا اخْتَارَهُ، ثُمَّ اصْدَعِ الْبَاقيَ صَدْعَيْنِ، ثُمَّ خَيِّرْهُ، فَإِذَا اخْتَارَ فَلاَ تَعْرِضَنَّ لِمَا اخْتَارَ، فَلاَ تَزَالُ بِذلِكَ حَتَّى يَبْقَى مَا فِيهِ وَفَاءٌ لِحَقِّ اللهِ فِي مَالِهِ، فَاقْبِضْ حَقَّ اللهِ مِنْهُ، فَإِنِ اسْتَقَالَكَ فَأَقِلْهُ[٩]، ثُمَّ اخْلِطْهُمَا، ثُمَّ اصْنَعْ مِثْلَ الَّذِي صَنَعْتَ أَوَّلاً حَتَّى تَأْخُذَ حَقَّ اللهِ فِي مَالِهِ.

وَلاَ تَأْخُذَنَّ عَوْداً[١٠]، وَلاَ هَرِمَةً[١١]، وَلاَ مَكْسُورَةً، وَلاَ مَهْلُوسَةً[١٢]، وَلاَ ذَاتَ عَوَار[١٣].

وَلاَ تَأْمَنَنَّ عَلَيْهَا إِلاَّ مَنْ تَثِقُ بِدِينِهِ، رَافِقاً بِمَالِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى يُوصِلَهُ إِلَى وَلِيِّهِمْ فَيَقْسِمَهُ بَيْنَهُمْ.

وَلاَ تُوَكِّلْ بِهَا إِلاَّ نَاصِحاً شَفِيقاً، وَأَمِيناً حَفِيظاً، غَيْرَ مُعَنِّف وَلاَ مُجْحِف[١٤]، وَلاَ مُلْغِب[١٥] وَلاَ مُتْعِب.

ثُمَّ احْدُرْ[١٦] إِلَيْنَا مَا اجْتَمَعَ عِنْدَكَ، نُصَيِّرْهُ حَيْثُ أَمَرَ اللهُ بِهِ.

فَإِذَا أَخذَهَا أَمِينُكَ فَأَوْعِزْ إِلَيْهِ: أَلاَّ يَحُولَ بَيْنَ نَاقَة وَبَيْنَ فَصِيلِهَا[١٧]، وَلاَ يَمْصُرَ لَبَنَهَا[١٨] فَيَضُرَّ ذلِكَ بِوَلَدِهَا، وَلاَ يَجْهَدَنَّهَا رُكُوباً، وَلْيَعْدِلْ بَيْنَ صَوَاحِبَاتِهَا فِي ذلِكَ وَبَيْنَهَا، وَلْيُرَفِّهْ عَلَى اللاَّغِبِ[١٩]، وَلْيَسْتَأْنِ[٢٠] بِالنَّقِبِ[٢١] وَالظَّالِعِ[٢٢]، وَلْيُورِدْهَا مَا تَمُرُّ بِهِ مِنَ الْغُدُرِ[٢٣]، وَلاَ يَعْدِلْ بِهَا عَنْ نَبْتِ الاَْرْضِ إِلَى جَوَادِّ الطُّرُقِ[٢٤]، وَلْيُرَوِّحْهَا فِي السَّاعَاتِ، وَلْـيُمْهِلْهَا عِنْدَ النِّطَافِ[٢٥] وَالاَْعْشَابِ، حَتَّى تَأْتِيَنَا بِإِذْنِ اللهِ بُدَّناً[٢٦] مُنْقِيَات[٢٧]، غَيْرَ مُتْعَبَات وَلاَ مَجْهُودَات[٢٨]، لِنَقْسِمَهَا عَلَى كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ(عليه السلام) فَإِنَّ ذلِكَ أَعْظَمُ لاَِجْرِكَ، وَأَقْرَبُ لِرُشْدِكَ، إِنْ شَاءَ اللهُ.

------------------------------------------
[١] . رَوّعه ترويعاً: خوّفه.
[٢] . الاجتياز: المرور.
[٣] . أخْدَجَتِ السحابةُ: قَلّ مطرها، والمراد من قوله: "لاتخْدِج بالتحية لهم": لا تبخل بها عليهم.
[٤] . أنْعَمَ لك: أي قال لك نعم.
[٥] . تعْسِفه: تأخذه بشدة.
[٦] . تُرْهِقه: تكلّقُهُ ما يصعب عليه.
[٧] . صدع المال: قسمه قسمين.
[٨] . خيّره في الاشياء: ترك له أن يختار منها ما يشاء.
[٩] . إن استقالكَ فأقِلْهُ: أي إن ظن في نفسه سوء الاختيار وطلب الاعفاء من هذه القسمة فأعفه منها.
[١٠] . العَوْد ـ بفتح فسكون ـ: المسنة من الابل.
[١١] . الهَرِمة من الابل: أسنّ من العَوْد.
[١٢] . المهلوسة: الضعيفة، هَلَسَهُ المرض: أضعفه.
[١٣] . العَوار ـ بفتح العين ـ: العيب.
[١٤] . المُجْحِف: من يشتد في سَوْق الابل حتى تهزل.
[١٥] . الملغب: الذي يعيي غيره ويتعبد، وهو من اللغوب: الاعياء.
[١٦] . حَدَرَ يَحْدرُ ـ كينصر ويضرب ـ: أسرع، والمراد سُقْ إلينا سريعاً.
[١٧] . فَصِيل الناقة: ولدها وهو رضيع.
[١٨] . مَصْر اللبن: حلب مافي الضرْع جميعه.
[١٩] . ليرفّه عن اللاّغب: أي ليرح ما أُلْغِبَ أي أعياه التعب.
[٢٠] . ليستأن: أي يرفق من الاناة بمعنى الرفق.
[٢١] . النَّقِب ـ بفتح فكسر ـ: ما نَقِبَ خُفّهُ ـ كفرح ـ أي: تَخَرَّق.
[٢٢] . ظَلَعَ البعيرُ: غمز في مشيته.
[٢٣] . الغُدُر ـ جمع غدير ـ: ما غادره السيل من المياه.
[٢٤] . جوَادّ الطرق: يريد بها ـ هنا ـ الطرق التي لا مرعى فيها.
[٢٥] . النِّطاف ـ جمع نُطْفة ـ: المياه القليلة، أي يجعل لها مهلة لتشرب وتأكل.
[٢٦] . البُدّن ـ بضم الباء وتشديد الدال ـ: السمينة.
[٢٧] . المُنْقِيات: اسم فاعل من أنْقَتِ الابلُ إذا سمنت، وأصله صارت ذات نِقْي ـ بكسر فسكون ـ أي: مُخّ.
[٢٨] . مجهودات: بلغ منها الجهد والعناء مبلغاً عظيماً.
****************************