![](https://arabic.balaghah.net/sites/all/themes/nahjArabic/image/besmellah.png)
![](https://arabic.balaghah.net/sites/all/themes/nahjArabic/image/mola.png)
![](https://arabic.balaghah.net/sites/all/themes/nahjArabic/image/fi_rahab.jpg)
![](https://arabic.balaghah.net/sites/all/themes/nahjArabic/image/haram.jpg)
![](https://arabic.balaghah.net/sites/all/themes/nahjArabic/image/nahj.jpg)
ومن كتاب له (عليه السلام)
إلى بعض عماله
وهو عبدالله بن العباس
أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي كُنْتُ أَشْرَكْتُكَ فِي أَمَانَتِي[١]، وَجَعَلْتُكَ شِعَارِي وَبِطَانَتِي، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِي رَجُلٌ أَوْثَقَ مِنْكَ فِي نَفَسِي، لِمُوَاسَاتِي[٢] وَمُوَازَرَتِي[٣] وَأَدَاءِ الاَْمَانَةِ إِلَيَّ.
فَلَمَّا رَأَيْتَ الزَّمَانَ عَلَى ابْنِ عَمِّكَ قَدْ كَلِبَ[٤]، وَالْعَدُوَّ قَدْ حَرِبَ[٥]، وَأَمَانَةَ النَّاسِ قَدْ خَزِيَتْ[٦]، وَهذهِ الاُْمَّةَ قَدْ فَتَنَتْ وَشَغَرَتْ[٧]، قَلَبْتَ لاِبْنِ عَمِّكَ ظَهْرَ الِْمجَنِّ[٨]، فَفَارَقْتَهُ مَعَ الْمُفَارِقِينَ، وَخَذَلْتَهُ مَعَ الْخَاذِلِينَ، وَخُنْتَهُ مَعَ الْخَائِنِينَ، فَلاَ ابْنَ عَمِّكَ آسَيْتَ[٩]، وَلاَ الاَْمَانَةَ أَدَّيْتَ.
وَكَأَّنكَ لَمْ تَكُنِ اللهَ تُرِيدُ بِجِهَادِكَ، وَكَأَنَّكَ لَمْ تَكُنْ عَلَى بَيِّنَة مِنْ رَبِّكَ، وَكَأَنَّكَ إِنَّمَا كُنْتَ تَكِيدُ[١٠] هذِهِ الاُْمَّةَ عَنْ دُنْيَاهُمْ، وَتَنْوِي غِرَّتَهُمْ[١١] عَنْ فَيْئِهِمْ[١٢]!
فَلَمَّا أَمْكَنَتْكَ الشِّدَّةُ فِي خِيَانَةِ الاُْمَّةِ، أَسْرَعْتَ الْكَرَّةَ، وَعَاجَلْتَ الْوَثْبَةَ، وَاخْتَطَفْتَ مَا قَدَرْتَ عَلَيْهِ مِنْ أَمْوَالِهِمُ الْمَصُونَةِ لاَِرَامِلِهِمْ وَأَيْتَامِهِمُ، اخْتِطَافَ الذِّئْبِ الاَْزَلِّ[١٣] دَامِيَةَ[١٤] الْمِعْزَى[١٥] الْكَسِيرَةَ[١٦]، فَحَمَلْتَهُ إِلَى الْحِجَازِ رَحيِبَ الصَّدْرِ بِحَمْلِهِ، غَيْرَ مُتَأَثِّم[١٧] مِنْ أَخْذِهِ، كَأَنَّكَ ـ لاَ أَبَا لِغَيْرِكَ[١٨] ـ حَدَرْتَ[١٩] إِلَى أَهْلِكَ تُرَاثَكَ[٢٠] مِنْ أَبِيكَ وَأُمِّكَ، فَسُبْحَانَ اللهِ! أَمَا تُؤْمِنُ بِالْمَعَادِ؟ أَوَ مَا تَخَافُ نِقَاشَ[٢١] الْحِسَابِ!
أَيُّهَا الْمَعْدُودُ ـ كَانَ ـ عِنْدَنَا مِنْ ذَوِي الاَْلْبَابَ، كَيْفَ تُسِيغُ[٢٢] شَرَاباً وَطَعَاماً، وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّكَ تَأْكُلُ حَرَاماً، وَتَشْرَبُ حَرَاماً، وَتَبْتَاعُ الاِْمَاءَ وَتَنْكِحُ النِّسَاءَ مِنْ مَالِ الْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْـمُجَاهِدِينَ، الَّذِينَ أَفَاءَ اللهُ عَلَيْهِمْ هذِهِ الاَْمْوَالَ، وَأَحْرَزَ بِهِمْ هذِهِ الْبِلاَدَ؟!
فَاتَّقِ اللهَ، وَارْدُدْ إِلَى هؤُلاَءِ الْقَوْمِ أمَوَالَهُمْ، فإِنَّكَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ ثُمَّ أَمْكَنَنِي اللهُ مِنْكَ لاَُعْذِرَنَّ إِلَى اللهِ فِيكَ[٢٣]، وَلاََضْرِبَنَّكَ بِسَيْفِي الَّذِي مَا ضَرَبْتُ بِهِ أَحَداً إِلاَّ دَخَلَ النَّارَ!
وَ وَاللهِ لَوْ أَنَّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ فعَلاَ مِثْلَ الَّذِي فَعَلْتَ، مَا كَانَتْ لَهُمَا عِنْدِي هَوَادَةٌ[٢٤]، وَلاَ ظَفِرَا مِنِّي بَإِرَادَة، حَتَّى آخُذَ الْحَقَّ مِنْهُمَا، وَأُزِيحَ الْبَاطِلَ عَنْ مَظْلَمَتِهِمَا.
وَأُقْسِمُ بِاللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ مَا يَسُرُّنِي أَنَّ مَا أَخَذْتَهُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ حَلاَلٌ لِي، أَتْرُكُهُ مِيرَاثاً لِمَنْ بَعْدِي، فَضَحِّ رُوَيْداً[٢٥]، فَكَأنَّكَ قَدْ بَلَغَتَ الْمَدَى[٢٦]، وَدُفِنْتَ تَحْتَ الثَّرَى[٢٧]، وَعُرِضَتْ عَلَيْكَ أَعْمَالُكَ بِالْـمَحَلِّ الَّذِي يُنَادِي الظَّالِمُ فِيهِ بِالْحَسْرَةِ، وَيَتَمَنَّى الْمُضَيِّعُ الرَّجْعَةَ، (وَلاَتَ حِينَ مَنَاص)[٢٨]! وَالسَّلامُ.